المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود ع العربية ..30

نكتة جموع التكسير الخاطئة ..


الاعتراض:

يقول المعارضون ما لي:

للميرزا طريقته الخاصة في الجمع؛ فالعربي تُجمع على عربيين، وتاجر على تجارين، وغريق على غريقين، ولعلها من الـ 40 ألف هراء الذي تعلمه في الليلة السوداء.

يقول:

  1. ألا يعلمون أن العربيِّين سابقون في قبول الحق من الزمان القديم؟ (نور الحق، ص 15)
  2. ولم يَخْلُ تنتاب العربيِّين كتبي حتى رأيت فيهم آثار التأثير. (نور الحق، ص 26)
  3. وكذلك تعجبك كثرة المسافرين والتُجارين. (التبليغ، ص 60)
  4. وأهل الثراء منهم غريقون في النِّعَم ويأكلون كالنَّعم. (سر الخلافة، ص 80)
  5. وإذا تجاوز عشر سنين، فهو مترعرع عند العربيين. (منن الرحمن)
  6. وأعرضوا عن الحكمة اليمانية وعرفان العربيين. (لجة النور)

الردّ:

إنها في الحقيقة أربعون ألف خزي ينزل كل يوم بالمعارضين، علّمها الله تعالى للمسيح الموعود عليه السلام، ليخزي بها أعداءه. فهي أربعون ألفا من اللغات العربية التي جهلها هؤلاء الجهلة “التوافهون”، جعلها فتنة لهم ولأمثالهم من الذين في قلوبهم مرض.

وللرد عليهم يكفينا أن نذكّر أن جمع كلمة عربيّ وغريق جمعا مذكرا سالما بصيغة عربيون/عربيين وغريقون/غريقين، واردة في أمهات الكتب اللغوية والدينية عشرات بل مئات، وقد يكون آلالف المرات، نسوق لكم البعض منها هنا:


كلمة عربيون/ عربيّين:

1- رُوَاةُ هَذَا الْحَدِيثِ كُلُّهُمْ عَرَبِيُّونَ غَيْرَ أَبِي حَازِمٍ، فَإِنَّهُ سَلَمَةُ بْنُ دِينَارٍ، وَدِينَارٌ عَبْدٌ. {معرفة علوم الحديث للحاكم (ص: 201)}

2- فحقه أن يقال: عربية أو عربيون لأن المراد بيان التنافي والتنافر بين الكلام وبين المخاطب به لا بيان كون المخاطب به واحدا أو جمعا. {تفسير الألوسي = روح المعاني (12/ 380)}

3- قال الله تعالى: {قل} لهم يا محمد {فأتوا بعشر سور مثله} في البيان وحسن النظم {مفتريات} فإنكم عربيون مثلي. {السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير (2/ 48)}

4- {قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَر مِثْله} فِي الْفَصَاحَة وَالْبَلَاغَة {مُفْتَرَيَات} فَإِنَّكُمْ عَرَبِيُّونَ فُصَحَاء مِثْلِي تَحَدَّاهُمْ بِهَا أَوَّلًا ثُمَّ بِسُورَةٍ وَادْعُوا} لِلْمُعَاوَنَةِ عَلَى ذَلِكَ {مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُون اللَّه} أَيْ غَيْره {إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} فِي أَنَّهُ افْتِرَاء. {تفسير الجلالين (ص: 286)}

5- فقال الوزير: أيها الملك إنهم قوم عربيون جاهلون لا يعرفون شيئا، {شرف المصطفى (1/ 97)}

6- وَقبض العربيون الدامغ قهرا بِالسَّيْفِ السُّلْطَان. {السلوك في طبقات العلماء والملوك (2/ 619)}

7- وبعض إيضاحات أوضحها لها المنجمون العربيون {الدر المنثور في طبقات ربات الخدور (ص: 32)}

8- وقال النبي صلى الله عليه وسلم: الأنبياء سُرْيَانيُّون وعَرَبيُّون، فيهم أربعة من العَرَب، {الأنساب للصحاري (ص: 41)}

9- ولن يحسبها الأدباء العربيون في قبيل (اللسان المبين) والجزيرة أقاليم، {مجلة الرسالة (193/ 14)}

10- لتكون من جملة من أنذر قبلك، كنوح وإبراهيم وموسى، وغيرهم من الرسل، عربيين. {البحر المديد في تفسير القرآن المجيد (4/ 161)}


كلمة غريقون/ غريقين:

1- فلا يُنّبهُهُمْ عن سباتهم إلا نفخةُ الصور … لأنهم غريقون في الديجور. {موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام – الدرر السنية (2/ 468،)}

وفي كتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور جاءت في العبارات التالية:

2- {الضالون *} أي الغريقون في الضلال.

3- {هم الكافرون} أي الغريقون في الكفر

4- {وأحباؤه} أي غريقون في كل من الوصفين

5- {وأهلها غافلون *} أي غريقون في الغفلة

6- {إنه لا يفلح الظالمون *} أي الغريقون في الظلم

7- {مؤمنون*} أي غريقون في الإيمان به

8- {فاسقون*} أي غريقون في الفسق.

9- {غافلون} أي غريقون في الغفلة

وفي كتاب السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير جاءت العبارات في التالية:

10- {إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون} ، أي: الغريقون في الكفر،

11- {إلا وأهلها ظالمون} أي: غريقون في الظلم بالعصيان

12- {يخسر المبطلون} أي: الداخلون في الباطل الغريقون في الاتّصاف به

13- {مؤمنون} أي: غريقون في الإيمان

14- {ساهون} أي غريقون في السهو

وفي كتاب مناهل العرفان في علوم القرآن جاء:

15- ثم تأمل حكم الله على بني الإنسان جميعا بأنهم غريقون في الخسران


وكل هذه شواهد على صحة هذا الجمع وصيغته ونحن بغنى عن ذكر القواعد التي تسير حسبها، ولكن لإتمام الحجة نقول في التخريج اللغوي ما يلي:

كلمة غريق:

كلمة غريق هي صفة على صيغة فعيل بمعنى مفعول وقد تكون وتحمل على معنى فاعل.

اعلم أخي القارئ، أن القاعدة الأساسية التي وفقها يجوز جمع الصفة جمع مذكر أو مؤنث سالما، هي أن تكون في صيغة المفرد من الممكن التفريق فيها بين المذكر والمؤنث بدخول تاء التأنيث عليها لتدل على المؤنث. فأما الصيغ التي تستعمل للمذكر والمؤنث على حد سواء فلا يجوز جمعها جمع مذكر سالما مثل: صيغة مفعال، ككلمة مهذار، فهي تستوي للمذكر والمؤنث فنقول: رجل مهذار وامرأة مهذار، ولا يصح الجمع على مهذارون ومهذارات.

وهذا ما يؤكده النحو الوافي في حديثه عن صيغة “فعول بمعنى فاعل” -والتي هي شبيهة بصيغة ” فعيل بمعنى مفعول” التي نحن بصددها- والتي راج عنها أنها أيضا لا تجمع جمع مذكر سالم لاستواء المذكر والمؤنث في مفردها،حيث قال:

“يستعمل للمذكر والمؤنث (يقصد فعول بمعنى فاعل)، بشرط أن يكون بمعنى: “فاعل” وقبله موصوفه، أو ما يقوم مقامه، بالتفصيل الذي سيجيء في باب: “التأنيث” جـ4 ص 546 م 169 ومنه يعلم حكم جديد في تأنيث “فعول” وجمعه جمع تصحيح للمذكر والمؤنث هو ما قرره مجمع اللغة العربية:

أ – من جواز إلحاق تاء التأنيث بصيغة “فعول” بمعنى: فاعل.

ب- يترتب على ذلك جواز جمعها للتصحيح.” {النحو الوافي (1/ 144)}

وجاء أيضا في نفس الصدد:

” وعلى هذا يجري على تلك الصيغة ( يقصد صيغة فعول بمعنى فاعل) -بعد جواز تأنيثها بالتاء- ما يجري على غيرها من الصفات التي يفرق بينها وبين مذكرها بالتاء؛ فتجمع جمع تصحيح للمذكر والمؤنث. ا. هـ ” {النحو الوافي (4/ 592) نقلا عن قرار المجمع القاهري}

إذًا، الأساس لجمع السلامة مذكرا أو مؤنثا، هو دخول تاء النقل أو التأنيث على الصفة في المفرد.

أما صيغة فعيل فقد راج أنها مما يستوي فيها المذكر والمؤنث دائما، إلا أن هذا غير صحيح، وهذا ما أوقع المعارضين في الخطأ.

فقد جاء في النحو الوافي عن الصيّغ التي لا تجمع جمع مذكر سالم ما يلي:

“فإن كانت الصفة خاصة بالمؤنث، لم تجمع جمع مذكر سالمًا؛ منعًا للتناقض بين ما يدل عليه المفرد، وما يدل عليه جمع المذكر، مثل: “مُرضع” فلا يقال: مرضعون،… وكذلك ما كان على صيغة تستعمل للمذكر والمؤنث، كصيغة، مِفْعال كمِهْذار، ومِفْعَل؛ كمِغْشَم. وفَعُول؛ مثل صَبور وشكور، وفَعيل”؛ مثل كَسِير وقَطِيع؛ إذا لا يتأتى أن يكون المفرد صالحاً للمذكر والمؤنث معًا وجمعه لا يكون إلا للمذكر؛ فيقع اللبس والخلط بسبب هذا.” {النحو الوافي (1/ 143- 144)}

إلا أن هذا ليس هو القول الفصل في المسألة، وليست هذه قاعدة جامدة لا يمكن الخروج عنها في فصيح الكلام، فقد جاء في هامش النحو الوافي عن صيغة فعيل ما يلي:

” يستعمل للمذكر والمؤنث، ((على سبيل الأغلبية الراجحة، لا علي سبيل التحتيم))، بشرط أن يكون بمعنى: “مفعول” وقبله موصوفه أو ما يقوم مقامه. {النحو الوافي (1/ 144)}

إذًا، فصيغة فعيل لكي يستوي فيها المذكر والمؤنث لا بد من استيفاء شرطين: الأول أن تكون بمعنى مفعول وليس بمعنى فاعل، والثاني: أن يُذكر قبلها الموصوف ( المؤنث).

وكل هذا ليس حتميا، فبالرغم من استيفاء هذه الشروط، أي رغم كونها بمعنى مفعول ورغم ذكر الموصوف قبلها، يجوز أيضا الفصل فيها بين المذكر والمؤنث عند الإفراد بدخول تاء التأنيث عليها.

وهذا ما يؤكده النحو الوافي فيما يلي:

“أما أشهر المشتقات التي تدخلها( تاء التأنيث) قليلا فنوعان؛ ودخولها فيهما -مع قلته- ((مقيس)). ولكنه الأحسن عدم إدخالها:

أحدهما: المشتقات الدالة على معنى خاص بالأنثى، يناسب طبيعتها….

والآخر: ما كان على وزن “فعيل” بمعنى: مفعول؛ بشرط أن يعرف من الكلام أو غيره نوع المنصف بمعناه؛ “أي: بشرط ألا يستعمل استعمالا الأسماء غير المشتقة”. ومن أمثلته: قتيل وجريح في مثل: انجلت المصادمة عن فتاة قتيل وفتاة جريح؛ بحذف التاء ((جوازا)) لعدم الحاجة إليها؛ إذ اللبس مأمون في هذه الصورة، فإن شاع استعماله استعمال الأسماء المجردة -بأن لم يعرف نوع الموصوف- وجب ذكرها لمنع اللبس، نحو: حزنت لقتيلة المصادمة. ومثل: رأيت في المجزر ذبيحة، أو نطيحة، أو أكيلة الذئب، بمعنى؛ مذبوحة، ومنطوحة، ومأكولة.

فإن كان “فعيل” بمعنى: “فاعل” فالأكثر مجيئها؛ كقول شوقي:

قطتي جد أليفه … وهي للبيت حليفه

هي ما لم تتحرك … دمية البيت الظريفه”….

…. ومما تقدم يتبين أن للتاء الفارقة ( تاء التأنيث) مع المشتق ثلاثة أحوال؛ فتارة تكون ممنوعة الدخول عليه، وتارة تكون قليلة الدخول، وهي مع قلتها مقيسة،…” {النحو الوافي (4/ 593-596)

وفي الهامش في تفسيره أن حذف التاء هو جوازا وليس وجوبا في صيغة فعيل بمعنى مفعول جاء ما يلي:

” نصوا على أن الحذف هو الغالب، ويقول “الصبان”: “يؤخذ من صنيعهم ((أن لحوق التاء “فعيلا” بمعنى: “مفعول” خلاف الغالب لا شاذ))”. ا. هـ. ثم انظر: “ب” الآتية في ص597. {النحو الوافي (4/ 595)}

نستنتج من كل هذا ما يلي:

– حذف تاء التأنيث في صيغة فعيل بمعنى مفعول والتي عُلم الموصوف (المؤنث) قبلها في الكلام، هو جوازا وليس وجوبا، وهو على الغالب وليس على سبيل التحتيم.

