خطبة الجمعة

التي ألقاها أمير المؤمنين سيدنا مرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز

الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي u بتاريخ 1/1/2021م

في مسجد مبارك، إسلام آباد تلفورد بريطانيا

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرّجيم. ]بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم* الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يوْم الدِّين * إيَّاكَ نعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْر الْمَغْضُوب عَلَيْهمْ وَلا الضَّالِّينَ[، آمين.

یستمر ذكر سيدنا عليّ بن أبي طالب t. يقول المصلح الموعود t عن خلفية استشهاده t:

لم تكن الأمور قد انصلحت كلّيًّا حتى تشاورت فئة الخوارج فيما بينهم وقالوا ينبغي القضاء على هذه الفتنة بقتل كبار الناس. فخرج بعض الجذعان منهم متعاقدين بأن يقتل كل واحد منهم عليًّا ومعاوية وعمرو بن العاص في يوم واحد وفي وقت واحد. فمن توجه إلى معاوية فقد هاجمه ولكن لم يصبه سيفه بشكل كامل فأصيب معاوية بجرح بسيط، غير أنه قُبض على ذلك الشخص ثم قُتل لاحقا. أما الذي ذهب لقتل عمرو بن العاص فشل أيضا لأن عمرو لم يأت للصلاة بسبب مرضه وقتل المهاجمُ الشخصَ الذي جاء ليؤم بالناس مكان عمرو بن العاص، وقبض على المهاجم وقُتل لاحقا أيضًا. أما الذي قصَد عليًّا لقتله فقد هاجمه لما قام لصلاة الفجر فتلقى عليّ جروحًا خطيرة، وقال المهاجم عند هجمته: ليس من حقك يا علي أن تُطاع في كل شيء بل هو حق الله وحده.

لقد تنبأ النبي r عن استشهاد علي t.

أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ لِعَلِيٍّ: يَا عَلِيُّ مَنْ أَشْقَى الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ؟ قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: أَشْقَى الأَوَّلِينَ عَاقِرُ ناقَةِ صالح. وَأَشَقَى الآخَرِينَ الَّذِي يَطْعَنُكَ يَا عَلِيُّ. وَأَشَارَ إِلَى حَيْثُ يُطْعَنُ.

عَنْ أُمِّ جَعْفَرٍ سُرِّيَّةِ عَلِيٍّ قَالَتْ: إِنِّي لأَصُبُّ عَلَى يَدَيْهِ الْمَاءَ إِذْ رَفَعَ رَأْسَهُ فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ فَرَفَعَهَا إِلَى أَنْفِهِ فَقَالَ: وَاهًا لَكِ لَتُخَضَّبَنَّ بِدَمٍ! قَالَتْ فَأُصِيبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.

ووردت واقعة استشهاد علي t في مكان آخر كما يلي: عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: دَخَلَ عَلَيْنَا ابْنُ مُلْجَمٍ الْحَمَّامَ وَأَنَا والحسن والحسين جُلُوسٌ فِي الْحَمَّامِ. فَلَمَّا دَخَلَ كَأَنَّهُمَا اشْمَأَزَّا مِنْهُ وَقَالا: مَا أَجْرَأَكَ تَدْخُلُ عَلَيْنَا! قَالَ فَقُلْتُ لَهُمَا: دَعَاهُ عَنْكُمَا فَلَعَمْرِي مَا يُرِيدُ بِكُمَا أَحْشَمُ مِنْ هَذَا. فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ أُتِيَ بِهِ أَسِيرًا قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: مَا أَنَا الْيَوْمَ بِأَعْرَفَ بِهِ مِنِّي يَوْمَ دَخَلَ عَلَيْنَا الْحَمَّامَ. فَقَالَ عَلِيٌّ: إِنَّهُ أَسِيرٌ فَأَحْسِنُوا نُزُلَهُ وَأَكْرِمُوا مَثْوَاهُ فَإِنْ بَقِيتُ قَتَلْتُ أو عفوت وإن مت فاقتلوه قتلتي وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ.

عَنْ قُثَمَ مَوْلًى لابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَتَبَ عَلِيٌّ فِي وَصِيَّتِهِ إِلَى أَكْبَرِ وَلَدِي غَيْرُ طَاعِنٍ عَلَيْهِ أي ابن ملجم فِي بَطْنٍ وَلا فَرْجٍ.

قَالُوا: انْتُدِبَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ مِنَ الْخَوَارِجِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ مُلْجَمٍ الْمُرَادِيُّ. وَهُوَ مِنْ حِمْيَرَ. وِعِدِادُهُ فِي مُرَادٍ. وَهُوَ حَلِيفُ بَنِي جَبَلَةَ مِنْ كِنْدَةَ. وَالْبُرَكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ. وَعَمْرُو بْنُ بُكَيْرٍ التَّمِيمِيُّ. فَاجْتَمَعُوا بِمَكَّةَ وَتَعَاهَدُوا وَتَعَاقَدُوا لَيُقْتَلَنَّ هَؤُلاءِ الثَّلاثَةَ: عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَمُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ. (كما مر ذكرهم قبل هذا في واقعة ذكرها المصلح الموعود) وَيُرِيحَنَّ الْعِبَادَ مِنْهُمْ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ: أَنَا لَكُمُ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. وَقَالَ الْبُرَكُ: وَأَنَا لَكُمْ بِمُعَاوِيَةَ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ بُكَيْرٍ: أَنَا أَكْفِيكُمْ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ. فَتَعَاهَدُوا عَلَى ذَلِكَ وَتَعَاقَدُوا وَتَوَاثَقُوا لا يَنْكُصُ رَجُلٌ منهم عَنْ صَاحِبِهِ الَّذِي سَمَّى وَيَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ حَتَّى يَقْتُلَهُ أَوْ يَمُوتَ دُونَهُ. (أي إلى هذه الدرجة أكدوا على أنفسهم بأنهم إما يقتلون هؤلاء الثلاثة أو يقتلون دونهم ولا يرجعون) فَاتَّعَدُوا بَيْنَهُمْ لَيْلَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ. ثُمَّ تَوَجَّهَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَى الْمِصْرِ الَّذِي فِيهِ صَاحِبُه (الذي يريد قتله). فَقَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ الْكُوفَةَ فَلَقِيَ أَصْحَابَهُ مِنَ الْخَوَارِجِ فَكَاتَمَهُمْ مَا يُرِيدُ. وَكَانَ يَزُورُهُمْ وَيَزُورُونَهُ. فَزَارَ يَوْمًا نَفَرًا مِنْ تَيْمِ الرَّبَابِ فَرَأَى امْرَأَةً مِنْهُمْ يُقَالُ لَهَا قَطَامِ بِنْتُ شُجْنَةَ بْنِ عَدِيِّ. وَكَانَ عَلِيٌّ قَتَلَ أَبَاهَا وَأَخَاهَا يَوْمَ نَهْرَوَانَ فَأَعْجَبَتْهُ فَخَطَبَهَا. فَقَالَتْ: لا أَتَزَوَّجُكَ حَتَّى تُسَمِّيَ لِي. فَقَالَ: لا تَسْأَلِينَنِي شَيْئًا إِلا أَعْطَيْتُكِ.

فَقَالَتْ: ثَلاثَةُ آلافٍ وَقَتْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا جَاءَ بِي إِلَى هَذَا الْمِصْرِ إِلا قَتْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَقَدْ آتَيْتُكِ مَا سَأَلْتِ. وَلَقِيَ ابْنُ مُلْجَمٍ شَبِيبَ بْنَ بَجَرَةَ الأَشْجَعِيَّ فَأَعْلَمَهُ مَا يُرِيدُ وَدَعَاهُ إِلَى أَنْ يَكُونَ مَعَهُ فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ. وَبَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ تِلْكَ اللَّيْلَةِ الَّتِي عَزَمَ فِيهَا أَنْ يَقْتُلَ عَلِيًّا فِي صَبِيحَتِهَا يُنَاجِي الأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ الْكِنْدِيَّ فِي مَسْجِدِهِ حَتَّى كَادَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ. فَقَالَ لَهُ الأَشْعَثُ: فَضَحَكَ الصُّبْحُ فَقُمْ. فَقَامَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ وَشَبِيبُ بْنُ بَجَرَةَ فَأَخَذَا أَسْيَافَهُمَا ثُمَّ جَاءَا حَتَّى جَلَسَا مُقَابِلَ السُّدَّةِ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا عَلِيٌّ.

قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: وَأَتَيْتُهُ سَحَرًا فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ علي: إِنِّي بِتُّ اللَّيْلَةَ أُوقِظُ أَهْلِي فَمَلَكَتْنِي عَيْنَايَ وَأَنَا جَالِسٌ فَسَنَحَ لِي رَسُولُ اللَّهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَقِيتُ مِنْ أُمَّتِكَ مِنَ الأَوَدِ وَاللَّدَدِ.

فَقَالَ لِي: ادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ. فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ أَبْدِلْنِي بِهِمْ خَيْرًا لِي مِنْهُمْ وَأَبْدِلْهُمْ شَرًّا لَهُمْ مِنِّي. وَدَخَلَ ابْنُ النَّبَّاحِ الْمُؤَذِّنُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: الصَّلاةُ. (يقول الحسن:) فَأَخَذْتُ بِيَدِ عليّ فَقَامَ يَمْشِي وَابْنُ النَّبَّاحِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنَا خَلْفَهُ. فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ الْبَابِ نَادَى: أَيُّهَا النَّاسُ الصَّلاةَ الصَّلاةَ. كَذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ فِي كُلِّ يَوْمٍ يَخْرُجُ وَمَعَهُ دِرَّتُهُ يُوقِظُ النَّاسَ.(أي يطرق أبوابهم بالدرة) فَاعْتَرَضَهُ الرَّجُلانِ (المهاجمان). فَقَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ ذَلِكَ: فَرَأَيْتُ بَرِيقَ السَّيْفِ وَسَمِعْتُ قَائِلا يَقُولُ: لِلَّهِ الْحُكْمُ يَا عَلِيُّ لا لَكَ! ثُمَّ رَأَيْتُ سَيْفًا ثَانِيًا فَضَرَبَا جَمِيعًا فَأَمَّا سَيْفُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ فَأَصَابَ جَبْهَتَهُ إِلَى قرنه ووصل إلى دِمَاغِهِ. وَأَمَّا سَيْفُ شَبِيبٍ فَوَقَعَ فِي الطَّاقِ (أي في حلق الباب).

وَسَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: لا يَفُوتَنَّكُمُ الرَّجُلُ. وَشَدَّ النَّاسُ عَلَيْهِمَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. فَأَمَّا شَبِيبٌ فَأَفْلَتَ. وَأُخِذَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ فَأُدْخِلَ عَلَى عَلِيٍّ. فَقَالَ: أَطِيبُوا طَعَامَهُ وَأَلِينُوا فِرَاشَهُ فَإِنْ أَعِشْ فَأَنَا أَوْلَى بِدَمِهِ عَفْوًا وَقِصَاصًا وَإِنْ أَمُتْ فَأَلْحِقُوهُ بِي أُخَاصِمُهُ عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ. أي في هذه الحالة أعرض القضية أمام الله تعالى. فلما حضرت عليًّا الوفاة أوصى، فكانت وصيته:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، هَذَا مَا أوصى بِهِ عَلِيّ بن أبي طالب، أوصى أنه يشهد أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ. إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ.

ثُمَّ خاطب ابنه الحسن وقال أوصيك وجميع ولدي وأهلي بتقوى اللَّه ربكم، وَلا تموتن إلا وَأَنْتُمْ مسلمون، وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا، فإني سمعت أبا القاسم r يقول: إن صلاح ذات البين أفضل من عامة الصَّلاة (أي صلاة النوافل) والصيام! (وهذا مهم جدا، ويجب أن تتذكروه دوما أن إصلاح العلاقات فيما بينكم أفضل من صلاة النوافل والصيام. العيش بسلام وتصالُح حسنة كبيرة) انظروا إِلَى ذوي أرحامكم فصلوهم يهون اللَّه عَلَيْكُمُ الحساب، اللَّه اللَّه فِي الأيتام، فلا تعنوا أفواههم، وَلا يضيعن بحضرتكم.

واللهَ اللهَ فِي جيرانكم، فإنهم وصية نبيكم r، مَا زال يوصي بِهِ حَتَّى ظننا أنه سيورثه. واللهَ اللهَ فِي القرآن، فلا يسبقنكم إِلَى العمل بِهِ غيركم، واللهَ اللهَ فِي الصَّلاة، فإنها عمود دينكم، واللهَ اللهَ فِي بيت ربكم فلا تخلوه مَا بقيتم، فإنه إن ترك لم يناظر، واللهَ اللهَ فِي الجهاد فِي سبيل اللَّه بأموالكم وأنفسكم، واللهَ اللهَ فِي الزكاة، فإنها تطفئ غضب الرب، واللهَ اللهَ فِي ذمة نبيكم، فلا يظلمن بين أظهركم، واللهَ اللهَ فِي أَصْحَاب نبيكم، فإن رَسُول اللَّهِ أوصى بهم، واللهَ اللهَ فِي الْفُقَرَاء والمساكين فأشركوهم فِي معايشكم، واللهَ اللهَ فِيمَا ملكت أيمانكم (أي اتقوا الله في شؤون من عُهدتْ إليكم كفالتُهم)، الصَّلاة الصَّلاة لا تخافن فِي اللَّه لومة لائم(فمن المهم جدا أن يكون رضوان الله نصب أعينكم دوما) يكفيكم من أرادكم وبغى عَلَيْكُمْ وقولوا لِلنَّاسِ حسنا كما أمركم اللَّه، وَلا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولَّى الأمر شراركم، ثُمَّ تدعون فلا يستجاب لكم (كما هي الأوضاع في البلاد الإسلامية) وَعَلَيْكُمْ بالتواصل والتباذل، وإياكم والتدابر والتقاطع والتفرق، وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى، وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ، وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ حفظكم اللَّه من أهل بيت، وحفظ فيكم نبيكم (أي سيبقى رسول الله r حيًّا للأبد من خلال نماذجكم الحسنة) أستودعكم اللَّه، وأقرأ عَلَيْكُمُ السلام ورحمة اللَّه .

قال أبو سنان الدؤلي، أنه عاد عليا رضي الله عنه في شكوى له أشكاها، قال: فقلت له: لقد تخوفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذه ، فقال : لكني والله ما تخوفت على نفسي منه، لأني سمعت رسول الله r الصادق المصدوق، يقول: « إنك ستضرب ضربة ها هنا وضربة ها هنا – وأشار إلى صدغيه – فيسيل دمها حتى تختضب لحيتك، ويكون صاحبها أشقاها ، كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود »

وفي رواية أن سيدنا عليا t قال بحق قاتله: أجلسوه، فإن متُّ فاقتلوه ولا تمثلوا بِهِ، وإن لم أمت فالأمر إلي فِي العفو أو القصاص.

يقول سيدنا المصلح الموعود t عن ذلك أنه قد ورد في التاريخ أن شخصا هاجم سيدَنا عليا بخنجر فشق بطنه ثم ألقي القبض عليه. (هذا ما كتب حضرته بأن بطنه قد شُق، وكان هناك جرح في الرأس أيضا، وربما كان قد أصاب البطن أيضا، وربما كان ذلك ظنَّ المصلح الموعود t وربما استخدم تعبيرا شائعا. باختصار قد ورد في أكثر الروايات أنه أصيب في الرأس). فلما قُبض على المهاجمُ سأل الصحابةُ حضرته كيف يعاملونه. فدعا سيدنا الإمام الحسن وأوصاه: إذا متُّ فاقتلْه قصاصا لي وإن لم أمتْ فلا تقتلوه.

عَنْ عَمْرٍو ذِي مُرٍّ، قَالَ: لَمَّا أُصِيبَ عَلِيٌّ بِالضَّرْبَةِ، دَخَلْتُ عَلَيْهِ، وَقَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ، قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَرِنِي ضَرْبَتَكَ، قَالَ: فَحَلَّهَا، فَقُلْتُ: خَدْشٌ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، قَالَ: إِنِّي مُفَارِقُكُمْ، فَبَكَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ، فَقَالَ لَهَا: اسْكُتِي، فَلَوْ تَرَيِنَّ مَاذَا أَرَى لمَا بَكَيْتِ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا تَرَى؟ قَالَ: هَذِهِ الْمَلائِكَةُ وُفُودٌ، وَالنَّبِيُّونَ، وَهَذَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: يَا عَلِيُّ، أَبْشِرْ، فَمَا تَصِيرُ إِلَيْهِ خَيْرٌ مِمَّا أَنْتَ فِيهِ.

وفي رواية: لَمَّا فَرَغَ عَلِيٌّ مِنْ وَصِيَّتِهِ، قَالَ: أَقْرَأُ السلامَ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، ثُمَّ لَمْ يَتَكَلَّمْ إِلا بِـ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ.

لَمَّا تُوُفِّيَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَامَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ. قَدْ قُبِضَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ لَمْ يَسْبِقْهُ الأَوَّلُونَ وَلا يُدْرِكُهُ الآخِرُونَ. قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَبْعَثُهُ الْمَبْعَثَ فَيَكْتَنِفُهُ جِبْرِيلُ عَنْ يَمِينِهِ وَمِيكَائِيلُ عَنْ شِمَالِهِ فَلا يَنْثَنِي حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ لَهُ. وَمَا تَرَكَ إِلا سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا خَادِمًا. وَلَقَدْ قُبِضَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي عُرِجَ فِيهَا بِرُوحِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ لَيْلَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ.   (الطبقات الكبرى لابن سعد)

وفي رواية أن شهادة علي في ليلة السابع عشر من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة. (الإصابة)

وكان عهد خلافته أربع سنوات وثمانية أشهر.

لقد بين سيدنا المصلح الموعود t هذا الحادث فقال: في المجلد الثالث لطبقات ابن سعد وردت رواية سيدنا الإمام الحسن عن وفاة سيدنا علي t فقال: أَيُّهَا النَّاسُ. قَدْ قُبِضَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ لَمْ يَسْبِقْهُ الأَوَّلُونَ (في بعض خصاله) وَلا يُدْرِكُهُ الآخِرُونَ. قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَبْعَثُهُ الْمَبْعَثَ فَيَكْتَنِفُهُ جِبْرِيلُ عَنْ يَمِينِهِ وَمِيكَائِيلُ عَنْ شِمَالِهِ فَلا يَنْثَنِي حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ لَهُ. وَمَا تَرَكَ إِلا سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا خَادِمًا. وَلَقَدْ قُبِضَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي عُرِجَ فِيهَا بِرُوحِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ لَيْلَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ.

وَغَسَّلَهُ ابْنَاهُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ الْحَسَنُ ابْنُهُ، وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا. وَكُفِّنَ فِي ثَلاثة أَثْوَابٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ، وَدُفِنَ فِي السَّحَرِ. وقيل: إن عليًا كَانَ عنده بقية مسك من حنوط رَسُول اللَّه r أوصى أن يحنط بِهِ.

فِي عمره اختلاف، فَقَالَ البعض أن عليّا توفي، وهو ابْنُ سبع وخمسين سنة، وقيل: توفي ابْنُ ثمان وخمسين سنة. وقال البعض توفي وهو ابن خمس وستين سنة وقيل ثلاث وستين وعند الأكثرين هذا أصح.

هنا ينشأ السؤال: أين ضريح سيدنا علي؟ ففي ذلك نجد روايات مختلفة في كتب التاريخ، وهي أن سيدنا عليا دفن في الكوفة ليلا سرًّا، ومنها أن سيدنا عليا دفن في المسجد الجامع بالكوفة.

وفي رواية أن الحسنَ والحسينَ حولاه فنقلاهُ إلى المدينةِ فدفناه بالبقيعِ عند قبرِ زوجتهِ فاطمةَ. وفي رواية أن في تلك الأيام حين وُضع جثمان علي في تابوت وحملوه على جمل، ضل الجمل ووقع عليه جماعة من طيء فظنوا فيه مالا، فلما رأوا أن فيه ميتًا لم يعرفوه فدفنوا الصندوق بما فيه، ولا يعلم أحد مكان قبر علي t. وفي رواية أن الحسن دفن عليا في حجرة لآل جعدة بن هبيرة في الكوفة، يقال إن جعدة كان ابن أخت علي t. قال الإمام جعفر الصادق صلوا على علي وقت الليل ودفنوه في الكوفة وأخفوا مكان قبره وكان عند قصر الإمارة، وفي رواية أخرى بعد وفاة علي صلى عليه الحسن ودفنه خارج الكوفة وأخفوا مكان قبره لئلا تنبشه الخوارج فيعرضونه للمهانة. قال بعض الشيعة إن مزار علي في النجف ويُعرف اليوم بمشهد النجف. وفي رواية استُشهد علي في الكوفة ولا يُدرى مكان قبره وبعد وفاته صلى عليه الحسن ودُفن في دار الإمارة خوفًا من أن يمس الخوارج جثمانه.

قال العلامة ابن الأثير: هذه الرواية معروفة ومن قال إنه حُمل على دابة ذهبت به إلى حيث لم يعلمه أحد لم يصح وتكلف بما ليس له علم ولا يُجيزه العقل ولا الشرع ومعظم الروافض الجهال يعتقدون بأن مزار علي في مشهد النجف لا دليل عليه ولا حقيقة له بل قيل إنه قبر المغيرة بن شعبة t.

قال الإمام ابن تيمية: “وأما المشهد الذي بالنجف فأهل المعرفة متفقون على أنه ليس بقبر علي t، بل قيل إنه قبر المغيرة بن شعبة t، ولم يكن أحدٌ يذكر أن هذا قبر علي ولا يقصده أحد أكثر من ثلاثمائة سنة مع كثرة المسلمين من أهل البيت والشيعة وغيرهم وحكمهم بالكوفة، (مجموع الفتاوى) بعد استشهاد علي t سُمي هذا المكان بالمشهد لذا لا يصح القول أنه قبر علي t. كذلك كتب العلامة ابن الجوزي في تاريخه بعد ذكر الروايات المتنوعة المذكورة عن مرقد علي t: والله أعلم أي الأقوال أصح.

أما عن زيجات علي وأولاده فقد تزوج علي t ثماني أزواج في أوقات مختلفة وأسماؤهن هي: فاطمة بنت رسول الله r، خولة بنت جعفر بن قيس، ليلى بنت مسعود بن خالد، أم البنين بنت حزام بن خالد، أسماء بنت عميس، الصهباء أم حبيب بنت ربيعة، أمامة بنت العاص بن الربيع وهي حفيدة النبي r من ابنته زينب رضي الله عنها، أم سعيد بنت عروة الثقفية. وهن أنجبن لعلي t ذرية كثيرة يتجاوز عددها ثلاثين منها أربعة عشر ذكرا وتسع عشرة امرأة. وكان عموم ذرية علي t من أولاده الخمسة: الْحَسَن والحسين ومحمد ابن الحنفية والعباس ابن الكلابية وعمر ابن التغلبية. (الطبقات)

وورد عن فضائل علي t وخصائله ومناقبه عن ابن عباس t قال قال رسول الله r: أَنَا مَدِيْنَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ بَابُهَا، فَمَنْ أَرَادَ الْمَدِينَةَ، فَلْيَأْتِ الْبَابَ. (المستدرك)

قال المصلح الموعود t: قد روى علي t أن أبا بكر t كان أشجع الصحابة، وعندما أُعدّتْ عريشة للنبي r يوم بدر وتساءل القوم: من الذي يقوم على حراسة النبي r في هذا الوقت الحرج، امتشق أبو بكر t سيفه وقال: أنا سأقوم بهذا الواجب بإذن الله. (تاريخ الخلفاء للسيوطي) كذلك ورد في الحديث أن النبي r قال مرة: “أنا مدينة العِلم وعليٌّ بابُها”. (الجامع الصغير) فالنبي r قد عدَّ عليًا t من العلماء، لكن في غزوة خيبر عندما كان المسلمون في موقف حرج جدًّا ناول النبي r عليًّا الراية (الترمذي) مما يدل أن العلماء في عهده r لم يكونوا جبناء بل كانوا أشجع الشجعان. (التفسير الكبير ج7)

يتحدث حضرته t هنا عن شجاعة العلماء وذكر هذا الحدث.

قال عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ t: لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنِّي لأَرْبِطُ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِي مِنَ الْجُوعِ، وَإِنَّ صَدَقَتِي لَتَبْلُغُ الْيَوْمَ أَرْبَعَةَ آلافِ دِينَارٍ وفي رواية أربعينَ أَلْفَ دِينَارٍ.

وعَنْ أَبِي بَحْرٍ، عَنْ شَيْخٍ لَهُمْ، قَالَ: رَأَيْت عَلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ إِزَارًا غَلِيظًا، قَالَ: اشْتَرَيْتُهُ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ، فَمَنْ أَرْبَحَنِي فِيهِ دِرْهَمًا بِعْتُهُ قَالَ: وَرَأَيْتُ مَعَهُ دَرَاهِمَ مَصْرُورَةً، فَقَالَ: هَذِهِ بَقِيَّةُ نَفَقَتِنَا مِنْ يَنْبُعَ. (وينبع قرية تبعد عن المدينة سبعة منازل نحو ساحل البحر) كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ عَلِيٍّ: اللَّهُ الْمَلِكُ. (طبقات)

عَنْ جُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ التَّيْمِيِّ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ عَمَّتِي عَلَى عَائِشَةَ فَسُئِلَتْ أَيُّ النَّاسِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ فَاطِمَةُ، فَقِيلَ مِنْ الرِّجَالِ قَالَتْ زَوْجُهَا علي t. (سنن الترمذی کتاب المناقب بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا)

عَنْ ثعلبة بْن أَبِي مَالِك، قَالَ: كَانَ سعد بْن عبادة صاحب راية رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المواطن كلها، فإذا كَانَ وقت القتال أخذها عليّ بْن أَبِي طَالِب. (أسد الغابة)

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ، قَالَ: اسْتَعْمَلَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَى مَدْرَجِ سَابُورَ، (وهي منطقة في بلاد فارس تبعد عن مدينة شيراز مئة ميل تقريبا) فَقَالَ: “لا تَضْرِبَنَّ رَجُلا سَوْطًا فِي جِبَايَةِ دِرْهَمٍ، وَلا تَتَبِعَنَّ لَهُمْ رِزْقًا، وَلا كِسْوَةً شِتَاءً وَلا صَيْفًا، (أي لا تأخذ الضريبة بحيث لا يجدوا الكسوة بسببها) وَلا دَابَّةً يَعْتَمِلُونَ عَلَيْهَا، وَلا تُقِيمَنَّ رَجُلا قَائِمًا فِي طَلَبِ دِرْهَمٍ”، (لا تشكل على الناس ولا تُثقل عند أخذ الضريبة أو الجزية) قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِذَنْ أَرْجِعُ إِلَيْكَ كَمَا ذَهَبْتُ مِنْ عِنْدِكَ، قَالَ: “وَإِنْ رَجَعْتَ وَيْحَكَ! إِنَّمَا أُمِرْنَا أَنْ نَأْخُذَ مِنْهُمُ الْعَفْوَ، يَعْنِيَ الْفَضْلَ.” (أسد الغابة)

عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي t: أنت أخي وصاحبي. (كنز العمال)

عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ شَهِدْتُ عَلِيًّا أُتِيَ بِدَابَّةٍ لِيَرْكَبَهَا فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ ثَلَاثًا فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى ظَهْرِهَا قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ ثُمَّ قَالَ {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ ثَلَاثًا وَاللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا سُبْحَانَكَ إِنِّي قَدْ ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ ثُمَّ ضَحِكَ قُلْتُ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ كَمَا صَنَعْتُ ثُمَّ ضَحِكَ فَقُلْتُ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِنَّ رَبَّكَ لَيَعْجَبُ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرُكَ. (سنن الترمذي)

عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ قَالَ: خَطَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِرُكُوبِهِمُ الْمَعَاصِي وَلَمْ يَنْهَهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ، فَلَمَّا تَمَادَوْا فِي الْمَعَاصِي أَخَذَتْهُمُ الْعُقُوبَاتُ فَمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَانْهُوا عَنِ الْمُنْكَرِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ بِكُمْ مِثْلُ الَّذِي نَزَلَ بِهِمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ لَا يَقْطَعُ رِزْقًا وَلَا يُقَرِّبُ أَجَلًا.

عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r عِنْدَ امْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ صَنَعَتْ لَهُ طَعَامًا، فَقَالَ النَّبِيُّ r: يَدْخُلُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ، فَهَنَّيْنَاهْ، ثُمَّ قَالَ: يَدْخُلُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَدَخَلَ عُمَرُ، فَهَنَّيْنَاهْ، ثُمَّ قَالَ: يَدْخُلُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ  مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ r يُدْخِلُ رَأْسَهُ تَحْتَ الْوَدِيِّ، فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ عَلِيًّا، فَدَخَلَ عَلِيٌّ، فَهَنَّيْنَاه.

عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r. اشْتَاقَتِ الْجَنَّةُ إِلَى ثَلَاثَةٍ عَلِيٍّ وَعَمَّارٍ وَسَلْمَانَ.

عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، أَنَّ عَلِيًّا u قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ آخِذٌ بِيَدِي وَنَحْنُ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ، إِذْ مَرَرْنَا بِحَدِيقَةٍ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَحْسَنَهَا مِنْ حَدِيقَةٍ، قَالَ: لَكَ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا.

عن عَمَّار بْن يَاسِرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: ” يَا عَلِيُّ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ زَيَّنَكَ بِزِينَةٍ لَمْ يَتَزَيَّنِ الْعِبَادُ بِزِينَةٍ أَحَبَّ إِلَيْه مِنْهَا: الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، فَجَعَلَكَ لا تَنَالُ مِنَ الدُّنْيَا شَيْئًا، وَلا تَنَالُ الدُّنْيَا مِنْكَ شَيْئًا، وَوَهَبَ لَكَ حُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَرَضُوا بِكَ إِمَامًا، وَرَضِيتَ بِهِمْ أَتْبَاعًا، فَطُوبَى لِمَنْ أَحَبَّكَ، وَصَدَقَ فِيكَ، وَوَيْلٌ لِمَنْ أَبْغَضَكَ، وَكَذَبَ عَلَيْكَ، فَأَمَّا الَّذِينَ أَحَبُّوكَ وَصَدَقُوا فِيكَ، فَهُمْ جِيرَانُكَ فِي دَارِكَ، وَرُفَقَاؤُكَ فِي قَصْرِكَ، وَأَمَّا الَّذِينَ أَبْغَضُوكَ وَكَذَبُوا عَلَيْكَ، فَحَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُوَقِّفَهُمْ مَوْقِفَ الْكَذَّابِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

يقول سيدنا المصلح الموعود t ما معناه: إن عليّا وفاطمة سيكونان في مقام في الجنة حيث أكون أنا.

وقد ورد أن عليا t من العشرة المبشرين بالجنة، فقد جاء في حديث عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ أَنَّهُ قَالَ أَشْهَدُ عَلَى التِّسْعَةِ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ وَلَوْ شَهِدْتُ عَلَى الْعَاشِرِ لَمْ آثَمْ قِيلَ وَكَيْفَ ذَلِكَ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r بِحِرَاءَ فَقَالَ اثْبُتْ حِرَاءُ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ قِيلَ وَمَنْ هُمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r  وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَسَعْدٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ قِيلَ فَمَنْ الْعَاشِرُ قَالَ أَنَا.

والآن سأقرأ مقتبسا من كلام المسيح الموعود u وقد ذكرته من قبل أيضا ولكن ما دام u قد بيّنه في سياق ضبط النفس وإزالة الأنانية الزائفة لذا سأسرده هنا أيضا. فيقول المسيح الموعود u: يُروى أن عليًّا كرَّم الله وجهه كان ذات مرة يحارب عدوا لوجه الله، فأسقطه عليّ وجلس على صدره، فبصق العدو فورا على وجه عليٍّ فنزل من على صدره فورا وتركه وقال له: كنت إلى الآن أحاربك لوجه الله، أما الآن وقد بصقتَ على وجهي فقد شابت القتال شائبة من نفسي أيضا فلا أريد أن أقتلك من أجل نفسي. يتبين من ذلك بجلاء أنه لم يحسب عدوه الشخصي عدوا. كذلك يجب أن تتخلقوا بهذه الأخلاق وتطبعوا على أنفسكم بهذا الطابع. إذا آذيتم أحدا لطمع أو حاجة في نفوسكم ووسَّعتم سلسلة العداوة فأيّ شيء أكثر إسخاطا لله من ذلك.

وفي مناسبة أخرى زاد المسيح الموعود u هذا الموضوع شرحا وقال: تعلّموا درسا من أسوة عليّ t للتمييز بين الحماس لوجه الله والحماس للنفس. رُوي أن عليا t كان يحارب مقاتلا كافرا فكان عليّ يسيطر عليه مرة بعد أخرى ولكنه كان يفلت من سيطرته. ثم تمكّن علي من إحكام سيطرته عليه أخيرا وجلس على صدره، وأوشك أن يقتله بالخنجر وإذ بالكافر يبصق على وجه علي. عندما فعل الكافر ذلك نزل علي t من على صدره وتركه. فاستغرب الكافر من ذلك أيما استغراب وسأله: لقد تمكّنتَ مني بعد جهد جهيد وأنا عدوك اللدود ومتعطش لدمك، ولكنك تركتني بعد أن تمكّنتَ مني. فما الذي دعاك إلى ذلك؟ قال علي: أنا لا أعاديك عداوة شخصية، وما دمتَ تؤذي المسلمين بسبب الخلاف في الدين تستحق القتل وكنت قد بطشتُ بك لضرورة دينية فقط، ولكن عندما بصقتَ على وجهي وغضبتُ لفعلك هذا خطر ببالي أن نفسي دخلت الآن في الموضوع فلا يصح قتلك حتى لا يكون فعلي من أجل نفسي بل يجب أن يكون كل شيء لوجه الله. وعندما ستتغير حالتي هذه ويزول عني الغضب سأعاملك المعاملة نفسها. لقد ترك هذا الكلام تأثيرا كبيرا في قلب الكافر وزال من قلبه الكفر كله وفكّر في نفسه: أيّ دين يمكن أن يكون أفضل في العالم من أن يصبح المرء طيب النفس على هذا النحو نتيجة العمل به. فتاب فورا وأسلم.

أقول: هذه هي التقوى الحقيقية التي لها تأثيرها. لقد ذكر سيدنا المصلح الموعود t أيضا حادث قتال عليّ t مع هذا اليهودي على النحو المذكور تقريبا، فقال: كان علي t في قتال فخرج لنـزاله عدو شجاع كبير، لا يقدر على مواجهته إلا قلة. فظل يحاربه إلى عدة ساعات، وبعد ساعات طويلة أسقط عليٌّ t اليهوديَّ وجلس على صدره وأراد أن يقطع عنقه بالسيف. فما كان من اليهودي إلا أن بصق في وجه علي t، فتركه علي t وابتعد عنه، فاحتار اليهوديّ من هذا التصرف وسأله مذهولا: لقد تمكنت منّي يا عليّ بعد صراع طويل ثم تركتني فجأة، فما هذه الغباوة؟ قال عليّ: هذه ليست غباوة بل الحق أنه عندما صرعتُك بصقتَ في وجهي، فثار الغضب في قلبي، ولكن ذهب وهلي فورا إلى أنني كنت إلى الآن أحاربك لوجه الله، ولكن ولو استمررتُ في محاربتك لكان قتلي إياك لغضب في نفسي ولما كان لوجه الله ولنيل رضاه I. لذا رأيت من المناسب أن أتركك وشأنك، وعندما سيزول مني الغضب سأحاربك مرة أخرى لوجه الله.

وللحديث بقية سأتناولها مستقبلا بإذن الله.

أود الآن قول شيء آخر، وهو: إن هذا اليوم هو أول يوم من هذه السنة، وهو يوم الجمعة. فادعوا الله تعالى أن تكون هذه السنة مباركة لجماعتنا وللعالم أجمع وللإنسانية جمعاء، وأن نكون أكثر أداءً لواجباتنا، وإنابةً إلى الله تعالى، ورفعًا لمعايير عباداتنا، وأن يصبح أهل الدنيا أكثرَ إداركًا لغاية حياتهم، وأداءً لحقوق الله تعالى ولحقوق إخوانهم الآخرين طبقًا لأحكام الله تعالى، بدلاً من هضم حقوقهم، وإلا فإن لله تعالى أسلوبا خاصا للفت أنظار أهل الدنيا إلى أداء واجباتهم. يا ليتنا وليت أهل الدنيا كلهم يستوعبون هذا الأمر ويصلحون دنياهم وعقباهم.

منذ السنة الماضية نعاني من جائحة وبائية خطيرة، فليس في العالم بلد إلا وحل به هذا الوباء، قليلا أو كثيرا، ومع ذلك يبدو أن أغلبية أهل الدنيا لا يريدون أن ينتبهوا إلى أن هذا الوباء ربما جاء من الله تعالى لينبهنا إلى أداء حقوق الله وواجباته تعالى. إنهم لا يريدون أن يفكروا على هذا المنوال، ولا يتساءلون: لعل الله يريد إيقاظهم وإنذارهم. لا أحد منهم يفكر على هذا النحو، ولا ينتبه لهذا الأمر. قبل بضعة أشهر بعثت إلى عديد من زعماء شتى الدول رسائل لتوجيه أنظارهم إلى هذا الأمر وحاولت نصحهم بالنظر إلى جائحة كورونا، ونبهتهم بالحديث عن سيدنا المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام إلى أن هذه الآفات تحل نتيجة نسيان الناس حقوق الله وعدم أدائهم واجبات الله تعالى، بل بسبب التمادي في الظلم والعدوان، فعليهم أن ينتبهوا إلى هذا الأمر. فرد بعض هؤلاء الزعماء على رسائلي، ولكن كانت ردودهم مصطبغة بصبغة أهل الدنيا الماديين، إذ قالوا إننا أيضا نريد ذلك، ولكن كلامهم كان بمنظور الدنيا فقط لا بمنظور الدين، ولم يبدوا أدنى التفات إلى الله الذي ركزت عليه في الرسائل كثيرا، ولم يقولوا: نعمْ، إنه لا بد من ذلك. لا يريدون اتخاذ خطوة عملية لتغيير ما بأنفسهم، ولا يريدون تنبيه شعوبهم إلى غاية خلقهم شفقةً عليهم رغم إدراكهم شدة خطورة الأوضاع ما بعد هذا الوباء. إن كل زعيم في العالم يدرك ذلك جيدا، وكل عاقل ومحلل يعلم ذلك. ومع ذلك لا يريدون العمل بالحل الحقيقي لهذه المعضلة، إنما يلتفتون إلى الجهود الدنيوية المادية فقط.

الحق أن هذه الجائحة لا تؤثر سلبيا على صحة كل فرد في العالم فقط، بل إنه يُضعِفه اقتصاديا أيضا على العموم، بل الواقع إنها قد بدأت تكسر معيشة الدول الغنية الكبرى أيضا. وعندما تدمَّر المعيشة والاقتصاد فليس عند أهل الدنيا هؤلاء إلا حل وحيد ألا وهو الاستيلاء على موارد معيشة الدول الصغيرة، وإلقاؤها في شباكهم بشتى الحيل والمبررات لسلب ثرواتها. سوف تتشكل الكتل، بل إنها بدأت تتشكل، وسوف تبدأ الحرب الباردة ثانية، بل إنها قد بدأت بالفعل كما يقول البعض، وليس بمستبَعد نشوبُ الحرب بالأسلحة، وستكون حربا مهولة جدا، وسوف يقعون في حفرة عميقة الغور مرة أخرى. إن شعوب البلاد الفقيرة مطحونة سلفا، وسوف تُطحَن شعوب البلاد الغنية أيضا طحنا مخيفا جدا.

لذا علينا نحن الأحمديين أداء واجبنا وتنبيه العالم قبل أن يلقى هذا المصير. إن هذا العام الجديد لن يكون عام تبادل التهاني إلا إذا قمنا بواجبنا على هذا النحو ونصحنا الناس ونبهنا العالم إلى هذا الأمر. والواضح أن هذا يفرض علينا فحص أنفسنا أولاً لنرى ما إذا كنا – ونحن الذين قد آمنا بإمام هذا الزمان المسيح الموعود والمهدي المعهود – قد أحدثنا بالفعل تغييرا طيبا في أنفسنا، بحيث أصبحنا نؤدي حقوق الله خالصة لمرضاته، ونؤدي حقوق العباد أيضا، أم أننا ما زلنا بحاجة إلى إصلاح أنفسنا ورفع معاييرنا كثيرا من أجل خلق مشاعر الحب والود فيما بيننا. لذا فعلى كل أحمدي أن يفكر جيدا ليدرك أن عملا عظيما قد ألقي على كاهله، وأن القيام به يتطلب منا أولاً خلق جو من الحب والوئام والتآخي فيما بيننا وإصلاح المجتمع الأحمدي، ثم بعد ذلك علينا جمع العالم تحت الراية التي رفعها سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي هي راية توحيد الله تعالى، وعندها فقط ننجح في تحقيق الهدف من بيعتنا، وعندها نتمكن من أداء حق البيعة، وعندها فقط نرث أفضال الله تعالى، وعندها فقط يكون لنا الحق في تبادل التهاني بمناسبة حلول العام الجديد. وفقنا الله لذلك، وأعان كل أحمدي، ذكرًا كان أو أنثى، طفلا كان أو شيخا، على أن يستوعب هذا الأمر ويعاهد على بذل كل ما عنده من قوة وكفاءة لإحداث انقلاب في العالم في هذه السنة. وفق الله كل أحمدي لذلك.

وأحثكم أيضا على الدعاء من أجل الأحمديين في باكستان والجزائر في هذه الأيام خاصة، فاذكروهم في أدعيتكم. في بعض المناطق في باكستان قد صمم بعض المشايخ والمسؤولين الحكوميين على اضطهاد الأحمديين في كل حال. عجّل الله بطشه بمن يستحيل إصلاحه منهم. والله أعلم بمن يمكن إصلاحه منهم وبمن إصلاحه محال، فالذين إصلاحهم محال ندعو الله تعالى أن يهيئ الأسباب للبطش بهم عاجلا. وليقض الله عاجلا وينجِّنا مما يسمى “قانون المنع من الإساءة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم”، ذلك القانون الغاشم الذي تحت غطائه يسعى هؤلاء لظلم الأحمديين، حتى إنهم يسعون جاهدين لحظر كل وسيلة نستخدمها لتربية الأحمديين. الحق أن هؤلاء الظالمين هم الذين يشوهون سمعة المبعوث رحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم، أما الأحمديون فإنهم يضحون بأرواحهم في الذود عن عرض النبي صلى الله عليه وسلم. الحق أن الأحمديين يعملون اليوم لجمع العالم تحت راية محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من أي جهة أخرى، بل الأحمديون هم وحدهم الذين يعملون في هذا المجال حقيقة، بل الحق أنه إذا كان أحد يقوم بهذا العمل فهو الأحمدي فقط.

فأهل الدنيا هؤلاء يمكنهم أن يظلمونا مغرورين بحكمهم وقوتهم وأموالهم، ولكن عليهم أن يتذكروا أننا نؤمن بذلك الإله الذي هو نعم المولى ونعم النصير، وإن النصر من ذلك الإله الذي هو نعم المولى ونعم النصير ينزل وينزل حتما، وعندما يأتي نصر الله وتأييده فلا يُرى حتى غبار أهل الدنيا هؤلاء المغرورين بقوتهم وأموالهم.

فعلينا تزيين عباداتنا بالأدعية أكثر فأكثر، وإذا فعلنا ذلك فعندها يكون فوزنا مضمونا.

كنت قد ذكرتُ من قبل عن جماعتنا في الجزائر أنهم قد حكموا هنالك ببراءة إخواننا جميعا، ولكن الواقع أن محكمة حكمت ببراءة إخواننا المتهمين كلهم، بينما حكمت محكمة أخرى ببراءة إخواننا جميعا مع قليل من الغرامة. ولكن لا يزال هناك بعض الإخوة مسجونين، فعلينا أن ندعو الله تعالى بالإفراج عنهم عاجلا.

وادعوا للإفراج عن الأحمديين الأسرى في الله في باكستان أيضا. إن أفراحنا، سواء بمناسبة بداية العام الجديد أو العيد، إنما تتيسر لنا عندما نرفع في كل طرف وصوب في العالم راية توحيد الله تعالى الذي جاء به سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. إنما تكون أفراحنا حين يعرف العالم الـمُثل الإنسانية، وحين تتبدل الكراهيات إلى المحبة والوداد. هيأ الله لنا أسباب هذه الفرحة، وألهم الأمة الإسلامية العقل والصواب لكي يؤمنوا بالمسيح الموعود والمهدي المعهود الذي قد أتى.

حمى الله كل أحمدي في كل بلد بحفظه ورعايته، وجعل هذا العام عام رحمات وبركات لكل أحمدي ولكل إنسان، وندعو الله تعالى ألا تجلب تقصيراتنا وأنواع ضعفنا في السنوات الماضية سخط الله علينا وألا تتسبب في حرماننا من بعض إنعاماته، بل يورثنا الله إنعاماته وأفضاله، ويجعلنا مؤمنين حقيقيين. وفقنا الله تعالى للقيام بهذه الأدعية.