خطبة الجمعة

التي ألقاها أمير المؤمنين سيدنا مرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز

الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي ؏

يوم 9/11/2018

في مسجد بيت الفتوح، لندن

*****

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين * إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّين، آمين.

(مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة 263-264)

(وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (البقرة 267)

(الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة 270)

(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) (البقرة 274)

(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة 276)

هذه الآيات التي تلوتها آنفا هي من سورة البقرة، وهي تتحدث عن التضحية بالمال، وقد ذكرها الله في تسلسل واحد تقريبا في سياق التضحيات، وفيما يلي ترجمتها:

مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل بذرة أنبتت سبع سنابل في كل سنبة مئة حبة، والله يعطي أكثر من ذلك لمن يشاء، والله يعطي السعة، وهو ذو علم دائم.

ثم قال الله تعالى في الآية التالية: الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتتبعون ما أنفقوا بقصد المن والأذى، فلهم جزاؤهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

ثم قال الله تعالى: مثل الذين ينفقون أموالهم لكي يفوزوا برضا الله تعالى وبثبات نفوسهم كمثل بستان يكون على مكان مرتفع فينزل عليه مطر غزير فيعطي ثمره أضعافا مضاعفا، وإن لم ينزل عليه المطر الغزير فيكفيه الندى، والله بما تعملون بصير.

ثم قال الله تعالى في الآية التالية: الشيطان يخوّفكم من الفقر ويأمركم بالسيئة أما الله تعالى فيعدكم بالمغفرة والفضل والله يعطي السعة وهو ذو علم دائم.

ثم يقول الله تعالى: دفعهم للهداية ليس واجبك، بل الله يهدي من يشاء، وما تنفقوا من مال فهو لفائدتكم أنتم ما دمتم لا تنفقونه إلا ابتغاء وجه الله تعالى، وما تنفقوا من مال فسوف يرجع إليكم دون نقصان، ولن تظلموا شيئا.

ثم قال الله تعالى: الذين ينفقون بالليل والنهار سرا وجهرا فلهم جزاؤهم عند ربهم ولا خوف عليه ولا هم يحزنون.

لقد قال المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام في مناسبة وهو يتحدث عن التضحية المالية:

“أحثكم على الإنفاق في سبيل الله مرة بعد أخرى لأنه حكم الله تعالى، إن الإسلام فريسة للأديان الأخرى المعادية، يريدون أن يمحوا أي أثر للإسلام، أفليس حريا بنا، والحال هذه، أن نتحرك لرقي الإسلام؟! إنما أقام الله تعالى هذه الجماعة لهذا الهدف نفسه. فالسعي لرقي الإسلام هو العمل بحسب حكم الله تعالى ومشيئته.”

ثم يقول عليه السلام: “واللهُ نفسه قد وعد بأن من ينفق في سبيلي فسوف يُضاعَف له أضعافا، سينال الكثير في الدنيا نفسها، أما بعد الموت فسيرى في جزاء الآخرة كم هو في راحة وسعادة!”

وقال المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام وهو يتحدث عن تضحيات جماعة المخلصين هذه التي شكلها، والتي سمعت نداءه فلبته، وقدمت التضحيات:

“إن أغلبية جماعتنا من الفقراء، ولكني أشكر الله تعالى لأني أرى أن هذه الجماعة الفقيرة تتحلى بالصدق والمواساة ويدرك أفرادها حاجات الإسلام ولا يفرّطون في الإنفاق في سبيله قدر الإمكان.”

وأبناء هذه الجماعة التي أسسها المسيح الموعود لم يزدهم الله تضحيةً وإخلاصا ووفاءً في حياته عليه السلام فحسب، بل كان ولم يزل الله تعالى يهب لهذه الجماعة التي أقامها قبل حوالي مائة وثلاثين عاما حسب وعده مخلصين مضحين يضحون في سبيل الدين قدر وسعهم بل أكثر أحيانا، ويصلون إلى المعايير المذكورة في القرآن وينالون حظًا من الوعود التي ذكرها الله فيه. وبفضل الله تعالى لا توجد هذه المعايير اليوم إلا في هذه الجماعة التي أقامها الله على يد المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام، وسوف أقدم لكم الآن أمثلة على ذلك من هذا العصر. وهذه الواقعات هي لأناس يوجدون في مختلف بلاد العالم، حيث يوفون بعهدهم بأنهم سيظلون مستعدين كل حين وآن لتقديم أموالهم في هذا السبيل مؤثرين الدين على الدنيا.

وأول هذه الواقعات هي من الكاميرون. يقول معلم لنا هناك: ذهبنا إلى جماعتنا في قرية “مارتا” الواقعة في المنطقة الغربية لجمع تبرعات صندوق التحريك الجديد، فقام عمدة القرية السيد سهام عثمان بجمع الناس جميعا، وقال لهم إن معلم الجماعة قد جاء لجمع تبرعات التحريك الجديد، فساهِموا في ذلك كلكم، لأنه قبل سنتين من اليوم كنت أصلي في  هذا المسجد وحدي أو مع  شخص أو شخصين أو ثلاثة، ولكن منذ أن قامت الجماعة في قريتنا وانضممنا إليها بدأ مسجدنا يمتلئ بالمصلين حتى يضطر بعضهم إلى الصلاة خارج المسجد أحيانا إذ لا يسعهم كلهم. وإن هذا التغيير المميز لم يحصل إلا ببركة مجيء الجماعة الإسلامية الأحمدية هنا، لذا فعلينا المساهمة في كل دعوة إنفاق بكل ما عندنا من وسع.

إن هذا الانقلاب الذي يحصل في هؤلاء القوم ببركة الأحمدية حيث يزدادون عبادةً وتضحية بالمال لانقلاب عجيب، وإنه تنبيه لكل أولئك الأحمديين القدامي الذين اهتمامهم بالعبادات ضعيف، واهتمامهم بالتضحيات المالية – رغم السعة – ضعيف كذلك.

