بسم الله الرحمن الرحيم

نحمده ونصلي على رسوله الكريم                         وعلى عبده المسيح الموعود

ملخص خطبة الجمعة التي ألقاها أمير المؤمنين أيده الله تعالى بنصره العزيز في 16-02-2018:

بعد التعوذ والتشهد وتلاوة الفاتحة يقول حضرته نصره الله:

يقول الله تعالى في كتابه الكريم: ]وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ[ (سورة الذاريات: 57). وقد علّمنا الله تعالى طرق العبادة والذكر وعلى المؤمن أن ينشغل في ذكر الله والأدعية في كل الأوقات.

يسأل الناس عادة عن وسائل لتقيهم من المشاكل والبلايا، والحل هو أن يركزوا على الصلوات ويكثروا من الأدعية في سجودهم مع التفكر بها ويستعينوا بالله تعالى، عندها يحفظهم الله تعالى ويرعاهم.

كان النبي ﷺ يواظب على قراءة الآيات والأدعية قبل النوم كما وكان يوصي صحابته أيضا بقراءتها. وفي إحدى الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما: قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، وآية الكرسي ثم مسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه، يفعل ذلك ثلاث مرات.

فينبغي على كل مسلم أن يلتزم بسنة سيدنا محمد ﷺ. وعلينا نحن الأحمديين أن نعمل بهذه السنة بوجه خاص كواجب هام لينقذ الله تعالى الجماعة والإسلام من الفتن والفساد.

تقول عائشة رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُ بِيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا.

عن أهمية هذه السور، يقول عقبة بن عامر رضي الله عنه: لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَابْتَدَأَنِي فَأَخَذَ بِيَدِي فَقَالَ يَا عُقْبَة بْن عَامِرٍ أَلَا أُعَلِّمُكَ خَيْرَ ثَلَاثِ سُوَرٍ أُنْزِلَتْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَالْفُرْقَانِ الْعَظِيمِ قَالَ قُلْتُ بَلَى جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ قَالَ فَأَقْرَأَنِي قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ. ثُمَّ قَالَ يَا عُقْبَةُ لَا تَنْسَاهُنَّ وَلَا تَبِيتَ لَيْلَةً حَتَّى تَقْرَأَهُنَّ. قَالَ عقبة فَمَا نَسِيتُهُنَّ مِنْ مُنْذُ قَالَ لَا تَنْسَاهُنَّ وَمَا بِتُّ لَيْلَةً قَطُّ حَتَّى أَقْرَأَهُنَّ.

يذكر أبو سعيد الخدري رضي الله عنه عن أهمية سورة الإخلاص قال: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَقَالُوا أَيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ ثُلُثُ الْقُرْآنِ.

إن الله تعالى قد أنزل القرآن الكريم لإثبات وترسيخ توحيده تعالى، وإن سورة الإخلاص السورة تحتوي على بيان رائع عن التوحيد وبكلمات واضحة وجامعة، ولذلك فهي تعدل ثلث القرآن. وبالتفكير في كلماتها والعمل بها يمكن للإنسان العمل بالتوحيد الحقيقي. وهناك روايات آخرى تذكر آيات قرآنية أخر أنها تعدل ربع القرآن. فلو ظن بعض الناس أن قراءة هذه الآيات القليلة من القرآن الكريم تعدل ختمة القرآن فذلك ليس صحيحًا لأن المراد هو التدبر والعمل بمضومن تلك السور.

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ وَكَانَ يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ فِي صَلَاتِهِمْ فَيَخْتِمُ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ سَلُوهُ لِأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ فَسَأَلُوهُ فَقَالَ لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّه. (صحيح البخاري،كتاب التوحيد)

وجاء في رواية عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا لِرَسُولِ اللهِ ﷺ انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ فَأَنْزَلَ اللهُ ]قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ[ وَالصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ يُولَدُ إِلا سَيَمُوتُ وَلا شَيْءٌ يَمُوتُ إِلا سَيُورَثُ وَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَمُوتُ وَلا يُورَثُ. ]وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ[ قَالَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَبِيهٌ وَلا عِدْلٌ وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ.

وفي رواية عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: “أَقْبَلْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فَسَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَجَبَتْ قُلْتُ وَمَا وَجَبَتْ؟ قَالَ الْجَنَّةُ.” أي بسبب إخلاصه الذي به يقرؤها.

وهناك رواية عن سهل بن سعد جاء فيها ما مفاده: جاء رجل إلى النبي ﷺ وشكا إليه فقره، فقال: إذا دخلت بيتك فسلِّم على أهلك، وإن لم تجد فيه أحدا فسلِّم على نفسك، واقرأ ]قل هو الله أحد[ مرة، ففعل فبارك الله في رزقه كثيرا حتى استفاد منه جيرانه. باختصار، إذا تعلّم الإنسان درس التوحيد وبدأ العمل به وآمن أن الله تعالى يملك القوة والقدرة كلها فإن الله تعالى يعطيه ويرزقه بغير حساب. يقول الله تعالى: ]وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ[

وفي رواية عَن ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:”مَنْ قَرَأَ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ مِائَةَ مَرَّةٍ فِي الصَّلاةِ أَو غَيْرِهَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ”.

فهذه هي أهمية سورة الإخلاص، وعند قراءتها يجب أن نضع واحدانية الله تعالى في الحسبان.

وعن معنى الصمد يقول المسيح الموعود ؏: الأشياء كلها سواه ﷻ ممكنة الوجود وهالكة الذات، أي يمكن خلقُها ويأتي عليها الفناء، ولكن الله هو الصمد أي لا فناء له.

يقول المسيح الموعود ؏: “إن الله في ذاته وصفاته وجلاله أحد متفرد، لا شريك له في ذلك أصلا. كل ذرة من الكون تستمد منه الحياة. إنه تعالى مبدأ الفيض للكل، أما هو فلا ينال أي فيضٍ من أحد. إنه ليس بولد لأحد، ولا بوالدٍ لأحد. وليس لأحدٍ ذاتٌ مثل ذاته.” (فلسفة تعليم الإسلام)

وهناك حديث آخر عن أهمية قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين: عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ بَيْنَا أَنَا أَقُودُ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ رَاحِلَتَهُ فِي غَزْوَةٍ إِذْ قَالَ يَا عُقْبَةُ قُلْ فَاسْتَمَعْتُ ثُمَّ قَالَ يَا عُقْبَةُ قُلْ فَاسْتَمَعْتُ فَقَالَهَا الثَّالِثَةَ فَقُلْتُ مَا أَقُولُ فَقَالَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَقَرَأَ السُّورَةَ حَتَّى خَتَمَهَا ثُمَّ قَرَأَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقَرَأْتُ مَعَهُ حَتَّى خَتَمَهَا ثُمَّ قَرَأَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ فَقَرَأْتُ مَعَهُ حَتَّى خَتَمَهَا ثُمَّ قَالَ مَا تَعَوَّذَ بِمِثْلِهِنَّ أَحَدٌ.

أي بهذه السور يحظى الإنسان ملاذا من الله تعالى، ولا يضيع ويُجنّب الشرور كلها.

وفي رواية عن ابْنَ عَابِسٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ لَهُ يَا ابْنَ عَابِسٍ أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَفْضَلِ مَا يَتَعَوَّذُ بِهِ الْمُتَعَوِّذُونَ قَالَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ.

وفي رواية أخرى: عن عقبة بن عامر قال: كنت مع النبي ﷺ في سفر، فلما طلع الفجر أذن وأقام، ثم أقامني عن يمينه وقرأ بالمعوذتين، فلما انصرف قال: “كيف رأيت؟ قلت: قد رأيتُ يا رسول الله قال: فاقرأ بهما كلما نمتَ وكلما قمت”.

يقول أمير المؤمنين نصره الله: إن هذه السور مهمة لرقينا الروحي وللحماية من هجمات الشيطان والمكايد التي تحاك ضد الإسلام من القوى المعارِضة للإسلام ومن علماء وزعماء المسلمين الذين يعطون هذه القوى الشيطانية الفرصة للتدخل.

قال المسيح الموعود ؏: إن قول ]وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ[ في سورة الفلق يتضمن دعاءً لاجتناب شرِّ الليلة الليلاء. وهذه الفتنة لليلة الليلاء هي فتنة إنكار المسيح الموعود التي استُعيذ بها.

إن حالة المسلمين اليوم توجّهنا إلى قراءة هذه السور بإمعان لكي نتجنب الظلمات، ونعوذ بالله تعالى من شر النفاثات في العقد، أيْ مِن أولئك الناس الذين يبثّون البغض والعناد في قلوب الناس ضد الإسلام والأحمدية.

وفي سورة الناس ذكرت صفات الله تعالى ربًّا ومالكا، ثم ورد دعاء الاستعاذة بالله من وساوس الشيطان. وفي هذه الأيام قد تقَّوى الإلحاد وسادت المادية، فلو نفخنا بهذه الأدعية على أنفسنا وعلى أولادنا لصانت أجيالنا القادمة أيضا من كل شر وثبتت على الدين وفهمت وحدانية الله تعالى.

ندعو الله تعالى أن يكون كل واحد منا ممن يفهمون مضمون هذه السور ويعملون بسنة الرسول ﷺ. آمين.