خطبة الجمعة

التي ألقاها أمير المؤمنين سيدنا مرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز

الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي u بتاريخ 3/1/2020م

في مسجد بيت الفتوح بلندن

 *********

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم ]الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين * إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّين[.

لقد بين المسيح الموعود u في كتابه الجليل “فلسفة تعاليم الإسلام” ثمانية وسائل لمعرفة الله تعالى والوصول إليه وتوطيد الإيمان به، وهذه الوسائل هي التي تُحقق الغاية من خلق الإنسان. وفي هذا الوقت سأقدم مقتبسا للمسيح الموعود u من هذا الكتاب في سياق موضوعي، وهو يتعلق بالوسيلة الخامسة، قال المسيح الموعود u: “والوسيلة الخامسة التي وضعها الله للفوز بالمرام الأصلي هي المجاهدة، أي أن نطلب الله بإنفاق أموالنا في سبيله، وتسخير قوانا من أجله، والتضحية بنفوسنا وبذل عقولنا في سبيله، كما يقول I: ]وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ[، ويقول تعالى: ]وَمِمّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ[، ويقول تعالى ]وَالذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا[ أي ابذلوا في سبيل الله أموالكم وأنفسكم.. بجميع ما فيها من قوى وملكات، وأنفقوا في سبيله كل ما أعطاكم من عقل وعلم وفهم ومهارة وغيرها. والذين يسعون بكل طريق في سبيلنا فإننا لا بد أن نُرِيَهم سبلنا.” (فلسفة تعاليم الإسلام)

ثم قال المسيح الموعود u في مناسبة وهو يبين طريق الحصول على حب الله تعالى: “لا يمكنكم أن تحبوا المال وتحبوا الله أيضا، بل تستطيعون أن تحبوا أحدهما فقط. فسعيد من يحب الله. وإذا أحب أحدُكم اللهَ تعالى وبذل المال في سبيله فإنني متأكد أنه سيبارَك في ماله أكثر من غيره، لأن المال لا يأتي تلقائيا بل يأتي بمشيئة الله. فالذي يتخلى عن جزء من ماله لوجه الله سيناله حتما، ولكن الذي يحب المال ولا يقوم بالخدمة كما يجب فسوف يخسره لا محالة. (مجموعة الإعلانات ج2) ثم قال u: “يجب أن يتعهد كل نَسَمَةٍ في جماعتنا أنه سيتبرع بمبلغ معين من المال، فالذي يتعهد لله I فالله يبارك في رزقه. (الملفوظات ج6) لقد وجه u إلى أن الذين لا يعلمون من الجدد بأهمية التضحية المالية ويظهرون عدم المبالاة نحوها، أو في بعض الأحيان لا يظهرون عدم المبالاة وإنما لا يملكون شعورا بالتضحية المالية فينبغي إفهام هؤلاء الناس أنهم إذا كانوا يريدون ارتباطا صادقا بالله تعالى فلا بد أن يتعهدوا أنهم سيدفعون مبلغا معينا حتما.

وبفضل الله تعالى هناك مئات الآلاف من المخلصين الذين حين يُوجَّهون إلى أهمية التبرعات يسعون للتقدم في التضحية المالية بغية نيل حب الله تعالى. ولذلك أوجِّه نظام الجماعة منذ عدة سنوات ماضية أن ضمّ المبايعين الجدد في النظام المالي أو في نظام التضحية المالية ضروري جدا، وإن كان ثمة شخص يقدر على دفع فلس واحد فقط فليدفع حسب قدرته. ولقد لوحظ في بعض الأماكن أن الأغنياء في بعض الأحيان يدفعون التبرع عن أقربائهم الفقراء، أو يعطون مبلغا قائلين هذا تبرع منا عن الفقراء. لا شك أن ذلك من الحسنات ولكن ينبغي على الفقير أن يتبرع بنفسه رغم فقره حسب سعته. لأنه ليس هدفنا مجرد جمع المال بل الهدف هو التضحية في سبيل الدين لكسب حب الله تعالى. فحيثما يجمع نظامُ الجماعة التبرع بهذا الطريق ويطلب من الأغنياء أن يدفعوا باسم فلان فهو يُخطئ. تبلغني في بعض الأحيان مثلُ هذه الأمور. ولكن بشكل عام رأيتُ فيما أتلقّى من تقارير التضحية المالية ذِكْرَ تضحية الفقراء المالية أكثر لأنهم يملكون شعور التضحية المالية أكثر، وكثيرا ما أذكر تضحية الفقراء في خطبي أيضا، وأستغرب رؤية تضحية البعض. إذا كان أحد يملك كثيرا من المال والثروة ويدفع منه قليلا فهذا ليس شيئا عظيما وأما إذا كان أحد يعاني من ضيق مالي وفقر ثم ضحى في سبيل الدين لنيل حب الله تعالى فهذه هي التضحية الحقيقة التي تكون وسيلة لإحراز قرب الله تعالى.

نرى مثل هذه الأمثلة في زمن المسيح الموعود u، فذات مرة كان المسيح الموعود u بحاجة إلى المال لنشر بعض الكتب وحين قال لأحد المخلصين أن يطلب من الجماعة في مدينته أن يدفعوا مبلغا كذا، ولكنه بدلا من أن يطلب من جماعته هيّأ المبلغ من عنده رغم ضيق يده، ولم يكن ثريًّا بل يمكن القول بأن ظروفه المادية كانت صعبة، ولكنه هيأ المبلغ من عنده وأظهر كأن الجماعة في مدينته دفعت هذا المبلغ، ولم يعلم المسيح الموعود u أيضا بأنه ضحى بهذا المال من عنده، وتبيَّن ذلك حين شكر المسيح الموعود u شخصا آخر من الجماعة نفسها قائلا إن جماعتكم قد أعانتني عند عين الحاجة، وحين علم أفرادُ تلك الجماعة أن شخصا واحدا منهم فقط قد قدم هذه التضحية عاتبوه قائلين لماذا حرمتنا من هذه الخدمة. هذا المضحِّي كان المنشي ظفر أحمد t الذي باع حلي زوجته وهيأ المبلغ، ولا شك أن زوجته أيضا شريكة في هذه التضحية، وكان المنشي أرورا t صديقا للمنشي ظفر أحمد t وكان من الجماعة نفسها، وهو علم من المسيح الموعود u بهذه التضحية فظل غاضبا على المنشي ظفر أحمد t عدة أشهر على أنه لماذا لم يخبرهم، ولماذا هيأ هذا المبلغ وحده، فأعطى الله تعالى المسيح الموعود u مثل هؤلاء المخلصين الذين كانوا مستعدين لكل نوع من التضحية لنيل حب الله تعالى. وهذا هو النموذج الذي قدّمه صحابة الرسول r وأحياه اليوم أتباعُ المسيح الموعود u. وهذا لا يقتصر على عهد المسيح الموعود u فقط بل هو مستمر إلى اليوم. نرى كيف يقدم الناس تضحيات مالية في صناديق مختلفة ويضحون ولو كانت بهم خصاصة، ولكن الله تعالى الذي لا يبقى مدينا لأحد يُعيد إليهم مالهم بطريقة ما. سأقدم بين أيديكم بعض الواقعات والأمثلة في هذا الوقت، ولأن اليوم سأعلن السنة الجديدة للوقف الجديد لذا ستكون هذه الواقعات عن الوقف الجديد عموما.

