خطبة الجمعة

التي ألقاها أمير المؤمنين سيدنا مرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز

الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام

يوم 12/10/2018

في مسجد بيت الفتوح بلندن

*****

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين * إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّين، آمين.

إن الصحابة الذين سأتناول ذكرهم اليوم لم يحفظ التاريخ أحداثهم ورواياتهم بالتفصيل. وإنما ورد ذِكر سيرة بعضهم باختصار في بضعة أسطر، ولكنني أريد جمع سِيَر جميع أصحاب بدر في أدبيات الجماعة، لذا سأتناول أيضا من ورد ذكرهم بإيجاز. فإن ذكر هؤلاء الصحابة مدعاة بركة لنا لما يحظون به من مكانة عظيمة. إنهم مع كونهم فقراء وضعفاء جعلوا الدين في المقام الأول ولم يخافوا قوة العدو قط بل كانوا جميعا متوكلين على الله تعالى. وحين قطعوا عهد الحب والوفاء للنبي ﷺ فلم يتوانوا عن التضحية بأرواحهم في هذا السبيل. وبسبب إيفائهم بعهد الوفاء هذا بشّرهم الله تعالى بالجنة وأعلن أنه راض عنهم.

أحد الصحابة عبد ربه بن حق بن أوس ؓ، تعددت الآراء عن اسمه فقال البعض هو عبد الرب وقال البعض هو عبد الله، وعند ابن إسحاق اسمه عبد الله بن حق وعند ابن عمارة هو عبد الرب بن حق. كان من بني ساعدة وهي إحدى قبائل الخزرج. شهد بدرا.

ثم سلمة بن ثابت ؓ، واسمه الكامل سلمة بن ثابت بن وقش، شهد بدرا واستُشهد يوم أحد على يد أبي سفيان، واستُشهد والده ثابت بن وقش وعمه رِفَاعة بن وقش وأخوه عمرو بن ثابت أيضا يوم أحد، اشترك كثير من أسرته في غزوة أحد. اسم والدته ليلى بنت اليمان وهي أخت حذيفة بن اليمان.

ثم سنان بن صيفي ؓ، وهو من بني سلمة من الخزرج، واسم والدته نائلة بنت قيس وكان له ابن اسمه مسعود، أسلم نتيجة تبليغ مصعب بن عمير ؓ في 12 من البعثة. وشهد بيعة العقبة الثانية مع سبعين من الأنصار. وشهد بدرا وأحدا، وشهد غزوة الخندق أيضا واستُشهد فيها.

ثم عبد الله بن عبد مناف ؓ، وهو من بني النعمان وكنيته أبو يحيى واسم والدته حميمة بنت عبيد، وكانت له بنت واسمها أيضا حميمة واسم أمها الرُّبيع بنت الطفيل. شهد بدرا وأحدا.

ثم مُحْرِزُ بْنُ عَامِرٍ بن مالك ؓ، توفي صبيحة يوم الخروج لأحد، واسمه الكامل محرز بن عامر وكان من بني عدي من بني النجار، واسم والدته سُعْدى بنت خيثمة بن الحارث وكانت من الأوس، ووالدته أخت سعد بن خيثمة، وورد أن له من أم سهل بنت أبي خارجة أسماء وكلثوم، شهد بدرا وتوفي صبيحة اليوم الذي غدا فيه رسول الله ﷺ إِلى أُحد. فهو معدود فيمن شهد أُحدًا لذلك، لأنه كان ينوي الخروج فعدّه النبي ﷺ ممن شهدوا أحدا.

وعائذ بن ماعص ؓ صحابي أنصاري، واسمه عائذ بن ماعص، كان من بني زُريق إحدى قبائل الأنصار. وآخى النبي ﷺ بينه وبين سُويبط بن حَرْملة، وشهد بدرا مع أخيه معاذ بن ماعص، وشهد الغزوات كلها مع النبي ﷺ، شهد عائذ بن ماعص يوم بئر معونة والخندق والمشاهد كلّها مع رسول الله ﷺ، واستُشهد يوم اليمامة سنة اثنتي عشرة في خلافة أبي بكر الصّديق ؓ.