ثم قال معلم آخر من الكاميرون واسمه أبو بكر:

ذهبنا إلى أحد فروع جماعتنا يدعي “مديبو” الواقع في أقصى شمال الكاميرون لنحث الإخوة على التبرع في صندوق التحريك الجديد، وزرنا كل بيت للمبايعين الجدد نحثهم على التبرع. فقال أحمدي اسمه عثمان: لما جئتموني في المرة الماضية من أجل التبرع كنت نويت دفع عشرة آلاف فرانك سيفه بالإضافة إلى حبوب الذرة. وبعد أيام من ذلك قال لي ابني أنه ذاهب للاختبار لوظيفة في مصلحة الضرائب، ولكنه بحاجة إلى مبلغ كبير لذلك. (علمًا أن الناس هنالك أيضا يضطرون إلى دفع بعض المال للمسؤولين مقابل الوظيفة كما هي الحال في بعض بلاد العالم الثالث)، فقلت لابني إني إنسان فقير، ولا أستطيع تدبير هذا المبلغ الكبير. ليس عندي إلا عشرة آلاف فرانك سيفه، وقد وعدت بدفعها في صندوق التحريك الجديد، فاذهب وتقدم لاختبار الوظيفة، والله في عونك.

ويتابع السيد عثمان ويقول: فتبرعت بذلك المبلغ، وبعد أيام هاتفَنا ابني من المدينة وأخبرني أنه قد فاز في الاختبار وسينال الوظيفة عاجلا.

فالله تعالى صرف قلوب المسؤولين حيث لم يحصل على الوظيفة من قدّموا المال الكثير، بينما رزق الله ابن هذا الأخ الوظيفة ببركة أدعيته وحسن نيته وتضحيته.

ثم كتب أمير الجماعة من غامبيا: عقدنا برنامجا بصدد صندوق التحريك الجديد في قرية في محافظة نيامي، وأخبرْنا الإخوة أن حضرة الخليفة يريد أن يساهم كل المبايعين في هذا الصندوق. فتبرع جميع الإخوة الموجودين هنالك. وأخبرت سيدة تدعى “كجاوائي” أنها تبرعت في تلك المناسبة بعشرين دلاسي، إذ لم يكن معها عندها إلا هذا المبلغ وكانت قد احتفظت به بالتقتير على نفسها، ولما رجعت من ذلك البرنامج إلى بيتها قدم لها ضيف خمسمائة دلاسي هديةً منه. وفي الصباح التالي جاءت إلى المسجد ثانية وتبرعت أيضا بخمسة وثمانين دلاسي، وقالت إن هذا المال إنما جاءني ببركة ما تبرعت به.

فوعدُ الله بأن ما تنفقون سيوفَّى إليكم أيضا يزيد هؤلاء القوم إيمانا وإيقانا. فمع أن هذه السيدة لم تقم بالتضحية المالية بنية أن يوفي الله لها ما تنفق فورًا، وسوف يرجع لها بدون تأخير، إلا أن الله تعالى لم يؤخر أجرها.

ثم كتب داعيتنا من منطقة بوئيغو في بنين:

إن سكرتير المال بالجماعة في هذه المدينة يكسب رزقه عبر دراجة ذات ثلاث عجلات، أو ما يسمى دراجة “ركشا”، فسُرقت. والمعروف في أفريقيا أن ما يسرق يستحيل العثور عليه ثانية. ولكن انظروا إلى مدى توكل هذا الأخ على الله تعالى، فلما جاءه الإخوة والأحباب يتأسفون على سرقة دراجته فكان يقول لهم إني متوكل على الله كل التوكل، لأني إنسان فقير، وأكسب بالدراجة قوت أهلي وأولادي، وأدفع ما علي من التبرعات في وقتها، فلعل أحدًا أحوج إلى الدراجة مني، فدبَّر الله له الدراجة لسد حاجته المؤقتة لكي يسد حاجته ثم يرجعها لي. فكان الإخوة يظنون لعله أصيب بسبب سرقة دراجته بصدمة كبيرة، ولعلها قد أثرت قليلاً في عقله أيضا. على كل حال، سجل الأخ قضية سرقة دراجته في مركز الشرطة بحسب مقتضى قانون البلد وجلس في البيت مطمئنا. ولم يمض إلا أسبوعان حتى اتصل بهذا الأخ الذي اسمه “بينو”جاره بالهاتف، وهو الآخر كان يعمل مثله سائق تاكسي دراجة “ركشا” وقال: لقد رأيت دراجتك، لكنها ملونة بلون آخر. فقام الأخ بإبلاغ الشرطة، فأمرت الطرفين بالحضور إلى مركز الشرطة بأوراق الدراجة. فتبين بتحري الأمر أن أوراق الطرف الآخر مزورة، فأمرتُه الشرطة بتصليح الدراجة وتغيير لونها إلى لونها الأول الأصلي، وتسليمها لمالكها خلال يومين. وهكذا رجعت إليه دراجته. فما كان منه إلا أن حضر بدراجته إلى مركز الجماعة فورًا، وقص قصتها وقال: علي دفع تبرعاتي في صندوق التحريك الجديد، فأنا ذاهب الآن للبحث عن العمل وسوف أسدد ما علي من التبرع بما أكسبه خلال هذا الأسبوع. وبعد أسبوع جاء ودفع مما كسبه خلاله وكان 12 ألف فرانك سيفا تبرعًا في التحريك الجديد.

هذا أيضا مثال عجيب من التوكل على الله والإيمان به.

وكتب أحد محاسبي تبرع التحريك الجديد من الهند واسمه السيد شهاب: بعثتْ فتاة اسمها صوفية بيغم من جماعتنا في “جنتا غتنا” برسالة مع أخيها بأنها لما كانت صغيرة كانت تذهب مع أمها إلى اجتماعات الجماعة وتسمع فيها من خطب العلماء الكرام أن حضرة المصلح الموعود رضي الله عنه لما أسس مشروع التحريك الجديد وطالب بالتضحية المالية، قدمت كثير من سيدات الجماعة إلى حضرته حليهن، وعندما كنت أستمع لهذه الواقعة المقوية للإيمان كنت أقول في قلبي ليتني أملك حليًا فأتبرع بها في صندوق التحريك الجديد، ولكن هذا كان مستحيلا لي بسبب فقري، أما الآن فقد ورثت من أمي عند وفاتها حوالي عشرين غراما من الذهب، وأريد التبرع به لأني لا أدري هل ستبقى عندي هذا الحلي بعد ذلك أم لا. فقام أخوها وكذلك الإخوة الآخرون بمن فيهم محاسب التحريك الجديد بنصحها وقالوا إنك ستحتاجين إلى هذا الذهب عند زواجك، ولكنها أصرت ودفعت ما يساوي عشرين غراما من الذهب في صندوق التحريك الجديد.

لقد قلتُ في الأسبوع الماضي حين كنت في أميركا، كما أقول بمناسبات عديدة أخرى أن الفقراء يقدمون التضحيات، ولكن الأغنياء الذين يعيشون في ظروف مالية جيدة عليهم أن يفكروا فيما إذا كانوا يقدمون التضحيات بالمستوى الذي يطلبه الله ويقبله.

يقول أحد المحاسبين في صندوق التحريك الجديد في إقليم “كرناتك” بالهند أنه كان على أحد الإخوة أن يدفع في صندوق التحريك الجديد مبلغا قدره ألفان وخمسمائة روبية. وعندما أُخبر أنه لم يبق على انتهاء عام التحريك الجديد إلا بضعة أيام، قال: إن عملي يعاني من الركود منذ ثلاثة أشهر بسبب الأمطار ولا أتوقع أيّ دخل في فترة قريبة. قلتُ له: عليك أن تعزم على تسديد المبلغ ثم ادعُ الله تعالى. قلتُ له هذا الكلام وانطلقتُ إلى مكان آخر. وحين عدتُ مساء من بعض الأماكن الأخرى جاء هذا الأخ إلى مركز الجماعة بنفسه ودفع كل ما كان يترتب عليه من التبرع. فسألتُه: كيف تسنّى لك الدفع بهذه السرعة؟! قال: هذه بركة العزم على الدفع وليس إلا فضل الله تعالى، وقد دعوت الله تعالى أيضا. ثم قال: إن شخصا كان مدينا لي منذ فترة من الزمن وكنت أطلب منه منذ عدة أشهر أن يعيد إليَّ الدَّين ولكنه لم يفعل، إلا أنه جاءني اليوم بنفسه صدفة وسدّد الدَّين كله.

ويقول داعيتنا المحلي السيد موسى في تنـزانيا: هناك أخ مخلص جدا في فرع الجماعة في “دار السلام” وهو يخدم أيضا في مكتب الجماعة، ويسعى جاهدا كل عام أن يدفع ما عليه من تبرعاته وتبرعات عائلته في صندوق التحريك الجديد والوقف الجديد قبل نهاية شهر رمضان، ولكنه لم يستطع دفعها هذا العام بسبب ظروفه العائلية، وكان قلقا جدا بسبب ذلك. فدعا الله تعالى أن يجعل له مخرجا. ثم قال إنه يتلقى هدية من الجماعة كل عام بمناسبة العيد كما يتلقاها العاملون الآخرون في الجماعة، ففكر أنه سيدفع التبرع مما سيتلقاه بمناسبة العيد بدلا من قضاء حاجاته المنـزلية. ولكنه حين حسب المبلغ الذي يُعطى العاملين هدية بهذه المناسبة تبين أن هذا المبلغ لن يسد ما وعد به، بل سيبقى عليه مبلغ آخر بعد دفعه. فدعا الله تعالى مرة أخرى أن يجعل له مخرجا لدفع كل ما عليه. وحين استلم من الجماعة مبلغا مذكورا كان أكبر مما كان يتلقاه عادة فاستطاع أن يسدد كل ما كان قد وعد بدفعه.

يقول السيد رضوي داعية الجماعة من “موسكو”: السيد آدم مبايع جديد وهو من منطقة “بورياتيا”  وهي منطقة نائية وفقيرة في روسيا. وفقه الله تعالى للانضمام إلى الجماعة الإسلامية الأحمدية في 2017م. جاء هذا الأخ إلى موسكو لأسبوع واحد في شهر مارس هذا العام ليلقى الإخوة الأحمديين ويستفيد منهم من الناحية العلمية والتربوية. كان الأخ من عائلة فقيرة وكان يمر أحيانا بظروف صعبة وقاسية جدا. وذات يوم، وفي أثناء إقامته في موسكو حدث أنه أُخبر بعد صلاة العشاء في أثناء الحديث المفصّل عن النظام المالي للجماعة وبركاته، وطُلب منه أن يتبرع ولو قليلا. وكان الظن نظرا إلى ضيق ذات يده أنه لو دفع خمسين روبلا لكانت تضحية كبيرة بالنسبة له، ولكنه دفع في اليوم التالي بعد صلاة الفجر ألفَي روبل في صندوق التحريك الجديد والوقف الجديد وقال: أرجو أن تقبلوا مني هذا المبلغ البسيط. وظل يبدي أسفه بالتكرار أنه لماذا لم يدفع التبرع من قبل بل تأخر كثيرا وقد مضى على انضمامه إلى الجماعة أكثر من عام. يقول داعيتنا: هذه كانت تضحية كبيرة نظرا إلى ظروفه المالية.

أقول: هذه هي معايير التضحية وهؤلاء هم الذين يقول المسيح الموعود ؏ عنهم إن المرء ليستغرب حقا نظرا إلى إخلاصهم وولائهم.

ويقول داعيتنا في موسكو: هناك شخص من أفراد الجماعة في موسكو وقد عمل في دوائر مختلفة فيها إلى فترة طويلة. والمكان الذي يعمل فيه الآن يقول عنه أن أصحاب العمل أخبروه عند المقابلة أن الراتب في شركتنا لا يُرفع، وعليك أن تصبر دائما على الراتب الذي سنعطيكه، وإذا رأيته مناسبا فيمكنك أن تعمل وإلا فلا. يقول هذا الأخ: لقد أخذتُ هذه الوظيفة وبدأت العمل. وبعد فترة من الزمن أُخبرت عن صندوق التحريك الجديد والوقف الجديد وبدأت بدفع التبرع فيهما بالتزام. بعد بضعة أيام من ذلك دعتني إدارة الشركة وأضافوا إلى راتبي دون أي سبب ظاهري خمسة آلاف روبل أخرى إلى خمسة آلاف روبل كنت أتقاضاها من قبل، ثم دعوني بعد بضعة أيام أخرى وأضافوا إلى راتبي ألفَي روبل أخرى. يقول الراوي: فتيقنتُ أن هذه نتيجة تقديم التضحية المالية في سبيل الله فقط، وإلا لم يكن هناك سبب دنيوي لهاتين الإضافتين إلى راتبي. ثم قال: كلما أحاول أن أخبر بذلك شخصا غير أحمدي لا يستوعب هذا الأمر ولكن المؤمن بالإمام المهدي ؏ يفهم جيدا أن الله تعالى قدّر لي هذه البركة دون أي سبب ظاهري بسبب تقديم التضحية في سبيله.

يقول داعيتنا في منطقة “الادا” في بنين: في هذه المنطقة هناك فرع للجماعة في قرية “فانجي” وقد أُنشئ هناك مسجد أيضا بفضل الله تعالى. إن رئيس هذه الجماعة يعمل حدادًا، وقد أُخبر عن روح الاستباق للتبرع في صندوق التحريك الجديد، فوعد بدفع مبلغ آخر إضافة على ما كان قد وعد به من قبل، وقال أيضا أنه يعاني من ضيق ذات اليد بسب ندرة العمل. ولكنه اتصل بعد هنيهة وقال إنه يريد أن يدفع عشرة آلاف فرانك سيفا لذا أرجوكم أن تقطعوا لي إيصالا بهذا المبلغ. وأضاف قائلا: لقد أنعم الله علي بعمل بعد هذا الوعد وها أنا قادم لدفع تبرع قدره عشرة آلاف. وبعد أسبوعين تقريبا من دفع هذا المبلغ اتصل رئيسُ الجماعة نفسه مرة أخرى وقال: لقد أنعم الله تعالى عليّ بعمل كثير آخر بحيث لا أدري هل سأتمكن من إكماله في الموعد المحدد أم لا، إذ قد وجدتُ صفقة كبيرة، وهذا كله بفضل تقديم التضحية المالية في سبيل الله تعالى.

إذًا، قد أعطاه الله تعالى أضعافا مضاعفة بحسب وعده وأعطاه فورا أيضا.

يقول داعيتنا في مالي: ذات يوم أرسلت سيدة عمياء من منطقة “سيغو” تبرعا وبعثت معه رسالة جاء فيها أنها سترسل في المستقبل تبرعها إلى مركز الجماعة كل شهر بانتظام.

أقول: هناك أناس يوجههم الله بنفسه إلى دفع التبرعات والتضحيات ليُنعم عليهم أكثر

وحين سُئلت عن السبب وراء ذلك قالت: رأيتُ في المنام قبل يومين أنني نائمة وأيقظني المسيح الموعود ؏ ونصحني بدفع التبرع. فذهبتُ إلى مركز الجماعة في المنام ودفعتُ خمسة آلاف فرانك سيفا ثم استيقظتُ.

يقول السيد مبارك منير داعية الجماعة في بوركينا فاسو: هناك أخ مخلص في فرع الجماعة “بيغو” وله ولدان وكلاهما كان مريضا منذ فترة، ولم يتماثلا للشفاء بأي علاج. وذات يوم أطلعه داعيتنا المحلي على التضحية المالية فدفع تبرعا بقدر استطاعته ودعا الله تعالى قائلا: يا ربّ تقبَّل تضحيتي واشف أولادي. يقول الراوي أن الأولاد بدءا يتماثلان للشفاء بعد بضعة أيام فقط بفضل الله تعالى حتى شفي أحدهما تماما وتحسن الثاني أيضا إلى حد كبير. وهذا الأخ موقن بأن الله تعالى قبل تضحيته وأكرمه بهذه البركة.

يقول سكرتير الوصية في مدينة بوبو جلاسو في بوركينا فاسو: كنت أدفع تبرع الوصية كل شهر بانتظام ولكن كنت أتأخر أحيانا في دفع تبرعات التحريك الجديد والوقف الجديد. وذات مرة خطر ببالي بعد سماع خطبتكم أن أدفع التبرع كله قبل نهاية السنة. وبعد الدفع رأيت في المنام أن شخصا لابسا لباسا أبيض أعطاني مفتاحا. لم أفهم معنى المنام حينذاك ولكن تلقيت بعد ذلك رسالة من أخي يقول لي: عليك أن تستعد لأداء الحج وأنا سأدفع النفقات كلها.

أقول: هكذا وفّقه الله لأداء الحج نيتجة تقديمه التضحية المالية.

