المعترض:
مِن الذي الذين هاجموا المرزا بشدة:
1: محمد حسين البطالوي الذي كان قد امتدحه جدا وامتدح كتابه. والذي لم يكن يعرف في البداية أنه مخادع. ولا يؤخذ بشهادته الأولى لأنها مبنية على معلومات ناقصة تراجع عنها حين اتضحت له الحقيقة. فلم يكن من قريته ولا يعرفه جيدا كما يبدو.
2: مير عباس علي، الذي قال فيه الميرزا: “هو صديقي الأول الذي ألقى الله تعالى حبي في قلبه قبل غيره. وهو الرجل الصالح الذي جاء قبل غيره إلى قاديان للقائي لوجه الله فقط، وذلك بعد تحمّل عناء السفر على سنة الأبرار الأخيار وبنـزاهة تامة. لا أستطيع أن أنسى أبدا أنه أظهر الوفاء بحماس صادق، وتحمّل من أجلي معاناة كثيرة، وسمع من القوم الكثير من سيِّئ الكلام. إن مير عباس المحترم ذو سيرة طيبة وعلى علاقة روحانية بي. ويكفي لإثبات مرتبته في الإخلاص أنني تلقيت مرة بحقه إلهاما: “أصله ثابت وفرعه في السماء”. يعيش في هذه الدنيا الفانية عيش المتوكل. (إزالة الأوهام)
بعد أشهر من هذا المدح خرج مير عباس علي من جماعة الميرزا، “ونشر إعلاناً مخالفاً في 12/12/1891 مملوء بكلمات سوء الأدب والتحقير” (مكتوبات أحمدية). وقد قابله وقال له: “يمكن أن تُعقد المبارزة بيننا بحيث نبقى في غرفة مغلقة عشرة أيام وسيموت من كان كاذبا منا” (إزالة الأوهام)، لكن الميرزا رفض هذا العرض.
3: منشي إلهي بخش المحاسب. ورد اسمه في البراهين.. أي أنه من أوائل أتباع الميرزا، ولكنه في عام 1898 انضم إلى مير عباس علي وبدأ ينشر بين أصدقائه أن الله تعالى أوحى إليه أن المرزا مسرف كذاب (مقدمة ضرورة الإمام). كتب عنه الميرزا: “وصلني كتاب “عصا موسى” لمؤلفه “إلهي بخش” المحاسب، وكان قد طعن فيه في أموري الشخصية جراء سوء الظن، كما تهجم على بعض النبوءات الإلهية الصادقة والمقدسة متسرعًا دونما تدبر”. (الأربعين 4 عام 1900)
4: الدكتور عبد الحكيم الذي كان من المخلصين جدا، وترك الميرزا في عام 1906، وتنبأ أن الميرزا سيموت في غضون 14 شهرا، ثم تنبأ الميرزا أن الله سيطيل عمره وسيُبطل نبوءة عبد الحكيم، لكنه مات في الفترة المحددة.
فما الذي جعل هؤلاء المقربين وهم من كبار الأتباع لا يتركون الميرزا فحسب، بل يعادونه جدا ؟
وما الذي جعل زوجة الميرزا الأولى وابنيها يرفضونه كليا؟
يأتي الأحمديون بمثال ابن نوح وعبد الله بن أبي السرح. قلنا لهم مرارا: تقيسون الحالة الشاذة على الحالة العامة!! ابن نوح فرد واحد من عائلته لم يؤمن به، أما الميرزا فأجمعت عائلته على أنه مكار، وليس أنها لم تؤمن به فقط. ابن أبي السرح مجرد فرد ارتد، أما الميرزا فتركه كبار أتباعه، لا مجرد فرد منهم. وبذلوا جهدا كبيرا في نقض دعواه، حتى إنها كادت تنقرض في الهند إلا ممن يرثونها وراثة، فاضطرت الجماعة للانتقال إلى بلاد جديدة لتمارس الخداع من جديد وتزيّن الصورة لمن يجهلونها.
الرد:
إنَّ مثال البطالوي لوحده ينسف كل هذا الكلام الطويل المليء بالكراهية والأحقاد والذي تجشم المعترض عناء كتابته، هذا لأن الشيخ محمد حسين البطالوي لم يقل مثلاً بأن حضرة مرزا غلام أحمد عَلَيهِ السَلام هو كذا وكذا ثم يتراجع بعد ذلك عن قوله بسبب (اتضاح الحقيقة له فيما بعد ولعدم كونه من قريته ولا يعرفه جيدا كما يبدو) كما يقول المعترض بل الذي قاله البطالوي هو أنه كان يعرف المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام جيداً وأن لا أحد يعرفه مثله لكونه نشأ معه في الصغر وهو يشهد على هذا الأساس أن حضرة مرزا غلام أحمد عَلَيهِ السَلام رجل تقيٌ وورِعٌ ومُدافِعٌ حقيقي عن الإسلام، ولنأخذ مقتبساً مما قاله الشيخ البطالوي:
“هناك قلة قليلة من معاصرينا الذين يعرفون أحوال وأفكار مؤلف “براهين أحمدية” بقدر ما نعرفها نحن. فإنه مواطن لنا، وزميلنا منذ أيام الطفولة حيث كنا سويا ندرس “القطبي” و”شرح ملا جامي”.” (مجلة إشاعة السنة ج ٧ رقم ٦ الصفحة ١٦٩-١٧٠)
ثم عبَّرَ عن رأيه في حضرة مرزا غلام أحمد عَلَيهِ السَلام فقال:
“والآن ُأبدي رأيي بإيجاز شديد ودون أدنى شائبة من المبالغة، وهو أننا حين نضع هذا العصر وأحواله في الاعتبار أرى أنه لم ينشر مثل هذا الكتاب منذ بدء الإسلام إلى هذا اليوم، ولا ندري ماذا يمكن أن يحدث في مستقبل الأيام، لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا. لقد أثبت المؤلف أنه رجل مثابر في خدمة الإسلام، بالقلم واللسان، والحال والمال، وغير ذلك، حتى إنه من النادر أن تجد له مثيلا بين المسلمين. ومن اعتبر قولنا هذا مبالغة تمشيا مع أسلوب أهل آسيا، فعليه أن يدلّنا على كتاب واحد على الأقلّ تصدى لأعداء الإسلام، وخاصة للآريا سماج والبرهمو سماج بكل قوة وبرهان، وعليه أن يقدم لنا أسماء ثلاثة أو أربعة ممن قدموا للإسلام خدمات مثل ما قدم هذا الرجل، وعليه أن يعدد لنا بضعة أشخاص بمثل هذه الصفات الذين اضطلعوا بأعباء خدمة الإسلام بالمال والنفس والقلم واللسان والحال أيضا، والذين تحدوا أعداء الإسلام ومعارضي الوحي وقالوا بأن الذي يرتاب في نزول الوحي فليتقدم إلينا ليشاهد ما يرتاب فيه، بل إنهم أذاقوا الملل الأخرى طعم التجربة والمشاهدة أيضا.” (مجلة إشاعة السنة العدد ٧ رقم ٦ الصفحة ١٦٩-١٧٠)
فأمام المعترض الآن حلّان لا ثالث لهما وهو إما أن يتراجع عن قوله بأن البطالوي ربما لم يعرف المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وليس من قريته وبناء عليه اكتشف حقيقته فيما بعد لأن الشيخ البطالوي يقول بوضوح بأنه أفضل مَن عرف المسيح الموعود في طفولته عَلَيهِ السَلام وأنهما درسا معاً وبناء على هذه الحقيقة فإن الشيخ البطالوي يشهد بلا أدنى مبالغة بأن حضرة مرزا غلام أحمد عَلَيهِ السَلام رجل تقي ورع لا مثيل له في خدمة الإسلام. أما الحل الآخر فهو أن يطعن المعترض بالشيخ البطالوي ويعترف بأنه تناقضَ فلا مجال لتغيير الشهادة بأن الشيخ عرف المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام منذ ألطفولة بل لا أحد يعرفه مثله وهو شخص ورع وتقي فهذا تاريخ لا يمكن تغييره إلا في حالة واحدة وهي أن البطالوي قد كذب في شهادته وبذلك فالشيخ يشهد على أنه هو الكذوب وهو جرح ومطعن عظيم في عدالة الرجل لا يمكن أن يوثق به بعد ذلك أبدا. فليختر المعترض أي الحلّين هو الأفضل
أما مير عباس علي فيكفي أن يخون ويسب المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام الذي امتدحه ودعا الله تعالى له وظنّْه من المقرّبين فإذا به يركل النعمة ويخون الأمانة بل ويتمنّى موت سَيِّدِه الذي ائتمنه، ويبدو بكل جلاء أن المعترض هو تماماً من صنف مير عباس ولذلك فهو يدافع عنه ويوافقه كما وافق شّنٍّ طبقة. أما سبب خيانة مير عباس فهو الكبر وضياع الإيمان، وقد تنبأ المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بارتداده قبل أن يرتد بل قبل حتى أن يبايعه وينضم إلى جماعته إذ ارتدَّ مير عباس علي حين أعلن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بأنه هو المسيح الموعود والإمام المهدي، وقد مات مير عباس وهو مرتد. وكان المسيح الموعود عليه السلام قد حذَّره من الاختبار في رسالة بتاريخ ١٨٨٣/٩/٢٢ كما يلي:
“كان الله في عونك، وحفظك من مكروهات الدهر. إن الارتباط بهذا العبد المتواضع يتطلب شيئاً من الاختبار، فلا مناص لك من هذا الاختبار.” (رسائل أحمدية، مجلد ١، ص ٦٥، رسالة رقم ٣٤ المرسلة إلى مير عباس علي اللدهيانوي)
فلم يكد مير عباس يبايع حتى حذّره الْمَسِيحُ الموعودُ عَلَيهِ السَلام من سوء المنقلب وقد تحقّق ذلك، وهذا ليس بغريب ولم يكن حدثاً جديداً إذ ارتد كثيرٌ من أتباع الأنبياء ممن كانوا سابقاً محل ثقة ومنهم كما قال المعترض ابن ابي السرح الذي ارتد عن الإسلام وصار من ألد أعداء النبي ﷺ وهو الذي ائتمنه ﷺ على كتابة الوحي وكان من المقرّبين، فهل يطعن ذلك في صدق النبي ﷺ أم في المرتد ؟ وهنالك أمثلة كثيرة لا حصر لها في هذه العجالة. والخلاصة هي أن الارتداد لا يمكن أن يكون مَطعناً في صدق النبي بل الفيصل هو سيرته وشهادة خصومه وطبيعة دعوته والتغيير الذي أحدثته دعوته في نفوس أتباعه وهده كلها تشهد كالشمس الساطعة بصدق حضرة مرزا غلام أحمد المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام، إذ يُعرف المسلمون الأحمديون حول العالم بأنهم ملائكة السَلام وخدمة البشرية ومن بينهم كبير مشايخ غانا ورئيس المجلس الإسلامي الشيخ عثمان نوح شربوتو الذي وصف الجماعة الإسلامية الأحمدية بأن لا مثيل لها في عمل الخير. (انظر: http://bit.ly/2lnkov8)
وفيما يلي تعليق المسيح الموعود بنفسه عَلَيهِ السَلام على الوحي “أصله ثابت وفرعه في السماء” حيث قال عَلَيهِ السَلام:
“ولم يكن المراد من هذا الإلهام إلا الإشارة إلى كونه راسخ الاعتقاد وقتها، وكانت الآثار كلها تؤكد ذلك حينها، حيث كان الحديث عني شغله الشاغل، وكان يعد كل رسائلي بركة عظيمة إذ كان ينسخها بيده في دفتر، وكان يعظ الناس بشأني أيضا، وإذا وجد على مائدتي كِسرة خبز يابس أكلها تيمنا وبركة، وهو أول من جاء إلى قاديان من “لدهيانه”. وذات مرة أُريت من الله تعالى أن عباس علي هذا سيتعثر ويرتد، فسجل رسالتي هذه أيضا في الدفتر الذي كان يكتب فيه أقوالي، ثم حين لاقاني بعد ذلك قال: لقد تعجبت كثيرا من الكشف الذي رأيته عني، وكيف قلت هذا وأنا أفديك نفسي. قلت: سيتحقق ما هو مقدر لك حتما. ثم لما أعلنت أني أنا المسيح الموعود، شقّت عليه دعواي، فظل أول الأمر يمتعض في قلبه، ثم تيسرت له صحبة المعارضين بضعة أيام خلال المناظرة التي جرت بيني وبين المولوي أبي سعيد محمد حسين في “لدهيانه”، فحلَّ القدر المحتوم؛ وتمرد عليَّ كليةً.” (حقيقة الوحي، الخزائن الروحانية، مجلد ٢٢، ص ٣٠٧)
وهذا حال المرتد منشي إلهي بخش فقد أخذ المعترض الاعتراض من مقدمة كتاب “ضرورة الإمام” كعادته في القص واللصق ولم يستفد من الجواب. والجواب من مقدمة ضرورة الإمام هو كالتالي:
كان “منشي إلهي بخش” من أصدقاء المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وأتباعه، فجاء إلى قاديان في سبتمبر/أيلول عام ١٨٩٨ ولقي المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وذكر له بعض إلهاماته. فسُرّ عَلَيهِ السَلام بأن الله تعالى قد شرّف المنشي بوحيه وإلهامه، إلا أنه لما ذكر لحضرته رؤياه التي قال فيها عن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام: “لماذا أبايعك؟ بل ينبغي عليك أن تبايعني“، أدرك عَلَيهِ السَلام بفراسته أن مثل هذه الرؤى قد تسبّب عثارًا له. فقام بإعداد هذا الكتيب في يوم ونصف فقط وطبعه في أكتوبر/تشرين الأول ١٨٩٨. لقد سلّط عَلَيهِ السَلام فيه الضوء على أهمية وضرورة الإمام من خلال الأحاديث النبوية الشريفة، وبيّن أنه عند بعثة إمام الزمان تنتشر الروحانية، حتى يتلقى كثير من الناس وحيًا ويرون كشوفًا ورؤى صادقة، ولكن هذا لا يغنيهم عن مبايعة إمام الزمان، لأن ذلك النور إنما نزل عليهم بسبب بعثة إمام الزمان. ثم ذكر عَلَيهِ السَلام ما يستلزم منصب الإمامة من أخلاق عالية وقوة الإمامة والبسطة في العلم والعزم القوي والإقبال على الله وسلسلة الكشوف والوحي وغيرها. كما ذكر عشر علامات للوحي الرباني التي تميزه عن الوحي الشيطاني. وفي النهاية ضمّن نصيحة مخلصة لمنشي إلهي بخش قائلا:
“يجب ألا ينخدع عزيزي الملهَم ببعض الفقرات الإلهامية النازلة عليه، بل أقول له حقًّا إن في جماعتي ملهَمون كثيرون مثله، وإلهامات بعضهم كثيرة بحيث يمكن أن تصبح كتابًا إنْ جُمعت.” أهـ
لم يستفد المنشي من هذا الكتيب شيئا، وبدلاً من أن يزيل وساوسه وشبهاته بهذه الأدلة انضم إلى مير عباس علي شاه، وهو أحد المرتدين، وجاهرَ بعدائه للمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام، وبدأ ينشر بين أصدقائه أن الله تعالى أوحى إليه أن المرزا (أي سيدنا أحمد عَلَيهِ السَلام) مسرف كذاب- والعياذ بالله- ولكنه لا ينشر مثل هذا الوحي حتى لا يرفع المرزا دعوى قضائية ضده في المحكمة. فلما بلغ ذلك المسيحَ الموعود عَلَيهِ السَلام أكد له أنه لن يرفع أية دعوى، بل طالبَه بنشر إلهاماته مقرونة بإعلان بأن يحل به عقاب الله تعالى لو لم يكن صادقًا فيها. فإثر سماعه كلمات المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام نشر “منشي إلهي بخش” كتابًا باسم “عصا موسى” يقع في أربع مئة صفحة ويحتوي على إلهاماته، إلا أنه لم يضمّنه بيانه الحلفي وفق طلب المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام، وكان مِن بينها ما يصرّح بأن غضب الله سينـزل على المرزا وسيبتلى بالطاعون، كما كتب فيه أيضا: “لن أموت حتى أنجز ما فوّض الله إليّ من مهام.” إلا أنه لم ينج من عذاب الله تعالى، فمات بالطاعون في ٧-٤-١٩٠٧ في عهد المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام، ونعتْه جريدة “أهل حديث” في عددها الصادر في ١١-٤-١٩٠٧ بالكلمات التالية: “بكل أسف وأسى نعلن أن منشي إلهي بخش اللاهوري مؤلفُ “عصا موسى” قد استشهد بالطاعون.” وكان ذلك دليلاً ناصعًا على صدق المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وإمام الزمان. والحمد لله رب العالمين.
أما عبد الْحَكِيم فقد طردته الجماعة الإسلامية الأحمدية بسبب إسائته للقرآن الكريم وتعدّيه على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فطرد من الجماعة وأخذ يحاول الانتقام كما هو الحال مع المعترض، وقد تحققت نبوءته عَلَيهِ السَلام فيه من حيث إن الله تعالى ظل يمد في عمره عليه السَلام ما لم ينسخ الدكتور نبوءته التي ضرب فيها ميعاداً لوفاته عليه السَلام، ولكنه لما حدد في نبوءته يوماً معيّناً لوفاته عَلَيهِ السَلام كذّبه الله تعالى بطريقة أخرى. وبيان ذلك كما يلي:
أوًلاً تنبأ الدكتور في ١٩٠٦/٧/١٢ قائلا:
“المرزا مسرف كذّاب وخدّاع، وسوف يفنى الشرير أمام الصادق، وميعاد ذلك هو ثلاث سنوات كما أُخبرت.” (الدجال الأعور، ص ٥٠)
وردَّاً عليه أوحى الله تعالى إلى المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام الدعاء التالي:
“ربِّ فرِّق بين صادق وكاذب.” أهـ
ثم بعد ذلك كتب الدكتور في ١٩٠٧/٧/١ في إعلان:
“لقد نقص الله تعالى عشرَة شهور و١١ يوماً من ميعاد الثلاث سنوات المضروب لترول العقوبة على هذا الشخص ِمن جراء تجاسره وعصيانه، والذي كان سيكتمل في ١٩٠٩/٧/١١، وأخبرني سبحانه وتعالى بإلهامه في ١٩٠٧/٧/١ أن المرزا سيلقى في الهاوية بعقوبة الموت خلال ١٤ شهرا منذ اليوم.” (إعلان الحق وإتمام الحجة، ص ٦)
وردَّاً عليه كتب المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام في إعلان ١٩٠٧/١١/٥ (مجموعة إعلانات، مجلد ٣، ص ٥٩١، وجريدة “الحكم”، يوم ١٩٠٧/١١/١٠، ص ٧) ما أوحى الله إليه وهو:
“سوف أزيد أيضا في عمرك.” أهـ
فأعلن هذا الدكتور المرتد في ١٩٠٨/٢/١٦ وقال:
“إن المرزا سيهلك حتى ٢١ ساون ١٩٦٥ البكرمي (الموافق ١٩٠٨/٨/٤).” (إعلان الحق وإتمام الحجة، ص ٦)
فرد عليه المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وقال:
“لقد أخبرني الله تعالى إزاء نبوءة هذا الشخص أنه نفسه سيلقى في العذاب، وأن الله تعالى سيهلكه، وأني سأعصم من شره.” (ينبوع المعرفة، الخزائن الروحانية، مجلد ٢٣، ص ٣٣٧)
فأعلن هذا المرتد في ١٩٠٨/٥/٨ في الجرائد عبر رسالة ما يلي:
“سيهلك المرزا بمرض فتاك في ٢١ ساون ١٩٦٥ البكرمي (الموافق ١٩٠٨/٨/٤).” (انظر جريدة “بيسه أخبار”، يوم ١٩٠٨/٥/١٥، وجريدة “أهل حديث”، يوم ١٩٠٨/٥/١٥)
فردَّ عليه المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وقال:
“سوف يكشف الله تعالى من هو الصادق.” (“بدر”، مجلد ٧، عدد ١٩-٢٠، يوم ١٩٠٨/٥/٢٤، ص ٧)
وهكذا فإن الله تعالى قد جعل هذا المرتد يعلن بقلمه نسخ نبوءاته الثلاث السابقة، ثم أبطل الله تعالى نبوءته الأخيرة، إذ لم يتوفَّ المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام في ١٩٠٨/٨/٤ كما تنبأ هذا المرتد، بل توفي في ١٩٠٨/٥/٢٦. صدق الله ورسوله وكان أمر الله مفعولا.
كما انقلبت على هذا الدكتور المرتد نبوءاته كلها، فكان أعلن أنه تلقى في ١٩٠٦/١٠/٣٠ إلهاماً يقول:
“إن المرزا سيهلك بمرض في الرئة. فمات الدكتور نفسه بمرض في الرئة. وكان تنبأ قائلا: سيقَطع دابر المرزا، بينما تنبأ عن نفسه أنه قد تلقى وحياً يقول: you will succeed، أي: إنك ستنجح.” (إعلان الحق ص ٧)
ولكن دابره هو قُطع حتى لم يبق له أثر. أما سيدنا المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام فجعل الله تعالى في أمره بركة بحيث يوجد محبوه المخلصون في كل بقعة من بقاع الأرض. فالحمد لله على ذلك. (ببعض التصرف من كلام حضرة مرزا بشير أحمد رَضِيَ اللهُ عَنْهُ)
أما قول المعترض: “فما الذي جعل هؤلاء المقربين وهم من كبار الأتباع لا يتركون الميرزا فحسب، بل يعادونه جدا ؟ وما الذي جعل زوجة الميرزا الأولى وابنيها يرفضونه كليا؟” فجوابه أن الإيمان والكفر لا يحدده النسل ولا القرابة وقد رأينا كيف أن ابن سيدنا نوح عَلَيهِ السَلام وزوجه كفرا به وكذلك زوجة سيدنا لوط عَلَيهِ السَلام وعمّ سيدنا ابراهيم عَلَيهِ السَلام وكاتب وحي النبي ﷺ وغيرهم ناهيك عن معاداة الأهل والاقارب من جهة أخرى. فهل معاداة هؤلاء لأزواجهن أو آبائهم أو سادتهم من النبيين يطعن في صدق النبيين أم العكس هو الصحيح ! أما المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام فقد آمن ولداه فيما بعد أي لم يبق من أهله إلا وقد آمن به عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام.
إنَّ اعتراض مثل هذا يثبت أن عقيدة المعترض هي الإلحاد إذ يعد ارتداد الصحابة وأزواج النبيين دليلاً ضد النبيين عليهم صلوات رب العالمين ويترك الآلاف من المؤمنين الذين ضحوا بأنفسهم وأولادهم في سبيل النبيين عليهم السَلام أجمعين. وهكذا ترك المعترض عشرات الآلاف من المؤمنين بالمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام ومنهم الذين ضحوا بأنفسهم كالشهيد عبد اللطيف رَضِيَ اللهُ عَنْهُ والشهيد عبد الرحمن وشهداء آخرين بذلوا ولا زالوا يبذلون أرواحهم فداء المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام في باكستان وإندونيسيا وغيرها فقط بسبب إيمانهم بأنه عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام هو المسيح الموعود الذي بشرنا به المصطفى خاتم النبيين صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. فالأولى بالمعترض أن ينظر لآلاف الأمثلة الحيّة التي تتكرر يومياً وهم يضربون أعظم الدروس على التمسك بالمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بدل أن ينظر لثلاثة أشخاص فقط أرتدّوا كان أحدّهم قد كفر بالقرآن الكريم وأساء للنبي ﷺ والثاني مات بالطاعون والثالث ارتدَّ وفق نبوءة للمسيح الموعود نفسه عَلَيهِ السَلام.
