توكيد النكرة بين المنع المطلق والجواز المطلق والحمل على غير التوكيد:

التخريج الثاني لـــــ ” توكيد النكرة” بحملها على غير التوكيد..

ذكرنا في الحلقتين الماضيتين (هنا و هنا) الفقرات التالية من كتابات سيدنا أحمد عليه السلام المسيح الموعود والمهدي المعهود:

  • وإذا غلب المسيح فاختتم عند ذلك محارباتٍ كلها التي كانت جارية بين العساكر الرحمانية والعساكر الشيطانية. (الخطبة الإلهامية)
  • رؤوفٌ رحيمٌ كهفُ أممٍ جميعها. (كرامات الصادقين)
  • وكان قوله خيرا من أقوال كلها. (حمامة البشرى)
  • قد سمع مني هذا الكشف بمقام “هوشياربور” قبل موت “أحمد”، بل قبل إشاعة واقعاتٍ كلّها، رجلٌ مِن وُلْدِ شيخ صالح غزنوي. (مكتوب أحمد)

وقلنا إن التعابير الواردة في الخط العريض تبدو غريبة وخارجة عن المألوف في لغتنا العربية الفصحى الرائجة في عصرنا هذا، من حيث توكيد النكرة فيها بألفاظ التوكيد المعنوي “كل” و”جميع”، وهو أمر لا يتفق مع قواعد النحو المعروفة لنا.

وأثبتنا أن هذه العبارات لا تأثير فيها للعجمة، وأثبتنا أنها لغة عربية صحيحة تندرج تحت لغات العرب التي أقرّ بها بعض نحويي الكوفة، حيث أجاز هؤلاء توكيد النكرة على الإطلاق دون قيد أو شرط، فثبتت صحة “عباراتٍ كلِّها” التي جاء فيها توكيد النكرة في أقوال حضرته عليه السلام، من ناحية أولى ووفق تخريج أوّل.

وقلنا أيضا، إن من أدلة الكوفيين على إمكانية توكيد النكرة إذا أفادت هو ورودها في الأبيات التالية:

يا ليت عِدَّةَ حَوْلٍ كلِّهِ رَجَبُ

يومًا جديدًا كله مطردًا”

قد صَرَّتِ البكرة يومًا أجمعا

إلا أنه ورغم هذه الاستدلالات، لم يقبل البصريون بها واستماتوا في ردّها والتشكيك فيها، دفاعا عن موقفهم المتعصب في عدم جواز توكيد النكرة كلية. ورغم استماتتهم هذه فلم يقتنع بأقوالهم لا ابن مالك ولا ابن هشام ولا الأخفش ولا نحويو الكوفة حيث أجازوها عند إفادة النكرة.

وقد تساءلتُ: إذا لا يجوز توكيد النكرة مطلقا وفق رأي البصريين، فهل لنا أن نجد تخريجا آخر للعبارات الغريبة التي هي قيد البحث؟

فوفق بحث مستفيض أجريته بالنسبة لغريب اللفظ في توكيد النكرة الوارد في عبارات المسيح الموعود عليه السلام، حاولت أن أرى أيًّا من أحكام التوابع المختلفة (التوكيد، العطف، البدل، النعت، عطف البيان..) تنطبق على هذه العبارات إذا لم تعتبر توكيدا؛ فوجدت أنها أكثر ما ينطبق عليها أحكام البدل، وقد اختمرت في ذهني هذه الفكرة أن ما حُمل على أنه توكيد للنكرة في الفقرات الغريبة السابقة، لا بدّ أن يُحمل على البدلية إذا لم يُحمل على التوكيد كما سأبيّنه لاحقا. إلا أنني لم أجد ما يدعم رأيي هذا في بادئ الأمر، فواصلت البحث والتحري في أمهات كتب النحو والصرف إلى أن وجدت ما يؤيد هذا الرأي.

فقد جاء في كتاب” الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين، للأنباري، في معرض دحض رأي وأدلة الكوفيين في إجازة توكيد النكرة عند إفادتها، وإثبات رأي البصريين الذين يأخذون بالمنع مطلقا، ما يلي:

ثم لو قدرنا أن هذه الأبيات (يقصد أدلة الكوفيين التي ورد فيها توكيد النكرة المفيدة) التي ذكروها كلها صحيحة عن العرب، وأن الرواية ما ادّعوه لَمَا كان فيها حجة، وذلك لشذوذها وقلتها في بابها؛ إذ لو طردنا القياس ففي كل ما جاء شاذًّا مخالفًا للأصول والقياس وجعلناه أصلًا لكان ذلك يؤدي إلى أن تختلط الأصول بغيرها، وأن يُجْعَل ما ليس بأصل أصلًا، وذلك يفسد الصناعة بأسرها، وذلك لا يجوز. على أن هذه المواضع كلها محمولة على البدل، لا على التأكيد.” ( إ.ه)

ووفق السطر الأخير من هذا النصّ، يؤكد الكاتب الذي أخذ على عاتقه الدفاع عن رأي البصريين، أن العبارات التي اعتبرها الكوفيون تأكيدا للنكرة المفيدة، إن صحت بروايتها فهي تُحمل على البدلية وليس التوكيد.

وهنا أقول: قُضي الأمر الذي فيه تستفتون من ناحية أخرى ووفق تخريج آخر؛ وهو حمل هذه الألفاظ قيد البحث على البدلية إذا لم تحمل على التوكيد، وذلك وفق رأي بعض النحويين، والذي على ما يبدو أنه رأي نحويي البصرة لا الكوفة، لأن الكاتب وفق الاقتباس الآنف الذكر كان في معرض الدفاع عن البصريين في هذا الصدد ولا بدّ أنه يعتمد على رأيهم في هذه المواضع.

ورغم أن الحديث في الاقتباس الآنف الذكر هو عن النكرة إذا أفادت، حيث يُحمل “توكيدها” على البدل، إلا أن هذا لا يمنع أن تُحمل على البدلية أيضا نفس العبارات “التوكيدية” إذا ماجاءت بعد النكرة غير المفيدة؛ وذلك لأن الإفادة في النكرة ليس شرطا واقعا تحت أحكام البدل، من أجل أن يصح البدل منها بمعرفة، كما هي ألفاظ التوكيد المعنوي التي تعتبر معارفا بذاتها أو بسبب اتصالها بالضمير كما جاء في النحو الوافي: “ألفاظ التوكيد المعنوي معارف بذاتها، أو بإضافتها إلى الضمير المطابق للمؤكَّد.” بل إن من أحكام البدل صحة أن تُبدل المعرفة من النكرة دون شرط يذكر بالنسبة للنكرة في هذا الإبدال، ودون التقيّد في إفادتها أو عدم إفادتها.

وهاكم إثبات انطباق أحكام البدل وتعريفه على غريب اللفظ من الفقرات المذكورة أعلاه في كتابات سيدنا أحمد عليه السلام:

  • يقولون في تعريف البدل:”إنه التابع المقصود وحده بالحكم المنصوب إلى تابعه، من غير أن تتوسط -في الأغلب- واسطة لفظية بين التابع والمتبوع”. (النحو الوافي)

أقول: والألفاظ قيد البحث أعلاه (كلها، جميعها) هي المقصودة بالحكم لا المتبوع، وإنما المبدل منه جاء تمهيدا للمقصود الأساسي في الحديث، وهو التاكيد عليها كلها.

  • ومن هذا التعريف يتضح الفرق بين البدل والتوابع الأخرى: فالنعت والتوكيد وعطف البيان، ليست مقصودة بالحكم، وإنما هي مكملة له بوجه من الوجوه التي سبقت في أبوابها. وعطف النسق لا بد فيه من الواسطة… ( النحو الوافي)

أقول: لهذا السبب الأرجح حمل الألفاظ قيد البحث على البدلية لا التوكيد.

  • والأغلب في “البدل” أن يكون جامدا، ومن القليل الجائز أن يكون مشتقا. فإذا أمكن إعراب المشتق شيئا آخر يصلح له، كان أولى. (النحو الوافي)

أقول: وهذا ينطبق على كلمتي “كل” و “جميع”، فيجوز أن تكونا بدلا.

