ما أصدق محمودا ؓ !
المعترض:
في أول سطر في تفسيره للآية (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها) قال محمود:
إن هذه الآية من الأهمية والحيوية بمكان، وعندي أنه لو أن الإمام المهدي والمسيح الموعود قد اكتفى فقط بإزالة ما علق بأذهان المسلمين من مفاهيم خاطئة عن هذه الآية لكان هذا وحده دليلا قاطعا على صدقه. (التفسير الكبير)
وقال:
إن أبا مسلم الأصفهاني هو الشخص الوحيد بين القدامى الذي أنكر وجود النسخ في القرآن الكريم. لا شك أنه قام بمجرد دعوى عدم وجود النسخ في القرآن الكريم، فهو يماثل السير سيد أحمد خان في دعواه بوفاة المسيح عليه السلام، أما المسيح الموعود فقد برهن على عدم وجود النسخ في القرآن الكريم بأدلة قاطعة، كما أثبت وفاة المسيح عليه السلام ببراهين ساطعة. فيمكننا القول أن أبا مسلم والسير أحمد خان قد أصابا كبد الحقيقة في هاتين القضيتين بمساعدة ضوء نجم الفجر، أما المسيح الموعود فقد أضاء لنا الشمسَ بعينها. (التفسير الكبير)
لا أعرف أحدا لديه جرأة على الكذب مثل محمود، وأستبعد أنني سأعرف.
لقد نفى سيد أحمد خان النسخ ونشر تفسيره الذي وضّح فيه ذلك وجعله من أصوله حين كان الميرزا مشغولا بخداع الناس ببراهينه التجارية.
وأما وفاة المسيح فلم يقتصر سيد خان على التأكيد عليها، بل شرح كل ما يتعلق بنظرية الإغماء التي سرقها الميرزا منه بعد سنوات طويلة.
وأما الميرزا فقد ظلّ يؤكد على النسخ، ولم يكتب سطرا واحدا ينفيه، وإنْ كان محمد علي نفاه في مجلته قبل أشهر من وفاة الميرزا.
ومما يؤكد كذب محمود ما جاء في كتاب نور الدين، والذي زعم كاذبا أنّ نور الدين هو أول من نفى النسخ عن القرآن، فهو وإنْ كان كاذبا في ذلك، إلا أنّ كذبه يثبت كذب محمود. فقد جاء في كتاب حياة نور الدين:
” ذهب مولانا نور الدين في أوائل أيام إعلان المسيح الموعود بالمهدوية لأمر ما إلى مسجد في مدينة “جينيان” حيث كان الإخوة الأحمديون في تلك الأيام يصلون بين حين وآخر وراء إمام غير أحمدي، لأن الأمر بالامتناع عن ذلك لم يكن قد نزل بعد. وصل نور الدين إلى المسجد وكان يتوضأ لصلاة المغرب إذ جاء شقيق البطالوي، وسأله: إذا كان العمل بالقرآن الكريم والحديث الشريف ساري المفعول فما هي قصة الناسخ والمنسوخ إذن؟ قال نور الدين: لا حقيقة لها. فلما علم بذلك البطالوي قال بلهجة مِلْؤها الكبر والعجرفة: “تعال إلى هنا، أنت قلت لأخي بأنه لا ناسخ ولا منسوخ في القرآن”. قال نور الدين: “نعم! قلت ذلك”. قال محمد حسين بحماس شديد: يبدو أنك قرأت كتابا لأبي مسلم الأصفهاني، فإن ذلك الغبي أيضا لم يكن يعتقد بذلك”. قال حضرته: “فأصبحنا اثنين إذن”. قال محمد حسين: هل تعرف سيد أحمد خان؟ إنه يحتل مكانة مرموقة في مدينة مراد آباد! قال نور الدين: لا أعرفه. قال: هو أيضا لا يعتقد بالناسخ والمنسوخ. قال نور الدين: “حسنا! لقد أصبحنا ثلاثة إذن”. قال: إن الإمام شوكاني يقول بأن الذي لا يعتقد بالناسخ والمنسوخ هو هرطقي، وهكذا فإنكم جميعا من الهراطقة. يقول حضرته بأني قلتُ له بعد ذلك: “أخبرك بحل سهل لقضية الناسخ والمنسوخ، وهو أن تقرأ آية تراها منسوخة. (يقول حضرته: خطر ببالي فورا أنه لو قرأ آية من تلك الآيات الخمسة فماذا سأفعل؟) فقرأ آيةً، فقلت لـه: بأن كتابا كذا وكذا – وهو موثوق به عندك أيضا – قد رد على ذلك وأثبت أنها غير منسوخة. قال: نعم. قلتُ: اقرأ آية أخرى إذن، ولكنه لزم الصمت.”
فبعد هذا الحادث قرأ حضرته بتدبر وتأمل كبيرين تلك الآيات الخمسة في التفسير الكبير للإمام الرازي، ووجد حلا لثلاثة منها. ثم حدث أن حضرته كان يقرأ كتابا آخر أثناء سفره في القطار فوجد حلا لآية أخرى، وكم كان سروره لتوصله لهذا الحل. والآن لم تبق إلا آية واحدة، ففهّمه الله هذه الآية أيضا أثناء قراءته كتابا بسيطا، وهكذا حلَّت قضية الناسخ والمنسوخ بأكملها بفضل الله تعالى. (حياة نور نقلا عن جريدة “بدر” 25 آب 1910)
الكذبات المذهلة في هذه الفقرة المنشورة زمن خلافة نور الدين وقسم منها بكلماته أو بكلمات منسوبة إليه: (وهي تعود إلى عام 1891 أو ما بعده)
1: الزعمُ أنّه هو من اكتشف أن لا ناسخ ولا منسوخ في القرآن، علما أن سيد أحمد خان كان قد ملأ الدنيا بتفسيره للقرآن الذي نفى فيه النسخ، حتى إنه لم يصبر ليشرح آية (ما ننسخ من آية أو ننسها) من سورة البقرة، بل جعل الأصل الثاني عشر من أصوله الـ 15 في تفسيره في مقدمته هو نفي النسخ عن القرآن.
2: الزعم أنّ نور الدين لا يعرف سيد خان، وهو الذي كان “مالئ الدنيا وشاغل الناس”.
3: الزعم أن نور الدين هو من وجد تفسيرا للآيات التي يقال بأنها منسوخة، مع أنّ تفسيرها كلها موجود عند الشوكاني وعند غيره، ولا بد أن يكون عند سيد أحمد خان، ما دام قد فسّر القرآن وجعل نفي النسخ أصلا من أصوله. وما دام تفسيره هذا قد نُشر في عام 1880، فلا بد أن يكون قد ذكر ذلك قبل سنوات من نشر تفسيره.
4: هذه الفقرة على فرض صحة ما فيها فإنها تؤكد أن الميرزا لم يكن ينفي النسخ حتى ذلك الوقت. ولم يكن معروفا في جماعته. وهذا يؤكد كذب الميرزا محمود الذي نسب الفضل كله لأبيه، مع أنّ أباه لم يكتب سطرا ينفي فيه النسخ.
إنّ كذب الميرزا وآله المادي والروحي يلوّث البرّ والبحر ويزكم أنوف البلاد والعباد.
الرد: بل المسيح الموعود عليه السلام نفى النسخ ووضح أن القرآن قاضي على الحديث
لقد صَدَقَ حضرة مرزا بشير الدين محمود أحمد خليفة المسيح الثاني رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عندما قال بأن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام عند تناوله لأية النسخ قد كفى الناس جميعاً البحث في أدلة صدقه عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام وذلك لأن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بتقديمه لهذه الآية على أنها تعني أن القرآن الكريم لا يمكن أن يُنسَخ بالحديث، قد أغلق الباب إلى الأبد أمام دعاوى قتل المرتد التي يحتج أصحابها بقضاء السنة على القرآن الكريم بمعنى أن حديث “من بدل دينه فاقتلوه” ينسخ آيات الحرية الدينية الثابتة في القرآن الكريم. لقد نفى المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام النَسْخ في القرآن الكريم وخاصة نسخه بالحديث مهما كان مصدره وسنده، مما يبرهن بقوة على طرد مبدأ قتل المرتد حيث يقول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام:
“هنا أتساءل: هل الإيمان بصفات القرآن الكريم التي بيّنها اللهُ جلَّ شأنه بنفسه واجب أم لا؟ إذا كان واجبا فأسأل: ألم يسم اللهُ القرآنَ قولا فصلا، وفرقانا وميزانا وإماما وحَكَما ونورا بوجه عام؟ وهل جعله وسيلة لرفع جميع الاختلافات أم لا؟ ألم يقل إن فيه تفصيلَ كل شيء وبيانَ كل أمر؟ ألم يرِد أن أي حديث يعارض حُكمه ليس جديرا بالثقة؟ وإذا كان كل ذلك صحيحا، أفليس من واجب المؤمن أن يؤمن به ويقرّ به باللسان ويصدّقه بالقلب، ويعتقد بأن القرآن الكريم هو المعيار والحَكم والإمام في الحقيقة؟ ولكن المحجوبين لا يصلون كنه إشارات القرآن الكريم الدقيقة وأسراره، ولا يقدرون على أن يستخرجوا منه المسائل الشرعية ويستنبطوها فينظرون إلى الأحاديث النبوية الصحيحة كأنها تضيف إلى القرآن الكريم شيئا أو تنسخ بعض أحكامه. ولكنها لا تضيف شيئا بل تشرح بعض إشارات القرآن الكريم الكاملة. يقول القرآن الكريم: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾، فقد قال القرآن في هذه الآية بوضوح تام بأن الآية لا تنسخ إلا بآية فقط. لذا وعد أنه لا بد من نزول آيٍة مكانَ آيةٍ منسوخة. صحيح أن العلماء زعموا على سبيل التسامح أن بعض الأحاديث نسخت بعض الآيات، حيث يقول الفقه الحنفي أنه يمكن نسْخ آية بحديث مشهور، ولكن الإمام الشافعي لا يرى ذلك قط، بل يقول بعدم جواز نسخ القرآن حتى بحديث متواتر. وبعض المحدثين يقولون بنسخ الآية بخبر الواحد أيضا، ولكن القائلين بالنسخ لا يقصدون مطلقا أن الآية تنسخ بحديثٍ فعلا وحقيقةً، بل يقولون بأن الحقيقة أنه لا يجوز الإضافة على القرآن ولا يجوز نسخه بالحديث. ولكن كل هذه الأمور تبدو حادثة بحسب نظرنا القاصر الذي يعجز عن استنباط المسائل من القرآن الكريم. والحق أنه لا يجوز النسخ الحقيقي ولا الإضافة الحقيقية على القرآن الكريم لأن ذلك يستلزم تكذيبه.” (مناظرة لدهيانه، ص 114-115)
يمكن قراءة منشورنا السابق حول نفي المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام للنَسْخ في القرآن المجيد. (من هنا: الناسخ والمنسوخ حَسَب المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام)
أما ظن المعترض أن قول المُصْلِح المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حول موضوع النسخ عند الخليفة الأول نور الدين رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فهو صحيح إذ يشير حضرته رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إلى التكامل في طرح المسألة كونه أستاذاً له، وقد كان المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام قبل ذلك نشر في مجلته “مراجعة الأديان” كما في الرابط أعلاه منشورات مسلسلة حول نفي النَسْخ كما تقول به الجماعة الإسلامية الأحمدية في موقعها اليوم بالتمام والكمال. وبالفعل فلم يكن الخليفة الاول رَضِيَ اللهُ عَنْهُ على معرفة بأحمد خان رحمه الله أي لم يكن بين الإثنين معرفة شخصية، ولم يُذْكَر ذلك في أي مكان. فالكذب يا معترضنا هو أن تُنكر ما قاله الناس وتتّبع الظن الذي لن يغني من الحق شيئا.
