ملخص خطبة الجمعة

30/4/2021م

في هذا العشر الأخير من رمضان، التي قال عنها رسول الله  r  هي عتق من النار، وجه حضرته انتباه أفراد الجماعة إلى ضرورة الصلاة على النبي والاستغفار والتوبة لتقبل العبادات والأدعية وللوصول إلى العتق من النار.

الصلاة على النبي r:

  • إن الصلاة على النبيr بعد حمد الله والثناء عليه، هي طريق استجابة الدعاء.
  • قال رسول الله r: “مَنْ نَسِيَ الصَّلَاة عَلَيَّ خَطِئَ طَرِيق الْجَنَّة”.
  • وجاء في حديث آخر ما معناه: صلّوا علي فإن صلاتكم وسيلة لطهارتكم ورقيكم.
  • هي أيضا تطهرنا وتزكينا وتقربنا من الله تعالى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: “مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ”.
  • هي أمر من الله تعالى في القرآن الكريم: ]إنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[ (الأحزاب 57).

وماجعل الله المسيح الموعود عليه السلام خادما للنبي r ونبيا أُمَّـتِيًّا أُرسل لنشر دينه ومواصلة مهمته r ولنشر الإسلام إلا بسبب حبه للنبي r وصلاته عليه.

يقول المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام: “تلقيت مرة إلهامًا فحواه أن أهل الملأ الأعلى في خصام؛ أي أن مشيئة الله تعالى تهيج لإحياء الدين،….ورأيت في الرؤيا أن الناس يبحثون عن هذا المحيي، وأتى أحدهم أمام هذا العبد المتواضع وقال مشيرا إليّ: “هذا رجل يحب رسولَ الله  r”. وكان المراد من قوله هذا أن أعظم شرطٍ لهذا المنصب هو حب النبي r، وهذا الشرط متوفر في هذا الشخص.

فإنا قوم قد صدقّنا بالمسيح والمهدي الذي بعثه الله تعالى لإحياء الدين، فيجب علينا، أفرادًا وجماعةً، أن لا نبرح نصلي على النبي r. وعندها سوف نرى آيات استجابة أدعيتنا على صعيد الأفراد والجماعة. شريطة أن تكون الصلاة عليه r نابعة من القلب مع صدق وإخلاص، مع لوعة شديدة لرفع مكانته r أكثر فأكثر، ومع دعاء صادق في حضرة الله تعالى نابع من القلب.

لقد تناول حضرة المصلح الموعود t هذا الموضوع ذات مرة، فقال من ملخصه:

(في الصلاة الإبراهيمية قد ذكر الله تعالى “اللهم صّلّ” قبْل “اللهم بارك”، والحكمة في ذلك أن دعاؤنا “اللهم صل على محمد” يعني: اللهم اطلبْ لنبينا أرفع مكانة ممكنة عندك أو اكتب له ما تريده له. أما قولنا “اللهم بارك” فمعناه: اللهم زدْ ما أنزلته على نبينا محمد r من رحمات وأفضال وإنعامات بحيث تجتمع فيه كل ما في الكون من رحمات وأفضال وبركات. فعندما تجتمع هذه الأمور والأدعية بحق النبي r، فإننا أيضا نفوز بحظ من أدعية النبي r لأمته، وعندما ندعو بلوعة القلب لغلبة دينه ولحكمه على العالم كله، فسوف يعطينا الله حظًا من أدعيتنا هذه أيضا ويعطينا من فيوض صلاتنا على النبي r، ..شريطة أن تتم كل هذه الأشياء بخلوص القلب وصدق النية، وأن يكون ثمة اهتمام بالعمل بالتعاليم التي جاء بها النبي r، والتركيز على أداء حقوق الله وحقوق العباد، وأن نثبت كوننا من الآل الحقيقي للنبي r ونؤدي حقّه.)

الاستغفار والتوبة:

يقول المسيح الموعود u عن الاستغفار كما يلي: “الاستغفار هو التماس المرء من الله ألا يَظهر ضعفه البشري للعيان، وأن يسند اللهُ فطرتَه بقوته ويُحيطها بدائرة حمايته ونصرته، ..ويقوِّيه بقوته ويهبه علما من علمه ونورا من نوره، لأن الله تعالى لم يتخلّ عن الإنسان بعد خلقه بل كما أنه هو خالق الإنسان وخالق كافة قواه الداخلية والخارجية كذلك هو قيّوم الإنسان أيضا، أي يقيم بسنده الخاص جُلَّ ما خلقه.

وهذا ما أشير إليه في قوله تعالى: ]اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ[. أي أن وجود الإنسان بحاجة إلى خالق وإلى قيوم أيضا…. إن مهمة الخالقية تمت بولادة الإنسان، ولكن مهمة القيومية مستمرة إلى الأبد، لذلك كانت هناك حاجة إلى الاستغفار باستمرار.

باختصار لكل صفة إلهية فيض، والاستغفار هو لنيل الفيوض من صفة القيوم، وإلى ذلك أشارت آية ]إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[ من سورة الفاتحة. أي إنما نعبدك فقط وإياك نستنصر بصفتك قيوما وربًّا، لتنقذنا من العثار، لكيلا يظهر منا الضعف فيحرمنا من العبادة.

فالاستغفار الدائم سوف ينشِّط صفة الله القيوم، ومن ثم يُصان المستغفر من كل سيئة، لأن الله I يقرب إليه من يأتيه. فالذي يأتيه تائبا بعد ارتكاب الذنوب، فإن الله يقبل توبته والذي يفر إليه لينجو من الذنوب وهجمات الشيطان فهو يقبل استغفاره أيضا، وينجيه من هجمات الشيطان. كم هي واسعة رحمة الله ومغفرته فقد قال I بنفسه أنها وسعتْ كلَّ شيء، فالله I يتقدم إلى من يتقدم إليه، فقال النبي r أن الله I قال: “إِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً”. فمن الواجب علينا أن نتقرب إلى الله نسأله أن يغفر لنا ذنوبنا ويقينا جهنمَ. فقد أعطانا الله هذا الشهر خصيصا لهذا العمل، فاستغلُّوه.

لقد قال سيدنا المسيح الموعود u بيانا لموضوع الاستغفار والتوبة:

“ليكن معلوما أن إنكار التوبة والمغفرة إنما هو إغلاق باب رقي الإنسان لأنه من الواضح ومن البدهيات لدى الجميع أن الإنسان ليس كاملا في حد ذاته بل هو بحاجة إلى التكميل. ..ثم عندما يخرج الإنسان السعيد من طوفان أوائل العمر العارم يتوجه إلى ربه ويتوب توبة نصوحا ويتحاشى أمورا غير لائقة ويعكف على تطهير نفسه. .. يتضح من ذلك أنه لو كان صحيحا أن التوبة لا تُقبل لثبت من ذلك أن الله لا يريد أصلا أن يهب أحدا النجاة.” (ينبوع المعرفة ص184)

فليكن واضحا أن التوبة في اللغة العربية تعني الرجوع، لذلك قد ورد في القرآن الكريم اسم الله “التواب” أيضا، أي كثير الرجوع. ومعنى ذلك أنه عندما يتبرأ الإنسان من الذنوب ويرجع إلى الله تعالى بصدق القلب يرجع الله إليه أكثر منه. إن رجوع العبد يكون مصحوبا بالحسرة والندم والتذلل والتواضع، أما رجوع الله فبالرحمة والمغفرة. لو لم تكن الرحمة من صفات الله لما نجا أحد. (ينبوع المعرفة ص125 – 126)

ثم قال u: إن خزائن رحمة الله واسعة لا تنتهي ولا ينقصه شيء ولا تُغلق أبوابه على أحد… جميع الناس الذين استطاعوا الوصول إلى عتبات الله سينالون درجات عليا، هذا وعد مؤكد. إنه لشقي وتعيس الحظ مَن يقنط من الله فيصيبه الاحتضار وهو غافل. لا شك أن الباب يُغلق عندئد. (الملفوظات ج3)

إن أبواب مغفرة الله تعالى مفتوحة ولكن من الضروري أن يتوب الإنسان في حالة الصحة وليس عند نفَسه الأخير. ولو تعلقنا بالله تعالى ولو بلغت صلاتنا على النبي r واستغفارنا درجة ننال بهما رضى الله تعالى فلا يسع العدو أن يضرّ بنا مهما حاول وسعى. وادعوا كثيرا في رمضان للحماية من شر الأعداء ندعو الله تعالى أن يسهل على الأحمديين في كل مكان ويحفظهم من شر الأعداء. وكذلك لجائحة الكورونا نجّى الله تعالى الدنيا وإيانا من هذا البلاء ووفقنا للصلاة على النبي r وللاستغفار بوجه حقيقي.