أما قول المعترض أن الجماعة كادت تنقرض في الهند فاضطرت للانتقال إلى بلاد جديدة لتمارس الخداع فنقول: عجبًا للجهل المركب ! فالجماعة التي كادت أن تنقرض على حد قول المعترض تخرج من الهند وتنتشر في البلاد كلها وحتى الدول العربية ويدخل من الدول العربية على حد قول المعترض عشرة آلاف. فما هو هذا الكذب الذي يقدم عليه الناس من كل حدب وصوب وما هو الصدق الذي أتى به المعترض للعالم ولا يقبله أحد ! هل أصبح الناس يحبون الكذب أكثر من الصدق بحيث يتكلم المعترضون ليل نهار فلا يُسمعون وتتكلم الجماعة فيقبلونها.
إن أمثال المعترض تكلموا ولا زالوا يتكلمون، ولكن النتيجة واضحة وهي على حد قول الشيخ ممتاز الحق عدو الجماعة الإسلامية الأحمدية:
“مهما قُلنا وفعلنا مجتمعين فالأحمدية لا زالت تنتشر وتنتشر“.
(انظر تسجيل الشيخ ممتاز الحق يعترف: يوتيوب)
عند إلقاء نظرة سريعة اليوم على ما وصلت إليه الجماعة الإسلامية الأحمدية الفتية التي لم يمض على تأسيسها أكثر من ١٢٤ سنة وما وصل إليه خصومها الذين يتغنى بهم المعترض فسوف نجد أن جميع أولئك المعارضين قد تلاشوا ولم يعد لهم أي ذكر أو حتى تابع واحد ومنهم من درس قبره فلم يعد يعرف له أثر كالشيخ البطالوي بينما نمت جماعة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام من مجرد آلاف إلى عشرات الملايين وانتشرت في ٢٠٩ بلد حول العالم تنشر الإسلام النقي وتشيد المساجد والمدارس والجامعات والمشاريع الإنسانية فيما يزداد خصومها فجوراً وخراباً وتخريباً لبلدانهم بسبب التكفير والجهاد المشوه.
وللبرهنة على جهل المعترض حول انتشار الجماعة الإسلامية الأحمدية في الهند نقتبس مما قاله الإمام عبد الحي اللكنوي وهو علامة الهند وإمام المحدثين والفقهاء عندهم (١٢٦٤ – ١٣٠٤ هـ) حيث شهد بأن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام كان علّامة مشهور في الهند بخدمة الإسلام والدفاع عنه وإفحام أعداء الإسلام وقد تبعه خلقٌ كثيرٌ في الهند فقال:
“مرزا غلام أحمد القادياني: الرجل الشهير غلام أحمد بن غلام مرتضى بن عطاء محمد بن كل محمد برلاس القادياني المتمهدي ثم المتنبي المشهور في بلاد الهند، كان يظهر الزهد والتصوف والكرامات، ويباحث أحبار الآرية والنصارى ويفحمهم في مباحثاته، ويصرف آناء الليل والنهار في الذب عن الإسلام، ويبذل جهده كل الجهد، ويصنف الكتب في ذلك، حتى إنه ادعى أنه مهدي موعود، ثم ادعى أنه مسيح معهود، وسمى نفسه مثيل المسيح، ثم ادعى أنه بروز أحمد ثم قال إنه بروز كرشن عظيم الهنود، وكان يخبر الناس بما يكون، فافتتن به خلق كثير، واعتقدوا فيه الخير، وأنكره الآخرون فقالوا: إنه مشعبذ ومتكهن وساحر وكذاب، وكفره السيد نذير حسين المحدث الدهلوي والشيخ حسين بن محسن اليماني والعلامة محمد بشير السهسواني وغيرهم من العلماء الربانيين، ولهم رسائل في الرد عليه والذب عن أهل السنة والجماعة.” ( نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر، عبد الحي بن فخر الدين الحسيني اللكنوي، حرف الغين، الصفحة ١٠٧٩)
ويكفي آن ألد أعداء حضرته عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام قد شهد بأنه يعرفه منذ طفولته ويشهد الله أن حضرته تقي وورع، وهذا وحده يكفي لرد بضاعة المعترض إلى رحله إلى الأبد. ولم يبق إلا وحي “إني مُهينٌ مَن أرادَ إهانتك” الذي يتحقق في المعترض بعد كل شبهة يثيرها ولله الحمد والمنة.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