ثم الصحابي عبد الله بن سلمة بن مالك الأنصاري ؓ من قبيلة بليّ، شهد بدرا وأحدا واستُشهد يوم أحد، حين استُشهد عبد الله بن سلمة جيء بجسده وجسد المجذّر بن ذِيَاد على ناضحٍ له في عباءة. جاءت والدة عبد الله بن سلمة إلى رسول الله ﷺ فقالت: يا رسول الله، إن ابني عبد الله بن سَلِمة وكان بَدْرِيًّا قُتل يوم أحُد أحببت أن أنقله (أيْ يُدفن في المدينة) فآنس بقُربه،  فأذن لها رسولُ الله ﷺ في نَقْله، فعدلته بالمجذّر بن ذِيَاد على ناضحٍ له في عباءة، فمرت بهما، فعجب لهما الناس. وكان عبد الله ثقيلًا جسيمًا، وكان المجذّر قليل اللحم، فقال النبي ﷺ: “سَوَّى مَا بَيْنَهُمَا عَمَلُهُمَا”.

ثم الصحابي مسعود بن خلدة ؓ وفي بعض الروايات هو مسعود بن خالد، كان من قبيلة بني زُريق، شهد بدرا وأحدا ويتبين من بعض الروايات أنه استُشهد يوم بئر معونة وفي روايات أخرى استُشهد يوم خيبر.

ثم مسعود بن سعد الأنصاري ؓ من قبيلة بني زُريق، شهد بدرا وأحدا وعند البعض استُشهد مسعود بن سعد يوم بئر معونة وعند محمد بن عمارة وأبي نعيم استُشهد يوم خيبر.

ثم الصحابي زيد بن أسلم ؓ وهو أيضا أنصاري من قبيلة بني عجلان، شهد بدرا وأحدا واستُشهد يوم بزاخة في عهد أبي بكر ؓ في الحرب ضد طليحة بن خويلد الأسدي، وبزاخة هي عين حيث وقعت المعركة بين المسلمين وطليحة بن خويلد المتنبئ والمحارب ضد الحكومة الإسلامية.

ثم الصحابي أبو المنذر يزيد بن عامر ؓ، وقيل يزيد بن عمرو، وهو أنصاري من بني سواد. شهد بيعة العقبة وبدرا وأحدا وكان أولاده في المدينة وبغداد، كثر أولاده.

ثم الصحابي عمرو بن ثعلبة ؓ وهو صحابي أنصاري من بني عدي، واشتُهر بكنيته. شهدر بدرا وأحدا. قال: لقيتُ رسول الله ﷺ بالسَّيَالة فأسلمت، فمسح على وجهي، روى الوضّاح بن سلمة عن أبيه: فمات عَمْرو بن ثعلبة عن مائة سنة، وما شابت منه شعرة.

وكان من الصحابة أبو خالد الحارث بن قيس بن مخلد ؓ وهو أنصاري من بني زريق، واشتُهر بكنيته، حضر بيعة العقبة الثانية، ثم شهد غزوة بدر وغزوة أحد وسائر المشاهد والغزوات مع النبي ﷺ، وشهد معركة اليمامة مع خالد بن الوليد، فأَصابه يومئذ جرح فاندمل، ثم انتقض في خلافة عمر بن الخطاب فمات، فهو يعدّ من شهداءِ اليمامة.

ثم هناك الصحابي عبد الله بن ثعلبة البلوي الأنصاري ؓ واسمه عبد الله بن ثعلبة، شهد بدرا وأحدا وشهد بدرا مع أخيه بحاث بن ثعلبة. ثم نحاب بن ثعلبة الأنصاري وهو من بلي وكان له أخوان، عبد الله ويزيد. وحضر أخوه يزيد بيعة العقبة الأولى والثانية. وشهد نحاب بن ثعلبة بيعة العقبة، شهد بدرًا وأحدا مع النبي ﷺ هو وأخوه عبد الله بن ثعلبة، ورد اسمه بحّاث بن ثعلبة.

ثم الصحابي مالك بن مسعود ؓ وهو أنصاري من بني ساعدة، شهد بدرا وأحدا. ثم الصحابي عبد الله بن قيس بن صخر الأنصاري ؓ من بني سلمة، شهد بدرا وأحدا مع أخيه معبد بن قيس.

ثم الصحابي عبد الله بن عبس الأنصاري ؓ من بني عدي من الخرزج. وقال البعض إن اسمه عبد الله بن عبيس. شارك مع النبي ﷺ في بدر وجميع الغزوات التي بعدها.

