خطبة الجمعة   

التي ألقاها أمير المؤمنين سيدنا مرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز

الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام

يوم 17/08/2018

في مسجد بيت الفتوح بلندن

*****

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين * إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّين، آمين.

اليوم أيضا سأذكر بعض الصحابة البدريين وأولهم سيدنا عامر بن ربيعة ؓ، كانت عائلته حليفة لعائلة الخطّاب والدِ سيدنا عمر ؓ وكان قد تبنّى سيدَنا عامر، ولهذا السبب كان أولا مشهورا بعامر بن الخطاب، لكنه حين أمر القرآن الكريم بأن يُدعى كل إنسان لأبيه الحقيقي بدأ سيدُنا عامر بن الخطاب يُدْعَى لوالده الحقيقي في النسب “ربيعة”، أي عامر بن ربيعة. وبهذا توضَّح الأمر للذين يتبنَّون أولاد أقاربهم وأعزتهم وهم حتى الكبر لا يعرفون مَن هو والدهم الحقيقي، إذ يسجَّل اسم المتبنِّي في الهوية والوثائق الحكومية الأخرى أيضا. وهذا يؤدي إلى بعض المشاكل لاحقا، ويكتب الناس في الرسائل أنه يمكن أن نفعل كذا أو كذا.

لذا يجب العمل دوما بحسب ما أمرَنا القرآن الكريم، ما عدا الأولاد الذين يقدَّمون أو يتم الحصول عليهم من المؤسسات، ويكون اسم الوالد مجهولا. باختصار أتابع الذكر السابق بعد هذا التوضيح.

ما ذُكر أن قبيلتي سيدنا عامر وسيدنا عمر رضي الله عنهما كانتا حليفتين، فبسبب ذلك ظلت علاقات الصداقة بين سيدنا عامر وسيدنا عمر رضي الله عنهما إلى النهاية. كان سيدنا عامر ؓ من أوائل المؤمنين حتى إنه آمن قبل أن يأوي النبي ﷺ إلى دار الأرقم. هاجر سيدنا عامر ؓ مع زوجته ليلى بنت أبي حثمة إلى الحبشة، ثم عاد من هناك ولاحقا هاجر إلى المدينة مع زوجته، ولزوجته شرف كونها أولى المهاجرات إلى المدينة. لقد شارك النبيَّ ﷺ في بدر وسائر الغزوات بعدها، توفي في عام 32 وكان من قبيلة أنس.

عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ الْجَنَازَةَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَاشِيًا مَعَهَا فَلْيَقُمْ حَتَّى تُخَلِّفَهُ أَوْ تُوضَعَ.

عن عبد الله بن عامر عن أبيه عامر رضي الله عنهما أنه قام ذات ليلة ليصلي، يوم كانت الخلافات والفتنة زمن سيدنا عثمان ؓ قد بدأت، وكانوا يعترضون على سيدنا عثمان ؓ، وبعد الصلاة حين نام رأى في المنام أنه قيل له أن يقوم ويدعو الله أن ينجيه من هذه الفتنة التي نجَّى منها عباده الصالحين. فقام سيدنا عامر بن ربيعة وصلى وبعده دعا الله تعالى، ثم مرض ولم يخرج من بيته حتى شُيِّعت جنازته، وهكذا قد حماه الله ﷻ من الفتنة.

عن عامر بن ربيعة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف بالبيت فانقطع شسع نعله فأخرج رجل شسعا من نعله فذهب يشده في نعل النبي صلى الله عليه وسلم فانتزعها وقال هذه أثرة ولا أحب الأثرة. لهذه الدرجة كان النبي ﷺ يهتم بأن ينجز أعماله بيده.

وعن عامر بن ربيعة أنه نزل به رجل من العرب فأكرم عامر مثواه وكلم فيه رسول الله ﷺ فجاءه الرجل فقال إني استقطعت رسول الله ﷺ واديا ما في العرب واد أفضل منه وقد أردت أن أقطع لك منه قطعة تكون لك ولعقبك من بعدك قال عامر لا حاجة لي في قطيعتك نزلت اليوم سورة أذهلتنا عن الدنيا (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) (تاريخ دمشق)

هذه كانت حال خوف هؤلاء النجوم البراقة وخشيتهم الله ﷻ، فكانوا في الحقيقة يؤثرون الدين على الدنيا.

