ملخص خطبة الجمعة 12/6/2020

يتابع حضرته في ذكر الصحابة البدريين ويفرد الخطبة للحديث:

سعيد بن زيد t: والده زيدُ بن عمرو واسم أمه فاطمة بنت بعجة وكان من قبيلة عدي بن كعب بن لؤي وكان يكنى أبا الأعور وقيل أبو ثور أيضا. كان طويل القامة حِنطيَّ اللون كثيف الشعر. وهو ابن عم عمر بن الخطاب t ويصل نسبه في الجيل الرابع أي عند نفيل بسيدنا عمر t بينما يصل بسيدنا النبي r عند كعب بن لؤي في الجيل الثامن. لقد تزوج عمر t عاتكة أختَ سعيد وهو تزوج أخت عمر t وهي كانت السبب في إسلام عمر t.

كان والد سعيد، زيد بن عمرو في الجاهلية يعبد إلها واحدا. ويجتنب كل نوع من الفسق والفجور حتى أَكْل ذبيحة المشركين أيضا. وكان زَيْدَ بْنَ عَمْرٍو كَانَ يَعِيبُ عَلَى قُرَيْشٍ ذَبَائِحَهُمْ وَيَقُولُ الشَّاةُ خَلَقَهَا اللَّهُ وَأَنْزَلَ لَهَا مِنْ السَّمَاءِ الْمَاءَ وَأَنْبَتَ لَهَا مِنْ الْأَرْضِ ثُمَّ تَذْبَحُونَهَا عَلَى غَيْرِ اسْمِ اللَّهِ إِنْكَارًا لِذَلِكَ وَإِعْظَامًا لَهُ.

لما كان زيد بن عمرو يكره الكفر والشرك سافر طويلا إلى أقصى البلاد بحثا عن الحق، لقد وجد زيد بن عمرو زمن النبي r لكنه توفي قبل بعثته r ، وقد قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم مرة: قد رأيتُه في الجنة يسْحَبُ ذُيولاً.

وهكذا فقد نال الابنُ أي سعد ين زيد رضي الله عنه المقام السامي ببركة حسنات أبيه.

جاء سيدنا سعيد بن زيد وسيدنا عمر بن الخطاب إلى النبي r وسألاه عن زيد بن عمرو، فقال النبي r رحم الله زيد بن عمرو وغفر له فقد مات على دين إبراهيم.

وبعد ذلك كلما ذكر المسلمون زيدَ بن عمرو دعَوا به بالرحمة والمغفرة.

أسلم سعيد بن زيد t وزوجته فاطمة بن الخطاب في صدر الإسلام، وكان إسلامهما قبل دخول النبي r دار الأرقم. كانت زوجة سعيد سببا لإسلام عمر.

كان سعيد بن زيد من المهاجرين الأوائل، لقد آخى النبي r بينه وبين رافع بن مالك وفي رواية آخى بينه بين أبي بن كعب.

لم يستطع سعيد بن زيد أن يشترك في غزوة بدر إلا أن رَسُول اللَّهِ r ضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ في الغنائم. وكان سبب عدم مشاركته في غزوة بدر أن النبي  rتوقع عير قريش قافلةٍ من الشام فقبل خروجه من المدينة بعشرة أيام أرسل طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد ليتحسّبا خبر عير قريش هذه، فخرجا حتّى بلغا الحوراء، فلم يزالا مقيمَين هناك حتّى مَرّت بهما العِير. بعد ذلك عاد طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد إلى المدينة المنورة ليُخبرا النبي عن خبر العير؛ فَقَدِمَا المدينة في اليوم الذي حدثت فيه المعركة بين المسلمين وقريش ببدر، فخرجا من المدينة للمثول عند النبي r فلقياه مُنْصَرِفًا من بدر. ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم آتاهما نصيبًا من غنائم بدر، وعدَّهما ممن شهد بدرًا.

كان سعيد بن زيد من العشرة المحظوظين المبشر لهم بالجنة على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم المبارك في هذه الدنيا.

لما خرجت الجيوش الإسلامية للحرب في ناحية الشام في خلافة سيدنا عمر رضي الله عنه كان سعيد بن زيد قائد الجنود المشاة تحت إمرة أبي عبيدة رضي الله عنهما، وشارك في الحرب بكل بسالة وشجاعة في حصار دمشق والمعركة الحاسمة في اليرموك. عيّن أبو عبيدة، والمعارك دائرة، سعيدا بن زيد رضي الله عنهما أميرا على دمشق، فكتب لأبي عبيدة: إني لا أطيق أن تشتركوا في الجهاد وأنا محروم منه، فمجرد أن يصلك كتابي ترسل شخصا آخر أميرًا على دمشق بدلاً مني، وسوف ألحقك بأسرع ما يمكن. فاضطر أبو عبيده رضي الله عنه ليرسل يزيد بن أبي سفيان أميرًا على دمشق، وشهد سعيد بن زيد الحرب ثانية.

لقد وقعت انقلابات وحروب داخلية عديدة أمام أعين سعيد بن زيد رضي الله عنه، ولكنه اعتزل هذه الخصومات كلها لزهده وتقواه، غير أنه كان لا يتردد في إبداء رأيه في الناس بكل حرية. فعندما استُشهد سيدنا عثمان رضي الله عنه كان سعيد بن زيد يقول في مسجد الكوفة: لا غرابة لو زُلزل جبل أحد بسبب ما فعلتم بعثمان رضي الله عنه.

وكذلك ذكر ذات يوم الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بسوء في المـسجِد الأكبر في الْكُوفَةِ، فقال له: يَا مُغِيرَ بْنَ شُعْبَ، يَا مُغِيرَ بْنَ شُعْبَ، ثَلَاثًا، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هؤلاء العشرة في الجنة، وعلي منهم.

وكان سعيد بن زيد رضي الله عنه مجاب الدعوة. اتُّهمَته سيدة اسمها أروى مرة بالاستيلاء على أرض بغير حق، فقال عندما سئل: اللهم إن كانت كاذبةً فلا تُمِتْها حتى تُعمِيَ بصرَها، وتجعلَ قبرَها في بئرَها”. وورد أنها ذهب بصرها، ثم ذات يوم كانت تمشي في دارها فوقعت في بئرها فكانت قبرَها. فصارت مضربَ المثل بين أهل المدينة حيث كانوا يقولون: أعماك الله كما أعمى أروى.

تُوفي سعيد بن زيد رضي الله عنه يوم الجمعة في السنة الخمسين أو الواحدة والخمسين من الهجرة وسنه حوالي سبعين سنة، وفي رواية: إحدى وسبعون سنة.

وفي رواية أن عبد الله بن عمر سمع خبر وفاة سعيد بن زيد وهو يستعدّ للجمعة، فترك الجمعة وخرج إلى سعيد بن زيد، فغسله وعطّره وصلى عليه الجنازة.

تزوج سعيد بن زيد عشر زيجات في أوقات مختلفة، وكان له منهن 13 ابنا و19 بنتا.

الصحابي عبد الرحمن بن عوف t: كان اسمه في الجاهلية عبد عمرو، وعندما أسلم سمّاه النبيُّ صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن. كان من بني زهرة بن كلاب.  كان عبد الرحمن بن عوف أبيضَ، واسع العينين، أهدبَ الأشفار، أقنى الأنف، طويلَ النابين الأعليين، له جمة أسفل مِن أذنيه، وكان طويل العنق، ضخم الكفّين، غليظ الأصابع، طويلاً، أبيض مشربَ حمرةٍ، لم يغيّر شعرَه بخضاب، حسن الوجه، رقيق البشرة. ويقال كان أعرج القدم وذلك نتيجة إصابته في سبيل الله تعالى في غزوة أحد.

وكان من العشرة المبشرين بالجنة، وكان أحد الستة من أصحاب الشورى الذين عيّنهم سيدنا عمر t لانتخاب الخليفة بعده، وقال: كان النبي r مات وهو عنهم راض.

ولد عبد الرحمن بن عوف بعد عام الفيل بعشر سنين. كان من بين القلة من الناس الذين كانوا يحرمون الخمر على أنفسهم في الجاهلية، وكان أحد الثمانية الذين سبقوا بالإسلام.  وكان إسلامه على يد أبي بكر الصديق قبل اتخاذ النبي r دار الأرقم مركزًا لنشر دعوته. اشترك في كلتي الهجرتين.

آخَى رَسُولُ اللَّهِ r بَيْنه وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، الذي عرض عليه نصف ماله وإحدى زوجاته فرد عليه: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ أَيْنَ سُوقُكُمْ فَدَلُّوهُ عَلَى سُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ فَمَا انْقَلَبَ إِلَّا وَمَعَهُ فَضْلٌ مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ ثُمَّ تَابَعَ الْغُدُوَّ، وقد بالك الله تعالى في تجارته كثيرا. ثُمَّ جَاءَ يَوْمًا وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَهْيَمْ قَالَ تَزَوَّجْتُ قَالَ كَمْ سُقْتَ إِلَيْهَا قَالَ نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ.

شهد عبد الرحمن بن عوف بدرا وأحدا وجميع المواقع مع النبي r.

وكان عبد الرحمن بن عوف من دل الغلامين الأنصاريين على أبي جهل في غزوة بدر فقتلاه ثأرا منه بما قد سب رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.