المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود ع العربية ..106
التخريج الثاني لكلمة “أجمعين”..
إلزام جمع المذكر السالم الياء والنون في جميع حالات إعرابه..
الاعتراض:
يقول المعارضون إن المسيح الموعود عليه السلام قد أخطأ في استعماله لكلمة “أجمعون” التوكيدية، حيث أوردها منصوبة بالياء في موضع الرفع فقال “أجمعين” بدلا من “أجمعون” كما في العبارات التالية:
- ولولا دفعُ الله الطلاحَ بأهل الصلاح لفسدت الأرض ولسُدّت أبواب الفلاح ولهلك الناس كلهم أجمعين. (سر الخلافة، ص 63).
- وسجد لآدم الملائكة كلهم أجمعين. (نور الحق، ص 83).
الرد:
لقد أجبنا على هذا الاعتراض في مقال سابق وخرّجنا هذه الصيغة لكلمة “أجمعين” الواردة في فقرات المسيح الموعود عليه السلام، أنها منصوبة على الحال وليست هي للتوكيد كما ظن المعارضون، وقد أثبتنا ذلك بما جاء في النحو الوافي عن هذه الكلمة وجواز استعمالها حالا. (ينظر المقال على الرابط التالي: كلمة أجمعين )
إلا أنه من الممكن أن تُوجّه هذه الكلمة على توجيه آخر، وهي أن تكون بالفعل للتوكيد ومرفوعة، ولكنها على لغة من يلزم جمع المذكر السالم وملحقاته الياء والنون في جميع حالات الإعراب ويعربه بحركاته ظاهرة على النون، كما أكّد ذلك ابن عقيل في شرحه لألفية أبن مالك، أن إثبات الياء والنون في جمع المذكر السالم قاطبة، سواء الجمع نفسه أو ما ألحق به، وفي كل الأحوال سواء في الإضافة أو دونها، هي لغة من لغات العرب حيث قال:
“ وقد يرد هذا الباب (وهو باب سنين) معربا بحركات ظاهرة على النون مع لزوم الياء، مثل إعراب ” حين ” بالضمة رفعا والفتحة نصبا والكسرة جرا، ((والاعراب بحركات ظاهرة على النون مع لزوم الياء يطّرد في كل جمع المذكر وما ألحق به عند قوم من النحاة أو من العرب)).” {شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك (1/ 63)}
وقال أيضا: ((التركيز على ما بين الأقواس المزدوجة))
” اعلم أن إعراب سنين وبابه إعراب الجمع بالواو رفعا وبالياء نصبا وجرا هي لغة الحجاز وعلياء قيس.
((وأما بعض بني تميم وبني عامر فيجعل الاعراب بحركات على النون ويلتزم الياء في جميع الاحوال،)) وهذا هو الذي أشار إليه المصنف بقوله ” ومثل حين ” وقد تكلم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهذه اللغة، وذلك في قوله يدعو على المشركين من أهل مكة: ” اللهم اجعلها عليهم سنينا كسنينِ يوسف ” وقد روى هذا الحديث برواية أخرى على لغة عامة العرب: ” اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف ” فإما أن يكون عليه الصلاة والسلام قد تكلم باللغتين جميعا مرة بهذه ومرة بتلك، لان الدعاء مقام تكرار للمدعو به، وهذا هو الظاهر، وإما أن يكون قد تكلم بإحدى اللغتين، ورواه الرواة بهما جميعا كل منهم رواه بلغة قبيلته، لأن الرواية بالمعنى جائزة عند المحدثين، وعلى هذه اللغة جاء الشاهد رقم 7 الذي رواه الشارح، كما جاء قول جرير: أرى مر السنينِ أخذن مني كما أخذ السرار من الهلال وقول الشاعر: ألم نسق الحجيج سلي معدا سنينًا ما تعد لنا حسابا وقول الآخر: سنيني كلها لاقيت حربا أعد مع الصلادمة الذكور .
((ومن العرب من يلزم هذا الباب الواو، ويفتح النون في كل أحواله، فيكون إعرابه بحركات مقدرة على الواو)) منع من ظهورها الثقل، ((ومنهم من يلزمه الواو ويجعل الاعراب بحركات على النون كإعراب زيتون ونحوه،)) ((ومنهم من يجري الاعراب الذي ذكرناه أولا في جميع أنواع جمع المذكر وما ألحق به، إجراء له مجرى المفرد،)) ويتخرج على هذه اللغة قول ذي الاصبع العدواني: إني أبيّ أبيّ ذو محافظة وابن أبيّ أبيّ من أبيينِ ويجوز في هذا البيت أن تخرجه على ما خرج عليه بيت سحيم (ش 9) الآتي قريبا فتلخص لك من هذا أن في سنين وبابه أربع لغات، وأن في الجمع عامة لغتين. {(إ.ه) شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك (1/ 64)}
ثبت وفق كل ما أورده ابن عقيل فيما سبق، ما يلي:
- يجري على “سنين” وبابه في إلحاقه بجمع المذكر السالم ما يجري على كلمة “حين” بإثبات النون فيها في جميع الأحوال وإعرابها بالحركات على النون حتى عند الإضافة
- أن في باب سنين أربع لغات للعرب وهي : 1- إعرابها كجمع المذكر السالم بالحروف، الرفع بالواو والنصب بالألف، والجر بالياء. 2- إلزامها الياء والنون دائما وإعرابها بحركات على النون3- إلزامها الواو ويعربها بحركات ظاهرة على النون4- إلزامها الواو وثبون الفتحة على النون وإعرابها بحركات مقدرة على الواو
- من هذه الأربع لغات فإن اللغتين الأولَيين تسريان على جميع أقسام جمع المذكر السالم وملحقاته
- فوفق لغة للعرب ولقوم من النحاة يطّرد في كل جمع المذكر السالم وملحقاته اللغة الثانية من إلزامها الياء والنون في كل الأحوال حتى في الإضافة وإعرابها بحركات ظاهرة على النون
- من أمثلة اللغة الثانية الحديث الشريف بإحدى رواياته: “اللهم اجعلها عليهم سنينا كسنينِ يوسف “
فالخلاصة: إن إثبات النون عند إضافة جمع المذكر السالم وملحقاته، مثل: العقود في الأعداد؛ هي لغة من لغات بعض القبائل العربية وقوم من النحاة، حيث يجرونه مجرى الكلمات المفردة( حين، غسلين، مسكين) فتثبت النون والياء فيها في جميع الأحوال وتعرب بالحركات الظاهرة على النون.
ووفقا لكل هذا تُوجه كلمة أجمعين” الواردة في فقرات المسيح الموعود عليه السلام، فهي تندرج تحت اللغة الثانية التي أدرجها ابن عقيل من لغة بعض العرب وقوم من النحاة مثل الفراء، في إلزام جمع المذكر السالم الياء والنون دائما وإعرابه بحركات ظاهرة على النون لتكون الجمل في كلام المسيح الموعود عليه السلام كما يلي:
- ولولا دفعُ الله الطلاحَ بأهل الصلاح لفسدت الأرض ولسُدّت أبواب الفلاح ولهلك الناس كلُّهم أجمعينُ (سر الخلافة، ص 63).
- وسجد لآدم الملائكة كلُّهم أجمعينُ (نور الحق، ص 83).
ومن هنا يثبت أن صيغة “أجمعين” هذه جاءت على لغة أخرى للعرب تندرج تحت الأربعين ألف لغة عربية التي تعلمها المسيح الموعود من الله العليم؛ وأنه لا سهو ولا خطأ واقع فيها قطّ.