يتابع حضرته حديثه عن الصحابة البدريين ويفرد هذه الخطبة للحديث عن الصحابة عمارة بن حزم ؓ، و عبد الله بن مسعود ؓ.

عمارة بن حزم ؓ:

شهد بدر وبيعة العقبة والمشاهد كلها مع الرسول صلى الله عليه وسلم. أخواه عمرو بن حزم ومعمر بن حزم أيضا من الصحابة. كانت معه راية بني مالك بن النجار في يوم فتح مكة. آخى النبي ﷺ بين عمارة ومُحْرز بن نَضْلة بعد الهجرة، واشترك في جيش خالد بن الوليد في الحرب التي شنَّها المرتدون على المسلمين بعد وفاة النبي ﷺ، واستُشهد يوم اليمامة، واسم أمه خالدة بنت أنس.

كان النبي صلى الله عليه وسلم قد علمه ببركته دعاء الرقية فكان يرقي المصابين.

وكان لا يهادن منافقا بل كان شديدا عليهم، لا يقبلهم في مجلس ولا سفر. وقد أورد حضرة أمير المؤمنين على ذلك موقفين أحدهما لمنافقين شارك عمارة في إخراجهم من مسجد النبي ﷺوآخر لمنافق لم يقبله في قافلته عندما خرج ليحضر ناقة النبي ﷺ التي ضلت في واد وحبستها شجرة.

وقد روى ؓ أن النبي ﷺ قال: أربع من عمل بهن كان من المسلمين، ومن ترك واحدة منهن لم تنفعه الثلاث. الصلاة، والزكاة، وصيام رمضان، والحج.

عبد الله بن مسعود ؓ.

  • يكنى بعبد الرحمن، من بني هذيل، من السابقين الأولين في الإسلام، آمن حين أسلمت أخت عمر فاطمة بنت الخطاب وزوجها سعيد بن زيد ؓ، قبل أن تصبح دار الأرقم مقرًا لتجمع أصحاب النبي ﷺ، قال عبد الله بن مسعود إنني سادس ستة أسلموا، ولم يكن آنذاك مسلم على وجه الأرض إلا نحن الستة.
  • كان عبد الله بن مسعود من المهاجرين إلى الحبشة وإلى المدينة، وشهد مع النبي ﷺ بدرا وأُحدا والخندق وبيعة الرضوان. وبعد النبي ﷺ شهد معركة اليرموك. ويُذكر عبد الله بن مسعود في أحداث قتل أبي جهل أيضا يوم بدر.
  • كان من الصحابة الذين بشّرهم النبي ﷺ بالجنة في حياتهم.
  • كان رجلا فقيرا ويرعى لعقبة بن أبي معيط، أحد زعماء قريش. جاء عبد الله بن مسعود إلى النبي ﷺ بعد إسلامه وببركة صحبته صار عالما كبيرا. الجزء الأكبر من الفقه الحنفي مبني على أقواله واجتهاداته. وهو ؓ يحتل رأس قائمة الصحابة الأربعة الذين نصح النبي ﷺ بتعلّم القرآن منهم. مع أنه كان هناك آخرون أيضًا يتعلمون القرآن من الرسول ﷺ مباشرة.
  • وفي رواية أن أول من جهر بالقرآن بمكة بعد رسول الله ﷺ عبد الله بن مسعود. حيث غدا حتى أتى المقام في الضحى وقريش في انديتها فقام عند المقام فقال رافعًا صوته: “بسم الله الرحمن الرحيم، الرحمن علم القرآن “فاستقبلها فقرأها، فتأملوا فجعلوا يقولون: … إنه يتلو بعض ما جاء به محمد ﷺ، فقاموا فجعلوا يضربون في وجهه، وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ، ثم انصرف إلى أصحابه وقد أثروا بوجهه.
  • بعد أن أسلم عبد الله بن مسعود أبقاه النبي ﷺ عنده، فكان يخدمه ﷺ في كل شيء، وقال أبو موسى: قدمت أنا وأخي من اليمن وما كنا نظن إلا أن ابن مسعود وأمه من أهل بيت النبي ﷺ، لكثرة دخولهم بيت النبي ﷺ.
  • آخى النبي ﷺ بينه وبين حضرة الزبير بن العوام في مكة وبينه وبين سيدنا معاذ بن جبل في المدينة.
  • يروي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أن النَّبِيُّ ﷺ قال له اقْرَأْ عَلَيَّ سورة النساء …. فَقَرَأْ حَتَّى أَتَي إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ ]فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا[ قَالَ حَسْبُكَ الْآنَ فَالْتَفَت إِلَيْهِ فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ.
  • سمعه النبي ﷺ يصلي ويقرأ القرآن فقال مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ.
  • كان ابْنُ مَسْعُودٍ ؓ أقْرَبُ النَّاسِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكان شديد الحرص على العمل بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد قالت السيدة عائشة رضي الله عنها مرة: إن ما يفعله ابن مسعود هو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
  • ثم ورد في الطبقات الكبرى كلامُ علي ؓ نفسه كالتالي حيث قال رسول الله، ﷺ: لو كنت مؤمِّرا أحدًا دون شورى المسلمين لأمَّرت ابنَ أمِّ عبد.
  • كان عبد الله بن مسعود يحب أهل بيته وعندما كان يدخل البيت كان يتَنَحْنَحُ أو يقول شيئا بصوت رفيع حتى ينتبه أفراد البيت.
  • وقد علم زوجته دعاء رسول الله ﷺ للرقية ليغنيها عن الرقى و التمائم التي كانت سائدة في تلك الفترة خاصة عند اليهود أَذْهِبْ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا.
  • كان يخشى الله ﷻ و يتق أي عملا فيه احتمال نزول غضب الله.
  • كان حضرة عبد الله بن مسعود نحيف الجسم قصير القامة قمحي اللون أنيق الملبس. فكان يلبس لباسا أبيض وكان يتعطر حيث يعرف بعطره. وكان شعر ابن مسعود لمة طويلة فكان يرفعها إلى أذنيه.
  • مرة ضحك الصحابة على نحل سَاقَيْهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:”مَا يُضْحِكُكُمْ؟ لَرِجْلُ عَبْدِ اللَّهِ فِي الْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ أُحُدٍ”.
  • وعن شهادة الصحابة به قال عمر رضي الله عنه إن هذا الإنسان إناء ممتلئ علمًا. وقال عنه عندما أرسله لتربية أهل الكوفة وإني أعُدُّ عبدَ الله بن مسعود أفضلَ مني لكم.أوصى معاذ بن جبل عند وفاته بنيل العلم من أربعة كان منهم عبد الله بن مسعود.
  • كان يوصي بناته بقراءة سورة الواقعة لأنه سمع من النبي أن من يقرأها كل ليلة لم تصبه فاقة.
  • لقد علم بأمر وفاته من رؤيا رأها عليه رجل فتوفي بعدها بأيام.
  • دعاه سيدنا عثمان رضي الله عنه لما علم بمرضه إلى المدينة من الكوفة، وكان أهل الكوفة سألوه أن يبقى عندهم ووعدوه بحمايته. فقال لهم هذا أمرٌ من الخليفة ومن واجبي أن أطيعه.
  • توفي في السنة ال32 الهجرية بالمدينة، وصلى عليه سيدنا عثمان رضي الله عنه ودفن في جنة البقيع. وكان قد تجاوز الستين. وفي رواية أن عمره كان أكثر من 70 عاما بقليل.

وفقنا الله للعمل بأسوة وقدوة هؤلاء النجوم المتلألئة. آمين.

*****

 

One Comment on “ملخص خطبة الجمعة 28/09/2018”

  1. مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23)

Comments are closed.