الاعتراض:

ما هو معنى الإلهام: “إني مع الأفواج آتيك بغتة، إني مع الرسول أجيب، أخطي وأصيب”؟ هل يجوز أن يُنسب الخطأ إلى الله تعالى؟

الردّ :

المقصود من هذا الوحي أن الله ﷻ سوف يؤيد المسيح الموعود ؏، وأنه سوف ينصره بالأفواج السماوية التي تأتي لنصرته، وأن هذه النصرة سوف تأتي بغتة وتُفاجئ أعداءه ومعارضيه، تماما كما يؤيد الله ﷻ أنبياءه ورسله وينصرهم على أعدائهم في الوقت الذي يظن فيه هؤلاء أنهم قد نجحوا في محاصرة الدعوة الجديدة للقضاء عليها.

والمقصود من كلمة “أخطي” التي أصلها كلمة “أخطئ” هو أن الله تعالى لا ينفذ عقابه على الناس، بل يُمهلهم ويمدّ لهم، فكأن قدره وعذابه وعقابه أخطأهم، بمعنى أنه لم يصبهم. وتعني كلمة “أصيب” أنه تعالى ينفذ حكمه وإرادته، ويقضي بتنفيذ عقابه وظهور جلاله وتجلّي جبروته على الناس.

وقد شرح المسيح الموعود ؏ هذا الإلهام فقال: “سبحانه وتعالى من أن يخطي، فقوله أخطي قد ورد على سبيل الاستعارة كمثل لفظ التردد المنسوب إلى الله تعالى في الأحاديث” (الخزائن الروحانية: ج 22 -كتاب حقيقة الوحي، ص 714 ). ومن المعروف أنه قد ورد في الحديث القدسي الشريف قوله تعالى: “وما ترددتُ عن شيء أنا فاعله تردّدي عن نفس المؤمن” (البخاري؛ كتاب الرقاق، باب التواضع). وفي هذا الحديث يقول تعالى أنه يتردد في قبض روح المؤمن، ولكن هذا القول وارد بأسلوب الاستعارة؛ إذ تعالى الله عن أن يأخذه التردد وكأنه لا يعرف ماذا يريد أن يفعل، كشأن الإنسان الذي يتردد في فعل أمر لأنه لا يأمن عواقبه ولا يدري نتائجه.

كذلك فقد ورد نفس أسلوب استعمال الاستعارة في القرآن الكريم، إذ نسب الله تعالى لنفسه النسيان حيث قال:

(فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَٰذَا) الأعراف 52

وبالطبع فإن كلمة (نَنسَاهُمْ) في هذه الآية لا تؤخذ بحرفيتها، وإنما هي استعارة تفيد بأن الله تعالى سوف يتجاهلهم، كما تجاهلوا هم لقاء ذلك اليوم. فالله تعالى منزّه عن النسيان والتردد والخطأ، ولكنها كلها كلمات ذكرت على سبيل الاستعارة ولا اعتراض عليها.

About الأستاذ فراس علي عبد الواحد

View all posts by الأستاذ فراس علي عبد الواحد