الاعتراض:

لم يقل المسيح الموعود عليه السلام في آخر إعلان( 30-12-1895) إن آتهم إذا لم يحلف أيضا فسيموت خلال سنة. بل هذا ما ظلت تروّج له “جماعة التزييف” دائما، بقولها: إنه في النهاية قال المسيح الموعود عليه السلام إنه إذا أقسم أو لم يقسم آتهم فسيموت خلال سنة، فمات خلال سنة. وهذا ما تصرّ الجماعة على إظهاره وفق أقوال علمائها.

الرد:

كنت قد رددت على هذا الاعتراض في مقال سابق وقلت فيه ما يلي:

لم تقل الجماعة قط، بأن المسيح الموعود أعلن في آخر إعلان متعلق بهذه النبوءة -وهو إعلان 301-12-1895- بأن آتهم سيموت خلال سنة إذا لم يحلف. بل إن هذا الإعلان لم يتطرق إلى عواقب عدم الحلف من قِبل آتهم.

إن عاقبة عدم الحلف مذكورة في إعلان 27-10-1894 حيث جاء فيه:”الآن إذا أقبل آتهم على هذا الحلف فموعد هلاكه خلال عام واحد قطعيّ وليس معه أي شرط، والقدر مبرم. وإذا لم يحلف فلن يترك الله بدون عذاب مثل هذا المجرم الذي أراد خداع العالم بإخفاء الحق. لكن لا أقول حاليا بخصوص هذا الجزء المذكور أخيرا إلا إن الله تعالى قد أراد إظهار آيته بأسلوب عجيب لتنفتح بها عيون العالم ويزول الظلام. وتلك الأيام قريبة غير بعيدة. وعندما أتلقى علما عن تلك الساعة سوف أنشره. والسلام على من اتبع الهدى.” (إعلان 27-10-1894)

وقد نشرت الجماعة كتابا بعنوان ” نبوءات لسيدنا احمد عليه السلام يشكك فيها المعارضون” وأسهبت في شرح تحقق النبوءة المتعلقة بعبد الله آتهم، ولم يُذكر فيه أن آخر إعلان يصرح بموت آتهم خلال سنة إذا لم يحلف. وكفى بهذا دليل على صدق الجماعة وكذب المعارضين في تشويههم وخلطهم الحابل بالنابل لتمويه القراء.

وقد تحقق عذاب آتهم بعد إعلان 27-10-1894 بحوالي سنة ونصف بموته كما فصلناه سابقا. ( إلى هنا ينتهي الردّ الأول)

إلا أنه وبالمزيد من البحث والتحري في هذا الموضوع يتجلى صدق الجماعة في هذا الموضوع أكثر فأكثر، مما يبرؤها من تهم التزييف الباطلة يوما بعد يوم. فكلما بحثنا وتعمقنا أكثر تكشّفت لنا حقائق جديدة لدحض اعتراضات المعارضين في كل يوم، لتجعل من هذه الاعتراضات هباء منثورا.

فأولا، مما يجدر التنويه له في هذا الأمر، أن مسألة نبوءة عبد الله آتهم هي ذات تفاصيل كثيرة، ومدونة في العديد من كتب المسيح الموعود عليه السلام وقد أفرد لها المسيح الموعود عليه السلام ستة إعلانات بتواريخ ( 5و9 و20 سبتمبر 1894/ و5و 27 أوكتوبر 1894/ و30 ديسمبر 1895 وهو الأخير) ؛ وثلاثة كتب هي، “أنوار الإسلام” والذي هو جمع للإعلانات الخمسة الأولى، “وضياء الحق” ثم كتاب “عاقبة آتهم”. وهذا إن دلّ على شيء إنما يدل على كثرة التفاصيل المتعلقة في الموضوع، لذلك عندما راجت هذه القضية على ألسُن الأحمديين راجت بصورتها الإجمالية المختصرة التي تقول: بأن المسيح الموعود قد تحدى آتهم عدة مرات أن يقسم بأنه لم يخف النبوءة ولم يتحقق به شرطها، وإذا أقسم فسيموت خلال سنة، فعندما أحجم آتهم عن هذا الطلب مرة تلو الأخرى، قال المسيح الموعود في النهاية ما مفهومه، إنه إذا أقسم أو لم يقسم فسيموت خلال سنة؛ وهكذا حدث.

إن هذه الصورة الإجمالية المختصرة لم تأت من فراغ، ولم تكن نابعة من نيّة الجماعة في تزييف هذه القصة وإيهام الناس أن نبوءة المسيح الموعود عليه السلام قد تحققت رغم عدم تحققها؛ بل إن مردّها هو إلى ما جاء في كتيب “ضياء الحق” وتاريخ نشره، كما سنبيّنه.

لقد غفل المعارضون عن هذا الكتاب الذي جاء تأليفه ونشره بين الإعلانين الأخيرين المتعلقين بهذه القضية وهما إعلان 27-10-1894 وإعلان 30-12-1895، وقد أكدّ فيه المسيح الموعود عليه السلام ما قاله في إعلان 27-10-1894 بأنه إذا أقدم آتهم على القسم فسيموت خلال سنة، وأما إذا لم يقسم فلن يتركه الله دون عذاب، حيث قال:

فأنا أُقسم بالذي نفسي بيده أن آتهم لو أراد أن يقسم حتى الآن بالعبارة التي بينتُها فليُقسم أمامي ثلاث مرات في اجتماعٍ فسنقول: آمين. فسوف أقدم له أربعة آلاف روبية فورا، ثم إذا بقي حيًّا سالما سنةً واحدة بعد القسم فسيكون المبلغ حقه.“(ضياء الحق)

ثم قال حضرته عليه السلام في نفس الكتاب: “إلا أن هذا الامتناع ( عن القسم) لن يفيده شيئا لأن الله – سبحانه وتعالى – لا يترك المجرم دون عقاب. فهراء القساوسة السفهاء وبذاءتهم كلها على رقبة آتهم.“( ضياء الحق)

إذن، يؤكد حضرته عليه السلام ما قاله سابقا، أنه إذا حلف “آتهم” فسيموت خلال سنة، وإلّا لن يتركه الله دون عذاب. غير أنه لم يقل عن آتهم، إنه إذا لم يحلف فسوف يموت خلال عام واحد.

ولكن مشيئة الله عز وجلّ وقدره شاءا أن يكون هذا المفهوم قد أودِع ضمنيا في تصريح حضرته هذا المضمّن بهذا الكتاب ” ضياء الحق”، والذي هو آخر تصريح لحضرته متعلق بالمصير الذي سيلقاه آتهم في حال عدم إقدامه على القسم؛ إذ قد أصدر حضرته عليه السلام بعد هذا الكتاب الإعلان الأخير في هذا الشأن في 30-12-1895 ولم يتطرق فيه البتّة إلى مصير آتهم إذا لم يحلف.

فشاء قدر الله أن يكون “ضياء الحق” آخر تصريح للمسيح الموعود عن مصير آتهم إذا لم يحلف، وهو أنه لن يتركه الله دون عذاب، وشاء قدر الله أن يموت “آتهم” بعد حوالي أحد عشر شهرا من نشر هذا الكتاب، أي أن الله تعالى أراد بحكمته أن يموت آتهم قبل أن تكتمل سنة واحدة منذ نشر هذا الإعلان أو الكتاب.

وبناء عليه يكون المفهوم الضمني لتصريح المسيح الموعود : إذا أقسم سيموت خلال سنة وإذا لم يقسم لن يسلم من عذاب الله ؛ كما يلي: إذا اقسم أو لم يقسم سيموت خلال سنة. وهو المفهوم الذي راج على ألسن الناس نظرا لكثرة التفاصيل في هذه المسألة، ولتحققها فعليا بعد نشر هذا الكتاب.

فثبت من كل هذا أن ما روّجت له الجماعة ” إذا أقسم أو لم يقسم سيموت خلال سنة “، كان نابعا مما جاء في كتاب ضياء الحقّ، ونظرا لموت آتهم خلال سنة من نشر هذا الكتاب.

بقي لنا أن نثبت أن كتاب ضياء الحق قد نشر قبل أقل من سنة من موت عبد الله آتهم؛ وهنا نورد ما قاله حضرته عن هذا الكتاب حيث جاء:

كنا نريد بخصوص كتيب “ضياء الحق” أن ننشره مع “منن الرحمن” ونجعله جزءا من أجزائه، إلا أننا رأينا من المناسب حاليا أن ننشر عددا من النسخ منه لأننا لاحظنا أن بعض غير المطلعين والمتعصبين ما زالوا مصابين بسوء الفهم بأن النبوءة بحق آتهم بطلتْ. فنُسَخ ضياء الحق نرسلها الآن بأيدينا، ولن نرسل بعدها أي نسخة له عند أي طلب، إلا أن يشتري الطالب منن الرحمن أيضا. لأن هذا الكتيب قد جُعل جزءا من ذلك الكتاب، وإن كتاب منن الرحمن سيُنشر إلى ديسمبر/كانون الأول 1895 بإذن الله. وعند صدوره سيَصدر هذا الكتيب أيضا باعتباره جزءا منه، وحاليا ننشر عددا من النُسخ الذي لا يقدَّر بأكثر من خمسين، بهدف أن ننتشل عاجلا من هوة سوء الفهم أولئك الذين يقولون إن نبوءة آتهم لم تتحقق. لأن معارضينا العميان حتى الآن لم يتمكنوا من رؤية الحق الذي يسطع في النبوءة. فقبل بضعة أيام قرأنا مقالا من جريدة “بهارت سدهار” 24/ 8/1895 في جريدة “نور أفشان” الصادرة في 13/ 9/1895، الذي كتب فيه صاحب المقال بأن عاما آخر قد مضى وعبد الله آتهم ما زال حيا يرزق. “ضياء الحق”

واضح من قول حضرته عليه السلام أنه قام بتأليف كتاب “ضياء الحق” بمحاذاة تأليفه لكتاب منن الرحمن في سنة 1895، وقد اكتمل تأليف ” ضياء الحق” في شهر مايو 1895كما يظهر من خاتمة الكتاب حيث جاء فيها: الراقم:العبد المتواضع مرزا غلام أحمد القادياني / شهر مايو/أيار 1895.

إلا أن ما يهمنا هو تاريخ نشر هذا الكتاب ومتى وصل إلى يد القراْ، فيتضح من قول حضرته عليه السلام، أنه أرجأ نشره أملا في أن يُنشر كجزء من كتاب ” منن الرحمن” في دسمبر من نفس السنة. غير أن حضرته عليه السلام قرّر بعد ذلك أن ينشره قبل شهر دسمبر بشكل منفصل عن كتاب منن الرحمن، وكما هو واضح فإن نشر هذه النسخ التي كانت النسخ الأولى التي اطلع عليها العامة لم يكن قبل تاريخ 13-9-1895 ؛ لذا فبإمكاننا القول أن نشره كان في سبتمبر 1895.

ولما كان موت آتهم في تاريخ 27-7-1896 ، أي بعد عشرة أشهر ونصف الشهر من نشر كتاب ” ضياء الحق”، فبذلك تحقق المفهوم الرائج في هذه القضية، أنه “إذا أقسم أو لم يقسم آتهم سيموت خلال سنة”، وحصحص الحق وظهرت براءة جماعة الحق والصدق من التزييف المزعزم، وخاب المتهورون في البحث والتدقيق.

أثبتنا من كل هذا ما يلي:

  •  آخر إعلان أو نشر تطرق فيه المسيح الموعود عليه السلام لمصير آتهم إذا لم يقسم كان في كتاب ” ضياء الحق”.
  • قال فيه المسيح الموعود ما مفهومه: إذا أقسم آتهم سيموت خلال سنة، وإذا لم يقسم لن يسلم من العذاب، الذي هو عذاب الموت كما أثبتناه سابقا.
  • نُشر هذا الكتاب في سبتمبر 1895.
  • مات آتهم في 27-7-1896 ، أي خلال سنة من نشر هذا الكتاب.
  • تحقق بشكل ضمني قول الجماعة الرائج على ألسن الناس: إذا أقسم آتهم أو لم يقسم سيموت خلال سنة.
  • إذا كانت الجماعة إجمالا واختصارا لكثرة التفاصيل في هذه القضية، قد صرّحت او لا زالت تصرح في مناسبات مختلفة، بهذا التصريح على أنه ما قاله المسيح الموعود في آخر إعلان؛ إنما يكون القصد منه على اعتبار “ضياء الحق” هو آخر هذه التصريحات وليس إعلان 30-12-1895؛ وذلك لأن فيه تطرق المسيح الموعود إلى مصير آتهم في حالة عدم إقدامه على الحلف.
  • ظهرت براءة الجماعة من التزييف المزعوم في هذه المسألة.