المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود عليه السلام العربية ..285

مجمع اللغة العربية المصري يؤيد ما ذهبنا إليه في إجازة إضافة الموصوف إلى صفته

في توجيهنا لبعض عبارات المسيح الموعود عليه السلام، التي جاء فيها الموصوف مضافا إلى صفته، كمثل قوله عليه السلام : “لا تَظهَر حقيقتُه على الناس على وجه الكامل”؛ قلنا إن هذه العبارات تتوجه -من بين ما تتوجه عليه- على جواز إضافة الموصوف إلى صفته وفق المذهب الكوفي، الذي يستند على أمثلة مسموعة  عن العرب لا سيما تلك الواردة في القرآن الكريم وتماثل هذه الصيغ. وقد عرضنا الشواهد المختلفة التي تؤيد ما نقوله من أمّات المراجع النحوية. (ينظر: مظاهر الإعجاز 10؛ على الرابط التالي: https://wp.me/pa2lnY-2vt )

ولنا لتأكيد ما ذهبنا إليه، أن نعطف على كل ما قلناه بالقول إن مجمع اللغة العربية المصري يؤكد ما ذهبنا إليه في هذا التوجيه، بنشره بحثا مماثلا في هذا الموضوع لعضو المجمع الأستاذ محمد شوقي أمين بعنوان “في إضافة الموصوف إلى صفته”، أكد فيه على ما قلناه في مقالنا السابق ملخَّصا بما يلي:

أما الكوفيون فقد استخلصوا من الامثلة الإجازة بإطلاق، دون تاويل، فهم يجيزون إضافة الموصوف إلى صفته استشهادا بنحو مسجد الجامع وجانب الغربي، يقولون إن الإضافة فيه لتخفيف المضاف بحذف الكلام، وذلك من باب إضافة الشيء إلى نفسه مع اختلاف اللفظين، كما هو مذهب الفراء.

وبين النحاة في القرنين الخامس والسادس يجنح ابن الطراوية وتلميذه السهيلي إلى تاييد المذهب الكوفي في هذا الصدد، فنرى ابن الطراوية ويسمي هذا النوع من الإضافة إضافة تخصيص، ولكن السهيلي يشترط للإجازة في إضافة الاسم إلى الصفة، ويأخذ عليه توجيهه لما في القرآن شرطين: تعريف المضاف إليه، وأمن اللبس. ويقول إن الوصف إذا كان لازما نحو مسجد الجامع وماء البارد، فالمضاف إليه أفاد معنى ليس في الموصوف، وهو الصفة، فصرت كأنك تضيف إلى هذا المعنى، وعلى ذلك لا يجيز السهيلي إطلاق قياس الكوفيين في هذه الإضافة، إذ إن قياسهم يجيز أن يُقال في نحو رايت رجلا قائما: رأيت رجل قائم، على حين أن الوصف ليس معرفة وليس بلازم. ” (إ، هـ)

ويخلص الباحث بعد كل ما نقل إلى ما يلي:

ولا أحسب بعد هذا الذي عوّل عليه الكوفيون في القياس من الكلم الفصاح أن إجازة الاستعمالات العصرية لا تعدو سنة العربية في مرونتها وطواعيتها للتصرف وقبولها لأنماط التخفيف والتيسير في صور التعبير.”

وما يهمنا في كل ما قاله وخلص إليه الباحث، هو تأكيده على أن المذهب الكوفي يُطلق القياس في إضافة الموصوف إلى صفته، وهو حقيقة التوجيه الذي ذهبنا إليه في توجيه عبارات المسيح الموعود عليه السلام ذات الصلة.

وقد استانس المجمع ببحث الأستاذ محمد شوقي أمين هذا، لإقراره تجويز بعض الاستعمالات الحديثة مثل ” مفتش أول اللغة العربية”، والتي يظهر فيها الموصوف مضافا إلى وصفه، أو فُصل بينه كمضاف وبين المضاف إليه بوصفه. وقد أقر المجمع هذه التراكيب بناء على بحث أساسي آخر بعنوان “الفصل بين المضاف والمضاف إليه بنعت المضاف” للأستاذ شوقي ضيف، مستأنسا ببعض الأبحاث الأخرى، التي أُرفقت بهذا الموضوع وكن من بينها بحث الأستاذ محمد أمين الذي فصّلنا فيه الحديث.

(يُنظر لكل هذا، كتاب في أصول اللغة، ج4، ص 38-40، وص 325)