خطبة الجمعة 19/10/2018

من مسجد بيت العافية بفلادلفيا، أمريكا

*****

استهل حضرته الخطبة بتلاوة الآية القرآنية:

(إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) (التوبة: 18)

ثم حمد الله ﷻ وأثنى عليه على توفيقه لافتتاح أول مسجد بمدينة فيلاديفيا رسميا الذي تم شراء أرضه في عام 2007 ، وبدأ العمل على بناءه في 2013 إلى أن اكتمل الآن وبلغت كلفته 8.1 ملايين دولار.

ثم بين حضرته الغاية من افتتاح المساجد وهو ابتغاء مرضاء ورضوان الله تعالى ﷻ،  ولتحقيق هذا الهدف لا بد من العمل بكل ما أمرَنا به ﷻ. وأول واجب فُرض علينا هو أن نؤدي حق عبادته وذلك كما توضح الآية التي تلاها حضرته.

فالإيمان بالله حقيقة يستلزم أداء كافة العبادات التي أمر الله سبحانه و تعالى بها.

يقيمون الصلاة يتم أولا بأدائها جماعةً، وبالحفاظ على التركيز والانتباه في الصلاة ثانيا.

يؤتون الزكاة: يضحُّون بأموالهم من أجل الدين، وتحسين أوضاع خلق الله أيضا وتأدية حقوقه.

لا يخشون إلا الله، تكون أعمالهم ابتغاء مرضاة الله ويتجنبون ما يوجب سخطه فيحرمون من حبه ﷻ. فعلى المصلين أن يؤدوا حق الله ﷻ وحق خلقه أيضا، وعندئذ يعدّون، في نظر الله، من الذين يهتدون، والذين ينظر الله إليهم بحب.

يجب أن تكون نيّتُنا أننا بعد بناء المسجد سنؤدي حق العبادة وستكون أجيالنا القادمة مصونة ومرتبطة بالدين. و أن نجعله وسيلة تبليغ الإسلام بإراءتنا نموذجنا العملي لتعليم الإسلام.

ثم ذكر حضرته تاريخ الجماعة في فيلاديلفيا حيث وصلت الدعوة إلى فيلاديلفيا منذ زمن المسيح الموعود عليه السلام ثم انضم إلى الجماعة الكثيرون خلال إقامة حضرة مفتي محمد صادق.

وبين أن واجبنا كأحمديين أن نبذل جهودنا لإصلاح حالتنا العملية، وأن نرفع عباداتنا إلى مستويات تصبح مقبوله عند الله تعالى. كما نبَّهنا إليها حضرةُ المسيح الموعود ؏ مرة بعد أخرى.

قال المسيح الموعود ؏  (الأصل في المساجد هو أن تُبنى بالتقوى. فلو عمّرنا المساجد مصلّين بالإخلاص سالكين مسالك التقوى، عندها ستُقبل عباداتنا وعندها يمكن تبليغ دعوة الإسلام إلى غير المسلمين بصورة صحيحة.)

وقال رَسُولِ اللهِ ﷺ: (مَنْ دَخَلَ مَسْجِدَنَا هَذَا لِيَتَعَلَّمَ خَيْرًا أَوْ لِيُعَلِّمَهُ كَانَ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ. )

يجب على المؤمن الحقيقي أن يتعلّم الحسنات والخيرات، ويعمل بها ويعلّمها الآخرين، وإذا فعل ذلك كان مجاهدا في سبيل الله. وهذا الجهاد واجب اليوم على الأحمديين.

يقول المسيح الموعود عليه السلام:

” إن كنتم تريدون أن تُنشئوا علاقتكم معي فحققوا أهدافي ومقاصدي، ألا وهي أن تُثبتوا إخلاصكم ووفاءكم في حضرة الله، واعملوا بتعليم القرآن الكريم كما عمل رسول الله ﷺ والصحابة رضي الله عنهم. تحرَّوا مشيئة القرآن الحقيقية واعملوا بحسبها. لا يكفي عند الله أن تقرّوا باللسان دون أن يرافقه عمل يفيض بالنور والحماس. اعلموا يقينا أن الجماعة التي يريد الله إقامتها لا يمكن أن تعيش بدون العمل. (أي لا حياة للجماعة بدون العمل) إنها الجماعة العظيمة التي بدأ إعدادها منذ زمن آدم ؏، ولم يأت نبي إلا وقد أخبر عن هذه الدعوة، فاقدروها. والمراد من قدرها أن تُثبتوا بعملكم أنكم أنتم حزب أهل الحق”.

فهذه المهمة ليست بالسهلة وهي بحاجة إلى الاهتمام بها بكل تركيز. ينبغي أن نتذكر أن الدنيا وثرواتها لا تشكل ضمانًا لبقاء ذرياتنا ونسلنا، إنما السعي لإقامة العلاقة مع الله تعالى من أجل نيل أفضال الله تعالى ورحمته في الدارين سيكفل بقاءنا، وإن العمل بأوامره تعالى يضمن بقاءنا. وفّق الله تعالى الجميع للعيش بحسب هذه النصائح، آمين.

ندعو الله تعالى لكل أحمدي أن يحقق الهدف من إنشاء المسجد كما بين الله تعالى وقدّمتُه أمامكم، وأن يكون هذا المسجد معلمًا بارزًا لإيصال رسالة الإسلام الحقيقي إلى هذه المنطقة. آمين.