يقول سكرتير صندوق التحريك الجديد في ألمانيا:

لقد أضاف أحد الإخوة من جماعة “كولون” تسعمائة يورو في تبرعه للتحريك الجديد والوقف الجديد. يقول هذا الأخ: بعد الإضافة إلى التبرع بيوم واحد ذهبتُ إلى الشركة التي كنت أعمل فيها وأخبرني صاحبها أنه أضاف إلى راتبي مائة يورو، ثم حسب هذه الإضافة من شهر فبراير إلى أكتوبر فكانت تسعمائة يورو. يقول هذا الأخ: كنتُ متأكدا أن الله تعالى سيدبر لي مبلغا وعدتُ بدفعه ولكن لم أتوقع أنه ﷻ لن يدَعَ حتى 24 ساعة لتمضي إلا وسيدبره.

يقول سكرتير التحريك الجديد نفسه في ألمانيا: كان أحد الإخوة يواجه مشاكل في طلبه اللجوء، فوُجِّه إلى التضحية المالية وإلى تبرع التحريك الجديد، ثم لقيني ذلك الأخ بعد بضعة أيام وقال لي: كنتَ قد نصحتني بدفع التبرع في صندوق التحريك الجديد ووعدتُ بدفع مائة يورو، وحينها كان عندي عشرون يورو فقط فدفعتُها فورا، وعُدت إلى البيت فجاءني هاتف من مكان عملي السابق أنه قد دخلت في حسابك بعض النقود فتعال وخذها. ظننتُ أنها ستكون ثلاثمائة أو أربعمائة يورو ولكن المبلغ الذي تلقيتُه وضعته في جيبـي من دون عده، ودفعتُ أولا البقية البالغة ثمانين يورو، ثم أنفقتُ منه على بعض الحاجات ومع ذلك بقي بعض المبلغ، ثم قمتُ بحساب فعلمتُ أنني كنتُ تلقيتُ ألف يورو. كنتُ وعدتُ بدفع مائة يورو فأعطاني الله تعالى مقابلها عشرة أضعاف. قبل ذلك كنتُ أسمع مثل هذه الأحداث وكنتُ أفكر أحقًّا يعامل الله تعالى عباده بمثل هذه المعاملة؟! ولكن الآن قد جربتُ بنفسي.

كتب الداعية في ساحل العاج: إننا ذهبنا إلى فرع جديد للجماعة من أجل تبرع التحريك الجديد، كان فيه المبايعون الجدد الذين بايعوا ودخلوا الجماعة قبل سنة، فأُلقيت كلمة حول أهمية التحريك الجديد وعن أهدافه وأخبرناهم أيضا أن خليفة المسيح يريد أن يُسهم جميع أفراد الجماعة في هذا الصندوق، وفي اليوم التالي بعد صلاة الفجر بدأ كل واحد يدفع التبرع بحسب قدرته، وأسهم إمام المسجد أيضا في عمل الخير هذا ودفع التبرع عن عائلته أيضا، ثم جاء ولده البالغ ست سنوات بمائة فرانك سيفا أخذها من والده وقال: هذا تبرع مني. فأُعجِبنا جدًّا بتصرف الولد هذا لما نشأ فيه من رغبة في التضحية المالية. ندعو الله تعالى أن يتقبل تضحيات هؤلاء المبايعين الجدد ويرزقهم حسنات الدارين.

قال المسيح الموعود ؏ في أحد المواضع إن شيخا دعا الناسَ في المسجد إلى التضحية المالية وكانت زوجة الشيخ جالسة بين الحضور فتأثرت جدا بخطابه وحين عادت إلى البيت خلعت حليها لتدفع للمسجد، فقال لها الشيخ هذه الدعوة كانت للناس فقط وليست لك، لا تضحي أنت، ولكن في جماعة المسيح الموعود ؏ يشترك الشيخ نفسه في التضحية المالية وأولاده أيضا بكل حماس وشوق.

ثم هناك مثال آخر من إندونيسيا، كتبت امرأة من هناك تدعى السيدة صوفية: كنتُ بايعتُ ودخلتُ الجماعة من المسيحية في 2014م وبعد المبايعة بدأت أسرتي المسيحية تعارضني وواجهتُ السب والشتم والإهانة وكان أهلي يرون أنني لم أعد جزءا منهم، ولكنني وجدتُ من الجماعة حبا ووئاما كبيرين وتزوجتُ من أحمدي، وبعد فترة تعرّضت سيارةُ زوجي لحادث سير انكسرت ساقه اليسرى وقدمه اليسرى، كنتُ حينها حاملا في الشهر الرابع وفي هذه الأثناء بدأت السنة الجديدة للتحريك الجديد، فسالتُ زوجي فقال بكل ثقة: قولي للمسؤولين أن يسجّلوا وعدًا بخمسمائة ألف روبية أندونيسية لأنني سأجد عملا في السنة القادمة -لا شك أن سعر الروبية الإندونيسية منخفض جدا ولكنها ذات قيمة كبيرة للسكان المحليين- قالت السيدة: استغربتُ جدا قوله لأنه لا يقدر على المشي من دون سند فكيف سيجد عملا؟! ولكن سجلتُ الوعد بحسب ما قال. مضى الوقت بسرعة ولم نشعر وكانت السنة في نهايتها، فقلقتُ جدا لأن زوجي لا زال عاطلا فكيف سندفع التبرع؟! فدعوت في حالة القلق هذه، فأرى الله تعالى قدرته ووجد زوجي وظيفة جيدة في شركة خاصة ودفعنا التبرع كاملا بحسب الوعد.