في غامبيا داعية محلي السيد كيباجالو، يبيّن واقعة يتبين منها كيف أن الله تعالى يعامل عباده الذين يضحّون في سبيله. قال الداعية: هناك مبايع جديد اسمه “عبد الله إي جادو” وهو من إحدى القرى ويزرع الذرة والفول السوداني، ولكن منذ بضع سنوات ماضية لم يجنِ محصولا جيدا، وفي هذه السنة باع الفول السوداني ودفع التبرع سبع مئة “دلاسي” في صندوق الوقف الجديد داعيا الله تعالى ليبارك في زراعته وعمله. قال: بسبب هذه التضحية المالية بارك الله تعالى في حقله لدرجة أتى بربح ثلاثة أضعاف من السنة الماضية، فدفع بعد الحصاد ألف “دلاسي” مزيدا في صندوق الوقف الجديد.

ثم هناك قرية في شمال غامبيا وفيها أحمدي اسمه السيد عثمان، قال الداعية: وعد السيد عثمان أنه سيدفع سطلا من الذرة في صندوق الوقف الجديد. والآن إذا كانت لدى شخص ثري سعة مالية ويدفع ألف دولار أو ألف جنيه استرليني أو حتى خمسة جنيهات فهي ليست تضحية كبيرة لأنه يملك ملايين الجنيهات ولكن الذين يحتفظون بغلّة للأكل والزراعةِ دفْعهم سطلا ذرةً تضحيةٌ كبيرة. ولا قيمة له عند سكان المدن في أوروبا، وقد تجدونه بخمسة جنيهات أو ستة. قال: كان المحصول قليلا جدا في السنة الماضية وكان اثنا عشر كيسا فقط وكانت نفقات البيت تُسَدَّدُ بصعوبة بالغةٍ، ومع ذلك حقق وعده وبالنتيجة كان المحصول في هذه السنة ثلاثين كيسا وخمسة عشر كيسا من حقل آخر، فالمال القليل الذي يُدفع بإخلاص يتقبله الله تعالى ويعيده أضعافا وهذا هو المال الذي يتسبب في الوصول إلى الله تعالى ولتقوية الإيمان به تعالى.

كتب الداعية المحلي في الكاميرون مثالا آخر لفضل الله تعالى: هناك مبايع جديد السيد أحمدو في قرية دكوئي، حين أخبرناهم بتبرع الوقف الجديد دفع سطلَين من الذرة. هذه هي التضحيات المتواضعة التي يقدمها الناس. قال للداعية: إن مزرعتي ليست جيدة لأنه ليس لدي المال ولم أستطع أن أهتم بها، والحكومة تريد مساعدة الفلاحين ولكن لأخذ هذه المساعدة يجب دفع بعض المبلغ للحكومة وبعد ذلك تُسهم الحكومة، ولأنني لم أكن أملك هذا المبلغ فلم أدفع للحكومة، كان اسمي موجودا في القائمة ولكنني لن أستحق شيئا لأنني لم أدفع المبلغ المطلوب. ثم قال الداعية: قلتُ له عليك أن تلتزم بالتهجد وركز على الدعاء سيُنزل الله تعالى فضله. قال الداعية: جاءني قبل أيام فقال: قد استجاب الله تعالى أدعيتنا، مع أنني لم أدفع للحكومة المبلغ المطلوب بالرغم من ذلك قد منحني القسم الزراعي للحكومة المضخة الآلية لسقي الحرث وخمسمئة آلاف فرنك سيفا للزراعة. فبدأ العمل في مزرعته بكل جهد ويُرجى محصول جيد له بسبب ذلك. قال: قد تقبل الله تعالى تضحيتي المتواضعة وأكرمني بنعمه جزاء لها. وبالنتيجة دفع تبرعه للوقف الجديد ضعفين.

وفي إندونيسيا داعيتنا السيد نو خير، قال: هناك زوجان يعيشان حياة بسيطة ولكنهما يدفعان التبرع بالتزام، ومما يكسبان يُخرجان منه التبرع ويضعانه في صندوق، ولأنهما يعيشان في جزيرة نائية فكلما يذهب إليهما الداعية للزيارة يقدمان المبلغ المجموع في التبرع.

ذات مرة لم يستطع أحد من دعاتنا زيارة فرع الجماعة هذا لأكثر من سنة، ومع ذلك ظلا يدّخران تبرعاتهما، ولما ذهب داعيتنا لزيارتهما بعد عام دفعا له كل ما ادخراه في الصندوق من تبرعاتهما وكان مبلغا لا بأس به. ثم قالا للداعية: هذه المرة قد ربحنا ربحًا جيدا، وأيقنا ببركة التبرع وازددنا إيمانا على إيماننا وشاهدنا هذه البركات بأم أعينننا. وقالا: ذات مرة خدعنا شخص، فتساءلنا ما هو سبب وقوعنا في خداع هذا الشخص، فأدركنا أننا لم ندفع التبرعات على ما يرام في تلك المرة، ولذلك خسرنا هذا المال نتيجة الانخداع، ومنذ ذلك الوقت بدأنا ندخر في الصندوق ما علينا من تبرعات بعمل حساب دقيق لدخلنا، ولا نطمئن ولا نرضى ما لم نفصل مبلغ التبرع عن باقي المال.

فهكذا يجعل الله تعالى خسارة بعض الأحمديين سببًا لإصلاحهم، فيزدادون إيمانًا مع إيمانهم.

وكتب أحد دعاتنا في إندونيسيا السيد بشير الدين: هناك أخ تبرّعَ بخمس مئة ألف روبية إندونيسية في صندوق الوقف الجديد- علمًا أن قيمة الروبية الإندونيسية ضئيلة جدا، ولكن هذا المبلغ كان لا بأس به نظرًا إلى ظروف هذا الأخ الأحمدي- وبعد أيام باع له البعض قطعةَ أرض بخمسة عشر مليون روبية، ثم بعد بضعة أسابيع اشترى منه شخص آخر هذه الأرض بخمسين مليون روبية. فقال هذا الأخ إنه على يقين بأن هذا الربح، خمسة وثلاثون مليون روبية، الذي ربحه خلال بضعة أسابيع إنما هو بفضل بركة التبرع في صندوق الوقف الجديد.

إن الشخص المادي سيرجع هذا الربح إلى ذكائه التجاري قائلا انظروا كيف مارست التجارة بدهاء حيث أنفقت خمسة عشر مليون وكسبت منها خمسين مليون، ولكن الذين يريدون الفوز بحب الله تعالى والذين يقدمون التضحيات في سبيله، يقولون لقد حدث هذا لأني تبرعت وضحيت في سبيل الله تعالى، فرد الله لي ما أنفقت أضعافا مضاعفة.

هناك واقعة أخرى من أندونيسيا وقد زادت إيمان صاحبها: كتب داعيتنا هناك السيد معصوم: هاجر أحد الأحمديين إلى جزيرة اسمها “سوله بيسي” بحثًا عن العمل، وعانى في البداية عناء شديدا حتى لم يجد مكانًا للمبيت، فاضطر للمبيت في مركز الجماعة. ثم إنه بدأ يشترى السمك ويبيعها للناس. كان عملا بسيطا جدا، إذ كان يبذل مجهودا كبيرا وكان الدخل ضئيلا جدا، ومع ذلك لم يتخلف عن تقديم التضحية المالية. ثم بعد فترة قليلة تحسنت ظروفه التجارية، حتى إنه يتبرع الآن أكثرَ من تبرع أي أحمدي آخر في منطقتنا، وهو منخرط في نظام الوصية أيضا، ويقول: إنّ كل ذلك هو نتيجة التضحية المالية التي قدّمتُها.

كتب السيد عبد الرحمن من غامبيا: كنت أعاني كثيرا في دفع رسوم مدرسة أولادي، فأخبرتُ الداعية المركزي بأني أعاني ضيقًا شديدا، فقال لي الداعية تعال قدِّمِ التضحية المالية في سبيل الله تعالى وسوف ينزل الله فضله عليك بإذنه. فتبرّعتُ بمئتين من الدالاسي في صندوق الوقف الجديد، ثم بعد ذلك بأسبوع فقط وجدت عملا بأجرة خمسة آلاف دالاسي شهريا، فتمكنتُ بكل سهولة مِن دفع رسوم مدرسة أولادي، كما أنفقُ بسهولة على الحاجات اليومية الضرورية. يقول داعيتنا إن هذا الأخ يذكر فضل الله هذا في كل مجلس وناد قائلا إن الله تعالى قد أنزل علي فضله ببركة الإنفاق في سبيله، وقد زادني إيمانا على إيماني، كما بارك في رزقي بركة عظيمة.

أضرب لكم الآن مثالا آخر يبين كيف يضحي الفقير متوكلا على الله تعالى، ثم كيف يعامله الله تعالى وفقًا لحسن ظنه به ولتوكله عليه. كتب داعيتنا من غينيا بيساو: نبّهْنا الأخ مونيترو كمارا إلى ضرورة تسديد وعده في صندوق الوقف الجديد، فقال يوجد عندي الآن أربعة آلاف فرانك سيفا التي احتفظت بها لطعام اليوم، ومع ذلك سأحاول. (علمًا أن هذه العملة ضئيلة القيمة جدا، ثم إن العائلات هنالك كبيرة العدد) وبعد قليل تبرعَ بهذا المبلغ أيضا، وذهب ليقترض من البعض مبلغًا يشتري به الطعام. وفي اليوم التالي أتت بنتُه من المدينة وجلبتْ معها كيسين من الأرز وعلبة زيت وأشياء أخرى بالإضافة إلى مبلغ بسيط. فأيقنَ أخونا هذا أن المبلغ الذي ادخره للطعام والذي تبرع به في سبيل الله تعالى قد بارك الله فيه حتى وجد في اليوم التالي كل هذه الأشياء للأكل والشرب.

هؤلاء هم القوم الذين يقدمون التضحيات المالية وهم جائعون.

ثم هناك مثال آخر كيف أن الله تعالى يزيد إيمان الناس نتيجة التضحية المالية. كتب أمير جماعتنا في فرنسا: عندنا أخ عربي عمره 46 عاما، قال سمعت الخطبة التي ألقاها حضرة الخليفة عن الوقف الجديد في السنة المنصرمة والتي ذكر فيها أمثلة على تضحيات الإخوة المالية (كما أنا أذكرها لكم اليوم أيضا) فتأثرتُ بالخطبة جدا، ولكني كنت في ضيق مالي شديد لم أواجه مثله من قبل، حتى اقترضت من البنك، وكان البنك يضغط علي لكي أسدد له ديوني، وهددوني بإغلاق حسابي إذا لم أدفع الدين، بل سوف يفرضون علي غرامة. وفي تلك الأيام عقدت الجماعة في مركزها في منطقتنا الاجتماع العام، وقبيل هذا الاجتماع كان أحد الإخوة آتاني عشرين يورو بإصرار شديد، فوضعتها في جيبي إذ لم يكن معي أي مبلغ آخر، وقلت في نفسي سيساعدني هذا المبلغ لبضعة أيام قادمة على الأقل. ثم حضرتُ هذا الاجتماع، فتكلّم سكرتير المال عن ضرورة دفع التبرعات، فدفعتُ له العشرين يورو هذه. ثم بعد أيام قلائل جاءتني مكالمة من البنك، ولما كنت معتادا على تلقي الأخبار السيئة لأن ظروفي المالية كانت متدهورة باستمرار، فقلت في نفسي لا بد أن يكون هناك خبر سيئ آخر، وسوف يتشدد علي البنك أكثرَ، ولكن أخبرني المتصل من البنك أن الجهة المعنية قد أمرتهم ألا يغلقوا حسابي، بل يضعوا في حسابي ست مئة يورو بدلاً من تسجيل قرض ستة مئة يورو عليّ. كان الخبر جِدَّ محيّرٍ لي، لأن البنوك تعامل بقسوة شديدة جدا. ثم بعد أيام دفعتْ لي شركة تأمين عملي مبلغا كبيرا كان متوقفًا عندها منذ مدة.  وقد كان وقت كل هذه الأحداث بعد سماعي لخطبة الخليفة عن صندوق الوقف الجديد وبعدما تبرعت بذلك المبلغ البسيط في هذا الصندوق. كنت قبلها أفكر هل يمكن أن تحدث معي هذه المعجزات التي تقع مع الإخوة الذين يحكون قصصهم هذه، إذ لم يحدث معي هذا قط، ولكن الله تعالى قد أراني الآن نموذج بركات التبرع في سبيله، وقد أيقنت أن المعجزات تقع فعلا.

وكتب السيد قيصر داعيتنا من “هيتي”، وهذه الواقعة أيضا تبين لنا كيف يعامل الله عباده المخلصين ويقوي إيمانهم. مع العلم أن كل هذه الواقعات هي من مناطق مختلفة، بعضها من أفريقيا، وبعضها من أمريكا، وبعضها من أوروبا، وبعضها من الشمال وبعضها من الجنوب، ولا يوجد بين أصحاب هذه الواقعات أي تواصل أو ترابط، ومع ذلك واقعاتهم مماثلة مشابهة. على كل حال يقول داعيتنا هذا: هناك في بورت أوف برنس مبايعٌ جديد اسمه إبراهيم، وبينما كان هذا الأخ راجعًا من مكتبه إلى البيت سقط ملف له كانت بداخله وثائق ومستندات هامة جدا ومبلغ ثلاثة عشر ألف غورد، (والغورد اسم العملة المحلية) فرجَع الأخ أدراجه بحثًا عن الملفّ في الطريق، فلم يجده كله. يقول هذا الأخ: فعاهدتُ أن أدفع مئة “غورد” التي وعدتُه به في صندوق الوقف الجديد سواءً أكانت عندي النقود أم لا، وحتى لو اقترضت من أحد. ثمّ بالفعل اقترضت من شخص بعض المال ودفعتُ ما وعدته به من التبرع. وفي مساء اليوم الذي دفعت تبرعاتي جاءتني مكالمة هاتفية من شخص مجهول بأن ملفك معي، فتعال خُذْه مني. فوصلت إليه فورًا فسلّم إليّ الملف قائلا: لقد اضطررت لفتح الملف والنظر في محتوياته بحثًا عن عنوانك، لذلك أرجو أن تتأكد من وجود المبلغ المالي والأوراق الأخرى فيه، فلما تفقدت وجدت النقود والأوراق كاملة. فشكرت الله تعالى وتيقنت بأنها بركة التبرع بحيث وجدت أوراقي المهمة الضائعة التي كان يبدو مستحيلا أن أجدها، كما وجدت نقودي الضائعة أيضا.

يقول رئيس المبلغين في غينيا كوناكري: لفتنا انتباه السيد أبو بكر من إحدى القرى الواقعة في مقاطعة كنيا إلى أداء تبرع الوقف الجديد فإنه قدم عذرا في البداية إلا أنه أدى التبرعات بحسب ما وعد به سابقا. وبعد أداء تبرع الوقف الجديد بفترة قال لداعيتنا المحلي: إن الجماعة الإسلامية الأحمدية لهي جماعة إلهية حقًّا. إنني موظف حكومي، وتعرضت قبل فترة لحادث كسرت فيه رجلي، ولم ينجبر بشكل جيد لعدم تلقي العلاج الطبي المناسب وبالتالي فكنت أعاني منها بشكل مستمر لكونها أقصر من الأخرى. لقد قال لي أحد الأطباء بأنه يمكن إزالة هذا القصر من خلال العملية الجراحية، فكنت أجمع النقود لها منذ فترة، وقد صار معي الآن مبلغ لا بأس به من أجل تلك العملية، ولكن لما طلب مني الداعية أداء التبرع قلت في نفسي لا أدفع التبرع هذه المرة وأركز على جمع النقود لإجراء العملية، ولكن الله تعالى وفقني لاحقًا إذ خطر ببالي أن أتوكل على الله تعالى وأتبرع بكل ما جمعته.

يقول: وبعد ذلك لم يمض يومان حتى تلقيت من مكتبي رسالة تقول بأن الحكومة سوف تتكفل بجميع نفقات العملية وأستطيع أن أجري هذه العملية حيثما أشاء. يقول: بأن ما حدث كان نتيجة بركة التبرع فحسب.

إن هذه الأمور ليست من قبيل المصادفات بل هي طرق معاملة الله تعالى مع الذين يتوكلون عليه فيتعامل بها معهم لتقوية إيمانهم، وفيه دليل على صدق المسيح الموعود u.

يقول السيد مأمون الرشيد سكرتير الوقف الجديد في قاديان: لم يستطع السيد سليجا أداء تبرع الوقف الجديد لبعض مشاكله العائلية، فقال له أخوه منبّها له إلى أن عام الوقف الجديد على وشك الانتهاء فلا بد أن يسرع في أداء التبرع، ولكن لم يكن في حسابه في البنك مبلغ كاف لأداء هذا التبرع بل كان فيه قرابة 30 بالمئة من مبلغ التبرع الأصلي. فقلق كثيرًا حيال أدائه التبرع الكامل. وأخيرا سحب كل ما كان في حسابه في البنك وتبرع به. ثم يقول: ولم تمض لحظات حتى ورد بشكل معجز إلى حسابه مبلغ استطاع بذلك أداء ما تبقى من تبرعه فحقق وعده وأدى تبرعه فورًا. يقول هذا الأخ بأنه عادة كان يؤدي وعد التبرع قبل نهاية العام بكثير إلا أن ابنه تعرض للمرض هذه السنة مما أخره في الأداء، وكان قلقا تجاه ذلك إلا أن الله تعالى هيأ الأمور بطريق معجز. وأدى ذلك إلى تقوية إيمانه.

يذكر السيد عبد المحمود مفتش حسابات الوقف الجديد من الهند قصة أحد الإخوة فيقول: هذه القصة حدثت في قرية واقعة في محافظة بيربهوم في البنغال. كان لهذا الأخ محل بيع السلع بالجملة وكانت تجارته رابحة. كان دأب هذا الأخ أنه عند فتح محله صباحًا يضع مئة روبية بالتزام في صندوق وبالتالي كان يدفع من هذا المبلغ تبرعاته وفق وعده. فكان أول ما يقوم به صباح كل يوم هو أنه كان يضع مئة روبية في ذلك الصندوق.

يقول: في أحد الأيام كان عدد الزبائن قليلا لدرجة لم يغطّ الربح النفقات اليومية. ففي اليوم التالي لم يضع في الصندوق مئة روبية بل وضع ثلاثمئة روبية عند فتحه المحل، وقال في نفسه لماذا لا أقوم اليوم بالتجارة مع الله تعالى. ففي اليوم نفسه جاءه ثمانية زبائن بعد الظهر، وبما أن محله كان لبيع السلع بالجملة وكانت تجارته واسعة فلعله بقي مشغولا في تسليم شوالات البضاعة إلى الزبائن حتى الليل لدرجة اعتذر لأحد الزبائن وقال له أن يأتي في اليوم التالي لتسلم البضاعة. فلقد تلقى أرباحًا كافية في ذلك اليوم بفضل من الله تعالى. يقول هذا الأخ: عندما يرضى الله تعالى على إنسان يعطيه رزقًا وفيرًا لا يسعه احتواءه ولو باليدين.

يقول السيد عبد العزيز داعية مقاطعة أويو في غينيا بساو: لما قيل لامرأة عجوز السيدة مسكوته لأداء تبرع الوقف الجديد قالت: كنت قد جمعت مبلغ التبرع بحسب الوعد إلا أنني فقدته عند ذهابي إلى بيت أخي ليلة الأمس، ولعله وقع مني في الطريق. وإنني أبحث عنه وسأتبرع به فور ما أجده. فظلت تبحث عن النقود الضائعة دون أن تجدها، فاقترضت من ابنتها مبلغًا من المال أدت به شيئا من تبرع الوقف الجديد. وبعد ذلك حاولت البحث عن ظرف النقود المفقود. تقول هذه السيدة: لم أخطُ بضعة أمتار إلا ووجدت نقودي في ظرف بلاستيكي وسط الشارع. فسرَّتْ كثيرا وجاءت في اليوم التالي وأكملت أداء التبرع بحسب الوعد، ثم ظلت تخبر الناس بأن الله تعالى أرجع لها نقودها الضائعة ببركة تبرع الوقف الجديد.

يقول السيد أحمد بلال الداعية في مقاطعة سكاسو في مالي: جاء إلى مركز الجماعة السيد أحمد جله وقال بأنه كان مواظبًا على أداء التبرعات سابقا ولكنه لاحقا بسبب المشاكل المالية لم يستطع أداء التبرعات. وفي أحد الأيام رأى في الرؤيا أنه يمشي مع جمع من الناس على طريق واسع كبير وأن هذا الطريق ينقسم لاحقا إلى عدة طرق صغيرة، وأن تلك الطرق كلها فاسدة وصعبة وغير معبدة، فدعا الله تعالى فنزل من السماء مركب فأخذه وصعد به إلى السماء. ثم عندما انتهى ذلك الطريق الخرب أنزله المركب مرة أخرى على الطريق الواسع، وهذه المرة رأى فيه شخصًا صالحًا قال له: هذا المركب نزل لك بسبب أدائك التبرعات.

يقول هذه الأخ بأن الإنسان يتعرض للمشاكل أحيانًا ولكن الأحمدي الذي يواظب على الإنفاق في سبيل الله يجد الله تعالى يسهل عليه جميع مشاكله، فأدى هذا المبايع الجديد التبرعات وقال بأنه لن يتكاسل في أدائها في المستقبل مهما كانت الظروف. هل كل هذه الأمور من قبيل المصادفات؟

يقول أمير الجماعة في تنزانيا: عندما تم حث أفراد الجماعة في أحد الفروع في مقاطعة أروشا تبرعت إحدى السيدات الفقيرة السيدة فاطمة -التي كانت تعيش على بيع الموز وبعض الفواكه الأخرى- بمدخول يومين كاملين كتبرع الوقف الجديد، كما أشركت في تبرع الوقف الجديد عائلتها أيضا.

كذلك عندما نُبّهت سيدة عجوز أخرى من الجماعة جاءت إلى مركز الجماعة في الساعة الثامنة صباحًا وأدت خمسة آلاف شلنغ في صندوق الوقف الجديد.

إنهم أولئك الذين قال عنهم المسيح الموعود u بأنه يتعجب المرء عندما يرى مثل هؤلاء الناس وعندما يعرف كيف يقومون بالتضحيات عندما يتم حثهم عليها. فإنهم يقومون بالتضحية كما قال المسيح الموعود u كلما تم حثهم عليها.

وكتب أمير الجماعة في تنزانيا قصة أخرى فقال: إن الأوضاع الاقتصادية للبلد صعبة في السنوات الأخيرة إلا أن الأحمديين بفضل الله تعالى يساهمون في التبرع المالي بكل إخلاص. هناك أحمدي في مدينة أروشا يدعى السيد وزيري وهو يكسب لقمة العيش ببيع الجرائد، فلما تم لفت انتباهه إلى أداء تبرع الوقف الجديد فقد أدى حسب استطاعته إلا أنه قال أيضا بأنه من الآن فصاعدًا يقلل من شرب كوب من الشاي يوميًا ويوفر هذا المبلغ من أجل التبرع.

هكذا يوفر الفقراء بعض المبالغ للتبرع بها بعقدهم العزم على عدم شرب كوب من الشاي. وذلك لأن الذي يدفعهم نحو ذلك هو شعورهم بكيفية نيل قرب الله تعالى.

يتابع أمير الجماعة في تنـزانية ويقول: إن شابا مخلصا من جماعة منطقة “مارا” كان يدفع تبرعه في صندوق الوقف الجديد قبل نهاية عامه المالي عادة، ولكن هذا العام بقي عليه 15000 شلنغ بسبب ضائقة مالية. كان عنده مبلغ بسيط- علما أن قيمة الشلنغ متدهورة جدا- فخطر بباله أنه لو دفع هذا المبلغ البسيط أيضا في التبرع في نهاية الشهر، لن يبقى لديه شيء للنفقات الخاصة. ولكنه مع ذلك تبرع به متوكلا على الله. وفي اليوم التالي تلقى اتصالا هاتفيا من مكتب يعمل فيه وقيل له أن الفواتير العالقة منذ ثلاثة أشهر قد سُدّدت، وفي العام الجديد رُفع راتبه بقدر لا بأس به. وهو يؤمن أنه تلقى مبلغا ستة أضعاف خلال بضعة أيام ببركة التبرع. كان من قبل يفتقر حتى إلى نفقات المنـزل، ثم هيأ الله تعالى له مبلغا ستة أضعاف.

يقول داعيتنا في منطقة “كايا” في بوركينا فاسو أن أخا أحمديا اسمه عبدو أخبره أنه كان يساهم في التبرعات ولكن دون انتظام، ثم عقد العزم في العام الماضي أنه سيسعى جاهدا للاشتراك في جميع صناديق التبرعات بشكل نظامي. يقول هذا الأخ: منذ أن قررت دفع التبرعات بانتظام وبدأت بدفعها فعلا بارك الله تعالى في جميع أموري، في أموالي ودوابّي ومزرعتي وفي كل شيء. كنت أواجه مشاكل كثيرة كانت تكدّر صفو حياتي ولكنها حُلّت كلها رويدا رويدا بفضل الله تعالى.

كانت زوجتي حاملا وموشكة على الإنجاب في الشهر الماضي ولم أملك نفقات المستشفى، ولكن عندما حان الإنجاب أعانني الله من الغيب وتيسرت الأمور كلها، أنجبت بنتا، وهي الآن بخير وعافية. أنا موقن أن الله تعالى هيأ كل ذلك ببركة التبرع.

يقول داعيتنا في روسيا أن الأخ “خدايا نوو” من أرمينيا يسكن في روسيا وقد وُفق للانضمام إلى الجماعة الإسلامية الأحمدية بعد كثير من التفكر والدراسة المتأنية، وبعد انضمامه إلى الجماعة وضحنا له نظام الجماعة المالي، فبدأ يدفع التبرع في صندوق التحريك الجديد والوقف الجديد بانتظام. هذا الأخ يسافر بكثرة من أجل تجارته داخل البلد وخارجه، وعلى الرغم من كثرة أسفاره يدفع التبرعات بانتظام. إن كثرة أسفاره لا تعني أنه رجل ثري بل تجارته بسيطة.

يقول السيد “أدوار”: كنت عازما على سفر من أجل التجارة في يناير 2020م، إلى أرمينيا ومن هناك إلى كازاخستان، وذلك لأمر مهم، ولكن لم أملك مالا كافيا لنفقاته، وكنت قلقا فظللت أدعو الله تعالى بهذا الشأن. وفي 30 ديسمبر، كانون الأول نُقل مبلغ إلى حسابي من قبل شركة كان عليها أن تدفعه لي في فبراير. كان هناك أشخاص آخرون أيضا وكانوا سيتلقون هذا المبلغ في فبراير، ولكن لم يُعطَه أحد في ديسمبر بدلا من فبراير إلا أنا. وإنني موقن أن ذلك كان ببركة التبرع فقط، وإلا لا أفهم لماذا أعطيتُ أنا وحدي هذا المبلغ في ديسمبر.

ثم يقول هذا الأخ: المسلمون الأحمديون فقط يستطيعون أن يعرفوا معاملة الله المبنية على الحب تجاههم.

أقول: هكذا يقوي الله تعالى إيمان الناس.

يقول السيد وقار، داعية الجماعة في منطقة “بيدرو” في ساحل العاج: في قرية “فتاكرو” في هذه المنطقة أُسّس فرع صغير للجماعة في عام 2014م يتكون من عشرين شخصا. كان في هذه الجماعة أخ من أصل بوركينا فاسو، وكان أنشط عضو في الجماعة المحلية. ولكنه عاد إلى بلده بوركينا فاسو قبل عام. فقلقنا بعد سفره لأن بقية الإخوة ما كانوا نشيطين مثله وكانوا بحاجة إلى التربية. فتواصلنا مع ابنه السيد عيسى جارا، وهو متزوج وفلاح، طلبنا منه حضور اجتماع مجلس خدام الأحمدية الوطني وشرحنا له أهمية التبرعات وبركاته وقلنا له أن يكون على التواصل مع الجماعة ويستمر في الدعاء. يقول داعيتنا: جاءني هذا الأخ في ديسمبر قبل الجلسة السنوية وتبرع بعشرة آلاف فرانك سيفا. فاستغربت من ذلك لأن هذا المبلغ بدا لي كثيرا جدا نظرا إلى ظروفه المالية، فقلتُ له: كيف استطعتَ دفع هذا المبلغ؟ فقال: منذ أن بدأت بدفع التبرعات بدأت أفضال الله تعالى تنـزل علي بكثرة، وأربح من مزرعتي أكثر من غيري. ورأيت في الرؤيا قبل فترة أن شخصا ذا وجه نوراني يدعو الناس إلى طريق الخير، وهو المسيح الموعود u الذي كان يدعو الناس إلى الهداية. أشكر الله تعالى أنه وفقني للانضمام إلى الجماعة الإسلامية الأحمدية، ومن الآن سأدفع التبرعات بانتظام.

هناك محصل التبرعات في صندوق الوقف الجديد في الهند، يقول أن ابنته تتبرع في صندوق الوقف الجديد بانتظام منذ عدة أعوام، وهي تجمع النقود في صرة خاصة. هي لا تتكلم ولا تسمع، ولكن عندما ترى الآخرين يدفعون التبرعات تتشجع هي أيضا على دفعها.

يقول داعيتنا في ليبيريا أن هناك فرعا للجماعة في إقليم “كيب ماونت”، ذكرتُ لأفراد الجماعة تبرع صندوق الوقف الجديد بعد صلاة المغرب والعشاء، فبدأوا يدفعونه كالمعتاد واحد بعد الآخر من قِبله ومن قِبل عائلته. وفي هذه الأثناء خرج من المسجد طفلان صغيران وهما: سليمان وعبد الله كمارا، وعادا بعد هنيهة، وتبرع كل واحد منهما بعشرين دولارا محليا. ولأن الآباء هم الذين يدفعون هنالك عن الأولاد عادة، لذا خطر ببالي أن أسألهما لماذا دفعا بنفسهما؟ فقالا: لقد اطلعنا على إرشاد الخليفة أن يساهم الأطفال أيضا في تبرع الوقف الجديد، فقررنا أن نجمع النقود وندفع التبرع بأنفسنا بحسب أمر الخليفة.

أقول: هؤلاء الأطفال الصغار الساكنون في بلاد نائية، لم يروا الخليفة ولكن الله وحده يخلق في قلوبهم هذا الإخلاص والحب. ندعو الله تعالى أن يزيدهم إخلاصا ووفاء. فسواء كان صغار أو كبار، المبايعون الجدد أو القدامى كلهم يدركون أن الوسيلة لنيل حب الله هو الإنفاق في سبيله. والله تعالى يرشد البعض بنفسه كما ذكرت في سياق الأحداث المذكورة. إنهم أناس ينفقون في سبيل الله بحسب أوامر النبي r وهم جديرون بالغبطة.

والآن سأذكر التضحيات المالية التي قدّمتها الجماعة في العام المنصرم في مشروع الوقف الجديد، وسأعلن بداية عامه الجديد أيضا.

لقد بدأ عام الـ 62 لمشروع الوقف الجديد من 31 ديسمبر 2019م، وبدأ العام الجديد من أول يناير 2020م. وفي العام المنصرم وفق الله الجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية بدفع 9643000 جنيه أسترليني كتضحية مالية. وهذا المبلغ يربو على العام الذي سبقه بنصف مليون جنيه أسترليني.

ففي هذا العام احتلت جماعة بريطانيا المرتبة الأولى من حيث الدفع الإجمالي، وترتيب فروع الجماعة من هذا المنطلق هو كما يلي: بريطانيا، ثم باكستان، ثم ألمانيا، ثم أميركا، ثم كندا، ثم الهند، ثم أستراليا، ثم إندونيسيا، ثم هناك جماعتان من الشرق الأوسط. قال لي أمير الجماعة في بريطانيا بأننا سنسبق في تبرع صندوق الوقف الجديد، وها قد حقق ما قال.

ترتيب عشرة فروع للجماعة التي أضافت تبرعها بشكل ملحوظ من حيث العملة المحلية مقارنة مع العام الذي سبق هو كما يلي: تحتل جماعة إندونيسيا رأس القائمة، تليها ألمانيا، ثم أميركا، ثم هناك فرعان آخران من الجماعة. على أيه حال، هذه هي فروع الجماعة الكبرى بحسب الترتيب المذكور. لقد أضافت جماعة الهند أيضا بقدر ملحوظ. أما الإضافة في العملة المحلية التي قامت بها جماعة الهند أكثر مما أضافتها جماعة كندا وبريطانيا وفروع الجماعة في الشرق الأوسط وباكستان وأستراليا. فمن هذا المنطلق تحتل جماعة الهند مرتبة خامسة.

أما الفروع البارزة في أفريقيا من حيث جمع التبرعات فأولها غانا ثم نيجيريا ثم بوركينافاسو ثم تنـزانيا ثم بنين ثم غامبيا ثم كينيا ثم مالي ثم سيراليون ثم كونغو كِنشاسا.

بفضل الله تعالى قد ساهم في صندوق الوقف الجديد في هذا العام 1821000 شخص. وهكذا كانت زيادة عدد المتبرعين في هذا العالم مقارنة بالعالم المنصرم هي 89 ألف شخص.

والفروع البارزة في بذل الجهد لزيادة عدد المتبرعين هذا العام هي الكاميرون والسنغال والنيجر وسيراليون ونيجيريا وبوركينافاسو وإندونيسيا والفروع الأخرى.

ترتيب فروع الجماعة في بريطانيا من حيث جمع التبرعات هو كما يلي: الأول هو إسلام آباد، ثم أولدر شوت، ثم وُوستر بارك، ثم برمنغهام ساوث ثم مسجد فضل، ثم بتني، ثم جلنغهام، ثم نيو مولدن ثم برمنغهام ويست، ثم هونسلو نورث. أما ترتيب المناطق في بريطانيا فبيت الفتوح تحتل المرتبة الأولى، ثم مسجد فضل، ثم مِد لاندز، ثم إسلام آباد ثم بيت الإحسان. أما في مكتب الأطفال فالفروع العشرة الأولى في بريطانيا، فهي أولدر شوت، ثم روهمبتن ثم بتني، ثم إسلام آباد ثم مِشم بارك ثم شِيم ثم لغنتوم سبا، ثم ووستر بارك ثم رينـز بارك، ثم سَربِتن.

الفروع الثلاثة الأولى في باكستان من حيث تبرعات الكبار، فهي لاهور وربوة وكراتشي. لقد تخلَّفت باكستان بسبب هبوط قيمة العملة، فلو كان قدر العملة هناك كما كان في العام الماضي لكان باكستان أولا هذا العام أيضا. فليس لبريطانيا إنجازٌ كبير.

ترتيب المحافظات في باكستان من حيث تبرعات الكبار كالآتي: إسلام آباد، سيالكوت، راولبندي، غوجرانواله، ملتان، عمر كوت، حيدر آباد، ديره غازيخان، مير بور خاص وبيشاور.

والفروع العشرة في باكستان من حيث جمع التبرعات هي إسلام آباد المدينة، تاون شِب لاهور، ديفنس لاهور، دار الذكر لاهور، غلشن إقبال كراتشي، سمن آباد لاهور، راولبندي المدينة، عزيز آباد كراتشي، غلشن جامع كراتشي، ودلهي غيت لاهور.

رغم أن الأوضاع هناك سيئة على كل الأصعدة، مع ذلك هناك من يقدم تضحيات جسيمة.

أما في مكتب الأطفال فالفروع الثلاثة الأولى في باكستان، هي لاهور وكراتشي وربوة.

أما على صعيد المحافظات فالأولى سيالكوت، ثم غوجرانواله، ثم سرجودها، ثم حيدر آباد، ثم ديره غازيخان، ثم شيخوبوره، ثم ميربور خاص، ثم عمركوت ثم أوكاره ثم بيشاور.

أما ترتيب الإمارات الخمس المحلية الأُوَل في ألمانيا فهو كما يلي: الجماعة الأولى هي هامبورغ، ثم فرانكفورت، ثم دوتسن باخ، ثم غروس غيراو، ثم فِيزبادن.

وترتيب الفروع العشرة الأولى في ألمانيا بحيث تبرعات الكبار كالآتي: نويس رودر مارك، نيدا، مهدي آباد، فلورس هايم، فريد برغ، بينـز هايم، لانغن، كوبلنـز، هناو وبني برغ.

ترتيب المناطق الخمس الأولى في مكتب الأطفال هو هيسن سود ويست، هيسن ساؤث ايست، هيسن وتي تاونس، هيسن ساؤث وراين لينـز فالز. هذا ما فهمت وإذا كنت أخطأت في اللفظ فليصحح الألمان.

وترتيب فروع الجماعة العشرة الأولى في أميركا من حيث جمع التبرعات هو كالتالي: ميريلاند، سليكون فالي، لوس انجلوس، هيوستن، فرجينيا الوسطى، سياتل، ديتـرويت، فرجينيا ساوث، شيكاغو وفرجينيا نورث.

والفروع الأولى في كندا من حيث جمع التبرعات هي: الأولى وان، ثم كالغري، ثم بيس فلج، ثم فانكوفر، ثم مسي ساغا. وترتيب الجماعات العشر الكبيرة الأُوَل هو كما يلي: دَرهَم، ثم بريدفورد، ثم ايدمنتن ويست، ثم ملتن ويست، ثم هيملتن ماونتين، ثم أوتاوا إيست، ثم أتاوا ويست، إيري دراي، وويني بيك، وايبت فولد.

والإمارات الخمسة الأولى في كندا من حيث مكتب الأطفال هي: ووغن، وان، كالغري، بيس فليج، بريمتون ويست.

والفروع الخمسة البارزة في مكتب الأطفال هي: دَرهم، وبريد فورد، ملتن ويست، واير دراي، هيملتن ماونتين.

ترتيب الولايات في الهند من حيث جمع التبرعات الإجمالي هو: محافظة كيراله، وتليها جامون وكشمير (ورغم أن الأوضاع هناك سيئة احتلت المركز الثاني)، ثم كرناتكا، ثم تامل نادُو، ثم تلنغانه، ثم أُريسه، ثم بنجاب، ثم ويست بنغال، ثم دلهي ثم اُتّر برديش.

أما ترتيب فروع الجماعة في الهند من حيث جمع التبرعات ففي المرتبة الأولى باتا بريام، والثانية قاديان، ثم حيدر آباد ثم كاليكت، ثم بنغلور، ثم كيوبيتور، ثم كولكتا، ثم كيرولائي، ثم كيراين بن غادي.

وترتيب فروع الجماعة العشر الأُوَل من حيث جمع التبرعات في أستراليا هو كالتالي: ملبورن لانغ، كاسل هل، ملبورن بيروِك، مارزدن بارك، ايليد ساؤوث، امبتي درويت، بيزتهـ، بليك تاون، كينبرا وبرث.

وترتيب فروع الجماعة في مكتب الأطفال هو: ملبورن لانغ، وارن، ايديليد ساؤث، ملبورن بيروِك، ايمبتي درويت، بيزتهـ، ولوغان ايست، برث، ماسترن بارك، وكاسل هل.

أما ترتيب الفروع العشرة في أستراليا من حيث تبرعات الكبار، فالأول كاسل هل ثم ملبورن لانغ، وارن، مازدن بارك، ملبورن بيروِك، ايمبتي درويت، بليك تاون، ايديليد ساؤث، بيزتهـ، كينبرا، برث.

هناك أيضا أحدثت النيران أضرارا بالغة، رحمهم الله ووفَّقهم لمعرفة خالقهم في الحقيقة. لكن الأحمديين مع ذلك يقدمون التضحيات بفضل الله I، بارك الله في أموال جميع المضحِّين ونفوسهم بركاتٍ لا حصر لها في العالم.

الأوضاع الاقتصادية في باكستان كما قلت سابقا تتدهور، فلم تبق أي قيمة للعملة، وبسبب ذلك تأخر مركزُهم، لكن الأحمديين مع ذلك لا يقصرون في التضحيات، وكذلك الأوضاع السياسية حرجة وهي تؤثر في الاقتصاد. ثم في ذلك الإقليم يتصاعد التوتر بين باكستان والهند، وفي داخل الهند أيضا أوضاع سيئة بحسب الأخبار. الوضع العام في العالم يفيد أنهم يدعون هلاكهم. في الشرق الأوسط أيضا تتدهور الأوضاع، ويتصاعد خطر اندلاع الحرب بين إيران وأميركا وإسرائيل، والوحدة بين الدول الإسلامية مفقودة. لذا يجب أن ندعو كثيرا لنجاة العالم من الدمار والرجوع إلى الله، أنزل الله عليهم فضله وألهمهم العقل والفهم. لقد بدأ العام الجديد ونحن نتبادل التهاني، لكن الظلمات تشتد، فليكون هذا العام مباركًا يجب أن ندعو الله I، أن يجعله مباركا بحيث لا تسوق الحكوماتُ المادية العالمَ إلى الهلاك لتثبت تفوقها، بل تسعى لإرساء دعائم السلام والعدل، ولا تعقد العزم على القضاء على البشرية لنيل المصالح الشخصية تمسكا بأنانيتهم، وهب الله لهم العقل. أما البلاد الإسلامية فيجب أن ندعو الله I أن يوفقهم للتمسك بالمسيح الموعود والمهدي المعهود الخادم البار للنبي r، ليساعدوه على رفع لواء النبي r ونشر التوحيد في العالم، لا أن يعارضوه، فقد بلغوا منتهى المعارضة.

كما نسأل الله I أن يوفقنا نحن أيضا لأن نؤدي حق الإيمان بإمام الزمان u أكثر من ذي قبل، وبذلك نرفع لواء التوحيد في العالم ونأتي به تحت لواء النبي r ونوظف في سبيل ذلك جميع كفاءاتنا ووسائلنا، أما إذا كنا لا نفكر هكذا ولا ندعو بهذا التفكير ولا نستقبل العام الجديد مع أدعيتنا فإن تهانينا بالعام الجديد سطحية وغير مجدية.

يجب أن يدرك كل أحمدي صغيرا كان أو كبيرا وذكرا كان أو أنثى المسئولية التي تلقيها علينا التهنئةُ الحقيقية بالعام الجديد، وفي سبيل ذلك يجب أن يبذل قصارى جهوده وكفاءاته، كما يجب أن نسعى لخلق حالة خاصة في دعائنا وعلاقتِنا بالله I، عندها فقط يمكن أن ننال البركات الحقيقة لهذا العام وفَّقنا الله لذلك. آمين

About الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز

حضرة أمير المؤمنين الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز ولد حضرته في الخامس عشر من أيلول 1950 في مدينة (ربوة) في الباكستان. هو حفيد لمرزا شريف أحمد نجل المسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام. أنهى حضرته دراسته الابتدائية في مدرسة تعليم الإسلام في مدينة (ربوة) وحصل على درجة البكالوريوس من كلية “تعليم الإسلام” في نفس المدينة. ثم حصل حضرته على درجة الاختصاص في الاقتصاد الزراعي من كلية الزراعة في مدينة (فيصل آباد) في الباكستان وذلك في عام 1976م.

View all posts by الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز