ملخص  خطبة الجمعة 5/6/2020م

يتابع حضرته في هذه الخطبة في ذكر الصحابة البدريين رضوان الله عليه.

الصحابي صهيب بن سنان t. اسم والده سنان بن مالك، واسم أمِّه سلمى بنت قعيد. كان موطن صهيب “الموصل”. كان أبوه أو عمّه عاملا لكسرى، لقد أغار الروم على هذه المنقطة فسبوا صهيبًا وهو غلام صغير. وكان صهيب رجلا أحمر شديد الحمرة ليس بالطويل ولا بالقصير وكان كثير شعر الرأس. لقد نشأ صُهَيْبٌ بالروم، فصار ألكن. فابتاعه رجل من “كلب”، فقدم به إلى مكة، فاشتراه عَبْد اللهِ بْن جدعان، ثم أعتقه. فأقام صهيب مع عبد الله بن جدعان بِمَكَّةَ إلى أن مات. ثم لم يزل صهيب هناك إلى أن بُعث رَسُول اللهِ r.

وعن إسلامه:  قال عمار بن ياسر: لقيت صهيب بن سنان على باب دار الأرقم، ورسول الله r فيها، فقلت له: ما تريد؟ فقال لي: ما تريد أنت؟ فقلت: أردت أن أدخل على محمد، فأسمع كلامه، قال: وأنا أريد ذلك؛ فدخلنا عليه فعرض علينا الإسلام فأسلمنا، ثم مكثنا يومنا على ذلك حتى أمسينا، ثم خرجنا ونحن مستخفون.

وكان إسلام عمار وصهيب بعد أن أسلم بضعة وثلاثون رجلاً.

روى أنس أن رسول الله r قال: السّبّاق أربعة: أنا سابق العرب، وصهيب سابق الرّوم،  وسلمان سابق الفرس، وبلال سابق الحبشة.

ثم قيل عن صهيب أنه كان من المؤمنين المستضعفين فكانوا يُعذّبون في سبيل الله في مكة، وقد نزلت فيهم آية:] ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ[ (النحل 111).

كان من الآخرين الذين هاجروا إلى المدينة، ولما خرج صهيب مهاجرًا إلى المدينة تبعه نفر من المشركين فنزل عن راحلته ﻭﺍﺳﺘﺨﺮﺝ ما كان في ﻛﻨﺎﻧﺘﻪ من السهام ثم قال: يا معشر قريش لقد علمتم أني من أرماكم رجلاً، وأيم الله لا تصلون إليّ حتى أرمي بكل سهم معي في كنانتي ثم أضربكم بسيفي ما بقي في يدي منه شيء، فافعلوا ما شئتم، فإن شئتم دللتكم على مالي وخليتم سبيلي. فقالوا “نعم”، ففعل. فقدم المدينة، فقال له النبي r: ربح البيع أبا يحيى، ربح البيع، وهنا نزلت فيه آية من القرآن الكريم وهي قول الله تعالى: ]وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ[ (البقرة 208)

قال المصلح الموعود t: كان صُهيْب رجلا ثريا وكان يشتغل بالتجارة، وكان يُحسب من أثرياء مكة، ومع أنه كان ثريا، ومع أنه كان قد أُعتِقَ ولم يعد عبدا رقيقاً حينئذ إلا أنه بالرغم من ذلك فإن قريشاً كانوا يضربونه حتى كان يُغمى عليه.

وبعد هجرة صهيب t من مكة إلى المدينة آخى النبي r بينه وبين الحارث بن الصمة، وشهد صهيب مع النبي r بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها.

وعن صهيب t قال: لم يشهد رسول الله r مشهدًا قط إلا كنت حاضره. ولم يبايع بيعة قط إلا كنت حاضرها، ولم يُسيّر سرية قط إلا كنت حاضرها، ولا غزا غزاة قط أول الزمان وآخره إلا كنت فيها عن يمينه أو شماله.

قال له عمر رضي الله عنه مرة يا صهيب، ما فيك شيء أعيبه إلا ثلاث خصال، لولاهن ما قدّمتُ عليك أحدًا: أراك تنتسب عربيًّا ولسانك أعجمي، وتكتني بأبي يحيى اسم نبي، وتبذّر مالك. فقال صهيب: أما تبذيري مالي فما أنفقه إلا في حقه أيْ لا أبذّره، وأما اكتنائي بأبي يحيى فإن رسول الله r كناني بأبي يحيى، فلن أتركها، وأما انتمائي إلى العرب فإن الروم سبتني صغيرًا، فأخذتُ لسانَهم، وأنا رجل من النّمر بن قاسط.

توفي صهيب بالمدينة سنة ثمانٍ وثلاثين في شوال، ودفن بالمدينة.

والصحابي التالي سعد بن الربيع t. كان أنصاريا من بني الحارث بن الخزرج. وكان أبوه الربيع بن عمرو وأمه هُزيلة بنت عِنَبَة، وكان لسعد زوجان.

كان سعد بن الربیع من بين القليلين الذين كانوا یعرفون القراءة والكتابة في الجاهلية. وكان نقيبًا لبني الحارث . شهد سعد بن الربيع رضي الله عنه بيعتَيْ العقبةِ الأولى والثانية. آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عبد الرحمن بن عوف وبين سعد بن الربيع.

جاء سعد بن ربي رضي الله عنه مرة النبي صلى الله عليه وسلم وعليه أثرُ صفرة، فقال النبي صل الله عليه وسلم له:  تزوجتَ؟  قال : نعم. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: « أَوْلِمْ ولو بشاةٍ.

وشهد سعد بن الربيع رضي الله عنه بدرًا وأحدا، واستُشهد في غزوة أحد.

وعن استشهاده في غزوة أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد نزل إلى ساحة المعركة ليتفقد جثث الشهداء. فقال النبي r : مَن يأتيني بخبر سعد بن الربيع فذهب أُبَيُّ بن كعب وبحث ووجد سعدًا على بُعد قليل في كومة من القتلى وهو موشك على لفظ أنفاسه الأخيرة، فقال أُبي بن كعب: قد أرسلني النبي لأخبره عن حالتك، فقال سعد: بلِّغْ رسولَ الله r سلامي وقل له إن سعدا يقول: جزاك الله عني خير ما جزى نبيا عن أمته، وأبلِغ قومَك مني السلام وقل لهم: إن سعدا يقول لكم: لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى نبيكم وفيكم عين تطرف، ثم توفي. وعلما علم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك قال: رحمه الله، نصَح لله ولرسوله حيّاً وميّتاً.

ودُفن سعد بن الربيع وخارجة بن زيد رضي الله عنهما في قبر واحد.

عن جابر بن عبد الله قال: جاءت امرأة سعد ابن الربيع بابنتيها من سعد فقالت: يا رسول الله! هاتان بنتا سعد، قُتل أبوهما معك يوم أحد شهيدا، وإن عمّهما أخذ مالهما، فلم يدع لهما مالا، ولا تنكحان إلا ولهما مال، قال: “يقضي الله في ذلك” فأنزلت آية المواريث. فبعث r إلى عمهما فقال: “أعط بنتي سعد الثلثين، وأعط أمهما الثمن، وما بقي فهو لك”.

وقد علق حضرة مرزا بشير أحمد المحترم على هذا فقال: أن الميزة البارزة من خصائص النبي r أنه حمى حقوق النسوة الواجبة والجائزة كلَّها حماية تامة، بل الحق أنه في تاريخ العالم لم يخلُ قبل النبي r ولا بعده أحدٌ حمى حقوق المرأة كما حماها حضرته r.

ثم طلب حضرته من أفراد الجماعة أن اُدعوا الله I أن يخلِّص العالم من الكورونا والآفات الأخرى ويهب الناسَ عقلا وفهما بأن بقاءهم وسلامتهم في الإنابة إلى إله واحد، وأداءِ حقوق بعضهم البعض، والقضاءِ على الفتنة والفساد من العالم بتقديم التضحيات. وأن يزيل الله I الظلم والفساد والاضطراب من كل مكان وأن يتلقى كل إنسانٍ الدرسَ من هذا الوباء المتفشي في هذه الأيام، ويُحدث في نفسه تغييرات. وأن يوفقنا الله نحن الأحمديين لأداء حق عبادته وحقوق عباده أكثر من ذي قبل، لكي ننال حب الله أكثر فأكثر، ونشاهد تحقق الرقي والازدهار بأم أعيننا..