ثم الصحابي معتب بن قشير الأنصاري ؓ من بني ضبيعة من الأوس. وقال بعضهم إن اسمه معتب بن بَشير. وقد شارك في بيعة العقبة الأولى وحضر بدرا وأحدا.

ومن هؤلاء الصحابة سواد بن رزن الأنصاري ؓ، واسمه في بعض الروايات الأسود بن رزن، وسواد بن زريق. حضر بدرا وأحدا.

ثم الصحابي مُعتِّب بن عوف الخزاعي. كان حليفا لبني مخزوم.  ويسمى معتب بن الحمراء أيضا. وكان يكنى أبا عوف. شارك في الهجرة الثانية للحبشة. وعندما هاجر من مكة إلى المدينة نزل عند مبشر بن عبد المنذر. آخى النبي ﷺ بينه وبين حاطب بن ثعلبة الأنصاري. شارك معتب بن عوف مع النبي ﷺ في بدر وأحد وسائر الغزوات. توفي في عام 57 الهجري. كان عمره 78 عاما.

ثم الصحابي بجير بن أبي بجير. شارك في بدر وأحد. هذا كل ما ورد عنه.

ثم الصحابي عامر بن البكير، وكان من قبيلة بني سعد. حضر بدرا مع إخوته إياس بن البكير وعاقل بن البكير وخالد بن البكير. وشهد كل الغزوات بعدها أيضا. أسلم كل هؤلاء الإخوة في دار الأرقم. استُشهد عامر بن البكير في حرب اليمامة.

ثم الصحابي عمرو بن سراقة بن المعتمر. توفي في خلافة سيدنا عثمان ؓ. أمُّه قدامة بنت عبد الله بن عمر، وفي بعض الروايات اسمها آمنة بنت عبد الله بن عمير بن أُهيب. كان عمرو بن سراقة من بني عدي. كان له أخ اسمه عبد الله بن سراقة، ولما هاجر عمرو مع أخيه إلى المدينة استضافهما رِفاعةُ بن عبد المنذر الأنصاري في بيته. وآخى النبي ﷺ بين عمرو بن سراقة وبين سعد بن زيد. شارك عمرو بن سراقة في بدر وأحد والخندق وسائر الغزوات.

قال عامر بن ربيعة: أرسلَنا النبي ﷺ إلى سرية النخلة، وكان عمرو بن سراقة معنا. كان خفيف الجسم طويل القامة. وفي الطريق جلس ممسكا بطنه من شدة الجوع ولم يكد يستطيع المشي، ولم يكن عندنا شيء من الأكل والشرب. فربطنا حجرا على بطنه، فمشى حتى وصلنا إلى قبيلة من العرب، فضيّفونا -كان في الصحابة مسحة من المزاح أيضا – وبعد الطعام لما واصلنا السير قال عمرو بن سراقة: “قد كنْتُ أحسب الرِّجْلين يحملان البطن، فإذا البطنُ تحمل الرجلين”، أي أن المرء إذا كان خالي البطن لم يقو على المشي أيضا.

أعطاه سيدنا عمر ؓ قطعة من أرض خيبر. وتوفي عمرو بن سراقة في زمن سيدنا عثمان ؓ.

ثم الصحابي ثابت بن هَزَّال الخزرجي من بني عمرو بن عوف. حضر مع النبي صلى الله عليه وسلم بدرا وأحدا وسائر الغزوات. استشهد في عهد سيدنا أبي بكر ؓ في حرب اليمامة في 12 الهجري.

ثم الصحابي سبيع بن قيس الأنصاري الخزرجي. شارك في بدر وأحد. أمه خديجة بنت عمرو بن زيد. كان لسبيع ابن اسمه عبد الله من زوجته من بني جدارة، وتوفي ولم يكن له ابن غيره. كان عبادة بن قيس أخًا لسبيع، وكانا عمَّيْنِ لأبي الدرداء. وكان من إخوة سبيع أيضا زيد بن قيس.

ثم الصحابي خباب مولى عتبة بن غزوان. كان خباب عبدًا أعتقه عتبة بن غزوان. كان خباب يكنى أبا يحيى. كان حليفًا لبني نوفل. عند هجرته إلى المدينة آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين تميم مولى خراش بن الصمة. حضر خباب بدرًا وأحدًا والخندق وسائر الغزوات مع  النبي صلى الله عليه وسلم. توفي في المدينة عام 19 الهجري وكان عمره 50 عاما، وصلى عليه سيدنا عمر رضي الله عنهما.

ومن هؤلاء الصحابة سفيان بن نسر الأنصاري رضي الله عنه. كان من بني جُشَم من الخزرج. هناك اختلاف في اسم والده، فقال بعضهم اسمه نسر وقال بعضهم اسمه بشر. حضر غزوتي بدر وأحد. وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بنيه وبين الطفيل بن الحارث.

ثم الصحابي أبي مخشي الطائي. كان شهيرا بكنيته أبي مخشي، ولكن اسمه سُوَيد بن مخشي. كان حليف بني أسد. كان من أوائل المهاجرين، وحضر بدرا.

ثم الصحابي وهب بن أبي سرح. قال موسى بن عقبة: حضر وهب بن أبي سرح غزوة بدر مع أخيه عمرو. وقد ذكر الهيثم بن عدي اسمه بين المهاجرين إلى الحبشة. وقال البعض قال البلاذري هذا ليس بثابت، وإنما حضر بدرًا فقط، ولا يوجد أثر لهجرته إلى الحبشة.

ثم الصحابي تميم مولى بني غنم الأنصاري. وهو عتيقُ بني غنم بن السلم. حضر بدرا وأحدا.

ثم الصحابي أبو الحمراء مولى الحارث بن عفراء. شهد بدرا وأحدًا. في غزوة بدر كان عند معاذ وعوف ومعوذ وعتيقهم أبي الحمراء جمل واحد فكانوا يتناوبون في ركوبه.

ثم الصحابي أبو سَبْرة بن أبي رُهْم. كان شهيرا بكنيته حتى نسي الناس اسمه. أمه هي بُرَّة بنت عبد المطلب عمة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهكذا يكون أبو سبرة ابن عمة للنبي صلى الله عليه وسلم. شارك أبو سبرة في الهجرتين إلى الحبشة، وكانت زوجته أم كلثوم ابنة سهيل بن عمرو معه في الهجرة الثانية. كان له ثلاثة أبناء محمد وعبد الله وسعد. لما هاجر من مكة إلى المدينة نزل عند المنذر بن محمد. آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين أبي سبرة وبين سلمة بن سلامة.  حضر أبو سبرة بدرًا وأحدًا والخندق وسائر الغزوات مع النبي صلى الله عليه وسلم. وتوفي في خلافة سيدنا عثمان رضي الله عنه.

ثم الصحابي ثابت بن عمرو بن زيد. كان من بني النجار عند المؤرخينِ ابن إسحاق والزهري، بينما يرى ابن منده أن عمرو بن زيد كان من بني أشجع حلفاء الأنصار. حضر عمرو بن زيد بدرًا واستُشهد في غزوة أحد.

ثم الصحابي أبو الأعور بن الحارث.  هناك اختلاف في اسمه: قال ابن إسحاق أن اسم أبي الأعور هو كعب، ويرى ابن عمارة أن اسمه الحارث بن ظالم، وكعب عمُّه، والذين لا يعرفون الأنساب ظنوا خطأً أن اسم أبي الأعور هو كعب، مع أنه عمه. وهذا قاله أيضا ابن هشام.  وأم أبي الأعور هي أم نيار بنت إياس بن عامر، وكانت أنصارية من بني عدي بن النجار من الخزرج. حضر أبو الأعور بدرًا وأحدا.

وهناك صحابي أخر اسمه عبس بن عامر بن عدي. ذكر ابن إسحاق وموسى بن عقبة اسمَه عبس. أمُّه أمّ البنين بنت زهير بن ثعلبة. كان بنو سلمة فرع من الخزرج من الأنصار. شهد العقبة مع السبعين من الأنصار في روايتهم جميعا وشهد بدرا وأُحدا.

ثم هناك صحابي آخر إياس بن البُكير ويقال إياس بن أبي البكير من قبيلة سعد بن ليث حليف عدي، وكان إسلامه وإسلام أخيه عامر في دار الأرقم وكانوا أربعة إخوة، إياس وخالد وعامر وعاقل. وقد هاجر إياس وإخوته عاقل وخالد وعامر معا وأقاموا في المدينة عند رفاعة بن عبد المنذر. وبنو البكير كلهم شهد بدرًا. كان له ثلاثة أخوة آخرون من الأمّ، وشهد كلهم بدرا. قال ابن يونس أن إياس شهد فتح مصر أيضا وتوفي عام 34 من الهجرة. وفي رواية أنه توفي يوم اليمامة. استُشهد أخوه معاذ ومعوذ وعاقل يوم بدرٍ واستشهد خالد يوم الرجيع واستُشهد عامر يوم اليمامة.

وفي رواية أنَّ عامرا استُشهد يوم بئر معونة. شهد إياس بن البكير بدرًا وأُحدًا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله ﷺ. وكان من السابقين إلى الإسلام ومن المهاجرين الأوائل. كان والد محمد بن إياس. وقد آخى النبي ﷺ بين إياس بن البكير وحارث بن خزيمة. كان إياس شاعرا أيضا.

عن زيد بن أسلم أن بني أبي البكير جاؤوا إلى رسول الله، ﷺ، فقالوا: زوِّجْ أختنا فلانا، فقال لهم: أين أنتم عن بلال؟ ثم جاؤوا مرة أخرى فقالوا: يا رسول الله أنكح أختنا فلانا، فقال: أين أنتم عن بلال؟ ثم جاؤوا الثالثة فقالوا: أنكحْ أختنا فلانا، فقال: أين أنتم عن بلال؟ أين أنتم عن رجل من أهل الجنة؟ قال: فأَنكَحوه.

أقول: من هنا تتبين المكانة العليا التي احتلها بلال ؓ، وكيف كانت الزيجات تتم في ذلك الزمن. لقد رفض هؤلاء زواج أختهم من بلال مرتين ثم قبلوا أمر النبي ﷺ. على أية حال، لكل شخص أسلوبه في التفكير، فمن الناس من يقبلون الاقتراح لأول مرة ومنهم من يخوضون في تفكير عميق.

ثم هناك صحابي آخر اسمه مالك بن نميلة وهي أمه، وأبوه ثابت، وهو من مُزَينة، وهم حلفاء بني معاوية، فرع من الأوس. شهد بدرًا وأحدا، وقُتل يومئذ.

وصحابي آخر اسمه أنيس بن قتادة بن ربيعة الأنصاري الأوسي. شهد بدرًا مع رسول الله ﷺ وقتل يوم أحد، قتله الأخنس بن شريق. كانت خنساء بنت خذام تحت أنيس بن قتادة، فقُتل عنها يوم أُحد، فزوجها أبوها رجلاً من مزينة، فكرهته، فجاءت رسول الله ﷺ فرد نكاحه، فتزوجها أبو لبابة، فجاءت بالسائب بن أبي لبابة.

أقول: هذا أحد أمثلة حرية النساء فيما يتعلق بالزواج. والذين يُكرِهون بناتهم بهذا الشأن يجب أن يفكروا جيدا في هذا المثال.

ثم هناك صحابي آخر اسمه الحارث بن عرفجة، الذي كان من قبيلة بني غنم. شهد بدرًا وأُحدا.

وصحابي آخر اسمه رافع بن عَنْجَرة، ويقال: عنجدة، الأنصاري الأوسي. وعنجدةُ أمُّه واسم أبيه عبد الحارث. وقد اشتهر مقرونا باسم أمه بدلا من أبيه. كان من بني أمية بن زيد بن مالك. شهد بدرًا وأحدًا، والخندق. في رواية أن النبي ﷺ آخى بين رافع بن عنجدة والحصين بن الحارث.

وهناك صحابي آخر اسمه خُلَيد بن قيس وأمُّه إدام بنت القين من بني سلمة. وذُكر اسمه: خليدة بن قيس، وخالد بن قيس وخالدة بن قيس. شهد بدرا وأُحدا. كان اسم أخيه “خلاد” ويقول بعض المؤرخين أنه أيضا شهد بدرا.

وهناك صحابي آخر اسمه ثقف بن عمرو. هناك أكثر من رأي عن القبيلة التي ينتمي إليها. فقال البعض أنه كان من بني سليم وقال آخرون أنه كان من بني أسد. كان من حلفاء بني أسد. وقال بعض أنه كان من حلفاء بني عبد شمس. شهد بدرا مع أخويه مَالِك بْن عَمْرٍو، وَمُدْلِج بْن عَمْرٍو. كان ثقف بن عمرو من أوائل المهاجرين، شهد بدرا وأُحدا والخندق والحديبية وخيبر واستُشهد يوم خيبر.

ثم هناك صحابي آخر اسمه سبرة بن فاتك وهو أخو خريم بن فاتك ومن بني أسد، اسم أبيه الأخرم. وقيل أن من أسمائه سمُرة بن فاتك أيضا. قال أيمن بن خريم: شهد أبي وعمي بدرًا، وعهد إلي أن لا أقاتل مسلمًا. قال عبد الله بن يوسف أن سبرة بن فاتك هو الذي قسم دمشق بين المسلمين، وعداده في الشاميين. ومن حديثه قال: قال رسول الله ﷺ: “الموازين بيد الرحمن، يرفع قوماً ويضع قوماً آخرين. مرّ سبرة بن فاتك بأبي الدرداء فقال: إن مع سبرة نورًا من نور محمد ﷺ.

عن عبد الرحمن بن عائذ قال: لقد رأيت رجلاً سبَّ سبرةَ فكظم غيظه متحرجًا من جوابه حتى بكى من الغيظ. (لم يرد عليه مع شعوره بالغضب واغرورقت عيناه بسبب شدة الغضب)

قال النبي ﷺ “نِعْمَ الْفَتَى سَمُرَةُ لَوْ أَخَذَ مِنْ لِمَّتِهِ وَشَمَّرَ مِنْ مِئْزَرِهِ”، عندما بلغ سبرة ذلك جزَّ لِمَّتِهِ ورفع مِنْ مِئْزَرِهِ. وقال سبرة بن فاتك ما مفاده: تمنيتُ أن أواجه يوما مشركا لابسا درعا، وإن قتلني فلا بأس وإلا قتلته، فيواجهني غيره مثله.

قال بعضٌ أنه لم يشهد بدرا ولكن الإمام البخاري وغيره عدّوه وأخاه من الصحابة البدريين.

 

هذا كان ذكر بعض الصحابة، وبعد صلاة الجمعة سأصلي الجنازة على مرحومين. الجنازة الأولى هي للسيد اَمكو عدنان إسماعيل رئيس الجماعة الأسبق في ماليزيا، وقد توفي بتاريخ 8/10/2018 عن عمر يناهز 74 عاما. إنا لله وإنا إليه راجعون. كان والده من الأحمديين الأوائل، وكان بايع في 1956 عن طريق مولانا محمد صادق المحترم الداعية في سنغافورة، والسيد محمد سالكين المحترم أوَّلِ رئيس لجماعة سنغافوره. كان والده مفتيا في ولاية جوهور الماليزية، وكان من أقارب ملك تلك الولاية من طرف الأم، وبعد انضمامه إلى الجماعة الأحمدية نُقل إلى مؤسسة حكومية أخرى. كان المرحوم عدنان من مواليد أغسطس 1944، نال شهادة البكالوريوس الخصوصي في العلوم السياسية من جامعة سنغافوره في 1968، وبدأ عمله في الأقسام الإدارية والدبلوماسية الحكومية في 1969. فقد عمل في مكتب البحوث لرئيس الوزراء من 1969 إلى 1981 وخلال هذه المدة عُين في السفارة الماليزية في سنغافوره وبيكين وبانكوك، ثم رُقِّي رئيسا إقليميا للجنة الحرس الوطني لرئيس الوزراء، وعمل في هذا المنصب من 1984 إلى 1992، ومن 1992 إلى 1997 عمل في المكاتب الحكومية الأخرى الغير تابعة مباشرة لرئيس الوزراء. في 1996 خضع لعملية جراحية في القلب، ومرة أخرى استأنف العمل في قسم البحوث التابع لرئيس الوزراء، وتقاعد منه في 1999.

ومع أنه كان قد بايع مع والديه في 1956 إلا أنه بعد العودة من عمله في بانكوك في 1981 أصبح أحمديا نشيطا وازداد إخلاصا وحبا للجماعة. في 1986 عيَّنه حضرة الخليفة الرابع رحمه الله أول رئيس لجماعة ماليزيا، وفي عهده تطورت الجماعة وتقدمت كثيرا.

ففي عهده تمت أعمال بناء “بيت السلام” و”بيت الرحمن”، كما أبدى تعاونا ملحوظا في استقدام الدعاة من إندونيسيا إلى ماليزيا واستقرارِهم هناك. كما أرسل الطلاب إلى الجماعة الأحمدية بربوة وقاديان.

منذ سنتين كانت صحته قد تدهورت كثيرا، وأدخل المستشفى عدة مرات، ثم كتب إلي أنه يريد أن يتعالج في مستشفى طاهر لأمراض القلب بربوة أيضا، فسافر إلى هناك في مايو الماضي وأقام فترة هناك وتحسنت صحته هناك كثيرا. ثم عاوده المرض وأُدخل المستشفى.

كان بفضل الله منخرطا في نظام الوصية، ترك ابنة وابنَين. رغم كونه من العائلة الملكية في ولاية جوهور كان متواضعا، وكان ينجز أعماله في الحكومة والجماعة على أحسن وجه. كان يراعي الأمور الدقيقة في التقارير المرسلة إلى المركز، وكان في أغلب الأحيان يعمل متأخرا ليلا في المكتب لإنجاز أعمال الجماعة. كان يحسن معاملة المسؤولين في الجماعة وأبناء الجماعة ولا سيما الدعاة. كان يهتم بالأولاد الأحمديين بصفة خاصة، ويُعنى بتربيتهم وتعليمهم. فكان يقول إن هؤلاء الأولاد مستقبل الجماعة.

تقول زوجته: كان المرحوم دوما يفكر في تطوير الجماعة وترقيتها ويولي للتعليم العالي للأولاد الأحمديين اهتماما كبيرا. يوم الوفاة لم تكن في المستشفى أي سيارة إسعاف فارغة لنقل الجثمان إلى المسجد، فاتصل أحد الأحمديين بالسيد كوان شي الصيني المحترم الذي كان يساعد تطوُّعا في نقل الجثث في سيارته الخاصة. فكتب هذا الصيني على صفحته في فيس بك أنه حصلت له تجربة فريدة في نقل هذا الجثمان. ثم كتب: حين بدأتُ أقود السيارة وجدت الشارع الذي كان دوما مزدحما قد فرغ فجأة والمسافة التي كان قطْعُها يستغرق ساعة عادة قد قطعتُها في ذلك اليوم في 25 دقيقة فقط، وعند الوصول إلى المسجد نشأ لدي إحساس أن الجثمان كان لخادم دين.

كتب السيد منصور خان المحترم وكيل التبشير في ربوة: لقد خدم عدنان إسماعيل المحترم الجماعة كرئيس لجماعة ماليزيا لمدة طويلة، وكان لأفراد الجماعة كأب حنون، خلال جولتي في ماليزيا تسنى لي الحديث معه عن علوم الجماعة ووجدتُه إنسانا يعمل بحكمة. لقد أنجز أعمال الجماعة بنجاح في أوضاع لم يكن يُتوقَّع ذلك فيها. كان يُعتمد على رأيه في الأمور الصعبة والمعقدة جدا، رفع الله ﷻ درجاته ووفَّق ذريته أيضا لتقليده في الحسنات، وجعَلهم وثيقي الصلة بالجماعة دومًا.

الجنازة الثانية للسيدة حميدة بيغم المحترمة زوجة شودري خليل أحمد المحترم في ربوة، فقد توفيت في 5/10/2018 في ربوة عن عمر يناهز 84 سنة، إنا لله وإنا إليه راجعون. كانت ولادتها في عائلة أحمدية في قرية “بهيني بانغر” المجاورة لقاديان، فكانت تداوم على الصلاة وقيام الليل. لم تكن قد تلقَّت الدراسة النظامية لكنها كانت تعشق القرآن الكريم، حيث كانت تقرأه في اليوم عدة مرات. في رمضان كانت تحضر صلاة التراويح باهتمام لتستمع للقرآن الكريم، يوم كانت النساء يحضرن لصلاة الجمعة في المسجد الأقصى بربوة كانت المرحومة تحرص دوما على أن تكون أول من جاءت إلى المسجد لأداء صلاة الجمعة، لذا كانت تخرج من البيت قبل الموعد بكثير. كانت تعيش بمنتهى البساطة، كلما وفَّرت شيئا من المال تبرعت به في شتى الصناديق في الجماعة وبناء المساجد، وتفرح بذلك وتشكر الله على ذلك. لقد قدمت المساعدة لتزويج عدد من الفتيات الفقيرات وأهدت لهن جهاز العرس. فقد تبرعت بحلِّيها عدة مرات لشتى الصناديق أو قدمتْها للفقراء، وكانت تفرح كثيرا بزيارة الفقراء بانتظام، وكانت تتصدق بكثرة وبسخاء. لم تكن تدَعُ أحدا يعود من بيتها خالي اليدين. كانت منخرطة في نظام الوصية بفضل الله، فقد تركتْ خلفها ابنتين وثمانية أبناء، كانت أختا كبيرة للداعية المتقاعد لطيف أحمد كاهلون المحترم. ابنها الدكتور مظفر شودري المحترم يقيم هنا في سكنتهوب ووُفِّق لعدة دورات في الوقف المؤقت.

ابنها الآخر السيد بشارت نويد المحترم داعيةٌ إسلامي أحمدي ويخدم الجماعة في هذه الأيام في جزيرة “ري يونين”. صهر المرحومة السيد الحافظ عبد الحليم المحترم أيضا داعية إسلامي أحمدي، أحد أحفادها أيضا داعية واثنان منهم من حفظة القرآن الكريم، وأحد أحفادها يدرس في الجامعة الأحمدية في بريطانيا. إنني عادة أصلي جنازة والد أو والدة الدعاة الذين يكونون في ميدان العمل ولا يستطيعون حضور الجنازة. فبشارت نويد المحترم أيضا كان في العمل ولم يستطع حضور جنازة والدته لذا قررت أن أصلي عليها صلاة الغائب.

يقول السيد بشارت نويد المحترم: أُرسلت إلى ميدان العمل بعد التخرج في الجامعة الأحمدية وذات مرة أتيت إلى البيت ولم أستطع حضور صلاة الفجر يوما فقالت لي والدتي: يا بُنيَّ، عندما تكون في مكان العمل فربما تحضر المسجد لأن الناس يراقبونك لكن يجب أن تتذكر أن هنا يراك الله ﷻ، فاهتم بالصلاة على الدوام واضعًا في البال أن الله يراك في كل مكان وفي كل حين.

لقد توفي والدي فجأة أيام دراستي في الجامعة الأحمدية، وكان أخي الأكبر قد سافَر إلى خارج باكستان، فتداركتْ والدتي الوضع بهمة كبيرة. ذات يوم قلت لها بدافع المزاح هل يمكن أن أقول للجماعة أن لا ترسلني بعيدا لأن والدتي وحيدة في البيت وأود أن أخدمها. فقالت لي بكل جدية وصرامة: كلا، بل يجب أن تذهب حتما إلى حيث ترسلك الجماعة، إذ من المستحيل أن أُبقي عندي من نذرتُه وأقولَ للذين يكسبون الدنيا أن يخرجوا لكسب الدنيا. إذا كنت بحاجة إلى إبقاء أحد عندي فلن أبقيك أنت بل سوف أطلب أحد أولادي الذين يكسبون الدنيا. (فكانت تملك هذا الحماس). حين سافرتُ مرة أخيرة إلى باكستان في 2013 في إجازة، قلت لها: دعيني أترك زوجتي وأولادي عندك. ومع أنها كانت قد ضعفتْ كثيرا ولم تكن تستطيع النهوض من السرير لم تسمح لي بذلك، بل قالت: كلا بل يجب أن تبقى زوجتُك وأولادك معك.

هذا هو الدرس الذي ترَكَه لنا هؤلاء الصلحاء وهو هامٌّ للناس في العصر الراهن أيضا. رفع الله درجاتهم، وثبَّت ذرياتهم أيضا على الدين بوفاء.

 

 

About الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز

حضرة أمير المؤمنين الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز ولد حضرته في الخامس عشر من أيلول 1950 في مدينة (ربوة) في الباكستان. هو حفيد لمرزا شريف أحمد نجل المسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام. أنهى حضرته دراسته الابتدائية في مدرسة تعليم الإسلام في مدينة (ربوة) وحصل على درجة البكالوريوس من كلية “تعليم الإسلام” في نفس المدينة. ثم حصل حضرته على درجة الاختصاص في الاقتصاد الزراعي من كلية الزراعة في مدينة (فيصل آباد) في الباكستان وذلك في عام 1976م.

View all posts by الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز