المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود ع العربية ..123

فنون التذكير والتأنيث الإعجازية 22

سرّ التأنيث في كلمة (غير) وإضافة على تأنيث كلمة (أحد)

الاعتراض:

قيل بخطأ المسيح الموعود عليه السلام في العبارة التالية:

  • وقد يقتضي تجلّياتِ الأَحديّة ليُعرَف أن غيره هالكةُ الذات باطلةُ الحقيقة (منن الرحمن )

وموضع الخطأ وفق زعمهم في تأنيث الكلمات (هالكة) و(باطلة)، والتي هي أخبار عن كلمة (غير) لا بدّ من تذكيرها والقول:هالك وباطل.

الرد:

السّرّ في تأنيث الكلمات (هالكة) و(باطلة) يعود إلى كون كلمة (غير) من الألفاظ التي تُحمل على اللفظ وكذلك تُحمل على المعنى. وفي هذا يقول الدكتور علي عبد الله العنبكي في كتابه “الحمل على المعنى” ما يلي:

عدّ أبو بكر الأنباري (غير) و(مثل) مما يُحمل معه على اللّفظ وعلى المعنى فقال:((و(غير) و(مثل) تكونان للمذكر والمؤنث بلفظ واحد تقول: مررت بامرأة غيرك وتقول: غير هند من النساء قال كذا وكذا، وغير هند من النساء قالت كذا وكذا، وكذلك تقول: مثل هند من النساء قالت: ومثلها قال. التذكير للّفظ والتأنيث للمعنى)) وعدّهما ابن سيده أيضا مما يُحمل معه على اللفظ وعلى المعنى . ” [ الحمل على المعنى في العربية 150]

وزيادة على الكلمات (غير) و(مثل) مما نقله الكاتب عن ابن الأنباري نضيف بعض الكلمات الأخرى، التي تُؤخذ على اللفظ والمعنى مما ذكره ابن الأنباري في كتابه “المذكر والمؤنث” مماثلا للفظ (غير ) و(مثل) حيث قال: “وكل ما كان من الأسماء مبهما؛ نحو قولك: ما عندنا أحد، وكراب، وصافر، وديار، وعريب. فإن هذا يجري مؤنثه بالتذكير.

قال الفراء: رأيت العرب قد أفردت منه شيئًا لا يكادون يذكرون فعله، ولفظ الذكر. ومن ذلك قولهم: أتيتك وحي فلانة شاهدة [وإنما يريد فلانة]، وجئتك وحي زيد قائم. قال: ولم تسمع: وحي فلانة شاهد [إذا كانت حية]، وذلك أنهم إنما قصدوا بالخبر عن فلانة إذ كانت حية، وقد قال فيه الشعراء فأكثروا. ..” [المذكر والمؤنث (2/ 270- 269)]

وهذا بدوره يؤكد ما ذهبنا إليه في المقال السابق (مظاهر الإعجاز 122) بالنسبة لكلمة (أحد) في سياق النفي، حيث يقرّ ابن الأنباري أن هذه الكلمة مما تُؤخذ على اللفظ وعلى المعنى؛ فإن قُصد بها التأنيث بقيت على تذكيرها. فكما نقول: قالت غير هند من النساء يصح القول كذلك : ما قالت أحد من النساء؛ بحمل أحد على معنى المرأة؛ وهذا كالقول: ما قالت امرأة من النساء؛ وعليه جاءت الآية {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} (الأحزاب 33).

الخلاصة والنتيجة:

وبناء على كل هذا نخلص إلى النتيجة التالية:

إن الألفاظ (غير) و(أحد) هي من الألفاظ التي يجوز أن يُحمل معها الكلام على اللفظ تذكيرا وعلى المعنى تأنيثا. وبناء عليه تصح فقرات المسيح الموعود عليه السلام التي جاء فيها تأنيث الكلام مع هذه الألفاظ.

وإليكم الفقرات مع التأويل:

245- وقد يقتضي تجلّياتِ الأَحديّة ليُعرَف أن غيره ((هالكةُ الذات باطلةُ)) الحقيقة (منن الرحمن ) [ التفسير والتأويل: أي: ليُعرف أن غيره من المخلوقات أو الآلهة هالكة الذات وباطلة الحقيقة. فلمّا كان القصد عن المخلوقات والآلهة المؤنثة؛ حمل (غير) على هذا المعنى من التأنيث فأنّث الإخبار عنها وقال هالكة وباطلة.]

– ومن سُنن الله القديمة المستمرة الموجودة إلى هذا الزمان التي ((لم تنكرها أحد من الجهلاء)) وذوي العرفان (سر الخلافة). [التأويل: لم تنكرها جماعة الجهلاء كلها.]

– فتمسّ روحهم دقائقَ ((لا تمسّها أحدٌ من العالمين)). (سر الخلافة ). [التأويل: لا تمسها جماعة العالمين كلهم].