قال عامر بن ربيعة: سمعت زيد بن عمرو بن نفيل يقول: إنا لننتظر نبيًا من ولد إسماعيل، ثم من بني عبد المطلب، ولا أراني أدركه، وأنا أؤمن به وأصدقه وأشهد أنه نبي، فإن طالت بك حياة ورأيته فأقرئه مني السلام، وسأخبرك ما نعته حتى لا يخفي عليك. قلت: هلم. قال: هو رجل ليس بالطويل ولا بالقصير، ولا بكثير الشعر ولا بقليله، ولا تفارق عينيه حمرة، وخاتم النبوة بين كتفيه، واسمه أحمد، وهذا البلد مولده ومبعثه، ثم يخرجه قومه ويكرهون ما جاء به، ويهاجر إلى يثرب فيظهر بها أمره، فإياك أن تنخدع عنه، فإني طفت البلاد كلها أطلب دين إبراهيم فكل من أسأله من اليهود والنصارى والمجوس يقول: هذا الدين وراءك، وينعتونه مثل ما نعته لك، ويقولون لم يبق نبي غيره.

قال عامر: فلما بعث النبي ﷺ أخبرته عن قول زيد. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم قد رأيته في الجنة يسحب ذيولاً. (الكامل في التاريخ)

فهكذا ورد في رواية أنه لم يبق نبي غيره. فليس المراد منها أن ما أنبأ به النبي ﷺ عن بعثة نبي من الأمة، هو خطأ. إنما المراد منه أنه هو النبي المشرّع الأخير ﷺ حصرا ولن تأتي أية شريعة جديدة، وأن كل من سيُبعث فإنما سيأتي تابعا له ﷺ. وهذا ما نجده في الأحاديث والقرآن الكريم أيضا.

كان النبي ﷺ قد آخى بين سيدنا عامر وسيدنا يزيد بن المنذر. توفي سيدنا عامر بن ربيعة بعد بضعة أيام من شهادة سيدنا عثمان ؓ.

الصحابي الثاني هو سيدنا حرام بن ملحان ؓ فكان من قبيلة بني عدي بن النجار من الأنصار، وكان اسم والده ملحان مالك بن خالد، وكان اسم والدته مليكة بنت مالك. كانت إحدى أخواته السيدة أم سليم وهي والدة سيدنا أنس بن مالك وزوجة سيدنا أبي طلحة الأنصاري. وأخته الثانية السيدة أم حرام زوجة سيدنا عبادة بن الصامت ؓ. كان سيدنا حرام بن ملحان ؓ خال سيدنا أنس ؓ. وقد شارك النبيَّ ﷺ في بدر وأحد واستشهد في يوم بئر معونة.

عن أنس بن مالك أنه جاء بعض الناس إلى النبي ﷺ فقالوا له أن يبعث معهم أناسا يعلِّمونهم القرآن والسنة، فأرسل النبيُّ ﷺ معهم سبعين قارئا من الأنصار، وكان منهم خالي حرام أيضا. كانوا يتدارسون القرآن ليلا ويتعلمون. وكانوا يجلبون الماء نهارا إلى المسجد وكانوا يحتطبون في الغابة ويشترون الغلال لأصحاب الصفة. لقد تناولتُ قصة بئر معونة واستشهاد سيدنا حرام بن ملحان في الخطب قبل أشهر، وذُكرتْ بعدها أيضا مرة أو مرتين. والآن أقدم لكم من البخاري بعض الرويات التي لم تُذكر من قبل.

… سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ؓ يَقُولُ لَمَّا طُعِنَ حَرَامُ بْنُ مِلْحَانَ وَكَانَ خَالَهُ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ قَالَ بِالدَّمِ هَكَذَا فَنَضَحَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَرَأْسِهِ ثُمَّ قَالَ فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ.

عَنْ أَنَسٍ ؓ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَتَاهُ رِعْلٌ وَذَكْوَانُ وَعُصَيَّةُ وَبَنُو لَحْيَانَ فَزَعَمُوا أَنَّهُمْ قَدْ أَسْلَمُوا وَاسْتَمَدُّوهُ عَلَى قَوْمِهِمْ فَأَمَدَّهُمْ النَّبِيُّ ﷺ بِسَبْعِينَ مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَ أَنَسٌ ؓ:كُنَّا نُسَمِّيهِمْ الْقُرَّاءَ يَحْطِبُونَ بِالنَّهَارِ وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ فَانْطَلَقُوا بِهِمْ حَتَّى بَلَغُوا بِئْرَ مَعُونَةَ غَدَرُوا بِهِمْ وَقَتَلُوهُمْ فَقَنَتَ شَهْرًا وفي بعض الروايات أربعين يوما يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبَنِي لَحْيَانَ. (صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير)

عَنْ أَنَسٍ ؓ قَالَ قَنَتَ رَسُولُ اللهِ ﷺ شَهْرًا حِينَ قُتِلَ الْقُرَّاءُ وقال في رواية أخرى في صحيح البخاري: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ حَزِنَ حُزْنًا قَطُّ أَشَدَّ مِنْهُ. (صحيح البخاري، كتاب الجنائز)

وفي رواية أخرى عن أنس ؓ نفسه أن رسول الله ﷺ قَنَتَ شَهْرًا بَعْدَ الرُّكُوعِ يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ قَالَ بَعَثَ أَرْبَعِينَ أَوْ سَبْعِينَ مِنْ الْقُرَّاءِ إِلَى أُنَاسٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَعَرَضَ لَهُمْ هَؤُلَاءِ فَقَتَلُوهُمْ وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّبِيِّ ﷺ عَهْدٌ وهنا أيضا قال الكلام نفسه: فَمَا رَأَيْتُهُ وَجَدَ عَلَى أَحَدٍ مَا وَجَدَ عَلَيْهِمْ. (صحيح البخاري، كتاب الجزية)

ثم ورد في سيرة ابن هشام: وَكَانَ جَبّار بْنِ سَلْمَى فِيمَنْ حَضَرَهَا يَوْمَئِذٍ مَعَ عَامِرٍ ثُمّ أَسْلَمَ، فَكَانَ يَقُولُ إنّ مِمّا دَعَانِي إلَى الْإِسْلَامِ أَنّي طَعَنْتُ رَجُلًا مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ بِالرّمْحِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَنَظَرْتُ إلَى سِنَانِ الرّمْحِ حِينَ خَرَجَ مِنْ صَدْرِهِ فَسَمِعْته يَقُولُ فُزْتُ ورب الكعبة وَاللهِ فَقُلْت فِي نَفْسِي: مَا فَازَ أَلَسْتُ قَدْ قَتَلْتُ الرّجُلَ قَالَ حَتّى سَأَلْتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ قَوْلِهِ فَقَالُوا: لِلشّهَادَةِ فَقُلْت: فَازَ اللهِ لعمر واللهِ.

ترد مثل هذه الأحداث عن صحابيَّين أو ثلاثة صحابة وكلماتها مماثلة، وكان هؤلاء الناس يرون نيل رضوان الله تعالى الغاية الحقيقية وما كانوا يهدفون إلى إحراز النجاحات الدنيوية، لذا قال الله تعالى عنهم بسبب نيتهم الحسنة هذه: (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ) (التوبة 100)

دعا الصحابة يوم بئر معونة عند استشهادهم: اللَّهُمَّ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّنَا أَنَّا قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا، قال أنس ؓ: جاء النبيَّ ﷺ جبريل ُu وأخبره بأن أصحابك لقوا الله تعالى ورضي الله تعالى عنهم.

كتب مرزا بشير أحمد ؓ عن هذا الحادث: يتبين من أحداث بئر معونة والرجيع مدى البغض والعداوة التي كانت قبائل العرب تكنهما للإسلام والمسلمين، حتى لم تتوان عن ممارسة أنواع الكذب والغدر والخداع ضد الإسلام ، وأما المسلمون فبالرغم من ذكائهم وتيقُّظهم الكامل كانوا يقعون في فخ الكفار بسبب حسن الظن الذي يليق بالمؤمن. وكان هؤلاء الناس حفّاظَ القرآن، ومصلين ومتهجدين وذاكرين اللهَ تعالى في زوايا المسجد ومع هذا كانوا فقراء يعانون من الجوع والفاقة. دعاهم هؤلاء الظالمون إلى وطنهم بحجة تعلُّم الدين، وحين نزلوا وطنهم ضيوفا قتلوهم بوحشية. مهما كبر حجم الصدمة التي أصابت النبي ﷺ بسبب هذه الأحداث فهي هينة، ولكنه ﷺ لم يشنّ أي هجوم على قتلةِ بئر معونة والرجيع، لا شك أنه ﷺ حزن كثيرا ولكنه لم يهاجمهم إلا أنه منذ أن بلغه هذا الخبر دعا على رِعْل وَذَكْوَان وَعُصَيَّة وَبَني لَحْيَانَ ثلاثين يوما متوالية في صلاة الصبح بتضرع وابتهال، وقال: اللهم ارحمنا وكف أيدي أعداء الإسلام الذين يُريقون دماء المسلمين الأبرياء بكل قسوة ووحشية ليقضوا على دينك. اليوم أيضا ثمة حاجة إلى الاستعانة بالله تعالى بواسطة الدعوات لكف أيدي الأعداء، والله وحده سيهيئ أسبابا لعقابهم وسيفرج عنا أيضا.

وكان من الصحابة سعد بن خولة ؓ، قال البعض أنه مولى أبي رُهم بن عبد العُزَّي العامريّ الذي كان قد حرره، أسلم وكان من المسلمين السابقين ومن الذين هاجروا إلى الحبشة في المرة الثانية، حين هاجر من مكة إلى المدينة أقام عند كلثوم بن الهدم، ذكره ابن إسحاق وموسى بن عقبة فيمن شهدوا بدرا، وحين شهد سعد بن خولة بدرا كان عمره 25 عاما، وشهد أحدا والخندق والحديبية، كان زوج سبيعة الأسلميّة. وتوفي في حجة الوداع، ولدت زوجه بعد وفاته بليال، فقال لها رسول الله ﷺ: ‏‏”قَد حَلَلْتِ فَانْكَحِي مَن شِئْتِ‏”. ولم يختلفوا في أن سعد بن خولة مات بمكّة في حجّة الوداع إلا ما ذكره الطبّري محمد بن جرير فإنه قال‏:‏ تُوفِّي سعد بن خولة سنة سبع‏.

ومن الصحابة أبو الهيثم بن التيهان الأنصاري ؓ، واسمه مالك ولكنه مشهور بكنيته “أبو الهيثم”، كانت أمه ليلى بنت عتيك البَلَوِيّ، وعند معظم العلماء هو مِنْ بَليّ بن عمرو حليف لبني عبد الأشهل أحد بطون الأوس، قال محمد بن عمر: وكان أبو الهيثم يكره الأصنام في الجاهلية ويؤفف بها، ويقول بالتوحيد هو وأسعد بن زرارة، وكانا من أول من أسلم من الأنصار بمكة،

ويجعل أبو الهيثم أيضًا في الستة النفر الذين يروى أنهم أول من لقي رسول الله ﷺ من الأنصار بمكة فأسلموا قبل قومهم وقدموا المدينة بذلك وأفشوا بها الإسلام. وعند البعض: أسلم أسعد بن زرارة مع ستة نفر في مكة قبل بيعة العقبة الأولى وعاد إلى المدينة فبشّر أبا الهيثم بالإسلام ولأنه كان يتحرى عن دين الفطرة سلفا فقبل الإسلام فورا، ثم كان بين الوفد المؤلف من 12 شخصا الذين أتوا مكة لبيعة العقبة الأولى وبايع النبي ﷺ في مكة. كتب مرزا بشير أحمد ؓ عنه في سيرة خاتم النبيين ﷺ: لقيهم النبي ﷺ بالعقبة بعيدا عن الناس فأخبروه بأحوال يثرب وبايعوا جميعا على يده في هذه المرة، وهذه البيعة كانت حجر الأساس للإسلام في المدينة، ولأن الجهاد لم يكن قد فُرض بعد لذا أخذ النبي ﷺ منهم البيعة بالكلمات التي كان يأخذ بها البيعة من النساء بعد فرض الجهاد، وهي: بَايَعَنَا رَسُول اللهِ عَلَى أَنْ لا نُشْرِكَ بِاللهِ شَيْئًا، وَلا نَسْرِقَ، وَلا نَزْنِيَ، وَلا نَقْتُلَ، وَلا نَأْتِيهِ بِبُهْتَانٍ نَفْتَرِيهِ بَيْنَ أَيْدِينَا وَأَرْجُلِنَا، وَلا نَعْصِيهِ فِي مَعْرُوفٍ. وبعد البيعة قال لهم النبي ﷺ: إِنْ وَفَّيْتُمْ فَلَكُمُ الْجَنَّةَ، وَإِنْ غَشِيتُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَأَمْرُكُمْ إِلَى اللهِ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ. هذه البيعة معروفة ببيعة العقبة الأولى لأن المكان الذي أُخذ فيه البيعة يُسمى العقبة، ويقع بين مكة ومنى، والعقبة تعني الطريق الجبلي المرتفع. كان أبو الهيثم من ستة نفر أتوا مكة وأسلموا قبل قومهم وقدموا المدينة بذلك وأفشوا بها الإسلام. ورد عنه في رواية أنه أول من لقي رسول الله ﷺ من الأنصار بمكة. شهد بيعة العقبة الأولى. وقد أجمع الباحثون كلهم على أن النبي ﷺ جعل اثنَي عشر نقبيا من الأنصار عند بيعة العقبة الثانية وكان أبو الهيثم أحدهم.

وجاء في رواية ما مفاده أن أبا الهيثم جاء إلى النبي ﷺ عند بيعة العقبة وقال: يا رسول الله إن بيننا وبين الناس حبالا، فحين نُسلم ونتّبعك بعد البيعة سنطيع أمرك بشأن تلك المواثيق أيضا. فهل عسيتَ إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله، أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟ فتبسم رسول الله ﷺ وقال: بل الدم بالدم والهدم بالهدم، أنا منكم وأنتم مني، دمي مع دمائكم، وهدمي مع هدمكم، أحارب من حاربتم، وأسالم من سالمتم. بعد الهجرة من مكة آخى النبي ﷺ بين عثمان بن مظعون وأبي الهيثم الأنصاري.

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ مَاءٌ بَاتَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ فِي شَنَّةٍ وَإِلَّا كَرَعْنَا. قَالَ وَالرَّجُلُ يُحَوِّلُ الْمَاءَ فِي حَائِطِهِ، فَقَالَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِي مَاءٌ بَائِتٌ فَانْطَلِقْ إِلَى الْعَرِيشِ قَالَ فَانْطَلَقَ بِهِمَا فَسَكَبَ فِي قَدَحٍ ثُمَّ حَلَبَ عَلَيْهِ مِنْ دَاجِنٍ لَهُ قَالَ فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ شَرِبَ الرَّجُلُ الَّذِي جَاءَ مَعَهُ. (صحيح البخاري)

وفي رواية أخرى: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: صَنَعَ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيْهَانِ لِلنَّبِيِّ ﷺ طَعَامًا فَدَعَا النَّبِيَّ ﷺ وَأَصْحَابَهُ فَلَمَّا فَرَغُوا قَالَ أَثِيبُوا أَخَاكُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَمَا إِثَابَتُهُ؟ قَالَ إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا دُخِلَ بَيْتُهُ فَأُكِلَ طَعَامُهُ وَشُرِبَ شَرَابُهُ فَدَعَوْا لَهُ فَذَلِكَ إِثَابَتُهُ.

أقول: هذه أخلاق فاضلة يجب أن يتحلى به كل مسلم.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ فِي سَاعَةٍ لَا يَخْرُجُ فِيهَا وَلَا يَلْقَاهُ فِيهَا أَحَدٌ فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ مَا جَاءَ بِكَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ خَرَجْتُ أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَأَنْظُرُ فِي وَجْهِهِ وَالتَّسْلِيمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ عُمَرُ فَقَالَ مَا جَاءَ بِكَ يَا عُمَرُ قَالَ الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَنَا قَدْ وَجَدْتُ بَعْضَ ذَلِكَ فَانْطَلَقُوا إِلَى مَنْزِلِ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيْهَانِ الْأَنْصَارِيِّ …فَلَمْ يَجِدُوهُ فَقَالُوا لِامْرَأَتِهِ أَيْنَ صَاحِبُكِ فَقَالَتْ انْطَلَقَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا الْمَاءَ فَلَمْ يَلْبَثُوا أَنْ جَاءَ أَبُو الْهَيْثَمِ بِقِرْبَةٍ يَزْعَبُهَا فَوَضَعَهَا ثُمَّ جَاءَ يَلْتَزِمُ النَّبِيَّ ﷺ وَيُفَدِّيهِ بِأَبِيهِ وَأُمِّهِ ثُمَّ انْطَلَقَ بِهِمْ إِلَى حَدِيقَتِهِ فَبَسَطَ لَهُمْ بِسَاطًا ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى نَخْلَةٍ فَجَاءَ بِقِنْوٍ فَوَضَعَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ أَفَلَا تَنَقَّيْتَ لَنَا مِنْ رُطَبِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَرَدْتُ أَنْ تَخْتَارُوا أَوْ قَالَ تَخَيَّرُوا مِنْ رُطَبِهِ وَبُسْرِهِ فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هَذَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مِن النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ظِلٌّ بَارِدٌ وَرُطَبٌ طَيِّبٌ وَمَاءٌ بَارِدٌ فَانْطَلَقَ أَبُو الْهَيْثَمِ لِيَصْنَعَ لَهُمْ طَعَامًا فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لَا تَذْبَحَنَّ ذَاتَ دَرٍّ قَالَ فَذَبَحَ لَهُمْ عَنَاقًا أَوْ جَدْيًا فَأَتَاهُمْ بِهَا فَأَكَلُوا فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ هَلْ لَكَ خَادِمٌ قَالَ لَا قَالَ فَإِذَا أَتَانَا سَبْيٌ فَأْتِنَا فَأُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِرَأْسَيْنِ لَيْسَ مَعَهُمَا ثَالِثٌ فَأَتَاهُ أَبُو الْهَيْثَمِ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ اخْتَرْ مِنْهُمَا فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ اخْتَرْ لِي فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ إِنَّ الْمُسْتَشَارَ مُؤْتَمَنٌ (هذا الكلام جدير بالانتباه بوجه خاص ويجب على المستشار أن يعطي أحسن مشورة) خُذْ هَذَا فَإِنِّي رَأَيْتُهُ يُصَلِّي وَاسْتَوْصِ بِهِ مَعْرُوفًا فَانْطَلَقَ أَبُو الْهَيْثَمِ إِلَى امْرَأَتِهِ فَأَخْبَرَهَا بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَتْ امْرَأَتُهُ مَا أَنْتَ بِبَالِغٍ مَا قَالَ فِيهِ النَّبِيُّ ﷺ إِلَّا أَنْ تَعْتِقَهُ قَالَ فَهُوَ عَتِيقٌ.

أقول: من هنا تتبين عظمة أصحاب النبي ﷺ. شهد أبو الهيثم مع النبي ﷺ غزوة بدر وأُحد والخندق وغيرها. بعد استشهاد عبد الله بن رواحة في غزوة مؤتة بعث النبي ﷺ أبا الهيثم خارصا على نخيل خيبر. وبعد وفاته ﷺ أراد أبو بكر ؓ أن يبعثه للغرض نفسه ولكنه اعتذر. فقال له أبو بكر ؓ: كنتَ تفعل ذلك في عهد النبي ﷺ. فقال كنتُ أخرص للنبي ﷺ ولما أعود كان النبي ﷺ يدعو لي. أي خطر ببال أبي الهيثم أنه كان يحظى بدعاء النبي ﷺ على فعله هذه. وكان هذا أمرًا عاطفيًّا، فلما سمع أبو بكر ؓ ذلك منه لم يبعثه. من المعلوم أن أبا الهيثم ذكر كيفيته العاطفية وإلا كان الصحابة مطيعين دائما ولم يعصوا أمرا قط. بمعنى أنه لو أمر أبو بكر ؓ أحدا منهم لكان عصيانه أمره ؓ مستحيلا تماما، وإن عدم إصرار أبي بكر ؓ على إرساله لهذا الغرض يوحي بجلاء أنه فهم حالة أبي الهيثم العاطفية ولم يأمره بعد ذلك بالذهاب لهذا الغرض.

عندما أجلى سيدنا عمر رضي الله عنه اليهود عن خيبر أرسل إليهم من يقوم بتثمين أراضيهم، وكان من بينهم أبو الهيثم وفروة بن عمرو وزيد بن ثابت رضي الله عنهم. فقدروا ثمن أرض ونخل أهل خيبر، فأعطاهم عمر رضي الله عنه نصف هذا الثمن وكانت أكثر من خمسين ألف درهم.

هنا ترون أن أبا الهيثم ذهب إلى أهل خيبر طاعة لعمر رضي الله عنه، لأنه لم يكن الآن في حالة عاطفية، وكانت قد مرّتْ عليها فترة طويلة، فلم يكن عنده مانع من الذهاب الآن.

وهناك رواية عن أبي الهيثم عن إلقاء السلام، فعن أبي الهيثم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال السلام عليكم فله عشر حسنات، ومن قال السلام عليكم ورحمة الله فله عشرون حسنة، ومن قال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فله ثلاثون حسنة.

وهنا اختلاف في زمن وفاة أبي الهيثم؛ يرى البعض أنه توفي في عهد عمر رضي الله عنهما، ويرى غيره أن وفاته كانت في السنة العشرين أو الحادية والعشرين الهجرية. وهناك من يقول أنه استشهد في حرب صفين وكان في حزب علي رضي الله عنه، وذلك في السنة السابعة والعشرين الهجرية.

هؤلاء هم الصحابة الذين قدّموا لنا الأسوة وعّلمونا كثيرا من الأمور. رفع الله درجاتهم باستمرار، آمين.

بعد صلاة الجمعة سوف أصلي جنازة الغائب على اثنين؛ أولهما الصاحبزاده مرزا مجيد أحمد بن حضرة مرزا بشير أحمد رضي الله عنه، حيث توفي في 14 أغسطس الحالي، وكان عمره 94 عاما. إنا لله وإنا إليه راجعون. في عام 2000 خضع لعملية قلب في أمريكا، وأصيب إثرها بالفالج، فظل مريضا طوال هذه المدة تقريبا. ولد في قاديان في 18 يوليو 1924 في بيت حضرة مرزا بشير أحمد والسيدة سرور سلطانه بنت حضرة غلام حسن . نال تعليمه الابتدائي في قاديان. اجتاز امتحان الثانوية في مدرسة تعليم الإسلام بقاديان، ثم نال شهادة الماجستير في مادة التاريخ بدرجة “ممتاز” من الكلية الحكومية بلاهور عام 1949. لما نال شهادة الماجستير أرسل الإخوة رسائل التهاني لحضرة مرزا بشير أحمد رضي الله عنه، فشكرهم على ذلك وكتب أيضا:

الحق أن جماعة المؤمنين قائمة على مشاركة بعضهم بعضا في الأفراح والأتراح، وهي تنال السعادة والسكينة والقوة نتيجة هذه المشاركة، وهذه هي النقطة الجوهرية في مفهوم الجماعة. ثم كتب حضرته: أرجو من الإخوة أنه علاوة على مشاركتهم في فرحتنا هذه أن يدعوا الله تعالى أن يرزق مجيد أحمد العلمَ الحقيقي أيضا ثم يوفقه للعمل به كما وفقه لإكمال المعيار الظاهري للعلم، لأن هذا هو منتهى غاية حياتنا.

نذر المرحوم مرزا مجيد أحمد حياته لخدمة الدين في 7 مايو عام 1944، كما استمر في المزيد من الدراسة. في ديسمبر عام 1949 التحق بجامعة المبشرين. ثم تخرج من الجامعة الإسلامية الأحمدية في يوليو عام 1954.

عقد حضرة الخليفة الثاني رضي الله عنه قرانه على الصاحبزادي قدسية بيغم بنت حضرة نواب عبد الله خان وحضرة نواب أمة الحفيظ بيغم في 28 ديسمبر 1950 وذلك في اليوم الثالث في الجلسة السنوية.

أما أولاده فبنته الكبرى هي السيدة نصرة جهان المحترمة زوجة مرزا نصير أحمد طارق حفيد حضرة مرزا بشير أحمد. ثم له ابن هو مرزا محمود أحمد. ثم له بنت اسمها “در ثمين” وهي زوجة أحد أبناء مير محمود أحمد المحترم. ثم له ابن هو مرزا غلام قادر الشهيد الذي تزوج أمة الناصر بنت سيد مير داود أحمد. ثم في المقام الخامس له بنت اسمها فائزة، وهي زوجة السيد سيد مدثر أحمد، وهو واقف لحياته لخدمة الدين.

في يوليو 1954 تخرَّج الصاحبزاده مرزا مجيد أحمد بدرجة “شاهد” من الجامعة الإسلامية الأحمدية، وعهد إليه التدريس في كلية تعليم الإسلام بربوة وذلك في 20 سبتمبر 1954. ثم في 4 نوفمبر 1956 أُوفدَ المرحوم من قبل مؤسسة التحريك الجديد إلى غانا بصفته مديرا لإحدى المدارس الأحمدية في مدينة كوماسي، حيث عاد من هنالك إلى باكستان في 24 ديسمبر 1963. ثم في إبريل 1964 عين ثانيةً في كلية تعليم الإسلام. ثم بعد تأميم كلية تعليم الإسلام في زمن السيد بوتو استقال المرحوم من منصبه في إبريل 1975، وحضر إلى مؤسسة “صدر أنجمن” مذكّرًا أنه واقف لحياته لخدمة الدين. في 3 يوليو 1975 عين نائبًا لناظر التعليم.

وفي عام 1976 قام حضرة الخليفة الثالث رحمه الله بجولة لأمريكا وبلاد أوروبية، وقد رافقه مرزا مجيد أحمد في هذه الرحلة بصفته سكرتيرا خاصا له.

وفي عام 1978عين نائبًا للناظر الأعلى، وتقاعد من هذا المنصب عام 1984.

كتب صهره السيد سيد مدثر أحمد: قام المرحوم بترجمة جزء من سيرة المهدي إلى الإنكليزية. وكان يكتب المقالات في جريدة “الفضل” بانتظام، وقد نُشرت مقالاته في كتاب بعنوان: “نقطة نظر” (وجهة نظر). كان شخصية علمية.كان يحب القراءة والكتابة جدا، ويقضى معظم أوقاته في المكتبة. لقد رأيت أنا أيضا هذا.

وكتبتْ كنّتُه أمةُ الناصر، أرملةُ ابنه مرزا غلام قادر الشهيد: كان إنسانا محبا مشفقا مخلصا، كريما وواسع القلب جدا. كان يجب الصغار جدا. ومن أكبر مزاياه أنه كان يتأقلم مع أي إنسان مهما كان عمره ويعيش معه كصديق. كان يحسن إلى الصغار والكبار جميعا. صبر صبرا جميلا على استشهاد ابنه مرزا غلام قادر الشهيد. بعد استشهاد زوجي قام مرزا مجيد أحمد وزوجته برعاية أولادنا رعاية خاصة. لقد قضى فترة مرضه الطويلة صابرا وذا هِمَّة عالية. لم يكن حاد المزاج أبدًا. كان مخلصا مع كل من كانت له علاقة معه. كان مشفقا بالخدم ويرعاهم.

ويقول صهره مرزا نصير أحمد: كان مرزا مجيد أحمد ذا رأي سديد. كان له رأي واضح بين، ولم يكن من الذين يتفقون مع آراء الآخرين بدون فحص، بل كان يبدي رأيه نظرًا إلى ما هو الحق.

تغمّد الله المرحوم بواسع مغفرته ورحمته، ووفّق أولاده للحفاظ على حسناته باستمرار، وجعَلهم مرتبطين بالخلافة والجماعة دائما. آمين.

والجنازة الثانية هي للسيدة سيدة نسيم أخطر زوجة السيد محمد يوسف من قرية “آنبه نورية” من محافظة شيخوبوره، حيث توفيت في 27 يوليو 2018. إنا الله وإنا إليه راجعون.

كانت حفيدةً لحضرة ولي محمد أحدِ أصحاب المسيح الموعود عليه السلام وبنتًا لقاضي دين محمد. بعد انقسام الهند هاجر والدها مع عائلته من قاديان واستوطن ربوة. وبعد زواجها قضت حياتها كلها في قريتها “آنبه نورية”. لقد وفقها الله تعالى لخدمة الجماعة في مناصب شتى، حيث ظلت تعمل كرئيسة للجنة إماء الله في قريتها طيلة 18 عاما. كانت مواظبة على الصوم والصلوات الخمْس وصلاة التهجد. كانت ترعى الفقراء والمساكين، وتحسن إلى الجيران. كانت سيدة بسيطة متواضعة ومخلصة جدا. تتلو القرآن بانتظام وتقرأه مع الترجمة وتتدبر فيه ثم تسعى للعمل به. كانت تعلّم الأولاد القرآن الكريم. لقد تعلَّم على يدها عدد كبير من الأولاد الأحمديين وغير الأحمديين. أحد أبنائها يعمل داعية في بلاد مالي غرب أفريقيا. لما أُمر ابنها هذا بالذهاب للدعوة إلى مالي كان وباء أيبوله متفشيا في غرب أفريقيا، فقال لها بعض غير الأحمديين لا ترسلي ابنك إلى هناك نظرًا إلى خطر هذا الوباء المتفشي بشدة. فلم تلبث أن ردت عليهم قائلة: نذرتُ ابنَيَّ الاثنين في سبيل الله بعد كثير من الدعاء، علمًا أن لها ابنين موقوفين لخدمة الدين وكلاهما من الدعاة، وبعد نذرهما قد صارا لله تعالى ولا أبالي أين وكيف يريد الله تعالى أن يستعلمهما لخدمة دينه. وإني لفخورة بأن الله تعالى قد وفق ابنيَّ لخدمة الدين. وكانت توصي ابنيها دائما بقولها: إن الله تعالى قد أتاح لكما فرصة خدمة دينه، فعليكما الوفاء له عز وجل، ولوقفكما طيلة الحياة.

كانت المرحومة منخرطة في نظام الوصية في الجماعة. ابنها السيد ناصر أحمد ناصر داعيةٌ في مالي، وابنها الآخر أنصر محمود يعمل داعية في باكستان. لم يستطع ابنها الذي هو في مالي أن يشترك في جنازتها. ألهمَه الله  الصبر والهمة، ورفع درجات المرحومة وجعل حسناتها باقية ومستمرة في نسلها، آمين.

About الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز

حضرة أمير المؤمنين الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز ولد حضرته في الخامس عشر من أيلول 1950 في مدينة (ربوة) في الباكستان. هو حفيد لمرزا شريف أحمد نجل المسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام. أنهى حضرته دراسته الابتدائية في مدرسة تعليم الإسلام في مدينة (ربوة) وحصل على درجة البكالوريوس من كلية “تعليم الإسلام” في نفس المدينة. ثم حصل حضرته على درجة الاختصاص في الاقتصاد الزراعي من كلية الزراعة في مدينة (فيصل آباد) في الباكستان وذلك في عام 1976م.

View all posts by الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز