المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود عليه السلام العربية ..300

الإتباع في العدد والمعدود

مجمع اللغة المصري يحل لنا لغز الأعداد في لغة المسيح الموعود عليه السلام

الاعتراض:

ادعى المعترض خطأ المسيح الموعود عليه السلام في الجمل التالية :

1: إنا أَمَتْنا أربعةَ عشرَ دوابًّا، ذلك بما عصَوْا وكانوا يعتدون.” (الاستفتاء)

2: فلبثوا في دار غربتهم إلى مدّةِ نحوِ ستينَ أعوامٍ. (لجة النور)

3: وإني جُعلتُ مسيحا منذ نحوِ عشرينَ أعوامٍ من ربّ علاّم. (تذكرة الشهادتين)

4: ومشوا معه إلى سبعينَ فرسخٍ وباتوا معه وأكلوا معه … أتظن أن سُلَّمَ السماءِ ما كان إلا على سبعينَ ميلٍ مِن مقام الصليب؟ (الهدى والتبصرة)

5: وهي مدينة عظيمة على ساحل بحر الروم بينها وبين بيروت ثلاثون أكواسًا  (نور الحق، ص 15).

6: بشّرني ربي بعد دعوتي بموته إلى خمسةَ عشرَ أشهرٍ من يوم خاتمة البحث (كرامات الصادقين).( هذه الجملة لا تنتمي إلى العقود او العشرات من الاعداد ولكنها تنطبق عليها نفس القواعد لذا أدرجناها هنا)

7:  وأُحرق فيها زهاءُ خمسمائةٍ مجلداتِ كتابِ الله الفرقان ( التبليغ)

وموضع الخطأ وفق زعمه في تمييز العدد أنه جاء على غير القواعد المعروفة، فتمييز الأعداد من 11 إلى 99 لا بدّ أن يكون مفردا منصوبا، وهذا ما لا نراه متحققا في هذه الجمل كلها.

الرد:

لقد رددنا على هذا الاعتراض في مقالات مختلفة سابقة، وقد ذهبنا فيها إلى توجيهات مختلفة على لغات العرب المختلفة، التي أقرت بها المراجع اللغوية والنحوية.( يُنظر المقالات التالية: مظاهر الإعجاز 35، 36، 38، 39، 40، 98، 137)

وتلك كلها توجيهات جائزة، إلا أننا بعد ما سنعرضه في هذا المقال من توجيه جديد لهذه الجمل، نرى أن كل تلك التوجيهات هي توجيهات ثانوية نرجح عليها ما سنذكره هنا.

فالتوجيه الذي نذهب إليه هنا، أن ما بدا من تمييز للأعداد في الفقرات المذكورة أعلاه على غير القاعدة المعروفة، هو في الحقيقة خارج من التمييز إلى دائرة التوابع كالنعت والبدل وعطف البيان، وقد يكون في بعض الأحيان حالا. كل ذلك على التفصيل التالي:

يقرّ مجمع اللغة العربية المصري بجواز الإتباع في العدد والمعدود، وذلك في بعض الأبحاث التي قام بها لدعم بعض القرارات المتعلقة بالعدد وتمييزه، وقد جاء هذا في سياق تجويز المجمع لكون جموع السلامة وجموع التكسير الوصفية وغير الوصفية تمييزا لأدنى العدد (ثلاثة إلى عشرة). وذلك ردّا لرأي بعض النحاة الذين لا يجيزون إضافة أدنى العدد إلى الوصف بشكل عام، وإلى جموع السلامة وجموع الكثرة المكسرة، بالذات إن كانت هذه أوصاف.

فقد جاء في بحث الدكتور محمد حسن عبد العزيز الخبير في المجمع، بعد نقله لأقوال بعض النحاة ومستخلصا منها ما يلي:

“أولا:إضافة أدنى العدد إلى الوصف حين يكون جمع تصحيح (مذكرا أو مؤنثا) أو جمع تكسير قبيحة. فلا يقال : ثلاثة مسلمين أو ثلاث مسلمات أو ثلاثة ظرفاء.

ثانيا: إضافة أدنى العدد إلى الوصف قبيحة؛ لأن المطلوب من تمييز العدد بالإضافة تمييز الجنس، والصفات قاصرة في هذه الفائدة، لأن أكثرها للعموم.

ثالثا: يحسن أن يقال في المواضع السابقة: ثلاثةٌ مسلمون، وثلاثٌ مسلماتٌ، وثلاثةٌ ظرفاءُ على الإتباع لا على الإضافة، أو يقال: ثلاثةُ رجالٍ مسلمين، ثلاثُ فتياتٍ مسلماتٍ، وثلاثة رجالٍ ظرفاء.” ( في أصول اللغة ، ج3، ص 129)

وقد أورد الأستاذ محمد شوقي أمين في بحث مشابه في هذا الصدد، قول الصبان معلِّقا على قول الأشموني: “وبقوله: ثلاثةُ صالحين، الأحسن فيه الإتباع على النعت، ثم النصب على الحال” (في أصول اللغة، ج3، ص 126)

فالبيّن أن المعدود يجوز فيه أن يأتي تابعا للعدد وليس تمييزا فقط. ولذا يقول النحو الوافي عن جرّ المعدود في إضافة أدنى العدد  إليه، بأنه الأعم الأكثر وليس مطلقا، حيث جاء:

وأما جره بالإضافة (يقصد المعدود في أدنى العدد) فهو الأعم الأكثر أيضا، ويحدث تخفيفا في العدد بحذف التنوين منه؛ لإضافته. ولا يصح الفصل بينه وبين العدد إلا بما يصحّ الفصل به بين المتضايفين”. [النحو الوافي (4/ 528)]

ويتابع في تمييز أدنى العدد:

“ففي مثل: عندي ثلاثة كتب؛ -بجر “كتب”، بالإضافة- نقول: عندي كتب ثلاثة يرفعها. ولو تأخر (يقصد المعدود) وأريد لداع معنوي إعرابه عطف بيان إن كان جامدا -كالأغلب في عطف البيان- أو نعتا مؤولا بالمشتق أيضا، لوجب أن يكون تابعا في إعرابه للعدد؛ نحو: عند ثلاثة أثواب، فأثواب: عطف بيان، أو نعت مؤول بمعنى: مسماة بأثواب.” [النحو الوافي (4/ 529)]

وهذا الإتباع عام لا يقتصر فقط على أدنى العدد؛ حيث ورد الإتباع في القرآن الكريم بعد الأعداد (11 إلى 99) في قوله تعالى : {وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا} (الأَعراف 161) ، كما ورد الإتباع بعد المئة في الآية الكريمة: { وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا} (الكهف 26) ؛ في الكلمات “أسباطا” و “سنين”. كما وليس الإتباع في العدد والمعدود مقصورا على النعت، بل قد يأتي بدلا أو عطف بيان أو توكيدا، كما يمكن أن يأتي حالا كما بيّنا. ويؤكد كل هذا النقول التالية في إعراب الآيات القرآنية اللآنفة الذكر:

1: “وأما قوله -تعالى: {وَقَطَّعْنَاهُمْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا} ، فأسباطًا بدل من “اثنتي عشرة” [ضياء السالك إلى أوضح المسالك (4/ 110)]

وفي الهامش يقول:

“أي: بدل كل من كل، ليس بتمييز؛ لأنه جمع. ولا يقال إن المبدل منه في نية الطرح، ولو قيل: “وقطعناهم أسباطًا” لفاتت فائدة كمية العدد وهي مطلوبة؛ لأنا نقول: إن ذلك أغلبي، وقد يخرج القرآن على غير الغالب، كما قراءة التنوين في {ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ} , وخرج بعضهم الآية على أن تمييز المركب بالجمع جائز، إذا صدق على كل واحد من العدد، وهنا كذلك؛ لأن المراد: وقطعناهم اثنتي عشرة فرقة، كل فرقة أسباط، فوضع “أسباط” موضع فرقة [سورة الأعراف الآية: 160] .”  [ضياء السالك إلى أوضح المسالك (4/ 110-111)]

 

 

2: “وأمّا قوله تعالى: {ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ}، فإن “سنين” نصبٌ على البدل من “ثلاثمائة“، وليس بتمييز، وكذلك قوله: {اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا} (2) نصب “أسباطًا” على البدل،” [شرح المفصل لابن يعيش (4/ 14)]

 

 

3: “وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ هذه قراءة أهل المدينة وأبي عمرو وعاصم، وقرأ أهل الكوفة إلّا عاصما ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ بغير تنوين. القراءة الأولى على أن سنين في موضع نصب أو خفض فالنصب على البدل من ثلاث، وقال أبو إسحاق: سنين في موضع نصب على عطف البيان والتوكيد، وقال الكسائي والفراء» وأبو عبيدة: التقدير ولبثوا في كهفهم سنين ثلاث مائة. قال أبو جعفر: والخفض ردّ على مائة لأنها بمعنى مئين..”  [إعراب القرآن للنحاس (2/ 292-293)]

ففي ردّ “سنين” بالخفض لاعتبارها بدلا أو عطف بيان إلى المئة، فهو إتباع للجمع إلى المفرد الذي بمعنى الجمع. وهذا مفيد في تخريج الكلمات “فرسخٍ” و”ميلٍ” كما سنبيّنه.

 

4: “- من الشاذ تمييز المائة -وجنسها- بمفرد منصوب؛ كقول الشاعر:

إذا عاش الفتى مائتين عاما … فقد ذهب اللذاذة والفتاء

ومن القليل تمييزها بجمع مجرور؛ كقراءة من قرأ قوله تعالى: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ} على اعتبار “مائة” مضاف و”سنين” مضاف إليه. أما من ينوّن: “مائة” فإنه يجعل كلمة: “سنين” بدلا أو عطف بيان من “ثلاث” المضافة إلى مائة. لا تمييزا، لئلا يكون التمييز هنا شاذا من وجهين؛ هما: وقوعه جمعا، ونصبه.”   [النحو الوافي (4/ 534)]

 

5: (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً) …وثلاث ظرف ومائة مضاف اليه وسنين عطف بيان لثلاثمائة أو بدل ولا يصح أن يكون تمييزا لأن تمييز المائة مجرور وجره بالاضافة والتنوين مانع منها”   [إعراب القرآن وبيانه (5/ 564)]

 

6: “قَوْله {ثَلَاث مائَة سِنِين} من نوّن الْمِائَة استبعد الْإِضَافَة إِلَى الْجمع لِأَن أصل هَذَا الْعدَد أَن يُضَاف إِلَى وَاحِد يتَبَيَّن جنسه نَحْو عِنْدِي مائَة دِرْهَم وَمِائَة ثوب فنوّن الْمِائَة إِذْ بعْدهَا جمع وَنصب سِنِين على الْبَدَل من ثَلَاث وَقَالَ الزّجاج سِنِين فِي مَوضِع نصب عطف بَيَان على ثَلَاث وَقيل هِيَ فِي مَوضِع خفض على الْبَدَل من مائَة لِأَنَّهَا فِي معنى مئين وَمن لم ينون أضَاف مائَة إِلَى سِنِين وَهِي قِرَاءَة حَمْزَة وَالْكسَائِيّ أضافا إِلَى الْجمع كَمَا يفْعَلَانِ فِي الْوَاحِد وَجَاز لَهما ذَلِك لِأَنَّهُمَا إِذا أضافا إِلَى وَاحِد فَقَالَا ثلثمِائة سنة فَسنة بِمَعْنى سِنِين لَا اخْتِلَاف فِي ذَلِك فحملا الْكَلَام على مَعْنَاهُ فَهُوَ حسن فِي الْقيَاس قَلِيل فِي الِاسْتِعْمَال لِأَن الْوَاحِد أخف من الْجمع وَإِنَّمَا يبعد من جِهَة قلَّة الِاسْتِعْمَال وَإِلَّا فَهُوَ الأَصْل” [مشكل إعراب القرآن لمكي (1/ 440)]

وعليه فإن الفقرات المعترض عليها أعلاه، تتخرج على الإتباع في العدد، على اعتبار الكلمات التي جاءت بعد العدد من التوابع؛ فهي على الأغلب بدل، أو عطف بيان على رأي النحاة الذين لا يفرقون بين عطف البيان وبدل الكل من الكل .(يُنظر : النحو الوافي جزء3، صفحة  546، وهامش صفحة 549 حيث رأي الرضي وسيبويه في عدم التفرقة بينهما). وقد يكون المعدود نعتا أو نعتا مؤولا بالمشتق إن كان جامدا.

وكما رأينا، فإن هذا التوجيه يستدعي أن يكون العدد منوّنا وغير مضاف، في أدنى العدد والمئة، وأما في ألفاظ العقود فإن ثبوت النون بديل عن التنوين، بدليل سقوطها عند الإضافة، فقد أوردنا في المقالات السابقة في هذا الصدد قول بعض العرب “عشرو درهم” : ((قَالَ الْكسَائي وَمن الْعَرَب من يضيف الْعشْرين وأخواته إِلَى التَّمْيِيز نكرَة وَمَعْرِفَة فَيَقُول عشرو دِرْهَم وأربعو ثوب..))..{(إ.هـ)همع الهوامع في شرح جمع الجوامع (2/ 348- 347 – 345)} فالنون تسقط منها عند الإضافة لأن هذه الالفاظ ملحقة بجمع المذكر السالم. أما الألفاظ من ثلاثة عشر إلى تسعة عشر فهي مبنية على فتح الجزأين ولا تغيير عليها في الإضافة وعدمها (ينظر: النحو الوافي، ج4، ص 522 و ص435-436 وهامش ص547؛ حيث الحديث عن إضافة العدد المركب).

وبناء على كل هذا يكون تحريك وإعراب الفقرات المذكورة كما يلي:

1: إنا أَمَتْنا أربعةَ عشرَ دوابًّا، ذلك بما عصَوْا وكانوا يعتدون.” (الاستفتاء)

أربعةَ عشرَ : مبني على فتح الجزأين في محل نصب مفعول به. دوابًا: بدل أو عطف بيان منصوب من أربعةَ عشرَ . وهي مطابقة للآية الكريمة: (اثنتي عشرة أسباطا).

2: فلبثوا في دار غربتهم إلى مدّةِ نحوِ ستينَ أعوامٍ. (لجة النور)

3: وإني جُعلتُ مسيحا منذ نحوِ عشرينَ أعوامٍ من ربّ علاّم. (تذكرة الشهادتين)

ستينَ وعشرينَ: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم. أعوامٍ: بدل من ستين وعشرين.

4: ومشوا معه إلى سبعينَ فرسخٍ وباتوا معه وأكلوا معه … أتظن أن سُلَّمَ السماءِ ما كان إلا على سبعينَ ميلٍ مِن مقام الصليب؟ (الهدى والتبصرة)

سبعين: مجرور بالياء لأنه ملحق بالجمع السالم. فرسخٍ وميلٍ: بدل من سبعين. ويصح الإتباع هنا رغم المخالفة بين التابع والمتبوع في الإفراد والجمع ، تماما كما صحّ الإتباع في (سنين) وردِّها إلى المئة في الآية الكريمة المذكورة أعلاه، رغم التخالف بينهما في الإفراد والجمع ؛ لأن ألفاظ العقود هي جموع تأتي أيضا بمعنى المفرد. وهذا ما أقره مجمع اللغة العربية المصري في أحد أبحاثه نقلا عن سيبويه والفراء ما يلي: ” وفيما نقله المخصص عن سيبويه والفراء :  هذا الجزء العشرون على معنى تمام العشرين، فتحذف التمام، وتقيم العشرين مقامه” [ في أصول اللغة، ج3، ص 142]

“ثم يقول محمد شوقي أمين بعد نقله هذا:  ” ما خرج به إمام نحو البصريين وإمام نحو الكوفيين معا دلالة ألفاظ العقود -وهي جموع- على مفردات” [في أصول اللغة، ج3، ص142]

وبناء على هذا فالقول: مشوا معه إلى سبعين فرسخٍ، مشابه للقول: مشوا معه إلى الفرسخ السبعين. فكما صح وصف الفرسخ بالسبعين، يصح التبادل على البدل بينهما فالبدل والوصف، توابع كليهما تسير عليهما نفس الأحكام من حيث التطابق في الإفراد والجمع، حيث حديثنا عن بدل كل من كل.

أو قد يصح عدم التطابق في الإفراد والجمع بين البدل والمبدل منه، على اعتبار أن الكلمات “ميلٍ” و “فرسخٍ” هي نفسها من قبيل الواحد الدال على الجمع ، كما يأتي لفظ المئة: ثلاثمئة وأربعمئة، أو كما جاء لفظ سنة : ستّ سنة وثلاث سنة ؛ وغيرها مما فصّلنا الحديث فيه مرارا.

ويؤكد ذلك النحو الوافي في حديثه عن تمييز أدنى العدد بإضافته لكلمة مئة فيقول:

” قلنا: إن المراد بالمائة والألف هو جنسهما الشامل لمفردهما، ولمثناهما، ولجمعهما.. هذه الدلالة على الجمعية قد تكون بصيغة الجمع المباشر المتحقق في لفظهما؛ نحو: هذه مئو رجلا تقود أربعة آلاف جندي. وقد تكون “الجمعية” غير مباشرة؛ بأن تكون صيغة المائة: “مضافا إليه” يكتسب معنى الجمعية من “المضاف” بشرط أن يكون هذا المضاف ثلاثة، أو تسعة، أو عددا بينهما؛ نحو: قضى الرحالة ثلاثمائة يوم في الصحراء، قطع فيها تسعمائة ميل.” [النحو الوافي (4/ 533)]

ونفس ما جاء في النص أعلاه ينطبق على الكلمات ميل وفرسخ، فهي مفردة لفظا ولكنها المراد منها جنسها الشامل لمفردها ومثناها وجمعها، فمن هذا المنطلق تعتبر اسم جنس، فمع كون هذه الكلمات مفردة، إلا أن دلالتها على الجمع تكتسب من متبوعها الذي سبقها وهي الأعداد ثلاثة إلى عشرة.

5: وهي مدينة عظيمة على ساحل بحر الروم بينها وبين بيروت ثلاثون أكواسًا  (نور الحق، ص 15).

أما هذه الجملة فلا يمكننا تخريجها على الإتباع لعدم التطابق بين العدد والمعدود في الرفع والنصب، فهي على التخريج السابق الذي ذهب إليه الفراء في جواز تمييز الأعدادا 1-99 بالجمع ، حيث جاء: وَجوزهُ الْفراء نَحْو عِنْدِي أحد عشر رجَالًا وَقَامَ ثَلَاثُونَ رجَالًا وَخرّج عَلَيْهِ {اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً} [الْأَعْرَاف: 160]

6: بشّرني ربي بعد دعوتي بموته إلى خمسةَ عشرَ أشهرٍ من يوم خاتمة البحث (كرامات الصادقين).

خمسةَ عشرَ: مبني على فتح الجزأين في محل جرّ. أشهرٍ: بدل من خمسة عشر. وهي مطابقة للآية الكريمة: (اثنتي عشرة أسباطا).

7:  وأُحرق فيها زهاءُ خمسِمائةٍ مجلداتِ كتابِ الله الفرقان ( التبليغ)

خمسِ: مضاف إليه مجرور. مائةٍ: مضاف إليه مجرور. مجلداتِ: بدل أو عطف بيان من خمس أو من مائةٍ.  وهذه مطابقة للآية الكريمة (ثلاثمائةٍ سنين).

كل هذا بالإضافة إلى التوجيهات الأخرى التي ذهبنا إليها سابقا، رغم كونها ثانوية وليست الأصلية.

وعليه، لا خطأ في كل ما جاء به المسيح الموعود عليه السلام. بل هي دقائق لغوية لا تدل غلى على شيء واحد زهو ان تعليم المسيح الموعود عليه السلام للغة العربية لم يكن إلا بتعليم الوحي الرباني في معجزة أصلحه الله بها لغويا في ليلة واحدة.