المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود عليه السلام العربية..177

الإعجاز في (إذا) الفجائية ..1

وقوع إذا الفجائية بعد الظرفين (بينا) و (بينما)

الاعتراض:

يدّعي المعارضون خطأ المسيح الموعود عليه السلام في استعماله إذا الفجائية، ويتلخص الاعتراض فيما يلي:

_ أن حضرته يخلط بين إذا وإذ الفجائيتين فيأتي بإذا الفجائية في مواضع إذ الفجائية.

_  من بين هذه المواضع استعمالها بعد (بينا) و(بينما) رغم أن بعد هذه لا يجوز إلا استعمال (إذ الفجائية).

وبناء على هذا فإنه في كل الجمل التالية من كلام المسيح الموعود عليه السلام، لا بدّ من استعمال إذ الفجائية بدلا من إذا الفجائية؛ والفقرات هي:

_  فبينما أنا كذلك إذا سمعتُ صوت صَكِّ الباب. (التبليغ، ص 108)

_  فبينما أنا في ذلك الخيال فإذا الميّتُ جاءني حيا وهو يسعى. (التبليغ، ص 107)

_ فبينما أنا في فكر لأجل ظفر الإسلام … فإذا بشّرني ربي بموته. (كرامات الصادقين)

_ بينما عمرُ يخطب يوم الجمعة إذا ترك الخُطبة ونادى يا ساريةُ الجبل. (تحفة بغداد)

_ فبينما أنا أفتّش كالكَميش، إذا تلالأتْ أمام عيني آيةٌ من آيات الفرقان. (منن الرحمن)

الردّ:

تعالوا لنفجأ المعارضين بإذا الفجائية ونقول لهم، إنه لا خلط في كل ما ورد في كلام المسيح الموعود عليه السلام، بل هو صحيح كل الصحة، إذ القول بأنه بعد الظرف (بينا و بينما) لا يجوز استعما إلا (إذ الفجائية) هو قول غير صحيح؛ بل يجوز استعمال (إذا الفجائية) أيضا دون الشك والريبة. كل ذلك بتصديق جهابذة النحو واللغة كما يظهر من النصوص التالية:

 

1: وتقع إذا الفجائية في مواضع. منها نحو قولهم: خرجت فإذا الأسد. ..ومنها بعد بينا وبينما كقول الحرفة: فبينا نسوس الناس، والأمر أمرنا … إذا نحن، فيهم، سوقة، نتنصف

وقول الآخر: بينما المرء في فنون الأماني … فإذا رائد المنون موافي” [الجنى الداني في حروف المعاني (ص: 375- 376)]

 

2: “وقد تقع ( يقصد:إذا الفجائية) بعد بينا، وبينما قال:

بينما المرء في فنون الأماني … وإذا رائد المنون موافي

و: بينما المرء مسرور بغبطته … إذا هو الرمس تعفوه الأعاصير” [ارتشاف الضرب من لسان العرب لأبي حيان الأندلسي (3/ 1414)]

 

3: ” وقد تقع (يقصد: إذا الجائية)  بعد بينا وبينما..” [حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك (2/ 388)]

 

4: “ومنها إذا للوقت المستقبل مضمنة معنى الشرط غالبا،…. وتدل على المفاجأة حرفا .. وقد تقع بعد بينا وبينما“. [شرح التسهيل لابن مالك (2/ 210)]

 

5: “بين بينا بينما: أصل (بين) أن تكون ظرفا للمكان، وقد تكون للزمان، … وإذا لحقتها الألف أو (ما) أضيف إلى الجمل، لا تكون عند ذاك إلا للزمان وذلك نحو قوله: فبينا نسوس المرء والأمر أمرنا … إذا نحن فيهم سوقة نتنصف

وقوله: وبينما المرء في الأحياء مغتبط … إذا هو الرمس تعفوه الأعاصير

وقد تضاف (بينا) إلى مصدر كقوله:

بينا تعنقه الكماة وروعه … يوما أتيح له جريء سلفع

وقد تلقى بينا وبينما، بإذ وإذا اللتين للمفاجأة كما مر في البيتين….” [معاني النحو (2/ 209)]

 

6: جاء في (شرح الرضي على الكافية): …” وقد تقع إذ وإذا في جواب بينا وبينما، وكلتاهما إذن للمفاجأة والأغلب في مجيء (إذ) في جواب بينما و (إذا) في جواب (بينما) قال:

فبينا نسوس الناس والأمر أمرنا … إذا نحن منهم سوقة نتنصف” [معاني النحو (2/ 210)]

يتضح من كل ما سقناه جواز وحقيقة ورود إذا الفجائية بعد الظرفين بينا وبينما، بما يثبت جهل المعارضين بهذه الحقيقة رغم حملهم شهادات في اللغة؛ وإن دل هذا على شيء إضافي، فإنما يدل على تهورهم في البحث والتحري، وعدم مصداقيتهم.

ويثبت من كل هذا علو كعب المسيح الموعود عليه السلام ومدى بسطته على اللغة وامتلاكه ناصيتها، وصحة استعماله لـ (إذا الفجائية) في كل الفقرات المذكورة أعلاه.