بسم الله الرحمن الرحيم

نحمده ونصلي على رسوله الكريم        وعلى عبده المسيح الموعود

ملخص خطبة الجمعة التي ألقاها أمير المؤمنين أيده الله تعالى بنصره العزيز بتاريخ 1-6-2018.

بعد التعوذ والتشهد وتلاوة الفاتحة يقول حضرته نصره الله:

من كبار صحابة النبي ﷺ عكاشةُ بنُ مِحصَن ؓ. حضر غزوةَ بدر على متن حصان، فكُسر سيفه، فآتاه النبي ﷺ خشبة فصارت في يده كأنها سيف حديدي ماضٍ. وشارك عكاشة في كل الغزوات بهذا السيف نفسه، وقد بقي معه إلى أن لقي ربه، وكان اسم هذا السيف العون.

وقد بشّره رسول الله ﷺ بدخول الجنة بغير حساب. عن أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي زُمْرَةٌ هُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا، تُضِيءُ وُجُوهُهُمْ إِضَاءَةَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ الْأَسَدِيُّ يَرْفَعُ نَمِرَةً عَلَيْهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُم.ْ قَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ. ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. فَقَالَ سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ.

يقول حضرة مرزا بشير أحمد ؓ: هذه الواقعة من مجلس النبي ﷺ تنطوي على كنز من المعارف، منها: أولا: أنها تدل على ما تفضل الله بها على أمة النبي ﷺ من فضل ورحمة، كما تدلّ على كمال الفيوض الروحانية لرسول الله ﷺ حيث أخبر أنْ سيكون من أمته سبعون ألفا سينجون من فزع الحساب يوم القيامة لما يتمتعون به من مرتبة روحانية بفضل الله ورحمته. ويقال إن السبعين ألفا إشارة إلى عدد كبير. وثانيا: تدل هذه الواقعة على ما يحظى به النبي ﷺ من قرب وزلفى عند الله تعالى، لأنه ﷺ توجه إلى الله تعالى فكشف الله عليه فورًا. وثالثا: تدل هذه الواقعة على أن النبي ﷺ كان شديد التأدب مع الله تعالى، وكان يريد من أمته أن يرفعوا مستوى مجاهداتهم، لذلك لما رجاه شخص آخر أن يدعو له لم يُجِبْ طلبه. ورابعا: إن هذه الواقعة تسلط مزيدا من الضوء على عظمة أخلاق النبي ﷺ إذ رفض طلب الصحابي الآخر بكل لباقة.

وعن عبد الله بن عباس لما نزلتْ سورة النصر أمر النبي ﷺ بلالاً أن ينادي بالصلاة جامعة. وبعد الصلاة خطب خطبة بكت منها العيون، ثم قال: “أيها الناس أي نبي كنتُ لكم؟” فقالوا: جزاك الله من نبي خيرًا، فلقد كنتَ بنا كالأب الرحيم وكالأخ الناصح المشفق، أديتَ رسالاتِ الله عز وجل، وأبلغتَنا وحيه، ودعوت إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، فجزاك الله عنا أفضل ما جازى نبيًا عن أمته.  فقال لهم: “معاشِرَ المسلمين، أنا أنشُدكم بالله وبحقي عليكم مَن كانت له قِبَلي مَظْلَمةٌ فليَقُمْ فليقتصَّ مني”. فلم يقمْ إليه أحد. فناشدهم ثانية، فلم يقم أحد، فناشدهم الثالثة: “معاشرَ المسلمين أنشدكم بالله وبحقي عليكم مَن كانت له قِبلي مظلمة فليقم فليقتص مني قبل القصاص في القيامة”. فقام من بين المسلمين شيخ كبير يقال له عكاشة، فتخطى المسلمين حتى وقف بين يدي رسول اللَّه ﷺ، فقال: فداك أبي وأمي، لولا أنك ناشدتنا مرة بعد أخرى ما كنت بالذي يُقدِم على شيء من هذا. ثم قال عكاشة: كنت معك في غزاة فلما كنا في الانصراف حاذت ناقتي ناقتك، فنـزلت عن الناقة ودنوت منك لأقبل قدمك، فرفعت القضيب فضربتَ خاصرتي، ولا أدري أكان عمدًا منك أم أردت ضرب الناقة؟ فقال رسول اللَّه ﷺ: “أعيذُك بجلال الله أن يَتعمد رسول اللَّه بالضرب. ثم قال ﷺ: يا بلال انطلق إلى منـزل فاطمة وائتني بالقضيب المَمشُوق”. ثم دخل بلال المسجد ودفع القضيب إلى رسول اللهﷺ ، ودفع رسول اللهﷺ  القضيب إلى عكاشة، فلما نظر أبو بكر وعمر رضي الله عنهما إلى ذلك قاما فقالا: يا عكاشة هذان نحن بين يديك فاقتص منا ولا تقتص من رسول اللهﷺ ، فقال لهما النبي ﷺ: “امضِ يا أبا بكر وأنت يا عمر فامضِ فقد عرف الله مكانكما ومقامكما”، فقام علي بن أبي طالب فقال: يا عكاشة أنا في الحياة بين يدي رسول اللَّهﷺ ، ولا تطيب نفسي أن يُضرب رسول اللَّهﷺ ، فهذا ظهري وبطني اقتص مني بيدك واجلدني مائة، ولا تقتص من رسول اللَّهﷺ ، فقال النبيﷺ : “يا علي، اقعد فقد عرف الله عز وجل مقامك ونيتك”. وقام الحسن والحسين رضي الله عنهما فقالا: يا عكاشة، أليس تعلم أنّا سبطا رسول اللَّه؟! فالقصاص منا كالقصاص من رسول اللَّهﷺ ، فقال ﷺ: “اقعدا يا قُرة عيني”، ثم قال النبي ﷺ: يا عكاشة اضرب إن كنت ضَاربًا” فقال عكاشة: يا رسول الله ضربتَني وأنا حاسر عن بطني، فكشف عن بطنه ﷺ، وصاح المسلمون بالبكاء، وقالوا: أترى يا عكاشة ضارب رسول اللَّهﷺ ، فلما نظر عكاشة إلى بياض بطن رسول اللَّهﷺ ، لم يملك أن كب عليه وقبّل بطنه وهو يقول: فداءٌ لك أبي وأمي، ومن تطيق نفسه يا رسول الله أن يقتص منك؟ فقال له النبي ﷺ: إمَّا أن تضرب وإمَّا أن تعفو” فقال: قد عفوت عنك رجاءً أن يعفو الله عني يوم القيامة، فقال النبي ﷺ: “من أراد أن ينظر إلى رفيقي في الجنة فلينظر إلى هذا الشيخ”، فقام المسلمون فجعلوا يقبلون ما بين عيني عكاشة، ويقولون: طوباك طوباك نلت الدرجات العلى ومرافقة رسول اللَّهﷺ .

في عهد خلافة أبي بكر ؓ خرج عكاشة مع خالد بن الوليد يقاتل المرتدين. فبعث خالد عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم رضي الله عنهما طليعةً أمامه يأتيانيه بخبر العدو، فلقيا طليحةً وأخاه سلمة اللذين سبقا جيشهما لاستطلاع أخبار المسلمين. فقتلا عكاشة وسلمة رضي الله عنهما. وحين وصل جيش المسلمين إليهما أمر خالد بن الوليد بدفنهما بدمائهما وثيابهما. وكان ذلك في السنة الـ 12 للهجرة.

وكان هناك صحابي آخر للنبي ﷺ وهو خارجة بن زيد من الخزرج بايع يوم العقبة. كانت بنته حبيبة زوجة أبي بكر الصديق. لقد آخى رسول الله ﷺ بين خارجة بن زيد وبين أبي بكر ؓ. اشترك في غزوة أُحد واستُشهد فيها بعد أن قاتل بشجاعة وبسالة كبيرتين.

مر مالك بن الدُّخْشُم على خارجة بن زيد يوم أُحد وقال: أما علمت أن محمدا قد قُتل؟ فقال خارجة: إنْ قُتل رسول الله ﷺ فإن الله حي لا يموت، فقد بلّغ رسولُ الله ﷺ رسالة ربه، فقاتِل عن دينك.

ثم هناك صحابي آخر اسمه زياد بن لبيد، شهد العقبة الثانية مع السبعين من الصحابة وأسلموا جميعا. ولما عاد إلى المدينة كسر أصنام بني بياضة. وخرج إلى رسول الله ﷺ بمكة فأقام معه حتى هاجر رسول الله ﷺ إلى المدينة فهاجر معه، فكان يقال: زيادٌ مهاجريٌ أنصاريٌ. وشهد زياد بدرا وأُحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله ﷺ. كما عيّنه رسولُ الله ﷺ محصّل لجمع أموال الزكاة والصدقات في منطقة حضر موت، فظل يؤدي هذه الخدمة إلى عهد خلافة عمر ؓ.

ثم هناك صحابي آخر هو معتب بن عبيد الذي شهد بدر وأحد واستشهد يوم الرجيع مع عشرة من المسلمين.

يقول حضرة مرزا بشير أحمد ؓ عن هذا الحدث: بعد غزوة أُحد شكَّل النبي ﷺ فريقا من عشرة من صحابته وأمَّر عليهم عاصم بن ثابت، وأمرهم بأن يستطلعوا أوضاع قريش، ولكن قبل أن ينطلق هذا الفريق، جاء نفر من عضل وقارة، مُقرين بالإسلام فقالوا يا رسول الله ابعث معنا نفرا من أصحابك يفقهوننا فبعث رسول الله ﷺ معهم نفس الفريق الذي شكَّله للاستطلاع. لكنه تبين لاحقا  أنهم كانوا كاذبين فقد جاؤوا بمؤامرة بني لحيان للثأر لمقتل سفيان بن خالد. فلما وصل هؤلاء الغدارون ما بين عسفان ومكة، خرج من بني لحيان مائتا شاب مائة منهم رماة ليلحقوا بالمسلمين وأصابوهم عند الرجيع، فقتلوا الصحابة غدراً.

ثم من الصحابة الذين شهدوا بدرا، سيدنا خالد بن بُكير، وكان هو وإخوته الثلاثة عاقل وعامر وإياس ؓ أول من أسلموا في دار الأرقم. وكان خالد ضمن أفراد السرية التي بعثها النبي ﷺ لقافلة قريش برئاسة عبد الله بن جحش ؓ. واستُشهد خالد بن بُكير في حادثة الرجيع سابقة الذكر.

فهؤلاء قدّموا تضحيات لحماية الدين ولإيمانهم وأحرزوا رضا الله تعالى. يقول المسيح الموعود ؏: الشكر للإله المرسِل والـمحسن وكاشف الهموم، والصلاة على رسوله والسلام على إمام الإنس والجن الذي هو طيب القلب والجاذب إلى الجنة، والسلام على أصحابه الذين ركضوا إلى ينبوع الإيمان كالظمآن وتنوَّروا بكمالهم العلمي والعملي في ليالي ظلمات الضلال. كما قال ؏ عن الصحابة: كانوا أُسد ميادين النهار ورهبان الليالي ونجوم الدين.

يقول أمير المؤمنين نصره الله: المراد من كونهم رهبان الليالي هو أنهم كانوا يعبدون في الليالي وهم نجوم الدين ويحالفهم رضاالله تعالى. وفقنا الله تعالى لتحسين حالتنا العلمية والعملية. (آمين)

صلى أمير المؤمنين بعد صلاة الجمعة صلاة جنازة الغائب على السيد إسماعيل مالاغالا الداعية من أوغندا الذي توفي إثر جلطة قلبية في 25 أيار عن عمر يناهز 64 عاما. إنا لله وإنا إليه راجعون.كان السيد مالاغالا مسيحيا وبايع في 1978 وكرّس حياته لخدمة الإسلام ودرس في الجامعة الأحمدية بربوة.

وحين هاجر الخليفة الرابع رحمه الله تعالى من باكستان كان المرحوم مـمن قاموا بواجب الحراسة بشجاعة.

راجع ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الأوغندية وأكمل هذه المهمة في غضون ثلاثة أشهر. عاش حياة بسيطة منشغلا بخدمة الدين وكان لينَ القلب وكريما يهتم بالفقراء والمساكين ومحبا جدا للخلافة . تغمّد الله تعالى المرحوم برحمته وغفر له وجعل ذُرِّيَّته متمسكين بالجماعة والخلافة. (آمين)