قالت امرأة أخرى من إندونيسيا نفسها وهي السيدة واردي: كانت أسرتي تواجه مشكلة في رمضان الماضي. أصيب أبو زوجي ودخل المستشفى وعولج هناك شهرا وفي هذه الأثناء ساءت حالته إلى درجة أنه دخل العناية المشددة وكان أمل بقائه ضئيلا جدا. قالت: تذكّرْنا آنذاك خطبة الخليفة عن التحريك الجديد فقرر الجميع في العائلة دفع التبرع في صندوق التحريك الجديد كاملا، وقد دفعوا فعلا وكتبوا إلي أيضا من أجل الدعاء. قالت: بدأت بفضل الله تعالى حالة حَمِيَّ تتحسن باستمرار وبعد بضعة أيام سمح له الطبيب بالعودة إلى البيت. وحين أخبرنا الجيران بعد العودة أنه قد تحسن تماما استغربوا جدا، إذ كيف يمكن أن يتحسن شخص كان قد بلغ أبواب الموت بسبب مرض خطير لهذا الحد؟!

كتب رئيس جماعة “برمنغهام سنترال” في بريطانيا: كنا متخلفين عن هدفنا للتحريك الجديد بمقدار 1500 جنيه إسترليني وبقيت بضع ساعات قبل انتهاء السنة، فطلبنا من بعض الأشخاص التبرع لتحقيق الهدف فقال شخص كان قد دفع 2400 جنيه من قبل أنه سيدفع 1500 جنيه، كان هذا الشخص خارج القطر فدفع المبلغ أونلاين. قال هذا الشخص: بعد يوم من دفعه 1500 جنيها تلقى من قسم الضرائب 6000 جنيها. أي أن الله تعالى أعاد إليه أربعة أضعاف.

كيف يضحي الفقراء؟ وكيف يعاملهم الله تعالى؟ كتب عن ذلك الداعية المحلي من جماعة بروندي: زُرنا في السنة الجديدة فرعا جديدا للجماعة في كهانكا، وأخبرنا هناك مبايعا جديدا اسمه السيد مسعودي ودعوناه ليدفع التبرع، فقال السيد مسعودي: لا أملك شيئا حاليا إلا أن في بيتي شجرة مثمرة، سأبيع ثمر هذه الشجرة وأدفع منه التبرع. (التضحيات التي كانت في الزمن الماضي نجد نماذجها في هذا العصر أيضا). فباع ثمر الشجرة خلال يومين بألف فرانك بروندي وتبرع بالمبلغ كله، وأخبر فيما بعد أن ببركة تبرعه نزلت بركة في ثمر هذه الشجرة والآن أثمرت أضعافا وقد بعتُ ثمرها بخمسة وأربعين ألف فرانك بروندي.

كتب الداعية المحلي في كونغو برازافيل: كان ابن السيد معاولي -وهو أحد الأحمديين- مريضا منذ فترة وحين ذهبنا إليه من أجل التبرع دفع فورا ومع ذلك دعا الله تعالى ليشفي ابنه ببركة هذا التبرع. قال: بعد بضعة أيام عادت صحة ولدي المعهودة مما استغربتُ كيف أن الله تعالى قد استجاب الدعاء وتقبل تضحياتنا المتواضعة.

كتبت سكرتيرة التحريك الجديد في لجنة إماء الله بكندا: أخبرَت إحدى الأخوات أن زوجها كان قد وعد بألف دولار في صندوق التحريك الجديد ولكنه لم يستطع دفعها بسبب مرضه الطويل وبقي أسبوع واحد فقط قبل انتهاء السنة، فجاء سكرتير المال لأخذ التبرع منه، فدخل الزوج على الزوجة وقال لها: لا أملك شيئا فماذا نفعل الآن؟ فقالت: لا يمكن أن نرد السكرتير صفر اليدين، وكانت قد وفرت بعض المبلغ فأدت منه التبرع. قالت: ببركة التبرع وجد زوجها وظيفة براتب سبعة آلاف دولارا شهريا.

كتب الداعية في ساحل العاج: هناك طفل في جماعة “سان بيدرو” عمره 14 عاما، قال والده: إنني طلبتُ منه عملا في البيت يوم الأحد فقال الطفل: إنني أجمع التبرع في تنظيم أطفال الأحمدية بصفتي ناظم المال، ولكن أنا نفسي لم أدفع تبرعي. ولأنني أذهب إلى المدرسة في الأيام الأخرى فاليوم أريد أن أعمل في حقل أحد الناس أو أعمل شيئا آخر لكي أتمكن من دفع التبرع. فقال الوالد: أنا أدفع عنك التبرع. فقال الولد: قال الداعية ينبغي أن يدفع الأطفال من مصروف جيبهم، ولأنني في هذه المرة لم أستطع أن أدفع من مصروف جيبي لذا أريد أن أعمل لكي أدفع التبرع مما أجني، فعمل ودفع التبرع مما كسب. هذا هو التفكير الذي أنشأه الله تعالى في الأطفال القاطنين في مناطق نائية وهم مبايعون جدد.

قال سكرتير التحريك الجديد في ألمانيا: أخبرتنا إحدى النساء من جماعة “كيل” أن أمها كانت من جماعة كلسيان بهتيان في باكستان، وكانت أستاذة في مدرسة، وكانت تقوم بالتضحية المالية بكثرة، وكثيرا ما رأينا أنه حين جاء العيد كان الأولاد يأخذون ملابس جديدة ولكن والدتي كانت تسعى لتدفع مائة في المئة من تبرعها للتحريك الجديد في شهر رمضان لكي يُسجَّل اسمها في القائمة التي تُرفع إلى الخليفة للدعاء، وفي كثير من الأحيان كانت تستدين لدفع التبرع وتسدّ الدَّين فيما بعد، وحين تمت الدعوة للتبرع من أجل بناء مسجد البشارة في إسبانيا قدّمتْ قرطي أذنَيها وهي الحلي الوحيدة التي كانت تملكها. فواجهت بسبب ذلك كثيرا من النقد من أهل زوجها.

تقول هذه السيدة: إني كنت أظن في صغري أن تقديمي التضحية بتحمُّل الصعاب لا يصح، وهذا ما رسخ في دماغي. وفي السنة الماضية حين دُعيْت للتبرع في صندوق التحريك الجديد قلت في نفسي إني لن أكون مثل أمي التي تتبرع بكل شيء للتحريك الجديد. فوعدتُ ذكاءً مني أني سأتبرع بـ 30 أو 35 يورو. ثم شاءت الأقدار وظهر على رقبتي وَرمان وخفتُ كثيرا، إذ قال لي الطبيب أنه لا بد من العملية الجراحية. وفي هذه الحال لم تكن تعجبني مجوهراتي ولا أقمشتي، ذات يوم سمعت خطبةً ذكر فيها الخليفة تضحيات السيدات بالمال، فخطر ببالي أن أتبرع بكل ما أملك من المجوهرات ثم قدرتُ ثمنها وتبرعت بذلك المبلغ في التحريك الجديد. ثم حين راجعتُ الطبيب من جديد قال إن هذين الورمين عديما الضرر، فلا داعي للخوف منهما. وهكذا قد خلَّصَني الله من الخوف والقلق وأدركتُ أن الله كان قد عاقبني على موقفي الناتج عن التكبر. فالآن لا تنشأ في قلبي هذه الظنون السيئة. كان زوجي لا تُقبل منه التبرعات لعمله في فندق معين، فدعوت الله ﷻ أنه إذا هيأ له عملا أفضل فسوف أدفع 500 يورو في التحريك الجديد. فمكَّن الله ﷻ زوجي بشكل معجز من العثور على عمل أفضل. والآن يتبرع الزوج والزوجة كلاهما.

تقول سكرتيرة التحريك الجديد في لجنة إماء الله بلاهور: كانت إحدى الأخوات في حارة “وابدا تاون” تعاني مشكلة في التنفس منذ سنة ونصف، وحين زارَنا المندوب من المركز أضافت إلى وعْدها للتحريك الجديد خمسين ألف روبية. وببركة ذلك منَّ الله عليها بالشفاء من المرض الذي كان يعاودها رغم العلاج، وتغيَّر وضْعها فجأة تماما والآن تتمتع بالصحة الجيدة.

يقول أمير الجماعة في غامبيا. كان أحد الإخوة من قرية جراستسكي يتبرع في التحريك الجديد بانتظام وقبل فترة تفشَّى في قريته مرضٌ يصيب الحيوانات فبدأت تموت، وجميع السكان تقريبا خسروا مواشيهم، بينما لم يمت أي حيوان لهذا الأخ واسمه ساميا. فسأله أهل القرية لماذا لم يمت لك أي حيوان؟ فقال لهم أنا أبيع كل سنة أحد الحيوانات وأتبرع بسعره، وببركة ذلك قد حمى الله ﷻ هذه الحيوانات من المرض. عندها دفع سبعة أحمديين آخرين ما وعدوا به في التحريك الجديد، ثم لاحظوا أن صحة مواشيهم بدأت تتحسن مع أن الطبيب البيطري كان قد قال لهم أنه لن يبقى أي حيوان حيًّا. وبعد بضعة أيام حين جاء الطبيب البيطري مرة أخرى سألهم بعد الفحص: كيف عالجتم هذه الحيوانات حتى تحسنتْ؟! عندها تقدمتْ عجوز أحمدية وأرتْه الوصل بدفع تبرع التحريك الجديد، وقالت: إنما علاجنا هذا فقط. فاندهش الطبيب وقال: سأبحث في الجماعة، فزُوِّد بقدر كبير من أدبيات الجماعة. لاحِظوا كيف يزداد سكان هذه المناطق النائية إيمانا وإخلاصا! وإنما إخلاصهم وتوكُّلُهم على الله واليقين بوعوده يفرض على الآخرين التفكير في صدق الإسلام. نسأل الله ﷻ أن يزيدهم دوما إيمانا وإيقانا، وينظر إليهم بحب ولطف.

بعد سرد هذه الأحداث لنزول أفضال الله ﷻ أقدم لكم بعض الإحصائيات عن تبرعات التحريك الجديد في السنة الماضية، وأُعلن بداية السنة الجديدة للتحريك الجديد بحسب الرائج في الجماعة أن الإعلان عن السنة الجديدة يصدر في بداية نوفمبر.

فمن أول نوفمبر قد بدأتْ السنة الـ 85 للتحريك الجديد، وبحسب التقرير المرفوع إلي قد وفَّق الله ﷻ أبناء الجماعة المخلصين للتبرع في السنة الماضية أي السنة الـ 84 للتحريك الجديد بـأكثر من 12.79 مليونا من الجنيهات الاسترلينية وهذا فضل من الله ﷻ. وهذا أكثر من السنة الماضية بمائتين واثني عشر ألف جنيه استرليني، وهذا توفيق من الله رغم الأوضاع غير الملائمة ورغم هبوط سعر العملة المحلية في كثير من البلدان.

باكستان هي الأولى من حيث دفع التبرعات كالمعتاد. والمراكز بعدها بحسب الترتيب هي ألمانيا وبريطانيا وأميركا وكندا والهند وأستراليا وجماعة من الشرق الأوسط وإندونيسيا وغانا واحتلتْ المركزَ العاشر أيضا جماعة أخرى من الشرق الأوسط.

من حيث تبرع كل شخص تحتل سويسرا المرتبة الأولى، ثم الولايات المتحدة ثم بريطانيا، ثم أستراليا، ثم سنغافورا، ثم السويد، ثم بليجكا ثم ألمانيا فكندا. والجماعات البارزة في البلاد الأفريقية من حيث جمع التبرعات هي: غانا، نيجيريا، غامبيا، تنـزانيا. هناك انتباه خاص لإشراك الإخوة الجدد في هذا المشروع، ففي هذا العام قد اشترك فيه قرابة 7,017,000 فردا. أي قد اشترك فيه 170,000 فردا أكثر من العام المنصرم. والإضافة الملحوظة في هذا العدد كانت في البلاد الأفريقية التالية: نيجيريا، غامبيا، وبينن، بوركينا فاسو، النيجر، الكاميرون، كونغو كنشاسا، ليبيريا، موريشوس، ساحل العاج. وهذا الترتيب في الجماعات الكبيرة هو كما يلي: إندويسيا، ألمانيا، الهند، باكستان، كندا، أميركا، النرويج، وماليزيا.

الحسابات في “المكتب الأول” أيضا جارية بفضل الله تعالى وعدد هذه الحسابات هو: 5927.

وترتيب المحافظات الثلاث في باكستان التي قدمت التضحية المالية أكبر من غيرها بحسب التقرير الوارد إلينا هي: ربوة، ثم لاهور ثم كراتشي. علما أن ربوة ليست محافظة في الأصل بل هي مدينة ولكنها تُعَدّ ضمن قائمة المحافظات. والمحافظات التي قدمت التضحية الكبيرة هي: سيالكوت، سرجودها، وغوجرات، غوجرانواله، عمر كوت، حيدر آباد، نارووال، مير بور خاص، توبه تيك سنغ، ومير بور آزاد كشمير.

الجماعات البارزة من حيث إجمالي مقدار التبرع هي كما يلي: إسلام آباد، منطقة ديفنس لاهور، تاون شب لاهور، عزيز آباد كراتشي، بيشاور، غلشن آباد كراتشي، كريم نغر، فيصل آباد، كوئته، نوابشاه، بهاولبور، اوكاره.

الجماعات العشر الأولى في ألمانيا هي: نوئس روئد مارك، بينن بورغ، مهدي آباد، كيل، فلورنز هائيم، كوبلز، وائن غاردن، كولون، وكولم بورغ. هذا الترتيب على مستوى الإمارات المحلية هو: هامبورغ، فرانكفورت، مارفلدن، غراس غيراو، دوتسن باخ، ويزبادن، منهايم، ريجل ستاد، آفن باخ، ودارم ستاد.

من حيث جمع المبلغ الإجمالي فإن ترتيب المناطق الخمس الأولى في بريطانيا هو كما يلي: لندن ب، ولندن أ، مِدلاند، نورث ايست، وساوث. الجماعات الكبرى العشر في بريطانيا من حيث هذا الترتيب هي: منطقة مسجد فضل، ثم ووستر بارك، ثم برمنغهام ساوث، نيو مولدن، برادفورد نورث، إسلام آباد، برمنغهام ويست، غلاسغو، جلنغهام، سكنتهورب. أما الجماعات الصغيرة فهي: سبِن ويلي، سوانزي، نورث ويلز، ساوث فيلد، ادنبرا. وترتيب المحافظات الخمس الأولى من حيث الدفع هو: ساوث ويست، مدلاند، إسلام آباد، نورث ايست، وسكوتلندا.

والجماعات في أميركا من حيث إجمالي التبرعات هي: جماعة أوش كوش، سيليكون فالي، سياتل، ديترويت، سِلور سبرنغ، يورك، فرجينيا الوسطى، جورجيا، أتلانتا، لوس انجلوس الشرقية، فرجينيا الوسطى، وفلوريل.

وهذا الترتيب في كندا بحسب الإمارات المحلية هو كما يلي: بريمتن وان، بيس وليج، كالغري، وينكور الغربية، ومسسي ساغا.

الجماعات الخمس الجديرة بالذكر في كندا من حيث إجمالي التبرعات هي: ايدمنتون الغربية، ثم درهم، ثم هملتون ساوث، برادفورد، سسكاتون الشمالية.

عشر جماعات في الهند من حيث تقديم التضحية هي: قاديان، البنجاب، حيدر آباد، تلنغانه، بت بيريم كيراله، شناي، تامل نادو، كاليكت، بنغلور، كرناتك، كالكوته، بنغال، بنغاري كيراله، نور تاون كيراله، يادغير كرناتك.

وترتيب الأقاليم الهندية من حيث التضحية هو: كيرالا، ثم كرناتك، تامل نادو، تلنغانه، جامون وكشمير، ثم أريسه، ثم البنجاب، ثم البنغال، ثم دلهي ثم مهاراشترا.

الجماعات العشر في أستراليا من حيث جمع التبرعات هي: كاسل هِل، ملبورن، بيروك أيه ستي، كيمبرا، برث، ملبورن لانغ وارن، مازدن بارك، ايديليد الجنوبية، برزبن لوغان، وبرزبن، بغمنتن. والترتيب من حيث تبرع كل شخص هو: تسمانيه أ ستي، كيمبرا، كاسل هِل، دارون، مازدن بارك، ملبورن، مدينة سدني، برتهـ، كيمب بيل تاؤن، وبيراماتا.

نسأل الله ﷻ أن يبارك في نفوس كل هؤلاء المضحِّين وأموالِهم بركاتٍ لا حصر لها. من الملاحظ أنه بعد عودتي من سفرٍ يتوقع الأحمديون أن أتناول أحداث السفر فسوف أتناولها في الخطبة القادمة إن شاء الله.

 

About الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز

حضرة أمير المؤمنين الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز ولد حضرته في الخامس عشر من أيلول 1950 في مدينة (ربوة) في الباكستان. هو حفيد لمرزا شريف أحمد نجل المسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام. أنهى حضرته دراسته الابتدائية في مدرسة تعليم الإسلام في مدينة (ربوة) وحصل على درجة البكالوريوس من كلية “تعليم الإسلام” في نفس المدينة. ثم حصل حضرته على درجة الاختصاص في الاقتصاد الزراعي من كلية الزراعة في مدينة (فيصل آباد) في الباكستان وذلك في عام 1976م.

View all posts by الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز