ذرائع آتهم للهروب من القسم دليل على كذبه..

المطالبة بالقسم والهروب منه دليل على تحقق النبوءة..

لقد أصدر المسيح الموعود عليه السلام، بعد انقضاء مدة الخمسة عشر شهرا عدة إعلانات، ومن بينها رسائل إلى عبد الله آتهم والقسس المسيحيين يؤكد لهم فيها أن النبوءة بحقهم قد تحققت وفق الشرط المذكور فيها، وأن عبد الله آتهم لم يمت في المدة المحددة لأنه عاد إلى الحق جزئيا واستولت عليه عظمة الإسلام وهيبة النبوءة؛ حيث أكّد الله تعالى للمسيح الموعود حالة آتهم هذه من خلال وحيه ” اطّلع الله على همّه وغمّه”. فإذا كان آتهم ينكر هذا الأمر فعليه أن يُقسم قَسَما مشفوعا بعذاب الموت يلقاه خلال سنة، لكي يتبيّن الحق من الباطل في هذه المسألة. وجاءت أول مطالبة بهذا القسم في إعلان 9-9-1894.(1)

وقد اقترح المسيح الموعود عليه السلام منح آتهم مبلغ ألف روبية إذا أقدم على قسَم كهذا، وكرّر حضرته عليه السلام هذا الطلب أربع مرات في ثلاث إعلانات أخرى، مع مضاعفة المبلغ وزيادته إلى أن وصل إلى 4000 روبية، إلا أن آتهم رفض أن يُقسم قسما كهذا؛ ليكون هذا الإصرار على عدم القسم أكبر دليل على خوفه من النبوءة نفسها، وعلى تحققها بشكل فعلي.

فما كان لآتهم إلا ان يختلق الذرائع والأعذار الواهية من أجل الهروب من هذا القسم، وهنا لا بدّ أن نشير إلى أن تعدّد هذه الذرائع دليل على كذبه وعلى صدق سيدنا أحمد عليه السلام في هذا الأمر كما سنبيّنه.

ذريعة كبر السن..

ذريعة كبر السّن وأن الموت متوقع في كل لحظة دليل على إلحاد المعراضين..

إن أول ما لجأ إليه آتهم من أجل الهروب من القسم هو تلميحه بأنه كبير في السن ويبلغ من العمر سبعين عاما؛ فوفق قوله هذا لا يمكن له أن يقسم لأنه من الممكن أن يموت في خلال عام واحد وفق تصريح القسم، فحينها يُظن بأن موته تحقيقا للقسم نفسه. وقد جاء ردّه هذا بعد الإعلان الثالث للمسيح الموعود في مسألة النبوءة والمعلن في 20-9-1894 . كما أن المعارضين المقلدين يأتون بهذه الذريعة نفسها ويقولون عن سبب مطالبة المسيح الموعود لآتهم بالقسم: ” أما عبد الله آتهم فموته متوقع في كل لحظة، لأنه مريض وليس شابا، كما يبدو ذلك فيما كتَب الميرزا. ..”

فقد دحض المسيح الموعود هذا العذر بما مفهومه: (2)

  • كبر السن ليس سببا للامتناع عن القسم، فإن كان آتهم على حق وكان موته قريبا، فإن إلهه ( أي عيسى ابن مريم إله النصارى) الذي يدافع عنه ويؤمن بقدرته على كل شيء، لا بدّ أن يطيل عمره رغم كل الظروف بما فيها الكبَر والمرض.
  • إن هذا التذرع دليل على عدم إيمان آتهم الحقيقي بإلهه وبقدرة إلهه.
  • منحَ المسيح الموعود آتهمَ فرصة أن يعلن إيمانه بقدرة إلهه على إطالة عمره لثلاثة أيام فقط، -إذا كان يخاف من موته خلال سنة ولا يثق في أن إلهه قادر على أن يحميه لمدة سنة- فحينها سيغيّر نصّ القسم من الموت خلال سنة إلى الموت خلال ثلاثة أيام. إلا أن آتهم لم يقم بذلك فثبت بطلان إيمانه بقدرة إله النصارى.
    – استعداد المسيح الموعود للقسم بأن يطيل الله عمره عشر سنوات، رغم كبر سنه والذي يقارب سن عبد الله آتهم، وذلك إزاء القسم الذي يدلي به آتهم، ينسف هذه الذريعة التي اختلقها آتهم.
  • إن التذرع بهذا السبب من قبل المعارضين لهو دليل على إلحادهم، لأنهم لا يؤمنون بأن الله قادر على أن يطيل عمر آتهم رغم كبر سنه ومرضه إذا أقسم.

ذريعة الاكتفاء بالتصريح بأنه لم يرتدع ولم يرجع إلى الحق..

– إن تصريحات آتهم في الجرائد بأنه لم يخف النبوءة ولا يزال نصرانيا لا قيمة لها وما هي إلا عبثية، مقابل الإدلاء بالقسم في هذا الأمر.حيث طالبه المسيح الموعود بهذا القسم على اعتبار أنه شاهد على أحوال نفسه، وليس على اعتباره مدّعًى عليه. فالمدعَى عليه بإمكانه أن يكذب بسهولة لتبرئة نفسه، أما الشاهد في المحكمة فيدلي بشهادته تحت قوة القسم، وهذا هو المطلوب من آتهم. فالقسم هو المحكّ الحقيقي للفصل في المسألة وليس مجرد التصريح.(3)

ذريعة عدم جواز القسم وفق الإنجيل

بعد الإعلان الثالث – ( إعلان 5-10-1894) الذي حثّ فيه المسيح الموعود آتهم أن يُقْدم على القسم لإثبات إنكاره الخوف من النبوءة-، لجأ آتهم إلى ذريعة جديدة لتبرير عدم إقدامه على القسم، وهي أن القسم ممنوع في عقيدته وفق الإنجيل حسب النصّ التالي: {سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ:لاَ تَحْنَثْ، بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ أَقْسَامَكَ. 34وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَحْلِفُوا الْبَتَّةَ} (إِنْجِيلُ مَتَّى 5 : 33-34)

ولذا فهو مستعد للقسم فقط إذا أُكره على ذلك في المحكمة.

ولدحض هذا التذرع نقول:

  • إن لجوء آتهم إلى هذه الذريعة فقط بعد الإعلان الثالث الذي أعلنه المسيح الموعود مطالبا فيه إياه بالقسم، لهو دليل على كذب هذه الذريعة وكذب آتهم نفسه، وأنها ما هي إلا اختلاق لذريعة واهية من أجل الهروب من القسم. وإلا، فلو كان هذا السبب صحيحا، لكان من المفروض أن يكون أول سبب والسبب الحقيقي الذي منع آتهم من القسم، فكان لا بدّ له أن يدلي به منذ البدء أي بعد مطالبة المسيح الموعود له بالقسم في الإعلان الأول ( إعلان 9-9-1894)، وليس أن يتلكأ في التصريح به، بعد أن كان قد تذرّع بأعذار أخرى ككبر السنّ وإنكاره الرجوع إلى الحق جزئيا.
  • ثم هل إيمان المرء تلغيه أوامر المحاكم حتى يقبل بالحلف تحت إكراه المحكمة فقط!؟ فقال المسيح الموعود ردا عليه: لقد نشر آتهم ردا على مطالبتنا بالحلف في “نور افشان عدد10/ 10/1894م أنه إذا كنت أُريد الحلف منه فلا بد أن تستدعيه المحكمة للمثول أمامها أي لن يحلف إلا أن تُكرهه المحكمة، فكأن إيمانه يتوقف على إكراه المحكمة. ولكن الذين لا يحلفون لإظهار الحق فسوف يبادون ويقضى عليهم. (أرميا 14:14)…… ( حاشية إعلان 27-10-1894)
  • لقد فسر المسيح الموعود عليه السلام النص الوارد في إنجيل متى : {سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ:لاَ تَحْنَثْ، بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ أَقْسَامَكَ. 34وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَحْلِفُوا الْبَتَّةَ} (إِنْجِيلُ مَتَّى 5 : 33-34)، بأنه لا يعني منع القسم كلية، بل منع القسم بغير الله.(4)
  • لقد أثبت المسيح الموعود عليه السلام كذب هذا العذر الذي أدلى به آتهم وفق الكتاب المقدس والإنجيل نفسه بقوله ( مع بعض التصرف والزيادة لما جاء في إعلان 27-10-1894):
  • معروف بأن الحلف هو الوسيلة الأخيرة لفض الخصومات وإظهار الحق وهي وسيلة متبعة في المحاكم الدنيوية.
  • إذا كان الحلف ممنوعا فلا بدّ أن تتجنبه المحاكم المسيحية.
  • المسيحيون من العامة ورجال الدين يحلفون حاملين الإنجيل.
  • إن سنة الله في الكون وفطرة الإنسان وضميره يشهد على أن الوسيلة المثلى لحسم الخصومات والنزاعات هي الحلف.
  • وليس ذلك فحسب بل إن جميع المسؤولين وأصحاب المناصب في الحكومة الإنجليزية وأعضاء البرلمان حتى الحاكم العام يؤدون اليمين عند تكليفهم بأي منصب.
  • فلم يرد عيسى – عليه السلام – قط أن يسدّ أبواب الشهادة ولوازمها، وكان – عليه السلام – يدرك جيدا أن الحلف روح الشهادة.
  • ثبت من إنجيل متى إصحاح 26 عدد 72 أن الحواري بطرس صاحب مفاتيح الجنة أقسم بإصرار حتى دون أن يطالبه أحد بالقسم. {69أَمَّا بُطْرُسُ فَكَانَ جَالِسًا خَارِجًا فِي الدَّارِ، فَجَاءَتْ إِلَيْهِ جَارِيَةٌ قَائِلَةً:«وَأَنْتَ كُنْتَ مَعَ يَسُوعَ الْجَلِيلِيِّ!». 70فَأَنْكَرَ قُدَّامَ الْجَمِيعِ قَائِلاً: «لَسْتُ أَدْرِي مَا تَقُولِينَ!» 71ثُمَّ إِذْ خَرَجَ إِلَى الدِّهْلِيزِ رَأَتْهُ أُخْرَى، فَقَالَتْ لِلَّذِينَ هُنَاكَ:«وَهذَا كَانَ مَعَ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ!» 72فَأَنْكَرَ أَيْضًا بِقَسَمٍ:«إِنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!» 73وَبَعْدَ قَلِيل جَاءَ الْقِيَامُ وَقَالُوا لِبُطْرُسَ:«حَقًّا أَنْتَ أَيْضًا مِنْهُمْ، فَإِنَّ لُغَتَكَ تُظْهِرُكَ!» 74فَابْتَدَأَ حِينَئِذٍ يَلْعَنُ وَيَحْلِفُ:«إِنِّي لاَ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!» وَلِلْوَقْتِ صَاحَ الدِّيكُ. } (إِنْجِيلُ مَتَّى 26 : 69-74)
  • إن الرسوله بولص الذي يعُدّه النصارى أفضل درجة من موسى – عليه السلام – قد أقسم. وفق نصّ: كورنثوس إصحاح 15 عدد 31 حيث يقول بولص: إنِّي بِافْتِخَارِكُمُ الَّذِي لِي فِي يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا، أَمُوتُ كُلَّ يَوْمٍ.
  • وقد التزم المسيح عيسى عليه السلام نفسه بالحلف، (وفق إنجيل متّى إصحاح 26 عدد 63)… {63وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ سَاكِتًا. فَأَجَابَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَقَالَ لَهُ:«أَسْتَحْلِفُكَ بِاللهِ الْحَيِّ أَنْ تَقُولَ لَنَا: هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ؟» 64قَالَ لَهُ يَسُوعُ:«أَنْتَ قُلْتَ! وَأَيْضًا أَقُولُ لَكُمْ: مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ، وَآتِيًا عَلَى سَحَاب السَّمَاءِ».} (إِنْجِيلُ مَتَّى 26 : 63-64)..
  • وقد أقسم الله أيضا، انظر: أعمال الرسل حيث جاء: {َيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، يَسُوغُ أَنْ يُقَالَ لَكُمْ جِهَارًا عَنْ رَئِيسِ الآبَاءِ دَاوُدَ إِنَّهُ مَاتَ وَدُفِنَ، وَقَبْرُهُ عِنْدَنَا حَتَّى هذَا الْيَوْمِ. 30فَإِذْ كَانَ نَبِيًّا، وَعَلِمَ أَنَّ اللهَ حَلَفَ لَهُ بِقَسَمٍ أَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ صُلْبِهِ يُقِيمُ الْمَسِيحَ حَسَبَ الْجَسَدِ لِيَجْلِسَ عَلَى كُرْسِيِّهِ، 31سَبَقَ فَرَأَى وَتَكَلَّمَ عَنْ قِيَامَةِ الْمَسِيحِ، أَنَّهُ لَمْ تُتْرَكْ نَفْسُهُ فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ رَأَى جَسَدُهُ فَسَادًا.} (أَعْمَالُ الرُّسُلِ 2 : 29-31) وإن حلف الله بموجب عقيدة النصارى بمنزلة حلف المسيح، لأنهما شخص واحد بحسب زعمهم. والذي لا يتأسى بأسوة المسيح في الأخلاق والعادات ليس من المسيح.
  • أما بحسب تعليم إرميا فقد عُدّ الحلف من العبادة انظروا إرميا إصحاح 4 عدد 2. {2وَإِنْ حَلَفْتَ: حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، بِالْحَقِّ وَالْعَدْلِ وَالْبِرِّ، فَتَتَبَرَّكُ الشُّعُوبُ بِهِ، وَبِهِ يَفْتَخِرُونَ.} (إِرْمِيَا 4 : 2).
  • وقد ورد في الزبور أنه لا يمتنع عن القسم إلا الكاذب. راجع الزبور إصحاح 63 عدد 11. {11أَمَّا الْمَلِكُ فَيَفْرَحُ بِاللهِ. يَفْتَخِرُ كُلُّ مَنْ يَحْلِفُ بِهِ، لأَنَّ أَفْوَاهَ الْمُتَكَلِّمِينَ بِالْكَذِبِ تُسَدُّ.} (اَلْمَزَامِيرُ 63 : 11) فهكذا شهد النبي داود جد المسيح – عليه السلام – على كذب آتهم.
  • والملائكة أيضا يُقسمون، انظروا المكاشفات 10:6.
  • ثم يقول معلم النصارى في إصحاح 6 عدد 16 من العبرانيين بأن القسم هو آخر حل لحسم كل قضية أي يُحسم كل نزاع بالحلف أخيرا، حيث جاء: {16فَإِنَّ النَّاسَ يُقْسِمُونَ بِالأَعْظَمِ، وَنِهَايَةُ كُلِّ مُشَاجَرَةٍ عِنْدَهُمْ لأَجْلِ التَّثْبِيتِ هِيَ الْقَسَمُ. } (اَلرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ 6 : 16).
  • وقد أقسم الله في التوراة للمباركة حيث جاء: فَقَالَ: حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ الَّذِي أَنَا وَاقِفٌ أَمَامَهُ. (اَلْمُلُوكِ الثَّانِي 5: 16) ثم أقسم بحياته حيث جاء: {15وَنَادَى مَلاَكُ الرَّبِّ إِبْرَاهِيمَ ثَانِيَةً مِنَ السَّمَاءِ 16وَقَالَ: «بِذَاتِي أَقْسَمْتُ يَقُولُ الرَّبُّ، أَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَعَلْتَ هذَا الأَمْرَ، وَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ،} (سِفْرُ التَّكْوِينِ 22 : 15-16)ثم أقسم بحياته.

وهكذا فقد أثبت المسيح الموعود بطلان هذا العذر الذي لجا إليه آتهم، فالعقل والمنطق والواقع والفطرة والأديان والدين المسيحي خاصة يؤكد وجوب وأهمية القسم ولا ينفيه كلية.

هل يحق لآتهم أن يفسر نصوص كتابه المقدس كما يشاء!؟

يقول المعارضون بأنه من حق آتهم أن يفسر النصّ الوارد في إنجيل متى كما يراه هو مناسبا حيث قالوا: “ثم إنّ هذا هو دينه، وهو الأحقّ بتفسير نصوصه. ثم إنّ هذه هي الفتوى عند المسيحيين، فهل يشطبها من أجل حفنة من المال؟”

نرد على ذلك بما يلي:

  • لو كان آتهم وزمرة القسس الملازمة له في مناظرة الحرب المقدسة قد فسروا هذا النصّ، بعدم جواز الحلف كلية في الإنجيل، وانتهجوا هذا النهج في حياتهم بأن امتنعوا عن الإدلاء بالقسم كلية، قبل النبوءة وقبل المطالبة بالقسم من قبل المسيح الموعود عليه السلام، لكان من الممكن قبول هذا العذر منهم. ولكن الواقع يشهد على عكس ذلك.
  • مهما كانت الجهة التي أصدرت فتوى عدم جواز القسم في المسيحية، إلا أن ما يعنينا ويهمنا هم زمرة القسس المقربين لآتهم والمشتركين في الحرب المقدس مثل القس كلارك والقس عماد الدين، فهؤلاء قد نقضوا هذه الفتوى في تفسيرهم للإنجيل في طبعة 1875، وقد أكّد ذلك المسيح الموعود عليه السلام حيث قال:
    ” إلامَ أكتب وأطيل المقال؟! فالكتاب المقدس يضم قسم الله – سبحانه وتعالى – وقسم الملائكة وقسم الأنبياء، والإنجيل يضم قَسم المسيح وقَسم بطرس وقَسم بولص. ومن هذا المنطلق قد أفتى علماء النصارى بجواز القسم، راجع تفسير الإنجيل للقس كلارك والقس عماد الدين طبعة 1875م.”

فزمرة القسس هذه التي كانت تؤلب وتؤيد القس عبد الله آتهم وتشاركه العقائد المسيحية، هم الذين يفتون بجواز القسم في المسيحية، ولا يهمنا والحال هذه، فتاوي الجهات المسيحية الأخرى. وهذا من أكبر الدلائل على أن هذا العذر ” عدم جواز الحلف في المسيحية” الذي اختلقه آتهم ما هو إلا كذب مجرد. ولا يحق له فقط بعد الوقوع في فخ القسم، تفسير هذا النصّ بما يخالف التفسير الأصلي الذي سار عليه هو وأعوانه ومعلميه للدين المسيحي قبل مطالبته بالقسم.

النصوص المتعلقة بالموضوع:

(1) جزء مما جاء في إعلان المسيح الموعود عليه السلام :

“غير أننا نقدم أسلوبا سهلا يسيرا، للحكم القاطع أننا حُزنا الفتح المبين ولإراءة العالم كله، …. والاقتراح هو أنه إذا كانت فكرة صدق الإسلام لم تخوِّف قلبه خلال خمسة عشر شهرا، ولم تُلقِه عظمة الإلهام وصدقه في دوامة الهمّ، ولم يعترف بوحدانية الإسلام أمام الله ولم يخش النبوءة الإسلامية مثقال ذرة، ولم تهتز عقيدته في الثالوث قيد ذرة، فلينكر كل هذه الأمور أمام الفريقين ثلاث مرات قائلا: “إنني لم أفعل كل ذلك قط، إذ لم تستول عظمة الإسلام على قلبي لحظة واحد، وظللت أتمسك بعقيدة ألوهية المسيح كونه ابن الله بشدة، وما زلت أتمسك بها وأعادي الإسلام. وإن كنت في هذا كاذبا فليدركني الموت بذلة ودمار خلال عام واحد ليتبين به لخلق الله أني أخفيت الحق”. ( إعلان 9-9-1894، مجموعة إعلانات، جلد 1)

(2) ردّ عليه المسيح الموعود بما يلي على هذه الذريعة موجها قوله لآتهم:

“الآن أكشف حقيقة خطابك اللغو الذي نشرته في نور افشان في 21/ 9/1894م، …. ثم تقول إن عمرك يناهز سبعين عاما، علما أنه قد نُشر في إحدى أعداد جريدة “نور افشان” نفسها في هذا العام أن عمرك 64 عاما تقريبا، فأنا أستغرب ما الذي تستفيد من هذا الذكر؟ فهل تخاف أن تموت بسبب كبر سنك لكنك لا تفكّر أن أحدا لا يمكن أن يموت دون مشيئة القادر المقتدر. عندما سأحلف أنا وستحلف أنت أيضا سيُرفع من هذا العالم الكاذب منا ليترك ذلك تأثيرا لهداية الناس. إذا كنتَ قد بلغت من العمر 64 عاما فأنا أيضا بلغتُ ستين عاما تقريبا، وبذلك قد صارت المعركة بين إلهين، إله الإسلام وإله النصارى. ( إعلان 5/ 10/1894م، مجموعة إعلاناتن جلد 1)

وقد أجاب المسيح الموعود على هذا الاعتراض من قبل في إعلان 20-9-1894 حيث قال:

” أما القول: لعله يخاف أن الموت خلال عام محتمل، فنقول: من سوف يميته؟ أإلههم المسيح أم غيره؟ والآن، ما دامت المعركة بين الإلهين أحدهما إلهنا الذي هو الإله الحق وإله النصارى الباطل الذي اتخذه النصارى، وكان آتهم يؤمن بألوهية المسيح وقدرته بل قد جربها أيضا سابقا فليلتمس منه أن يبقيه حيا لا محالة عند هذه المعركة الحاسمة.

من الطبيعي أنه لا يخرج أحد عن بطش الموت، وإذا كان عمر آتهم 64 عاما فقد بلغتُ أنا 60 عاما تقريبا من العمر وكلانا خاضع لقانون الطبيعة على حد سواء فإذا طُلب مني هذا القسم لإثبات الحق، فأستطيع أن أحلف أني سأعيش عشرة أعوام ناهيك عن عام واحد، لأني أؤمن يقينا أنه – سبحانه وتعالى – سينصرني حتما في المواجهة الدينية. أما من ساوره الشك في مثل هذه المناظرة الدينية أنه من المحتمل أن يموت صدفة فهو عديم الإيمان بل شديد الإلحاد. أليست الإماتة والإحياء بيد إلهه؟! وهل يموت الناس مصادفة دون حكم الحاكم؟! وثانيا إن للاحتمال والمصادفة كِلاهما جانبين، الموت وعدم الموت بل إن جانب عدم الموت أقوى وأغلب لأن الموت حادثة جديدة لم تحدث بعد بينما الحياة فأمر عادي موجود سلفا. فالخوف من الموت يؤكد بصراحة أنه لا يؤمن بإلهه كامل القدرة المقتدر. فهذه معركة بين إلهين، فسوف يغلبن الإله الصادق الحق فقط…. أجل إذا صرّح في اجتماع عام أن مسيحه ابن الله غير قادر على أن يبقيه حيا لمدة سنة وإنما هو قادر على إبقائه حيا ثلث العام أو لثلاثة أيام فهو يستطيع أن يطيل عمر عابده لهذا القدر من الوقت، فسوف نقبل بعد هذا التصريح أربعةَ أشهر أو حتى ثلاثة أيام. وإذا تولى الآن أيضا بعد تلقيه الإعلان عن ألفَي روبية فسوف يُدّق طبل فتحنا الكامل في كل مكان وسيخزى النصارى وأشباههم كلهم ويتردّون. وأعطي السيد آتهم مهلة أسبوع بعد نشر هذا الإعلان وبقية الشروط هي نفسها التي أعلنَّاها بصراحة في إعلان 9/ 9

(3) قال المسيح الموعود في هذا الصدد:

“إن إفادة السيد آتهم مطلوبة بصفته شاهدا لا بصفته المدَّعَى عليه. كل ما يقوله السيد آتهم أو ينشره في الجرائد دون الحلف المؤكد الذي نطالبه به ونقدم له مقابلَه ثلاثة آلاف روبية هو بصفته المدعى عليه. والواضح أن المرء حين يمثل أمام المحكمة بصفته المدعى عليه يمكن أن يميل إلى الكذب آلاف المرات، فقط لحماية أهدافه الشخصية ومصالح المجتمع ومصالح دنيوية أخرى، لأنه يعلم أنه لا يرتكب عندها جريمة الحلف الغموس. وكل إنسان يعرف القانون السائد في الطبيعة أن الله – سبحانه وتعالى – يبطش بالكاذب عند حلفه، لذا عندما يُطالب كاذب أو ملحد بيمين غليط، بحيث يشترط عليه مثلا أن يقول عند الحلف بأنه إذا كذب فليَهلكْ ابنُه، فهو يخاف حتما ويستولي عليه رعب الحق. لهذا السبب لا يحلف آتهم وإنما اكتفى بالإنكار بصفته المدعى عليه فقط. فليتفرج الناس على هذه التمثيلية العجيبة بحيث نريد حسم قضية الإلهام بتقديمه شاهدا فقط وبطلب الحلف المؤكد منه لكنه يرفض ذلك ويُظهر نفسه بصفة المدَّعَى عليه ويؤكد دوما تمسكه بالمسيحية.” ( إعلان 5-10-1894، مجموعة إعلانات، جلد 1)

(4) قال عليه السلام: “والمسيح لم يَنْهَ في أي موضع عن القسم الصادق بالله بل قد نهى عن أن يحلف أحد بالسماء أو بالأرض أو بأورشليم أو برأسه. ومن زعم أن القسم الصادق بالله عند الإدلاء بالشهادة ممنوع فهو أحمق لأقصى الحدود، ولم يفهم قصد المسيح قط. فلو كان المسيح قصد النهي عن الحلف الصادق بالله لذكر ذلك في عبارة مفصلة غير أنه في إصحاح 5 عدد 33 من إنجيل متى أراد أن يشرح فقط باستخدام كلمة “لأن” أن لا تقسموا بالسماء والأرض وأورشليم وبأنفسكم، فلم يمنع من القسم بالله بتاتا. وقد أضيف في ذلك بصراحة تامة على تعليم موسى أنه ليس الحلف الكاذب هو الحرام فقط بل إن القسم بغير الله أيضا حرام وإن كان صادقا. ولهذا السبب لم يمتنع حواريو المسيح عن القسم بعد هذا التعليم. والجلي أن الحواريين كانوا يفهمون قصد الإنجيل أكثر من آتهم. وقد اتفقت معظم الفرق المسيحية منذ البداية إلى اليوم على أن القسم جائز.” ( إعلان 27-10-1894)