ملخص خطبة الجمعة 31/7/2020

لقد صادف اليوم أن اجتمع العيد والجمعة فوضح حضرته، بحسب قول النبي  يمكن في هذه الحالة أن يختار المرء بين أن يصلي الجمعة أو يصلي صلاة الظهر جماعة، وبين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنا مجمعون. وفي زمن المصلح الموعود t أيضًا كان قد وافق يوم العيد يوم الجمعة فقال حضرته t: إن ربنا كريم للغاية بحيث جمع لنا عيدين، فالذي ينال رغيفين اثنين بالسمنة كيف يمكن أن يرد أحدهما؟

فهناك رخصة يمكن الاستفادة منها لمن شاء ولكن صلى حضرته أيده الله تعالى بنصره العزيز الجمعة حسب سنة النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: إنا مجمّعون.

وأفرد حضرته هذه الخطبة القصيرة، لذكر بعض المقتبسات للمسيح الموعود u التي بين u فيها الهدفَ من بعثته، كما بيّن في قول مشهور له أنه وجماعته تؤمن بأن النبي r خاتم النبيين وهو النبي الحي حقيقة، وبين المقام العظيم للنبي r أيضا. وذلك ردا على اعتراضات بعض أعداء الجماعة أننا بإيماننا بالمسيح الموعود u نقلّل من مقام النبي r والعياذ بالله.

إنهم يظنون بسن قانون يحتّم كتابة لفظ “خاتم النبيين” مع اسم النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قد قاموا بإنجاز كبير، ووضعوا حائلا كبيرا في سبيل الأحمديين.

إن كل لحظة من حياته عليه السلام وكل عمل من أعماله يفيض بحب وعشق سيدنا خاتم الأنبياء محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم. لقد قال عليه السلام موجهًا كلامه للمعارضين وهو يبين الغاية من بعثته:

“هناك هدفان اثنان لبعثتي، أحدهما يخص المسلمين وهو أن يتحلّوا بالتقوى والطهارة حقًّا وأن يصبحوا مسلمين صادقين كما أراده الله تعالى من معنى كلمة المسلم؛ وثانيهما يخص المسيحيين وهو أن يُكسَر صليبُهم، ويُقضى على إلههم المختلَق، وأن ينساه العالم نهائيًا وأن تُرسى عبادة الإله الواحد.”

ثم قال عليه السلام: هل يمكن للكاذب أن يفلح؟ {إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب}. أي أن كذب الكذاب يكفي لهلاكه، وما دام كاذبا فيكفي كذبه لتدميره. لكن الأمور التي تهدف إلى إظهار جلال الله وإظهار بركات رسوله وإثباتها وتكون مغروسة بيد الله تعالى، فإن الملائكة تتولى حمايتها وحفظها.

ثم يقول u: إن جماعتي ليست من قبيل التجارة البحتة حتى ينمحي اسمها وأثرها، فإذا كانت من عند الله كما هو الحال في الحقيقة، فليعارضها العالم كله ولكنها ستنمو وتزدهر وتنتشر وستحميها الملائكة. ولو لم يكن معي شخص واحد ولم ينصرني أحد فمع ذلك أنا موقن أن هذه الجماعة ستنجح.

وأيضا u: أنا لا أبالي بالمعارضة، بل أراها ضرورية لتقدم جماعتي. لم يحدث إلى الآن قط أن جاء إلى الدنيا مبعوث أو خليفة من الله وقَبِله الناس بهدوء وصمت. إن حالة الدنيا لغريبة حقا إذ لا يتورعون عن المعارضة مهما كان الإنسان يملك فطرة طيبة مثل الصديقين، بل يظلون يعترضون عليه باستمرار. بفضل الله تعالى تنال جماعتي باستمرار تقدّما يفوق العادة.

(نرى اليوم أن المخلصين الذين بايعوه u موجودون في أكثر من مئتَي دولة. وعندما قال u الكلام المذكور كان عدد المبايعين بالمئات، أما اليوم فيبايع الناس بمئات الألوف كل عام بفضل الله تعالى)

يتابع u قائلا: الهدف من تأسيس هذه الجماعة هو أن يتخلص الناس من نجاسة الدنيا، وينالوا طهارة حقيقية ويعيشوا عيشة الملائكة.

ثم يقول u في ذكر كونه وكون أفراد جماعته كاملي الإيمان ومعلنا الطاعة الصادقة للنبي r:

أقول صدقًا وحقًا، وحلفًا بالله، إنني وجماعتي مسلمون، ونؤمن بالنبي r والقرآنِ الكريم كما يجب على المسلم الصادق. وأرى الخروج عن الإسلام قيد أنملة مدعاة للهلاك. إن مذهبي هو أن كافة الفيوض والبركات التي يمكن لأحد أن ينالها، أو أن قرب الله الذي يمكن أن يحظى به الإنسان؛ إنما يناله نتيجة الطاعة الصادقة والحبّ الكامل للنبي الأكرم r وحده فقط. لا سبيل إلى البر الآن إلا بواسطتهr . صحيح أني لا أؤمن بصعود المسيح الناصري u إلى السماء بجسمه المادي ولا بحياته حتى الآن، لأن في قبول هذا الأمر إساءة كبيرة وإهانة شديدة للنبي r، ولا أستطيع أن أرضى بهذه الإساءة ولا للحظة واحدة.

أقول لكم صدقا وحقا إن المسلمين والعالم ليسوا بحاجة للمسيح الناصري قط بقدر حاجتهم إلى النبي r. حين توفِّي النبي r أصبح الصحابة yكالمجانين من شدة الحزن، حتى سلّ عمر t سيفه من غمده وقال: من قال بوفاته r قطعتُ عنقه. ففي هذه الحالة السائدة من الحماس الشديد وهب الله تعالى أبا بكر t نورا وفراسة، فجمع الصحابة كلهم وخطب فيهم وقرأ الآية: ]وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ[. حين ألقى أبو بكر t خطبته فيهم زالت فورة حماسهم، فأخذوا يقرأون هذه الآية في أزقة المدينة وكانوا يشعرون وكأنها نزلت في ذلك اليوم.  وقد كان ذلك أول إجماعٍ عقِد في الدنيا بعد وفاة النبي r وصدر فيه قرار حاسم بأن سيدنا المسيح قد توفي.

ثم يقول سيدنا المسيح الموعود u بيانا لمكانة النبي r ومقامه الأسمى:

ذلك الإنسان الذي كان إنسانا كاملا ونبيا كاملا وقد جاء ببركات كاملة والذي بسبب البعث الروحاني والحشر الروحاني منه قامت القيامة الأولى في العالم، واستعاد العالم الميت حياته بمجيء ذلك النبي المبارك خاتم الأنبياء إمام الأصفياء خاتم المرسلين فخر النبيين محمد المصطفى – صلى الله عليه وسلم -. يا إلهي الحبيب صلِّ على هذا النبي الحبيب صلاة لم تصلِّها على أحد منذ بدء العالم. فلو لم يُبعث هذا النبي العظيم في العالم لما كان عندنا أي دليل على صدق جميع الأنبياء الصغار الذين أتَوا في العالم مثل يونس وأيوب والمسيح ابن مريم وملاخي ويحيى وزكريا وغيرهم وغيرهم، وإن كانوا كلُّهم مقربين ووجهاء وأحباء الله. فمن منَّة هذا النبي أن هؤلاء أيضا قد عُدُّوا من الصادقين في العالم. اللهم صل وسلم وبارك عليه وآله وأصحابه أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

ثم دعى حضرته أيده الله تعالى بنصره العزيز، الله I أن يهب لنا الإدراك الحقيقي لمقام النبي r ومكانتِه والتوفيقَ لنصلي عليه دوما. ويوفقنا لننيب إليه I أكثر من ذي قبل، حيث بهذا الطريق الوحيد سنُثبت حبنا للنبي r بعملنا ونرسخه في قلوبنا، ونتمكن من الرد على معارضة المعارضين.