  • الغرض من البدل: (أ) الغرض الأصيل هو -في الغالب- الحكم السابق وتقويته بتعيين المراد، وإيضاحه، ورفع الاحتمال عنه .(ب) لأن هذا الحكم ينسب أولا للمتبوع فيكون ذكر المتبوع تمهيدا للتابع الذي سيجيء، وتوجيها للنفس لاستقباله بشوق ولهفة. فإذا استقبلته وعرفته استقبلت معه الحكم وعرفته أيضا؛ (ج) فكان الحكم قد ذكر مرتين؛ وفي هذا تقوية للحكم وتوكيد. (د) ولأجل تحقيق هذا الغرض لا يصح أن يتّحد لفظ البدل والمبدل منه إلا إذا أفاد الثاني زيادة بيان وإيضاح. ( النحو الوافي)

أقول في كل هذا: الألفاظ قيد البحث (أ) تقوي الحكم السابق الواقع على المتبوع بتعيين المراد منه وإيضاحه ورفع الاحتمال عنه، وهو شمول اللفظ والاستغراق فيه، وتوضّحه برفع إبهام إمكانية ورود الحكم على بعض المتبوع في اللحظة نفسها وتأكيد وقوعه عليه كله دفعة واحدة ( أنظر الهامش/ الفرق بين العام والمطلق). ذلك لأن النكرة في موضع إثبات الكلام لا تفيد العموم بقدر ما تفيد الإطلاق، والحكم في الإطلاق لا يقع على جميع أفراد اللفظ دفعة واحدة وإنما يشملهم بالإبدال. (ب) ثم ذِكر المتبوع في الفقرات قيد البحث جاء تمهيدا للتابع وتوجيها للنفس لاستقباله بلهفة حيث عرفَت أن القصد كل المتبوع لا جزءا منه والاستغراق فيه لا الإطلاق. (ج) ومن ثم أُكّد الحكم بألفاظ التوكيد، (د) فأفاد التابع زيادة بيان وإيضاح للمتبوع.

  • “إن البدل على نية تكرار العامل”… لأن البدل لا بد أن يلاحَظ معه في التقدير تكرار العامل الذي عمل في المتبوع، بحيث يصح أن يوجد هذا العامل قبل التابع وقبل المتبوع معًا، من غير أن يترتب على التكرار فساد..” ( النحو الوافي)

أقول: لا فساد إعرابي مترتب على تكرار العامل ( تخيّلا) قبل التابع والمتبوع في الفقرات قيد البحث.

  • فمن جهة التنكير والتعريف لا يلزم ( للبدل) أن يوافق متبوعه فيهما؛… وقد تُبدل المعرفة من النكرة كقوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ}

أقول: لا شرط هنا في كون النكرة محضة أو مختصة، ولا أن تكون مفيدة أو غير مفيدة، لكي يُبدَل منها؛كما هو الأمر في التوكيد. فلا مانع من إبدال العبارات المنكّرة بألفاظ التوكيد المعنوي التي تُعتبر معارف.

إذن هذه هي أحكام وتعريف البدل التي نراها تنطبق على كلمتي ” كل وجميع” في الفقرات ذات البحث، مما يجيز إمكانية حملها على البدلية بدلا من التوكيد.

ومن الأدلة الأخرى على إمكانية حملها على البدلية هو إمكانية خروج كلمة “كل” و”جميع” عن التوكيد إلى البدلية في بعض صيغها، حيث جاء في النحو الوافي ما يلي:

وكلمة: “كُلّ” في لفظها مفردة مذكرة دائمًا،…… وقد تقع بدلًا كالتي في الآية السابقة، في ص512 على قراءة من قرأها {إِنَّا كُلٌّ فِيهَا} . وقد سبق أن قلنا ما نصّه:إنها تقع نعتًا بشرط إضافتها إلى اسم الظاهر، …” ( النحو الوافي)

وجاء في نفس الكتاب مايلي: {إِنَّا كُلٌّ فِيهَا}، ولا يصح إعراب: “كُلاّ” توكيدًا، لعدم وجود الضمير، وإنما تعرب بَدَلًا من الضمير “نا” اسم: “إنّ” بدل كل من كل. وهذا هو الإعراب الأحسن؛ إذ لا ضعف فيه، ولا مانع يمنع من إبدال الاسم الظاهر من الضمير الحاضر بدل كل من كل…. “كما سيجيء في باب البدل منه: قمتُم ثلاثَتُكُمْ”. وبدل الكل من الكل لا يحتاج لرابط من ضمير أو غيره.” ( النحو الوافي)

وجاء أيضا: قد تقع ألفاظ التوكيد المعنوي السبعة “وهي: نفس، عين، كِلاَ، كلتا، كلّ، جميع، عامة” معمولة لبعض العوامل، ولا تعرب توكيدًا لعدم وجود المؤكَّد؛ فتعرب على حسب حاجة ذلك العامل، فاعلًا، أو مفعولًا، أو مبتدأ، أو خبرًا …” ( النحو الوافي)

ومن كل هذا يثبت إمكانية حمل الألفاظ الغريبة قيد البحث على البدلية. فإن كانت كذلك، فأي نوع من البدل هي إذا؟

ورغم أنه يكفينا القول بأنها تُحمل على البدل دون الحاجة إلى الدخول في الجزئيات، إلا أنه لا حرج في الاجتهاد في هذه المسألة، والتي قبل الخوض فيها، لا بدّ من التنويه إلى أن الألفاظ المبدل منها التي هي قيد البحث (محاربات، أقوال، أمم، واقعات) جاءت بصيغ الجمع المنكَّر. وأما البدل فجاء بالألفاظ ” كل” و “جميع”.

ونوع البدل في هذه الفقرات متعلق بمدى شمول هذه الألفاظ وإفادتها للعموم والإطلاق (1).

فأما بالنسبة لألفاظ ” كل وجميع” فلا جدال في كونها عامة تفيد العموم الشمولي والاستغراق والحكم فيها يسري على كل فرد فرد (2).

وأما صيغ الجمع المنكّر ففيها رأيان (3):

الأول: أنها تفيد العموم، بمعنى أن الحكم فيها يسري على كل فرد فرد، وفي هذه الحالة يكون البدلُ في الفقرات قيد البحث بدلَ كل من كل لتساوي الدلالة في العمومو بين البدل والمبدل منه.

الثاني: أنها لا تفيد العموم الشمولي بل الإطلاق، بمعنى أن الحكم فيها لا يسري على كل الأفراد دفعة واحدة بَلْ عَلَى فَرْدٍ شَائِعٍ فِي أَفْرَادِهِ يَتَنَاوَلُهَا عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ، وَلَا يَتَنَاوَلُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهَا دُفْعَةً. وقد جاء أيضا بأن النكرة في موضع الإثبات تفيد الإطلاق لا العموم (4). وفي هذه الحالة يكون البدلُ في الفقرات قيد البحث بدلَ كل من بعض (5) وذلك لان البدل أشمل وأعم من المبدل منه في ذات اللحطة. نعم، إنه بدل كل من بعض -وليس بعض من كل- .حيث أقرّ بعض النحاة بمثل هذا النوع من البدل وأكدّ عليه السيوطي؛ ومثل له بآية من القرآن الكريم وهي: {فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (61) جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا} (مريم 61-62).

وبهذا نكون قد وجدنا لهذا البدل –بدل الكل من البعض- أيضا ما يدعمه من أقوال سيدنا أحمد عليه السلام المسيح الموعود والمهدي المعهود.

نتائج البحث وإجماله:

  • إن التعابير الغريبة التي اعتبرت توكيدا للنكرة، لهي تعابير عربية صحيحة، وهي لغة من بين اللغات العربية التي سمعت عن العرب أقر بها وبصحتها بعض النحويين، ولا تأثير للعجمة فيها.
  • إن هذه التعابير صحيحة من منطلق أن توكيد النكرة لغة عربية جائزة عن بعض نحويي الكوفة. وهذا تخريج أول لها.
  • إن هذه التعابير صحيحة من منطلق وتخريج آخر وهو حملها على البدلية بدلا من التوكيد، وهذا ما يهمنا أكثر مما يهمنا نوعية هذا البدل.
  • إمكانية كون هذا البدل بدل كل من كل، وفق رأي أول، أو بدل كل من بعض وفق رأي ثان.
  • فالذي لا يرضى بالتخريج الأول فليأخذ بالثاني، والذي لا يعجبه الثاني فله أن يرضى بالأول، والذي لا يعجبه قول الكوفيين فليأخذ بما قاله البصريون ومن يدافع عنهم، ومن لا يرضى بالبصريين فله أن يلجأ للكوفيين! ولكن كل هذا لا يهم، فالمهم في كل هذا الموضوع أنه قد ثبتت صحة عبارات المسيح الموعود، فلينتطح النحويون وليهنأ الأحمديون بأن جاءهم الحكم العدل على النحاة جميعهم!!!!
  • ثبتت معجزة المسيح الموعود عليه السلام مرة بعد أخرى بتعلّمه أربعين ألفا من اللغات العربية في ليلة واحدة من الله القادر القدير العليم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم. والذي علّم آدم هذا العصر “أسماء كلًّها” فجاءت من بينها الأسماء واللغات التالية: توكيد النكرة مطلقا، إبدال النكرة بألفاظ التوكيد المعنوي، كل اللا توكيدية وأخواتها، كان الزائدة، شبه الجملة الإبتدائية، بدل الكل من البعض. وما هذه إلا البدايات في البحث والتخريج!!!.
  • وبذلك ثبتت نبوته عليه السلام مرة أخرى بإثبات إلمامه بأدق دقائق اللغة العربية التي يجهلها أبناؤها وعلماؤها، فقد سُؤل حضرته عليه السلام: أنى لكَ هذا؟ فقال: إنه من عند الله الذي علم الإنسان ما لم يعلم فعلم آدم الأسماء كلها.
  • وبعد هذا قلت وأقول مرة أخرى، إنني على يقين أن أي غريب في ألفاظ المسيح الموعود عليه السلام، إذا لم يندرج تحت السهو في النقل والكتابة والغفلة، فلا بدّ أن نجد له تخريجا لغويا.
  • فيا أيها الأحمديون! آتوني غريب اللفظ من أقوال حضرته عليه السلام أخرجْه لكم، وإن طال الزمن، بعون الله فلا ناصر لنا إلا هو!!!!!!

الهامش:

(1) الفرق بين العام والمطلق:

اعْلَمْ: أَنَّ الْعَامَّ عُمُومُهُ شُمُولِيٌّ، وَعُمُومُ الْمُطْلَقِ بَدَلِيٌّ، وَبِهَذَا يَصِحُّ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ عُمُومِ الشُّمُولِ وَعُمُومِ الْبَدَلِ، أَنَّ عُمُومَ الشُّمُولِ كُلِّيٌّ يُحْكَمُ فِيهِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ، وَعُمُومَ الْبَدَلِ كُلِّيٌّ مِنْ حَيْثُ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ تَصَوُّرُ مَفْهُومِهِ مِنْ وُقُوعِ الشَّرِكَةِ فِيهِ، وَلَكِنْ لَا يُحْكَمُ فِيهِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ، بَلْ عَلَى فَرْدٍ شَائِعٍ فِي أَفْرَادِهِ يَتَنَاوَلُهَا عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ، وَلَا يَتَنَاوَلُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهَا دُفْعَةً. (إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول)

(2) فاما بالنسبة لـ “كل وجميع” فمتفق على أنها ألفاظ تفيد العموم والشمول والاستغراق؛ فقد جاء في كتاب “إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول” ما يلي:

“ذهب الجمهور إلى الْعُمُومَ لَهُ صِيغَةٌ مَوْضُوعَةٌ لَهُ حَقِيقَةً،، وهي …. وَلَفْظُ كُلٍّ، وَجَمِيعٍ وَنَحْوِهَا،…. وَالنَّكِرَةُ فِي النَّفْيِ لِلْعُمُومِ حَقِيقَةً …فِي أَنَّ صِيغَةَ كُلٌّ وَجَمِيعٌ يُفِيدَانِ الِاسْتِغْرَاقَ، قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ: لَيْسَ بَعْدَ كُلٌّ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَلِمَةٌ أَعَمُّ مِنْهَا، …. وَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا فِي مَعْنَى كُلٌّ فَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ لَفْظَ جَمِيعٌ هُوَ بِمَعْنَى كُلٌّ الْإِفْرَادِيِّ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: أَنَّهَا لِلْعُمُومِ الْإِحَاطِيِّ” (إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول)

(3) وأما بالنسبة لصيغ الجمع المنَكَّر فقد اختُلف في مدى عمومها وشمولها، إذ هناك من اعتبرها تفيد العموم، ورأي الجمهور قد خالف ذلك ونفى كونها للعموم بل أخذها على الإطلاق. حيث جاء:

“قَالَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْأُصُولِ: إِنَّ جَمْعَ الْقِلَّةِ الْمُنَكَّرَ لَيْسَ بِعَامٍّ لِظُهُورِهِ فِي العشرة، فما دونها؛ وأما “جموع”* الكثرة المنكرة، فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْمُحَقِّقِينَ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِعَامٍّ، وخالف في ذلك الْجَبَّائِيُّ، وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ، وَابْنُ حَزْمٍ، وَحَكَاهُ ابْنُ بُرْهَانٍ عَنِ الْمُعْتَزِلَةِ، وَاخْتَارَهُ الْبَزْدَوِيُّ وَابْنُ السَّاعَاتِيِّ وهو أحد وجهي الشافعي، كَمَا حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفِرَايِينِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ “وَسُلَيْمٌ الرَّازِيُّ”*.

احْتَجَّ الْجُمْهُورُ: بِأَنَّ الْجَمْعَ الْمُنَكَّرَ لَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ عِنْدَ إِطْلَاقِهِ عَنْ قَرِينَةِ الْعُمُومِ، نَحْوَ رَأَيْتُ رِجَالًا، اسْتِغْرَاقُ الرِّجَالِ، كَمَا أَنَّ رَجُلًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ الِاسْتِغْرَاقُ لِأَفْرَادِ مَفْهُومِهِ، وَلَوْ كَانَ لِلْعُمُومِ لَتَبَادَرَ مِنْهُ ذَلِكَ فَلَيْسَ الْجَمْعُ الْمُنَكَّرُ عَامًّا كَمَا أَنَّ رَجُلًا “كَذَلِكَ”**……..

احْتَجَّ الْقَائِلُونَ أَنَّهُ يُفِيدُ الْعُمُومَ بِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ إِطْلَاقُهُ عَلَى كُلِّ مَرْتَبَةٍ مِنْ مَرَاتِبِ الْجُمُوعِ، فَإِذَا حَمَلْنَاهُ عَلَى الْجَمِيعِ فَقَدْ حَمَلْنَاهُ عَلَى جَمِيعِ حَقَائِقِهِ، فَكَانَ أَوْلَى.

وَأُجِيبَ بِمَنْعِ إِطْلَاقِهِ عَلَى كُلِّ مَرْتَبَةٍ حَقِيقَةً، بل هو القدر الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهَا كَمَا تَقَدَّمَ2، وَلَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى الْخُصُوصِ أَصْلًا.

وَاحْتَجُّوا ثَانِيًا: بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْعُمُومِ لَكَانَ مُخَصَّصًا بِالْبَعْضِ، وَاللَّازِمُ منتفٍ لِعَدَمِ الْمُخَصِّصِ وَامْتِنَاعِ التَّخْصِيصِ بِلَا “مُخَصِّصٍ”****.

وَأُجِيبَ بِالنَّقْضِ بِرَجُلٍ وَنَحْوِهِ، مِمَّا لَيْسَ لِلْعُمُومِ ولا مختصًّا بالبعض، بل شائع يصلح للجمع، وَلَا يَخْفَاكَ ضَعْفُ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ هَؤُلَاءِ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ لِلْعُمُومِ، فَإِنَّ دَعْوَى عُمُومِ رِجَالٍ لِكُلِّ رَجُلٍ مُكَابَرَةٌ لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنَ اللُّغَةِ، وَمُعَانَدَةٌ لِمَا “يَفْهَمُهُ”***** كُلُّ عَارِفٍ بِهَا.“( إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول)

(4) وجاء في كتاب: مسائل خالف فيها رسول الله أهل الجاهلية ما يلي:

فالنكرة في سياق الإثبات تفيد الإطلاق ولا تفيد العموم“.

(5) جاء في كتاب النحو الوافي ما يلي:

المشهور من أنواع البدل هو الأربعة التي شرحناها. وزاد بعض النحاة نوعا خامسا سماه: “بدل الكل من البعض”، واستدل له بأمثلة متعددة تؤيده، منها قوله تعالى في التائبين الصالحين: {فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئًا جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ}، فجنات بدل كل من الجنة، والأولى جمع، والثانية مفرد، ولهذا كان البدل كلا والمبدل منه بعضا. ومنه قول الشاعر:

رحم الله أعظما دفنوها … بسجستان طلحة الطلحات

فكلمة: طلحة “بدل كل” من “أعظم” التي هي جزء من “طلحة”، وكذلك قول الشاعر:

كأني غداة1 البين2 يوم تحملوا3 … لدى سمرات4 الحي ناقف حنظل5

فكلمة “يوم” بدل كل من “غداة”: مع أنه يشملها، وهي جزء منه6 …

وجاء في كتاب: “شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو (2/ 191)

كذلك قال ابن الناظم في شرحه ص393، وفي حاشية يس 1/ 155: “زاد بعضهم خامسًا وهو بدل كل من بعض. قال السيوطي: وقد وجدت له شاهدًا في التنزيل وهو قوله تعالى: {فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا} … “, وذكر أبو حيان هذا القسم الخامس وقال: “إن الجمهور على نفيه. انظر الارتشاف 2/ 625.