المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود عليه السلام العربية ..298

تمييز الأعداد ثلاثة إلى عشرة بالمفرد ..3

موافقة مجمع اللغة المصري على نهجنا في التوجيه

كان قد اعترض المعارضون على الفقرات التالية، وما شابهها، من كلام المسيح الموعود عليه السلام:

1:يموت بعلها وأبوها إلى ثلاث سنة (كرامات الصادقين).

2: أعني وقت العصر الذي هو ثلاث ساعة من الأيام المتوسطة. (الخطبة الإلهامية).

3: وأَشهِدْ عليه عشرةَ عَدْلٍ من الرجال”. (حجة الله، باقة، ص 124).

وجاء الاعتراض لكون تمييز العدد في هذه الجمل مفردا وحقه أن يكون جمعا.

وقد أثبتنا في مقالات سابقة (مظاهر الإعجاز 41 و42)  بأن هذا الأسلوب في كلام المسيح الموعود عليه السلام، ليس هو بعصيّ عن التوجه، ولا هو بأبيّ عن الإنقياد للغة العربية وعبقريتها، في سَعتها ومرونتها ورحابة صدرها. وقد وجّهنا كل هذا على توجيه أساسي، وهو حمل هذه الكلمات المفردة على معنى الجمع كما هو فاش في اللغة.

ولم يكن رأينا هذا رأيا متسرعا ولا فطيرا، بل نتيجة بحث وفحص وتمحيص، قادنا إلى كل ما قلناه. وها نحن في هذا الموضوع -كغيره- نَجِدُنا مُحتَذين نهج مجمع اللغة العربية وأفذاذه العلماء الأجلّاء ذوي النظر الخارق والرأي الثاقب في أصول اللغة.

حيث جوّز مجمع اللغة العربية المصري على نفس هذا النهج والتوجيه، إفراد تمييز الأعداد من ثلاثة إلى عشرة، حين يكون التمييز لفظ المليون ومضاعفاته، كالمليار والبليون؛ أخذًا بهذه الألفاظ على أنها مفرد بمعنى الجمع، وهو عين ما قلناه في الكلمات:سنة، ساعة، وعدل؛ فكلها مفردة على معنى الجمع، قياسا على لفظ المئة، الذي يكون عادة مفردا في تمييز هذه الأعداد. فنقول : ثلاثمئة، أربعة مليون، خمسة مليار، ستة بليون، وهكذا… فنقول: ستّ سنة، ثلاث ساعة وعشرة عدل.

وقد جاء قرار المجمع هذا معتمدا على أراء النحاة ومن بينهم الآراء التالية:

1: سيبويه: وأما ثلاثمائة إلى تسعمائة فكان ينبغي أن تكون في القياس مئين أو مئات، ولكنهم شبهوه بعشرين وأحد عشر، حيث جعلوا ما يبيَّن به العدد واحدا لأنه اسم لعدد كما أن عشرين اسم لعدد. وليس بمستنكَر في كلامهم أن يكون اللفظ واحدا والمعنى جميع.

2: جاء في حاشية الخضري على شرح ابن عقيل: ولا تضاف (الأعداد 3-10)  لمفرد إلا في نحو ثلاثمئة لأن المئة جمع في المعنى إذ هي عشر عشرات فتطابقها في الجمعية.

(يُنظر لكل هذا “في أصول اللغة” ،ج 5، ص 191 و ص200-201) .

وما يهمنا في كل هذا التوجيه، هو حمل الألفاظ المفردة (مليون، بليون، مليار) على معنى الجمع؛  لتجويز كونها تمييزا للأعداد 3-10. فهو عين ما ذهبنا إليه في حمل الألفاظ: سنة وساعة وعدل، على معنى الجمع في كونها تمييزا لهذه الأعداد.

ومن  كل هذا، وبناء على نهج المجمع المصري، يثبت صحة ما ذهبنا إليه في توجيهاتنا هذه؛ ليندفع من جديد اعتراض المعترضين ،بناء على آراء جهابذة اللغة القابعين في هذا المجمع.