– يجوز أن تدخل تاء التأنيث على صيغة فعيل بمعنى مفعول مع ذكر الموصوف، ودخولها هذا رغم قلته إلا أنه مقيس. ورغم قلته فهو ليس في عداد الشاذ.

ولتأكيد كل هذا، أورد النحو الوافي الشواهد التالية من أقوال النحاة المتقدمين مثل سيبويه والرضيّ :

” وفي الكلام على: “فعيل” يقول سيبويه في كتابه “ج2 ص213” ما نصه: “وأما “فعيل” إذا كان في معنى مفعول فهو في المؤنث والمذكر سواء، وهو بمنزلة: “فعول” ولا تجمعه بالواو والنون كما لا تجمع صيغة: “فعول4 … و …

…وتقول: شاة ذبيح، كما تقول: ناقة كسير، وتقول: هذه ذبيحة فلان وذبيحتك. ذلك أنك لم ترد أن تخبر أنها قد ذبحت. … وقالوا: نعجة نطيح، ويقال -أيضا: نطيحة. شبهوها بسمين وسمينة … و…. ((وقالوا: رجل حميد، وامرأة حميدة)). يشبه بسعيد وسعيدة، ورشيد ورشيدة حيث كان نحوهما في المعنى، واتفق في البناء5 … “. ا. هـ.

….وجاء في “تاج العروس شرح القاموس” -مادة: قتل- ما نصبه: “قال الرضي: ومما يستوي فيه المذكر والمؤنث ولا تلحقه “التاء” فعيل، بمعنى: مفعول: إلا أن يحذف موصوفه: نحو: هذه قتيلة فلان وجريحته. ((ولشبهه لفظا بفعيل بمعنى “فاعل” قد يحمل عليه فتلحقه التاء مع ذكر الموصوف أيضا))؛ نحو: امرأة قتيلة؛ كما يحمل “فعيل”، بمعنى: “فاعل” عليه فتحذف التاء، نحو: ملحفة جديدة”. ا. هـ.

من كل ما سبق يتبين تأويلهم لما ورد من “فعيل” بمعنى “مفعول” مختوما بالتاء وفي بعض هذه التأويلات تكلف واضح. ومن اليسير كشف ما فيها من الخطأ الذي يمنع قبولها. هذا إلى أن كتب اللغة ومعاجمها تحوي أمثلة أخرى معتددة مختومة بالتاء، ولا تحتمل تأويلا سائغا. فالخبر في الاقتصار على ما نقلناه عن بعض المحققين من أن الأكثر هو حذف التاء عند أمن اللبس؛ بسبب وجود الموصوف، وعدم استعمالها استعمال الأسماء غير المشتقة، وهذا رأي سديد يحسن الأخذ به، بالرغم من أن أكثر النحاة لم يذكروه مع جواز استعمال الرأي الآخر. ” إلى هنا النقل من النحو الوافي{ النحو الوافي (4/ 597- 598)}

ووفق هذا النقل يتضح أن كبار النحاة مثل سيبويه أجاز دخول التاء على فعيل بمعنى مفعول مع ذكر الموصوف المؤنث حيث قال سيبويه: رجل حميد وامرأة حميدة. وأما الرضي فأجازه حملا لـ “فعيل بمعنى مفعول” على “فعيل بمعنى فاعل” التي يجوز فيها التأنيث بالتاء. وأما عباس حسن مؤلف النحو الوافي فرأى في هذا التأويل تكلفا ورجّح حذف التاء مع جواز إيرادها.

وبناء على كل هذا فقد ثبت أن صيغة “فعيل بمعنى مفعول” يجوز دخول التاء على مفردها للتفريق بين المذكر والمؤنث، رغم ذِكْر الموصوف المؤنث في الجملة، ووفق ذلك يجوز جمعها جمع مذكر سالم أو مؤنث سالم. ويسري عليها قرار المجمع اللغوي القاهري بخصوص الصيغة المشابهة لها بالمنع والجواز في التأنيث والجمع، وهي صيغة “فعول بمعنى فاعل”، هذا التشابه الذي يؤكده النحو الوافي بقوله:

” صرح بعض أئمة النحاة الأقدمين “كصاحب المفصل وشارحه ابن يعيش، في ص102 ج5” بأن الأربعة الأولى السالفة( يقصد فعول بمعنى فاعل، مفعال ،مفعيل، مفعل) يشترط لحذف التاء منها ما يشترط في “فعيل”، ونصوا على أنك تقول: صبورة، ومعطارة، إذا لم يعرف الموصوف؛ فيقول ابن يعيش: “إن هذا الأسماء إذا جرت على موصوفها لم يأتوا فيها بالهاء، وإذا لم يذكروا الموصوف أثبتوا الهاء خوف اللبس؛ نحو: رأيت صبورة، ومعطارة، وقتيلة بني فلان … “.

وهذا تصريح واضح لا يدع مجالا للتردد في الأخذ به. وتجب ملاحظة الحكم الخاص بصيغة: “فعول” بمعنى: “فاعل”، وقد سبق في رقم 1 من ص591 وما بعدها، وفي هوامشها. { النحو الوافي (4/ 597))

وأما قرار المجمع اللغوي القاهري بالنسبة لصيغة فعول بمعنى فاعل فهو:

“ملحوظة هامة”: ما تقدم من الحكم الخاص بصيغة “فعول” بمعنى: “فاعل” هو الرأي الشائع بين النحاة الأقدمين. وقد نظر فيه مجمع اللغة العربية بالقاهرة طويلا، وتناوله هو ومؤتمره بالبحث والدراسة، واستقر رأيهما على حكم آخر يخالف ما سبق “طبقا لما جاء في الكتاب الذي أصدره المجمع في سنة 1969 باسم كتاب: “في أصول اللغة ص74” ونص الحكم المجمعي يشمل أمرين حت عنوان: “لحوق تاء التأنيث لفعول، صفة، بمعنى: “فاعل”.

أ‌- يجوز أن تلحق تاء التأنيث صيغة: “فعول” بمعنى: “فاعل”؛ لما ذكره سيبويه، من أن ذلك جاء في شيء منه، وما ذكره ابن مالك في التسهيل من أن امتناع التاء هو الغالب. وما ذكره السيوطي في الهمع من أن الغالب ألا تلحق التاء هذه الصفات، وما ذكره الرضي من قوله: “ومما لا يلحقه تاء التأنيث غالبا مع كونه صفة فيستوي فيه المذكر والمؤنث: “فعول”. ا. هـ.

ب‌- ب- وعلى هذا يجري على تلك الصيغة -بعد جواز تأنيثها بالتاء- ما يجري على غيرها من الصفات التي يفرق بينها وبين مذكرها بالتاء؛ فتجمع جمع تصحيح للمذكر والمؤنث. ا. هـ.

وقد صدر قرار الموافقة على الحكم السالف في الجلسة الثامنة من مؤتمر الدورة الرابعة والثلاثين سنة 1968.{ النحو الوافي (4/ 592) }

وأكد انطباق هذا القرار على صيغة فعيل بمعنى مفعول معجم الصواب اللغوي لأحمد مختار عمر، حيث جاء فيه:

“جمع «فعيل» بمعنى «مفعول» جمعًا سالمًا

مثال: بَلَغَ جَرِيحو الانتفاضة أكثر من تِسع مئة

الرأي: مرفوضة

السبب: لجمع صيغة «فعيل» التي يستوي فيها المذكَّر والمؤنث جمعًا سالمًا.

الصواب والرتبة: -بلغ جَرْحى الانتفاضة أكثر من تِسع مئة [فصيحة]-بلغ جَرِيحو الانتفاضة أكثر من تِسع مئة [صحيحة]

التعليق: المشهور في كتب النحو أنه إذا كانت «فعيل» بمعنى «مفعول» مما يستوي فيه المذكَّر والمؤنث، فإنها لا تجمع جمعًا سالمًا، وإنما تجمع جمع تكسير. ولكن مجمع اللغة المصري أجاز إلحاق تاء التأنيث بـ «فعيل» هذه سواء ذكر معها الموصوف أو لم يذكر؛ وعلى هذا يجري على هذه الصيغة- بعد جواز تأنيثها بالتاء- ما يجري على غيرها من الصفات التي يفرق بينها وبين مذكَّرها بالتاء، فتجمع جمع تصحيح للمذكَّر والمؤنث.” (إ.هـ معجم الصواب)

فالخلاصة: أن صيغة فعيل بمعنى مفعول يمكن جمعها جمع مذكر أو مؤنث سالم.

فلو حملنا كلمة “غريق” الواردة في فقرات سيدنا أحمد عليه السلام، على أنها فعيل بمعنى مفعول، أي أن تكون بمعنى مُغرق، أي أغرقه الله، فيصحّ حينها جمعها جمع مذكر سالم وفق قرار مجمع اللغة.

ولكن من الممكن أن تُحمل على معنى غارق (فاعل)أي فعيل بمعنى فاعل (التي يجوز فيها جمع المذكر السالم فنقول كريم وكريمون) للدلالة على أن الشخص غارق بإرادته الشخصية في جهله وفي غيّه ويسير فيه مصرّا عليه، كما هو الأمر في عبارات المسيح الموعود عليه السلام، وكما نصّ به تاج العروس وفق الرضيّ وفصّلناه أعلاه؛ من إمكانية حمل فعيل بمعنى مفعول على معنى فاعل؛ وحينه لا مفر من صحة جمعها جمع مذكر سالم.


كلمة عربيّ:

كلمة عربيّ: مكونة من كلمة “عرب” (التي هي اسم جنس جمعي، أو هنالك من يصنفها بأنها اسم علم) لحقته ياء النسبة. فعندما ننسب شخصا للعرب نقول إنه عربيّ ومؤنثه عربيّة. وهذا النوع من الأسماء إذا لحقته ياء النسبة فهي تضفي عليه نوع من الوصف كأنه مشتق فيدخل في عداد الصفات، عدا عن أنها تحوله من الجمع إلى الإفراد إذا اعتبرناه اسم جمع.

وهذا ما يؤكده النحو الوافي في حديثه عن الأسماء التي تجمع أو لا تجمع جمع مذكر سالم:

“أ- فإن كان الاسم علما فلا بد أن تتحقق فيه الشروط الآتية قبل جمعه (أي لكي يجمع جمع مذكر سالم):

1- أن يكون علما لمذكر، عاقل..فإن لم يكن علما( يقصد كاسم الجنس) لم يجمع هذا الجمع، فلا يقال في رجل: رجلون، ولا في غلام، غلامون …” {النحو الوافي (1/ 140)}

إلا انه في الهامش استثنى من هذا المنع لجمع اسم الجنس جمع مذكر سالم ما لحقه التصغير أو ياء النسبة، فإن لحقته هذه يجوز جمعه؛ حيث قال:

” إلا إذا دخله التصغير، مثل: رُجَيْل، ورجليون، أو عند إلحاق ياء النسب بآخره، مثل: إنسانيّ، وإنسانيّون، وغلاميّ، وغلاميّون، لأن التصغير أو النسب يفيده نوعا من الوصف فكأنه مشتق، فيدخل في قسم الصفة الآتي”. النحو الوافي (1/ 140)

وقد علمنا مما سبق في قرار المجمع اللغوي عن صيغ فعول وفعيل، أن الصفات التي يمكن التفريق بين مذكرها ومؤنثها المفرد بتاء التأنيث يجوز جمعها جمع مذكر ومؤنث سالما. وكما هو معلوم أن كل ما هو آخره تاء التأنيث الزائدة يمكن جمعه جمع مؤنث سالم بشكل قياسي مطّرد. كما يؤكده النحو الوافي في حديثه عن قياسية جمع المؤنث السالم:

” هذا الجمع ينقاس فى ستة أشياء:أولها: كل ما في آخره التاء الزائدة مطلقًا” {النحو الوافي (1/ 168)}

وبناء على كل هذا، يجوز جمع كلمة عربيّ وعربيّة جمعا سالما (سواء اعتبرنا كلمة “عرب” اسم علم أو اسم جنس جمعي؛ وذلك للحوق ياء النسب بها)، فنقول عربيّون وعربيّات؛ على اعتبار أنها صفات تَنسب الموصوف إلى العرب، لا على اعتبار أن عربيّ هو مفرد عرب فقط. وأمثالها في لغتنا كثيرة فنقول: هنديّ هنديون وهنديات وهنود، ومصريّ/ مصريون/ ومصريات، يهوديّ/ يهوديون/ يهوديات/ يهود، فارسيّ/ فارسيون/ فارسيات/ فرس؛ ألخ..

وقد أجاب أحد المتخصصين في أرشيف منتدى الفصيح على الأنترنت حول هذا الجمع بما يلي:

“وأما جمع المنسوب جمع مذكر سالما فلا أعلم ما يمنع منه، والله أعلم..” إ. هـ

وما ورود هذه الكلمة عشرات المرات في كتب التراث العربي والإسلامي، كما أوردناه أعلاه، إلا دليل على صحة هذا النوع من الجمع.


كلمة تجّارون:

فأما بالنسبة لكلمة (تجّارون)، فهي تندرج تحت لغة جمع الجمع؛ وهي صحيحة على لغة من يجيز جمع جمع التكسير بنوعيه إن كانت جموع قلة أو كثرة. إذ أكدّ ذلك النحو الوافي كما يلي:

” هل يُجمع جمع التكسير بنوعيه الدال على القلة والدال على الكثرة؟

يميل أكثر النحاة على إباحة الجمع فيما يدل على القلة، دون ما يدل على الكثرة، والأفضل الأخذ بالرأي القائل: إن الحاجة قد تدعو -أحيانا- إلى جمع الجمع بنوعيه ( القلة والكثرة)، كما تدعو إلى تثنيته، فكما يقال في جماعتين من الجمال: جمالان -كذلك يقال في جماعات: جمالات.” {(إ.ه) النحو الوافي (4/ 674- 673)}

ويؤكد النحو الوافي قياسية جمع جمع التكسير، بمعنى أنه يقاس على ما سمع فيه من العرب، لجمع ما لم يسمع منهم بنفس الصورة . حيث جاء:

“هذا إلى أن المراجع اللغوية تضم من جمع الجمع بنوعيه (القلة والكثرة) عشرات مبعثرة. نقل بعضها صاحب الهمع. والذي نقله “في الجزء الثاني ص183” يزيد على العشرين، وهي تكفي للقياس عليها “بالرغم من أنه يخالف في هذا” لأنها وردت مجموعة في غير الضرورة الشعرية، منها: أيد، وأياد، أسماء وأسام، أنعام وأناعيم، أقوال وأقاويل، أعراب وأعاريب، مصران ومصارين، جمال وجماميل، بيوت وبيوتات، أعطية وأعطيات، صواحب وصواحبات، دور دورات، طرق وطرقات … و.. ثم عرض بعد ذلك لما جاء في الضرورة وساق أمثلة منه.”

وأكد إمكانية هذا الجمع وقياسيته مجمع اللغة العربية في القاهرة كما يقول النحو الوافي:

“وللمجمع اللغوي بالقاهرة قرار في هذا؛ نصه: كما جاء في ص53 من مجموعة قراراته من الدورة الأولى إلى الدورة الثامنة والعشرين تحت عنوان: قياسية جمع الجمع “جمع الجمع مقيس عند الحاجة”. ا. هـ. وأعيد هذا القرار نصا بعد دراسة وافية للحاجة الداعية إلى جمع جموع التكسير بنوعيها؛ ما كان منها للقلة أو للكثرة في ص243 من محاضر جلسات الدورة العاشرة.” {النحو الوافي (4/ 674)}

كما ذهب إلى قياسيته المبرد والرماني وغيرهما حيث جاء:

“لَا خلاف فِي أَن جموع الْكَثْرَة لَا تجمع قِيَاسا وَلَا أَسمَاء المصادر وَلَا أَسمَاء الْأَجْنَاس إِذا لم تخْتَلف أَنْوَاعهَا فَإِن اخْتلفت فسيبويه لَا يقيس جمعهَا على مَا جَاءَ مِنْهُ وَعَلِيهِ الْجُمْهُور وَمذهب الْمبرد والرماني وَغَيرهمَا قِيَاس ذَلِك.” {همع الهوامع في شرح جمع الجوامع (3/ 373)}

وقد أورد صاحب الهمع بعض الجموع المماثلة رغم إدراجه لها تحت الضرورة الشعرية، حيث قال:

” وَأما مَا جَاءَ فِي الضَّرُورَة فأعينات والبرعات وأيامنون ونواكسون وعقابين وغرابين..” {همع الهوامع في شرح جمع الجوامع (3/ 374)}

وبناء على كل هذا، فلا يخفى على أحد أن المسألة خلافية بين النحاة، ولكن من بينهم بل أكثريتهم تجيز جمع جمع التكسير على نوعيه القلة والكثرة، ومنهم كالمبرّد والرماني وغيرهما ومجمع اللغة العربية القاهري أجازوا قياسية هذا الجمع، أي حمل ما لم يُسمَع من العرب فيه على ما سُمع، فإذا سُمع عن العرب شيئا منه جاز القياس عليه.

– وقد سُمع عن العرب مثيله كـ: أيامنون، نواكسون، صواحبات، أعينات، جمالات بيوتات، وأعطيات، دورات جمع (دور)، طرقات. ففي هذه كلها جُمعت جموع التكسير جمع مذكر سالما ( للمذكر العاقل فيها) أو مؤنث سالما ( للمؤنث أو غير العاقل فيها).

كما سُمع عن العرب في تثنية جمع التكسير على تأويل المفرد ما يلي: جمالان، إبلان كما جاء في النحو الوافي:

” وقد جاء شيء من ذلك -عن العرب- على تأويل الإفراد؛ قالوا: إبلان، وغَنَمان. وجمَالانِ. ذهبوا بذلك إلى القطيع الواحد، وضموا إليه مثله فثنوه … “{النحو الوافي (1/ 161)} ( أتينا بهذا لنبيّن أن القصد من الاستعمال هو على تأويل المفرد لكل جماعة، ولأن التثنية هي جمع أيضا وفق ما بيّناه في المقالات السابقة)

وبناء عليه تكون كلمة “تّجارون” جمع مذكر سالما لجمع التكسير “تجّار”، وقد جاء بها المسيح الموعود عليه السلام نظرا لأن المقصود هو جمع عاقل، ك” أيامنون ونواكسون”، لأن الأصل في الجمع بالواو والنون أن يكون لمن يعقل كما جاء في كتاب، الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين (1/ 36).

ويكون القصد فيها على تأويل المفرد، بأن جعل كل فريق من التجار كفريق واحد مفرد، نظرا لاختلاف أنواعهم وأجناسهم وأنواع تجارتهم مثلا، فجمع فرق التجّار هذه كلها جمع مذكر سالم. ولا خطأ في ذلك البتة كما أثبتنا!!


إذن، فكل هذه الجموع وإن كان بعضها غير رائج إلا أنها صحيحة لا خطأ ولا عجمة فيها، بل الحق أن المعترضين يجهلون هذه الأسرار اللغوية ولم يسمعوا بها في حياتهم.

وقد تهكّم المعارضون على هذه الجموع التي أوردها المسيح الموعود عليه السلام، بقولهم إنها تكسير التكسير، بمعنى أن المسيح الموعود يكسّر جمع التكسير، وما تهكمهم هذا إلا لإيغالهم بالجهل، حيث لا يعلمون أن هنالك نوع من الجمع يندرج تحت جمع الجموع ويسمى تكسير التكسير أيضا، ومن أمثلته: جمع أعين أعاين، وجمع أسلحة أسالح، وأقوال أقاويل، وأسود أساود؛ وهم لا يعلمون أيضا أن هنالك من ذهب إلى وجود نوع آخر من الجمع يسمى جمعُ جمعِ الجمعِ؛ والذي هو تكسير تكسير التكسير، مثل : أصائل وَهِي جمع تكسير لآصال التي هي جمع تكسير لأُصُل والتي هي جمع تكسير لأصيل ؛ فحتى في تهكمهم لم يفلحوا وأبانوا مدى جهلهم وسطحيتهم.

ويثبت من كل هذا، صدق المسيح الموعود عليه السلام وصدق معجزته في تعلمه أربعين ألفا من اللغات العربية والنكاة الأدبية، التي جعلها الله فتنة للذين في قلوبهم مرض ممن يجهلون اللغة العربية.