المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود عليه السلام العربية ..207

لا علم للمعترض بالنقد والتنقيد

كلمة (تنقيد) أهي عربية أو أردية؟

الاعتراض:

نعرض لكم فيما يلي اعتراض المعترضين بحذافيره، حيث قالوا:

“جهل الميرزا بمعاني المفردات العربية .. ح17 .. “كلمة تنقيد”

لا يوجد في لسان العرب كلمة “تنقيد”، بل يوجد كلمة “نَقْد”، و تعني: فحص واختبار وتمييز.

كلمة “تنقيد” أردية”، و تعني: “نقد”، وقد استخدمها الميرزا في عامي 1893 و1894 ظانا أنها عربية .. وفيما يلي الأمثلة:

  1. اعلموا أن هذه الرسالة معيارٌ لتنقيد أمري وأمركم. (كرامات الصادقين)
  2. ولكن لا يجب عليَّ إيفاء هذا الشرط وأداء هذا الإنعام إلا بعد شهادة فرسان الصناعة وأرباب البراعة، وتصديق من كان جِهْبِذ تنقيدِ الكلام من الأدباء الماهرين. (كرامات الصادقين)
  3. وله بسطة عجيبة في فن الأحاديث وتنقيدها وتمييز بعضها من بعض. (حمامة البشرى)
  4. فصارت أنظارهم مغمورة في الأخبار، وأفكارهم مبذولة في تنقيدها وتمييزها. (حمامة البشرى)
  5. الإمام البخاري مع شدة اهتمامه في تصحيح الأحاديث وتوفيقها وتنقيدها وتفتيش رُواتها عجِز عن رفع التناقض الذي يوجد في أحاديث صحيحة حتى تُوُفِّيَ. (حمامة البشرى)
  6. الأحاديث أكثرها آحادٌ ولو كانت في البخاري أو في غيره، ولا يجب قبولها إلا بعدَ التحقيق والتنقيد. (تحفة بغداد)
  7. قد صنّف أخونا “عماد الدين” كتبًا في ردّ الإسلام، وأشاع دلائل التثليث في الخواص والعوام، فبما كانت دلائله مجموعة الأباطيل بعيدة من تنقيد الدليل. (نور الحق)
  8. وكانوا خيرا منكم في تنقيد الكلمات يا معشر الجاهلين. (نور الحق)
  9. ويقولون إنا نحن المولويون كعلماء المسلمين ولسنا مِن السفهاء الجاهلين ولنا يد طولى في تنقيد جِدّ القول وهزله. (نور الحق)
  10. بل كلُّها كما تشهد التجربة الصحيحة، فانظرْ كالمنقّدين. (منن الرحمن)
  11. أيها الناظرون، والأدباء المنقّدون. (حجة الله)

في آخر مثالين كان عليه أن يقول: الناقدون، وهي اسم فاعل من نَقَدَ. وحيث إنه يظنّ أنّ الفعل “نقَّد”، فقد صاغ منها اسم فاعل من الرباعي!! فالخطآن الأخيران تابعان لما سبقهما. وأصل المشكلة ظنّه أنّ كلمةَ تنقيد عربية، حيث ظنّ تبعا لذلك أنّها من الفعل: “نقَّد”.” [ إلى هنا كلام المعترض)

فخلاصة الاعتراض أن الكلمات (نقّد/ تنقيدا/ منقِّد) ليست من العربية في شيء بل هي أردية.

الردّ:

إن جهل المعترض باللغة العربية ومدى اتساعها ومرونتها، جعله يظنّ أن كل مفردات اللغة العربية باشتقاقاتها وتصريفاتها المختلفة، لا بدّ أن تكون مشمولة في المعاجم العربية، وأن ما لا نجده في المعاجم العربية فهو ليس من العربية في شيء.

وكلمة (نقّد تنقيدا) هي بالفعل من قبيل هذه الكلمات التي لا نجدها في المعاجم العربية، وذلك لأنها تؤخذ على القياس بالأمثلة الكثيرة التي تشابهها في لغة العرب، والتي هي موجودة في المعاجم العربية فعلا.

فهذه الكلمة والكثير من أمثالها التي لا وجود لها في المعاجم العربية وخاصة المعاجم القديمة،  تندرج تحت بابين من القياس أقرهما مجمع اللغة العربية في القاهرة، الأول: هو قياسية اشتقاق الوزن (فعّل) من الوزن المخفف (فَعَل) بهدف التكثير والمبالغة وليس فقط من أجل التعدية، والسبب لذلك هو أن الانتقال من الفعل الثلاثي المجرد إلى الفعل المزيد بالتضعيف كثير في لغة العرب.

والثاني: هو قِياسِيَّة مجيء «فَعَّلَ» بمعنى «فَعَل» وذلك لكثرته في لغة العرب، أيضا ولأنَّ الصرفيين نصُّوا على أنَّ «فَعَّل» المضعف يجيء بمعنى «فَعَل»، ولأنَّ المعاجم تذكر أفعالاً مضعَّفة، يقول اللغويون: إن دلالتها وهي مضعفة كدلالتها وهي مجرَّدة.

والقصد من القياس في هذين البابين، هو أننا من الممكن أن نصوغ من الوزن المخفف (فَعَل) الصيغة المضعفة له (فعَّل) بهدف التكثير والمبالغة أو للدلالة على نفس معنى (فعَل)، وذلك أيضا في الأفعال التي لم تُسمع فيها الصيغة المضعّفة عن العرب.

وقد أجاز مجمع اللغة العربية القاهري إكمال الاشتقاقات في المادة التي لم ترد بقيّتها في المعاجم.

وبناء على كل هذا فقد جوّز وصحّح وفصّح معجم الصواب اللغوي للدكتور أحمد مختار الكثير من الأفعال المشابهة للفعل (نقّد) باشتقاقاتها المختلفة، وهي من الألفاظ التي لم ترد في المعاجم القديمة، أو لربما وردت في معجم أو اثنين فقط منها.

وفي هذا يقول الدكتور أحمد مختار في معجمه:

“قِياسِيَّة اشتقاق «فَعَّل» للتكثير والمبالغة

الأمثلة: 1 – اتَّجَهَت الدولة إلى تَصْنيع بعض المناطق الزراعية 2 – بَدَّع فلانٌ في عمله 3 – تَيَّس فُلان 4 – حَتَّمَ عليه السَّفر 5 – حَزَّر المتسابق الإجابة 6 – حَصَّبَ الطفلُ 7 – حَلَّلَ الدَّمَ 8 – حَلَّى القهوة 9 – خَدَّرَ الطبيبُ المريضَ 10 – زَنَّخ السَّمْنُ 11 – سَرَّع خطواتِه 12 – شَرَابٌ مُثَلَّج 13 – ضَخَّمَ المشروع 14 – نَمَّلت رجلي 15 – هَذَا الأمر مُحتَّم

الرأي: مرفوضة

السبب: لعدم ورود معظم هذه الأفعال في المعاجم القديمة.

الصواب والرتبة:

  1. اتَّجهت الدولة إلى تَصْنيع بعض المناطق الزراعية [صحيحة]
  2. بَدَّعَ فلانٌ في عمله [فصيحة]-بَدُعَ فلانٌ في عمله [فصيحة]
  3. تَيَّس فُلانٌ [فصيحة]
  4. حَتَّمَ عليه السَّفر [فصيحة]-حَتَمَ عليه السَّفر [فصيحة]
  5. حَزَرَ المتسابق الإجابة [فصيحة]-حَزَّرَ المتسابق الإجابة [فصيحة]
  6. حَصِبَ الطفلُ [فصيحة]-حُصِبَ الطفلُ [ص:965][فصيحة]-حُصِّبَ الطفلُ [فصيحة]-حَصَّبَ الطفلُ [صحيحة]
  7. حَلَّلَ الدَّمَ [فصيحة]
  8. حلَّى القهوةَ [فصيحة]
  9. خَدَّرَ الطبيبُ المريضَ [فصيحة]
  10. زَنِخَ السَّمْنُ [فصيحة]-زَنَّخ السَّمْنُ [فصيحة]
  11. سَرُع في خطواتِه [فصيحة]-سَرَّع خطواتِه [صحيحة]
  12. شرابٌ مُثَلَّج [فصيحة]-شرابٌ مَثْلُوج [فصيحة مهملة]
  13. ضَخَّمَ المشروعَ [فصيحة]
  14. نَمِلَت رجلي [فصيحة]-نَمَّلت رجلي [صحيحة]
  15. هذا الأمر مُحَتَّم [فصيحة]-هذا الأمر محتوم [فصيحة]

