# المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود عليه السلام العربية ..199

جَهَلات المعترض التي لا تحصى في اللغة تشهد على صحة كلمة (جهَلات)

أكثر من ستّين معجما ومصدرا تشهد على صحة وفصاحة كلمة (جهْلة) و(جهَلات)

الاعتراض:

نعرض لكم فيما يلي اعتراض المعترضين بحذافيره فيما يختص باسم المرة (جهْلة) وجمعه (جَهَلات)، فيقولون:

“الميرزا واسم المَرَّة .. حين تجتمع السرقة والعُجمة

اسم المرة يُشتَقّ على وزن فَعْلَة من الثلاثي، ويؤتى به لبيانِ عدَدِ مرات حدوث الفعل، لذا لا بدّ من ذكر هذا العدد، إلا أن يكون مرةً واحدةً، فلا يُشترط أن تذكر كلمة “واحدة” إنْ كان الفعل ثلاثيا. أما إذا جمعناها فلا بدّ من ذكر العدد أو من ذكر وصفٍ له، إلا إذا دلّ السياق عليه، فنقول: ضربتُه ضربات كثيرة أو ضربات موجعة عديدة. ولا يصحّ أن نقول: ضربته ضربات، إلا أن يكون السياق يبيّن أنها كثيرة أو موجعة أو ما شابه. أما من دون ذلك فلا يصحّ، لأنها لا تعبّر عما وُضعَت من أجله. فإذا كان المقصود التأكيد فيقال: ضربتُه ضربا، فالمصدر هو الذي يفيد توكيد الفعل، ويُعرب مفعولا مطلقا.

ثم إنّ هناك أفعالا لا يُشتقّ منها اسم المرة، لأنها غير قابلة للعدّ، فالضربات تُعَدّ، أما الجهل فلا يُعَدّ، بل هو صفة ثابتة تلازم صاحبها، فلا يقال جهل جهلةً واحدةً، لأنّ هذا التعبير يعني أنه كان عالما طوال الوقت، ثم جهل لحظةً، ثم عاد عالما، وهذا غير معقول.

وهكذا الحال في الأفعال الباطنة، مثل: علم، فهم، فلا يقال: علِمْتُه عَلْمة، أو فهِمْته فَهْمَة.

الميرزا أخطأ في كلمة “جهالات”، وهي جمع جهالة، فكتبها “جهلات”، والتي لا وجود لها في اللغة العربية، لأنها جمع جَهْلَة، وجَهْلَة غير موجودة، لأنه لا يُشتقّ من الفعل “جهل” اسم مرة.

وقد أخطأ الميرزا مرارا في هذه الكلمة، وفيما يلي هذه الأخطاء:

1: وأهلكوا كثيرًا من الناس بتلبيساتهم، وجمحوا في جهلاتهم. (التبليغ، ص 3)

2: كذلك سدَروا في غَلَواتهم، وجمحوا في جهلاتهم. (التبليغ، ص 131)

3: وكان يجمَح في جهلاته ويسدَر في الغلواء. (كرامات الصادقين، ص 86)

4: يا أيها العادون في جهلاتهم. (نور الحق)

5: وتجد فعلهم ملوّثًا بالإفراط والتفريط من الجهلات. (مواهب الرحمن، ص 66)

6: كأنهم أُرضعوا بها من ثدي الأمهات، أو وُلدوا فطرةً على هذه الجهلات. (مواهب الرحمن، ص 72)

7: إن الأخبار الغيبية لا يخلو أكثرها من الاستعارات، والإصرار على ظواهرها مع مخالفة العقل ومخالفة سنة الله في أنبيائه من قبيل الضلالة والجهلات. (مواهب الرحمن، ص 74)

والصحيح فيها كلها: جهالات.

مع أنّ الميرزا في عباراته هذه كان قد سطا على قول الحريري التالي: أيّها السّادِرُ في غُلَوائِهِ. السّادِلُ ثوْبَ خُيَلائِهِ. الجامِحُ في جَهالاتِهِ (المقامة الصنعانية)، ولكنه لم يفلح في سرقته، فالحريري قال: جَهالاتِهِ، كما هو واضح.”   إلى هنا اعتراض المعترضين.

 

الردّ:

إن أكثر ما يهمّنا في اعتراض المعترض هو ادّعاؤه أن الكلمات (جهلة/ جهلات) لا وجود لها في اللغة العربية، وأن استعمال المسيح الموعود عليه السلام لها مردّه إلى العجمة.

حقا! إن اعتراض المعترض هذا هو أكثر ما يهمّنا لأنه أكبر دليل على جهلات المعترض نفسه، والتي لا تحصى في مجال تخصصه، وهو اللغة العربية. وهو أكبر شاهد على أن هذا المعترض شديد التهور والفهاهة في إدلائه بالاعتراضات. فلا أدري متى كانت المرة الأخيرة التي فتح فيها هذا المعترض معجما للغة العربية أو قاموسا من أجل البحث والتحري.

يكفينا لرد ترّهات وجهَلات هذا المعترض في هذا الموضوع أن نؤكد على أن الكلمات (جهلة) و(جهلات) هي كلمات عربية أصيلة تناقلتها معظم المعاجم اللغوية الأساسية، ويكاد لا يخلو معجم من ذكرها. فمن أهم المعاجم التي ذكرتها كانت: العين، تهذيب اللغة، المحكم والمحيط الأعظم، لسان العرب، وتاج العروس.

كما أن الكثير من المصادر الأدبية الأخرى قد تناقلت وذكرت هذه الكلمات، ومنها: كتب تفسير القرآن الكريم كتفسير الطبري، وكتب النحو والصرف ككتاب “شرح الكافية الشافية”، وغيرها الكثير من المصادر الأخرى.

وقد نقلنا فيما يلي ورود هذه الكلمات في أكثر من ستّين مصدرا، لتكون شاهدة على أن الكلمة هذه من صلب اللغة العربية، ولنردّ قول المعترض – كثير الجهلات – وادعاءه بأن هذه الكلمة ليست من اللغة العربية وليست موجودة فيها وهي نتاج العجمة.

ولعل أهم ما نقلناه أدناه هو ورود هذه الكلمات في شعر كبار الشعراء، لا سيما من عصور الاحتجاج اللغوي كشعر: عمرو بن معد يكرب، و بكر بن النطاح، و عامر بن حطّان الخارجي، وشعر كُثَير عزة. فهؤلاء الشعراء يعودون إلى عصور الاحتجاج اللغويّ، وورود هذه الكلمات في شعرهم دليل واضح على صحة وفصاحة هذه الكلمات. هذا ناهيك عن ورود الكلمة نفسها (جهلة/ جهلات) في شعر وكلام الآخرين من الشعراء والمفسرين والأدباء مثل:

شعر محمد بن نباتة، وأبي سعد الهمداني، والْفَخر الرَّازِيّ؛ وغيرهم الكثير مما نقلناه أدناه.

وإليكم قائمة من المعاجم والمصادر التي جاء فيها ذكر هذه الكلمات:

 

 

كلمة “جهلة” :

في المعاجم اللغوية:

1: العين (3/ 356)

فه: رجلٌ فهٌّ وفَهيهٌ: إذا جاءت منه سقطة أو جهلة من العِيِّ. ورجلٌ فَهٌّ: عَيٌّ عن حجّته

2: العين (7/ 168)

صبو: الصَّبْوُ والصَّبوَةُ: جَهلةُ الفُتُوَّة واللَّهوُ من الغَزَل.

3: تهذيب اللغة (12/ 179)

وَقَالَ اللَّيْث: الصَّبْوَةُ: جَهْلةُ الفُتُوة وَاللَّهْو من الغَزَل، وَمِنْه التّصابي والصِّبا.

4: المحكم والمحيط الأعظم (8/ 384)

والصَّبْوَةُ جَهْلَة الفُتُوَّة صَبَا صَبَواً وصُبُوّا وصَباءً

5: المخصص (1/ 56)

الصَبْوةُ جَهْلُة الفُتُوَّةِ وَقد صَبا صَبْواً وصُبُوّاً

6: أساس البلاغة (1/ 535)

وصبوت إليه صبواً، وبي صبوة إليه. وفي فلان صبوة وهي جهلة الفتوة. وأصباه الهوى وتصبّاه.

7: الفائق في غريب الحديث (3/ 149)

يُقَال: فه الرجل يفه فهاهة وفها وفهةً إِذا جَاءَت مِنْهُ سقطة أَو جهلة من العيّ وَغَيره

8: لسان العرب (13/ 218)

فَمَا وَجدوا فِيكَ ابنَ مَرْوان سَقْطةً، … وَلَا جَهْلةً فِي مازِقٍ تَسْتَكِينُها

9: لسان العرب (14/ 449)

صبا: الصَّبْوَة: جَهْلَة الفُتُوَّةِ واللَّهْوِ مِنَ الغَزَل، وَمِنْهُ التَّصابي والصِّبا. صَبا صَبْواً وصُبُوّاً وصِبىً

10: تاج العروس (35/ 208) (من شعر كُثير عزة،من شعراء العصر الأموي وعصور الاحتجاج اللغوي)

قالَ كثيِّرُ عزَّةَ: فَمَا وَجُدوا فيكَ ابنَ مَرْوانَ سَقْطةً         ولا جَهْلةً فِي مازِقٍ تَسْتَكِينُها

11: تاج العروس (38/ 406)

صبو: (والصَّبْوَةُ؛ جَهْلَةُ الفُتُوَّةِ) ؛ كَمَا فِي المُحْكم.

12: الإبانة في اللغة العربية (3/ 379)

والصَّبْوُ والصُّبُوَّةُ والصَّبْوَةُ: هي جَهْلَةُ الفُتُوَّةِ واللَّهوِ والغزلِ.

13: الإبانة في اللغة العربية (3/ 602)

وقولهُم: في فُلانٍ غَمِيزَة

أي: جَهْلَةٌ في العَقْل وَضَعْفَةٌ في العَمَل.

14: الإبانة في اللغة العربية (3/ 633)

ورَجُلٌ فَهِيهٌ: إذا جاءتْ مِنْهُ سقْطَةٌ أو جَهْلَةٌ من العِيّ وغيره.

15: المعجم الاشتقاقي المؤصل (1/ 283)

على أن ذلك كان جهْلةً من كلام الجن أو كان من كلام جَهَلة الجن.

16: المعجم الاشتقاقي المؤصل (3/ 1186)

والصَبوة: جَهْلة الفُتُوَّة واللَهْو ”

17: معجم متن اللغة (3/ 419)

صبا- صبوة وصُبُوًا وصِبًى وصَبَاءً: جهل جهلة الصبا

18: معجم متن اللغة (3/ 420)

الصبا والصَّباء والصبوة: جهلة الفتوة: اللهو من الغزل

19: القاموس المحيط (ص: 1302)

الصَّبْوَةُ: جَهْلَةُ الفُتُوَّةِ، صَبَا صَبْواً وصُبُوّاً وصِبَاً وصَباءً.

20: المحيط في اللغة (2/ 236، بترقيم الشاملة آليا)

الصبْوُ والصَّبْوَةُ: جَهْلَةُ الفُتُوةِ ولَهْوُ الغَزَلِ،

 

في كتب النحو واللغة:

21: عمدة الكتاب لأبي جعفر النحاس (ص: 325- 326)

“باب ذكر الفهاهة في اللغة

1059- قال الخليل: الفه: الرجل العيي عن حجته؛ والمرأة فهةٌ، وقد فههت يا رجل فهاهةً وفهةً، ورجلٌ فهٌ وفهيهٌ، وذلك إذا جاءت منه سقطةٌ أو جهلةٌ من العي وغيره.”

22: أصول النحو 2 – جامعة المدينة (ص: 222)

وفي (لسان العرب) مادة صبا: “الصبوة: جهلة الفتوة واللهو من الغزل

23: شرح الكافية الشافية (1/ 400) [في الهامش]

صبا إلى المرأة: حن، والصبوة: جهلة الفتوة.

24: شرح الكافية الشافية (2/ 856) [في الهامش]

الصبوة: جهلة الفتوة ويقال: صبا إليها

 

من كتب تفسير القرآن

25: تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (12/ 330)

القول في تأويل قوله: {قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (15) }

قال أبو جعفر: وهذه أيضًا جَهْلة أخرى من جَهَلاته الخبيثة

26: تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (2/ 113)

وَإِنْ كَانَ قِيلُهُمُ الَّذِي قَالُوهُ لِمُوسَى جَهْلَةً مِنْهُمْ وَهَفْوَةً مِنْ هَفَوَاتِهِمْ

27: تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (10/ 89)

: {قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ} وَهَذِهِ أَيْضًا جَهْلَةٌ أُخْرَى مِنْ جَهَلَاتِهِ الْخَبِيثَةِ.

28: تنوير المقباس من تفسير ابن عباس (ص: 288)

{بَلْ قُلُوبُهُمْ} قُلُوب أهل مَكَّة يَعْنِي أَبَا جهل وَأَصْحَابه {فِي غَمْرَةٍ} فِي جهلة وغفلة {مِّنْ هَذَا} الْكتاب

29: مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد (2/ 11)

وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (39) ، أي أنذرهم في حال كونهم في جهلة عن ذلك اليوم،

30: فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (6/ 559)

قال ابن نباتة:

فلابد لي من جهلةٍ في وصاله … فمن لي بخل أودع الحلم عنده

 

كلمة جهلات:

31: إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات (ص: 13)

وَقَالَ الْفَخر الرَّازِيّ فِي ذَلِك (الْعلم للرحمن جلّ جَلَاله … وسواه فِي جهلاته يتغمغم)

32: الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم – صلى الله عليه وسلم – (2/ 348)

العلم للرّحمن جلّ جلاله … وسواه في جهلاته يتغمغم

33: العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (2/ 101)

الله عليه وسلم -، وفي شعره ما يُلِمُّ بهذه العقيدة الجميلة كقوله:

العِلْمُ لِلرّحْمَانِ جَلَّ جَلالُهُ … وسِوَاهُ في جَهَلاتِهِ يَتَغَمْغَمُ

34: التحف في مذاهب السلف ت حلاق (ص: 47)

العلم للرحمن جل وجلاله … وسواه في جهلاته يتغمغم

35: تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (12/ 330)

القول في تأويل قوله: {قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (15) }

قال أبو جعفر: وهذه أيضًا جَهْلة أخرى من جَهَلاته الخبيثة.

36: تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (10/ 89)

{قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ} وَهَذِهِ أَيْضًا جَهْلَةٌ أُخْرَى مِنْ جَهَلَاتِهِ الْخَبِيثَةِ،

37: فتح البيان في مقاصد القرآن (9/ 337)

اشتغل بطلب هذا المحال فلم يظفر بغير القيل والقال:

العلم للرحمن جل جلاله … وسواه في جهلاته يتغمغم

38: تفسير القاسمي = محاسن التأويل (6/ 15)

فالشرك وفروعه جهلات ابتدعها الغواة

39: دلائل الإعجاز ت شاكر (1/ 501) [ في الهامش] (شعر  لعامر بن حطان الخارجي من عصور الاحتجاج)

إني أذن لأخو الدناءة والذي … عفت على عرفانه جهلاته

40: نصب الراية (/ 0)

لَكِن المتشبع بِمَا لَا يُعْط، يَسْتَغْنِي عَن علم كل عَالم، متغمغماً فِي جهلاته،

41: تحفة الناظر وغنية الذاكر في حفظ الشعائر وتغيير المناكر (ص: 16)

يا أيها الناس ردوا الجهلات إلى السنة

42: البرق الشامي (5/ 116)

وعزم بعز وجهلات وحملات ووثبات وثبات

43: البرق الشامي (5/ 146)

بظلامه إِلَى الهجر وللدودوى من صهلات الْخَيل وجهلات الزّجر ولإيناس

44: الفتح القسي في الفتح القدسي = حروب صلاح الدين وفتح بيت المقدس (ص: 297)

جواد حليم، تحمد في الوغى جهلاته على جواد كريم تدعو إلى الردى صهلاته

45: طبقات الشعراء لابن المعتز (ص: 221) (من شعر بكر بن النطاح من عصور الاحتجاج)

تجاهل عبد الله والعلم ظنه … على عالم بالمرءذي الجهلات

46: يتيمة الدهر (5/ 149- 146)  (شعر لابي سعد الهمداني)

فَاغْفِر لَهُم جهلاتهم وألن لَهُم … كنف الرِّعَايَة مِنْك والإيجاب)

47: الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (8/ 641)

ثابت بك الأيام عن جهلاتها وتوقرت من أهلها سفهاؤها

48: تاريخ دمشق لابن عساكر (12/ 154)

طمت على احسانه جهلاته

49: معجم الأدباء = إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب (6/ 2689)

العلم للرحمن جلّ جلاله … وسواه في جهلاته يتغمغم

50: بغية الطلب فى تاريخ حلب (5/ 2065)

إني إذا لأخو الدناءة والذي … طمت على إحسانه جهلاته

51: مختصر تاريخ دمشق (19/ 304)  (شعر  عمرو بن معد يكرب من عصور الاحتجاج)

وعبدنا الإله حقّاً وكنّا … للجهلات نعبد الأوثانا

52: المقفى الكبير (3/ 147)

إنّي إذن لأخو الدناءة والذي … علّت على عرفانه جهلاته

53: الجوهرة في نسب النبي وأصحابه العشرة (1/ 451)

إني إذا لأخو الدناءة والذي … عفَّتْ على عرْفانِه جَهَلاتُهُ

54: مسالك الأبصار في ممالك الأمصار (19/ 478) (شعر محمد بن محمد بن محمد بن نباتة)

لم يكف إن جلّى الخطوب عن الورى … حتى جلا بعلومه جهلاتها

55: الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي (ص: 37)

إِنِّي إِذًا لأخو الدناءة وَالَّذِي … طمَّتْ عَلَى إحسانه جهلاته

56: البصائر والذخائر (5/ 190)

إني إذاً لأخو الدناءة والذي … عفت على حسناته جهلاته

57: روض الأخيار المنتخب من ربيع الأبرار (ص: 417)

مطيّة الجهلات ومحسّن الضحكات

58: أنوار الربيع في أنواع البديع (ص: 296، بترقيم الشاملة آليا)

لا تنكريه ويب غير … ك فهو للجهلات غل

59: العقد المفصل (ص: 14، بترقيم الشاملة آليا)

وقول الرضي:

وأحلم خلق الله حتّى إذا دنا … إليها الأذى طارت بها جهلاتها

60: مجلة الرسالة (75/ 55، بترقيم الشاملة آليا)

وتركن في جهلاتها وضلالها … دُنيا تلاحٍ دائمٍ وكفاح

61: مجلة الرسالة (90/ 44، بترقيم الشاملة آليا)

على حُبَّ من يَرْعى هواها مقيمة … وإن لَجَّتِ الأقدارُ في جَهَلاتها

62: أرشيف ملتقى أهل الحديث – 5 (51/ 353)

تظهر من الجهلات أشكالاً وألواناً،

 

 

شواهد من عصور الاحتجاج اللغوي:

1: تاج العروس (35/ 208) (من شعر كثير عزة )

قالَ كثيِّرُ عزَّةَ: فَمَا وَجُدوا فيكَ ابنَ مَرْوانَ سَقْطةً         ولا جَهْلةً فِي مازِقٍ تَسْتَكِينُها

2: طبقات الشعراء لابن المعتز (ص: 221) (من شعر بكر بن النطاح)

تجاهل عبد الله والعلم ظنه … على عالم بالمرء ذي الجهلات

3: دلائل الإعجاز ت شاكر (1/ 501) [ في الهامش] (شعر لعامر بن حطان الخارجي)

إني أذن لأخو الدناءة والذي … عفت على عرفانه جهلاته

4: مختصر تاريخ دمشق (19/ 304)  (شعر  عمرو بن معد يكرب )

وعبدنا الإله حقّاً وكنّا … للجهلات نعبد الأوثانا

 

النتيجة والخلاصة:

فبناء على كل هذا يثبت أن كلمة (جهْلة/ جهَلات) لهي من صلب اللغة العربية الأصيلة والفصيحة، وأن الادعاء بأن لا وجود لها في اللغة العربية هو غرق في الجهلات اللغوية. فكما تبين مما نقلنا، فالجهْلة تأتي بمعان مختلفة، منها :السقطة، والفَهَةُ أي العياء والعيّ والعجز في الحجة، والصبوة، واللهو من الغزل، وتأتي في معنى الغميزة والضعفة في العقل، وبمعنى الغمرة والغفلة. وقد تأتي بمعان أخرى، ولكتها لا تنطبق على عبارات المسيح الموعود عليه السلام، غير أنها تؤكد مرة أخرى جهلات المعترض بقوله أنها لا وجود لها في اللغة ، ومن هذه المعاني جاء:

1: لسان العرب (1/ 239)

“اللَّيْثُ: الثَّغَبُ ماءٌ، صَارَ فِي مُسْتَنْقَعٍ، فِي صَخْرَةٍ أَو جَهْلةٍ، قليلٌ.”

2: معجم متن اللغة (5/ 628)

“الهرم: نبت خفيف تراه الإبل: ضرب من انبساطًا علي الأرض؛ أو البقلة الحمقاء. ومنه: أذل من الهرمة، وهي التي يقال لها جهلة.”

 

وبثبوت هذه الكلمة في صلب اللغة العربية الفصيحة، لا سيما من عصور الاستشهاد اللغوي، فنحنا لسنا ملزمين في الخوض في كيفية وصحة اشتقاقها كاسم للمرة من الفعل (جهل)، فما دام ثبت وجود هذه الكلمة في المعاجم اللغوية، فهذا دليل كاف على صحتها وفصاحتها دون اللجوء إلى قواعد الصرف المتعلقة في اشتقاقها.

فإذا كانت القاعدة اللغوية تمنع اشتقاق اسم المرة من الفعل (جهل)، أو إذا كانت القاعدة اللغوية تحتم استعمال هذه الكلمة بقرينة أخرى تدل على كونها اسما للمرة، فمجيئ هذه الكلمة في عصور الاحتجاج على ما يخالف القواعد النحوية والصرفية، لهو دليل على خطأ القواعد نفسها لا على الخطأ في الكلمة، لأن القواعد تُشتق من اللغات وتخضع لها  وليس العكس بصحيح.

ولو أردنا مجاراة القاعدة التي تمنع اشتقاق اسم المرة من الفعل (جهل)، لقلنا أن هذا جائز بحمل الكلمة أو الفعل نفسه على معانيها المختلفة مجازا، فقد يُعنى  ويُقصد بالجهْلة أي الغفلة والسقطة  والهفوة والزلة والضعفة، وعلى هذه المعاني الملموسة يمكن اشتقاق اسم المرة من الفعل (جهل)، فلم يأت عبثا هذا الاشتقاق في كل ما نقلناه من المصادر.

أما بالنسبة لوجوب ذكر الوصف فأقول، بأن السياق فيه قرائن عقلية كافية لوصف هذه الجهلات بالكثيرة والجامحة. فاستعمال هذه الكلمة في كل ما نقلناه من المصادر لم يذكر وصفا أو عددا لها. ولكن أقول إنه لا حاجة لذكر الوصف أو العدد، والسبب في ذلك هو أن ذكر العدد أو الوصف واجب في حال اتحد اسم المرة والمصدر في الصيغة، كالمصدر (رحمة)، فاسم المرة منه على نفس الصيغة (رحمة)، وللتفريق بينهما ولمنع اللبس في حال استعمال اسم المرة لا بد حينها من ذكر العدد والقول: رحمة واحدة. وفي هذا يقول السيوطي في الهمع:

“وَمَا فِيهِ التَّاء فِي الصُّور الثَّلَاث يدل على الْمرة والهيئة مِنْهُ بِالْوَصْفِ كرحمة وَاحِدَة واستعانة وَاحِدَة ونشدة عَظِيمَة…قَالَ ابْن هِشَام وَيظْهر لي أَن نَحْو كُدرة مِمَّا فِيهِ تَاء وَلَيْسَ على فَعلة وَلَا فِعلة يجوز أَن يرجع بِهِ إِلَى فَعلة وفِعلة للدلالة على الْمرة والهيئة وَلَا تحْتَاج إِلَى الصّفة إِذْ لَا إلباس” [همع الهوامع في شرح جمع الجوامع (3/ 325-326)]

ويقول النحو الوافي في هذا:

“فإن كانت صيغة المصدر الأصلي موضوعة في أصلها على وزن: “فَعلة”: نحو: نظرة. هفوة. رأفة. صيحة … لم تدل بنفسها في هذه الصورة على المرة، ووجب زيادة لفظ آخر معها ليدل على “المرة” أو قيام قرينة أخرى تدل عليها. والغالب في اللفظ الآخر أن يكون نعتًا. فنقول مثلًا: ربما تنفع النظرة الواحدة في ردع المسيء. قد تعقب الهفوة الواحدة عواقب خطيرة. إن رأفة واحدة بضعيف قد تضمه إلى أعوانك المخلصين. أهلك الله بعض الغابرين بصيحة لم تتكرر… [النحو الوافي (3/ 227)]

ويقول:

فإن كان مصدر الفعل غير الثلاثي مشتملًا في أصله على تاء التأنيث؛ فإنه لا يصح للدلالة المباشرة على المرة، ويجب زيادة لفظ آخر معه، أو قيام قرينة تدل عليها. نحو: “استعانة” تقول: استعانة واحدة بأريحي قد تمنع خطرًا داهِمًا. والغالب في اللفظ الآخر أن يكون نعتًا؛ كالمثال السالف. [النحو الوافي (3/ 228)]

ويقول أيضا:

إذا كانت صيغة المصدر الأصلي موضوعة في أصلها على صورة المصدر الذي نريد أن يدل على المرة أو الهيئة، وجب إدخال تغيير أو زيادة عليها أو المجيء بقرينة تدل على المراد، وتُرشد إلى المرة أو الهيئة، طبقًا للتفصيل الذي سبق …. [النحو الوافي (3/ 230)]

وخلاصة ما نقلناه أنه لا اشتراط في ذكر العدد أو الصفة أو القرينة، إلا إذا كان المصدر الأصلي على نفس صيغة اسم المرة ، فلمنع اللبس عند الدلالة على المرة لابد من الإتيان بالقرينة الدالة على القصد. وصيغة (جهلة) ليست هي المصدر الأصلي (جهل) لكي يستلزم الأمر ذكر العدد أو قرينة أخرى للدلالة فيه على المرة.

والحقيقة أن المعترض يخلط في اعتراضه بين باب اسم المرة وباب المفعول المطلق، والذي يشمل على بعض التقييدات من ذكر الوصف والعدد، إلا أن عبارات المسيح الموعود عليه السلام المعترض عليها لا تندرج هنا تحت باب المفعول المطلق.

وبثبوت صحة وفصاحة هذه الكلمة ومخالفة المسيح الموعود عليه السلام للحريري في كتابتها واستعمالها، حيث إن الحريري استعملها بصيغة (الجهالات) لهو أكبر دليل على أن القضية لا سرقة فيها قط! بل هو تعليم رباني يفوق علم يالحريري وأدبه، فحضرته عليه السلام يستعمل عبارات يجهلها الحريري في فقرات أو بمحاذاة ألفاظ استعملها الحريري، هذا ليؤكد أن القضية بعيدة عن الاقتباس والسرقة، بل تعليم بفضل الوحي الرباني ليس إلا.

وبعد كل هذا يثبت أن كل استعمال المسيح الموعود عليه السلام لهذه الكلمات (جهْلة/ جهَلات) لهو استعمال صحيح فصيح لا تشوبه شائبة من الخطأ والضعف والعجمة .