المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود عليه السلام العربية .. 320

مجمع اللغة المصري يوافقنا الرأي في مسألة “كان الزائدة”

كنّا في مقال سابق قد فصّلنا القول في مسألة كان الزائدة، التي جاءت في بعض الجمل من كلام المسيح الموعود عليه السلام، كما في الجمل التالية:

_ إن لي “كان” ابنا صغيرًا وكان اسمه بشيرًا.

_ ولم يزل “كان” أبي مشغوف الخدمات حتى شاخ.

وقد دحضنا من خلال ما قلناه اعتراضات المعترضين على هذه التراكيب، والقول بأن (كان) فيها عابثة لا مكان لها،  كما ويعتري هذه الجمل أخطاء نحوية. فقوضنا تلك الاعتراضات كلها بأن عرّفنا المعترض على (كان الزائدة) ووجهنا تلك العبارات كلها عليها. وقلنا في تلخيص أمرها – كان الزائدة- ما يلي:

_ تزاد في سعة الكلام وليس فقط للضرورة الشعرية.

_ تزاد لتوكيد الكلام، وللدلالة على الزمن الماضي أو المستقبل رغم أن الشائع، هو بصيغة الماضي، ولتوكيد الكلام .

_ تزاد بين المسند والمسند إليه، أي بين الفعل والفاعل، وبين المبتدا والخبر، أو بين الصفة والموصوف، بين ما وفعل التعجب،  بين الجار والمجرور.

_ المشهور زيادتها بلفظ الماضي ولكن وردت زيادتها بصيغة المضارع.

_ لا تعمل من الناحية الإعرابية، فما بعدها يعمل فيه ما قبلها.

ومما وجدناه مؤيدا لكل ما قلناه ما نشره مجمع اللغة العربية المصري من بحث للدكتور أحمد علم الدين الجندي بعنوان “جواز زيادة كان بين ما وفعل التعجب”؛ وقد نشر هذا البحث في كتاب “في أصول اللغة، ج4، ص 595” وأهم ما جاء فيه النقاط التالية:

1: زيادة كان بين ما وفعل التعجب قياسي.

2:  اشترط النحاة لزيادة (كان) أن تكون بصيغة الماضي، وأن تتوسط بين شيئين متلازمين.

3: إلا أنه نُقل عن الفراء في الارتشاف لأبي حيان، جواز زيادتها بصيغة المضارع بين ما وفعل التعجب .

4: وردت زيادتها بصيغة المضارع في الشعر، ولا يوافق على ذلك البصريون. غير أن الباحث يرى أن رأي البصريين محجوج بشواهد الشعر والنثر.

5:  قد تزاد أخوات كان أيضا بتجويز الكوفيين والأخفش والفراء.

وبناء على هذا البحث، خلص الباحث إلى قياسية زيادة كان بين ما وفعل التعجب، وإلى أن زيادة أخواتها جاء به السماع وهو سائغ. وبناء على ذلك أقر مجمع اللغة القرار التالي:

“جواز زيادة كان بلفظ الماضي أو المضارع، بين ما وفعل التعجب، كما يجوز زيادة أصبح وأمسى من أخوات كان لورود السماع بزيادتهما، إثراء للغة وتجنبا للتكلف في التخريج.

(في أصول اللغة، ج4، ص 549) .

وما يهمنا في كل هذا :

_ أن المجمع يجيز زيادة كان بصيغة المضارع

_ رغم أن المجمع والباحث يقيد نفسه في تجويز زيادة كان وأخواتها بين ما وفعل التعجب؛ فإن هذا بحد ذاته يقودنا إلى تجويز زيادتها في التراكيب الأخرى – غير صيغ التعجب- ، وذلك من نفس المنطلق الذي ذهب إليه المجمع، ولنفس السبب، ألا وهو ورورد السماع به، وإثراء للّغة وتجنبا للتكلف في التخريج.

وهذا كله يدعم ما ذهبنا إليه من التوجيه لفقرات المسيح الموعود عليه السلام، والمتعلقة بكان الزائدة.