التعليق: الانتقال من الفعل الثلاثي المجرد إلى الفعل المزيد بالتضعيف كثير في لغة العرب؛ وذلك إما للتكثير والمبالغة، أو للتعدية، كما في قوله تعالى: {وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ} يوسف/23، وقد جعل مجمع اللغة المصري ذلك قياسًا، وبناء على ذلك يمكن تصويب الاستعمالات المرفوضة.” [معجم الصواب اللغوي (2/ 964)]

ويقول أيضا:

”  قِياسِيَّة مجيء «فَعَّلَ» بمعنى «فَعَل»

الأمثلة: 1 – أَجَّرَه البيتَ 2 – أَلْغَى المُشَرِّع القوانين المقيِّدة للحرية 3 – اجْتَمَعنا في نادي التَّجْديف 4 – بَاع أثاث بيته بسعر مُخَفَّض 5 – بَلَّله بالماء 6 – تَجْرِيف الأرض 7 – تَحْيِِيد الدولة 8 – تُدَعِّم الدولةُ مُستهلكي السِّلع 9 – تَدْفِين الموتى فرض كفاية 10 – جَبَّر الطبيبُ العظمَ 11 – جَرَّفَ الأرضَ 12 – حَرَّقَ الصَّبيُّ الأوراقَ 13 – حَوَّطَت الأمُّ ابنها 14 – حَوَّم الطائرُ حول عُشّه 15 – خبَّط على الباب 16 – خَرَّفَ الرجلُ لكبر سنِّه 17 – خَرَّمَ الأوراقَ 18 – خَمَّنَ الأمرَ قبل حدوثه 19 – دَفَعتُ ثمن الكتاب مُسَبَّقًا 20 – رَقَّشَ الرسامُ اللوحةَ 21 – رَقَّمَ الصفحةَ 22 – زَبَّلَ الأرضَ 23 – سَأُوَصِّل الهاتَف بالمنزل 24 – سَمَّمَ الطعامَ 25 – شَكَّلَ الأستاذُ الجملةَ 26 – عَصَّبَ رأسَه بمنديل 27 – عَضَّدَ الرجلُ صديقَه 28 – عَمَّرَ البيتَ 29 – فُلان مُجَدَّر 30 – قَدَّرَ أستاذَه 31 – قَشَّرَ الفاكهةَ 32 – نَكَّب عن الطريق 33 – وِزَارة الإسكان والتَّعْمِير 34 – وَصَّف المشكلة

الرأي: مرفوضة

السبب: لمجيء «فَعَّلَ» بمعنى «فَعَل».

الصواب والرتبة:

  1. أَجَرَه البيتَ [فصيحة]-أَجَّرَه البيتَ [صحيحة]
  2. ألغى الشَّارع القوانين المقيِّدة للحرية [فصيحة]-ألغى المُشَرِّع القوانين المقيِّدة للحرية [فصيحة]
  3. اجتمعنا في نادي التَّجديف [فصيحة]-اجتمعنا في نادي الجَدْف [فصيحة مهملة]
  4. باع أثاث بيته بسعر مُخَفَّض [ص:974][فصيحة]-باع أثاث بيته بسعر مخفوض [فصيحة]
  5. بَلَّه بالماء [فصيحة]-بَلَّله بالماء [صحيحة]
  6. تَجريف الأرض [فصيحة]-جَرْفُ الأرض [فصيحة]
  7. تَحْيِيد الدولة [صحيحة]
  8. تُدَعِّم الدولةُ مُسْتَهلكي السِّلعِ [فصيحة]-تَدْعَم الدولةُ مُسْتَهلكي السِّلعِ [فصيحة]
  9. تَدْفين الموتى فرض كفاية [فصيحة]-دفن الموتى فرض كفاية [فصيحة]
  10. جَبَّر الطبيبُ العظمَ [فصيحة]-جَبَرَ الطبيبُ العظمَ [فصيحة]
  11. جَرَّفَ الأرضَ [فصيحة]-جَرَفَ الأرضَ [فصيحة]
  12. حَرَّقَ الصَّبيُّ الأوراقَ [فصيحة]-حَرَقَ الصَّبيُّ الأوراقَ [فصيحة]
  13. حَوَّطَت الأمُّ ابنها [فصيحة]-حَاطَت الأمُّ ابنها [فصيحة مهملة]
  14. حَام الطائرُ حول عُشّه [فصيحة]-حَوَّم الطائرُ حول عُشّه [صحيحة]
  15. خَبَّطَ على الباب [فصيحة]-خَبَطَ على الباب [فصيحة]
  16. خَرَّفَ الرجلُ لكبر سنِّه [فصيحة]-خَرَفَ الرجلُ لكبر سنِّه [فصيحة]
  17. خَرَّمَ الأوراقَ [فصيحة]-خَرَمَ الأوراقَ [فصيحة]
  18. خَمَّنَ الأمرَ قبل حدوثه [فصيحة]-خَمَنَ الأمرَ قبل حدوثه [فصيحة مهملة]
  19. دفعتُ ثمن الكتاب سابقًا [فصيحة]-دفعتُ ثمن الكتاب مُسَبَّقًا [فصيحة]
  20. رَقَشَ الرسامُ اللوحةَ [فصيحة]-رَقَّشَ الرسامُ اللوحةَ [صحيحة]
  21. رَقَمَ الصفحةَ [فصيحة]-رَقَّمَ الصفحةَ [صحيحة]
  22. زَبَّلَ الأرضَ [فصيحة]-زَبَلَ الأرضَ [فصيحة]
  23. سأَصِلُ الهاتفَ بالمنزل [فصيحة]-سأُوَصِّل الهاتفَ بالمنزل [فصيحة]
  24. سَمَّ الطعامَ [فصيحة]-سَمَّمَ الطعامَ [فصيحة]
  25. شَكَلَ الأستاذُ الجملةَ [فصيحة]-شكَّلَ الأستاذُ الجملةَ [صحيحة]
  26. عَصَبَ رأسَه بمنديل [فصيحة]-عَصَّبَ رأسَه بمنديل [فصيحة]
  27. عَضَدَ الرجلُ صديقَه [فصيحة]-عَضَّدَ الرجلُ صديقَه [فصيحة]
  28. عَمَرَ البيتَ [فصيحة]-عَمَّرَ البيتَ [فصيحة]
  29. فلانٌ مُجَدَّر [فصيحة]-فلانٌ مَجْدُور [فصيحة]
  30. قَدَّرَ أستاذَه [فصيحة]-قَدَرَ أستاذَه [فصيحة]
  31. قَشَرَ الفاكهةَ [فصيحة]-قَشَّرَ الفاكهةَ [فصيحة]
  32. نكَب عن الطريق [فصيحة]-نكَّب عن الطريق [فصيحة]
  33. وزارة الإسكان والتعمير [فصيحة]
  34. وصَّف المشكلة [صحيحة]

التعليق: يكثر في لغة العرب مجيء «فَعَّلَ» بمعنى «فَعَل»، كقول التاج: جَبَرَ العظمَ وجَبَّرَه، وقوله: جَرَفَ الطين … كجرَّفه، وقوله: حاطه … كحوَّطه، وقوله: خَرَمَ الخرزةَ وخرَّمها: فصمها، وقول الأساس: سلاح مسموم ومُسَمَّم، وقول اللسان: عَصَبَ رأسَه وعصَّبه: شدَّه، وقوله: قَشَرَ الشيءَ وقشَّره … إلخ، وقد قرر مجمع اللغة المصري- في دورته العاشرة- أنَّ «فعَّل» المضعَّف مقيس للتكثير والمبالغة، كما قرر أيضًا- في دورته الحادية عشرة- إجازة استعمال صيغة «فعَّل» لتفيد معنى التعدية أو التكثير، وأجاز المجمع أيضًا- في دورته الثانية والأربعين- مجيء «فعَّل» بمعنى «فَعَل» بناء على أنَّ الصرفيين نصُّوا على أنَّ «فَعَّل» المضعف يجيء بمعنى «فَعَل»، مثل: قطَّب وجهَه وقطَبه، وقدَّر الشيءَ وقدرَه، وزانَ البيت وزيَّنه؛ ولأنَّ المعاجم تذكر أفعالاً مضعَّفة، يقول اللغويون: إن دلالتها وهي مضعفة كدلالتها وهي مجرَّدة.” [معجم الصواب اللغوي (2/ 973)]

وقد أكّد كل هذا النحو الوافي بما يلي:

