المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود ع العربية ..88

فنون التذكير والتأنيث الإعجازية ..2

جواز تذكير الفعل إذا كان الفاعل مؤنثا مجازيا ..

الاعتراض:

قدّم المعارضون ما يقارب المائتين وخمسين خطأ لغويا مزعوما من كتابات المسيح الموعود عليه السلام، مدّعين أن حضرته عليه السلام قد أخطأ في مسألة التذكير والتأنيث فيها، وسبب هذا الخطأ هو العجمة التي تؤثر على لغته عليه السلام. ( يُنظر مقال مظاهر الإعجاز 86 لتفصيل هذا الاعتراض)

الردّ:

لقد وجهنا في مقال سابق (مظاهر الإعجاز 86) العديد من الفقرات المعترض عليها في هذا الشأن وفق قاعدة نحوية رائجة ومعروفة، وهي جواز تذكير الفعل إذا كان الفاعل مؤنثا حقيقيا أو مجازيا مفصولا عن الفعل بفاصل معين ككلمة أو ضمير.

أما القاعدة الثانية التي سنوجه العديد من الفقرات الأخرى وفقها هي ما يذكره النحو الوافي حيث قال:

وإن كان الفاعل الظاهر مؤنثًا غير حقيقي “وهو: المؤنث المجازي” صح تأنيث عامله وعدم تأنيثه؛ نحو: امتلأت الحديقة بالأزهار -تمتلئ الحديقة بالأزهار، ويصح: امتلأ، ويمتلئ.” {النحو الوافي (2/ 82)}

وللتذكير بالمؤنث المجازي، نذكر ما يذكره النحو الوافي في تعريفه حيث جاء فيه:

المؤنث المجازي: وهو الذي لا يلد ولا يتناسل؛ سواء أكان لفظه مختوما بعلامة تأنيث ظاهرة؛ كورقة، وسفينة … ، أم مقدرة؛ مثل: دار، وشمس.“{ النحو الوافي (4/ 587)}

وجاء في كتاب الحمل على المعنى في العربية تأكيدا لما يقوله النحو الوافي في جواز تذكير الفعل مع المؤنث المجازي ما يلي:

المؤنث المجازي: ويسمى المؤنث غير الحقيقي وهو ما ليس له ذكَر من جنسه سواء أكانت فيه علامة تأنيث أم لم تكن. ويطلق عليه أيضا (اللفظي) ويراد به ما يقابل التأنيث المعنوي أي أنه مؤنث من اللفظ والاصطلاح ولا معنى تحته للتأنيث.
ويجوز في الفعل الذي يتقدمه التذكير والتأنيث: فالتأنيث للفظ، والتذكير للرّد إلى الأصل وهو التذكير والحمل على المعنى وذلك لأن المؤنث المجازي بمعنى اسم مذكر فيُحمَل عليه في التذكير ولكن إثبات العلامة أحسن من سقوطها احتراما للفظ، لأن العرب وضعت الكلمة على التأنيث.

ويتضح من كل هذا القاعدة الثانية التي سنوجه إليها العبارات، وهي:

  • جواز تذكير الفعل وتأنيثه مع الفاعل المؤنث المجازي
  • سبب جواز التذكير للفعل هو أن المذكر هو الأصل، والمؤنث المجازي يردّ إلى الأصل، ويُحمل على معنى المذكر، فهو بمعنى المذكر.

ومما يؤكد صحة هذه اللغة هو ورودها في القرآن الكريم كالآية: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ} (الأَنْفال 36). وكذلك ورودها في لغة الإمام الشافعي، حيث جاءت في الفقرة التالية من رسالة الشافعي:

“قلت: نعم، يحتمل أن يكونَ لَمَّا جازَ أنْ تُصَلَّى/ يُصلّى صلاةُ الخوف على خِلاف … فاختلف صلاتُهم، وكلُّها مُجْزِيَةٌ عنهم.”[ الرسالة، 267] . ( كلمة “يُصلى” ضبطت بالتاء والياء لتُقرأ بكلتيهما)  .

سنعرض الآن كل الفقرات التي اعتَرض عليها المعارضون وهي تندرج تحت هذه القاعدة، لنبين أن كلها تسري وفق هذه القاعدة وأنها كلها عربية صحيحة وفصيحة وبليغة.

ولا بدّ أن ننوه هنا إلى أن كل الفقرات السبع عشرة التي ذكرناها في مقال التذكير والتأنيث الأول، كلها تندرج تحت هذه القاعدة أيضا، حيث إن الفاعل فيها مؤنث مجازي غير أنه زاد الفصل بينه وبين الفعل في جواز وفصاحة وحسن تذكير الفعل معه. لذا لن نذكرها في هذا البحث بل نكتفي بالفقرات التي تندرج تحت قاعدة ” جواز تذكير الفعل مع الفاعل المؤنث المجازي دون وجود فاصل بينهما” وهي الفقرات التالية:

الفقرات:

في كل الفقرات التالية وقع الفاعل أو نائب الفاعل مؤنثا مجازيا غير مفصول عن فعله، لذا جاز تذكير الفعل وهكذا جاء الفعل مذكرا في كلها. وقد بلغ عدد هذه الفقرات 33 فقرة منها 19 فقرة من كتاب إعجاز المسيح الذي طالما انهال عليه المعارضون بالاعتراض واتهامه بالعجمة في مسألة التذكير والتأنيث.
وبهذا نكون قد بكّتنا هؤلاء المعارضين في تحاملهم على كتاب إعجاز المسيح أيضا من خلال هذا المقال. نتابع عدّ هذه الفقرات:

  • 18- فلو ((فُرض حياة)) المسيح إلى هذه الأيام للزم أن يكون نبيّنا حيًّا إلى نصف هذه المدة. (حمامة البشرى)
  • 19- فمِن أين ((عُلِمَ حياة)) المسيح بعد موته الصريح؟ (مكتوب أحمد)
  • 20- ووالله، لن(( يجتمع حياة)) هذا الدين وحياة ابن مريم. (الاستفتاء، عام 1907)
  • 21- ((وذَهَبَ الحياةُ)) في هوى الذهب. (لجة النور)
  • 22- لينال السعداءُ مُرادهم ((وليتمّ الحجّةُ ))على المعرضين. (لجة النور)
  • 23- وما ((كان عبادتهم)) إلا تصوّر صور مشايخهم في الصلاة وخارجها. (التبليغ)
  • 24- فما(( بقي ذرّةٌ)) مِن غير الله ولا الهوى. (إعجاز المسيح)
  • 25- (( وكثُر البدعة))، وما ((بقِي السُنّة)) ولا الجماعة. (إعجاز المسيح)
  • 26- ((وديس الملة)) (إعجاز المسيح)
  • 27- بل ((يقتضي حكمةُ)) الله في هذه الأوقات. (إعجاز المسيح)
  • 28- وأن ((يُعَدَّ عُدّةٌ ))كمثل ما أعدَّ الأعداء. (إعجاز المسيح)
  • 29- وأُنشد الأشعار في ثنائك، وما ((تُرِكَ دقيقةٌ)) في إطرائك. (إعجاز المسيح)
  • 30- إن الفضل لا تتبيّن إلا بالبيان، ولا ((يُعرَف الشمس)) إلا بالطلوع على البلدان (إعجاز المسيح).
  • 31- ((فوقَع رجلُه)) اليمنى على البحر . (إعجاز المسيح)
  • 32- ومن الممكن أن ((يكون تسمية)) هذه السورة بأُمّ الكتاب، نظرًا إلى غاية التعليم في هذا الباب. (إعجاز المسيح)
  • 33- ومن الممكن أن ((يكون تسميةُ)) هذه السورة به نظرًا إلى ضرورات الفطرة الإنسانية. (إعجاز المسيح)
  • 34- وبهما ((يتمّ دائرةُ )) السلوك والمعارف الإنسانية. (إعجاز المسيح)
  • 35- ((ليتخلّق العبوديةُ)) بأخلاق الربوبية. (إعجاز المسيح)
  • 36- ((وليَتمّ حقيقةُ)) المظاهر النبوية. (إعجاز المسيح)
  • 37- ولا ((يتحقق حقيقة)) الحمد كما هو حقها. (إعجاز المسيح)
  • 38- حتى ((يُملأ الأرض)) ظلما وجورا. (إعجاز المسيح)
  • 39- ((ويشتد الحاجة)) إليهم . (إعجاز المسيح)
  • 40- إنهم قومٌ لا ((يتمضمضُ مُقْلتُهم)) بالنوم . (إعجاز المسيح)
  • 41- فبالأكاذيب كُذِّبتْ صحفُ الله وأُخفيَ أسرارُها، وصِيلَ على عمارة المِلّة ((وهُدّمَ دارها، )) .. (إعجاز المسيح)

ملحوظة: من التوجيهات الأخرى لهذه العبارة هي أن كلمة دار قد تذكَّر وتؤنث كما جاء في القاموس المحيط :”الدارُ: المحلُّ يَجمعُ البِناءَ والعَرْصَةَ،كالدارَةِ، وقد تُذَكَّرُ”

  • 42-43: فلزم من ذلك أن يختتم سلسلة الخلفاء المحمدية على مثيل عيسى، ليتمّ المماثلة بالسلسلة الموسوية. (إعجاز المسيح)
  • 44- في موضع من غير أن ((يُقام القرينة)) عليه (حمامة البشرى). الصحيح: كثر، وتقام.
  • 45- فإذا ((كان سُنة)) الله كذلك في ظهور الأنباء المستقبلة (حمامة البشرى)
  • 46-47: وما ((قدَر الدولةُ)) أن تُحامِيَ عن الرعايا تطاوُلَ المفسدين ….. ((فترَك الدولةُ)) المغلية هذا القدرَ من المملكة.. (لجة النور )
  • 48- لئلا ((يكون طبيعتُه)) فاقدةً لهذا الكمال. (نجم الهدى )
  • 49- وقد عُجِمَ عُودُ فراستهم، ((وبُلِيَ عصا)) سياستهم. (نجم الهدى )
  • 50- ((ليدلّ الصورةُ)) على معناها. (الخطبة الإلهامية )
  • 51- ولا ((يأخذه خجالة)) في أساليب التبيان. (الهدى والتبصرة لمن يرى)

ملحوظة: معنى خَجَالة حياء وخجل، كدر يسببه الخزي والعار – وارتباك يسببه التواضع والحياء (بوشر). {تكملة المعاجم العربية (4/ 27)}

وبهذا يتضح مظهر من مظاهر الفنون الإعجازية الأخرى عند المسيح الموعود عليه السلام .

لتحميل كتب المسيح الموعود عليه السلام المذكورة: