المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود عليه السلام العربية ..234

نكتة الخطأ في التوابع ..10

حذف الحروف الناسخة (إن واخواتها) في عطف جملة اسمية على أخرى

نقض مقال للمعترض

 

الاعتراض:

نعرض فيما يلي مقالا كاملا للمعترض بعنوان “أخطاء الميرزا اللغوية شاملة” جاء فيه :

 

“أخطاء الميرزا اللغوية شاملة

يقول:

فحاصل كلامهم أن للخَلق كلهم موت واحد وللمسيح موتين. (حمامة البشرى، ص 96)

لقد رفع اسم أنّ المؤخر، وهو “موت”، مع أنّ حقّه النصب، لذلك كان واجبه أن يرفع “موتين” تبعا لذلك حتما، ولكنه أخطأ فنصبها. وكأنه صمَّم أن يخطئ في كل شيء.

واو العطف هنا إما أنها عطف لفظ على لفظ، أو عطف جملة على جملة. فإذا كانت عطفَ لفظ على لفظ فإنّ “موتين” معطوفة على “موت”، فيجب أن تكون “موتان”.

وأما إذا كانت عطف جملة على جملة، فإنّ “موتين” مبتدأ مؤخر يجب أن يكون مرفوعا.

ففي الحالتين يجب أن تكون “موتان”.

ولو لم يخطئ الميرزا في رفع “موت” .. أي لو نصبها كما هو حقُّها، لكان قوله “موتين” صحيحا من باب عطف اللفظ على اللفظ .. أي من باب عطفها على “موتا”. لكننا لا نستطيع أن نعُدَّه مصيبا، ما دام فعلَ ما فعَل، وعطف المنصوب على المرفوع.

يدافع البعض عن أخطاء الميرزا بهراء أشدّ مفاده أنّ الخبر يمكن أن يكون محلّ المبتدأ في كل حال! أي أنّ “موت” هي خبر إنّ لا اسمها.

لكنّ هذا المثال يقضي على هذيانهم، فلو كان الميرزا قاصدا رفع اسم إنّ فلماذا نصب “موتين” المعطوفة عليه؟

لقد نصب الميرزا كلمة “موتين” جهلا منه، ولكنّ جهله نفعه، فجاءت صحيحة صدفةً، ولكن الحقيقةَ أنه أخطأ فيها خطأً فادحا لأن المعطوف عليه مرفوع.

إذا كان الميرزا قصد أن ينصب كلمة “موتين” فهذا لمعرفته أنّ اسم إنّ المؤخر يُنصب، ولمعرفته أنّ المعطوف عليه يُنصب، ولمعرفته أنّ المثنى يُنصب بالياء.

ويُستبعد جدا أن يكون الميرزا عارفا بهذا كله، لأنه لو عرَفَ ُثلثَ هذا لنَصَبَ كلمة “موت”.

وبهذا فإنّ أخطاء الميرزا ظلمات بعضها فوق بعض.” إلى هنا مقال المعترض.

الرد:

التوجيه الأول :

إن أول توجيه للفقرة أعلاه، المعترَض عليها من كلام المسيح الموعود عليه السلام، هو توجيه بسيط ينسف أقوال المعترض المذكورة أعلاه دفعة واحدة وبضربة قاضية . والتوجيه هو بحمل الجملة على “لغة قبيلة ربيعة في تنوين النصب”، وذلك في كتابته منونا دون الألف. وقد أفردنا لهذا النوع من النصب مقالا خاصا يمكن الرجوع إليه على الرابط التالي:( مظاهر الإعجاز 51:

https://wp.me/pcWhoQ-3Qg )

وبناء على  هذا التوجيه تكون الجملة كما يلي:

_ فحاصل كلامهم أن للخَلق كلهم موتً واحدً وللمسيح موتين. (حمامة البشرى، ص 96)

ففي هذه الحالة تكون (موتً) اسم أنّ المؤخر منصوبا؛  وكلمة (موتين) معطوفة على (موتً) بالنصب. ومن الممكن اعتبار العطف عطف مفردات بعطف كلمة (موتين) على (موتً) مع توسّط الجار والمجرور (للمسيح) بين المعطوف والمعطوف عليه، وقد أفردنا لهذا التوسط مقالا خاصا يمكن الرجوع إليه على الرابط التالي: مظاهر الإعجاز 227  https://wp.me/pcWhoQ-5lP .

 التوجيه الثاني:

هو اعتبار شبه الجملة (للخلق) اسما لـ (أنّ) منصوبا، وكلمة (موت) مرفوعة على اعتبارها خبر أنّ. وقد أفردنا لاعتبار شبه الجملة اسما للنواسخ مقالا خاصا على الرابط التالي :  مظاهر الإعجاز 8   https://wp.me/pcWhoQ-2sU

فتكون الجملة على النحو التالي:

فحاصل كلامهم أن للخَلق كلهم موتٌ واحدٌ وللمسيح موتين. (حمامة البشرى، ص 96).

التوجيه الثالث:

اعتبار اسم أنّ في الجملة هو ضمير الشأن المحذوف على النحو التالي:

_ فحاصل كلامهم أنه (الشأنَ) للخَلق كلهم موتٌ واحدٌ وللمسيح موتين.

لتكون كلمة (موتٌ) في هذه الحالة مبتدأ مؤخر مرفوع ، والهاء (ضمير الشأن) هو اسن أنّ المنصوب ، والجملة الاسمية من المبتدأ والخبر (للخلق كلهم موت واحد) في محل رفع خبر أنّ.  ولهذا التوجيه أفردنا مقالا خاصا على الرابط التالي:

مظاهر الإعجاز 1:  https://wp.me/pcWhoQ-2gJ

ومظاهر الإعجاز 131:  https://wp.me/pcWhoQ-4KH .

 

وقد حاول المعترض نقض هذين التوجيهين الأخيرين، مدّعيا أنه لا يستقيم كل هذا، لا في اعتبار العطف عطف مفردات ولا عند اعتباره عطف جمل ، لأنه وفق زعمه لا بدّ لكلمة (موتين) أن تكون مرفوعة في الحالتين، فعند عطف المفردات لا بد أن تُرفع لعطفها على كلمة (موتٌ) المرفوعة ، وعند عطف الجمل لا بد كذلك من رفعها لأنها مبتدأ مؤخر.

قلت: في عطف الجمل مَكمن جهل المعترض، إذ لا يعي المعترض أن عطف الجمل في هذا السياق لا يقتصر على اعتبار جملة (للمسيح موتين) جملة اسمية مكونة من مبتدأ وخبر ، بل يمكن اعتبارها جملة اسمية مع حذف الحرف الناسخ (أنّ) لوجود ما يدل عليه في الجملة السابقة له، فيكون العطف من قبيل عطف جملة اسمية على جملة اسمية أخرى كل منهما مصدّرتان بالحرف الناسخ أنّ. والتقدير كما يلي:

_  فحاصل كلامهم أن للخَلق كلهم موتٌ واحدٌ وأنّ للمسيح موتين.

_ فحاصل كلامهم أنه للخَلق كلهم موتٌ واحدٌ وأنّ للمسيح موتين.

وكل ما في الأمر أن الجملة الاسمية الأولى منهما، أجراها المسيح الموعود عليه السلام على التوجيهين اللذي ذكرناه، الثاني والثالث، من اعتبار شبه الجملة اسما للنواسخ أو اعتبار ضمير الشأن اسما لـ أنّ، وأما الجملة الاسمية المعطوفة فأجراها المسيح الموعود عليه السلام على القاعدة المعروفة التي توجب اعتبار شبه الجملة (للمسيح) خبرا مقدما مرفوعا وكلمة (موتين) اسما مؤخرا منصوبا.

وهذا ما يقوله النحو الوافي في مسألة إمكانية حذف إن ومعموليها في عطف جملة اسمية على أخرى:

” قد يحذف الحرف الناسخ مع معموليه أو أحدهما، ويظل ملحوظاً تتجه إليه النية؛ كأنه موجود. وأكثر ما يكون الحذف فى إنّ “المكسورة الهمزة المشدّدة النون”، ومنه قوله تعالى: {أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} بناء على أن التقدير: تزعمون أنهم شركائى. وقد تحذف مع الخبر ويبقى الاسم، وقد تُحذف وحدها ويبقى اسمها وخبرها، وقد يحذف أحدهما فقط، وكل ذلك مع ملاحظة المحذوف ولا يصح شئ مما سبق إلا إذا قامت قرينة تدل على المحذوف مع عدم تأثر المعنى بالحذف، وهذه قاعدة لغوية عامة أشرنا إليها من قبل”؛ هي جواز حذف ما لا يتأثر المعنى بحذفه. بشرط أن تقوم قرينة تدل عليه”.”  [النحو الوافي (1/ 641)]

وفي موضع آخر وسياق آخر بين النحو الوافي أنه رغم هذا الحذف يكون العطف عطف جمل ، حيث جاء:

“في المثال الأول: “إن الأقمار دائرات في الفضاء، والشموس” يجوز أن تكون “الشموس” بالنصب معطوفة على “الأقمار” منصوبة مثلها. ….

ويجوز أن يكون أصل الكلام “إن الأقمار دائرات، في الفضاء، وإن الشموس دائرات…. فحذفت “إن” الثانية مع خبرها لدلالة ما قبلها عليها “وقد سبق في ص 641 الإشارة إلى هذا الحذف وصوره وأحواله” وكلمة: “الشموس” اسم “إن” المحذوفة مع خبرها، فتكون الجملة الاسمية الثانية المكونة من “إن” المحذوفة ومن اسمها وخبرها، معطوفة على الجملة الاسمية الأولى المكونة من “إن” المذكورة ومعموليها. والعطف هنا عطف جملة اسمية على جملة اسمية “راجع ص 67 من الجزء الثاني من شرح المفصل”.” [النحو الوافي (1/ 666)]

وقد جاء هذا الاختلاف بين الجملتين المعطوفة والمعطوف عليها بسبب ما يضمره الكاتب في نفسه وتقريره ما هو المبتدأ والخبر في أصل هذه الجمل ، وما هو موضع الفائدة في كل منهما ، وهو ما بيّناه في المقالات الخاصة باغتبار شبه الجملة اسما للنواسخ، وأسباب هذا الاعتبار عند البيانيين والبلاغيين.

 

 

 

 

 

One Comment on “حذف الحروف الناسخة (إن واخواتها) في عطف جملة اسمية على أخرى”

  1. جزاكم الله أحسن الجزاء مقال رائع والسلام على سلطان الفلم الامام المهدي والمسيح الموعود وصلى الله على سيدنا محمد واله وصحبه

Comments are closed.