“وقد جعل مجمع اللغة العربية بالقاهرة تعدية الفعل الثلاثي اللازم قياسية بالتضعيف لإفادة التكثير والمبالغة، مصرحا بهذا في مواضع مختلفة من بحوثه اللغوية، ومنها بحثه الخاص بصحة استعمال: “برر” بمعنى: “سوغ” حيث قال “في ص224 من كتابه الذي عنوانه: “في أصول اللغة” مشتملا على مجموعة القرارات المجمعية التي أصدرها من الدورة التاسعة والعشرين إلى الدورة الرابعة والثلاثين” ما نصه الموافقة والتأييد لما عرضته عليه لجنة الأصول وهو: “ترى اللجنة إجارة ما شاع من استعمال “التبرير” في معنى ” التسويغ” – استنادًا إلى قرار المجمع في قياسية تضعيف الفعل للتكثير، والمبالغة”. ا. هـ. [النحو الوافي (2/ 165)]

وفي هذا جاء في كتاب المجمع ” القرارات المجمعية”:

” في المعجم: برّ حجُّه:قُبل، وتضعيفه برّره: جعله مقبولا. ومن ثم ترى اللجنة إجازة ما شاع من استعمال التبرير في معنى التسويغ. استنادا إلى قرار المجمع في قياسية تضعيف الفعل للتكثير والمبالغة.” [ القرارات المجمعية في الألفاظ والأساليب من 1934 إلى 1987م، ص 98 ]

ويؤيد هذا ما جاء في  البدبع في علم العربية عند الحديث عن الأفعال اللازمة والمتعدية:

“الضّرب الثّالث: أفعال متعدّية بنفسها، فإذا أدخلت عليها القرينة صارت قاصرة، وذلك قولهم:” أقشع السّحاب”، و” قشعت الرّيح السّحاب”…

وقريب من هذا الضّرب: أنّ تضعيف الفعل المتعدّي موضوع للتكثير، كقولك: ضرّبت، وقتّلت، وقد جاء عنهم بالعكس، قالوا: مجدت الإبل – مخفّفا – إذا علفتها ملء بطنها، ومجّدتها – مشدّدا – إذا علفتها نصف بطنها، وقالوا: هذا بلد قد شبعت غنمه، إذا أكلت كلّ الشّبع، وشبّعت غنمه، إذا أكلت نصف الشّبع.” [البديع في علم العربية (1/ 438)]

وقد أورد كتاب اللهحات العربية في التراث مؤكِّدا على كل ما عرضناه، أورد اختلاف القبائل العربية في مسألة التشديد، فبينما ذهب البدو إلى التشديد كان أهل العالية يميلون للتخفيف، فمنهم من يقول “مجّدت الدابة” ومنهم من يقول (مجَدتُ) بالتخفيف. وقد ظهر أثر ذلك في القراءات القرآنية، فقد جاءت الآية { أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى} (آل عمران 40) في قراءة أخرى بالتخفيف (إن الله يَبشُركَ)، وجاءت الآية {مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ } (آل عمران 125) بالتشديد أيضا (منزّلين). [ينظر: اللهجات العربية في التراث، ج2، ص 664- 667]

فورود مثل هذه الأفعال بكثرة في كلام العرب بصيغة فعَل وفعّل على نفس المعنى أو للتكثير والمبالغة في صيغة فعّل، هو ما جعل مجمع اللغة العربية يقر بأن الانتقال من فعَل إلى فعّل قياسيّ.

وكل هذا يثبت صحة وفصاحة الفعل نقّد باشتقاقاته المختلفة (ينقّد تنقيدا منقّد منقدين)، رغم عدم وروده في المعاجم العربية، فهو مأخوذ على القياس في تضعيف الفعل الثلاثي (نقَد) بهدف التكثير والمبالغة، أو بجواز قياسية ورود صيغة فَعَّل بمعنى فَعَل.

ولتأكيد كل هذا نورد بعض الأمثلة من بين الكثير الواردة لهذا الفعل (نقّد) في المصادر العربية المختلفة وهي كما يلي:

1:  معجم تاريخ التراث الإسلامي في مكتبات العالم – المخطوطات والمطبوعات (2/ 1204)

سعيد بن عمرو بن عمّار أبو عثمان الأزدي البرذعي من حفّاظ الحديث، نسبته إلى “برذعة “بأقصى آذربيجان، المنقّد الرحّال المعروف ..

2: معجم تاريخ التراث الإسلامي في مكتبات العالم – المخطوطات والمطبوعات (4/ 2687)

محمد بن حسن (حسين) بن مظفر أبو علي الحاتمي البغدادي الكاتب الأديب اللغوي الشاعر المنقّد المعروف بالحاتمي ..

3: معجم تاريخ التراث الإسلامي في مكتبات العالم – المخطوطات والمطبوعات (4/ 2747)

7365 – محمد بن سعيد بن أحمد بن شرف بن أبي سعيد الجذامي القيرواني الكاتب الأديب الشاعر المنقّد المعروف بابن شرف القيرواني..

4: معجم تاريخ التراث الإسلامي في مكتبات العالم – المخطوطات والمطبوعات (5/ 3054)

رسالة في الردّ على البكتاشية وبيان مذهبهم …الخزانة التيموريّة 177، 1293 هـ لم يعلم المنقّد؛

5: معجم تاريخ التراث الإسلامي في مكتبات العالم – المخطوطات والمطبوعات (5/ 4000)

يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البرّ بن عاصم جمال الدين أبو عمر النَمَري الأندلسي القرطبى الفقيه المالكى المحدّث المقري النحوي المنقّد الأديب المؤرخ عالم بالرجال …

6: العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (1/ 186)

وللعلامة المقبلي رحمه الله تنقيدٌ على كلام المؤلف هذا في كتابه ” العَلَم الشامخ في إيثار الحق على الآباء والمشايخ

7: العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (3/ 168)

وقد توسع العلامة المحدث أحمد شاكر رحمه الله في الكلام على أسانيد هذه الأحاديث وتنقيدها

8: إظهار الحق (1/ 157)

وهذه الروايات الصادقة والكاذبة وصلت من كاتب إلى كاتب آخر وتعذر تنقيدها بعد انقضاء المدة”.

9: الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية (1/ 210)

قالَ اللَّهُ المطلع لعموم ما في استعدادات عباده ولجميع ما يئول اليه عواقب أمورهم مناديا يا عيسى هذا اى يوم الجزاء المعد للعرض والحساب وتنقيد الأعمال يوم لا يكتسب فيه الخير ولا يستجلب النفع ولا يدفع الضر..

10: الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية (1/ 466)

نَحْشُرُهُمْ ونبعثهم يَوْمَ الْقِيامَةِ بعد تنقيد أعمالهم

ملحوظة: كلمة (تنقيد) وردت في الفواتح الإلهية 25 مرة.

11: إشارات الإعجاز (ص: 180)

والطريق الثاني: هو ان اهل العلم والتدقيق واهل التنقيد الذين يعرفون خواص الكلام

12: بيان المعاني (3/ 355)

ويستعار للأخذ بالحديث والشروع فيه بطريق التنقيد والتفنيد،

13: مسند أحمد ط الرسالة (1/ 140)

وسيجدُ القارىءُ الكريمُ أننا قد خالَفْنا في تنقيد الرواة الحافظَ ابن حجرٍ

14: مسند أحمد ط الرسالة (5/ 187)

ولم يصب في تنقيد الحافظين ابن الجوزي والعراقي رحمهما الله

15: سنن أبي داود ت الأرنؤوط (مقدمة/ 114)

وقواعدَ لتوثيق الروايات، وفحصِ الأسانيد، وتنقيدِ المتون،

16: عمدة القاري شرح صحيح البخاري (1/ 2)

وَلَا تنَازع فِي صِحَة تنقيده اثْنَان

17: شرح سنن ابن ماجه للسيوطي وغيره (ص: 88)

وتضعيف رواتها وَقرر بعد التنقيد وَالتَّحْقِيق

18: التعليق الممجد على موطأ محمد (1/ 107)

أن فيه في تنقيد الرجال مسامحات كثيرة،

19: مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (2/ 170)

وارجع لمزيد الكلام إلى أبكار المنن في تنقيد آثار السنن

20: مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (3/ 154)

وإليهم المرجع في تنقيد الأسانيد

وغيرها الكثير من المصادر الإسلامية لا سيّما شروح الحديث الشريف وتحقيقاتها.

“وبعد كل هذا يثبت أن الكلمات (نقّد / تنقيد / منقِّد ) لهي لغة عربية صحيحة وفصيحة وليست أعجمية، تشهد على الإعجاز في لغة المسيح الموعود عليه السلام العربية، وتشهد على خيبة المعترض وأعوانه.