لا بدّ من التنويه إلى أنه بتتبع واستقراء أقوال المسيح الموعود عليه السلام عن نبوءة ” زلزلة الساعة” وبروقها الخمسة، يتضح أن المسيح الموعود عليه السلام لم يجزم قطعا بوقوعها كلها ( أي البروق الخمسة) في حياته، كما لم يجزم في كيفية تحققها ولم يجزم بأنها زلازل أرضية ولا متى سوف تحدث ولا أين بالضبط، ونرى كذلك بأن بعض أقواله بالنسبة لهذه البروق كانت تأويلاته الشخصية المحتملة للخطأ التأويلي.

ونظرا لكون هذه الأنباء التي تلقاها عن زلزلة الساعة والبروق الخمسة متعلقة ببعضها البعض، كان حضرته عليه السلام يتحدث أحيانا عن النبوءة المجملة العامة “زلزلة الساعة“، رغم أن القصد من حديثه يكون عن جزئية معينة أو بريق معين منها وليس كل الزلزلة وبروقها الخمسة، وما ذلك إلا لأن بعض جوانب النبوءات لا تكون واضحة بل تبقى غامضة حتى له عليه السلام.

نسوق بعض هذه النصوص من اقوال حضرته التي تؤكد ما نقول:

– “يخبرني كلام الله أن الحوادث واقعة والآفات نازلة على الأرض، فمنها ما يقع أثناء حياتي ومنها ما يقع من بعدي.” ( الوصية 12 – 1905 )

– “سيُري بريق آيته خمس مرات، هذا قول الله وستفهمونه يوم يفهِّمكم إياه“. (مجموعة اعلانات، جلد 2، مارس 1906 اعلان 273):

وقول حضرته هذا، لهو دليل على أن معنى هذه الآية وهذه البروق الخمسة ليس واضحا تمام الوضوح له، وأنه لا يجزم في كيفية تحققها، بل إن معناها الحقيقي سوف يظهر في المستقبل حين يشاء الله تعالى أن يُظهر هذا المعنى، وهذا دليل على أن هذه الآية ستستمر بالتحقق في المستقبل، وأنها لها أبعاد زمنية مختلفة ومتعددة.

وفي كتاب التجليات الإلهية (3 -1906 ) لم يقل حضرته أن هذه الزلازل الخمسة ستحدث في حياته، بل وردت بعض النصوص، والتي قد يُفهم منها هذا المعنى، كقوله ” ولا يغيبن عن البال أنه عندما تحدث هذه الزلازل الخمسة ويتم الدمار بقدْر ما أراده الله، ستفور رحمةُ الله مرة أخرى وتنقطع الزلازل غير العادية والمرعبة الهائلة لأمدٍ، كما أن الطاعون هو الآخر سيغادر البلد“.

غير أن هذا ما هو إلا فهم وتأويل حضرته عليه السلام للوحي، والذي قد لا يكون دقيقا أو واضحا كليا.

– ” أُري بريق آيتي هذه خمسَ مراتٍ، ولو أردتُ لجعلتُ ذلك اليوم يومَ خاتمة الدنيا.

واعلموا أنه قد وقعتْ بعد هذا الوحي الإلهي في هذا البلد حتى اليوم 22/ 7/1906 ثلاثة زلازل، أي بتاريخ 28/ 2/1906 و20/ 5/1906 و21/ 7/1906، ولعلها ليست عند الله تعالى في عداد الزلازل الموعودة لأنها خفيفة جدا، ولعل الزلازل الأربعة ستكون مثل الذي وقع بتاريخ 4/ 4/1905، أما الخامس فسيكون نموذجا للقيامة، والله أعلم.” (حقيقة الوحي، الخزائن الروحانية، مجلد 22، ص 96، الحاشية)

فوفق قوله هذا، يفوّض حضرته عليه السلام أمر هذه الزلازل التي عددها لله تعالى، ولا يجزم بأن هذه الزلازل التي عدّدها هي مصداق للنبوءة، ولكن الزلازل تحدث بتتابع وفق الوعد الإلهي.

وقد يُستنتَج من هذا النصّ أن الزلازل أو البروق الخمسة لا بدّ أن تحدث في حياته عليه السلام، لأنه يعدد الزلازل التي وقعت حتى ذلك اليوم، ويقول بأن الخامسة التي هي زلزلة الساعة التي ستكون مظهر القيامة، ونظرا لقول حضرته في أماكن أخرى بأن الزلزلة لا بدّ أن تقع في حياته.

غير أنه لا بدّ هنا من التأكيد أن هذا مجرد تأويل لم يجزم حضرته بصحته وبيقينيته، بل فوّض علمه الحقيقي لله تعالى بقوله “والله أعلم“، فنخلص من كل هذا إلى أن حضرته عليه السلام لم يجزم قطعا بأن الزلازل الخمسة سوف تحدث في حياته.

الخلاصة:
  •  لم يجزم حضرته بتحقق البروق الخمسة لزلزلة الساعة في حياته.
  •  في بعض المواضع التي قد يُفهم منها أن البروق الخمسة ستحدث في حياته، كانت مجرد تأويلات فوّض حضرته أمر صحتها لله تعالى.
  •  في بعض المواضع حين تحدث حضرته بالإجمال عن زلزلة الساعة ، كان القصد عن بريق من بروقها وليس بالضرورة كل النبوءة بجميع جزئياتها وبروقها، مثال ذلك عند قول حضرته وفق الوحي بأنها ستحدث في حياته .