المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود ع العربية ..69

نكتة الخطأ في الأسماء الخمسة..1

التوجيه الأول: نقل هذه الألفاظ إلى العَلَمية أي جعلها أسماء علم في موضع الحكاية

(ملحوظة: من يشق عليه قراءة البحث كله بإمكانه الانتقال بعد المقدمة مباشرة إلى الخلاصة والنتيجة)

الاعتراض:

زُعم أن المسيح الموعود عليه السلام، قد أخطأ في بعض العبارات والجمل التي وردت فيها بعض كلمات من الأسماء الخمسة أو الأسماء الستة، وهي الجمل التالية :

  1. مليكٌ فيُزعِج ذي شِقاق ويحصِرُ (كرامات الصادقين، ص 12).
  2. ويعلم أن أبي هريرة استعجل في هذا الرأي (حمامة البشرى، ص 93).
  3. فانظر يا ذي العينين إن كنت من الطالبين (نور الحق، ص 153).
  4. وقلت استغفِروا ربّكم ذي المغفرة (مكتوب أحمد، ص 77).
  5. وأن لا تؤذي أَخيك بكبرٍ منك ولا تجرحه بكلمة من الكلمات (إعجاز المسيح، ص 82).

وموضع الخطأ وفق هذا الزعم الباطل هو في الكلمات (ذي) و (أبي) و (أخي)، التي جاءت بحرف الياء رغم أنها منصوبة ولا بدّ أن تنصب بالألف هكذا: (ذا) و( أبا) و (أخا)، وذلك لأن القاعدة المعروفة عن الأسماء الخمسة أنها تنصب بالألف وليس بالياء.

الردّ:

المقدمة:

لقد عرض المعارضون هذه الأخطاء، وأطلقوا تحديا فيها بأن نرد عليهم، ظنّا منهم أنهم إيانا عن الرد بمعجزين. ونظرا لكون المعارضين غريقين بالجهل والتهور والوهم، مَنَحونا الدهرَ كلَّه حتى نردّ عليهم وندحض هذا التحدي، ظنّا منهم أننا لن نستطيع ذلك. ولكن أنّى لله عزّ وجلّ أن يترك مسيحه الموعود عليه السلام، عرضة لهذه التبجّحات، دون أن يحقق في معارضيه مرة تلو الأخرى، يوما بعد يوم، مقالا بعد مقال، كلمة بعد كلمة، وحرفا بعد حرف؛ نبوءتَه عليه السلام: إني معين من أراد أعانتك وإني مهين من أراد إهانتك!!؟

أولا نقول، بأنه كما ثبت في الأخطاء المزعومة الأخرى، فإن هذه العبارات من الأسماء الخمسة لا خطأ واقع فيها قطعا! وكلها لغات عربية صحيحة وفصيحة وبليغة، ولها توجيهاتها النحوية الخاصة كما سنبينه في هذا البحث.

التوجيه الأول:

فالتوجيه النحوي الأول لهذه العبارات اعتبارها أعلاما منقولة في موضع الحكاية، وهو ما ينطبقُ على الجمل الأربع الأوائل؛ أما الجملة الخامسة فسنتحدث عنها في المقال التالي ونبيت التوجيه الخاص بها. كل هذا وفق البحث والشواهد التالية.

البحث والتفصيل:

جاء في كتاب النحو الوافي عن الأسماء الخمسة أو الأسماء الستة ما يلي:

ب- جرى العرف على التسمية ببعض الأسماء الستة السالفة، مثل: أبوبكر، أبوالفضل، ذي النون، ذى يَزَن…. فإذا سمي باسم مضاف من تلك الأسماء الستة المستوفية للشروط جاز فى العلَم المنقول منها أحد أمرين:

أولهما: إعرابه بالحروف، كما كان يُعْرب أوّلا قبل نقله إلى العلمية. كما يصح إعرابه بغير الحروف من الأوجه الإعرابية الأخرى التى تجرى على تلك الأسماء بالشروط والقيود التى سبقت عند الكلام عليها، أى: أن كل ما يصح فى الأسماء الستة المستوفية للشروط قبل التسمية بها يصح إجراؤه عليها بعد التسمية.

ثانيهما: وهوالأنسب أن يلتزم العَلم صورة واحدة فى جميع الأساليب، مهما اختلفت العوامل الإعرابية، وهذه الصورة هى التى سُمي بها، واشتهر، فيقال – مثلا – كان أبوبكر رفيق الرسول عليه السلام فى الهجرة – إنّ أبو بكر من أعظم الصحابة رضوان الله عليهم، أثنى الرسول عليه السلام على أبو بكر خير الثناء … فكلمة: “أبو” ونظائرها من كل عَلم مضاف صدره من الأسماء الستة يلتزم حالة واحدة لا يتغير فيها آخره، ويكون معها معربًا بعلامة مقدرة، سواء أكانت العلامة حرْفًا أم حركة على حسب اللغات المختلفة السالفة …

وإنما تكون العلامة مقدرة إذا لم توجد علامة إعرابية ظاهرة مناسبة، ففي المثال السابق- كان أبو بكر رفيق الرسول … تعرب كلمة: “أبو” اسم “كان” مرفوعا بالواو الظاهرة، ولا داعي للتقدير في هذه الصورة، لوجود الواو الظاهرة التي تصلح أن تكون علامة إعرابية مناسبة، وكذلك لو كان العلم هو: “أبا بكر” أو “أبي بكر” فإننا نقول في مثل: “إن أبا بكر عظيم” إنه منصوب بالألف الظاهرة، ولا داعي للتقدير، وفي مثل: “اقتد بأبي بكر … ” إنه مجرور بالياء الظاهرة أيضا.” {النحو الوافي (1/ 114- 115)}

وبناء على هذا يتضح ما يلي:

  • من الممكن أن نطلق الأسماء الستة مضافة إلى كلمة، كإسم على شخص معين.
  • هذه التسمية ليست مقصورة على حالة الرفع التي تأتي بالواو مثل (أبو بكر)، بل قد تأتي بالياء أيضا مثلا: ذي شأن، ذي يزن، ذي النون.
  • هذه الأسماء من الممكن أن تلزم صورة واحدة في جميع الحالات الإعرابية، وهو الأنسب وفق ما يصرّح به النحو الوافي، مثلا: جاء ذي شأن، ورأيت ذي شأن، وذهبت إلى ذي شأن.
  • في هذه الحالة تعرب هذه الأسماء الخمسة بحركات مقدرة على آخرها. ففي “جاء ذي شأن”؛ يكون إعراب (ذي): فاعل مرفوع بالواو أو الضمة المقدرة التي مُنع ظهورها لحكاية اللفظ..

ويؤكد كل هذا النحو الوافي في حديثه عن أقسام الاسم العلم حيث يقول:

التقسيم الثالث: هو يتضمن انقسام العلم باعتبار أصالته في العلمية وعدم أصالته، إلى مرَتَجَل، ومنقول…

ويريدون بالمنقول -وهو الأكثر- أحد شيئين:

أولهما: العلم الذي لم يستعمل لفظه أول الأمر علمًا مطلقًا؛ وإنما استُعمل أوّلا في شيء غير العلمية، ثم نُقِل بعده إلى العلمية؛ مثل: حامد، محمود فاضل، أمين … ؛ فقد كانت قبل العلمية تؤدي معنى آخر، ثم انتقلت منه إلى العلمية….” {النحو الوافي (1/ 303- 302)}

وفي الهامش يؤكد أن وضع الأعلام الشخصية ليس مقصورا وحكرا على أحد من العرب:

ومما يلاحظ أن وضع الأعلام الشخصية المرتجلة ليس مقصورا على العرب الخلص- وكذا المنقولة- وإنما هو حق لهم ولغيرهم، في كل زمان ومكان…” النحو الوافي (1/ 303)

فيتضح من هذا ما يلي:

  • أن التسمية بالأسماء الخمسة هو نقل لصيغتها إلى العلمية من استعمالها السابق الذي وُضعت له بالأصل.
  • أن هذه التسمية حق لكل من يشاء استعمالها، وليست هي مُقيّدة بزمان أو مكان أو شخص.

ورغم أن النحو الوافي قد ذكر أن من الأسباب لالتزام هذه الأسماء صيغة واحدة في جميع حالات الإعراب عند التسمية بها، هو أمن اللبس، وتماشيا مع ما يكون مكتوبا في السجلات الحكومية الرسمية لاسم الشخص؛ إلا أنه لهذا الإلتزام سبب وتوجيه نحوي وبلاغي آخر؛ وهو حملها على “الحكاية”. والحكاية هي : “أن نردد اللفظ بحالته الأصلية ونعيد نطقه أو كتابته بالصورة التي سمعناها أو قرأناها من غير أن نغير شيئا من حروفه أو حركاته مهما غيرنا الجمل والتراكيب. ويجوز أن نردده بمعناه إن لم يمنع مانع ديني، أو غيره، كإرادة النص عليه من غير إدخال تغيير فيه. {النحو الوافي (1/ 310)}

وبيّن ذلك النحو الوافي في موضع آخر عند حديثه عن الاسم بشكل عام حيث جاء:

جـ” سبق أن من علامات الاسم الإسناد: وقد وضحناه. وبقي أن نقول: إذا أسندتَ إلى كلمة قاصدًا منها لفظها، وكان لفظها مبنيًا -كما لو رأيت كلمة مكتوبة؛ مثل: “قَطفَ” أو: “مَنْ” “أو: رُبَّ”، وأردت أن تقول عن لفظها المكتوب؛ إنه جميل، وهو لفظ مبني فى أصله كما ترى -فإنه يجوز أحد أمرين.

أولهما: أن تحكيها بحالة لفظها، وهو الأكثر؛ فيكون إعرابها مقدرًا، منع من ظهور علامته حكاية اللفظ على ما كان عليه أولًا؛ من حركة، أو سكون، فلا يدخل على آخر الكلمة تغيير لفظي، مهما اختلفت العوامل. تقول: قطف جميل، إن قطف جميل، سررت من قطف…. و….” {النحو الوافي (1/ 30)}

وفي الهامش يربط بين الحكاية والتسمية بالأسماء الخمسة ونقلِها إلى العلَمية فيقول ما يلي:

فمزية الحكاية أنها تحمل الذهن سريعًا إلى الحكم على اللفظ بأنه معاد ومرددٌ لداعٍ بلاغي، والذي يدل على هذه الإعادة مخالفة اللفظ في ظاهره لما تقتضيه العوامل من حركات إعرابية معينة….. ومما يزيد الأمر وضوحًا ما قالوه في موضع آخر، فمن الأعلام من اسمه “أبو الفضل”، و”أبو جهل” … فإذا سمعنا من الخبير بالأساليب الصحيحة، الحريص على سلامتها، قوله -مثلًا- مدح الناس “أبو الفضل”، وذموا “أبو جهل” عرفنا سريعًا أن هذا المتكلم الفصيح لم يقل “مدح الناس أبا الفضل وذموا أبا جهل” وإنما قال: “أبو” فلا بد أن يكون هذا على سبيل الحكاية، لحكمة بلاغية، قد تكون رغبته في إظهار أن: “أبو الفضل” و”أبو جهل” علمان لشخصين معينين، وليس المراد منهما مطلق رجل متصف بالفضل أو بالجهل، إذ لو قال “مدح الناس أبا الفضل وذموا أبا جهل” لجاء الكلام خاليا من التعيين الدقيق، محتملا “العلمية” ومحتملا أن يشمل كل صاحب فضل، أو صاحب جهل من غير تخصيص….” {النحو الوافي (1/ 31)}

فيتضح من هذا ما يلي:

  • عند نقل الأسماء الخمسة إلى العلمية فإنها ممكن أن تجري مجرى الحكاية فتلفظ دون أي تغيير في حروفها أو حركاتها الإعرابية
  • إجراء اللفظ مجرى الحكاية يأتي للفتة بلاغية يقصد منها التعيين وتحديد الإسم بشيء معين دون إطلاقه.

الخلاصة والنتيجة:

  • يجوز نقل الأسماء الخمسة إلى العلمية والتسمية بها في أي من صِيَغها المعروفة؛ سواء بالرفع بالواو، النصب بالألف، أو الجر بالياء. فنسمي شخصا مثلا بـــ: ذو شأن، ذي شأن، أو ذا شأن.
  • عند النقل إلى العلمية ممكن أن تبقى الأسماء المنقولة محافظة على صيغتها الأصلية دون أي تغيير، رغم تغير العوامل الإعرابية وذلك فقط لمجرد التسمية بها. فنقول: جاء ذي شأن، ورأيت ذي شأن، وذهبت إلى ذي شأن.
  • بغض النظر عن سبب التسمية، فإن هذه الأسماء والأعلام المنقولة ممكن أن تحافظ على صيغتها الأصلية، رغم تغير العوامل الإعرابية؛ وذلك لإجرائها مجرى الحكاية بترديد الصيغة الأصلية للتسمية، وذلك لغرض بلاغي يقتضي تعيين وتحديد وتخصيص الشيء المقصود بالاسم، وليس إطلاقه على كل من يمكن أن ينطبق عليه.
  • نرى أن كل هذا ينطبق على الفقرات الأربع الأوائل المعترَض عليها من كلام المسيح الموعود عليه السلام، والمذكورة في أول البحث وفق التفصيل التالي:

1- مليكٌ فيُزعِج ذي شِقاق ويحصِرُ (كرامات الصادقين، ص 12).

بالرجوع إلى سياق هذه العبارة، وهي عجز بيت في القصيدة التي كتبها المسيح الموعود عليه السلام، في كتاب كرامات الصادقين، والتي مطلعها : أيا محسني أُثني عليك وأشكرُ … فدًى لك روحي أنت تُرسي ومأزَرُ.

نرى أن حضرته عليه السلام، يشكر الله عز وجل، ويثني عليه لمناصرته إياه في المناظرة الشهيرة التي جرت بينه وبين القسس المسيحيين، وعلى رأسهم القسّ المتنصر عبد الله آتهم فيقول في أحد الأبيات:

ودودٌ يحبّ الطائعين ترحّمًا … مليكٌ فيُزعِج ذي شِقاق ويحصِرُ

وبناء على هذا السياق يكون المسيح الموعود عليه السلام، قد لقبّ خصمه اللدود في هذه المناظرة وهو عبد الله آتهم وأسماه بـ ” ذي شقاق” ولمجرد هذه التسمية ألزمها المسيح الموعود عليه السلام هذه الصيغة الأصلية وفق ما شرحناه آنفا.

كما أنه من الممكن القول بأن حضرته عليه السلام قد أجرى هذا اللفظ (ذي شقاق) مجرى الحكاية، بعد أن أسمى هذا الخصم بهذا الاسم، فردّده بالصيغة الأصلية للتسمية لغرض بلاغيّ، يقتضي لفت نظر القارئ إلى أن القصد بهذه التسمية شخص معين مخصوص ومحدود وليس كل من هو ذو شقاق.

وما يؤكد قولنا بأن القصد ب “ذي شقاق” هو عبد الله آتهم، هو أن العديد من أبيات نفس القصيدة تتحدث عنه بشكل واضح وصريح.

2- فانظر يا ذي العينين إن كنت من الطالبين (نور الحق، ص 153).

أما هذه العبارة فقد جاءت في معرِض تبيين المسيح الموعود عليه السلام، مصداقية حديث الخسوف والكسوف، ويتوجه للمعترض عليه بالقول “يا ذي العينين” بمعنى: يا من له البصيرة أو يا من يدّعي أن له البصيرة والبصر. فقد أسمى حضرتُه المعترضَ بهذا الاسم “ذي العينين” وألزمه هذه الصيغة إما لمجرد التسمية، أو إجراء له على الحكاية ليومئ إلى أن القصد منها هو فقط المعترض على هذا الحديث، وليس كل من هو ذو عينين أو ذو بصر وبصيرة.

3- وقلت استغفِروا ربّكم ذي المغفرة (مكتوب أحمد، ص 77).

لما كان الله غفورا غفارا ومعروفا بأسمائه هذه، فقد أسماه المسيح الموعود عليه السلام بما يُشتق من هذه الأسماء ويُعطي نفس المعنى، باسم “ذي المغفرة” فنقل هذا التعبير إلى العلَمية، وألزمه هذه الصيغة فقط لمجرد التسمية والعَلَمية؛ بغض النظر عن العامل الإعرابي الذي سبقها وفق التفصيل أعلاه.

ونظرا لهذه التسمية فقد أجراها المسيح الموعود مجرى الحكاية بلاغة، وذلك للتأكيد على أن الله تعالى يغفر ذنب من يسأله المغفرة، فهو ليس ذا مغفرة وصاحب مغفرة فحسب، كما يشير إليه اللفظ (ذو) باستعماله العادي، بل يؤكد أن الله تعالى له اسم وهو (ذي المغفرة) أي الغفور الغفار الذي يقبل ويستجيب لمن يستغفر منه.

4- ويعلم أن أبي هريرة استعجل في هذا الرأي (حمامة البشرى، ص 93)

لمّا كان الصحابي الجليل أبو هريرة معروفا بتسميته وكنيته هذه التي تستعمل بصيغها المختلفة: أبو هريرة، أبا هريرة، وأبي هريرة، في مواضع الإعراب المختلفة؛ إلا أن الكنية ” أبي هريرة” رائجة ومشهورة عنه ومتداولة في كتب التراث كثيرا رغم اختلاف المواضع الإعرابية لها. وقد عددت بعجالة ودون بحث مستفيض ما يقارب الخمسة والعشرين مثالا على ذلك، من كتب التفسير والحديث والروايات وغيرها؛ أسوق إليكم بعضا منها:

  1. وقال أبي هريرة في كتاب مكي {تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (5/ 287)} وحقّها أن تكون أبو هريرة.
  2. قال أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ ..{مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل (4/ 440)} وحقّها الرفع.
  3. قَالَ أَبِي هُرَيْرَةَ: فَذَهَبْتُ لأَحْمِلَهُ عَنْهُ فَقَالَ.. { المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي (4/ 283)} وحقّها الرفع
  4. قَالَ أَبِي هُرَيْرَةَ: إِنَّ أَبْخَلَ النَّاسِ مَنْ بَخِلَ بِالسَّلامِ.. {المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي (4/ 342)} وحقّها الرفع
  5. فَقَالَ أَبِي هُرَيْرَةَ: لَا .. {الجامع الصحيح للسنن والمسانيد (16/ 197)} وحقّها الرفع
  6. ورواه عبيد الله العمري عنه عند أبي يعلى فقال: “أبي هريرة”. {كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (10/ 29)} وحقّها الرفع
  7. ويقال: أبي هُريرة سُكَيْن بن وَدْمة، ..{عجالة المبتدي وفضالة المنتهي في النسب (ص: 18، بترقيم الشاملة آليا)} وحقّها الرفع

يتضح من هذا أن الاسم ” أبي هريرة” مشهور عنه رضي الله عنه، حيث نرى لزومه الياء في غير حالة الجر، وما هذا إلا لجواز ذلك وإجراء له مجرى الحكاية كما فصلنا أعلاه. فلذلك انتقى المسيح الموعود عليه السلام هذا الاسم “أبي هريرة” دون الصيغ الأخرى، وألزمها هذه الصيغة بغض النظر عن العامل الإعرابي الذي سبقها. وأجراه مجرى الحكاية بهذه الصيغة التي سمي بها وسُمعت عنه كثيرا.

وهذا الوارد عن إبي هريرة في كتب التراث، يؤكد بشكل قطعيّ، صحة ما ذهبنا إليه في توجيه العبارات الأخرى المذكورة أعلاه.

بهذا يظهر مدى الإعجاز والبلاغة في لغة المسيح الموعود عليه السلام، باستعماله لهذه اللغة من الأسماء الخمسة؛ وذلك بنقلها إلى العَلَمية وإلزامها صيغتها الأولى في مواضع الإعراب المختلفة، وذلك لمجرد هذه التسمية أو للفتة بلاغية مؤداها التلميح إلى شيء مخصوص ومحدود وليس حمل الاسم على إطلاقه.

كل هذا ليتبين وجه جديد من مظاهر الإعجاز في لغته عليه السلام، وتتجلى فيه معجزة تعلم حضرته اللغة العربية من الله تعالى في ليلة واحدة ، ولتظهر بذلك نكتة جديدة من نكاته الأدبية التي جعلها الله تعالى فتنة للذين في قلوبهم مرض، فكانت غشاوة على قلوب ملأها الحقد والكبر واخلدت إلى الأرض. ولتتحقق من جديد كلمات حضرته عليه السلام حيث قال:

وإني أُيّدتُ من الله القدير، وأُعطيت عجائب من فضله الكثير. ومن آياته أنه علّمني لسانا عربية، وأعطاني نكاتا أدبية، وفضّلني على العالمين المعاصرين. {مكتوب احمد (3/ 85)}