خطبة الجمعة

التي ألقاها أمير المؤمنين سيدنا مرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز

الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي u بتاريخ 24/1/2020

في مسجد بيت الفتوح، لندن

 *********

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم ]الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين * إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّين[.

الصحابي الذي سأتحدث عنه اليوم هو حضرة عبد الله بن رواحة t. والده رواحة بن ثعلبة، وأمه كبشة بنت واقد بن عمرو التي كانت من الأنصار من بني الحارث بن الخزرج.

حضر عبد الله بن رواحة بيعة العقبة، وكان رئيس بني الحارث بن الخزرج.

كنيته أبو محمد، وفي رواية أبو رواحة أو أبو عمرو.

وروى أنصاري أن رسول الله r آخى بين عبد الله بن رواحة والمقداد.

ويرى ابن سعد أنه كان من كتّاب النبي r. شهد عبد الله بن رواحة مع النبي r بدرًا وأحدًا والخندق والحديبية وخيبر وعمرة القضاء وسائر الغزوات، واستُشهد في وقعة مؤتة، وكان أحد قادة الجيش المسلم فيها.

وفي رواية أن عبد الله بن رواحة أتى النبي r ذات يوم وهو يخطب، فسمعه وهو يقول: «اجلسوا»، فجلس مكانه خارجا من المسجد، حتى فرغ النبي r من خطبته. فبلغ ذلك النبيَّ r فقال: «زادك الله حرصا على طواعية الله تعالى وطواعية رسوله».

ونجد في كتب الحديث قصة مماثلة عن عبد الله بن مسعود أيضا، وقد سبق أن بينتها في إحدى الخطب بأنه لما سمع قول النبي r اجلسوا جلسَ عند باب المسجد وأتى المسجد جالسا.

كان عبد الله بن رواحة يخرج إلى الجهاد أوّلَ الناس ويرجع آخرَهم.

عن أبي الدرداء قال أعوذ بالله أن يأتي علي يوم لا أذكر فيه عبد الله بن رواحة. كان إذا لقيني مُقبِلا ضرب بين ثديي، وإذا لقيني مدبِرًا ضرب بين كتفي، ثم قال لي: يا عُويمرُ اجلسْ نتذاكرْ ساعةً. فنجلس فنتذاكر ما شاء الله أن نتذاكر. ثم يقول: عويمر، هذا مجلس الايمان.

وفي كتاب الزهد للإمام أحمد: كان عبد الله بن رواحة إذا لقي الرجل من أصحابه يقول: تعال نؤمنْ بربنا ساعةً. وفيه أن النبي r قال: “رحم الله ابن رواحة، إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة”. وعن أبي هريرة أن النبي r قال: نعم الرجل عبد الله بن رواحة.

وأرسل النبي r عبد الله بن رواحة ليخرّص ثمار وغلال خيبر.

مرِض عبد الله بن رواحة ذات مرة وأغمي عليه، فأتاه رسول الله r فقال: اللهم إن كان قد حضر أجلُه فيسِّرْ عليه، وإن لم يكن حضر أجله فاشْفِه. فوجد خفّةً، فقال: يا رسول الله، أمي تقول: واجبلاه واظهراه، وملكٌ قد رفَع مرزبةً من حديد ويقول: أنت كذا؟ (أي أن أُمَّك تقول إنك جبلها وسندها، وهو قول ينم عن الشرك، فهل أنت هكذا)، فلو قلتُ نعمْ لقمَعني بها.

وكان عبد الله بن رواحة يقول الشعر وكان من الشعراء الذين كانوا ينافحون عن رسول الله r بشعرهم ويردون على بذاءة الشعراء الكفار. ومِن شعره:

إني تفرّستُ فيك الخير أعرفه…  واللهُ يعلم أنْ ما خانني البصرُ

أنت النبي ومَن يُحرَم شفاعتَه … يومَ الحساب فقد أزرى به القدرُ

فثبّت الله ما آتاك مِن حسن … تثبيتَ موسى ونصرًا كالذي نُصروا

فقال النبي r: “وأنت، فثبّتَك الله يا ابنَ رواحة.”

قال هشام بن عروة: فثبّته الله أحسنَ الثبات، فقُتل شهيدًا، وفُتحت له أبواب الجنة، فدخلها شهيدًا.

عن ابن سعد قال: لما نزلت ” والشعراء يتبعهم الغاوون ” قال عبد الله بن رواحة: قد علم الله أني منهم، فأنزل الله عز وجل ” إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات “.

وقال صاحب “معجم الشعراء”:  كان عبد الله بن رواحة عظيم القدر في الجاهلية والإسلام، وقال في مدح النبي r بيتًا يمكن أن يُعَدّ أفضلَ شعره، حيث يعبّر عن مشاعره القلبية أحسن تعبير، قال:

لو لم تكنْ فيه آيات مبينة … كانت بديهتُه تنبيك بالخبر.

كان عبد الله بن رواحة يعرف القراءة والكتابة في الجاهلية، مع أن قليلا من العرب عرفوها في الجاهلية.

بعد الفراغ من وقعة بدر بعث رسول الله r زيدا بن حارثة بشيرًا بالفتح في المعركة إلى أهل المدينة، وعبدَ الله بن رواحة إلى أهل العوالي. والعوالي هي المنطقة العالية من المدينة، وهي تمتد إلى أربع وثمانية أميال، ويسكنها أهل قرية قباء وقبائل أخرى.

عن سعيد بن جبير قال: دخل رسول الله r المسجد على بعير يستلم الحجر بمحجن، معه عبد الله بن رواحة آخذا بزمام ناقته وهو يقول :

خلوا بني الكفار عن سبيله … نحن ضربناكم على تأويله

ضربا يزيل الهام عن مقيله.

عن قيس بن أبي حازم قال: قال رسول الله r لعبد الله بن رواحة: انزِلْ فحرِّكْ بنا الركابَ، قال: يا رسول الله إني قد تركتُ قولي ذلك. قال فقال له عمر: اسمعْ وأطِعْ، وقال فنزل وهو يقول:

يا رب لولا أنت ما اهتدينا … ولا تصدقنا ولا صلينا

فأنزلن سكينة علينا … وثبت الأقدام إن لاقينا

إنَّ الأُلَى قدْ بَغَوْا عَلَيْنَا

قال وكيع: وزاد فيه غيره: وإن أرادوا فتنة أبينا.

عن عبادة بن الصامت أن رسول الله r عاد عبد الله بن رواحة قال: فما تحوز له عن فراشه فقال: أتدرون مَن شهداء أمتي؟ قالوا: لا، قتْل المسلم شهادةٌ، قال: إن شهداء أمتي إذًا لقليلٌ، قَتْل المسلم شهادةٌ، والبطنُ شهادة، والغرقُ شهادة، والمرأة يقتلها ولدُها جمعا شهادة.

عن عروة بن الزبير قال: بعث رسول الله r بعثة إلى مؤتة واستعمل عليهم زيد بن حارثة وقال: فإن قُتل زيدٌ فجعفرُ بن أبي طالب، فإن قُتل جعفرُ فعبد الله بن رواحة، فإن قُتل عبد الله بن رواحة، فليرتض المسلمون بينهم رجلا فليجعلوه عليهم.

فَتَجَهّزَ النّاسُ ثُمّ تَهَيّئُوا لِلْخُرُوجِ. وَهُمْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ فَلَمّا حَضَرَ خُرُوجَهُمْ وَدّعَ النّاسُ أُمَرَاءَ رَسُولِ اللّهِ r وَسَلّمُوا عَلَيْهِمْ فَلَمّا وَدّعَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ رَوَاحَةَ مَنْ وَدّعَ مِنْ أُمَرَاءِ رَسُولِ اللّهِ r بَكَى، فَقَالُوا: مَا يُبْكِيك يَا بْنَ رَوَاحَةَ؟ فَقَالَ: أَمَا وَاَللّهِ مَا بِي حُبّ الدّنْيَا وَلَا صَبَابَةٌ بِكُمْ وَلَكِنّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ r يَقْرَأُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللّهِ عَزّ وَجَلّ .. ]وَإِنْ مِنْكُمْ إِلّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبّكَ حَتْمًا مَقْضِيّا[ فَلَسْتُ أَدْرِي كَيْفَ لِي بِالصّدَرِ بَعْدَ الْوُرُودِ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ صَحِبَكُمْ اللّهُ وَدَفَعَ عَنْكُمْ وَرَدّكُمْ إلَيْنَا صَالِحِينَ.

لقد ورد في حاشية التفسير الصغير (للخليفة الثاني t) وكذلك في تفسيره الكبير أن الخطاب في الآية المذكورة ليس موجَّها إلى المؤمنين بل هو موجَّه إلى الكفار. وقد وضّح المسيح الموعود u أيضا هذا الأمر في ضوء الأحاديث، وقد لُخِّص في حاشية التفسير الصغير أنه يتبين من القرآن الكريم أن هناك جحيمينِ، جحيم في هذا العالم وجحيم في العالم الآخر وليس معنى القول: ]وَإِنْ مِنْكُمْ إِلّا وَارِدُهَا[ أن المؤمنين أيضا يدخلون النار. بل المراد أن المؤمنين يواجهون جزءا من هذه الجحيم في هذه الدنيا وذلك حين يؤذيهم الكفار أنواع الإيذاء. يتبين من القرآن الكريم أن المؤمنين لن يدخلوا النار في العالم الآخر أبدا لأن الله تعالى يقول بحقهم: ]لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا[. إذًا، المراد من ورود المؤمنين الجحيم إنما هو تكبُّدُهم المصائب في الدنيا. وقد عدّ النبي r الحمّى أيضا نوعا من العذاب فقال: “الحمى حظ كل مؤمن من النار”.

باختصار، لما تودع عبدَ الله بن رواحة …دعا له المسلمون ولمن معه أن يردهم الله سالمين، فقال ابن رواحة:

لَكِنَّنِي أَسْأَلُ الرَّحْمَنَ مَغْفِرَةً        وَضَرْبَةً ذَاتَ فَرْعٍ تَقْذِفُ الزَّبَدَا

أَوْ طَعْنَةً بِيَدَيْ حَرَّانَ مُجْهِزَةً       بِحَرْبَةٍ تَنْفُذُ الأَحْشَاءَ وَالْكَبِدَا

حَتَّى يَقُولُوا إِذَا مَرُّوا عَلَى جَدَثِي  يا أَرْشَدَ اللَّهُ مِنْ غَازٍ وَقَدْ رَشَدَا

فَأَتَى عَبْدُ اللّهِ بْنُ رَوَاحَةَ رَسُولَ اللّهِ r فَوَدّعَهُ… ثُمَّ مَضُوا، حَتَّى نَزَلُوا بِمَعَانَ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ، (معان مدينة في الشام قرب البلقاء تقع في الأردن حاليا) فَبَلَغَ النَّاسَ أَنَّ هِرَقْلَ قَدْ نَزَلَ مَآبَ مِنْ أَرْضِ الْبَلْقَاءِ فِي مَائَةِ أَلْفٍ مِنَ الرُّومِ. فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ الْمُسْلِمِينَ، أَقَامُوا بِمَعَانَ لَيْلَتَيْنِ يَنْظُرُونَ فِي أَمْرِهِمْ، وَقَالُوا: نَكْتُبُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ r، فَنُخْبِرُهُ بِعَدِدِ عَدُوِّنَا، فَإِمَّا أَنْ يُمِدَّنَا بِرِجَالٍ، وَإِمَّا أَنْ يَأْمُرَنَا بِأَمْرِهِ… فَشَجَّعَ عَبْدُ اللَّهِ بن رَوَاحَةَ النَّاسَ. فمضى الناس وهم ثلاث آلاف. حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم جموع الروم بقرية من قرى البلقاء (منها ما يقرب مدينة فاران وأخرى قرب دمشق وغيرها قرب البلقاء) يقال لها مشارف. ثم دنا العدو، وانحاز المسلمون إلى قرية يقال لها مؤتة.

وقد روى أنس t أن النبي r أخبر الناسَ بشهادة زيد وجعفر وعبد الله بن رواحة قبل أن يأتي الناس خبرهم. فقال r: إن زيدا أخذ الراية فقاتل حتى قُتل، ثم أخذ الراية بعده جعفرُ بن أبي طالب فقاتل حتى قُتل ثم أخذ الراية عبدُ الله بن رواحة فقاتل حتى قُتل. وكانت الدموع تنهمر من عينيه r، فقال: ثم أخذ الراية سيفٌ من سيوف الله خالدُ بن الوليد ففتح الله عليه. لما بلغ رسول الله r قَتلُ زيدِ بن حارثة وجعفر وابن رواحة قام نبي الله r فذكر شأنهم فبدأ بزيد فقال: اللهم اغفر لزيد، اللهم اغفر لزيد، اللهم اغفر لزيد، اللهم اغفر لجعفر ولعبد الله بن رواحة.

تَقُولُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَمَّا جَاءَ قَتْلُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَجَعْفَرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ النَّبِيُّ r في المسجد يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ. لقد قال سيدنا المصلح الموعود t في بيان غزوة موتة وقد ذكرتُه سابقا ضمن بيان زيد t أيضا، وأكرر شيئا منه، فقد كتب حضرته:

وكان النبي r قد أمَّر زيدًا على ذلك الجيش وقال، إنني أجعل زيدا أمير الجيش، وإذا قُتل فليخلفْه جعفر، وإذا قُتل جعفر أيضا فليخلفه عبد الله بن رواحة وفوّض للمسلمين اختيار من يخلف عبدَ الله بن رواحة لو قُتل.

كان هناك رجل من اليهود فقال للرسول r: أنا لا أؤمن بك نبيا، لكن لو كنت نبيًّا حقًّا فإن هؤلاء الثلاثة الذين سمَّيتهم سيموتون فعلاً، لأن الله لا بد أن يصدق ما يقول الرسول”.

ثم توجَّه إلى زيد فقال له لو كان نبيك صادقا فلن تعود حيا. فقال له سيدنا زيد، الله أعلم هل سأعود حيا أم لا، أما رسولنا فمن المؤكد أنه حقٌّ.

يتبين من هنا أن ذلك اليهودي رغم عدم إيمانه كان يوقن بأن قول النبي r سيتحقق حتما، مع ذلك فالذين يقررون أنهم لن يؤمنوا لا يؤمنون لتعنتهم وعنادهم.

فمن حكمة الله I أن هذا ما حدث فعلا، حيث استُشهد زيد أولا فتولى جعفر قيادة الجيش، فحين استشهد جعفر تولى سيدنا عبد الله بن رواحة قيادة الجيش، وحين استشهد هو الآخر، وأوشك أن يتشتت الجيش، تقدَّم سيدنا خالد بن الوليد لقول بعض المسلمين وأمسك الراية، فأكرمه الله بالفتح وعاد بالجيش بسلام.

والحدث الذي أذكره الآن هو الآخر قد سبق بيانه، وبما أنه يُظهر إخلاص سيدنا عبد الله بن رواحة ووفاءه وحبه للنبي r والإسلام لذا يجب أن أذكره هنا.

عن عروة أن أسامة بن زيد أخبره أن النبي r ركب حمارا على إكاف تحته قطيفة فدكية، وأردف وراءه أسامة بن زيد، وهو يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج، وذلك قبل وقعة بدر، حتى مر بمخلط فيه من المسلمين، والمشركين واليهود، وفيهم عبد الله بن أبي ابن سلول، وفي المجلس عبد الله بن رواحة، فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمر عبد الله أبي أنفه بردائه، ثم قال: لا تغبروا علينا، فسلم عليهم النبي r ثم وقف، فنزل فدعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن، فقال له عبد الله بن أبي: أيها المرء! لا أحسن من هذا إن كان ما تقول حقًّا، فلا تؤذنا في مجلسنا، وارجع إلى رحلك، فمن جاءك منا فاقصص عليه، فقال ابن رواحة: اغشنا في مجالسنا، فإنا نحب ذلك. (فلم يخف ولم يبال بالعواقب، فقد حصل لاحقا شجار أيضا، فكان له سلوك.)

عن ابن عباس ان رسول الله r بعث بعض الصحابة في مهمة وفيهم عبد الله بن رواحة t وكان يوم جمعة فانطلق كلهم وتخلف عبد الله بن رواحة (حيث قال في نفسه سألحق بهم بعد أداء الصلاة خلف النبي r) فقال له النبي r (بعد الصلاة) ما خلَّفك عن أصحابك؟ قال أحببت أن أشهد معك الجمعة ثم ألحقهم قال لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما أدركت غدوتهم.

فالمهمة التي بعثتُهم فيها أهمُّ من الجمعة، إذ كان يمكن أن تصلُّوا الجمعة في الطريق.

عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ t قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ حَتَّى إِنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ r وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ.

لقد كتب مرزا بشير أحمد t: كانت أول مهمة بعد الهجرة إلى المدينة بناء المسجد النبوي، فالمكان الذي بركت فيه ناقته كان لولدين مسلمين في المدينة هما سهل وسهيل وكانا بكفالة سيدنا أسعد بن زرارة. فكان في ذلك المكان بعض أشجار النخل وبعض الآثار. فأحبه النبي r لبناء مسجده والحجرات، واشتراه منهما مقابل عشرة دنانير، وبعد تسوية الأرض وقطع الأشجار، بدأ أعمال بناء المسجد النبوي، فوضع النبي r حجر الأساس بالدعاء، فكما حدث في قباء انشغل الصحابة في أعمال البناء، وكان النبي r يشاركهم فيها أحيانا، وكان الصحابة أحيانا يرددون بيت سيدنا عبد الله بن رواحة الأنصاري:

هَذَا الْحِمَالُ لَا حِمَالَ خَيْبَرْ   هَذَا أَبَرُّ رَبَّنَا وَأَطْهَرْ

وأحيانا كان الصحابة يرددون شعر عبد الله بن رواحة

اللَّهُمَّ إِنَّ الْأَجْرَ أَجْرُ الْآخِرَهْ    فَارْحَمِ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ

فلما كان الصحابة يرددون هذا الشعر كان النبي r أيضا يشاركهم فيه أحيانا، وبذلك تمت أعمال بناء هذا المسجد بعد جهد طويل.

هذا هو ذكر عبد الله بن رواحة وأكتفي اليوم بذكر صحابي واحد، لأني أريد أن أذكر مرحوما وأصلي عليه الجنازة.

والآن كما قلتُ سأذكر مرحوما وهو الدكتور لطيف أحمد قُرَيْشِي ابن منظور أحمد قريشي الذي تُوفي في 19 كانون الثاني/يناير 2020 قرابة الساعة الواحدة ظهرا في بيته عن عمر يناهز ثمانين عاما تقريبا. إنا لله وإنا إليه راجعون. كان منخرطا بنظام الوصية بفضل الله تعالى. وُلد في “أجمير شريف” بالهند، وبايع أبوه السيد منظور قريشي في 1937 على يد سيدنا المصلح الموعود t، وأمُّ المرحوم هي السيدة منصورة بشرى التي هي حفيدة (بنتُ بنتِ) حضرة منشي فياض علي الكبورثلوي t الصحابي للمسيح الموعود u وحفيدة (بنتُ ابنِ) حضرة شيخ عبد الرشيد الميرتهي، وهي لا تزال حيةً. وعند استقلال باكستان هاجر والدا الدكتور قريشي إلى لاهور حيث قدم امتحان الثانوية ونال المرتبة الأولى فيه، ثم سجل في كلية الطب “كندر”، وكان أصغر طالب حصل على شهادة الطب آنذاك، وذكر ذلك عميد الكلية بشكل خاص. ثم جاء في 1967 إلى إنجلترا لمزيد من التعليم، وهنا حصل على شهادة دبلوم في أمراض الأطفال ثم حصل على شهادة أيم آر سي بي، ثم توظف كطبيب اخصائي في “يوول سمرسيت” (Yeovil somerset) حيث اختص بأمراض القلب. وفي 1968 سأله حضرة الخليفة الثالث رحمه الله تعالى متى ستأتي عندنا؟ فقال الدكتور: حين تأمرني يا سيدي! فقال حضرته: تعال. فترك إنجلترا وانتقل إلى ربوة حيث عُيّن في المستشفى فضل عمر حيث خدم لمدة طويلة. وفي 11 تموز/يوليو 1983 عُين رئيس الكادر الطبي في مستشفى فضل عمر وظل يخدم في هذا المنصب حتى 1987، وظل يخدم في المستشفى فضل عمر حتى بلغ ستين من عمره فتقاعد في 20 آب/أغسطس 1998 والتحق بالمستشفى فضل عمر مجددا في 6 أيلول/سبتمبر 1998 ووُفق للخدمة حتى 10 أيلول/سبتمبر 2000م بفضل الله تعالى. وهكذا تمتد فترة خدمته في المستشفى فضل عمر ثلاثين عاما تقريبا. كان واقف الحياة وبالإضافة إلى خدمته كطبيب خدم في مجلس خدام الأحمدية المركزي وفي مجلس أنصار الله المركزي في مناصب متعددة، وكان في هذه الأيام أيضا نائبَ الرئيس في مجلس أنصار الله. وعمل كعضو في لجنة الإفتاء مدة سنتَين. وألّف كتابَين للشعب الباكستاني بوجه خاص الأول “مبادئ الحفاظ على الصحة” والثاني “حياة صحية”. تُوفيت زوجته، وهي ابنة مولانا عبد المالك خان، قبل أيام قليلة وكنتُ قد ذكرتها في خطبة الجمعة الماضية وصليتُ عليها أيضا، وتوفي هو أيضا بعد يومَين من ذلك أيْ بعد قرابة خمسة عشر يوم من وفاتها. وترك في ذويه ثلاثة أبناء وابنتين كما كنتُ ذكرتُ في ذكر زوجته.

يقول ابنه الدكتور عطاء المالك: منذ بلوغي الوعيَ لم أر والدي تاركًا صلاةَ التهجد يوما، وكذلك أخبرتنا أمُّنا أنها رأته يصلّي صلاة التهجد بالتزام منذ أول يوم من الزواج، يعني صلّى صلاة التهجد يوميا خمسين عام تقريبًا دونما انقطاع. وحتى في المرض الأخير لأمّنا حين كان يتكبد عناء كبيرا لرعايتها وكان يأخذها إلى المستشفى وينتظر طويلا أثناء غسيل كليتَيهما ولم يكن يستطيع أن يرتاح ولكن بالرغم من كل هذا لم يترك التهجد قط. كان يعامل المرضى بمواساة ويهتم بالفقراء، وكان المرضى الفقراء يأتونه لأخذ الدواء ويُشفون على يده، ولم يكن يأخذ كشفية من الكثيرين منهم، بل في بعض الأحيان كان يساعدهم من جيبه. وكان يوصي دوما أن الشفاء إنما بيد الله تعالى. كان يذكّر مرارا أولادَه الثلاثة الذين هم أطباء أن يستمروا بالدعاء لمرضاهم. قال ابنه: كثيرا ما طلبتُ منه الدعاءَ للمرضى الذين كنت أعالجهم فكان يتصل بي في اليوم التالي ويسألني كيف حال المريض الفلاني فإنني دعوتُ له. في 1969 حين كان يعمل طبيبا أخصائيا في إنجلترا ترك جميع الفوائد والأموال الدنيوية متوكلا على الله تعالى وجاء إلى ربوة وكان على يقين كامل بأن الله تعالى بنفسه سوف يُيَسِّر جميع الأمور الدينية والدنيوية وسيحصل أولاده على التعليم العالي، فكان فضل الله عليه دومًا بحيث لم يشهد الضيق المالي قطُّ وحصل أولاده على التعليم العالي، وجميع أولاده الذين هم أطبّاء يقيمون في أمريكا في هذه الأيام. كان المرحوم بارًّا بوالدَيه، وكان بنفسه يعطي أمَّه الطعام إلى آخر وقته وكان يهتم بها بوجه خاص، وكما ذكرتُ أن أمَّه لا تزال حية، وكانت تقيم عنده. ثم قال ابنه: ساعدني أبي كثيرا في ذهابي إلى أمريكا وفي إعدادي للامتحانات وفي الأمور الأخرى، وكان دوما يشجّع الأولاد كثيرا، وكان يكره الرياء، وعاش حياة بسيطة، وكان قبل كل أمر صغيرا كان أم كبيرا يكتب إلى الخليفة للدعاء ويسترشده.

وقال ابنه الثاني الدكتور قريشي محمد أحمد محمود: قال الخليفة الثالث رحمه الله عن أبي: إنه ليس طبيبا فقط بل هو طبيب كثير الدعاء يدعو لكل مريض له. وكان يكتب على كل وصفة البسملة أولا ثم “هو الشافي” وبعد ذلك كان يكتب الوصفة، وكذلك كان ينصح الأطباء الآخرين أيضا بالدعاء للمرضى لأن الشفاء إنما بيد الله تعالى. قال: في المرض الأخير لوالدتي جاء مريض من مدينة “شوركوت” وكان أبي ذاهبا إلى مكان في سيارته فنزل من السيارة ورأى المريض ووصف له الدواء. وكان كثيرا ما يشتري الدواء للمرضى من جيبه. قالت ابنته: أخبرتني امرأة بأن والدها أصيب بجلطة قلبية وكان وحيدا في البيت فجاء المرحوم إلى بيت المصاب وفحصه واتصل بأولاده ولم يتركه حتى جاء أولاده. كان يذهب كل عام للجلسة السنوية في إنجلترا وفي قاديان بالتزام. كان متعودا على الجهد وعمل طول حياته بعزيمة. قالت ابنته: قال لي بعد وفاة أمي: أرجو أن تساعديني في تدبير ما تركته أمك. وحين انتهينا من ذلك شكرني لدرجة بدأت أشعر بالخجل.

كان يقول لي مرارا أثناء قيامي بهذه الأعمال: حاولي يا بنتي أن تنهي هذه الأعمال كلها اليوم لأنه ليس لدي وقت كثير. لم أركز كثيرا على ما قاله في ذلك الوقت ولم أسأله أيضا، لأنه لم يكن يخبرنا عن رؤاه عمومًا. ولكن بعد ذلك قال لي أخي بأن والدي كان قد رأى عن نفسه رؤيا وقال بناء عليها بأن الوقت المتبقي له قليل. قبل وفاته بساعة واحدة فقط كان يفحص المرضى من الساعة التاسعة صباحًا إلى الواحدة ظهرًا في العيادة الملحقة بالبيت. رجع إلى البيت في الواحدة ظهرًا وكان ينوي الوضوء والذهاب إلى المسجد المبارك للصلاة. جلس على السرير، وأثناء خلعه الحذاء فاجأته النوبة القلبية الحادة فلحق بمولاه الحقيقي.

كانت علاقته مع الجيران مليئة بالمحبة، وكان الجيران أيضا يهتمون به كثيرا. كان يحب الشعر والأدب وينشد أبيات من “در ثمين” (قصائد المسيح الموعود u بالأردو)، كلام محمود (قصائد المصلح الموعود t)، و”در عدن” (قصائد نواب مباركة بيغم بنت المسيح الموعود u)، وسجل بعض القصائد، وكان يحسن قراءة الأبيات، وكان يتميز بمذاقه العلمي والأدبي.

يقول الداعية سيد حسين أحمد – وهو عديله-: قال الدكتور لطيف بأنه لما ذهب من لندن إلى باكستان لخدمة الجماعة في المشفى، ركب القطار من لاهور وعند نزوله في ربوة قصد مكتب السكرتير الخاص، فدعاه الخليفة الثالث رحمه الله في مكتبه وقال له: إذًا لقد أتيت. فردّ: نعم يا سيدي لقد حضرت. قال حضرته: بيتك جاهز وكنت قد طلبت إغلاقه بعد طلائه، فيمكن أن تذهب إلى الناظر الأعلى وتأخذ منه المفتاح وأقم هنالك. يقول: فلما فتحت البيت وجدت فيه سريرين اثنين فحسب.

ثم اشترى الدكتور الأسرة الأخرى وأثاث البيت وأقام هناك دون إبداء أي نوع من الاستياء كأن يقول مثلا لم يكن في البيت شيء وإنني عدت حديثا من بريطانيا وغيره. ثم حضر لديه ضيوف كثيرون عند الجلسة الأولى بعد إقامته في هذا البيت، فسلّم البيت للضيوف وأخذ ينام على القش. لقد خدم كثيرا حماه مولانا عبد المالك خان، كما خدم حماته كثيرا أيضا.

يقول سيد حسين: كان الدكتور لطيف يقول: كان زملائي الأطباء الذين كانوا قد حازوا مناصب عليا، يسألونني دائما: ما هي الأجرة التي تتقاضاها بعملك في بلدة صغيرة مثل ربوة؟ فكنت أردّ عليهم بأن الناس لا يستطيعون أن يقدّروها، ولا تقدرون على إدراك حجم الأجرة التي أتلقاها لقاء العمل الذي أقوم به جالسا في ربوة. فإن الأدعية التي أتلقاها ستظل بلا ثمن، كما وفّقت هنا لخدمة صحابة المسيح الموعود r وخدمة نواب مباركة بيغم والسيدة أمة الحفيظ بيغم. إضافة إلى ذلك ظل الدكتور لطيف مع الخليفة الثالث في إسلام آباد عند وفاته، كما وفق لخدمة بعض كبار الجماعة الآخرين.

يقول الدكتور عبد الخالق: إن قلت إن طبيب الفقراء رحل من هذه المدينة لما بالغت.

لقد خدم الدكتور لطيف أزيد من نصف قرن من الزمان المرضى الفقراء والمحتاجين في هذه المنطقة بغض النظر عن انتمائهم الديني أو القومي.

عندما كان الدكتور لطيف يشغل منصب رئيس الكوادر الطبية في المشفى كان يسافر إلى لاهور ويتفقد أسعار الأدوات التي يريد شراءها للمشفى ثم كان يشتري ما هو الأفضل والأسلم، وفي معظم الأحيان كان يقضي يومًا كاملا في شراء هذه الأدوات، كان الدكتور لطيف يتميز بصرف أموال الجماعة بكل أمانة.

كان الدكتور لطيف هو من بدأ في المشفى بشعبتي التصوير بالموجات فوق الصوتية والتنظير.

كان في البدايات يقصد بيوت كبار الجماعة وصحابة المسيح الموعود u إما بالمشي أو على الدراجة وذلك لفحصهم وإعطائهم النصح الطبي.

كان يقول عن مشفى فضل عمر: إن أدعية خلفاء الأحمدية مع هذا المشفى وإنني رأيت هنا معجزات كثيرة بفضل الله تعالى فيما يخص العلاج والمداواة.

يقول الدكتور سلطان مبشر: لقد تعرض الدكتور لطيف أثناء خدمته في مشفى فضل عمر طيلة ثلاثين عاما لبعض الابتلاءات إلا أن عبد الله المتواضع والدرويش هذا ظل يتحمل كل هذه الأمور وبقي صامدًا وداعيا لله تعالى.

إن قول الدكتور سلطان مبشر صحيح تماما، إذ إنني أعرف بعض الأمور أيضا وأرى أنه تحمل كل ما تعرض له من ابتلاءات ومشاكل بكل وقار ودون الشكوى، وبالتالي فقد أنعم الله تعالى عليه كثيرا، ومن ميزته أنه لم يذكر للناس أية شكوى أو أذى رأى أنه تلقاه من المسؤولين أو من الزملاء.

يقول الدكتور سلطان مبشر: لم يكن الدكتور لطيف هكذا مع كبار الجماعة أو مع الأغنياء فحسب بل كان هذا دأبه في العلاج مع الجميع.

يذكر الدكتور سلطان مبشر واقعة أخرى فيقول: وصلت زوجة رحمت علي السائق في قسم الطوارئ ظهيرة أحد الأيام، فطلبت من الدكتور لطيف الحضور إلى المشفى. فما كانت إلا بضع دقائق حتى وصل الدكتور من محلته دار العلوم الشرقية.

لم يكن له بيت في المشفى، والحي الذي كان يسكنه الدكتور لطيف يقع في الجانب الثاني من ربوة إلا أنه جاء فورًا ملبّيا النداء. كان وفيّا للجماعة.

كثيرا ما حصل أن أبدينا نحن الأطباء الشباب استياءنا تجاه بعض الإجراءات التأديبية القاسية التي كان يتخذها بعض مشرفينا في المشفى، فكان الدكتور لطيف يجلسنا وينصحنا بكل حب ويوصينا بالالتزام بطاعة النظام في كل الأحوال وبالتحلي بالصبر.

توفيت زوجته السيدة شوكت، وفي اليوم التالي كان موعد وليمة اثنين من أبناء أختها، فذهب الدكتور لطيف إلى بيت العريسين وأخبرهم عن وفاة زوجته ثم أكد عليهم أن يقوموا بالوليمة وألا يوقفوا أي شيء من الأفراح. وكانت زوجته خالة للعريسين وهما ابنا “سيد حسين” وكان في ذلك اليوم موعد وليمتهما، فأكد عليهم الدكتور لطيف أن يقوموا بالوليمة ولا يوقفوا هذه الأفراح.

قال ابنه الدكتور محمود: قلت لوالدي لا أذهب إلى الوليمة وأبقى في البيت. فقال: ينبغي أن نبقى راضين بقضاء الله تعالى، ثم ظل يوجه إلي النصح حتى قال: في مثل هذه المواقف يتم اختبار الإنسان وينكشف مدى تمسكه بالصبر ورضى الله تعالى.

ثم أخذ ابنه هذا واشترك في الوليمة، واهتم خصيصا في حيّه ألا يعلم أحد عن وفاة زوجته قبل هذه الوليمة. رحمه الله تعالى وغفر له، وألهم أولاده الصبر والسلوان إذ توفي والداهم واحد تلو الآخر في فترة وجيزة. جعل الله تعالى حسنات هذين الزوجين تدوم وتستمر في أولادهما أيضا. وكما أخبرتُ أن والدة الدكتور لطيف على قيد الحياة إلا أنها مريضة جدًّا، منّ الله عليها أيضا بفضله ورحمته، آمين.

About الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز

حضرة أمير المؤمنين الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز ولد حضرته في الخامس عشر من أيلول 1950 في مدينة (ربوة) في الباكستان. هو حفيد لمرزا شريف أحمد نجل المسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام. أنهى حضرته دراسته الابتدائية في مدرسة تعليم الإسلام في مدينة (ربوة) وحصل على درجة البكالوريوس من كلية “تعليم الإسلام” في نفس المدينة. ثم حصل حضرته على درجة الاختصاص في الاقتصاد الزراعي من كلية الزراعة في مدينة (فيصل آباد) في الباكستان وذلك في عام 1976م.

View all posts by الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز