في الكتاب الذي سمّاه المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بـ “الوصية” والمؤرخ سنة ١٩٠٥ أخبر حضرته عَلَيهِ السَلام بأن الله تعالى أوحى له أن أجله قد قارب على الانتهاء، فكَتَبَ عَلَيهِ السَلام هذه الوصية حرصاً على الجماعة وإخباراً ببعض النبوءات التي تلقاها من الله ﷻ. عند قراءة الكتاب وبالأخص الصفحات الأولى منه سيدرك القاريء أن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام كان يتحدث عن أمور خطيرة حدثت وستحدث ومنها ما يتعلق خاصة في الفترة ما بين الأعوام ١٩٠٥-١٩٠٨ أي منذ تلقي حضرته الوحي بدنو الأجل حتى وفاته عَلَيهِ السَلام.

لقد تناول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام نبأ حدوث زلازل كبرى في العالم كله تشبه في شدتها يوم القيامة يكون قسم منها في حياته وقسم آخر بعد وفاته عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام، وكذلك حدوث زلزال معنوي في نفوس الأتباع أي عند وفاته عَلَيهِ السَلام وهو الذي عبّر عنه بأنه زلزال من السماء وَالْأَرْضِ وقرنه بوفاة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وتولي أبي بكر الصدّيق رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الخلافة بعده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وسماه القدرة الأولى، وقد حدث بالفعل عند وفاته عَلَيهِ السَلام والذي سماه القدرة الثانية حين انتُخب حضرة نور الدين القرشي رَضِيَ اللهُ عَنْهُ خليفة أول للمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام فقضى بخلافته الميمونة على فتنة الارتداد وفرحة الأعداء كما قضى الصدّيق رَضِيَ اللهُ عَنْهُ على فتنة المرتدين وفرحة الشامتين. وقد وضح المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام في حاشية الصفحة ٣ من الكتاب كيف أن علامات صدقه عَلَيهِ السَلام قد تحققت بالتمام عند بعثته على رأس القرن كما تُنبيء عنه في الأثر وحدوث الخسوف والكسوف في الأيام المحددة من شهر رمضان كما في الحديث الشريف وتفشي الطاعون كما أخبر عنه قبل حدوثه وفق رؤيا رآها عَلَيهِ السَلام ووقوع الزلازل بكثرة وغير ذلك الكثير.

لقد حدثت زلازل هائلة بعد وفاة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بما لا يخفى على أحد، ومن جملة هذه الزلازل الحربين العالميتين التي راح ضحيتها عشرات أو مئات الآلاف من البشر والمخلوقات وقنبلة هيروشيما وناگازاكي التي مسحت مدينة بأكملها من الخارطة وما نعيشه اليوم من حروب وفتن لا تحصى مما يُعَدُّ ضمن النبوءات التي قال المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بأنها ستحدث بعد وفاته، ولكن لننظر إلى ما حدث في الفترة التي سبقت وفاته عَلَيهِ السَلام أي من العام ١٩٠٥ إلى العام ١٩٠٨ حيث حذَّرَ المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام كذلك من زلازل كبيرة ستهزّ العالم وتخلَّف أضراراً مدمرة أيضاً تماثل يوم القيامة. بالتأكيد حدثت زلازل كثيرة هنا وهناك في تلك الفترة، ولكننا نتحدث عن زلازل هائلة بأضرار جسيمة، ولذلك سنتناول أهم الزلازل التي عصفت بالعالم في الفترة ما بين ١٩٠٥-١٩٠٨. فيما يلي قائمة بالزلازل الرئيسية التي ارتبط إسمها بالأعوام التي حدثت بها بالتسلسل السنوي:

● ١٩٠٥ “زلزال كانغرا” الذي حدث في البنجاب بالهند وكان زلزالاً مخيفاً تسبب في قتل أكثر من ٢٠ ألف نسمة وسحق ٥٠ ألف حيوان ودمّرَ ١٠٠ ألف مبنى وقطع الماء عن البلدة بكاملها، وقد تسبب الزلزال الهائل في تدمير المدينة وإلحاق أضرار أيضاً بالمناطق المجاورة.

● ١٩٠٦ “زلزال سان فرانسيسكو” الذي يعتبر أخطر وأكبر زلزال في تاريخ أمريكا على الإطلاق حيث نتج عنه أضرار بشرية ومادية واقتصادية مروعة وقتل فيه الآلاف ووصل الدمار إلى مدن أخرى أيضا وخلّف حرائق هائلة فيما تم تدمير مركز المدينة بالكامل.

● ١٩٠٧ “زلزال كينغستون” الذي يعتبر من أكثر الزلازل تدميراً ودموية على مستوى العالم، حيث قتل ألف إنسان وشرَّد الآلاف ودمَّرَ البنى التحتية من جسور ومؤسسات وغيرها مخلّفاً إعصار تسونامي أيضا.

● ١٩٠٨ “زلزال مسينا” المدمر الذي كاد أن يمسح كبريات المدن في إيطاليا تماماً من الخارطة بضرر بشري بلغ أكثر من ٢٠٠ ألف نسمة أزهقت بفعل الزلزال الذي صاحبه إعصار تسونامي طمرت بفعله مئات المؤسسات والمباني بمن فيها تحت الركام والأنقاض التي غطت الأرض، وقد قضت فرق الإنقاذ أسابيع في انتشال الضحايا من تحت الأرض ووصل أثر الزلزال المفجع إلى ٣٠٠ كم من موقع حدوثه. كذلك لو تأملنا في إسم الزلزال “مسينا Messina” الذي يتبع اسم المدينة الإيطالية المنكوبة في ذلك الوقت فإننا سنجد المعنى “المسيح”. فهذه بالتأكيد ليست من محض الصدفة.

About الأستاذ فراس علي عبد الواحد

View all posts by الأستاذ فراس علي عبد الواحد