خطبة الجمعة

التي ألقاها أمير المؤمنين سيدنا مرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز

الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي u بتاريخ 15/1/2021

في مسجد مبارك، إسلام آباد تلفورد بريطانيا

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرّجيم. ]بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم* الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يوْم الدِّين * إيَّاكَ نعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْر الْمَغْضُوب عَلَيْهمْ وَلا الضَّالِّينَ[، آمين.

كان الحديث جاريا عن سيدنا علي t، ويستمر ذكره اليوم أيضا ولكنه سينتهي اليوم بإذن الله بحسب المعلومات والمادة التي جمعتها.

يقول المسيح الموعود u: ذات مرة سأل الحسين t عليّا t: هل تحبني؟ قال نعم. فاستغرب الإمام الحسين u من ذلك كثيرا وقال: كيف يجتمع حبان في قلب واحد؟ ثم قال الإمام الحسين: مَن تحبه أكثر عند المقارنة بين الاثنين؟ قال عليّ t: اللهَ.

يقول سيدنا المصلح الموعود t في بيان ذلك:

سأل الإمامُ الحسن سيدَنا عليًّا رضي الله عنهما: هل تحبني؟ قال عليّ: نعم. ثم سأله الإمام الحسن: هل تحب الله أيضا؟ قال عليّ: نعم. فقال الحسن: إذن، أنت ترتكب الشرك نوعا ما لأن المراد من الشرك أن يشارك المرء أحدا في حب الله تعالى. قال عليٌّ: أنا لا أرتكب شركا، صحيح أنني أحبك ولكن إذا جاء حبك مقابل حب الله تعالى سأتخلى عن حبك فورا.

يقول المصلح الموعود t عن سيدنا عليّ في مكان آخر في بيان حادث آخر: روي أنه كلما واجه عليّ مصيبة كبيرة دعا الله تعالى قائلا: “يا كهيعص، اغفِرْ لي”. وبحسب رواية أمّ هانئ قال النبي r في بيان معنى هذه المقطعات: إن حرف الكاف ينوب عن الكافي، والهاء عن الهادي، والعين عن العالِم أو العليم، والصاد عن الصادق. فهذا يعني أنه t يدعو: يا ربي أنت الكافي وأنت الهادي وأنت العليم وأنت الصادق، فأناشدك بصفاتك الحسنة كلها أن اغفر لي.

كذلك يقول المصلح الموعود t: لقد نقل المفسرون عن عليّ حادثا أنه صاح بغلام له مراتٍ فلم يُلَبِّه. فنظَر فإذا هو بالباب، فقال له: ما لك لم تُجبْني؟ قال: لِثِقَتي بحِلمك، وأَمْني مِن عقوبتك. فاستحسنَ جوابه وأعتقَه. (الكشاف)

أقول: لو كان هناك شخص عادي من أهل الدنيا كان من الممكن أن يعاقب الغلام على استغلاله حِلمَه ولكن عليًّا أعطاه جائزة أي أعتقه.

يضيف المصلح الموعود t قائلا: كان هناك شخص يدرّس ابنَي عليّ الحسنَ والحسينَ فمر عليّ من قربهما مرة وهو يُقرئهما “خاتِم النبيين” بكسر التاء، فقال: أَقْرِئْهما {خَاتَمَ النبيين} بفتح التاء. أي صحيح أن كلتا القراءتين صحيح ولكني أحب أن يقرأ: {خَاتَمَ النبيين} بفتح التاء لأن خاتَم النبيين يعني خَتْمَ الأنبياء وأما خاتِم النبيين فيعني مَن يُنهي سلسلة الأنبياء لذا عليك أن تدرس أولادي: “خاتَم النبيين” بفتح التاء.

يقول المصلح الموعود t أيضا: ثابت عن عليّ t أنه كان حافظًا للقرآن الكريم، بل بدأ بُعيد وفاة النبي r كتابة القرآن الكريم بحسب ترتيب نزوله.

ويقول المصلح الموعود t في مكان آخر: دعا صحابي رسولَ الله r للطعام، ودعا بعض الصحابة الآخرين وعليّا y معهم أيضًا. كان عليّ صغير السن نسبيا، فأراد الصحابة أن يمزحوا معه، فكانوا يأكلون التمور ويضعون النوَى أمام عليّ. وكذلك فعل رسول الله r أيضا. كان عليّ مشغولا ولم ينتبه إلى أنهم يضعون النوَى أمامه، ولما انتبه إلى هذا الأمر وجد كومة من النّوَى موضوعة أمامه. قال له الصحابة على سبيل المزاح: لقد أكلت التمور كلها فها هو النوَى كله أمامك. كانت طبيعة علي t أيضا تتسم بحس الفكاهة، ولم يكن عصبيا، لأنه لو كان عصبيّ الطبع لاختصم الصحابة وقال إنكم تتهمونني أو أسأتم بي الظن. ولكنه أدرك أنهم كانوا يمزحون معه، فأراد أن يرد عليهم بالمزاح. فقال: أنتم أكلتم التمور مع النوَى بينما أنا وضعتُ النّوَى جانبا، وهذه الكومة خير دليل على ذلك. فهكذا انقلب مزاح الصحابة عليهم.

وقال المصلح الموعود t عن علي t في مكان آخر: لقد جاء في الأحاديث أن النبي r قرأ القرآن الكريم في الصلاة فصححه عليّ. فقال له النبي r بعد الصلاة: هذه ليست مهمتك بل كلّفت أناسا بمهمة التنبيه على الخطأ. (علما أن عليا t أيضا كان عالما كبيرا) وقال t في مكان آخر: ورد في القرآن الكريم أن عليكم أن تقدموا صدقاتٍ قبل أن تستشيروا النبي r. ولم يسبق أن استشار عليّ t النبي r قبل نزول هذا الحكم. وبعد نزول هذا الحكم جاء إلى النبي r وقدم صدقة وقال: أريد أن أستشيرك في شيء. فتحدث النبي r معه في مكان منفصل. ثم سأل عليًّا صحابي آخر عما جرى بينهما. فقال: لم يكن الأمر ذا بال إلا أنني أحببت أن أعمل بأمر القرآن الكريم.

أقول: لقد كان هذا حرص الصحابة على العمل بالقرآن. وقد ذُكر حادث آخر من هذا النوع أن صحابيا كان يذهب إلى بيوت الناس للعمل بأمر القرآن الكريم أنه إذا ذهبتم لزيارة أحد وقال لكم صاحب البيت ارجعوا فارجعوا. يقول الصحابي المذكور: فعلت ذلك عدة مرات فكنت أذهب إلى بيوت الناس ليقول لي أحد: اِرجعْ فأرجعَ فرحا مسرورا عاملا بالقرآن الكريم ولكن لم تتحقق أمنيتي إذ لم يقل لي أحد ذلك.

أقول: ولكن لو قال أحد اليوم لزائر إنه مشغول ولا يستطيع لقاءه يستاء منه الزائر كثيرا. ولكن الصحابة كانوا أتقياء جدا، فقد كانوا يحاولون أن يعملوا بكل أمر من أوامر القرآن الكريم.

يقول المصلح الموعود t: ذات مرة طلب النبي r من الصحابة تبرعا لضرورة، فخرج عليّ t وحصد الأعشاب وباعها وتبرع بثمنها.

كذلك ذكر الخليفة الرابع رحمه الله أيضا بعض الأحداث عن علي ّt في درس القرآن فقال: كان المولوي عبيد الله بسمل من أجلّ علماء الشيعة، وكان متبحرًا في العلوم وحائزًا على مكانة عظيمة إلى درجة أن كتبه كانت تُدرّس في مدارس الشيعة، ليس في زمن المسيح الموعود u فقط بل بعده أيضا. وأذكر أن أحد الإخوة من الشيعة جاء إليّ للنقاش في زمن كنت أعمل في مؤسسة “الوقف الجديد”، وبعد الحديث اطمأن وشرح الله صدره فقبل الأحمدية بفضل الله تعالى.

يقول الخليفة الرابع رحمه الله: إن هذا الذي بايع كان من كبار علماء الشيعة. لا أتذكر منصبه عند الشيعة إلا أنه كان من قرية مجاورة لمدينة شيخوبورة أو فيصل آباد. وبعد اتخاذ قرار البيعة قال: الآن أخبركم من أنا. أنا عالم ذو مرتبة عالية من علماء الشيعة، وأخبركم اليوم أن كُتب السيد عبيد الله بسمل لا تزال تدرس في مدارسنا حتى اليوم. يقول حضرة الخليفة الرابع: كان السيد بسمل يتبوأ مكانة علمية عالية لهذه الدرجة، ولكن هؤلاء الشيعة لا يكشفون هذه الأمور لنا ولا للناس ولا يخبرون كيف أن كتب السيد بسمل لا تزال تدرس في مدراس الشيعة. لقد عرفت ذلك الآن بواسطة هذا العالم، ولكنهم لا يخبرون طلابهم مَن كان السيد عبيد الله بسمل في الماضي وماذا حصل به فيما بعد، حيث صدّق بسيدنا المسيح الموعود عليه السلام وآمن به، معرضا عن كل ما كان يتمتع به من عزة دنيوية بين الشيعة في ذلك الزمن.

وهذه العبارة التي أقرأها عليكم الآن مقتبسة من كتاب العلامة بسمل هذا، أي أنها ليست من كتاب رجل عادي. بعد هذا التمهيد؛ قال حضرته: نقل البزار في مسنده: سأل عليٌّ t الناسَ فقال: أيها الناس، أخبِروني من أشجعُ الناس؟ قالوا: أنت. قال: أما إني ما بارزت أحدا إلا انتصفت منه، (أي مَن كان قرني ومناصفا لي) ولكن أخبروني بأشجع الناس؟ قالوا: لا نعلم، فمن؟ قال: أبو بكر t.

هذا ما نقله السيد بسمل في كتابه من ذلك المصدر. أي قالوا لعلي رضي الله عنه نحن لا نعلم من هو أشجع الناس، فأخبِرْنا أنت من هو؟ فقال رضي الله عنه: أبو بكر رضي الله عنه هو أشجع الناس. ألا اسمعوا، لما كان يوم بدر جعَلْنا لرسول الله r عريشا، فقلنا: من يكون مع رسول الله r مخافة أن يهجم عليه أحد من المشركين. فوالله، ما دنا منه إلا أبو بكر الصديق رضي الله عنه شاهرا بالسيف على رأس رسول الله r. فلم يجرؤ أحد من المشركين من الاقتراب منه، وإن اقترب منه أحد منهم انقض عليه أبو بكر رضي الله عنه. فهذا هو أشجع الناس، أي أبو بكر رضي الله عنه.

وقال علي رضي الله عنه: ذات مرة رأيت رسول الله r، وقد ازدحم عليه المشركون يجرّونه ويقولون: أنت الذي تقول إن الله أحد. فوالله لم يجرؤ أحد على مواجهة المشركين إلا أبو بكر رضي الله عنه، تقدم وبدأ يدفعهم عن النبي صلي الله عليه وسلم ويقول: وَيْلَكُمْ، أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ. ثُمَّ رَفَعَ عَلِيٌّ بُرْدَةً كَانَتْ عَلَيْهِ فَبَكَى حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحْيَتُهُ، ثُمَّ قَالَ: أُنْشِدُكُمْ بِاللَّهِ أَمُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ خَيْرٌ أَمْ أَبُو بَكْر؟ٍ (أي أن الذين آمنوا من آل فرعون لم يفدوا نبيَّهم بأرواحهم كما فعل أبو بكر رضي الله عنه) فَسَكَتَ الْقَوْمُ. فَقَالَ: أَلَا تُجِيبُونِي؟ فَوَاللَّهِ لَسَاعَةٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الْأَرْضِ مِنْ مُؤْمِنِ آلِ فِرْعَوْنَ. ذَاكَ رَجُلٌ كَتَمَ إِيمَانَهُ، وَهَذَا (أي أبو بكر رضي الله عنه) رَجُلٌ أَعْلَنَ إِيمَانَهُ t؟

كتب حضرة المصلح الموعود رضي الله عنه: قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه  وهو يعظه: يا علي، لأَنْ یُهدَی بك رجلٌ خیرٌ لك مما بین هذین الجبلین من قطعان الشیاه والمعز.

وعن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها قالت أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مَن أحبّ عليًا فقد أحبّني، ومَن أحبّني فقد أحب الله، ومَن أبغضَ عليًا فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض اللهَ.

عَنْ زِرٍّ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ: وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ أَنْ لَا يُحِبَّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضَنِي إِلَّا مُنَافِقٌ.

عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «إِنَّ فِيكَ مِنْ عِيسَى مَثَلًا، أَبْغَضَتْهُ يَهُودُ حَتَّى بَهَتُوا أُمَّهُ، وَأَحَبَّتْهُ النَّصَارَى حَتَّى أَنْزَلُوهُ بِالْمَنْزِلِ الَّذِي لَيْسَ بِهِ». (ثم قال علي رضي الله عنه) أَلا وَإِنَّهُ يَهْلِكُ فِيَّ اثْنَانِ: مُحِبٌّ يُقَرِّظُنِي بِمَا لَيْسَ فِيَّ، وَمُبْغِضٌ يَحْمِلُهُ شَنَآنِي عَلَى أَنْ يَبْهَتَنِي.

وكان عليٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يسير فِي الفيء مسيرةَ أَبِي بَكْر الصدّيقِ، إذا ورد عَلَيْهِ مال لم يُبْقِ منه شيئا إلا قسَمه، ولا يترك فِي بيت المال منه إلا مَا يعجز عَنْ قِسْمته فِي يومه ذَلِكَ. ويقول:

يَا دنيا غُرِّي غيري.

ولم يكن علي رضي الله عنه يستأثر من الفيء بشيء، ولا يخصّ بِهِ حميمًا، ولا قريبًا. ولا يخصّ بالولايات إلا أهل الديانات والأمانات، وإذا بلغه عَنْ أحدهم خيانةً كتَب إِلَيْهِ: (قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ من رَبِّكُمْ، فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بالقسط، وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ، وَلا تَعْثَوْا في الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ. بَقِيَّتُ الله خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ.

إذا أتاك كتابي هَذَا فاحتفظْ بما في يديك من أموالنا حَتَّى نبعث إليك مَن يتسلّمه منك.) ثُمَّ كان رضي الله عنه يرفع طرفه إِلَى السماء، فيقول: اللَّهمّ إنك تعلم إِنِّي لم آمرهم بظلم خَلْقك، ولا بترك حقك.

حدثنا أبحر بْنُ جُرْمُوزٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْرُجُ مِنَ الْكُوفَةِ وَعَلَيْهِ قِطْرِيَّتَانِ (نسبةً إلى قرية في بحرين كانت تنسج فيها أَردية ذات خيوط حمراء)، مُتَّزِرًا بِالْوَاحِدَةِ مُتَرَدِّيًا بِالأُخْرَى، وَإِزَارُهُ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ، وَهُوَ يَطُوفُ فِي الأَسْوَاقِ، وَمَعَهُ دِرَّةٌ، يَأْمُرُهُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَحُسْنِ الْبَيْعِ، وَالْوَفَاءِ بِالْكَيْلِ وَالْمِيزَانِ.

عن مجمع التيمي أَنّ عَلِيًّا قَسَّمَ مَا فِي بَيْتِ الْمَالِ بين المسلمين، ثم أمر به فكُلِّسَ (أي تم طلاؤه)، ثُمَّ صَلَّى فِيهِ رَجَاءَ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

يقول المصلح الموعود فيما يذكره عن سيدنا علي رضي الله عنهما: لقد رأى المسيح الموعود u في 7 ديسمبر عام 1892 رؤيا قال عنها: رأيت أنني قد صرتُ عليًّا -كرّم الله وجهه- أي شعرتُ في المنام كأني هو. ومن عجائب الرؤيا أن الرائي يشعر أحيانًا أنه شخص آخر، كذلك شعرت حينها كأني عليٌّ المرتضى، وكأن طائفة من الخوارج تعارض خلافتي، أي تحاول تلك الفئة إعاقة أمر خلافتي وإثارة الفتنة. عندها رأيت أن النبي r قريب مني ويقول لي شفقةً وتودُّدًا: “يا عليّ دَعْهم وأنصارَهم وزراعتَهم.” أي اترك يا علي أنصارهم وحرثهم وتخلى عنهم. ووجدتُ أن النبي r يأمرني بالصبر في وقت الفتنة هذه ويوصيني بالإعراض، ويقول: إنك أنت على الحق، ولكن الأفضل تركُ مخاطبة هؤلاء الناس.

يقول المصلح الموعود t:  لقد سيطر عليٌّ t على كل شيء لجيش الخوارج، وأما السلاح والدواب، فقسمه بين المسلمين، وأما المتاع والعبيد والإماء فقد ردّه على أهله عند الرجوع إلى الكوفة.

ثم يقول المصلح الموعود t من منطلق آخر: كان عهد عمر أبعد من رسول الله r مقارنة مع عهد أبي بكر، وكذا كان عهد عثمان وعلي رضي الله عنهم جميعًا. لا شك أنهما أقل درجة من الخليفتين السابقين لهما ولكن لم تكن درجتهما هي السبب فيما وقعتْ من أحداث في عهديهما بقدر ما كان البعد عن عهد النبي r، لأن معظم الناس الموجودين في عهدَي أبي بكر وعمر كانوا قد حظوا بصحبة النبي r، ولكن بعد ذلك جاء آخرون وكثروا، فسأل أحد الناس عليًّا: لم تكن في عهدَي أبي بكر وعمر مثل هذه الفتن التي تحدث في عهدك الآن. فقال: لأن على عهدَي أبي بكر وعمر كانت الرعية مثلي. أما الرعية على عهدِي فهي مثلكم.

ثم ذكر المصلح الموعود t واقعة أخرى فقال: جاء شخص إلى عبد الله بن عمر أيام الحرب بين عليّ ومعاوية رضي الله عنهم، وقال: لماذا لا تشترك في هذه الحرب في صف علي، مع أن القرآن يقول صراحة: ]وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ[ فقال: قَالَ فَعَلْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ r وَكَانَ الْإِسْلَامُ قَلِيلًا فَكَانَ الرَّجُلُ يُفْتَنُ فِي دِينِهِ إِمَّا قَتَلُوهُ وَإِمَّا يُعَذِّبُونَهُ حَتَّى كَثُرَ الْإِسْلَامُ فَلَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ. أي إن الحروب في ذلك الزمن كانت تشنّ من أجل تغيير دين الناس فرُدَّ بالحروب على هؤلاء الذين كانوا يريدون تغيير دين الناس. أما في قضية علي ومعاوية فكان قد أقيم الدين حينها واستحكم الإسلام ولم يكن بينهما خلاف في العقيدة، إنما كان هناك اختلاف في وجهات النظر لذلك قال عبد الله بأنني لا أشترك في هذه الحروب. على أية حال، هكذا كان موقفه.

يقول المصلح الموعود t: لما سمع ملك الروم عن الحرب الدائرة بين علي ومعاوية رضي الله عنهما أراد الهجوم على الدولة الإسلامية، فكتب معاوية إلى ملك الروم: حذارِ أن تغترّ بالنزاع بيننا‍‍. فوالله، لو هاجمت عليًّا لسوف أكون أولَ قائد يخرج لمحاربتك من قِبله t.

لقد ذكر حضرته t تفصيل هذا الحادث أكثر فقال: في ذلك الزمن لما رأى ملك الروم النزاع بين علي ومعاوية أراد أن يرسل جيشا للهجوم على المسلمين. وكانت قوة الحكومة الرومية آنذاك كقوة أمريكا اليوم. فلما رأى أحد القسس الخبراء تجهيزه للجيش قال: يا أيها الملك، اسمعني واجتنب من إنفاذ هذا الجيش. لأن المسلمين يختلفون فيما بينهم إلا أنهم سيتحدون لمواجهتك وسينسون اختلافهم. ثم ذكر مثالا، ولعله ذكره بنية التحقير والازدراء أو ربما ظنّ أنه المثال الأفضل عنده، فقال له: خذْ بعض الكلاب وجوّعها لمدة ثم ارمِ أمامها لحمًا فستتقاتل فيما بينها، وإن جئت بأسد بينها فستنسى اختلافها وستنقض على الأسد. وبهذا المثال أراد أن يخبر الملكَ بأنك تريد أن تستغل النزاع بين علي ومعاوية، ولكنني أخبرك بأنه إذا ظهر عدوٌ خارجيٌّ فإنهما سينسيان الاختلاف بينهما ويتحدان ضد هذا العدو. وهكذا حصل بالفعل إذ لما علم معاوية عن نيَّات ملك الروم أرسل له رسالة قال فيها: تريد أن تستغلّ النزاع الحاصل بيننا وتهاجم المسلمين، وأخبرك أنه مهما كان الخلاف بيني وبين عليّ غير أنك لو هاجم جيشك لسوف أكون أولَ قائد يخرج لمحاربتك من قِبله t.

عن ابن عباس قَالَ: كان عُمَرُ t يقول: أَقْرَؤُنَا أُبَيٌّ، وَأَقْضَانَا عَلِيٌّ.

عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ r جَيْشًا فِيهِمْ عَلِيٌّ، قَالَتْ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ: “اللَّهُمَّ لا تُمِتْنِي حَتَّى تُرِيَنِي عَلِيًّا.”

بعث رسول الله r عليًّا في سريّة، فلما رجع قال له النبي r: رضي عنك الله تعالى ورسوله وجبريل.

قَالَ مُعَاوِيَةُ لِضَرَارٍ الصَّدَائِيِّ: يَا ضَرَّارُ، صِفْ لِي عَلِيًّا. قَالَ: أَعْفِنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ معاوية: لَتَصِفَنَّهُ. قَالَ ضرار: أَمَا إِذْ لا بُدَّ مِنْ وَصْفِهِ فَكَانَ علي وَاللَّهِ بَعِيدَ الْمَدَى، شَدِيدَ الْقُوَى، يَقُولُ فَصْلا، ويحكم عدلا، يتفجّر العلم من جَوَانِبِهِ، وَتَنْطِقُ الْحِكْمَةُ مِنْ نَوَاحِيهِ. ويستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل ووحشته، وَكَانَ غزير العبرة، طويل الفكرة، يعجبه من اللباس مَا قصر، ومن الطعام مَا خشن. وكان فينا كأحدنا، يجيبنا إذا سألناه، وينبئنا إذا استنبأناه. ونحن والله- مع تقريبه إيانا وقربه منا- لا نكاد نكلمه هيبةً لَهُ. يعظم أهل الدين، ويقرب المساكين، لا يطمع القوي فِي باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله. وأشهد أنني رأيته فِي بعض مواقفه، وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه، قابضا على لحيته، يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، ويقول: يَا دنيا غرّي غيري، ألي تعرّضتِ أم إلي تشوّفت! هيهات هيهات! قد باينتك ثلاثا لا رجعة فيها، فعمرك قصير، وخطرك قليل. (يتكلم بلغة التمثيل مع الدنيا ويقول لها بأن عمرك قصير وخطرك قليل) آهٍ من قلة الزاد، وبعد السفر، ووحشة الطريق. (فلما أخبر ضرار معاوية بكل هذه الأمور) بكى معاوية وَقَالَ: رحم الله أَبَا الْحَسَن، كَانَ والله كذلك، فكيف حزنك عَلَيْهِ يَا ضرار؟ قَالَ: حزنُ مَن ذُبح ولدُها وَهُوَ فِي حِجرها.

إن قرارات سیدنا علي في القضاء مشهورة جدا، وأذكر منها بعضا ذكرها سيدنا المصلح الموعود، يقول سيدنا المصلح الموعود t أن حدثا أورده الطبري من عهد سيدنا علي t يفيد أنه قد تم العمل به بكل حذر منذ صدر الإسلام، وهو: يروي عدي بن عثمان: رأيت عليًا همَّ خارجًا من همدان، فرأى فئتين تقتتلان، ففرَّق بينهما، ثم مضى. فسمع صوتا: يا غوثًا بالله! فخرج يحضر نحوه حتى سمعت خفق نعله وهو يقول: أتاك الغوث. فإذا رجل يلازم رجلا فقال: يا أمير المؤمنين، بعتُ من هذا ثوبا بتسعة دراهم وشرطتُ عليه ألا يعطيني مغموزا ولا مقطوعا (أي معيبا أو ممزقًا) وكان شرطهم يومئذ، فأتيته بهذه الدراهم ليبدلها فأبى، فلزمته فلطمني. فقال علي: أبدله. فقال: بيِّنتك على اللطمة؟ فأتاه بالبيِّنة، فأقعده ثم قال: دونك فأقِصّ. فقال: إني قد عفوت عنه يا أمير المؤمنين. قال: إنما أردت أن أحتاط في حقك، (قال سيدنا المصلح الموعود أن ذلك الرجل كان بسيطا لا يعرف نفعه وخسارته) ثم ضرب الرجل تسع درَّات وقال: هذا حق السلطان.

ثم بين سيدنا المصلح الموعود t حدثا آخر وقال: ونجد خير مثال في قرار اتخذه سيدنا علي. فقد رأى ذاتَ مرة شخصًا ضرب آخر، فنهاه علي عن ذلك، ثم أمَر المضروبَ أن ينتقم من المعتدي، فقال: لا، لقد عفوت عنه. فأدرك علي t أنه امتنع عن ضرب المعتدي خوفًا منه لكونه شخصًا جبّارًا. فقال علي: لقد عفوتَ عنه تاركًا حقك الشخصي، ولكني أمارس الآن حقَّ الجماعة. ثم أمر بضرب المعتدي بمثل ما اعتدى على غيره.

ثم كتب سيدنا المصلح الموعود t أن سيدنا عليا t مثَل أمام القاضي المسلم في قضية، فراعاه الحاكمُ، فقال له علي t: هذه أوّل مخالفة منك للعدل، إذ لا فرق الآن في المحكمة بیني وبین خصمي.

يقول سيدنا المسيح الموعود u: ألم يكن أفصح القوم وأبلغهم في العظات ومن الذين ينفخون الروح في الملفوظات؟ فما كان جمع الناس عنده إلا فعل ساعة، بل أقلَّ منها لقوة بلاغة وبراعة، وتأثير جاذب للسامعين.  (سر الخلافة)

ثم قال حضرته: ما أعرفه هو أنه لا يمكن لأحد أن يكون مؤمنا ومسلما ما لم يتصبغ بصبغة أبي بكر وعمر، وعثمان وعلي رضوان الله عليهم أجمعين. إنهم ما كانوا يحبون الدنيا، بل نذروا حياتهم في سبيل الله.   (محاضرة لدهيانه)

ثم قال حضرته u: يعدّ “الخوارج” عليّا t فاسقا، وينسبون إليه أمورا كثيرة تنافي التقوى، بل يعُدّونه عاريا من حُلَّة الإيمان نهائيا. فهنا ينشأ السؤال بطبيعة الحال: أنه ما دامت التقوى والأمانة والإخلاص شرطا للصدِّيق، فلماذا جعل الله تعالى سيرة هؤلاء العظام والأشراف من الدرجة العليا- وهم الرسل والأنبياء والأولياء- مشتبَهًا فيها في أعين عامة الناس؟ (أي لماذا لم يفهم هؤلاء الناسُ سيرتهم وبقيت أسوتهم ملتبسة عليهم) فعجزوا عن استيعاب أقوالهم وإدراك أفعالهم حتى عدُّوهم خارجين عن دائرة التقوى والأمانة والإخلاص، وزعموا أنهم كانوا ظالمين وآكلي مالٍ حرامٍ وسفاكي دماء بغير حق وكذابين وناقضي العهود وأنانيين ومجرمين؟ في حين يوجد في الدنيا أناس كثيرون لا يدّعون الرسالة ولا النبوة، ولا يعتبرون أنفسهم أولياء أو أئمة أو خلفاء المسلمين، ومع ذلك لا يقع على سيرتهم وحياتهم أيُّ اعتراض.

فالجواب على هذا السؤال أن الله قدّر ذلك لكي يجعل عباده المقبولين والمحبوبين الخواص في خفاء عن أعين الأشقياء المتسرعين الذين يسيئون الظن عادةً، كما أنه I بنفسه خفيٌّ عن أعين الذين يسيئون الظن بهذه الطريقة. (أي أن الذين يقولون بحقهم هذه الأقاويل هم أنفسهم أشقياء ومسيئو الظن. فكما أن الله قد أخفى نفسه والناس يسيئون الظن فيه، مثل ذلك يسيء هؤلاء الأشقياء الظن في مقربيه، ويستعجلون في الاعتراض، وهم الذين لا يتحلون بالتقوى في الحقيقة، ويتهمون المتقين)

ثم قال حضرته u: ولا شك أن عليّا كان نُجعةَ الرُوّاد وقدوة الأجواد، وحجة الله على العباد، وخيرَ الناس من أهل الزمان، ونورَ الله لإنارة البلدان، ولكن أيام خلافته ما كان زمن الأمن والأمان، بل زمان صراصر الفتن والعدوان. وكان الناس يختلفون في خلافته وخلافة ابن أبي سفيان، وكانوا ينظرون إليهما كحيران، وبعضهم حسبوهما كفَرْقَدَي سماءٍ وكزَنْدَينِ في وِعاءٍ. والحق أن الحق كان مع المرتضى، ومَن قاتَلَه في وقته فبغى وطغى، ولكن خلافته ما كان مصداق الأمن المبشَّر به من الرحمن، بل أوذي المرتضى من الأقران، ودِيستْ خلافته تحت أنواع الفتن وأصناف الافتنان، وكان فضل الله عليه عظيما، ولكن عاش محزونا وأليما، وما قدر على أن يشيع الدين ويرجم الشياطين كالخلفاء الأولين، بل ما فرغ عن أسنّة القوم، ومُنع من كل القصد والرَّوْم. وما ألّبوه بل أضبُّوا على إكثار الجور، وما عَدَّوا عن الأذى بل زاحموه وقعدوا في المَور، وكان صبورا ومن الصالحين. فلا يمكن أن نجعل خلافته مصداق هذه البشارة، فإن خلافته كانت في أيام الفساد والبغي والخسارة.  (سر الخلافة)

يقول سيدنا المسيح الموعود u: من الضروري الاعتقادُ بأن سيدنا الصديق الأكبر t وسيدنا الفاروق عمر t وسيدنا ذا النورين t وسيدنا عليًا المرتضى t كلهم كانوا في الحقيقة أمناء في الدين.

ثم يقول المسيح الموعود u وهو يبين مكانة علي t ومقامه:

“كان (يعني علياً t) تقيًّا نقيًّا مِن الذين هم أحب الناس إلى الرحمن، ومِن نخب الجيل وسادات الزمان. أسد الله الغالب وفتى الله الحنّان، نديّ الكف طيب الجنان. وكان شجاعا وحيدًا لا يُزايل مركزه في الميدان ولو قابله فوج من أهل العدوان. أنفد العمر بعيش أنكد وبلغ النهاية في زهادة نوع الإنسان. وكان أول الرجال في إعطاء النشب وإماطة الشجب وتفقُّد اليتامى والمساكين والجيران. وكان يجلّي أنواع بسالة في معارك وكان مظهر العجائب في هيجاء السيف والسنان. ومع ذلك كان عذب البيان فصيح اللسان. وكان يُدخل بيانه في جذر القلوب ويجلو به صدأ الأذهان، ويجلي مطلعه بنور البرهان. وكان قادرًا على أنواع الأسلوب، ومن ناضله فيها فاعتذر إليه اعتذار المغلوب. وكان كاملا في كل خير وفي طرق البلاغة والفصاحة، ومن أنكر كماله فقد سلك مسلك الوقاحة. وكان يندب إلى مواساة المضطرّ، ويأمر بإطعام القانع والمعترّ، وكان من عباد الله المقربين.

ومع ذلك كان من السابقين في ارتضاع كأس الفرقان، وأُعطَي له فهم عجيب لإدراك دقائق القرآن. وإني رأيته وأنا يقظان لا في المنام، فأعطاني تفسير كتاب الله العلام، وقال: هذا تفسيري، (أي أعطى علي t هذا التفسير للمسيح الموعود t وقال له:) والآن أُولِيْتَ فَهُنّيتَ بما أُوتِيتَ. قال المسيح الموعود u: فبسطتُ يدي وأخذت التفسير، وشكرت الله المعطي القدير. ووجدتُه ذا خَلْقٍ قويم وخُلقٍ صميم، ومتواضعا منكسرا ومتهلّلاً منوّرا. وأقول حلفًا إنه لاقاني حُبًّا وأُلْفًا، وأُلقي في روعي أنه يعرفني وعقيدتي، ويعلم ما أخالف الشيعة في مسلكي ومشربي، ولكن ما شمخ بأنفه عُنفًا، وما نأى بجانبه أنفًا، بل وافاني وصافاني كالمحبين المخلصين، وأظهر المحبة كالمصافين الصادقين. وكان معه الحسين بل الحسنينِ وسيد الرسل خاتم النبيين، وكانت معهم فتاة جميلة صالحة جليلة مباركة مطهّرة معظّمة مُوَقرة باهرة السفور ظاهرة النور، ووجدتها ممتلئة من الحزن ولكن كانت كاتمة، وأُلقي في روعي أنها الزهراء فاطمة. فجاءتني وأنا مضطجع فقعدت ووضعت رأسي على فخذها وتلطفت، ورأيتُ أنها لبعض أحزاني تحزن وتضجر وتتحنن وتقلق كأمّهات عند مصائب البنين. (يعترض بعض غير الأحمديين أنه ما أسوأ هذا القول وضعت الرأس على الفخذ مع أن حضرته ضرب مثال الأمهات، والصفات التي بينها قبل ذلك إذا قرأناها بتأمل ثم نظرنا إلى هذه الجملة تلطفت كالأمهات رفع كل اعتراض ولكن بما أنهم سيئو التفكير لذا تنشأ لديهم هذه الاعتراضات، على كل حال قال المسيح الموعود u) فعُلّمتُ أني نزلتُ منها بمنزلة الابن في عُلَق الدين، وخطر في قلبي أن حزنها إشارة إلى ما سأرى ظلما من القوم وأهل الوطن المعادين. ثم جاءني الحسنان، وكانا يبديان المحبة كالإخوان، ووافياني كالمواسين. وكان هذا كشفًا من كشوف اليقظة، وقد مضت عليه بُرْهة من سنين.

ولي مناسبة لطيفة بعليّ والحسين، ولا يعلم سرّها إلا رب المشرقين والمغربين. وإني أحبّ عليا وابناه، وأعادي من عاداه، ومع ذلك لستُ من الجائرين المتعسفين. وما كان لي أن أعرض عما كشف الله عليَّ، وما كنت من المعتدين. وإن لم تقبلوا فلي عملي ولكم عملكم، وسيحكم الله بيننا وبينكم، وهو أحكم الحاكمين. (سر الخلافة)

وانتهى هنا ذكر علي t، وسأبدأ بعدها ذكرا جديدا، إن شاء الله.

والآن أريد أن أعلن أنني سوف أفتتح قناة تلفزيونية جديدة تُبث 24 ساعة باسم “ايم تي ايه غانا”. في 2017 كان “وهاب آدم إستوديو” قد أُنشئ في غانا، باسم المرحوم عبد الوهاب آدم أمير الجماعة والداعية المسؤول في غانا. تُعَدّ في هذا الاستوديو 60% من البرامج لقناة ايم تي ايه إفريقيا، وفي الأستوديو يعمل 17 عاملا وأكثر من 60 متطوعا وهم مختصون بمختلف الأقسام. إن هذا الإستوديو من أحدث الأستوديوهات مع أحسن التسهيلات والأدوات، لذا ترسل إليه الدوائر الإعلامية والتلفزيونية المختلفة منتسبيهم من أجل تلقّي التربية والتجربة. ولقد بث هذا الاستوديو كثيرا من البرامج الحية منها المسابقة الأولى لتلاوة القرآن الكريم في أفريقيا والبث المباشر في أيام رمضان في غانا. والآن تُطلَق قناة جديدة باسم “ايم تي ايه غانا”، وهي ستكون قناة وطنية جديدة في غانا على المنصة الرقمية (digital platform) لأربع وعشرين ساعة. وهي سوف تُشاهد على الهوائيات العادية من دون الحاجة إلى صحن الفضائية. وهذا يعني أن سكان غانا يستطيعون أن يصلوها بكل سهولة على هوائي عادي أيضا، وستكون موجودة في الموقع نفسه الذي توجد فيه القنوات الغانية الكبيرة الأخرى، وهكذا سوف تصل إلى مئات الآلاف من البيوت في أنحاء القُطر كله، وستغطي جميع المناطق من الجنوب إلى الشمال، إن شاء الله. وسوف تُعد في هذا الاستوديو برامج في لغات متنوعة منها الإنجليزية وتشوئي غاهاؤسا وغيرها. وسوف تقوم لجنة إماء الله والفِرق الأخرى بأعمال البث والجدولة للقناة، وتُعدّ برامج تعليمية وتربوية وبذلك سيطلع الناس على تعاليم الإسلام الصحيحة والجميلة. وبفضل الله تعالى أيم تي ايه غانا ستكون قناة تلفزيونية وحيدة على المنصة الرقمية مخصوصة لتعاليم الإسلام كليا.

يسعى أعداؤنا إلى سد طريقنا في مكان فيفتح الله تعالى لنا سبلا عديدة في أماكن أخرى، هذه هي أفضال الله تعالى على الجماعة، وسوف تُفتح السبل المسدودة أيضا في وقتها ولكن الله تعالى يهيئ على التو أسباب الراحة أيضا. هذه القناة تغطي غانا وقد تغطي بعض المناطق المجاورة أيضا، وسوف أدشن هذه القناة بعد صلاة الجمعة والعصر إن شاء الله.

والأمر الثاني الذي أوجه إليه في هذه الأيام هو أنِ ادعوا لأسرى باكستان والجزائر بأن يفك الله تعالى أسرهم بوجه خاص. وادعوا كذلك لظروف باكستان العامة أن يوفق الله تعالى الأحمديين هناك ليعيشوا براحة ويهب أعداء الجماعة الأحمدية العقل والفهم وإذا لم يكن في نصيبهم فيعاملهم بما شاء ويُخلصنا منهم. وأقول للأحمديين وأخص الأحمديين الباكستانيين بأن يركزوا في هذه الأيام على النوافل والأدعية والصدقات. حفظهم الله تعالى وسلمهم.

*****

About الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز

حضرة أمير المؤمنين الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز ولد حضرته في الخامس عشر من أيلول 1950 في مدينة (ربوة) في الباكستان. هو حفيد لمرزا شريف أحمد نجل المسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام. أنهى حضرته دراسته الابتدائية في مدرسة تعليم الإسلام في مدينة (ربوة) وحصل على درجة البكالوريوس من كلية “تعليم الإسلام” في نفس المدينة. ثم حصل حضرته على درجة الاختصاص في الاقتصاد الزراعي من كلية الزراعة في مدينة (فيصل آباد) في الباكستان وذلك في عام 1976م.

View all posts by الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز