خطبة الجمعة

التي ألقاها أمير المؤمنين سيدنا مرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز

الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي u بتاريخ 18/9/2020

في مسجد مبارك، إسلام آباد تلفورد بريطانيا

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمّدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرّجيم. ]بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم* الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين * إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْر الْمَغْضُوب عَلَيْهمْ وَلا الضَّالِّينَ[، آمين.

كنت في الخطبة الماضية أتحدث عن سيدنا بلال t، وبقي جزء من وقائع حياته والذي سوف أتناوله اليوم إن شاء الله.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r حِينَ قَفَلَ مِنْ غَزْوَةِ خَيْبَرَ فَسَارَ لَيْلَهُ حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْكَرَى عَرَّسَ وَقَالَ لِبِلَالٍ اكْلَأْ لَنَا اللَّيْلَ (أي أخبرنا عند وقت الصلاة وأيقظنا عند موعد صلاة الفجر) فَصَلَّى بِلَالٌ مَا قُدِّرَ لَهُ وَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ r وَأَصْحَابُهُ فَلَمَّا تَقَارَبَ الْفَجْرُ اسْتَنَدَ بِلَالٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ مُوَاجِهَ الْفَجْرِ فَغَلَبَتْ بِلَالًا عَيْنَاهُ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ بِلَالٌ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى ضَرَبَتْهُمْ الشَّمْسُ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ r أَوَّلَهُمْ اسْتِيقَاظًا فَفَزَعَ رَسُولُ اللَّهِ r فَقَالَ أَيْ بِلَالُ فَقَالَ بِلَالٌ أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ اقْتَادُوا فَاقْتَادُوا رَوَاحِلَهُمْ شَيْئًا ثُمَّ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ r وَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاةَ فَصَلَّى بِهِمْ الصُّبْحَ فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ r الصَّلَاةَ قَالَ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: ]وَأَقِمْ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي[

عندما دخل النبي r الكعبة يوم فتح مكة كان بلال t معه. حيث جاء في رواية ما مفاده:

عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r دخل الكعبة يَوْمَ الْفَتْحِ ودعا بلالا وعُثْمَان بنَ طَلْحَةَ ففتحا الباب فدخل رسول الله r ومعه بلال وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة وأغلقوا الباب. فمكث فيه النبي r هناك بُرهة ثم خرج. يقول ابن عمر t: سبقتُ بسرعة وسألتُ بلالا: فقال: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ r في الكعبة. سألتهُ: أين؟ قال: بين العودين. يقول ابن عمر t: فَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى مِنْ سَجْدَةٍ. فكان بلال يُخبر الناس فيما بعد أين صلّى رسول الله r في الكعبة.

وعن ابن أبي مليكة أن النبي r أمر بلالا يوم فتح مكة أن يؤذن على سقف الكعبة ففعل.

يقول سيدنا الخليفة الثاني t في ذكر بلال t يوم فتح مكة: أحضر العباسُ t أبا سفيان إلى رسول الله r، فرآه النبي r وقال: ويحك! ألم تستيقن إلى الآن بأن الله واحد؟ قال أبو سفيان: كيف لا؟ لو كان هناك إله غيره لنصرنا حتما. قال: ويلك، أوَلا تُوقن إلى الآن أن محمدا رسول الله؟ قال: لم أوقن بذلك بعد. قال العباس t: يا أيها الشقي، بايِع رسولَ الله، لأن في ذلك حماية لنفسك وقومك. قال: حسنًا. لقد بايع حينئذ هكذا، ولكنه صار مسلما حقيقيا فيما بعد. عندما بايع أبو سفيان قال العباس: عليك أن تطلب العفو لقومك وإلا سيُدمَّر قومك إلى الأبد. كان المهاجرون خائفين حينذاك، إذ كانوا من سكان مكة، وكانوا يظنون أنه إذا هُتكت حرمة مكة مرة، لاستحال استعادتها. وكانوا يدعون لأن يتم الصلح بحال من الأحوال وإن كانوا قد تحملوا مظالم شديدة وقاسية فيما سبق. أما الأنصار فكانوا متحمسين جدا مقارنة بهم. قال النبي r لأبي سفيان: اسأل ما تشاء. قال: يا رسول الله، ألا ترحم قومك وأنت رحيم وكريم؟ ثم إني من أقاربك وأخوك، فيجب أن أنال بعض الإكرام والاحترام، وقد أسلمتُ. قال r: اذهب وأعلن في مكة أن مَن دخل دار أبي سفيان فهو آمِن. قال: يا رسول الله، إن داري صغيرة، لا تتسع لأناس كثيرين، ومكة مدينةٌ كبيرة لا تتسع داري لجميع أهلها. قال r: حسنا، ومن دخل بيت الله فله الأمان أيضا. قال أبو سفيان: يا رسول الله، إن بيت الله أيضا لن يكفي للجميع. قال r: حسنا، ومَن وضع السلاح فهو آمن. قال: يا رسول الله مع ذلك يبقى بعض الناس خارج هذا النطاق. قال r: حسنا، من دخل بيته وأغلق بابه فهو أيضا آمن. قال أبو سفيان: يا رسول الله، بذلك سوف يُقتل مَن كانوا في الأزقة! قال r: حسنا، أعدُّوا راية لبلال -عندما آخى النبي r بين الأنصار والمهاجرين آخى بين بلال وبين الصحابي أبي رويحة t، لعل بلالا لم يكن موجودا بهذه المناسبة أو قد يكون هناك حكمة أخرى- فأعطى النبي r راية بلال لأبي رويحة وقال له: هذه راية بلال، فليقم في عارض الطريق حاملا إياها، وليُعلن أن الذي يأتي تحت راية بلال فهو أيضا آمن. قال أبو سفيان: هذا يكفي، والآن ستنجو مكة كلها. فقال: اسمح لي الآن بالانصراف، فقال r: لك ذلك.

لقد وضع الزعيم السلاحَ بنفسه ولم يعُد هناك داع للسؤال عن وصول الخبر أو عدم وصوله. دخل أبو سفيان مكة مذعورا وهو يُعلن: أيها الناس اغلقوا أبواب بيوتكم وضعوا أسلحتكم، واذهبوا إلى بيت الله، وقد نُصبت راية بلال فاجتمعوا تحتها. فبدأ الناس بإغلاق الأبواب، وبعضهم بدأوا يدخلون الكعبة، وألقوا الأسلحة خارج بيوتهم، وفي هذه الأثناء دخل جيش المسلمين مكة، واجتمع الناس تحت راية بلال.

الأمر العظيم في هذا الحادث كله هو راية بلال، إذ قد رفع رسول الله r راية بلال وقال: من جاء تحت راية بلال فهو آمن. من المعلوم أن رسول الله r كان هو السيد والزعيم، ولكنه لم ينصب راية لنفسه. وأكبر المضحّين بعده r كان أبو بكر t ولكن لم تُنصب رايته أيضا. والزعيم الذي آمن بعده كان عمر ولم تُنصب رايته، ثم كان عثمان t يحظى بشعبية كبيرة وكان صهره r ولم تُنصب رايته. ثم كان عليّ الذي كان أخوه r وصهره ولم تُرفع رايته.

ثم كان عبد الرحمن بن عوف الذي قال النبي r عنه بأنه لن يتطرق الخلاف إلى الأمة المسلمة ما بقي هو حيا، مع ذلك لم تُرفع رايته، ثم كان العباس t، وكان عمه r وإذا تكلم أحيانا أمام النبي r بما يُنافي الأدب فما كان r يغضب عليه، ولكنه r لم يصنع رايته أيضا، إضافة إلى ذلك كان هناك الزعماء الكبار كلهم موجودين بمن فيهم خالد بن الوليد الذي كان ابن زعيم وكان بنفسه رجلا كبير الشأن، كما كان عمرو بن العاص أيضا ابن زعيم، وكذلك كان هناك أولاد زعماء كبار ولكن لم تُرفع راية أحد منهم بل رُفعت راية بلال t وحده، ما هو السبب في ذلك يا تُرى؟

كان السبب وراء ذلك أنه عندما كان الهجوم سيُشنّ على الكعبة كان أبو بكر t يرى أن الذين سيُقتلون هم إخوته وأقاربه، وقد قال أيضا من قبل: يا رسول الله هل ستقتل أقاربك؟ فكان قد نسي المظالم وكان يعلم أنهم إخوته. ومع أن عمر t قال أن يُقتل الكفار ولكن عندما أراد النبي r العفو عنهم فلا بد أن يكون عمر سعيدا من الأعماق على أنه قد عُفي عن أقاربه، ولعل عثمان وعليًا أيضا يقولان بأنه قد عفي عن إخوتهما، ولا بأس إن مارسوا القسوة من قبل. ومن الممكن أن النبي r كان أيضا يُفكِّر عند العفو عنهم أن فيهم عمّه وإخوته وصهره وغيرهم من الأقارب، ولو عفا عنهم لنعم ما فعله، إذ قد نجا أقاربه.

ولكن كان هناك شخص واحد فقط لم يكن لديه أقارب في مكة ولم يكن يملك أية قوة في مكة وما كان له صديق فيها، فكان هذا المسكين يُظلم بما لم يُظلم به أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي بل لم يُظلم بمثله رسول الله r أيضا. (ولقد وضحت من خلال رواية في الأسبوع الماضي فذكرت أن النبي r وأبا بكر t قد مُنعا من الظلم نوعا ما بسبب قرابتهما، وشرحت الأمر، ولكن بلال تعرض لظلم لم يتعرض لمثله النبي r ولا أبو بكر t. ولم ينكر المصلح الموعود t أيضا هنا وقوع الظلم بهما بل قال بأن ما وقع من الظلم ببلال لم يتعرض لمثله أحد آخر. ثم ذكر حضرته تفصيل هذا الظلم ومن أي نوع كان فقال:)

كان بلال وحده يُطرح عاريا على الرمال الحارقة. ترون أنكم لا تستطيعون أن تمشوا حفاةً في شهر مايو أو يونيو ولكنه كان يُطرح على الرمل الحارق وكان الشباب يقفزون على صدره لابسين الأحذية ذات المسامير الحديدية، ويطلبون منه أن يقول بأن هناك آلهة سوى الله وأن محمدا رسول الله كاذب.

وعندما كانوا يضربونه بشدة كان بلال يقول بلهجته الحبشية: “أسهد ألا إله إلا الله، أسهد ألا إله إلا الله”. وكان يرد عليهم قائلا: يمكنكم أن تظلموني كما تشاءون، ولكن ما دمتُ قد رأيت أن الله واحد فأنّى لي أن أقول إن هناك أكثر من إله، وما دمت أعلم جيدا أن محمدا رسول الله صادق فأنّى لي أن أكذِّبه؟ فكانوا يعودون إلى ضربه، وكان حاله هذا يستمر على المنوال نفسه في شهور الصيف. أما في الشتاء فكانوا يربطون الحبل في قدميه ويجرونه على الحجارة في زقاق مكة فيُجرح جِلده. ثم يطلبون منه أثناء الجرّ أن يُكذّب محمدا رسول الله ويعترف بآلهة سوى الله فكان t يقول: “أسهد ألا إله إلا الله، أسهد ألا إله إلا الله”. أما الآن حين غزا جيش المسلمين المؤلف من عشرة آلاف فلا بد أن يكون قد خطر ببال بلال t أنه سيُنتقم اليوم من أصحاب تلك الأحذية التي كانت تقع على صدره، ولا بد أنه سيُنتقم لتلك المظالم التي كانت تُصبّ عليه بطريقة ظالمة. ولكن لما قال رسول الله r: من دخل بيت أبي سفيان فهو آمن، ومن دخل بيت الله فهو آمن، ومن وضع الأسلحة فهو آمن ومن دخل بيته وأغلق أبوابه فهو آمن، فلا بد أن يكون قد خطر ببال بلال أنه قد عُفي عن إخوتهم وأقاربهم، وهو أمرٌ جيد بلا شك، ولكن لم يُنتقَم لي. فرأى النبي r أن هناك شخصا واحدا فقط يمكن أن يتأذى بعفوه r وهو بلال، لأن الذين عُفي عنهم ليسوا إخوته، وأن الإيذاء الذي عانى منه هو لم يواجهه غيره. فقال رسول الله r بأني سأنتقم له، وسأنتقم بأسلوب يُبقي شأن نبوتي قائما ويفرح بذلك بلال t أيضا. فقال r: أقيموا راية بلال وقولوا لزعماء مكة – الذين كانوا يقفزون على صدره لابسين الأحذية وكانوا يجرونه بشد الحبل في قدميه ويطرحونه على رمال حارقة – إذا كنتم تريدون أن تنقذوا حياتكم وحياة أولادكم فتعالوا تحت راية بلال.

إنني أرى أنه لم ينتقم أحد مثل هذا الانتقام العظيم من أحد منذ أن خُلقت الدنيا ومنذ أن أُعطي الإنسان قوة على أخذ ثأر الدم من غيره. عندما نُصبت راية بلال في الميدان أمام الكعبة وكان زعماء العرب – الذين كانوا يدوسونه تحت الأقدام ويطلبون منه أن يُكذب محمدا رسول الله – يأتون بأهلهم واولادهم تحت رايته إنقاذا لحياتهم، يمكنكم أن تتصوروا كم كان قلب بلال t وروحه تُفادي رسول الله r. لا بد أن بلالا كان يقول عندئذ في نفسه: لا أدري هل كنتُ سأستطيع أن أنتقم من هؤلاء الكفار أم لا؟ ولكن ها قد انتُقم نيابة عني بحيث جُعل كل شخص كانت أحذيته تطأ صدري يخضع أمامي.

كان هذا الانتقام أفضل وأعلى مما كان من الممكن أن ينتقم به يوسف من إخوته، لأن يوسف عندما عفا عن إخوته، كان قد عفا عنهم من أجل أبيه، ولكن النبي r عفا عن أعمامه وإخوته لجبر خاطر خادمه الذي كان يُضرب بالنعال. فليس هناك وجه مقارنة بين انتقام يوسف مقابل هذا الانتقام.

هذه الواقعة وردت في كتاب السياحة الروحانية، وذكرت الواقعة نفسها في مقدمة تفسير القرآن الكريم أيضا ولكن بشكل مختصر، وأذكر ذلك هنا لأن بعض الناس يكتبون بأن الواقعة الفلانية قد وردت في مكان آخر وباختلاف كذا، ولكنني أقول عن هذه الواقعة المذكورة في مكانين أنه لا يوجد بينهما فرق سوى التفصيل والاختصار. ويستخرج بعض الإخوة نكاتًا لتوضيح الفروق بين الواقعة نفسها في مكانين. أما الواقعة الحالية فقد ذُكرت في كِلا المكانين بصورة واحدة من ناحية جزئيات الحادث ومن ناحية النتيجة أيضا. أما ما ذكر هنا في مقدمة تفسير القرآن فهو كالتالي:

سأل أبو سفيان رسولَ الله: “إذا لم يَسلّ أهل مكة سيفًا فهل سيكونون آمنين”؟

وأجابه الرسول r بالإيجاب، فمن أغلق عليه بابه فهو آمن. وهنا تدخل العباس قائلاً: “يا رسول الله. إن أبا سفيان رجل يحب الفخر، فاجعل له شيئًا”. قال: “نعم. من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل دار حكيم بن حزام فهو آمن”.

وبعد ذلك نادى الرسول r أبا رويحة الذي كان قد آخى r بينه وبين العبد الحبشي بلال وقال الآن أسلِّم رايتي لأبي رويحة، وأُعلن “من قام تحت راية أبي رويحة فهو آمن”. وفي نفس الوقت أمر بلالا أن يمضى أمام أبي رويحة مناديًا: “من قام تحت راية أبي رويحة فهو آمن”. (هذا أمر إضافي في هذا المقتبس). فما ألطفَ الحكمةَ التي يكنّها أمرُ النبي r هذا، فقد كان أهل مكة يربطون قدمَي بلال بالحبال ويجرُّونه في أزقة مكة، فأزقة مكة لم تكن آمنة لبلال بل كانت محل التعذيب والاستهزاء والإهانة. تخيَّل النبي r مدى رغبة الانتقام المتكررة في قلب بلال ذلك اليوم، وخطر بباله أن من الضروري جدا أن ينال انتقامَ رفيقه الوفي، ولكن في الحدود التي أحاط بها الإسلام رغبة الانتقام هذه. فلم ينتقم r لبلال بسلِّ السيوف وضرْب أعناق الذين اضطهدوه، ولكنه بدلاً من ذلك، أعطى الراية لأخي بلال، وكلف بلالاً بمهمة عرض السلام على معذِّبيه السابقين تحت الراية التي يحملها أخوه. فما أروعَ ذلك الانتقامَ وما أجملَه! ولنتخيّل صورة بلال وهو يمشي بين يدي أخيه مناديًا بصوت عال: يا أهل مكة تعالوا لتقوموا تحت راية أخي لتنالوا السلام، فكان قلبه يخلو تلقائيا من عواطف الانتقام، وكان قد أحس أن الانتقام الذي حدده له النبيُّ r يستحيل أن يكون له انتقامٌ أروع وأجمل من ذلك.

ثم يقول سيدنا الخليفة الثاني t عن صبر سيدنا بلال ومركزه يوم فتح مكة: هذه المظالم قد مورست على بلال. فالاضطهاد الذي كان يتلقاه بلال في مكة قد مر بيانه سابقا أيضا، وهل تعرفون كيف أكرم النبي r يوم فتح مكة بلالا، ذلك العبد الحبشي الذي كان كبار زعماء مكة يرقصون على صدره، وكيف انتقم له من الكفار؟ فقد سلَّم لبلال راية وأعلن: يا أهل مكة! إذا كنتم تريدون السلام من الهلاك فأتوا تحت راية بلال، فكأن بلالا، الذي كان يرقص على صدره كبار زعماء مكة إذلالاً له، قال بحقه لأهل مكة إذا كان هناك إمكان لنجاة أرواحكم فالطريق الوحيد له أن تخضعوا لسيادة بلال مع أن بلالا كان عبدا، أما هم فكانوا أسيادا.

فالنتيجة هي نفسها سواء سلَّم النبي r الراية بيد بلال شخصيا أو نصبها باسمه أو سلَّمها لأخيه وأرفقَه بلالا، فالحدث نفسه مع اختلاف بسيط وتُستخرج النتيجة نفسُها أيضا.

عن سيدنا عبد الله بن عمر أنه كانت هناك عادةٌ؛ وهي أن يمشي أمام النبي r يوم العيد رجل يحمل الرمح، وكان سيدنا بلال عادة هو الذي يحمل ذلك الرمح.

ويقول محمد بن عمر أن سيدنا بلالا كان ينصب ذلك الرمح أمام النبي r في ميدان العيد حيث كانت تقام صلاة العيد في ميدان.

وفي رواية أن نجاشي الحبشة كان قد أهدى للنبي r ثلاثة رماح فاحتفظ النبيُّ r بأحدها لنفسه وأعطى الثاني لسيدنا علي بن أبي طالب وأعطى الثالث لسيدنا عمر بن الخطاب t. والرمح الذي كان قد احتفظ به النبيُّ r كان بلال يحمله يوم العيد ويمشي أمام النبي r حتى ينصبه في ميدان صلاة العيد فيصلي r تجاهه. وبعد وفاة النبي r كان يمشي سيدنا بلال حاملا ذلك الرمح أمام سيدنا أبي بكر t.

إنما تفيد الروايات أن سيدنا بلالا كان قد ذهب إلى الشام بعد وفاة النبي r ليشترك في الجهاد. وفي رواية أنه لما توفي رسول الله r جاء بلال إلى أبي بكر، t، فقال: يا خليفة رسول الله r، إني سمعت رسول الله r يقول: ” أفضل أعمال المؤمن الجهادُ في سبيل الله” (فسأله سيدنا أبو بكر t ماذا تقصد يا بلال؟ فقال) أردت أن أرابط في سبيل الله حتى أموت، فقال أبو بكر: أُنشدك الله يا بلال، وحرمتي وحقي، فقد كبرتُ واقتربَ أجلي، فأقام بلال مع أبي بكر حتى توفي أبو بكر. فلما توفي جاء بلال إلى عمر t فقال له كما قال لأبي بكر، فردَّ عليه كما رد أبو بكر، فأبى، وأصرَّ على الخروج للجهاد. فقال له عمر، إلى من أعهد رفع الأذان بعدك؟ فقال إلى سعد. لأنه قد أذَّن في حياة النبي r، فأمر سيدنا عمر t سعدا أن يؤذن وأولادَه بعده، وأذِن لبلال بالخروج للجهاد إثر إصراره.

ونجد في رواية أخرى المحادثة بين سيدنا بلال وسيدنا أبي بكر رضي الله عنهما بخصوص الأذان كالتالي: عن موسى بن محمد عن أبيه أنه لما مات رسول الله r كان بلال يؤذِّن، فإذا قال “أشهد أن محمداً رسول الله ” انتحب الناس في المسجد، فلما دُفن رسول اللّه r قال له أبو بكر: أذِّنْ. فقال له: إن كنت أَعتقتَني لأن أكون معك، فلك ذلك، وإن كنت أعتقتَني للّه فخلِّني ومن أعتقتَني له. فقال: ما أعتقتُك إلا لِلّه. قال: فإني لا أؤذِّن لأحد بعد رسول اللّه r. قال: فذاك إليك. قال: فأقام في المدينة حتى خرجت بعوث الشام في عهد سيدنا عمر t، فسار معهم.

وبحسب رواية في أسد الغابة قال بلال لأبي بكر t: إن كنت أعتقتني لنفسك فاحبسني، وإن كنت أعتقتني لله I فذرني أذهب إلى الله I فقال: اذهب، فذهب إلى الشام، فكان بها حتى مات. (معظم الروايات تقول بأنه لم يذهب في عهد أبي بكر t بل ذهب في عهد عمر t) وقيل: إنه أذّن لأبي بكر t بعد النبي r. (أسد الغابة)

وجاء في رواية أن بلالًا مرة رأى النبي r في منامه وهو يقول: “ما هذه الجفوة يا بلال؟ أما آن لك أن تزورنا” فانتبه حزينًا، فركب إلى المدينة (لأنه كان يقيم في الشام) فأتى قبر النبي r وجعل يبكي عنده ويتمرغ عليه، فأقبل الحسن والحسين، فجعل يقبلهما ويضمهما، فقالا له: نشتهي أن تؤذن في السَّحَر، فعَلا سطح المسجد، فلما قال: “الله أكبر، الله أكبر” ارتجت المدينة، فلما قال: “أشهد أن لا إله إلا الله” زادت رجتها، فلما قال: “أشهد أن محمدًا رسول الله” خرج النساء من خدورهن، فما رُئي يوم أكثر باكيًا وباكية من ذلك اليوم. (تذكّر الناس زمن النبي r وهذا الأذان فاضطربوا).

في عهد عمر t حين استأذنه بلال t للجهاد قال له عمر t: ما يمنعك أن تؤذن؟ فقال بلال: إني أذنت لرسول الله r حتى قبض، وأذنت لأبي بكر حتى قبض لأنه كان ولي نعمتي وقد سمعت رسول الله r يقول: “يا بلال، ليس شيءٌ أفضل من الجهاد في سبيل الله”، فخرج إلى الشام مجاهدا. وإنه أذن لعمر بن الخطاب لما دخل الشام مرة واحدة، قال الراوي: فلم ير باكيًا أكثر من ذلك اليوم.

قال الخليفة الثاني للمسيح الموعود -t- وهو يذكر الأيام الأخيرة من حياة بلال t: ذهب بلال t في آخر عمره إلى الشام (وذكر المصلح الموعود t هنا أن الناس ما كانوا يزوجونه ولكن كما ذكرتُ من قبل أن بلالا تزوج زوجات كثيرة، ربما كانوا لا يزوجونه لذهابه إلى الشام أو لم يكن يجد زوجة في الشام، ولكن هناك رواية تقول أنه تزوج عدة زوجات في حياة الرسول r، فقال المصلح الموعود t) فأرسل في الشام إلى بيت قائلا إنني حبشي فإذا شئتم زوجتموني وإذا زوجتموني لكوني صحابي الرسول r سيكون ذلك فضلكم الكبير عليّ، فزوجوه وأقام في الشام. (كان قد تزوج من قبل أيضا، ويمكن أن تكون الزوجات السابقات قد توفّين، أو لم توافق إحداهن على الذهاب معه إلى الشام أو يمكن أن يكون بلال يريد الزواج في الشام، ولكن رأيتُ مناسبا أن أوضّح هنا أنه كان قد تزوج زوجات من قبل، وإن كان المصلح الموعود t كتب هنا وكذلك تقول روايات أخرى أن الناس ما كانوا يزوّجونه، والله أعلم لماذا كتب ذلك، على كلٍّ فإنه طلب الزواج فزوجوه وأقام في الشام، والمهم هو ذكر الرؤيا التالية وأما ذكر زواجه فكان ضمنيا، قال المصلح الموعود t) مرة جاءه النبي r في الرؤيا وقال: أنسيتني يا بلال فإنك لم تزرْ قبري. فقام بلال فورا وأعد للسفر وقصد المدينة فأتى قبر النبي r فجعل يبكي عنده، حتى علم الناس بمجيئه، فأقبل الحسن والحسين اللذان كانا قد كبرا آنذاك فقالا له: كنت تؤذن في زمن رسول الله r، قال: نعم، فقالا: نرجو أن نسمع أذانك، ففعل وسمعه الناس.

إن عمر t في عهد خلافته لما دون الديوان بالشام كان بلال قد خرج إلى هناك، فأقام بها مجاهدًا، فقال عمر لبلال: إلى من تجعل ديوانك؟ قال: مع أبي رويحة، لا أفارقه أبدًا للأخوة التي كان النبي r عقد بيني وبينه.

وهناك رواية عن نزاهة بلال وصدقه، قال عمرو بن ميمون حدثني أبي أن أخاً لبلال كان ينتمي في العرب ويزعم أنه منهم فخطب امرأة من العرب فقالوا إن حضر بلال زوّجناك، قال فحضر بلال فقال: أنا بلال بن رباح وهذا أخي، وهو امرؤ سوء سيئ الخلق والدين، فإن شئتم أن تزوجوه فزوجوه وإن شئتم أن تدَعوه فدَعُوه. فقالوا: مَن تكن أخاه نزوّجه، فزوجوه. (السنن الكبرى للبيهقي)

حدّث زيد بن أسلم أن بني أبي البكير جاؤوا إلى رسول الله r فقالوا: زوِّج أختنا فلانًا، فقال لهم: “أين أنتم عن بلال؟” ثم جاؤوا مرةً أخرى فقالوا: يا رسول الله، أنكح أختنا فلانًا، فقال: “أين أنتم عن بلال؟” ثم جاؤوا الثالثة، فقالوا: أنكح أختنا فلانًا، فقال: “أين أنتم عن بلال، أين أنتم عن رجل من أهل الجنة!” قال: فأنكحوه. (تاريخ دمشق)

لقد قلت آنفًا أن حضرة المصلح الموعود قد كتب أن سيدنا بلالاً لم يتزوج، ويبدو أنه ربما كتب ذلك في سياق آخر لا نعرفه، إذ كان بلال رضي الله عنه متزوجا، وهذه الرواية أيضا تؤكد ذلك.

لقد كتب حضرة مرزا بشير أحمد يقول: ذات مرة جاء للقاء عمر رضي الله عنه في عهد خلافته، بلالٌ وأبو سفيان وغيرهما من أسياد مكة الذين أسلموا عند فتحها (أقول: يبدو أن ذكر بلال في هذه الجملة تصحيف)،

واتفق أن حضر في الوقت نفسه بلال وعمار وصهيب وغيرهم أيضا للقاء عمر رضي الله عنهم، وكان هؤلاء قد عاشوا عبيدا وكانوا فقراء جدا، ولكنهم كانوا من الذين أسلموا في أوائل الإسلام. ولما أُخبر عمر رضي الله عنه بذلك، دعا للقائه بلالا وغيره من هؤلاء العبيد قبْل أولئك الزعماء. ويبدو أن أبا سفيان كانت لا تزال فيه بقية من نزعة الجاهلية، فلما رأى هذ المشهد استشاط غضبا، وبدأ يقول هل كان علينا أن نرى هذا العار؟ ننتظر اللقاء ويُكرَم هؤلاء العبيد باللقاء قبلنا. فلم يلبث سهيلٌ أن ردّ على أبي سفيان وقال من المذنب في ذلك؟ لقد قام محمد صلى الله عليه وسلم بدعوتنا جميعًا إلى الله تعالى، فسارع هؤلاء إلى تلبية ندائه أما نحن فتأخرنا في ذلك، فلم لا يفضَّل هؤلاء علينا؟

وقد ذكر حضرة المصلح الموعود رضي الله عنه هذه الواقعة على النحو التالي مبينا مكانة سيدنا بلال رضي الله عنه: جاء سيدنا عمر رضي الله عنه إلى مكة في خلافته ذات مرة، فجاء للقائه العبيد الذين كانوا يُجَرُّون من النواصي، واحدٌ تلو الآخر. وكان اليوم يوم عيد، وكان أبناء كبار أسياد مكة قد حضروا عند عمر رضي الله عنه ليسلِّموا عليه قبل قدوم هؤلاء العبيد. وما إنْ استقر بهؤلاء الزعماء الجلوس عند عمر حتى حضر بلال، وهو الذي كان يعيش عبدا من قبل، وكان الناس يضربونه، ويجروّن جسده العاري من الثياب على الأرض ذات الحصى المدبب، وكانوا يلقون على صدره حجرا ثقيلا جدا ويقولون له: قُلْ سوف أعبد اللات والعزى، ولكنه كان يقول في كل مرة: أشهدا ألا إله إلا الله. فلما رأى عمر بلالا رضي الله عنهما قال لأولئك الزعماء تنحوا قليلا وخلّوا المكان لبلال. فلما أخذ بلال مجلسه جاء صحابي آخر من العبيد، فقال عمر لهؤلاء الزعماء تأخروا قليلا وأفسحوا لفلان. ولم يمض وقت طويل حتى جاء صحابي آخر من العبيد، فما كان من سيدنا عمر رضي الله عنه إلا أن قال لهؤلاء الزعماء كالسابق تنحوا قليلا وأفسِحوا له. ولأن الله تعالى كان يريد إذلال هؤلاء الزعماء، فكان مِن صدف القدر أن حضر يومها عند عمر ثمانية أو عشرة من هؤلاء الصحابة الذين كانوا في الأصل من العبيد واحدا بعد الآخر، فظل عمر رضي الله عنه يأمر هؤلاء الزعماء في كل مرة، قائلا: تنحّوا قليلا وأفسحوا المجال لهذا القادم.

في تلك الأيام لم تكن تبنى صالات كبيرة، وإنما كانت هناك غرف بسيطة لا تسع أناسا كثيرين، فلما امتلأت الغرفة بالصحابة العبيد اضطر هؤلاء الزعماء للجلوس في مكان الأحذية. فلم يطيقوا هذا الخزي، فخرجوا من المجلس على الفور، وقالوا فيما بينهم: لم نر يوما أشدَّ خزيًا من هذا! فهؤلاء العبيد الذين كانوا يخدموننا قد أُجلسوا في صدر المجلس وأُجبرنا على الجلوس في الخلف حتى وصلنا مكان الأحذية، وتعرضنا للذل والهوان أمام الجميع؟

فلما سمع كلامَهم أحدُهم الذي كان أكثرهم ذكاءً قال: لا شك أننا قد لقينا الخزي والهوان اليوم، ولكن السؤال: من هو المسؤول عن ذلك؟ عندما كان آباؤنا وإخواننا يضربون ويؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابَه، كان هؤلاء العبيد يفْدونه بأرواحهم، أما وقد صار الحُكم لمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم الآن، فمَن ذا الذي هو الأحق بالإكرام عند أتباعه صلى الله عليه وسلم، هل يكرمونكم أنتم الذين كنتم تؤذونه صلى الله عليه وسلم، أم يُكرمون هؤلاء العبيدَ الذين كانوا يضحون بأرواحهم في سبيل الإسلام؟ ولذلك فإن هؤلاء العبيد أحق بالتكريم منا، فلماذا تشتكون من هذه المعاملة اليوم؟ فبسبب تصرفات آبائنا لم نتلق المعاملة التي تلقاها هؤلاء العبيد. فأدركوا الأمر الواقع عندما شرحه لهم هذا الشخص الفطين من بينهم، فقالوا فيما بينهم: لقد أدركنا الحقيقة، ولكن هل من علاج لهذه الإهانة أم لا؟ لا شك أن آباءنا قد ارتكبوا ذنبا كبيرا، ولكن هل من كفارة لهذا الذنب تغسل وصمة العار هذه عن جباهنا. وبعد مداولات قالوا: لا نجد حلا لذلك، ثم قرروا جميعا وقالوا: تعالوا نسأل سيدنا عمر عن علاج هذه الوصمة. فلما رجعوا إليه كان المجلس قد انفضَّ وذهب الصحابة كلهم، فقالوا لعمر رضي الله عنه: لقد جئناك نستشير في الأذى الذي تعرضنا له في مجلسك هذا اليوم. فقال عمر رضي الله عنه: لا تستاؤوا مني، إنهم صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم، وكان يجلسهم في صدر مجلسه دائما، فكنت مضطرا لأجلسهم فيه. لا شك أنكم قد تأذيتم كثيرا فيما فعلتُ، لكني كنت مضطرا. فقالوا: نحن ندرك اضطرارك، لكنا جئنا نسألك فقط: هل من سبيل إلى غسل هذا العار؟

وهل هناك ماء يمكن به غسل هذه الوصمة. كان سيدنا عمر رضي الله عنه يعرف ما كان عليه آباء هؤلاء الشباب من شأن وشوكة وهيبة، فلما سمع قولهم اغرورقت عيناه، حيث فكَّر كيف تردى هؤلاء من العلياء بسبب آثامهم، فغلبت عليه الرقة حتى لم يستطع أن يجيبهم باللسان، وإنما أشار بيده إلى الشام حيث كان المسلمون يقاتلون جيوش قيصر الروم، وكان رضي الله عنه يعني أن وصمة العار هذه لن تمحى إلا إذا شاركتم في ذلك القتال وضحيتم بأرواحكم. فخرجوا جميعا من فورهم وركبوا جمالهم متوجهين ناحية الشام، ويخبرنا التاريخ أنه لم يرجع أيٌّ منهم حيًّا. هكذا محا هؤلاء بدمائهم الزكية وصمة عارٍ تلطَّختْ بها جباههم نتيجة أفعال آبائهم.

إذًا فأولاً لا بد من تقديم التضحيات لنيل المكانة العالية، وثانيا إن من تعاليم الإسلام الجميلة أن الذين يضحون ويكونون من الأوفياء من البداية، فلهم المكانة العليا في كل حال، ولو كانوا من العبيد أو من أي عرق ونسل، وقد بوأهم الإسلام هذه المكانة عن جدارة واستحقاق، وهذه المكانة ينالها كل إنسان، أيا كان، بغض النظر عن كونه من الأغنياء أم من الفقراء. فالذين يضحّون، ويكونون أوفياء، ويضحون بأرواحهم، ويبذلون كلَّ غال ورخيص، هم الذين ينالون هذه المكانة الرفيعة.

إن ذكر سيدنا بلال رضي الله عنه لا يزال جاريا، وسوف أتناوله بالبيان فيما بعد إن شاء الله تعالى.

 

About الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز

حضرة أمير المؤمنين الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز ولد حضرته في الخامس عشر من أيلول 1950 في مدينة (ربوة) في الباكستان. هو حفيد لمرزا شريف أحمد نجل المسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام. أنهى حضرته دراسته الابتدائية في مدرسة تعليم الإسلام في مدينة (ربوة) وحصل على درجة البكالوريوس من كلية “تعليم الإسلام” في نفس المدينة. ثم حصل حضرته على درجة الاختصاص في الاقتصاد الزراعي من كلية الزراعة في مدينة (فيصل آباد) في الباكستان وذلك في عام 1976م.

View all posts by الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز