ملخص خطبة الجمعة 24/7/2020

كان الحديث في الخطبة الماضية جاريا عن سعد بن أبي وقاص. فقد شهد سعد t مع النبي r معركة بدر وأُجد والخندق وصلح الحديبية ومعركة خيبر وفتح مكة وغيرها من الغزوات كلها. كان من أفضل رماة النبي r من أصحابه.

كان سعد بن وقاص أول من أهرق الدم وأول من رمى في سبيل الله، وذلك في سرية عبيدة بن الحارث.

وكان الهدف منها وضع حدٍّ لهجمات قريش على المدينة.

في جمادى الأولى في العام الثاني من الهجرة أمّر رسول الله r سعد بن أبي وقاص على كتيبة قوامها ثمانون مهاجرا وبعثهم إلى الخرار التي تقع قرب الجحفة في الحجاز ولكن لم يواجهوا العدو.

وشهد سعد أيضا سرية عبد الله بن جحش التي حدثت في جمادى الأخرى ، حيث أن النبي r أراد استطلاع تحركات قريش عن كثب ليطلع على نواياهم في وقت مناسب بُغية حماية المدينة من خطر الغارة المباغتة عليها.

هناك رواية عن شجاعة سعد في غزوة بدر ورد فيها أنه كان يحارب بشجاعة متناهية كالفرسان مع أنه لم يكن على الفرس، لأجل ذلك سمي بفارس الإسلام.

كان سعد ابن أبي وقاص من بين بعض الصحابة الذين ثبتوا مع النبي r يوم أحد عند حدوث الفوضى.

وكان في تلك الغزوة حريصا على أن قتل أخيه الذي رمى النبي r فكسر رباعيته ودمّى وجه الرسول r. فقال له رسول الله r: يا عبد الله! أتريد أن تقتل نفسك؟ فكف.

وفي رواية قال سعد بن أبي وقاص: نَثَلَ لي النبيُّ r كِنَانَتَهُ يَومَ أُحُدٍ، فَقالَ: ارْمِ فِدَاكَ أبِي وأُمِّي.

قَالَ عَلِيٌّ t: مَا جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ r أَبَاهُ وَأُمَّهُ لِأَحَدٍ إِلَّا لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ لَهُ يَوْمَ أُحُدٍ: ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي وَقَالَ لَهُ: ارْمِ أَيُّهَا الْغُلَامُ الْحَزَوَّرُ. (سنن الترمذي، كتاب الأدب عن رسول الله)

كان سعد ابن أبي وقاص من الشهود الذين وقعوا على الاتفاقية عند صلح الحديبية. ويوم فتح مكة كان يحمل لواء من ألوية المهاجرين الثلاث.

لقد مرض سعد عام حجة الوداع، ويقول هو عنه: مرضت بمكة وأوشكت على الموت، فجاءني رسول الله r يعودني، فَقُلْتُ: يا رسول الله r أَنَا ذُو مَالٍ، وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ لِي، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ: «لا»، قُلْتُ: فالنصف يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «لا»، قُلْتُ: فَالثُّلُثُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الثُّلُثُ؛ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ». ثم قال: «إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِيّ امْرَأَتِكَ

في رواية أن النبي r أمر شخصا للاعتناء بسعد في مكة وأكد له أنه إذا مات في مكة فلا يدفنوه فيها بل يجب أن يُحضروا جثمانه إلى المدينة فيدفنوه هناك.

يقول سيدنا المصلح الموعود t عن سعد t أن النبي r لم يكن يصطاد بنفسه لكنه ثابت من الأحاديث أنه كان يأمر بالصيد، ففي إحدى الغزوات طلب النبي r سعدَ بن أبي وقاص وقال له انظر إلى ذلك الغزال فارمِه، فلما أراد أن يطلق السهم وضع حضرته ذقنه على كتفه ودعا الله أن يجعل سهمه لا يخطئ. كان الله I قد شرَّف سعدا بتوفيقه لفتح العراق.

أثناء حفر الخندق حول المدينة عند غزوة الأحزاب وجد الصحابة صخرة لم يستطيعوا كسرها. فشكوا إلى رسول الله r فأتى وأخذ المعول وضرب الصخرة ثلاث مرات وفي كل مرة انكسر جزء من الصخرة فكبّر النبي r بصوت عال، فكبّر الصحابة وراءه. وبعد إحدى الضربات قال r أُريتُ قصور المدائن البيضاء تنهدم. وهذا ما رآه النبي r قد تحقق على يد سيدنا سعد t. قد ذكر المصلح الموعود t هذا الحادث فقال: في عهد سيدنا عمر t لما تولى العرشَ “يزدجردُ” حفيدُ “خسرو” وأخذ في التجهيزات الحربية على نطاق واسع في العراق ضد المسلمين، وجّه إليه عمر t جيشًا تحت قيادة سعد بن أبي وقاص t. فاختار سعد منطقة القادسية للمعركة، وبعث بخريطتها إلى عمر t. فأُعجب عمر بهذا الاختيار، ولكنه كتب إلى سعد أن عليه قبل الخوض في الحرب ضد الملك الإيراني أن يبعث إليه وفدًا يدعوه إلى الإسلام. فبعث وفدًا لمقابلة الملك. ولما وصل إليه الوفد قال لترجمانه قل لهؤلاء: لماذا جاؤوا هنا؟ فقام رئيس الوفد نعمان بن مقرن وقال في جوابه: إن الله تعالى قد بعث فينا نبيًّا أمَرنا بنشر الإسلام ودعوة الناس كلهم إلى الانخراط في هذا الدين، وما جئناك إلا لندعوك إلى الإسلام. فغضب الملك “يزدجرد” من جوابه وقال له: إنكم أمة همجية تأكل الميتة. فإذا كان الجوع قد دفعكم إلى الهجوم علينا فإني معطيكم من الأموال ما يضمن لكم الأكل والشرب والملبس مطمئنّين.

فلما انتهى الملك من كلامه قام المغيرة لا شك أننا كنا أمة وحشية تأكل الميتة والثعابين والعقارب والجراد والسحالي. ولكن الله تعالى قد تفضل علينا برحمته وبعث فينا رسولًا لهدايتنا، فآمنّا به وعملنا بأوامره، فحدث في أنفسنا انقلاب عظيم، ولن تستطيع أن تثنينا عن عزائمنا بإغرائنا بالمال ومتاع الدنيا. فاستشاط الملكُ غضبًا وقال لمن حوله: اذهبوا وأحضِروا كيسًا من التـراب. وقال لرئيس وفد المسلمين: لأنك رفضتَ ما عرضتُ عليك فلن أعطيك الآن إلا هذا الكيس من التـراب. فتقدم الرئيس المسلم بكل جدية وانحنى وحمل الكيس على ظهره. ثم خرج بسرعة من بلاط الملك وهو يهتف لزملائه بصوت عال: قد آتانا ملك الفرس اليوم أرض بلاده بيده.

كيف حصل هذا الانقلاب العظيم في المسلمين؟ إنما سببه أن تعليم القرآن الكريم قد أحدث تغيرًا عظيمًا في أخلاقهم وعاداتهم، قاضيًا على حياتهم السفلية، صاعدًا بهم إلى مقام عال من السلوك القويم والخُلق العظيم. وبالنتيجة تمكنوا من نشر الإسلام في العالم وجعلوا أنفسهم مسلمين حقيقين عاملين بتعليم الإسلام ولم يُرعبهم خوف ولم يرهبهم خطرٌ لأية قوة.

 

ثم صلى حضرته صلاة الغائب على بعض المرحومين، أولهم السيدة بشرى أكرم زوجة السيد محمد أكرم باجوة المحترم ناظر تعليم القرآن والوقف المؤقت في باكستان، هي توفيت في 25 آذار/مارس 2020 عن عمر يناهز 66 عاما، إنا لله وإنا إليه راجعون. خدمت الجماعة بصفتها رئيسة الإماء في لائبيريا.

والجنازة الثانية هي للسيد إقبال أحمد ناصر البِيْرْكُوْتِي من كروندي بمحافظة خيربور الذي تُوفي في 14 تموز/يوليو 2020 عن عمر يناهز 82 عاما، إنا لله وإنا إليه راجعون. كان المرحوم سباقاً في خدمة الجماعة وعمل بصفته سكرتير المال لمدة طويلة وخدم كزعيم أنصار الله وإمام الصلاة ومربي الأطفال. كان يبشر بحماس وشوق وقد بايع عدد من الناس عن طريقه. كان كثير الدعاء وملتزما بالصلوات والصيام وصلاة التهجد.

والجنازة الثالثة هي للسيدة غلام فاطمة فهميدة زوجة السيد محمد إبراهيم من موليان جتان بمحافظة كوتلي في آزاد كشمير. توفيت في 18 تموز/يوليو 2020 عن عمر يناهز 72 عاما بعد مرض طويل، إنا لله وإنا إليه راجعون. كانت تداوم على الصلوات الخمسة والتهجد وتلاوة القرآن الكريم.

الجنازة التالية هي للمرحوم محمد أحمد أنور الحيدر آبادي الذي توفّي في 24/5/2020م عن عمر يناهز 94 عاما. إنا لله وإنا إليه راجعون. لقد دخلتِ الأحمدية عائلتَه بواسطة جده شيخ داود أحمد.

تقول ابنته السيدة أمة المجيد: كان أبي كنـزا للأدعية وكان شغله الشاغل في حياته الصلاةُ والقرآن والصوم وخدمة الخلافة وكان ينصح جميع أولاده بذلك. ندعو الله تعالى أن يرحمه ويغفر له.

الجنازة الأخيرة هي للسيد سليم حسن الجابي من سوريا الذي توفي في 30 يونيو الفائت عن عمر يناهز 92 عاما. إنا لله وإنا إليه راجعون. تعرف على الأحمدية و هو بعمر 18 عام على يد فلاح أحمدي بسيط السيد محمد ابو الذهب فاستخار ورأى المسيح الموعود u في الرؤيا وبايعه في الرؤيا.

ثم وفق للذهاب إلى باكستان في عهد المصلح الموعود الخليفة الثاني t، وقضى ست سنوات في ربوة في ظل المصلح الموعود t وتلقى العلوم الدينية هناك كما تعلّم اللغة الأردية أيضا. تزوج في باكستان بأمر من المصلح الموعود t الذي عقد قرانه، وكانت زوجته باكستانية.

كان يعطي ذويه وأحفاده وقتا للتعليم والتربية ويركز رفع المستوى الروحاني والتمسك بالخلافة. كان ينصحهم باجتناب التقاليد الفارغة والبدع، ويوصيهم بالتعلق بالله ونشر الدعوة. كان ينفق على الفقراء بسخاء. لقد بايع كثير من الناس في سوريا ولبنان نتيجة دعوته وكان منهم بعض المسيحيين أيضا.

حضر المرحوم من سوريا الجلسةَ السنوية بالمملكة المتحدة عام 2011 وكان يقول: أمنيتي أن تخرج روحي عند قدمي الخليفة، وهذا شرف لي لا شرف بعده.

وقال حضرة الخليفة عنه: عندما ذهبت أنا إلى قاديان للجلسة السنوية عام 2005، التقاني المرحوم هنالك، وكان لقاءً قصيرا، ولكنه قابلني بتواضع جم. ثم حضر الجلسة السنوية بالمملكة المتحدة والتقاني أيضا بمنتهى التواضع وقال إني مؤمن بيقين كامل بالخلافة الأحمدية وأكنّ لهما حبا وطاعة كاملين، فادعُ لي أن أظل مستمسكا بنظام الخلافة دائما.

وفق الله أولاد المرحوم ونسله أيضا لكي يظلوا مستمسكين بالجماعة والخلافة بكل الوفاء، وشمل المرحومَ بمغفرته ورحمته.