خطبة الجمعة

التي ألقاها أمير المؤمنين سيدنا مرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز

الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام

يوم 16/3/2018

*****

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين * إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّين. آمين.

يقول المسيح الموعود  مبيّنا مكانة أصحاب النبي :

إن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين هم أدلة منيرة على سيرة النبي . والذي يضيع هذه الأدلة فكأنه يضيع نبوة النبي ، فلا يمكن أن يقدّر النبي  حق التقدير إلا من يقدّر الصحابة . والذي لا يقدر الصحابة لا يمكن أن يقدر النبي  أيضا، وإذا قال بأنه يحب النبي  فهو كاذب في ادّعائه لأنه لا يمكن بحال من الأحوال أن يحب المرءُ النبي  ويعادي الصحابة .

ثم يقول : كان الصحابة جماعة طاهرة لم ينفصلوا عن نبيهم  قط، ولم يتوانوا عن التضحية بنفوسهم في سبيله. وقد فنوا في طاعته  لدرجة كانوا على أتم الاستعداد دائما لتحمّل كل مصيبة ومعاناة من أجله .

إذًا، هذه هي مكانة الصحابة رضوان الله عليهم التي يجب على كل أحمدي أن يضعها أمام عينيه دائما. عندما نقرأ سِيَر الصحابة ونطّلع على نماذجهم العملية تبرز أمامنا مكانتهم العظيمة. وهذه المكانة يجب أن تكون مدعاة للفت أنظارنا إلى أن سيرتهم وأسوتهم وأعمالهم ومستوى عبادتهم وطاعتهم قدوة لنا يجب أن نجعلها جزءا من حياتنا لا يتجزأ.

وسأسرد عليكم الآن بعض الوقائع من سِيَر الصحابة .

كان أبو دجانة  صحابيا من الأنصار ومن سكان المدينة، وقد أسلم قبل هجرة النبي  إلى المدينة. كان له شرف الاشتراك في غزوة بدر حيث قاتل بكل شجاعة وبسالة، وقد وُفِّق للاشتراك في غزوة أُحد أيضا. عندما انقلبت كفة المسلمين في الحرب، بمعنى أن المسلمين قد حازوا الانتصار في البداية ثم تغيّر الوضع فجأة وعاود الكفار كرتهم بسبب تركِ بعض الصحابة مكانهم، كان أبو دجانة من الصحاية الذين كانوا حول النبي . وقد تلقى جروحا بالغة في أثناء الدفاع عن النبي  ولكن لم يتقهقر ولو خطوة واحدة على الرغم من إصابته بحروح خطيرة. وقد ورد في رواية أن النبي  أخذ ذات مرة سيفه وقال: “من يأخذ هذا السيف بحقه؟ فقام أبو دجانة، فقال: أنا آخذه يا رسول الله بحقه، فدفعه إليه رسول الله . فسأله أبو دجانة: فما حقه؟ قال : أن لا تقتل به مسلمًا ولا تفر به عن كافر. (أي يجب ألا يُستخدَم هذا السيف إلا لمحاربة الكفار الذين جاؤوا لمحاربة الإسلام والقضاء عليه).

وجاء في رواية أن أبا دجانة جعل يتبختر به بين الصفين، وقال رسول الله  حين رأى أبا دجانة يتبختر: إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن.

وقد استُـشهد أبو دجانة محاربا مسيلمة الكذاب يوم اليمامة. وقام بخطة ذكية لفتح باب القلعة -التي دخلها (مسيلمة) وأغلق على نفسه بابها- فقال لأصحابه: أَلقُوني في الحصن من فوق السور (علما أن السور كان عاليا جدا) وعندما ألقوه كسرتْ رِجله نتيجة السقوط ولكنه مع ذلك قاتل بكل شجاعة وفتح باب الحصن فدخله المسلمون. فقد أبدى أبو دجانة شجاعة كبيرة، واستُشهد وهو يقاتل بشجاعة عظيمة.

وقال ذات مرة لصديق له ما مفاده: لعل الله يتقبل مني عملَين، فإني لا أتكلم بكلام لغو أي لا أغتاب أحدا، وليس في صدري حقد أو ضغينة تجاه أيّ مسلم.

ثم هناك صحابي آخر وهو محمد بن مسلمة الذي كان من المسلمين الأنصار الأوائل، وكان رجلا شجاعا جدا وقاتل في غزوة أُحد بكل شجاعة ووقف مع النبي  بكامل الثبات والصمود. وقد حظي بشرف كبير أن النبي  أنبأ بحقه وتحققت تلك النبوءة بحيث أن النبي  دفع إليه سيفه وقَالَ قَاتِلْ بِهِ مَا كان القتال مع المشركين، فَإِذَا رَأَيْتَ المسلمين يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فاكسِره ثُمَّ الْزَمْ بَيْتَكَ حَتَّى تُهاجَم أو تَأْتِيَكَ مَنِيَّةٌ قَاضِيَةٌ. فعمل محمد بن مسلمة بنصيحة النبي ، وكسر ذلك السيف فعلا بعد استشهاد عثمان ، واتخذ سيفا من خشب يتغمَّده. سأله سائل: ما الحكمة في ذلك؟ فَقَالَ قَدْ فَعَلْتُ مَا أَمَرَنِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ  وَاتَّخَذْتُ هَذَا أُرْهِبُ بِهِ النَّاسَ. أي لن أحمل سيفا من حديد عملا بنصيحة النبي ، أما سيف من خشب فلا يضر أحدا. يقول الصحابة أن الفتنة التي بدأت بعد استشهاد عثمان  لم تؤثر في محمد بن مسلمة. وقد خيم في فلاة تحاشيا للفتن وكان يقول: أنوي أن أعيش في الفلاة ما لم تزُل الفتن.

فهؤلاء الصحابة عندما قاتلوا كان السبب وراء قتالهم أن الأعداء هاجموا الدِّينَ، ولأن رسول الله تعالى أمرهم بقتال المشركين الذين هاجموا الدين للقضاء عليه. ما دام المسلمون قائمين على ذلك ظلوا أقوياء وغالبين، وحين بدأوا يتقاتلون فيما بينهم ويقطعون رقاب بعضهم منخدعين بكلام المنافقين لم تعد فيهم الوحدة. كانت حكومتهم قائمة ظاهريا ولكنها ظلت تضعف شيئا فشيئا. فنرى اليوم أن الخلافات بين المسلمين قد بلغت قمتها. وقد تحققت نبوءة النبي  الأخرى أيضا وهي أنه سيحل زمن النور بعد عصر الظلام، وسيأتي المسيح الموعود فآمِنوا به والزموا جماعته ففيه البركة. ولكننا نرى أن المسلمين بسبب عدم إيمانهم بهذا المبعوث أصبحوا عطاشى حتى لدماء مواطنيهم. وقد أدى ذلك إلى أن العالَم غير المسلم يحكم المسلمين اليوم عمليا.

نجد أحداثا تفيد أن محمد بن مسلمة  كان ذا رأي سديد جدا ومطيعا جدا، ومن ثم كان الخلفاء يثقون به كثيرا، وخاصة سيدنا عمر وعثمان رضي الله عنهما اللذان قد عهدا إليه بعض المهام الحساسة والأعمال الضرورية. فكان عمر  يرسله لتقصي الحقائق والتحري عن الشكاوى التي كانت تصله ضد بعض العمّال من شتى البلاد والمناطق.

من أوائل الصحابة سيدنا أبو أيوب الأنصاري أيضا، فهو سعيد الحظ إذ تشرَّف بضيافة النبي  في أوائل أيام الهجرة إلى المدينة. فكل واحد كان يتمنى أن يقيم النبي  في بيته وكان كل واحد يلتمس من النبي  أن يقيم في بيته، فقَالَ خَلّوا سَبِيلَ ناقتي فَإِنّهَا مَأْمُورَةٌ. ومن سعادة أبي أيوب أن الناقة وقفت أمام بيته لكن الناس لم يقتنعوا بذلك أيضا والتمسوا من حضرته  النـزول عندهم فبيوتهم أيضا قريبة، فاقترع النبي  فخرج اسم أبي أيوب الأنصاري حصرًا، فأقام النبي  عنده. كان بيته ذا طابقين، فأقام أبو أيوب في الطابق العلوي وقدم الطابق السفلي للنبي ، ذات ليلة انكسرت جرة في الطابق العلوي (ومعلوم أنه كانت تستخدم الأواني الفخارية لحفظ الماء، وفي العصر الراهن أيضا في البلاد الفقيرة في العالم الثالث مثل باكستان ودول أفريقيا يوضع الماء في الأواني الفخارية) باختصار انكسرت الجرة، فظل أبو أيوب وزوجته ينشِّفان الماء طول الليل بلحافهما. وفي الصباح أخبر النبيَّ  بما حدث ليلا، وطلب منه أن يسكن في الطابق العلوي، فقبِل النبي  طلبه. فأقام عنده قرابة ستة أشهر أو سبعا، فسعى أبو أيوب  جاهدا لأداء حق الضيافة، فكان وزوجته يأكلان من فضل النبي  وقد ورد في الروايات أنهما كانا يتيمّمان موضع أصابع النبي . ذات يوم لم يجدا في الطعام أي أثر ليده  وكأنه لم يتناول، فجاءه أبو أيوب وقال له يا سيدي، لم تتناول العشاء اليوم، فقال النبي  حين أردت أن آكله وجدت فيه بصلا وثوما، وأنا لا أحبهما، فقال أبو أيوب  الشيء الذي لا يحبه النبي  فأنا أيضا لا أحبه، فلن أتناولهما في المستقبل. ما أروع قصص الحب والعشق هذه!

لقد شارك أبو أيوب الأنصاري في جميع الغزوات. في غزوة خيبر قُتل زعيم اليهود فتزوج النبي  ابنته صفية، وبعد ليلة الزفاف حين خرج  صباحا لصلاة الفجر وجد أبا أيوب الأنصاري يحرسه فسأله النبي  لم تقف هنا حارسا؟ فقال: قد واجه أقارب السيدة صفية الهزيمة على أيدينا، وقُتل بعضهم أيضا. لذا خطر ببالي أنه قد يأتي أحدهم إلى هنا ويسعى لأخذ الثأر، لذا أتيت إلى هنا حارسًا. فدعا النبي  بحقه قائلا: اللّهُمّ احْفَظْ أَبَا أَيّوبَ كَمَا بَاتَ يَحْفَظُنِي.

لقد شارك سيدنا أبو أيوب في الحرب مع الروم مع أنه كان قد تقدَّم في العمر، وإنما شارك لأن النبي  كان قد بشَّر بفتح القسطنطينية فأراد أن يشهده، وأثناء ذلك مرض، فلما سُئل عن أمنيته الأخيرة، قال بلِّغوا جميع المسلمين سلامي، واجعلوا قبري في أقصى مكان تستطيعون الوصول إليه في أرض العدو. فحُمل جثمانه ليلا إلى أقصى مكان يمكن الوصول إليه في بلد العدو ودُفن هناك. وقبره ما زال في تركيا، ويخبر الزوار أن الناس قد اخترعوا بعض القصص المبنية على البدع أيضا، منها أن الناس يسألونه قضاء حاجاتهم، ولكنهم لا يسألونه بل يعتقدون أن الدعاء الذي يُدعى عند قبره يجاب. على كل حال تُخترع قصص أيضا لاحقا. إن الدعاء الذي دعا به النبيُّ  بحقه أن يحفظه الله قد قُبل فكان قد شارك في حروب كثيرة ونجا فيها وعاد منها سالما وعاش طويلا.

ثم من صحابة النبي  عبد الله بن رواحة، وكان شاعرا مشهورا في العرب، وكان مشهورا بلقب شاعر الرسول، وهو الذي بلَّغ أهل المدينة خبر الفتح بعد انتهاء معركة بدر. هناك أحداث كثيرة لحبه وغيرته للنبي  ومنها:

عن عروة، أن أسامة بن زيد، أخبره أن رسول الله  ركب حمارا عليه إكاف على قطيفة فدكية وأردف أسامة بن زيد وراءه، عندما ذهب ليعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج قبل وقعة بدر حتى مر بمجلس فيه أخلاط من المسلمين، ومن المشركين عبدة الأوثان واليهود وفيه عبد الله ابن أبي بن سلول وعبد الله بن رواحة أيضا، فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة، خمر ابن أبي أنفه بردائه، ثم قال: لا تغبروا علينا، فسلم رسول الله ، ثم وقف فنزل فدعاهم إلى الله عز وجل، وقرأ عليهم القرآن، فقال عبد الله بن أبي ابن سلول: أيها المرء، إنه لا أحسن مما تقول إن كان حقا، فلا تؤذنا به في مجالسنا، ارجع إلى رحلك فمن جاءك فاقصص عليه. فقال عبد الله بن رواحة: بلى يا رسول الله، فاغشنا به في مجالسنا، فإنا نحب ذلك.

فهو لم يعبأ بما قاله ذلك الزعيم وإنما أبدى حبه وغيرته للنبي  تلقائيا ولم يبالِ بأولئك الزعماء وأهل الدنيا.

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بَعَثَ النَّبِيُّ  بعضَ الصحابة فِي سَرِيَّةٍ ومن بينهم عبد الله بن رَوَاحَةَ فَوَافَقَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَغَدَا أَصْحَابُهُ فَقَالَ أَتَخَلَّفُ فَأُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ  ثُمَّ أَلْحَقُهُمْ، فَلَمَّا صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللهِ  رَآهُ في المسجد فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَغْدُوَ مَعَ أَصْحَابِكَ؟ فَقَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ مَعَكَ الجمعة وأستمع إلى الخطبة ثُمَّ أَلْحَقَهُمْ، قَالَ النبي : لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَدْرَكْتَ فَضْلَ غَدْوَتِهِمْ، لأنهم خرجوا بحسب التوجيه. وهنا درس لنا أن الطاعة فرض. ورد في الروايات أن عبد الله بن رواحة  بعد هذا كان أول خارج إلى الغزو وآخر قافل إلى المدينة.

ورد في رواية عَنْ عُرْوَةَ بن الزُّبَيْرِ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ  بَعْثًا إِلَى مُؤْتَةَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ زَيْدَ بن حَارِثَةَ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنْ أُصِيبَ زَيْدٌ، فَجَعْفَرُ بن أبِي طَالبٍ عَلَى النَّاسِ، فَإِنْ أُصِيبَ جَعْفرٌ، فَعَبْدُ اللهِ بن رَوَاحَةَ عَلَى النَّاسِ. فإن أصيب ابن رواحة فليرتضِ المسلمون رجلا. فَلَمَّا حَضَرَ خُرُوجُ الجيش ووقت وداعهم، بدأ عَبْدُ اللهِ بن رواحة يبكي، فَقِيلَ لَهُ: مَا يَبْكِيكَ يَا ابْنَ رَوَاحَةَ؟ قَالَ: أَمَا وَاللهِ مَا هِيَ حُبُّ الدُّنْيَا وَضَنًّا بِهَا، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ، يَقْرَأُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ: وَإِنْ مِنكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (مريم: 71). فَلَسْتُ أَدْرِي كَيْفَ بِالصَّدْرِ بَعْدِ الوُرُودِ. (أي لا أدرى ماذا عسى أن يكون حالي بعد عبور جسر الصراط)

ولكن الرسول  بشَّر هؤلاء الذين يتقون الله تعالى بعاقبة حسنة إذ قال  عن أمراء البعث إلى مؤتة: رأيتهم جالسين على أرائك من الذهب في الجنة. فنال هؤلاء الناس مرادهم. يتبين تمنيه للشهادة في بعض أبياته، قال:

لَكِنَّنِي أَسْأَلُ الرَّحْمَنَ مَغْفِرَةً               وَضَرْبَةً ذَاتَ فَرْعٍ تَقْذِفُ الزَّبَدَا

أَوْ طَعْنَةً بِيَدَيْ حَرَّانَ مُجْهِزَةً              بِحَرْبَةٍ تَنْفُذُ الأَحْشَاءَ وَالْكَبِدَا

حَتَّى يَقُولُوا إِذَا مَرُّوا عَلَى جَدَثِي         يا أَرْشَدَ اللهُ مِنْ غَازٍ وَقَدْ رَشَدَا

وتفصيل الذين استُشهدوا في مؤتة هو أنه تبين عند الوصول إلى مؤتة أن الغساسنة استمدوا هرقل الروم ضد المسلمين وهو قد أرسل جيش مئتَي ألف لمواجهة المسلمين، وفي هذه المناسبة تشاور أمراء جيش المسلمين وَقَالُوا: نَكْتُبُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنُخْبِرُهُ بِعَدِدِ عَدُوِّنَا، فَإِمَّا أَنْ يُمِدَّنَا بِرِجَالٍ، وَإِمَّا أَنْ يَأْمُرَنَا بِأَمْرِهِ فَنَمْضِي لَهُ، فَشَجَّعَ عَبْدُ اللهِ بن رَوَاحَةَ النَّاسَ، ورفع همتهم بشعره، فتقدّم جيش المسلمين المكوَّن من ثلاثة آلاف شخص لمواجهة جيش من مئتي ألف جندي.

قال زيد بن أرقم  وهو يذكر أمنية عبد الله بن رواحة  للشهادة: اصطحبني عبد الله بن رواحة إلى غزوة مؤتة مردفا إياي على راحلته. وكان عبد الله بن رواحة كفل زيدَ بن أرقم يتيمًا وربّاه، يقول: سمعتُ ذات ليلة عبد الله بن رواحة يردد الأبيات التالية التي يذكر فيها أهله ويقول الآن لن أعود إليكم أبدا، وكان يتغنى بهذه الأبيات بكل سرور ويخاطب فيها زوجته ويقول:

إذا بلَّغتني وحملت رحلي … مسافة أربعٍ بعد الحساء

فزادك أنعمٌ وخلاك ذمٌّ … ولا أرجع إلى أهلي ورائي

وكأنه يعطي رسالة لأهله غائبا، فلما سمع زيد الولدُ الصغيرُ هذه الأبيات بكى حزنا، فضربه ضربة خفيفة بيده وقال: ما يضرك يا لكع أن يرزقني الله الشهادة وترجع وحدك بين شعبتي الرحل، ثم نزل نزلة من الليل فصلى ركعتين وعاقبهما دعاءً طويلاً ثم قال لي: يا غلام! فقلت: لبيك! قال: هي إن شاء الله الشهادة.

وأرى عبد الله بن رواحة كمالات الشجاعة في ميدان الجهاد كما روى عبد السلام بن النعمان بن بشير: أن جعفر بن أبي طالب حين قُتل دعا الناس عبد الله بن رواحة، وهو في جانب العسكر، فتقدم فقاتل: وارتجز مخاطبا نفسه:

يا نفس إلا تقتلي تموتي … هذا حياضُ الموتِ قد صُليتِ

وما تمنيتِ فقد لقيتِ … إن تفعلي فعلَهُما هديتِ

وروى مصعب بن شيبة قال: حين استُشهد زيد وجعفر نزل ابن رواحة للقتال وحين أصيب برمح راق الدم من جسده، فاستقبل الدم بيده فدلك به وجهه، ثم صُرع بين الصفين أيْ بين الأعداء والمسلمين ولكنه لكونه أمير الجيش ظلَّ يُشجِّع المسلمين ويحمّسهم حتى آخر نفَسه ويدعوهم مستنجدا بأسلوب ملؤها التأثير والعاطفة فقال:

يا معشر المسلمين، إنه جسد أخيكم الميت أمام عدوكم فتقدموا وذبّوا عن لحم أخيكم. ففي ذلك الوقت شنّ المسلمون هجوما شديدا على الكفار، فلم يزالوا كذلك حتى استُشهد عبد الله .

أخبرت أرملته عن بعض ميزاته وذلك حين تزوجت بعد شهادته، فقال زوجها: أخبريني عن صنيع عبد الله بن رواحة في بيته. فما أحسن شهادة أدلت بها إذ قالت: كان إذا أراد أن يخرج من بيته صلى ركعتين، وإذا دخل بيته توضأ وصلى ركعتين، لا يدع ذلك أبدًا. هؤلاء الناس هم الذين كانوا يذكرون الله تعالى في كل حال وكل حين.

ورد في رواية عن مستوى طاعته، عن أبي ليلى كان النبي  يخطب فدخل عبد الله بن رواحة فسمعه يقول اجلسوا فجلس مكانه خارج المسجد فلما فرغ  قال مخاطبا عبد الله ابن رواحة: زادك الله حرصا على طواعية الله وطواعية رسوله.

أما عن المستويات التي بلغها الصحابة فيما يتعلق بالحديث عن الدين وعقد المجالس الدينية والنقاش البناء الهادف وأداء حقوق الآخرين، فعن أبي الدرداء أنه قال أعوذ بالله من أن يطلع علي يوم لا أذكر فيه عبد الله بن رواحة. إني لأذكره كل يوم، ذلك لأن عبد الله بن رواحة كلما لحقني من الخلف وضع يده على منكبي وكلما استقبلني من الأمام وضع يده على صدري وقال يا أبا الدرداء تعالَ نؤمنْ ساعة، أي نتكلم في أمر الإيمان ونجدده. ثم كان يجلس معي وكنا نتحدث في ذكر الله ما شاء الله أن نذكره، ثم كان يقول لي يا أبا الدرداء هذه مجالس الإيمان.

لقد قدم هؤلاء الذين كانوا يعقدون مجالس الإيمان أسوة لنا يجب علينا التأسي بها.

كيف كان النبي  ينظر إلى كلام ابن أبي رواحة هذا ومجالسه فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ إِذَا لَقِيَ الرَّجُلَ مِنْ أَصْحَابِهِ يَقُولُ تَعَالَ نُؤْمِنْ بِرَبِّنَا سَاعَةً. فَقَالَ ذَاتَ يَوْمٍ لِرَجُلٍ، فَغَضِبَ الرَّجُلُ فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ  فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَرَى إِلَى ابْنِ رَوَاحَةَ يُرَغِّبُ عَنْ إِيمَانِكَ إِلَى إِيمَانِ سَاعَةٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ : يَرْحَمُ اللَّهُ ابْنَ رَوَاحَةَ، إِنَّهُ يُحِبُّ الْمَجَالِسَ الَّتِي تُبَاهَى بِهَا الْمَلَائِكَةُ.

كان عبد الله بن رواحة شاعرا فحلا. وكان من شعراء الرسول  الثلاثة، والآخران هما كعب بن مالك وحسان بن ثابت. كان شعره رجزًا. يقول صاحب “معجم الشعراء”: كان عبد الله بن رواحة يتبوأ مكانة عالية بين فحول الشعراء في الجاهلية وكذلك في الإسلام. ومِن أحسن ما مُدح به رسول الله  قولُ عبد الله بن رواحة:

لو لم تكنْ فيه آياتٌ مبينة … كانت بديهتُه تُنبيك بالخبرِ

أي حتى ولو لم يكن عند محمد المصطفى  ما عنده من آيات بينات دالة على صدقه لكفى وجهه وحده دليلا على صدقه.

هؤلاء هم القوم الذين كانوا عشاقا صادقين لرسول الله ، وقد عرفوا الحق بمجرد رؤية وجهه .

ثم نجد في التاريخ ذكر أخوين صغيرين شجاعين شجاعةً مدهشة، أعني معاذ بن الحارث بن رفاعة ومعوذ بن الحارث بن رفاعة. حضرا بدرًا وشاركا في قتل أبي جهل. كانت معركة بدر حامية الوطيس، وكان أمام المسلمين عدو يفوق عددهم ثلاثة أضعاف، وكانوا مدججين بالسلاح من كل نوع، وقد خرجوا مصممين على محو أي أثر للإسلام. وكان عدد المسلمين المساكين قليلا جدا. لقد ذكر هذا الحادث مرزا بشير أحمد  أيضا في كتابه سيرة خاتم النبين . كانوا يعيشون في غربة وفقر، وكانوا لقمة سائغة أمام أهل مكة نظرا إلى الأسباب المادية، ولكن حب التوحيد والرسالة قد غمرهم بعاطفة جعلتهم أقوى من كل شيء في الدنيا، وقد نفخ فيهم إيمانهم الحي قوة خارقة. لقد قدموا في ساحة القتال للدين خدمة لا يوجد لها نظير في العالم. نجد كل واحد منهم يحنّ شوقا للتضحية بنفسه في سبيل الدين. أما حماس الأنصار فنجده جليا فيما رواه عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه إذ قال عندما بدأ القتال نظرت إلى يميني ويساري فإذا طفلان أنصاريان واقفان على يميني ويساري، فأصاب قلبي قلق لأن المرء يعتمد في مثل هذه المعارك إلى حد كبير على من يكون على يمنيه وشماله، إذ لا يقاتل جيدا إلا من كان جانباه محميين، فكيف يحميني هذان الطفلان. وبينما أنا في ذلك إذ سألني أحدهما بصوت خافت وكأنه يريد كتمان صوته عن صاحبه وقال يا عم أين أبو جهل الذي كان يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم في مكة، فقد عاهدت الله على أن أَقتله أو أُقتل في هذه المحاولة. يتابع عبد الرحمن بن عوف : قبل أن أجيب على سؤاله سألني الطفل عن جنبي الآخر بصوت خافت السؤال نفسه. فأدهشتني شجاعتهما لأن أبا جهل كان قائد الجيش وكان يحيطه من حوله كبار المقاتلين المحنكين. فأشرتُ إليه بيدي وقلت ذلك هو أبو جهل. وما إن أشرت حتى انقضا عليه انقضاضَ البازي على فريسته وخلصا إليه في لمح البصر يشقان صفوف العدو، وضرباه بسرعة وأسقطاه من راحلته وأصحابه ينظرون ولم يستطيعوا فعل شيء. كان عكرمة بن أبي جهل مع أبيه ولكنه لم يستطع حمايته منهما، إلا أنه ضرب معاذا ضربة قطعت يده اليمنى جزئيا فتدلت. فحاول معاذ مطاردة عكرمة ولكنه نجا منه. ولما كانت يده المقطوعة المتدلية تعيقه في القتال فنزعها بشدة وفصلها عن جسده ثم واصل القتال.

فغيرة هذين الطفلين الإيمانية وحبهما للنبي  نفختا فيهما الشجاعة بحيث صمما على أن يقتلا أبا جهل بأيديهما، ذلك العدو الذي أراد القضاء على الإسلام وآذى النبي صلى الله عليه وسلم عدة سنوات.

لم يكن هؤلاء الصحابة مثل الجهاديين المزعومين الذين يوجدون اليوم والذين يعلمون الصغار التطرف قائلين هلموا وقاتِلوا في سبيل الإسلام. بل كان أولئك القوم يحاربون لهدف عظيم إذ كانوا يقولون لم يتركنا العدو نعيش بأمن وسلام مع أننا تركناه وهاجرنا من عنده، فالآن لا بد لنا من تقديم التضحية توطيدا للسلام وقضاءً على الفتنة. أما اليوم فإن هؤلاء الجهاديين يريدون الاستيلاء على الحكم، فيختطفون الشباب قسرا ويعلمونهم التطرف. فكان هناك خبر قبل أيام أن طفلا عمره أربع عشرة سنة نجا من أيدي هؤلاء وهرب، فقص قصته أنه كان عائدا من المدرسة فاختطفوه قهرا، ثم قاموا بتدريبه جبرا إذ لم يرض أولاً بذلك فعاملوه بقسوة حتى رضي. فكان يخوض القتال مُكرَها عليه، وقد نجا منهم بصعوبة وهرب. فهذه المجموعة من المسلمين تقوم بمثل هذه التصرفات باسم الإسلام، مع أنها تصرفات تنافي تعاليم الإسلام كل المنافاة. لا شك أن المسلمين حاربوا وضحوا بأرواحهم، وكانوا مغمورين بعاطفة التضحية، ولكن كان هدفهم حماية الدين وإرساء السلام في العالم. إذًا هناك فرق كبير بين هؤلاء الجهاديين وبين أولئك المجاهدين الأوائل.

 

يقول سيدنا المسيح الموعود :

أودّ أن أرى نموذج الصحابة نفسه في أفراد جماعتي وهو أن يقدموا الله، ولا يعرقل شيء سبيلَهم وألا يحسبوا أموالهم وأرواحهم شيئا. تصلني بطاقات من بعض الناس يتبين منها أنهم إذا واجهوا خسارة في تجارة أو عمل آخر أو واجهوا ابتلاء وقعوا في الشبهات فورا. (أي يظنون أنهم ربما أخطأوا في الإيمان بالمسيح الموعود فتعرضوا لهذا الابتلاء، وهكذا يقعون في مثل هذه الشبهات بخصوص الدين وبالله تعالى وبالمسيح الموعود أيضا. يقول حضرته:)  فإذا كان حالهم على هذا المنوال فيمكن لكل شخص أن يفهم كم هم بعيدون عن الهدف والغرض الحقيقي. فكِّروا ما الفرق بينهم وبين الصحابة إذ كان الصحابة يريدون أن يُرضوا الله مهما واجهوا في هذا السبيل من المصائب والمصاعب. لو لم يواجه أحدهم المصائب والمشاكل لبعض الوقت بكى واضطرب. (أي أن بعض الصحابة كانوا على اليقين بأن وقوعهم في المصائب والمشاكل وصبرهم عليها سوف يزيدهم قربًا لله تعالى. يقول حضرته:) وكانوا قد فهموا أن تحت هذه الابتلاءات تكمن شهادة مرضاة الله وكنـزها.

وهنا ذكر حضرته  بيتًا من الشعر باللغة الفارسية ومعناه: كلما تعرض هذا القوم لابتلاء من الله تعالى فسيرون أن تحته يكمن كنـز كرم الله تعالى وفضله.

ثم يقول حضرته: إن القرآن الكريم زاخر بالثناء على الصحابة، فاقرأوه لتعلموا أن حياة الصحابة كانت حجة عملية على صدق النبي . المكانة التي احتلها الصحابة ذكرها القرآن الكريم قائلا: مِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ؛ أي نال بعضهم الشهادة وكأنهم حققوا مرامَهم وبعضهم ما زالوا ينتظرون لتُكتب لهم الشهادة. لم يَركَن الصحابة إلى الدنيا ولم يتمنوا أن تكون أعمارهم طويلة أو أن يكون لهم أموال وثروات، أو ينالوا أسباب عيش الرفاهية وهدوء البال. عندما أتأمل في أسوة الصحابة أقر عفويا بقوة النبي  القدسية وكمال فيضه، كيف قلَبهم رأسا على عقب ووجّهم إلى الله تعالى، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك وسلّم.

يقول حضرته: ملخص الكلام أن من واجبنا أن نتحرى رضى الله تعالى دائما، ونجعله  وحده نصب أعيننا. يجب أن نبذل جُلّ مساعينا واهتمامنا لنيل رضى الله تعالى وإن كان بعد تجشم المعاناة والشدائد. إن رضى الله تعالى أفضل وأعلى من كافة الملذات الدنيوية.

وفقنا الله تعالى لأداء هذا الواجب على أحسن ما يرام. آمين.

بعد الصلاة سأصلي صلاة الغائب على أحمدي مخلص من غانا السيد الحاج إسماعيل بي. كي. آدو الذي وافته المنية في 8 مارس عن عمر يناهز 84 عاما. إنا لله وإنا إليه راجعون.

كان أحمديًّا بالولادة، وكان اسم أبيه “إسماعيل وابينا آدو” واسم والدته “جنّت آدو”. كان والده مسيحيا فأسلم ودخل في الجماعة في 1928. توفيت والدة السيد آدو بينما كان لا يزال صغيرا. لقد تلقى السيد آدو دراسته الثانوية في مدرسة تعليم الإسلام في “كوماسي”. ثم أكمل دراسة البكالوريوس باللغة الإنكليزية في عام 1964 وبعدها أكمل دراسته في كلية تأهيل المعلمين بغانا. لقد عُيِّن مدرِّسًا في عدد من الأماكن إلى أن عُيّن في 1980 نائب مدير المدرسة في المنطقة الوسطى المسمى بـ “سالت بوند”، وكانت تلك المدرسة تدرس بالإنجليزية. كان يهتم بتوفير المرافق اللازمة للطلبة المسلمين في كل مدرسة عُيّن فيها، بل أنشأ مسجدًا أيضا للطلبة المسلمين في إحدى المدارس. ثم عُيّن أستاذا للغة الإنجليزية في جامعة العلوم والتكنولوجيا في “كوامي نكوما”، كما أتيحت له فرصة التدريس في كليات أخرى مختلفة. ولقد ألف كتابًا أيضا في طريقة تعليم اللغة الإنجليزية، وقد لاقى الكتاب صيتًا وإعجابا كبيرين وأدخل في المقرر في غانا ونيجيريا، وبناء على ذلك أعطيت له من دائرة التعليم جائزة ومنحة. ولقد أتم دراسة الدبلوم في اللغة الإنجليزية في جامعة بينغور في ويلز ببريطانيا.

ومن خدماته للجماعة أنه خدم الجماعة على مناصب شتى في غانا. واختارته حكومة غانا في 1980 سفيرًا لها في إثيوبيا، وبينما كان هناك عينتْه منظمة الأمم المتحدة رئيسًا للجنة (OAU) منظمة الوحدة الإفريقية فلعب دورًا بارزًا في استقلال موزمبيق وأنغولا. عُيّن لفترة قصيرة سفيرًا في ليبيا أيضا. وكانت ميزته الفريدة أنه كان يؤثر الدين على الدينا حيثما توجه وأقام، كما أنه كان يحافظ على هويته دومًا.

لما هاجر الخليفة الرابع رحمه الله إلى بريطانيا ودّع السيد إسماعيل آدو أيضا حياته السياسية وانتقل إلى بريطانيا مع أهله وأولاده ليكون أقرب إلى الخلافة. وهنا أيضا ظلّ يعمل مدرسًا في أحد المدارس. كان يكن حبًّا عميقًا للخلافة وقد أظهر نموذج الحب والإخلاص والطاعة مع كل خليفة.

لما كوّن الخليفة الرابع رحمه الله لجنة للرد على “سلمان رشدي” فقد جعل إسماعيل آدو عضوًا فيها.

كان فعالا ويقوم بخدمات بارزة في مجال التبليغ إذ كان يقيم طاولات دعوية في مختلف الأماكن ويقوم بالتبليغ على الراديو، ويحضر مجالس الأسئلة والأجوبة في مناسبات الجماعة.

فلما أسس الخليفة الرابع رحمه الله هنا جمعية عموم أفريقيا للجماعة الإسلامية الأحمدية فقد عيّن السيد إسماعيل آدو أول رئيس لها.

ولما بدأ حضرته رحمه الله “أردو كلاس” (تعليم اللغة الأردية لغير الناطقين بها) في عام 1994 كان السيد آدو من تلاميذ حضرته الخواص، وكان يجتهد كثيرا ويبذل ما بوسعه لتعلم اللغة الأردية. وكان مشهورًا باسم: “بڑا بچه” أي الطفل الكبير. كان من غانا والناس يعرفونه. كانت له زوجتان. كان عضوًا في مجلس انتخاب الخليفة عند وفاة الخليفة الرابع رحمه الله.

فلما بدأت الجامعة الأحمدية هنا في بريطانيا عُيّن السيد آدو مدرّسًا فيها حيث درّس اللغة الإنجليزية لفترة قصيرة. كان ملتزمًا بطرق التقوى، وعابدًا وشاكرًا ورحيم القلب ومشفقًا جدًّا.

كان متحمسًا للعبادات أيضا. أخبرتْ أهلُه بأنه كان مداومًا على صلاة التهجد، ولم يكن يتركها حتى ولو كان مريضا. وكان يتلو القرآن الكريم بلحن جميل وبصوت ملؤه الألم والحزن. كان يحفظ كثيرًا من الآيات القرآنية التي كان يحفظ ترجمتها وتفسيرها أيضا ليستخدمها في التبليغ والتربية.

يقول بعض الإخوة الغانيين بأنهم رأوا في بيت السيد آدو نُسَخًا من المصحف الشريف التي كتب على هامشها ملاحظاته. لقد وُفق في عام 2005 لحج بيت الله مع زوجتيه الاثنتين.  كان دائم الابتسامة، متواضعًا وبسيطًا.

رفع الله تعالى درجاته وغفر له ورحمه. لقد ترك خلفه عشرًا من أولاده ذكورًا وإناثا، و23 حفيدا وحفيدة. وفق الله تعالى ذريته أيضا للالتزام بالحسنات والتقوى والارتباط بالجماعة.

وكما قلت سأصلي عليه صلاة الغائب الآن بعد صلاتي الجمعة والعصر.

About الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز

حضرة أمير المؤمنين الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز ولد حضرته في الخامس عشر من أيلول 1950 في مدينة (ربوة) في الباكستان. هو حفيد لمرزا شريف أحمد نجل المسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام. أنهى حضرته دراسته الابتدائية في مدرسة تعليم الإسلام في مدينة (ربوة) وحصل على درجة البكالوريوس من كلية “تعليم الإسلام” في نفس المدينة. ثم حصل حضرته على درجة الاختصاص في الاقتصاد الزراعي من كلية الزراعة في مدينة (فيصل آباد) في الباكستان وذلك في عام 1976م.

View all posts by الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز