المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود عليه السلام العربية ..280

الدّخْل والدّخول مصادر للفعل دخَل اللازم والمتعدي ..2

مجمع اللغة العربية المصري يؤيد توجيهاتنا السابقة في المصدر (دخْل)

الاعتراض:

أخطا المسيح الموعود عليه السلام في قوله التالي: ولكنه يُخطئ لدخله قبل وقت الدخل، فيصرّ على خطئه.” (حمامة البشرى) حيث جعل مصدر الفعل (دخَل) على (الدخْل)، بدلا من (الدخول).

الرد:

أثبتنا في رد سابق صحة كلام المسيح الموعود عليه السلام هذا، وأنه لا خطأ واقع فيه؛ من منطلق أن الفعل (دخَل) هو فعل لازم ومتعد في نفس الوقت، فعلى اعتباره لازما يكون مصدره (الدخول) قياسا، وعلى اعتباره متعديا يكون مصدره (الدخْل) قياسا على وزن الفعل الثلاثي المتعدي الضي على صيغة (فَعَل).  [يُنظر: مظاهر الإعجاز 219 ، على الرابط التالي: https://wp.me/pcWhoQ-5jO ).

ولنا هنا أن نزيد في هذا الموضوع، مما وجدناه في قرارات مجمع اللغة العربية المصري من التوجيهات الممكنة، لكون (الدخْل) مصدرا لفعل (دخَل) كما يلي:

قياسية صياغة المصدر للفعل الثلاثي اللازم الذي وزنه (فَعَل) على وزن (فَعْل).

إذ ليس بالضرورة ان نعتبر الفعل دخَل فعلا متعديا من أجل صوغ مصدره على الدخْل، كما فعلنا في المقال السابق المشار إليه في هذا الرد، وذلك رغم صحة ما ذكرناه هناك. فبناء على هذا التوجيه الجديد بإمكاننا الإبقاء على اعتبار الفعل (دخَل) فعلا لازما، ليصح صوغ مصدره على وزن (فَعْل) أي (دخْل).

وذلك كله بناء على قرار مجمع اللغة العربية المصري التالي، حيث جاء:

” المشهور في قواعد اللغة أن فَعَل اللازم مصدره الفُعُول كسَجَد سجودا، وذلك ما ذهب إليه المجمع في قراره الخاص بتكملة فروع مادة لغوية لم تذكر بقيتها. ونظرا لما رواه الفراء من أنه (إذا جاء فعل لم يسمع مصدره فاجعله فَعْلا للحجاز، وفُعُولا لنجد)؛ ونظرا لورود أفعال كثيرة لازمة مصدرها على فَعْل كهمَس همْسا، يرى المجمع إجازة فَعْل وفُعول مصدرا ل”فَعَل” اللازم. ” ( في أصول اللغة، ج3، ص15).

ومما يثلج الصدر، أن المجمع اعتمد في قراره على قول الفراء الذي نقلناه في المقال السابق، واستنتج منه ما استنتجناه في النهاية، أن لغة الحجازيين يطّرد فيها الفَعْل مصدرا لفَعَل، بغض النظر عن كون الفعل لازما أو متعديا.

وقد أرفق المجمع في قراره هذا مذكرة للاستاذ محمد شوقي أمين بعنوان: “هل يصح الفَعْل مصدرا للثلاثي اللازم؟” ملخصها ما يلي:

1: أن خلاصة بحث وإحصاء الأستاذ جميل الملائكة عضو المجمع العلمي العراقي في مسألة مصدر الفعل الثلاثي اللازم (فَعَل)، أنّ ما جاء وزن مصدرها على فَعْل، أكثر مما جاء على الفُعُول.

2: يعتمد الأستاذ محمد شوقي أمين على قول الفراء:(إذا جاء مما لم يُسمع مصدره فاجعله فَعْلا للحجازيين وفُعُولا لنجد)؛ ليستخلص منه نفس النتيجة التي ذهبنا إليها في المقال السابق، أنه على لغة الحجازيين مصدر فَعَل هو الفَعْل باطراد، وعلى لغة نجد هو الفُعول باطراد، بغض النظر عن كون الفعل لازما أو متعديا، وهو عين ما ذهبنا إليه.

3: يخلص الأستاذ إلى اقتراح صيغة للقرار تقول: الفَعْل بفتح الفاء وسكون العين مصدر ينقاس في كل فعل ثلاثي مفتوح الفاء والعين، بلا تمييز بين التعدي واللزوم. (يُنظر: في أصول اللغة، ج3، ص15-19)

وكل هذا يؤكد أن المصدر دَخْل مصدر صحيح للفعل دَخَل اللازم أيضا، وليس فقط المتعدي.

ومن التوجيهات الأخرى التي ممكن ان نذهب إليها في معنى كلمة (الدخل) الواردة في كلام المسيح الموعود عليه السلام أعلاه ، هو أن يكون معناها على: العيب والفساد. حيث جاء:

“(دخل): ودخل المكان والشئ دخولا. ودخل الرّجل والشئ دخلا [ودخلا] صار فيهما عيب، ودخل الطّعام مثله:صار فيه السّوس. وأنشد أبو عثمان: رفدت ذوى الأحساب منهم مرافدى … وذا الدّخل حتّى عاد حرّا سنيدها؟ قال أبو عثمان: قال أبو بكر: ودخل أمره يدخل دخلا: فسد. [كتاب الأفعال (3/ 327)، لابن الحداد]

 

“و”دَخَل” المكانَ والشيءَ دُخُولاً و”دُخِل” الشيءُ والرجلُ دخل دَخَلاً دَخْلاً صار فيهما عَيْبٌ.” [كتاب الأفعال (1/ 352) لابن القطاع ]

 

وهذا المعنى للدخل قد ينطبق، بتأويل أو آخر، على فقرة المسيح الموعود عليه السلام المذكورة أعلاه، ولكن الأمر – ولا ريب – متعلق بنية المسيح الموعود عليه السلام في أي معنى قصد استعمال هذه الكلمات، وهو امر ليس من اليسير القطع فيه. فما يهمنا أنه أيا كان التوجيه الصحيح لهذه الفقرة، فلا خطأ واقع فيها قطّ!