الاعتراض:

قيل بخطأ المسيح الموعود عليه السلام في تمييز الأعداد الواردة في الفقرات التالية وأمثالها :

  1. يموت بعلها وأبوها إلى ثلاث سنة (كرامات الصادقين).
  2. أعني وقت العصر الذي هو ثلاث ساعة من الأيام المتوسطة. (الخطبة الإلهامية).
  3. وأَشهِدْ عليه عشرةَ عَدْلٍ من الرجال”. (حجة الله)

فبدلا من القول سنة وساعة وعدل كان يجب القول سنين وساعات وعدول. لأن تمييز الأعداد من 3 إلى 10 يجب أن يكون بصيغة الجمع وليس المفرد.

الردّ:

لا خطأ ولا عجمة في كل هذه الفقرات، فهي صحيحة وفصيحة وبليغة للأسباب التالية:

– أمثلة هذه العبارات في تمييز الأعداد ثلاثة إلى عشرة بالمفرد من كلمة سنة وساعة وعدل وأشباهها، واردة بهذه الصيغة في كتب الأدب العربي وعن جهابذة وأئمة الكتّاب والأدباء والفصحاء والمؤرخين والمفسرين، لا سيّما في كلام الله والوحي الرباني القرآن الكريم؛ مما يشهد على فصاحتها وبلاغتها. وقد اوردنا ما يقارب ال 25 مثالا على ذلك من هذه الكتب.

– القاعدة النحوية في تمييز هذه الأعداد أعمّ وأشمل مما يعلمه المعارضون. فالقاعدة تجيز إضافة هذه الأعداد إلى صيغ الجمع، ولكن ليس فقط، بل للمفرد الذي هو بمعنى الجمع مثل اسم الجمع: رهط وقوم؛ واسم الجنس مثل: نحل وشجر وبقر..

– هذه الإضافة للمفرد جائزة من باب “حمل اللفظ المفرد على معنى الجمع” المعروف باللغة العربية؛ كما أضيفت الكلمة (مائة) بالمفرد إلى هذه الأعداد، حيث نقول: ثلاث مائة وأربعمائة. وقد أضيفت (مائة) بالمفرد إلى هذه الأعداد لحملها على معنى الجمع (مئات) أو لأنها جمع عشرات أي عشر عشرات.

ويؤكد ما أوضحناه أعلاه ما جاء في كتاب ” الإنصاف في مسائل الخلالف بين النحويين الكوفيين والبصريين” حيث جاء:

والثلاثة وما بعدها من العدد إلى العشرة يضاف إلى الجمع، لا إلى المفرد، فلا يقال: ثلاثة ثوب، ولا عشرة درهم” قلنا: إنما لا يضاف إلى ما كان مفردا لفظا ومعنى، وأما إذا كان مفردا لفظا ومجموعا معنى فإنه يجوز إضافتها إليه، ألا ترى أنه يجوز أن تقول: ثلاثة رَجْلَة -وإن كان مفردا لفظا- لأنه مجموع معنى، وكذلك قالوا: ثلاثة نَفَر، وثلاثة قَوْم، وتسعة رَهْطٍ، قال الله تعالى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ} [النمل: 48] وأضيف العدد إلى هذه الأسماء -وإن كانت مفردة لفظا- لأنها مجموعة معنى، فكذلك ههنا: أشياء مفردة لفظا، مجموعة معنى كطَرْفَاء، وحَلْفَاء، وقصباء؛ فجاز أن يضاف اسم العدد إليها.” {الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين (2/ 675)}

فكلمة عدل: هي مصدر في معنى الجنس أو اسم جنس يقع على القليل والكثير ويدل على الجمع. فنقول: ثلاثة عدل.

وأما كلمة سنة: فهي شبيهة ونظير كلمة (مائة)؛ فيمكن أن تُحمل على معنى الجمع (سنين). فنقول: ثلاث سنة.

وأما كلمة ساعة: فهي شبيهة بأسماء الجنس والجمع التي تقع على القليل والكثير أيضا، فهي الساعة المعروفة والمحدودة، وهي فترة زمنية غير محددة فقد تكون جمع ساعات، إذ نقول ساعة عصيبة، أو قامت الساعة . وككلمة (مائة) ممكن أن تُحمل على معنى الجمع (ساعات)، أو على أنها ست عشرات. فنقول: ثلاث ساعة.

فلا خطأ ولا عجمة في كل هذا!

للبحث المفصل يُنظر:

المقال التالي:

تمييز الأعداد ثلاثة إلى عشرة بالمفرد الجزء الأول – المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود ع العربية ..41

والمقال التالي:

تمييز الأعداد ثلاثة إلى عشرة بالمفرد ..2 – المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود ع العربية ..42