المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود عليه السلام العربية..194

تحقيق وتسهيل الهمزة في لغة الإمام الشافعي رحمه الله

الاعتراض:

يدّعي المعارضون أن المسيح الموعود عليه السلام، قد أخطأ في كتابة الهمزة في الفقرات التالية:

1: فقُتلنا أو صُلبنا أو أُجلئنا تاركين أوطاناً ومتغرّبين (ترغيب المؤمنين، باقة، ص 160). الصحيح: أُجلينا.

2: ويُحَمْلِقون إلى من قال قولاً يخالف آراءهم، ولو كان يواخي آباءهم (لجة النور، ص 15). الصحيح: يؤاخي.

3: يُظهرون على الإخوان شَباءةَ اعتدائهم (تحفة بغداد، باقة، ص 24). 4: بل تجاوزوا الحد في شباءة الاعتداء (نور الحق، ص 62).

5:  ولكن ما خلا قوم من قبل في شباءة اعتدائهم (لجة النور، ص 15).

فكان الصحيح وفق زعم المعارضين أن يقول المسيح الموعود عليه السلام أُجلينا بدلا من أجلئنا، ويؤاخي بدلا من يواخي، وشباة بدلا من شباءة، إذ وفق زعمهم لا وجود لكلمة شباءة في اللغة العربية، بل هي كلمة شباة التي تعني (إبرة العقرب) ، وقالوا في شأن هذه الكلمة:

“إضافة الهمزة تدل أن الرجل لا يعرف الكلمة بالعربية جيداً، وإلا فلا وجود لكلمة شباءة. وبعد أن أخطأ الميرزا فيها ثلاث مرات في كتبه عاد في كتاب في عام 1903 فصحّحها، أو أن المدّققين صحّحوها، فقال: “وسَنَتْ نارُ محبّتهم، وعدِمتْ شباةُ نفوسهم” (سيرة الأبدال، ص 19)”

الرد:

أثبتنا في المقال السابق أنه لا خطأ في كل هذه العبارات، بل هي عبارات صحيحة فصيحة. وقد أثبتنا ذلك بكون هذه العبارات تندرج تحت لغات القبائل العربية القديمة، التي قد تخيرت بعض منها النبر وتحقيق الهمزة وإثباته في الكلام، بينما اختارت القبائل الأخرى تسهيل الهمز أو قلبه أو حتى حذفه. وكل هذا منعكس في القراءات القرآنية انعكاسا واضحا، يكشف عن اختلاف اللغات العربية لدى القبائل المختلفة في مسألة تحقيق الهمز وتخفيفه. (يُنظر : مظاهر الإعجاز 193  على لارابط التالي: https://wp.me/pcWhoQ-5et )

ومن الشواهد الإضافية التي وجدناها على صحة عبارات المسيح الموعود عليه السلام، هو ورود هذه الأساليب من تحقيق وتخفيف الهمز وحذفه أيضا في لغة الإمام الشافعي، وقد جاء هذا في العبارات التالية من رسالة الشافعي:

1: فحُرِّمتْ، مثلُ الذَّهَبِ بِالذهبِ إلا مِثْلاً بِمِثلٍ، ومثلُ الذهب بالوَرِق وأحدُهُما نَقْدٌ والآخر ((نَسِيَّةٌ)) ..[ الرسالة للشافعي (1/ 174)]

وعلق أحمد شاكر محقق الرسالة في الهامش عن كلمة (نسيّة) وقال:

“هكذا ضُبطت، في الأصل بتشديد الياء وبدون همزة، وهي (النسيئة) بالهمزة. وتسهيلها جائز معروف، كما في (خطيئة، خطيّة) ، وقد قرأ ورش وأبو جعفر”إنما النسيُّ” (سورة التوبة 37) بتشديد الياء من غير همز”

وقد تكررت هذه الكلمة في رسالة الشافعي في المواضع التالية:

2: سمعت “ابن عباس” يقول: أخبرني “أسامة بن زيد” أن النبي قال: ” إنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيَّةِ.. [الرسالة للشافعي (1/ 278)]

3:فقال: ” إنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيَّةِ “، أو تكونُ المسألة سبقَتْهُ [الرسالة للشافعي (1/ 280)]

4: لا ربا في بيعٍ يداً بيد، إنما الربا في النسِيَّة. [الرسالة للشافعي (1/ 280)]

ومن الأمثلة الأخرى:

5: ” فرَوَى “ابن مسعود” عن النبي: ” أنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُهُمْ السُّورَةَ مِنَ القُرَآن “، فقال في ((مُبْتَدَاهُ)) ثلاث كلماتٍ: ” التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ “، فَبِأيِّ التشهد أخَذْتَ؟ [الرسالة للشافعي (1/ 267)]

وعلق أحمد شاكر في الهامش على كلمة (مبتداه) قائلا:

“في النسخ المطبوعة (مبتدئه)، وما هنا هو الذي في الأصل، ويصح قراءته بتسهيل الهمز، ويصح أيضا بإثباتها وكسرها، إذا كان على رأي من يكتبها على الألف في هذه الحال.”

6: عن “سعد بن أبي وقاص”: ” أنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ((سُئِلَ)) عَنْ شِرَاءِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ؟..[ الرسالة للشافعي (1/ 332)]

وعلق محمود شاكر على كلمة (سُئل) بقوله:

“(سُئل) رسمت في الأصل (سُيل) ..والذي في الأصل ما أثبتناه، والآخر مطابق للموطأ، واختلاف الحديث، ونسخ الرسالة المطبوعة، ونسخة ابن جماعة”

7: إذا شَرِكَ أهلَ الحفظ في حديث وافَقَ حديثَهم، ((بَرِيًّا ))مِنْ أنْ يكونَ مُدَلِّساً، [الرسالة للشافعي (1/ 371)]  كتبها بريّا بدلا من بريئا.

8: ولعله ذهب إلى أن النبي أمر في سَبيْ أوطاسٍ أن ((يُسْتَبْرَينَ)) قبل أن ((يُوطَينَ)) بحيضة.. [الرسالة للشافعي (1/ 564)]

وعلق أحمد شاكر:

” (يستبرين ويوطين) رسمتا هكذا في الأصل وابن جماعة، ورسمتا في النسخ المطبوعة (يستبرأن) و(يوطأن) بالهمزة. والذي في الأصل على تسهيلها  فتكتب وتنطق ياء.”

وبالأخذ بعين الاعتبار ان الإمام الشافعي حجة في اللغة، فتكون هذه العبارات دليلا ساطعا على صحة عبارات المسيح الموعود عليه السلام، التي يعترض عليها المعارضون. فلا خطأ فيها قطّ.