أما السيد أحمد خان رحمه الله فلم يناقش هذه المسألة قطعاً وإنما اكتفى بأن النسخ في الآية يعني فقط نسخ القرآن الكريم للتوراة، ولم يتطرق لأنواع النسخ الأخرى التي فنَّدها المُصْلِحُ المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بتعليم من أستاذه الخليفة الأول نور الدين رَضِيَ اللهُ عَنْهُ تلميذ سيده المسيح الموعود حضرة مرزا غلام أحمد عَلَيهِ السَلام. فما علاقة ذلك بالكذب الذي ما فتئ المعترض يقذف به يمنة ويسرة وتخونه أخلاقه كلما ذكر المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام أو المُصْلِح المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؟
استراحة قصيرة
لنسترح قليلاً عزيزي القارئ عند عنوان مقال المعترض الذي نردُّ عليه الآن بعد أن حذفناه من رأس المنشور وذلك لقبحه وتجاوزه على خليفتنا الثاني رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وهو: “ما أكذب محمود“، وذلك لأن اللهُ تعالى أوقعَ المعترضَ في خطأ لغوي يجعل جملته تفيد عكس ما أراد في عنوان مقالته التي لم يُشكِّلها كما ترون. فـ (ما) التعجبية المبنية على السكون تأخذ (أصدقَ) كفعل بصيغة الماضي الجامد المبني على الفتح، بينما الفاعل ضمير مستتر جوازًا تقديره “هو” العائد على (ما). و (محمودًا) المفعول به يجب أن يكون منصوباً بالفتحة الظاهرة . وهذه الجملة الفعلية هي في محل رفع خبر المبتدأ ” ما “. وبما أن المعترض لم ينصب “محمود” بصفته مفعولا به للتعجب ليصبح “محموداً” فهذا يعني أن جملته ليس فيها سوى احتمالين:
- الأول: أن تكون “ما أكذبَ محمودٌ !”، وهنا تصبح ما نافية، ويصبح معنى الجملة أن محمودا لم يكذب مطلقا !
- الثاني: أن تكون “ما أكذبُ محمودٍ”، وهنا تصبح ما استفهامية، ويصبح معنى الجملة: هل كذبَ محمودٌ؟ وعلامة التعجب تجعل هذا الاستفهام إنكاريا، أي أنه لا يحتاج جوابا، بل يفيد أن محمودا لم يكذب، وعجبا لمن يشك في ذلك.
فلعل الله تعالى أراد إهانة المعترض لمحاولة إهانته مبعوثه عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام فكان أن استعرض المعترض جهله بالعربية وارتكب أخطاء لا يرتكبها المبتدئون أفادت بالمقابل في مدح المُصْلِح المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. فسبحٰن مُذِلِّ الظالمين !
ولنعد الآن لموضوعنا الرئيسي:
لقد تناولنا سابقاً الرد على موضوع “البراهين الأحمدية” وأثبتنا أن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام حقّقَ وعده وعَرَضَ على من لا يريد الكتاب إعادة المبلغ بإعلان مسجل وان الكتاب بالفعل لا مثيل له في نصر الإسلام بشهادة خصوم الجماعة الإسلامية الأحمدية من الروابط التالية (من هنا: البراهين الأحمدية نصرة الحق و البراهين الأحمدية على أحقية الرسالة المحمدية و البراهين تفضح المعترض وتهين و سرقة التراجم عاقبتها الإهانة).
أما الإغماء فقد رددنا عَلَيهِ في منشور سابق. (من هنا: إمام الزمان وسيلة العلم)
ويكفي أن العالم يشهد بأن صاحب نظرية الإغماء بمعناها المتكامل هو المسيح الموعود حضرة مرزا غلام أحمد عَلَيهِ السَلام، ومثال على ذلك شهادة مواقع النصارى بأن أحمد ديدات كان متأثراً بنظرية الإغماء التي قدمتها الجماعة الإسلامية الأحمدية، ولو كان أحمد خان صاحب نظرية متكاملة وهو ليس كذلك لنسبوا الامر إليه بدل المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام. فقد جاء في موقع لأحد أساتذة التاريخ الغربيين بأن صاحب هذه النظرية هو حضرة مرزا غلام أحمد عَلَيهِ السَلام وأن ديدات يقول بذلك أيضا. (من هنا: The Resurrection & Islam)
كما جاء في موقع “بايبل-قرآن” (من هنا: Ahmed Deedat) اعتراف بأن ديدات كان متأثراً بالجماعة الإسلامية الأحمدية في نظريته للإغماء:
“Although Deedat was not from the Ahmadiyya sect, he argued like the Ahmadiyya saying that Jesus was put on the cross but did not die.“
وترجمته:
“على الرغم من أن ديدات لم يكن من الطائفة الأحمدية ألا أنه كان يجادل كالأحمدية بقوله أن يسوع عُلّق على الصليب ولكنه لم يمت عليه.” أهـ
فلماذا لم ينسب كل هؤلاء النظرية للسيد أحمد خان ؟ ولماذا اعتبروا ديدات متأثراً بالمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وليس بسير سيد أحمد خان ؟
وهكذا تتساقط أوراق التوت مع كل شبهة تثار وشهاب يدمغها فتخر زاهقة لتشرق شمس المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام خادم سيدنا مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
مُسْلِم لله