هل يلاش هو اسم الله عند الأحمدية؟

يقول مؤسس جماعتكم بأنه تلقى اسماً جديداً لله تعالى وهو “يلاش”. والسؤال هل يصح أن لله اسم جديد؟ وهل يليق يلاش؟ لن يفيدكم أن الاسم يعني اختصار عبارة “يا لا شريك لك”، لأن هذا ليس اسماً بل جملة. إنَّ أبسط ما يبطل هذا الاسم هو الدعاء لله بهذا الاسم، فهل يمكن الدعا لله بـ يا يلاش انصرنا أو ارحمنا على سبيل المثال؟

الجواب:

هذا الإلهام ذكره المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام أثناء حديث حضرته حول مسألة غاية في الأهمية وهي أن لا شريك لله تعالى في صفاته التنزيهية أي أنه لا يوجد من يحمل صفة لا تتوفر في غيره من البشر وإلا لصار هذا الإنسان بلا شريك في هذه الصفة والعياذ بالله، فقال حضرته:

إذا ظهر نظيرُ شَيْءٍ ما فلنْ يبقى منقطع النظير. فإذا عُثر على ميزة لأحد فلا يسعه القول إنها تخصه وحده. وأثناء كتابة هذا الموضوع حصراً خاطبني اللهُ تعالى قائلاً: “إنّ يلاش إسمٌ للهِ حصرًا.” فهذه كلمة إلهامية جديدة؛ إِذْ لَمْ أجدُها حتى الآن بهذه الصيغة لا في القرآن الكريم ولا في الحديث ولا في أي معجم، وكُشفَ عليَّ أن معناها “يا لا شريك له“. والغرض الحقيقي لهذا الإلهام أنه ليس من إنسانٍ يتّصف بصفة حميدة أو باسم أو أي فعل معين إلا وهذا الاسم أو هذه الصفة أو هذا الفعل موجودٌ في غيره.” (حاشية التحفة الغرولوية، ص 72)

فهو اسم مختصر لله تعالى يليق بالله تعالى رأى اللهُ ﷻ أن يُعلّمه للمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام.

أما أسماء الله تعالى فقََدْ ورَدَ في الحديث أن لله ﷻ أسماء لم ترد في الكتاب ولا حتى في الوحي الذي نزل وينزل على الأنبياء عَلَيْهِمْ السَلام بل تبقى عند الله تعالى يوحي بها لمن يرتضيه متى ما يشاء ﷻ. والحديث أخرجه الإمام أحمد بن حَنْبَل ؒفي مسنده عن عبد الله:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجِلَاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا.».” (مسند أحمد، 6/ 247، برقم 3712، ورقم 4318، ومستدرك الحاكم، 1/509، والطبراني في المعجم الكبير، 9/ 13، والبحر الزخار للبزار، 5/ 363، ومسند ابن أبي شيبة، 10/ 253، وحسنه الحافظ ابن حجر في تخريج الأذكار، وصححه الألباني في تخريج الكلم الطيب، ص73)

أما الدعاء بالإسم المختصر لله تعالى، فالله تعالى هو القائل ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا﴾، ولمّا كانت هذه الأسماء الحسنى لا تنحصر في الكتاب والسنة فقط بل منها ما يستأثر به الله تعالى في علمه، فالدعاء لله تعالى بأي منها ثابت في القُرآن الكَرِيم ﴿فَادْعُوهُ بِهَا﴾. كذلك ورَدَ في الأثر عن سيدنا عليٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنه دعا اللهَ تعالى وقال: “يا كهيعص اغفر لي“، وقد ذكره الحافظ ابن حجر العسقلاني ؒفي الفتح:

وَرَوَى الطَّبَرِيُّ طَرِيقَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: “كهيعص قَسَمٌ، أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ، وَهُوَ مِنْ أَسْمَائِهِ.“، وَمِنْ طَرِيقِ فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِيٍّ قَالَتْ: “كَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ: يَا كهيعص اغْفِرْ لِي.“، وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ: هِيَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْقُرْآنِ.” (فتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، دار الريان للتراث. شرح حديث 4453. ص 280. صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن، سورة كهيعص، باب قوله وأنذرهم يوم الحسرة)

والخبر الذي أخرجه ابن جرير الطبري ففي تفسيره “جامع البيان: ج 18، ص 141، مؤسسة الرسالة” قال فيه: حدثني محمد بن خالد بن خداش، قال: حدثني سالم بن قتيبة، عن أبي بكر الهُذَليّ، عن عاتكة، عن فاطمة ابنة عليّ وساق الخبر.

وله طريق آخر وهو: “حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْمُقْرِئُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا نَافِعُ بْنُ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ عَلِيٍّ، أَنَّهَا سَمِعَتْ عَلِيًّا يَقُولُ: “يَا كهيعص، اغْفِرْ لِي.“. نقض الإمام الدارمي 1/174 وابن ماجة في “التفسير” كما نقل عنه غير واحد.

قال البيضاوي في شرح الاختصار حول الدعاء لـ كهيعص:

ولعلّه أراد: يا مُنزلها”. أسرار التنزيل: 1/70. وقال ابن عطية: “فهذا يحتمل أن تكون الجملة من أسماء الله تعالى، ويحتمل أن يريد علي بن أبي طالب ؓأن ينادي الله تعالى بجميع الأسماء التي تضمنها: (كهيعص) كأنه أراد أن يقول: (يا كريم يا هادي يا عليّ يا عزيز يا صادق) اغفر، فجمع هذا كله باختصار في قوله يا كهيعص.” (المحرر الوجيز: 1218)

والعرب من عادتها الاختصار حيث تختصر مثلاً بِسْم الله الرحمن الرحيم بـ (البسملة)، وسبحٰن الله بـ (السبحلة)، ولَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ بـ (الهيللة)، ولاحول ولا قوة إلا بالله بـ (الحوقلة)، والحَمْدُ للهِ بـ (الحمدلة)، وحَيّ على الصَلاة بـ (الحيعلة) وغيرها من مختصرات معروفة تُبرز قدرة وتمكن اللغة العربية. وبهذه الكيفية أوحى اللهُ تعالى للمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام اسم (يلاش) أي يا ﻻ شريك لك الذي كان حسب الحديث الصحيح مستأثراً به لنفسه تبارك وتعالى.

فالإسم يلاش مطابق للكتاب والسنة وأيضاً الدعاء به جائزٌ -مع أن الْمَسِيحَ الموعودَ ؑلم يطلب من أحد الدعاء بذلك- فسبحٰن الله تعالى الذي جعل من هذه الشبهة سبباً لإثبات رسوخ عقيدة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بالكتاب والسنة وأيضاً في إظهار حقيقة المقطعات القرآنية ومعناها وَالْحِكْمَةَ منها بهذه الروعة والجمال!

مقالات ذات صلة: يلاش.. اسم من أسماء الله تعالى

وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

About الأستاذ فراس علي عبد الواحد

View all posts by الأستاذ فراس علي عبد الواحد