# المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود ع العربية..78

(ملحوظة: من يشق عليه قراءة المقال كله بإمكانه بعد المقدمة الانتقال إلى النتيجة والخلاصة مباشرة)

نكتة الخلط بين أم التعيينية وأو التخييرية ..3

جواز العطف بـ (أو) في كل حالة جاز بها الاقتصار على أحد الأمور التي بعد الهمزة.

الاعتراض:

يقول الاعتراض إن المسيح الموعود عليه السلام يخطئ في استعماله لأحرف العطف (أم) و (أو)، ويخلط بينهما في الاستفهام الذي مطلبه التعيين.

فـ (أم) يُؤتى بها في الاستفهام بمعنى (أيهما؟)، والجواب عليها بتعيين أحد الأشياء المسؤول عنها. بينما (أو) يُؤتى بها في الاستفهام بمعنى: “أأحد هذه الأمور وقع وحصل” والجواب عليها بــ: (نعم أو لا).

إلا أن المسيح الموعود عليه السلام، ورغم هذه القاعدة، يستعمل (أو) لطلب التعيين في الكثير من المواضع بدلا من (أم).

وقد عدّد المعارضون بناء على هذا ما يقارب الأربعين خطأ مزعزما من كلام المسيح الموعود عليه السلام، استعملت فيها (أو) بدلا من (أم) لهدف التعيين. كمثل الفقرة التالية: وما بقي لكم حس ولا حركة ولا أنتم تتنفسون؟ أأنتم نائمون أو ميتون؟ (التبليغ، ص 28).

الردّ:

المقدمة:

أولا، لا بدّ لنا أن ننبّه هنا إلى خطأ المعترضين في تسميتهم ل (أو) الواردة في مثل هذه العبارات، إذ يقولون بأنها (أو) التخييرية؛ وهذا بحد ذاته خطأ فادح، خاصة إذا كان صدر ممن يحمل شهادة عليا في اللغة العربية، وليست أي شهادة بل شهادة ماجستير.

فـ  (أو) الواردة في مثل العبارات التالية:

  • أأنتم نائمون أو ميتون؟
  • المعترضون نائمون أو ميتون!

ليست هي (أو) التخييرية بل (أو) التشكيكية، أو (أو) التي تفيد الشك، وذلك لأن (أو) تُسمى بالتخييرية إذا كانت في سياق الأمر والنهي فقط، كأن نقول: إضرِب زيدًا أو خالدًا! فهذه الـ  (أو) تمنح الخيار بين ضرب زيد أو ضرب خالد، فتسمى بالتخييرية.

أما (أو) التي تأتي في سياق الإخبار كما في الجملة الثانية، والتي تأتي في سياق الاستخبار (الاستفهام)  – كما في الجملة الأولى- فهي (أو) التي للشك؛ حيث إن المخبِر أو السائل يشك في كون المعترضين نائمين أو ميتين.  كما يُثبت ذلك النحو الوافي في سياق حديثه عن معاني (أو) في النص التالي :

“فمن معانيه: “الإباحة”، و”التخيير”. بشرط أن يكون الأسلوب قبلهما مشتملًا على صيغة دالة على الأمر. ”

ويفسر هذا الاقتصار على الأمر في الهامش ويقول:

“سبب الاقتصار على “الأمر” أن الإباحة والتخيير لا يتأتيان في الاستفهام ولا في باقي الأنواع الطلبية -على الرأي الراجح- وفي كثير من المراجع: “الطلب”. بدلًا من “الأمر”، لكن في حاشية ياسين ما يمنع هذا. ولا فرق بين معنى الأمر الذي تدل عليه صيغة فعل الأمر والذي تدل عليه أداة أخرى؛ مثل: لام الأمر الداخلة على الموضوع. ولا فرق كذلك بين الأمر الملفوظ والملحوظ –..” (إ.هـ) { النحو الوافي (3/ 603)}

إذن، فخلاصة الكلام أن (أو) الواردة في عبارات المسيح الموعود عليه السلام، والتي يعترض عليها المعترضون، ليست هي بــ (أو) التخييرية كما ظن المعارضون بل هي (أو) التي تفيد الشك.

وهنا لا بدّ لنا أن نسأل السؤال التالي: إذا كان ماجستير لغة عربية يجهل هذه الأمور ويخلط بين (أو) التخييرية و (أو) التشكيكية؛ أيحق له أن يدلي بأي اعتراض في هذا الشأن!؟

ولكن بغض النظر عن المسميات “والشخصنة”، سنركز البحث في لبّ وجوهر الاعتراض، والذي ملخصه أنه وجب على المسيح الموعود عليه السلام استعمال (أم) التعيينية بدلا من (أو) التشكيكية في العديد من الجمل، لأنه يطلب فيها التعيين ولا يصح استعمال (أو) فيها.

لقد أسلفنا في المقال السابق أن طلب التعيين أو عدمه في هذا النوع من الاستفهام، الذي يحوي العطف بالحرف (أم) و (أو) متعلق أولا وقبل كل شيء نية الكاتب كما يقرّ به المعارضون في اعتراضهم دون وعي لما يقولون.

فإن كان السائل يقرّ ويجزم بقدوم أحد الشخصين، ولكن لا يعرف أيهما الذي قدم، وأراد تعيين القادم منهما، سأل: أزيد قدم أم عمرو؟. بمعنى أيهما؟ ويجاب بأحد الاسمين.

أما إذا لم يجزم ولم يقرّ السائل بقدوم أحدهما وأراد أن يعرف إن قدم أحدهما سأل: أقدم زيد أو عمرو؟ فيجاب بنعم أو لا ؛ كما ويجوز الإجابة بالتعيين، لأن التعيين يحوي الجواب وزيادة عليه. فإن أجيب: “زيد” فهو بمعادلة الجواب: “نعم، والقادم زيد”. (يُنظر المظاهر الإعجازية 77)

وبعد البحث والتحري في هذه المسألة، ونظرا لكون القضية متعلقة بنية السائل، نجد بأنه في مثل هذا الاستفهام يحق للكاتب أو السائل أن يعطف ب (أم) أو بـ (أو) كما يشاء وكما يحلو له، في كل الاحوال التي يجوز فيها الوقف واقتصار السؤال على أحد الأمور الواردة بعد همزة الاستفهام أو (هل) ؛ لأنه في مثل هذه الأحوال لن يكون القصد التعيين، بل التشكيك في وقوع هذه الأمور، وطلب الإجابة عليها بــ: نعم أو لا.

فعلى سبيل المثال: إذا قلنا: أأنتم نائمون أو ميتون؟

من الممكن اقتصار السؤال والوقف على أيٍّ مما سُؤل عنه كما يلي: أأنتم نائمون؟ فيكون جوابه بـ: نعم أو لا . أأنتم ميتون؟ فيجاب عنه بـ:نعم أو لا. ويكون السؤال أأنتم نائمون أو ميتون؟ دمجا للسؤالين في سؤال واحد، يطلب فيه الإجابة بنعم أو لا.

حيث إن نيّة السائل ليست طلب التعيين بل الاستخبار إن كان حدث أحد هذه الأمور، فيسأل عن حدوث كل واحد منها في سؤال واحد.

وأما إذا كانت نيّته التعيين، فلا يجوز العطف بـ (أو) بل وجب بـ (أم) ومثال ذلك:

أزيد أفضل أم خالد؟

ففي هذا السؤال لا يمكن استعمال (أو) لانه لا يجوز الوقف على أحد الأمور الواردة بعد أداة الاستفهام، فلا يصح القول أزيد أفضل؟ لأنه لا إمكانية من هذا السؤال سوى التعيين بين زيد وغيره، إذ السؤال بمعنى أيهما؟ فلا يجوز الوقف هنا على واحد منهما، فكان لا بد من إكمال السؤال حتى يكتمل المعنى، وذلك باستعمال أداة التعيين (أم) وإيراد الاسم الآخر “خالد”.

فباختصار، في كل حالة جاز أن يُفهم السؤال على غير معنى “أيهما؟” جاز العطف بـ  (أو)، إذ جاز للسائل أن ينوي من سؤاله غير التعيين، بل الاستخبار عن حدوث أحد الأمور أو الكينونات التي يسأل عنها، فإن سأل: أأنتم نائمون أو ميتون؟ فإنه لا يطلب التعيين بين النوم والموت، بل يقصد أَحَدث شيء من هذين الأمرين؟ والإجابة تكون بـ: نعم أو لا ؛ وكأنه سأل سؤالين منفصلين في سؤال واحد، وعطفهما على بعضهما البعض: أأنتم نائمون؟ أو أأنتم ميّتون؟.

كل ذلك وفق البحث والتفصيل الآتيين..

البحث والتفصيل:

أثر السياق ونيّة الكاتب أو السائل في اختيار العطف بــ (أم) و (أو):

عن أثر السياق ونيّة الكاتب في هذا الأمر، تقول الدكتورة إيهاب عبد الحميد عبد الصادق سلامة في رسالتها للدكتوراة وشرحها لما جاء في كتاب سيبويه، فتقول:

“و«أم» بهذا تختلف عن حرف العطف «أو» عندما نقول: «ألقيت زيدا أو عمرا أو خالدا، وأعندك زيد أو خالدٌ أو عمروٌ، كَأَنَّك قلت: أعندك أحدٌ من هؤلاء، وذلك أنّك لم تدَّع أَنَّ أحدًا منهم ثُمَّ») (2). فهنا المُتَكَلِّم ليس على علم بـ «لقاء أو وجود» أحد هؤلاء الثلاثة من الأصل ولا يطلب تعيين اللقاء أو الوجود لأحد هؤلاء الثلاثة، بل الجملة استفهام عن مجرد كينونة اللقاء أو الوجود.

((وعلى هذا فَإِنَّ سياق الكلام يتدخل في اختيار المُتَكَلِّم لحرفي العطف «أم» أو «أو»،)) يقول سيبويه: «وتقول: أتجلس أو تذهب أو تحدثنا، وذلك إذا أردت هل يكون شيءٌ من هذه الأفعال. فأمَّا إذا ادَّعيت أحدهما فليس إلاَّ أتجلس أم تذهب أم تأكل، كأنَّك قلت: أيَّ هذه الأفعال يكون منك») .

ويقول في نصّ ثان: «ولو قلت: لأضربنَّه أذهب أو مكث لم يجز، لأَنَّكَ لو أردت معنى أيهما، قلت: أم مكث، ولا يجوز لأضربنَّه أمكث») (4). {قرينة السياق ودورها في التقعيد النحوي والتوجيه الإعرابي في كتاب سيبويه (ص: 250)}

 

  • نلحظ أن معنى العطف بـ (أو) في الاستفهام هو ” أَحَدثَ أو أيحدث شيء من هذه الأمور أو الكينونات؟” بحيث تكون النية عدم الجزم بوقوع أي منها. والجواب عليها: بنعم او لا.
  • للسياق ونية الكاتب دور فصل في جواز استعمال (أم) و (أو) للعطف.
  • فنفس الاستفهام ممكن أن يُعطف فيه بـ (أم) إن كانت النية للتعيين، وإن لم تكن للتعيين بل كانت على معنى: هل يكون شيء من هذه الأمور؟جاز العطف فيه بـ (أو).
  • إذا اقتصر المعنى على إمكانية السؤال بـ (أيهما؟) لم يجز استعمال (أو) للعطف. إذ في مثل هذه الحالة لم يجز الاقتصار والوقف على أحد الأمور المسؤول عنها مثلا: لأضربنه أمكث؟

لزوم العطف بـ (أم) إذا اقتصر الكلام على معنى التسوية فقط. أي جواز العطف بـ (أو) فيما عدا ذلك.

يوجز لنا هذه المسألة الدكتور بهاء الدين عبد الرحمن  في أرشيف مندى الفصيح  حيث يقول:

“لزوم (أم) يقتضيه معنى (سواء) فالتسوية لا تكون إلا بين شيئين أو أكثر فحيث جاز الاقتصار على أحد الأشياء بعد الهمزة جاز (أو) وجاز (أم)؛ فإذا لم يجز الاقتصار على أحد الأشياء بعد الهمزة وجب (أم)، لذلك وجب بعد سواء ولا أبالي (أم) أما بعد ليت شعري فيجوز أم وأو، وبعض النحويين يسوي بين لا أبالي وليت شعري وليس كذلك، لأن ليت شعري يجوز بعده الاقتصار على شيء واحد، فيجوز أن تقول: ليت شعري أأبيتن ليلة بوادي القرى، كما تقول: ليت شعري هل أبيتن ليلة بوادي القرى. ومن ثم جاز: ليت شعري أحضر زيد أو ذهب عمرو، ويجوز أم، بخلاف سواء ولا أبالي.”

ولقد أثبتنا في مقال سابق ما ينقض الجزء الثاني من كلام الدكتور بهاء الدين، حيث يجوّز بعض العلماء وبقرار من مجمع اللغة العربية في القاهرة أيضا العطف بـ (أو) بعد همزة التسوية دائما ودون قيد أو شرط. (يُنظر المظاهر الإعجازية 76).

ولكن ما يهمنا بقول الدكتور بهاء الدين هو جزؤه الأول، حيث يقرّ أن لزوم العطف بـ  (أم) يقتضيه معنى التسوية، والتسوية لا تكون إلا بين شيئين او أكثر، فحيث جاز الاقتصار على أحد الأشياء بعد الهمزة جاز (أو) وجاز (أم). وإذا لم يجز الاقتصار على أحد الأشياء بعد الهمزة وجب (أم).

نمثل لذلك بما لي:

  • إذا قلنا: ما أدري أجاء عمرو أم ذهب! فيجوز الاقتصار على أحد ما ذكر بعد الهمزة كأن نقول: ما أدري أجاء عمرو؟ فلذا جاز هنا العطف بـ (أم) طلبا للتعيين. وجاز العطف بـ (أو) على معنى: ما ادري أَحَدَثَ شيء من هذين؟ فيُجاب: بنعم أو لا.
  • وإذا قلنا: ما أدري أخالد أفضل أم عمرو؟ فلا يجوز اقتصار الكلام على احد ما بعد الهمزة، لأن الكلام بمعنى: (أيهما؟) ولا يحتمل إمكانية أخرى، قلا يجوز القول: ما أدري أخالد أفضل؟ فلذا، لا يمكن العطف هنا إلا بـ (أم)، ولا يجوز بـ (أو).

وهذا مثيله في الاستفهام، إذ إن وجوب العطف بـ (أم) عند طلب التعيين في مثل قولنا: أجاء عمرو أم خالد؟ قد جاء لاستواء الحُكم والفعل على كلا الشخصين ، فالسائل يعرف أن أحدهما قد جاء واستوى أمرهما عنده، إلا انه يطلب التعيين، أيهما الذي وقع منه الفعل؟، ونظرا لمعنى التسوية والمساواة في الحُكم كان لا بدّ من السؤال بـ  (أم) التي للتعيين.

وهذا ما يؤكده  ابن الوراق في كتابه “علل النحو” حيث يقول:

وَاعْلَم أَن (أم) لما دَخلهَا معنى التَّسْوِيَة بَين الشَّيْئَيْنِ فِي الْجَهَالَة، نَحْو قَوْلك: أَزِيد عنْدك أم عَمْرو؟ فَلَمَّا سَاغَ فِيهَا هَذَا الْمَعْنى، جَازَ أَن يستعان فِي كل مَوضِع أردنَا فِيهِ التَّسْوِيَة بَين الشَّيْئَيْنِ،..” {“علل النحو” (ص:455- 454) }

فنستخلص من هذا؛ أنه سواء في الاستفهام أو في الإخبار الذي يأتي على صيغة الاستفهام مسبوقا بكلمات لا ادري/ ولا أعلم/ وليت شعري وما شابهها، أينما جاز الاقتصار والوقف على أحد ما بعد الهمزة، جاز العطف بـ  (أم) على معنى: (أيهما؟) طلبا للتعيين، فيكون قد أقرّ السائل بحدوث أحد الأمرين. وجاز كذلك العطف بـ (أو) على معنى الشك في حدوث أيّ مما ذُكر بعد الهمزة، أي على معنى: أحدث شيء من هذين/ هذه؟ فيكون السائل هنا  لم يقرّ ولم يضمر في نيته وقوع أحد الشيئين. فالأمر متعلق في رغبة السائل وما يريده وينويه في سؤاله.

إنطباق هذه القاعدة على الإخبار الذي بصيغة الاستفهام.

وفيما يلي نورد الشواهد المؤكدة على هذه القاعدة من أقوال سيبويه والسيرافي والفارسي وغيرهم من جهابذة النحو، ونذكر بعدها الاستنتاجات منها:

جاء في كتاب معاني النحو للدكتور فاضل صالح السامرائي ما يلي:

  • السؤال بـ (أم) يقصد به التعيين ولا يقصد بـ (أو) ذلك، فإنك إذا قلت (أمحمد عندك أم خالد) كان المعنى أيهما عندك؟ ويكون الجواب (محمد) مثلا، وذلك أن السائل يعلم، أن أحدهما عنده ولكن لا يعلم من هو؟

وإذا قال: (أمحمد عندك أو خالد) كان المعنى: أعندك واحد منهما؟ فيكون الجواب (نعم) أو (لا)، وهكذا أبدا يكون تقدير (أم) بـ (أيهما) و (أو) بـ (أحدهما). قال تعالى: {هل ينصرونكم أو ينتصرون} [الشعراء: 93]، وقال: {هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا} [مريم: 98]، وقال: {قال هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون} [الشعراء: 72، 73]، والجواب (لا)، وهكذا أبدًا. {معاني النحو (3/ 255- 256) }

الاستنتاج:

  • نفس الاستفهام قد يُراد به التعيين أو التشكيك، فيُسأل بالعطف بـ (أم) أو بـ (أو).
  • فإن جاز الجواب: بنعم أو لا؛ أو جاز التقدير لـ (أو) بـكلمة “أحدهما ” كان الكلام والاستفهام صحيحا، ويُرتجى منه الإجابة: بنعم أو لا .
  • نلاحظ في الآية الاستفهام (هل يضرونكم أو ينفعون) وهي سؤال عن الشيء ونقيضه، والتي ممكن أن تفهم لأول وهلة أنها سؤال للتعيين، ولكن لا نيّة للتعيين هنا، ولا جزم بحدوث أي منها، بل المعنى (هل يحدث شيء من النفع أو الضر)؟ والجواب: (لا).

 

ومن الجدير ذكره ما أورده النحو الوافي من تجويز سيبويه العطف بـ (أو) بعد همزة التعيين إذا سبقتها الكلمات التالية لا أدري/ لا أعلم/ وليت شعري؛ وما بمعناها؛  حيث جاء:

” سبقت الإشارة ..على أن الهمزة الواقعة بعد: “لا أبالي” هي للتسوية بخلاف الواقعة بعد: “لا أدري، أو لا أعلم، أو ليت شعري” فإنها للتعيْين على الأرجح، وأن سيبويه يجيز العطف بأوْ وأمْ بعد هذه الألفاظ إذا سبقتها الهمزة”. {النحو الوافي (3/ 596)}

وعن سبب هذا التجويز جاء في كتاب “شرح كتاب سيبويه” لأبي السعيد السيرافي، مفسرا أقوال سيبويه بما يلي:

  • وتقول: ما أدري أقام أو قعد؟ إذا أردت أنه لم يكن بينهما شيء، كأنه قال: لا أدعي أنه كان في تلك الحال قيام ولا قعود أي لم أعدد قيامه قياما يستبين لي قعوده بعد قيامه. وهو كقول القائل: تكلم ولم يتكلم.

ويفسر السيرافي هذا:

….قول سيبويه: ” قام أو قعد ” إذا أردت أنه لم يكن بينهما شيء، كأنه يقول: لا أدعي أنه كان منه في تلك الحال قيام ولا قعود: أي: لم أعدد قيامه قياما ولم يستبن قعوده قعودا صار بمنزلة: ما لا قيام يعرف له ولا قعود، فكأنه قال: ما أدري أكان أحد هذين؟

وإذا أيقن بكون أحد الأمرين منه وشكّ فيه عينا. قال: ما أدري أقام أم قعد؟ وهذا قد علم أن أحد الأمرين كان منه ولا يعرفه بعينه. {شرح كتاب سيبويه (3/ 413- 411) }

وجاء تفسير هذا في كتاب “المسائل البصريات”  لأبي العلي الفارسي النحوي حيث قال:

“مسألة 85: قال [أبو علي]: “ما أدري أقام أو قعد” تجري بـ[“أم” دون “أو”] ….أن “أمْ” إنما تقع إذا كنت مدعياً أحد الفعلين، فإذا أوقعت “أو” هنا فقلت “أو قعد” فهنا في الحقيقة أحد الأمرين معلوم ثابت إلا أنه أجرى عليه لفظ “أوْ” فجعله وإن كان كائناً بمنزلة ما لم يكن فكأنه قال: لا أدعي واحداً منهما كما أنه إذا قال: “أقام أو قعد” لا يكون مدعياً لوقوع واحد منهما، فجرى مجرى قولك “تكلمت ولمْ تتكلمْ” فهذا ليس أنك ناقضت في كلامك فنفيت ما أوجبت، ولكن لم تعتمد بالكلام لقلته، أو لأنه لم يسد المسد الذي أريد به……...

وأما قوله: “ما أدري أأذّن أو أقام” فالقياس فيه “أمْ”: لأن هنا فعلاً مثبتاً متيقناً إلا أنه أجرى عليه “أوْ”؛ لأنه لم يعتد به فنزله بمنزلة ما لم يعلمه، كقولك: “تكلم ولمْ يتكلمْ”، وفي الكتاب:

298 – نجا سالمٌ والنفسُ منه بشدقهِ … ولم ينجُ إلا جفن سيفٍ ومئزرا

فلهذا جاز هذا بـ “أوْ”، ولم يُرِدْ هذا المعنى، فجاز كما جاز “قد علِمْتُ أقام زيدٌ” فكما جاز “علمتُ أقام زيدٌ” كذلك يجوز “ما أدري أقام أو قعد” وكذلك: “ليت شعري”.” {المسائل البصريات (1/ 712-715)}

وجاء شرح لهذا في كتاب “التعليقة على كتاب سيبويه” لأبي علي الفارسي ما يلي:

“قال: وتقول: ما أدري أقام زيدٌ أمْ قعَدَ إذا أرَدْتَ أنّه لم يكنْ بينهما شيءٌ.

تقول: لا أدّعي أنّه كان منه في تلك الحال قيامٌ ولا قُعودٌ.

قال أبو علي: إذا قال: لا أدري أقامَ أمْ قَعَدَ، وأراد أنْ يصِفَ أنَّ فعلَه لمْ يطُلْ، كأنّه ساعةَ قامَ قَعَدَ، أوْ ساعة قَعدَ قام، فإنّه قد عَلِمَ مِن المخْبَرِ عنهُ فعلٌ، كما أنّه إذا قال: ما أدري أقامَ أو قعدَ، فقدْ عَلِمَ منه فعلٌ مِنْ أحدِ هذين، وإنّما يسألُ تعيينُ أحدِهما، إلاّ أنّه لَمّا كان قليلاً جَعَلَه بمنزلة ما لم يكنْ ولم يُعْلَمْ، فاسْتفهمَ عنه بأوْ، وإنْ كان أحدُ الفعليْن فيه بأوْ معلومًا فقد عُلِمَ هنا أحدُ الفعلَيْن، كما عُلِمَ فيما يُسْتَفْهَمُ عنه (بأمْ) أحد الفعلين، إلاّ أنّه لِقِلّتِه جُعلَ بمنزلة ما لم يُعْلَمْ، ويَدُلُّك على أنّ أحد الفعلين هنا معلومٌ أنّك إذا قلتَ: (تَكَلَّمْتَ ولم تكلَّمْ) فقدْ كان منه كلامٌ معلومٌ، إلاّ أنّه لمّا لم يبلغ المراد منه، ولم يُعَدَّ كلامًا، لم يُعَدّ بأحدِ فعليه لَمّا لم يُبالغْ فيه فعلٌ.” (إ.ه) {التعليقة على كتاب سيبويه (2/  281-279) }

الاستنتاجات من هذه النصوص:

  • يجيز سيبويه العطف بـ (أو) بعد همزة الاستفهام إذا سبقتها الكلمات: لا أدري/ لا أعلم/ ليت شعري، وما بمعناها.
  • نلحظ في مثال سيبويه : لا أدري أقام أو قعد؟ أن القيام والقعود ضدان متناقضان، إلا أنه لا يطلب التعيين بينهما بل يسأل إن كان أحدهما حدث أو لا، وهو لا يجزم بحدوث أي منهما.
  • والسبب في ذلك ،كما يتضح في المثال “ما ادري أقام أو قعد” والمثال ” ماأدري أأذن او أقام”، فإنه رغم كون السائل يوقن بحدوث أحد الفعلين، وحري به أن يسأل عنهما بالتعيين باستعمال حرف العطف (أم)، إلا أنه ينزّل الفعل منزلة ما لم يحدث لسبب أو آخر ، كسرعة الفعل أو قلته فيكون بمنزلة ما لا يغني عن شيء ولا يُعتد به ولم يسد المسد الذي أُريد به، فيعتبر الفعلين كأنهما لم يحدثا، فيسأل عنهما بـ (أو) بمعنى : ما أدري أكان أحد هذين؟
  • إذن، للسائل حرية أن يدعي تيقنه من حدوث أحد الفعلين فيسأل بالتعيين، أو أن يدعي عدم تيقنه من حدوث أحد الفعلين فيسأل بـ (أو)، كما له الحق رغم تيقّنه من حدوث أحد الفعلين أن ينزّله منزلة ما لم يحدث لسبب أو آخر، لا يُعد له الفعل فعلا في الحقيقة فيسأل عنه بـ (أو).
  • هذه الأمور تنطبق على همزة الاستفهام إذا سبقها الكلمات التالية: لا أدري، ليت شعري، لا أعلم، وما في معناها؛ والتي فيها كلها جوّز سيبويه العطف بـ (أم) وب (أو) وفقا للتفسير المذكور أعلاه.
  • ولم يجوّز سيبويه العطف بـ (أو) بعد همزة التسوية الا اذا حُذفت، لذلك لم يجوز العطف بـ (أو) إذا سبقت الهمزة الكلمات (سواء) و (لا أبالي) وما بمعناها التي تفيد التسوية، لأنه وفق مذهبه لا يصح في هذه الاحوال اقتصار الكلام والوقف فيه على أحد الأمور التي بعد الهمزة، لأن معنى الكلام هو: (أيهما؟) مما يستدعي ذكر الأمرين.  رغم ذلك فقد أثبتنا في مقال سابق تجويز غيره من العلماء العطف بـ (أو) بعد همزة التسوية في جميع الأحوال وفق ما أقرّ به مجمع اللغة العربية القاهري. (يُنظر: المظاهر الإعجازية 76)
  • جاء تجويز سيبويه العطف بـ (أو) بعد هذه الكلمات: لا إدري/ لا أعلم/ وليت شعري وما بمعناها، لإمكانية ورودها على غير همزة التسوية، ولإمكانية الوقف بعدها على أحد الأمور المسؤول عنها كأن تقول: لا ادري أقام زيد؟
  • جاء تجويز سيبويه للعطف بأو بعد همزة التعيين هذه، رغم أن معنى الكلام ومطلبه التعيين، وهو يقرّ بوقوع أحد الفعلين، إلا أنه ينزّله منزلة ما لم يحدث.

 

إنطباق هذه القاعدة على الاستفهام كما في الإخبار الذي بصيغة الاستفهام.

 

وعن جواز وانطباق كل هذا على الاستفهام  بالهمزة، يورد سيبويه في كتابه والسيرافي في شرحه ما يلي:

  • تقول: ألقيتَ زيدا أو عمرا أو خالدا؟ وأعندك زيد أو عمرو أو خالد؟ كأنك قلت: أعندك أحد من هؤلاء؟ وذلك أنك لم تدع أن واحدا منهم ثم

ألا ترى أنه إذا أجابك قال: ” لا ” كما يجيبك إذا قلت: أعندك أحد من هؤلاء؟  ……

وتقول: ليت شعري ألقيت زيدا أو عمرا؟ و ” ما أدري أعندك زيد أو عمرو؟

فهذا يجري مجرى: ألقيت زيدا أو عمرا؟

 

وإن شئت قلت: ما أدري أزيد عندك أو عمرو؟ فكان جائزا حسنا. كما جاز:

أزيد عندك أم عمرو؟   ….

وتقول: أتجلس أو تذهب أو تحدثنا؟ وذلك إذا أردت أن تقول: هل يكون شيء من هذه الأفعال؟

فأما إذا دعيت واحدا منها أنه قد كان قلت: أتجلس أم تأكل؟ كأنك قلت: أي هذه الأفعال يكون منك؟

وتقول: أتضرب زيدا أو تشتم عمرا؟ إذا أردت أن يكون شئ من هذه الأفعال.

وإن شئت قلت: أضربت زيدا أم تشتم عمرا؟ على معنى: أيهما؟

قال حسان بن ثابت:

ما أبالي أنت بالحزن تبيس … أم لحانى بظهر غيب لئيم؟ (1)

وتقول: أعندك زيد أو عندك عمرو أو عندك بشر؟ كأنك قلت: هل من هذه الكينونات شئ؟ فصار هذا كقولك: أتضرب زيدا أو تضرب عمرا أو تضرب خالدا؟

ومثل ذلك: أتضرب زيدا أو بشرا أو خالدا؟ “{ شرح كتاب سيبويه (3/ 422- 424) }

الاستنتاج:

  • يقول إن ما يجري على ليت شعري ألقيتَ زيدا أو عمرا؟ يطابق ويجري مجرى الاستفهام: ألقيت زيدا او عمرا؟
  • والتطابق سار في الوجوه التالية: 1- لم يدّع السائل لقاء أيٍّ من زيد أو عمر.2- المعنى على :ألقيتَ أحدهما؟ 3- يجوز الوقف والاقتصار على أحد ما بعد الهمزة كأن تقول: ألقيتَ زيدا؟ أو ألقيتَ عمرا؟
  • نفس السؤال ممكن أن يأتي بالعطف بـ (أم) أو بـ (أو)، وفق ما يضمره السائل في نيّته فإن أراد التعيين قال: أتاكل أم تجلس؟ على معنى :أيهما؟ وإن لم يقصد التعيين وقال: أتأكل أو تجلس؟ فمعناه : أيحدث أي من هذه الأمور أو الكينونات؟.

 

وأما عن ورود العطف بـ (أو) بعد أداة الاستفهام (هل) فقد جاء:

  • وقد يجوز أن تقول: هل عندك شعير أم بر على ” أم ” المنقطعة وهو استفهام بعد استفهام ومعناه غير خارج من معنى ” أو ” في هذا الموضع لأنك إذا قلت: ” أعندك شعير أو بر “؟ فأنت في التحصيل سائل عن كل واحد منهما شاك فيه طالب لمعرفته بسؤال واحد.

وإذا قلت: أعندك شعير أم بر؟ فأنت سائل عن كل واحد منهما بسؤالين لكل واحد منهما سؤال مفرد وكأنك قلت: أعندك شعير؟ أعندك بر؟

والدليل على ذلك: أنك إذا قلت: أعندك شعير أو بر؟ فالجواب أن يقال: ” نعم “ أو ” لا ” فيكون جوابا واحدا عن السؤال بعينه بأسره. كما يجاب عن قولك:

أعندك شعير أم بر؟ أو بر؟ أو قيل: أعندك شعير؟ أعندك بر؟ فلكل سؤال منهما جواب غير جواب الآخر.

ولهذا كان ” أو ” و ” أم ” متقاربا معناهما في قوله: ” أو هل وأم هل لامنى … “.

والذي بينهما من الفرق: أن ” أو ” من كلام واحد و ” أم ” من كلامين.

وقوله: ” هل تأتينا أو تحدثنا؟ بمنزلة: ” هل تأتينا؟ ” لأنه سؤال واحد.

فإذا قلت: ما أدري هل تأتينا أو تحدثنا؟ أو: ليت شعري هل تأتينا أو تحدثنا؟

فكأنك قلت: هل تأتينا؟ وسكت لأنها كلام واحد.

وفي دخول هل في: ليت شعري هل تأتينا؟

أو في: ما أدري هل تأتينا؟ حدوث معنى ” أخبرني ” أو ” أعلمني ” كما أن قولك:

هل تأتينا بمعنى أخبرني و ” أعلمني “.{شرح كتاب سيبويه (3/ 422)}

وجاء تفسير هذا في شرح أبات سيبويه للسيرافي حيث يقول:

 

“العطف بـ (أو)

قال سيبويه: (وتقول: ما أدري هل تأتينا أو تحدثنا، وليت شعري هل تأتينا أو تحدثنا، فـ (هل) هاهنا بمنزلتها في الاستفهام إذا قلت هل تأتينا أو تحدثنا). وإنما يريد أن (أو) يُعطف بها في هذه المواضع، لأنه قد يجوز الاقتصار على الكلام الأول لو قلت: ليتَ شعري هل تأتينا، جاز.

وقول سيبويه (فهل هاهنا بمنزلتها في الاستفهام) يريد أنك إذا استفهمت فقلت: هل تأتيني أو تحدثني، عطفت بـ (أو)، وأم لا تكون عاطفة لما بعدها – من اسم أو فعل – على ما قبلها، وإنما تكون (أم) عاطفة على ما بعد الألف، ولا يكون هذا في (هل).

ثم قال سيبويه: (فإنما دخلت (هل) هاهنا، لأنك إنما تقول: أعلمني، كما أردت ذلك حين قلت: هل تأتينا أو تحدثنا).

يريد: إنما تأتي بقولك (ليت شعري) وبعده (هل تأتينا) لأنك تريد: ليت علمي بالشيء الذي أستفهم عنه – إذا أردتُ استعلامه بقولي: هل تأتينا أو تحدثنا – واقعُ أو كائنْ وما أشبه ذلك. وهذا كثير في الكلام. ومثله: أعلمُ هل قام زيد، أي أعلم الشيء الذي تعلمه إذا استعلمت بقولك: هل قام زيد.

