ملخص خطبة الجمعة 24/4/2020

استهل حضرته الخطبة بتلاوة:

]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ[ (البقرة 184-186)

ثم شرح حسب ما قال المسيح الموعود u: “المراد من التقوى أن يراعي الإنسان جميع أمانات الله والعهود الإيمانية، ويراعي أيضا جميع أمانات المخلوق والعهود بقدر استطاعته، أي يلتزم بأدق جوانبها بكل ما في وسعه.” (البراهين الأحمدية، الجزء الخامس)

من حق الله تعالى أن نشكره نظرا إلى مننه تعالى علينا، وهذه منة الله تعالى أنه يُكرمنا بنِعمه بالرغم من حالتنا وعدم شكرنا.

ويقول الله تعالى قد جاءكم شهر رمضان ووُجّهتم إلى صيامه لكي تسدّوا متوجهين إلى الله في هذا الشهر وتاركين الأشياء المباحة لوجه الله تعالى ومتحملين الجوع والعطش لوجه الله وملتزمين بعبادته تعالى أكثر من ذي قبل ومهتمين بأداء حقوق العباد بوجه خاص. وإذا فعلتم ذلك تحليتم بالتقوى، وهي الغاية من رمضان والصيام. وإذا صام الإنسان بهذه النية لنيل هذا الهدف وقضى رمضان بِنيّة حسنة فلن يكون هذا التغير مؤقتا بل سيكون دائما، وستتوجهون إلى أداء حقوق الله وإلى أداء حق العبادات بشكل دائم.

قال النبي r في مناسبة: مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ بَعَّدَ اللهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا. وهذا يعني أن الله تعالى يُبعّد بينه وبين النار ما يوازي سبعين سنة. هذه هي بركات رمضان، وهذه هي التقوى التي يُنشئها الصيام.

أما وباء الكورونا المتفشي في هذه الأيام فإنه قد حصَر معظمَ الناس في بيوتهم بقوة القانون، وهنا نشأ شيء جميل في الجماعة، وهو أن خدام الأحمدية في جميع بلدان العالم يوصلون المساعدات والطعام والأدوية والأشياء الأخرى إلى الناس حيثما دعت الحاجة، وهذا هو النموذج الأمثل لأداء الحقوق والذي يستفيد منه أفراد الجماعة كما يستفيد منه الآخرون أيضا ويتأثرون به.

في حالة هذا الحجر المنزلي يجب على أبناء الجماعة أن:

  • يسعوا لأداء الصلوات جماعة وإلقاء الدروس في البيوت باهتمام أكثر من ذي قبل.
  • علِّموا الصغار مسائل دينية بسيطة،
  • أن تهتموا بالدعاء خاصة، واسألوا الله رحمته لكم ولسائر أهل الدنيا.
  • الاهتمام بتحسين هذا الجو الطيب بسبب الخير الذي نُدعى إليه.
  • الإنابة إلى الله تعالى وكسب رضاه في هذه الأيام،
  • تقريب الأولاد إلى الله تعالى أكثر فأكثر لكي نجتذب محبة الله أكثر فأكثر، وتكون عاقبتنا حسنى. وفقنا الله تعالى لإدراك حقيقة التقوى والتحلي بها.

قدم حضرته مقتبساتٍ من كلمات سيدنا المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام من أجل رقينا في الروحانية والتقوى:

  • المراد من التقوى أن يجتنب المرء حتى أدنى أنواع الرجس. عليه أن يدعو الله تعالى حق الدعاء حتى يذوب حرقةً.  عليه أن يكون دائم التفكير والدعاء، أن ينجيه الله تعالى من خبث المعصية.
  • ليس هناك نعمة أكبر من أن يصبح الإنسان محفوظا ومعصوما من الإثم والمعصية…ولكن هذه النعمة تنال نتيجة الاتحاد الكامل بين الدعاء والتدبير.
  • المؤمن والمسلم الصادق دأبه اتخاذ التدبير والدعاء معًا. يستعمل كل ما أعطاه الله من قوى وكفاءات استعمالا كاملا، ثم يفوض النتيجة إلى الله تعالى، قائلا: ربِّ ها قد بذلت أقصى جهدي بحسب ما آتيتني من التوفيق. هذا هو المراد من قوله تعالى (إياك نعبد). ثم يقول المؤمن: (وإياك نستعين)، ويطلبُ عونه فيما تبقى من المراحل.
  • ولكن يجب أن نضع في الحسبان دوما أن الله تعالى يعلم بما في صدرونا وبجميع أعمالنا، لذا على المرء أن يبذل أقصى ما في وسعه وتوفيقه، ثم بعدها يمكنه أن يستعين بالله تعالى. لذا فهناك حاجة ماسة لفحص أنفسنا جيدا بهذا الصدد أيضا، لنرى ما إذا كنا نعمل بتقوى الله أم لا؟
  • لا بد أولاً من إغلاق النافذة التي تدخل منها المعصية. ثم على المرء أن لا يبرح في الدعاء للنجاة من جذبات النفس، ومن أجل ذلك قال الله تعالى (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)
  • قال الله تعالى (ادعوني أستجب لكم). فإذا أراد الإنسان الحصول على التقوى الكاملة فعليه اللجوء إلى التدبير والدعاء كما ينبغي، وعندها سوف يشمله الله برحمته.
  • بالتقوى تنشأ الزينة في الأعمال، وبسببها ينال المرء قرب الله، وبواسطتها يصبح وليا لله تعالى. يقول U: ]إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ[.
  • التقوى في مرحلتها الكاملة تمثّل موتا، لأنك عندما تخالفُ النفس من جميع الجوانب تموت النفس.
  • إن من صفات الله تعالى “الستّار” أيضا، فلماذا لا يرحم المرء أخاه ولا يعفو عنه ولا يستره؟
  • أَحدثِوا تغيُّرا في نفوسكم، وأحرِزوا مستوى عاليا من الأخلاق. إذا كان هناك شخص سعيد واحد في القرية سيتأثر الناس كلهم بكراماته.
  • ثم يقول u: وإنما البر الحقيقي هو أن يخدم المرء الإنسانية، ويظهر كامل الصدق والوفاء في سبيل الله، ويستعد للجود بحياته أيضا في سبيل الله، ولذلك قال الله I: ]إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ[
  • للحصول على الاطمئنان الكامل هناك حاجة مُلحّة للإيمان الكامل، فإن الواجب الأول على أبناء جماعتنا هو أن يحرزوا الإيمان الصادق بالله.
  • لا أحد يقدر على أن يتزكى ما لم يزكِّه الله I فعندما ستسقط روحه على عتبة الله بالتذلل والتواضع فسوف يتقبل الله دعاءه، ويصبح من المتقين، وسيكون جديرا بأن يفقه دين النبي. r

فهذا هو المستوى المطلوب من التقوى والتفقه في الدين والعمل بتعاليمه الذي نبّهنا إليه المسيح الموعود u، وعلينا أن نسعى جاهدين بأعمالنا، خاضعين أمام الله تعالى، ومستعينين به ليوفقنا الله تعالى لتحقيق هذه المستويات وتحقيق آمال المسيح الموعود u.

وإنها التقوى نفسها هي التي توفق المرء ليستخدم الرخصة في الصيام المذكورة في الآيات التالية بشكل صحيح، لأن الله تعالى ترك الأمر وفق حالة كل إنسان ولكن بشرط مراعاة التقوى. فإن كان أحد مريضًا بمرض لا يقوى معه على الصوم، أو منعه الطبيب من الصوم فعليه الفدية ولكن لا يجوز أن يبحث أحد عن حيل تجيز له أداء الفدية بدلا من الصوم. يقول المسيح الموعود u: من سعد قلبُه بحلول رمضان وكان ينتظر ليحل رمضان فيصومه، ولكنه لم يقدر على ذلك بسبب مرض أصابه، لن يُعَدّ محروما من الصوم في السماء.

فقد وضَّح الله I أنه لا حرج على المسافر والمريض، فليكملوا العدة فيما بعد. لكن سيدنا المسيح الموعود u قال أيضا أن على المرء أن يعطي الفدية أيضا حتما في هذه الحالة لأنه ببركتها سيوفَّق للصيام.

في هذه الأيام يسأل الناس أنه بسبب الصيام سيجف الحلق ويزداد الاحتمال بالإصابة بالفيروس، فهل يصومون أم لا؟ اتخِذوا القرار بأنفسكم بحسب أوضاعكم، واستفتُوا قلوبكم بصدق القلب والتقوى.

فمن هدْي القرآن الكريم الواضح أن على المريض أن لا يصوم، أما أن يُفطر الإنسان خوفا من أن يصاب فهذا باطل.

وفقَنا الله I لأن ندعو ونحسِّن حالتنا الروحانية، وأن يوفِّق العالم والحكومات الكبرى أن تتخذ القرارات وخطة عمل للمستقبل بالعقل والحكمة، آمين.