المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود العربية ..252

فنون التذكير والتأنيث الإعجازية 23

تأكيد النحو الوافي على تأنيث كلمة (الكلم)

الاعتراض:

أورَد المعارضون العديد من الفقرات التي أنثّ فيها المسيح الموعود عليه السلام كلمة (الكَلِم)، مدّعين أن الصحيح هو تذكيرها فقط، لورودها في القرآن الكريم بصيغة المذكر. ومن هذه الجمل التي جاءت في كلام المسيح الموعود عليه السلام ما يلي:

_  ويحرّفون الكلم عن مواضعها. (حمامة البشرى)

الرد:

رددنا على هذا الاعتراض في سلسلة مقالات يمكن الرجوع إليها على الروابط التالية:
https://wp.me/pa2lnY-4Dz     (مظاهر 109 )

https://wp.me/pa2lnY-4Ez      (مظاهر 110)

https://wp.me/pa2lnY-4EC     (مظاهر 111)

وخلاصة ما قلناه هناك أن كلمة (الكلِم) هي اسم جنسي جمعي، وهذا النوع من الـأسماء يجوز تذكيرها وتأنيثها حملا لها على معنى الجمع وعلى معنى الجماعة على التوالي. كما أنها قد وردت عن العرب بلغتي التذكير والتأنيث.

ولنا هنا في هذا المقال أن نؤكد على أن كلمة (الكلِم) هي فعلا اسم جنسي جمعي، أي اسم يدل على الجمع ويفرَّق بينه وبين مفرده بالتاء المربوطة (كلِم/ كلمة).  وقد أجزل النحو الوافي في شرحه هذا الأمر بالذات بالنسبة لكلة (الكلِم) فجاء فيه:

شيء آخر يعرض له النحاة بمناسبة: “كلِم”. يقولون:

إننا حين نسمع كلمة: رجال، أو: كتب، أو: أقلام، أو: غيرها

من جموع التكسير نفهم أمرين:

أولهما: أن هذه الكلمة تدل على جماعة لا تقل عن ثلاثة، وقد تزيد.

ثانيهما: أن لهذا الجمع مفردًا نعرفه من اللغة؛ هو: رجل، كتاب، قلم … وكذلك حين نسمع لفظ: “كَلِم” نفهم أمرين:

أولهما: أنه يدل على جماعة من الكلمات، لا تقل عن ثلاث، وقد تزيد؛ “لأن “الكَلِم” فى الأصل يتركب من ثلاث كلمات أو أكثر؛ فهو من هذه الجهة يشبه الجمع فى الدلالة العددية؛ فكلاهما يدل على ثلاث أو أكثر“.

ثانيهما: أن “للكلِم” مفردًا نعرفه ونصل إليه بزيادة تاء للتأنيث فى آخره؛ فيصير بزيادتها -وموافقة اللغة- دالّا على الواحد، بعد أن كان دالًا على الجمع، فتكون: “كلمة” هي مفردة: “الكلم”؛ مع أنهما متشابهان فى الحروف، وفى ضبطها، ولا يختلفان فى شيء؛ إلا فى زيادة التاء فى آخر: “الكلمة” -بموافقة اللغة-. وهو بسبب هذا يختلف عن الجموع؛ فليس بين الجموع ما ينقلب مفردًا وينقص معناه من الجمع إلى الواحد من أجل اتصال تاء التأنيث بآخره. ولذلك لا يسمونه جمعًا، وإنما يسمونه: “اسم جنس جمعيًّا”. ويقولون فى تعريفه:

“إنه لفظ معناه معنى الجمع، وإذا زيدت على آخره تاء التأنيث -غالبًا- صار مفردًا”.

أو هو: “ما يُفْرَق بينه وبين واحده بزيادة تاء التأنيث -غالبًا- فى آخره”.

ومن أمثلته: تفاح وتفاحة -عنب وعنبة- تمر وتمرة..” [النحو الوافي (1/20-21)]

فمن هذا النصّ نرى بأن النحو الوافي يصرح بأن كلمة (الكلِم) هي اسم جنس جمعي.

وعن هذا النوع من أسماء الجنس الجمعي يقول:

” هذا النوع الذي يفرق بينه وبين واحده بالتاء المربوطة إذا وصف -وكذلك إن أخبر عنه، أو عاد عليه ضمير، أو إشارة … – جاز في صفته: إما الإفراد مع التذكير على اعتبار اللفظ، لأنه جنس، أو: مع التأنيث على تأويل معنى الجماعة، نحو قوله تعالى: {أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِر} ، {أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} وإما جمع الصفة جمع تكسير أو جمع مؤنث سالِمًا، نحو قوله تعالى: {السَّحَابَ الثِّقَال} وقوله: {وَالنَّخْل بَاسِقَاتٍ} ومثل: الصفة الخبر، والإشارة إليه … والضمير العائد عليه -كما أسلفنا.

وفي كل ما سبق خلاف أشار إليه الصبان، في باب العدد وقد تخيرنا أقوى الأوجه.

ويؤيد ما تخيرناه ما جاء في: المصباح المنير، مادة: “النخل” ونصه الحرفي:

النخل: اسم جمع “كذا يقول” الواحدة: “نخلة”، وكل جمع بينه وبين واحده الهاء “يريد: تاء التأنيث المربوطة” قال ابن السكيت: فأهل الحجاز يؤنثون أكثره، فيقولون: هي التمر، وهي البُر، وهي النخل، وهي البقر…. وأهل نجد وتميم يذكّرون، فيقولون: نخل كريم، وكريمة، وكرائم، وفي التنزيل: {نَخْلٍ مُنْقَعِر} ، {نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} وأما النخيل -بالياء- فمؤنثة. قال أبو حاتم: لا اختلاف في ذلك” اهـ.

لكن يتضح من أمثلة هذا النص أن أهل نجد وتميم لا يقتصرون على التذكير، وإنما يؤنثون أيضًا. ويلاحظ أنه جعل “النخل” اسم جمع. فكيف يتفق أنه اسم جمع مع قوله السابق إن “الواحدة نخلة”؟ فهل يريد: اسم جنس جمعي؟

ومما يؤيد ما تخيرناه أيضًا ما جاء في كتاب: “بصائر ذوي التمييز”- تأليف: الفيروزآبادي، صاحب: “القاموس المحيط” – في البصرة 51 ص 277 ونصه عند الكلام على كلمة: “بنيان”: “البنيان: واحد لا جمع له. وقال بعضهم: جمع واحدته: “بنيانه” على حد: “نخلة ونخل”. وهذا النحو من الجمع يصح تذكيره وتأنيثه” أهـ. ومن التذكير قوله تعالى: {السَّمَاء مُنْفَطِرٌ بِهِ} على اعتبار أن “السماء” اسم جنس جمعي، مفرده: سماءة.

…..

أما تأنيث عامله فكان الكلام عليه باب “الفاعل جـ2 ص 74 طبعة 3 وما بعدها، م 66 ثم “ا” ص 82 من الزيادة والتفصيل، بعد تلك الصفحات”.” النحو الوافي (1/ 22)

وبناء على هذا النصّ يؤكد النحو الوافي أن هذا النوع من الأسماء – اسم الجنس الجمعي- يجوز تأنيثه حملا على معنى الجماعة، فيجوز تأنيث عامله أي فعله المسند إليه، وتأنيث وصفه وحاله وخبره والضمير العائد عليه والإشارة إليه بالمؤنث أيضا.

ومن هنا يتضح من جديد صحة وفصاحة كل الفقرات المعترض عليها في هذا الصدد من كلام المسيح الموعود عليه السلام.