ثم قال سيبويه: (فجرى هذا مجرى قوله عزْ وجل (هل يسمعونكم إذ تدعون، أو ينفعونكم أو يضرون). وقال زهير:

(ألا ليت شعري هل يرى الناس ما أرى … من الأَمرِ أو يبدو لهم ما بدا ليا)” {شرح أبيات سيبويه (2/ 117- 116)}

الاستنتاجات:

  • يجوّز سيبويه العطف بعد هل بالحرف (أو) لجواز الوقف والاقتصار على الكلام الأول الذي بعدها كأن تقول: هل تأتينا؟ فيجاب بنعم او لا. فجاز هل تاتينا أو تحدثنا؟ نظرا للجواز الأول، حيث ليس في الاستفهام معنى “أيهما؟”
  • وهذا الجواز سائر في الاستفهام بـ (هل) أو بالإخبار بها إذا سبقها إحدى الكلمات لا أدري وليت شعري وأشباهها. لأن سيبويه يقرّ أن (هل) في هذه المواضع كلها بنفس المنزلة.
  • نلاحظ ان معنى “أعندك شعير أو برّ؟” هو كمعنى ” أعندك شعير؟ أو أعندك برّ؟” ولكنها دمجت في كلام واحد وسؤال واحد ، وجوابها “نعم” أو “لا” للسؤال كله. وهو مشابه للسؤال” أعندك شعير أم بر” بأم المنقطعة وليست التعيينية.

 

وفي هذا السياق يقول ابن السراج في كتابه “الأصول في النحو”:

و”أَوْ” تقوم مقامَ “أَمْ” مع هل وذلك لأنكَ لم تذكر الألف وأو لا تعادلُ الألفَ وذلك قولُهم: هَلْ عندكَ شعيرٌ أو برٌّ أو تَمرٌ؟ وهل تأتينا أو تحدثنا؟ لا يجوز أن تدخلَ “أَمْ” في “هَلْ” إلا على كلامين وكذلك سائر حروف الاستفهام وتقول: ما أدري هَل تأتينا أو تحدثنا؟ يكون في التسوية كما هو في الاستفهام”  آالأصول في النحو” (2/ 214)}

والاستنتاج :

  • مع (هل) لا بد من العطف بـ (أو ) سواء للتسوية او الاستفهام.
  • لا يمكن ان تأتي (أم) بعد هل في سياق التسوية، فهي إن دخلت بعد (هل)كانت بمعنى (أم) المنقطعة وليست المتصلة التي تفيد التعيين أو التسوية.

 

النتيجة والخلاصة:

  • العطف بـ (أو) و بـ (أم) بعد الاستفهام متعلق باختيار السائل وما يقرّه ويضمره في نيّته.
  • فإن اختار السائل أن يقرّ بوقوع أحد الفعلين أو الشيئين بعد همزة الاستفهام، وأراد تعيين أي منهما قد وقع، عَطَفَ بـ (أم) على معنى:أيهما وقع؟ وإن اختار أن لا يجزم ولا يقر بوقوع الفعلين أو الأمرين الواردين بعد الهمزة، وشك في وقوعهما، عطفَ بـ (أو) على معنى :أحَدَثَ شيء من هذين أو من هذه الأمور والكينونات؟.
  • يحق للسائل ان يختار تنزيل الفعل الذي حدث منزلة الفعل الذي لم يحدث، لسبب أو آخر، كأن يكون الفعل لا يُعتد به ولا يسد المسد الذي أُريد منه، فيُجري التسوية والتعيين مجرى العطف بـ (أو) كالقول: ما أدري أقام أو قعد! رغم ان قصده التعيين.
  • لزوم العطف بـ (أم) يقتضيه معنى التسوية بين الشيئين أو الأشياء المستفهَم عنها، فإن اقتصر الحديث على معنى التسوية بالاستفهام على معنى أيهما؟ أو أيها؟ لم يجز العطف إلا بـ (أم) . أما إذا جاز أن لا يقتصر المعنى على التسوية وعلى معنى “أيهما/ أيها”؛ جاز العطف بـ (أو) على معنى ” أحدث شيء من هذه الأمور”؟.
  • مفتاح هذه القضية يتعين في إمكانية الوقف والاقتصار على أحد الأمور الواردة بعد الهمزة، فإن جاز الاقتصار على أحدهما جاز العطف بـ (أو) وبـ (أم) لان المعنى في هذه الحال لا يقتصر على التسوية والاستفهام بمعنى أيها؟ اما إذا لم يجُز الوقف والاقتصار على أحد الأمور التي بعد الهمزة و (هل) لم يجز العطف إلا بـ (أم)، ففي هذه الحالة يقتضي المعنى التسوية التي لا تكون إلا بين شيئين أو أكثر ويكون معنى السؤال : أيهما/ أيها؟

نمثل لذلك بما لي:

  • إذا قلنا: أجاء عمرو أم ذهب! فيجوز الاقتصار على أحد ما ذكر بعد الهمزة كأن نقول: أجاء عمرو؟ فلذا جاز هنا العطف بـ (أم) طلبا للتعيين. وجاز العطف بـ (أو) على معنى: أحدث شيء من هذين؟ فيُجاب: بنعم أو لا.
  • وأما إذا قلنا: أخالد أفضل أم عمرو؟ فلا يجوز اقتصار الكلام على احد ما بعد الهمزة، لان الكلام بمعنى أيهما ولا يحتمل إمكانية أخرى، قلا يجوز القول: أخالد أفضل؟ لوجوب ذكر الذي بعده ؛ فلذا، لا يمكن العطف هنا إلا بـ (أم).
  • هذه القاعدة سارية على الاستفهام بهمزة الاستفهام وكذلك الاستفهام بـ (هل)، كما أنها سارية على الإخبار بصيغة الاستفهام إذا سبقت هذه الادوات الكلمات التالية: لا أدري/ لا أعلم/ ليت شعري أو ما كان بمعناها.
  • لا بد من التأكيد على تجويز سيبويه للعطف بـ (أو) بعد الاستفهام بالهمزة و (هل) إذا سبقها الكلمات لا أدري/ لا أعلم/ ليت شعري أو ما كان بمعناها.وذلك للاسباب التي ذكرناها أعلاه.
  • لا يمكن لـ (أم) أن تاتي بعد (هل) على معنى التسوية والتعيين؛ فهي إن اتت بعدها كانت بمعنى (أم) المنقطعة وليست المتصلة التي تفيد التعيين أو التسوية ، ولذا فإن العطف في الاستفهام والتسوية بعد هل يكون فقط بـ (أو).
  • إن مثل هذا العطف ب (او) في الاستفهام قد ورد في القرآن الكريم في الآيات التالية {هل ينصرونكم أو ينتصرون} [الشعراء: 93]، {هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا} [مريم: 98]، {قال هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون} [الشعراء: 72، 73]،
  • فجواز العطف بـ (أو) بعد الاستفهام يقتضي ان يتحقق فيه الأمور التالية:
  • 1- جواز الاقتصار على أحد الأمور المذكورة بعد الهمزة . 2- أن يكون السؤال بمعنى أحَدَث شيء من هذه الأمور؟.3- وحينها لا يقرّ السائل بوقوع أحد الأمور الواردة بعد الهمزة أو (هل)

وكمثال على هذا ، إذا سأل السائل : ألقيتَ زيدا او عمرا؟ 1- يجوز الوقف والاقتصار على احد ما بعد الهمزة كان تقول: ألقيت زيدا؟ او القيت عمرا؟ 2-  لم يدع ولم يقر السائل بوقوع لقاء اي من زيد او عمر.3- المعنى على :ألقيت أحدهما؟ فإن تحققت هذه الامور في الجمل التي عطف فيها بـ (أو) كان هذا العطف صحيحا ومفتاحه الأول هو، إمكانية الوقف والاقتصار على أحد ما بعد الهمزة.

  • وبالرجوع إلى فقرات المسيح الموعود عليه السلام والتي ورد فيها العطف بـ ( أو) بعد الاستفهام او الإخبار الذي بصيغة الاستفهام، نرى أنها كلها تنطبق عليها هذه المعايير التي تجيز العطف بـ (أو)، ففي كلها يجوز الاقتصار على أحد الأمور المذكورة بعد اداة الاستفهام الهمزة و (هل) ، ومن هنا يثبت أن فيها كلها لم يكن قصد المسيح الموعود عليه السلام فيها طلب التعيين، لأن المعنى فيها لا يقتصر على معنى : أيهما/ أيها؟ وإنما لم يجزم ولم يقر المسيح الموعود بوقوع أحد الأمور الواردة بعد الهمزة أو (هل) بل جاء السؤال شاكا بوقوعها كلها على معنى: أحدث شيء من هذين أو هذه؟ ليكون الجواب فيها بنعم أو لا.
  • وفي الحقيقة ونظرا لإمكانية الاقتصار على أحد الأمور التي بعد أداة الاستفهام، فتكون هذه الفقرات وكأنها سؤالان دمجا في سوال واحد:
  • ففي قول المسيح الموعود عليه السلام: أأنتم نائمون أو ميتون؟

من الممكن اقتصار السؤال والوقف على أي مما سؤل عنه كما يلي: أأنتم نائمون؟ فيكون جوابه بـ: نعم أو لا . أأنتم ميتون؟ فيُجاب عنه بنعم أو لا. ويكون السؤال أأنتم نائمون أو ميتون؟ دمجا للسؤالين في سؤال واحد، يُطلب فيه الإجابة بـ: نعم أو لا. حيث إن نية السائل ليست التعيين، بل الاستخبار إن كان حدث أحد هذه الأمور، فيسأل عن حدوث كل واحد منها في سؤال واحد.

  • ومن هنا تثبت صحة كل هذه الفقرات وصحة العطف فيها بـ (أو) نظرا لإمكانية اقتصار السؤال فيها على (أحد) الأمور الواردة بعد الهمزة. إذ يثبت من ذلك أن نية المسيح الموعود عليه السلام لم تكن التعيين في ذلك، إذ هو لم يقر بوقوع أحد الأمور التي يسأل عنها بل يشك في وقوعها كلها.
  • وقد سبق وذكرنا ما أثبتناه في المقال السابق، أنه في حال العطف بـ (أو) من الممكن الإجابة بالتعيين أيضا، لأن بالتعيين إجابة وزيادة عليها . فإن سأل سائل: أجاء خالد أو زيد؟ وانتظر الجواب بنعم او لا ، من الممكن ان يجيب المجيب بالتعيين ويقول “زيد” لأنه يقتضي معنى: “نعم والقادم زيد”، فشمل الإجابة بنعم وعيّن الذي جاء في نفس الوقت. ومن هنا فيجوز في فقرات المسيح الموعود عليه السلام المعترض عليها ان يجاب بالتعيين أيضا لما فيه إجابة وزيادة.
  • واختصارا لكل هذا نقول: يجوز العطف بـ (أو) في كل استفهام جاز فيه الاقتصار على أحد الأمور الواردة بعد أداة الاستفهام. فحينها يكون معنى الاستفهام : أحدث شيء من هذه؟ ولا نية ولا جزم عندها للسائل بوقوع أحد هذه الأمور. فيكون السؤال والاستفهام كأنه استفهامان أو اكثر عن كل واحد من هذه الأمور دُمجت في سؤال واحد، يُرجى منه الإجابة ب: نعم أو لا.
  • وسنبين انطباق كل هذا على فقرات المسيح الموعود عليه السلام في المقال التالي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

2 Comments on “جواز العطف بـ (أو) في الاستفهام في كل حالة جاز بها الاقتصار على أحد الأمور التي بعد أداة الاستفهام”

  1. هذا ما فعله المعترض بنفسه.
    جلب النفع لنا وباء هو برجسه.

    ما أشبه الكاتب بمالك خازن النار للمتمردين على مبعوث ذي الجلال.
    سخروا من كتاباته فهاهم يصلون نار المقال بعد المقال.
    لقد أوقد الله القدير نار الحطمة لمن كره مسيح الله الموعود عليه السلام وانتقده.
    مقالات في عمد ممددة .
    تحرق منهم الأفئدة.
    هنيئا للشتامين وللهمازين نار الله الموقدة ..

Comments are closed.