المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود العربية ..97

نكتة الخطأ في جزم المضارع المنصوب ..4

حذف حرف العلة من الفعل المضارع المعتل الآخر لغير جازم تخفيفا 3

اعتراض دكتوراة وتحديات الجهل:

تقول دكتوراة الجهل ويتحدّانا أصحابها بأن المسيح الموعود عليه السلام أخطأ في ونصب الفعل المضارع المعتل الآخر في الفقرات التالية:

  1. ليتمّ حجّتي عند النحارير، ولا يبق نَدْحةُ المعاذير (منن الرحمن، ص 103).
  2. أن نصطاد هذه الجراد مع ذراريها، ونُنج الخلق من كيد الخائنين (إتمام الحجة، ص 59).

حيث حذَفَ حرف العلة خطأ رغم أن الأفعال (يبق) و(نُنج) منصوبة ويجب أن تكون (يبقى) و(ننجيَ).

************

الردّ:

التوجيه الرابع:

كل التوجيهات السابقة التي ذكرناها في المقالين السابقين (مظاهر الإعجاز 95 و96) كانت على اعتبار أن الواو الواردة في الفقرتين، هي واو العطف وأن الأفعال المعترَض عليها معطوفة على الأفعال السابقة لها.

إلا أننا نرى بأن هذه الواو ليس بالضرورة أن تكون واو العطف، بل قد تُحمل على غيرها .

فمما يمكن أن تحمل عليه هذه الواو هو أن تكون للاستئناف، مما يجعل الفعل المضارع بعدها مرفوعا وإن كان الفعل السابق لها منصوبا.

وهذا ما تؤكده المصادر التالية:

  • 1- “.. أَن لنا واوين يرْتَفع مَا بعدهمَا من الِاسْم وَالْفِعْل الْمُضَارع وهما وَاو الِاسْتِئْنَاف وَهِي الْوَاقِعَة فِي ابْتِدَاء كَلَام آخر غير الْأَخير نَحْو قَوْله تَعَالَى {لنبينَ لكم ونقرُّ فِي الْأَرْحَام مَا نشَاء} بِرَفْع نقرُّ فالواو الدَّاخِلَة عَلَيْهِ وَاو الِاسْتِئْنَاف فَإِنَّهَا لَو كَانَت للْعَطْف على نبيّنَ لَانتصب الْفِعْل الدَّاخِلَة عَلَيْهِ وَهُوَ نقرّ كَمَا نصب فِي قِرَاءَة أبي زرْعَة وَعَاصِم فِي رِوَايَة الْمفضل… { موصل الطلاب إلى قواعد الإعراب (ص: 143)}
  • 2- “وَالْجُمْلَة السَّابِعَة الْجُمْلَة التابعة لجملة لَهَا مَحل من الْإِعْرَاب وَذَلِكَ فِي بَابي النسق وَالْبدل فَالْأول نَحْو زيد قَامَ أَبوهُ وَقعد أَخُوهُ فجملة قَامَ أَبوهُ فِي مَوضِع رفع لِأَنَّهَا خبر الْمُبْتَدَأ وَكَذَا جملَة قعد أَخُوهُ فِي مَوضِع رفع أَيْضا لِأَنَّهَا معطوفة على جملَة قَامَ ابوه الَّتِي هِيَ خبر عَن زيد، وَلَو قدرت الْعَطف لجملة قعد أَخُوهُ على مَجْمُوع الْجُمْلَة الاسمية الَّتِي هِيَ زيد قَامَ أَبوهُ لم يكن للمعطوفة وَهِي قعد أَخُوهُ مَحل لِأَنَّهَا معطوفة على جملَة مستأنفة { موصل الطلاب إلى قواعد الإعراب (ص: 46)} إذن، فالمسألة متعلقة بكيفية تقديرنا للعطف أو الوصل بين الجمل بواسطة الواو، فممكن للواو أن تعتبر عاطفة وممكن أن تعتبر استئنافية في نفس الوقت .
  • 3- “وَلِهَذَا قَالَ النُّحَاة فِي الْوَاو الَّتِي تعطف جملَة مُبتَدأَة على كَلَام مُتَقَدم تَامّ إِنَّهَا وَاو الِاسْتِئْنَاف كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {ويسألونك عَن الْجبَال فَقل ينسفها رَبِّي نسفا} وَإِن كَانَت صورتهَا صُورَة الْعَطف وَبَعْضهمْ يعدها مُغَايرَة للواوات الْمُتَقَدّم ذكرهَا، وَالصَّحِيح أَنَّهَا وَإِن كَانَت للاستئناف فَلم تخرج عَن معنى الْعَطف وَلَكِن لَا تشرك بَين مَا بعْدهَا وَمَا قبلهَا إِلَّا فِي أصل الْإِخْبَار دون شَيْء آخر فَكَأَن الْقَائِل بعد كَلَامه الْمُتَقَدّم قَالَ وأخبرك أَيْضا بِكَذَا..{ الفصول المفيدة في الواو المزيدة (ص: 56)}

إذن، هذه الواو الاستئنافية لا تخرج عن صورة العطف ولكنها لا تشرك الجمل إلا في أصل الإخبار على معنى (وأخبرك أيضا..)

  • 4- “وإلى الاستئناف النَّحْوِيّ يشير سيبويه قائلا: «وتقول: ما عبدُ الله خارجًا ولا مَعْنٌ ذاهبٌ، تَرفعه على أَنْ لا تُشركَ الاسمَ الآخِرَ في ما ولكن تَبْتَدِئُهُ، كما تقول: ما كان عبدُ الله منطلقا ولا زيدٌ ذاهبٌ، إذا لم تجعله على كانَ وجعلتَه غير ذاهب الآن. وكذلك ليس. وإن شئت جعلتها لا التي يكون فيها الاشتراك فتنصب، كما تقوم في كان: ما كان زيدٌ ذاهبا ولا عمرو منطلقا……

ويمكن أَنْ تقال الجملة السابقة كما يلي: «ما كان عبد الله منطلقا ولا زيدٌ ذاهبٌ» برفع «ذاهب».

ويوجه سيبويه هذا التوجيه على أَنَّ «لا» لا تشرك الاسم الآخر في ما، ولكن تبتدئه( أي تستأنفه ) إذا لم تجعله على كان وجعلته غير ذاهب الآن.” {قرينة السياق ودورها في التقعيد النحوي والتوجيه الإعرابي في كتاب سيبويه (ص: 252)}

إذن، فنفس الجملة ممكن أن يتغير إعرابها وتحريكها وفق المعنى الذي يقصده المتكلم من الواو إن قصد بها العطف أو الاستئناف.

وهذا كله نراه ينطبق على الفقرات أعلاه المعترض عليها.

ففي الفقرة: ليتمَّ حجّتي عند النحارير، ولا يبق نَدْحة المعاذير (منن الرحمن، ص 103)

فبغض النظر عن كون الفعل يتم مرفوعا أو منصوبا، من الممكن أن يكون الفعل (يبق) مرفوعا على اعتبار الواو التي سبقته استئنافية تماما كما في الآية الكريمة: { لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ } (الحج 6) حيث جاء الفعل (نقرُّ) مرفوعا رغم أن الفعل الذي سبقه (نبينَ) منصوب بأن مضمرة؛ وما ذاك إلا لكون الواو في (ونقر) لهي واو الاستئناف وليست للعطف. ويكون معناها وفق هذا الاستئناف: ليتمّ حجّتي عند النحارير، و(أخبرك أيضا) لا يبق نَدْحة المعاذير (منن الرحمن، ص 103)

ووفق هذا يصح لعبارة المسيح الموعود عليه السلام أن تكون:

ليتمَّ حجّتي عند النحارير، ولا يُبق ِ(يُبقي) نَدْحةَ المعاذير (منن الرحمن، ص 103)

ليتمَّ حجّتي عند النحارير، ولا يَبقَ (يَبقَى) نَدْحةُ المعاذير (منن الرحمن، ص 103)

على اعتبار الأفعال يُبقِ/ يَبقَ مرفوعة، وإنما حُذف حرف العلة منها مع غير وجود الجازم وفق اللغة التي تجيز ذلك للتخفيف.

وتكون الفقرة: أن نصطادَ هذه الجراد مع ذراريها، ونُنج الخلق من كيد الخائنين (إتمام الحجة، ص 59). بكون (نصطادَ) منصوبة في الوقت الذي يكون الفعل (ننجِ) مرفوعا لكون الواو التي سبقته استئنافية، وحذف حرف العلة منه تخفيفا على اللغة القرآنية التي تجوز ذلك. ويكون معناها: “فرأينا لتأييد عين الحقيقة ومجاريها، أن نصطادَ هذه الجراد مع ذراريها، و(أخبرك أيضا) نُنج (نُنجي)الخلق من كيد الخائنين.”

*************************

التوجيه الخامس:

كون الواو الواصلة بين هذه الجمل هي واو الحال، وفق اللغة التي تجيز دخول واو الحال على الجملة المضارعية المثبتة أو المصدرة بـ لا النافية، وهذه اللغة أقرّ بها النحو الوافي وثلة من النحاة وعلى رأسهم ابن مالك الذي يجوّز كل هذا على تأويل مبتدأ قبلها. وكل هذا يجعل الأفعال الواردة بعدها مرفوعة رغم انتصاب الأفعال التي سبقتها.

وقد فصّل صاحب النحو الوافي الحديث عن هذه الواو الداخلة على الجملة المضارعية المثبتة أو المصدرة بـ لا النافية، ورغم أنه من المانعين لدخول واو الحال في مثل هذه الحالات، إلا أنه يقرّ بأن ثلة من النحاة ومنهم ابن مالك يجوّزون او يأخذون بهذه اللغة على التأويل حيث يقول:

والمواضع التي تمتنع فيها الواو ( يقصد واو الحال) هي:….

  • 5- الجملة المضارعية المسبوقة بحرف النفي: “لا”؛ نحو: ما أنتم؟ لا تعملون. وقول الشاعر:

فلا مرحبًا بالدار لا تسكنونها … ولو أنها الفردوس أو جنة الخلد

ومن القليل الذي لا يقاس عليه أن تقع الواو رابطة في الجملة الفعلية مضارعية، أو ماضوية إذا كانت مسبوقة بالحرف النافي “لا”….

  • 7- الجملة المضارعية المثبتة المجردة من “قد”؛ نحو: شهدت الطالب الحريص يسرع إلى المحاضرة, يتفرغ لها، وقد وردت أمثلة مسموعة من هذا النوع، وكان الرابط فيها الواو، منها قولهم: قمت وأصك عين العدو، ومنها:

فلما خشيت أظافيرهم … نجوت، وأرهنهم مالكا

ومنها:

“علقتها”عرضًا وأقتل قومها” … وأمثلة أخرى.

وقد تأوّل النحاة هذه الأمثلة ليدخلوها في نطاق القاعدة، ويخرجوها في مجال الشذوذ، ولا داعي لهذا التأول الذي لم يعرفه، ولم يقصد إليه الناطقون بتلك الأمثلة، والخير أن نحكم عليها بما تستحقه من القلة والندرة التي لا تحاكى، ولا يقاس عليها.

في غير هذه المواضع التي تمتنع فيها الواو يكون الربط بالواو وحدها، أو بالضمير وحده، أو بهما معًا، وقد سبقت الأمثلة لكل هذا.” {النحو الوافي (2/ 396- 399)}

وفي الهامش يوضح صاحب النحو الوافي التأويل الذي يذهب إليه المجوزّون لدخول واو الحال على الجملة المضارعية المثبتة والمصدرة بـ لا النافية، ثم يُبدي رأيه الشخصي المعارض لهم ويقول:

ونشير إلى ما جاء في “المغني”، و”الهمع” خاصًا بأن: “لا” النافية تخلص المضارع للاستقبال إذا سبقته، خلافًا لابن مالك ومن معه محتجًا بإجماع النحاة على صحة “جاء محمد لا يتكلم” مع الإجماع أيضًا على أن الجملة الحالية لا تصدر بعلامة استقبال.” {النحو الوافي (2/ 395)}

ويتابع النحو الوافي:

قالوا من التأويل: إن الواو واو الحال حقيقة، ولكنها لم تدخل على الجملة المضارعية مباشرة، وإنما دخلت على مبتدأ محذوف؛ خبره الجملة المضارعية المذكورة بعده، والجملة من المبتدأ وخبره في محل نصب حال، فالحال هو الجملة الإسمية لا الفعلية، والواو داخلة على جملة اسمية عندهم.

فما الداعي لهذا؟ إن كان دخول الواو على الجملة المضارعية المثبتة المجردة من “قد” غير مقبول، وغير صحيح وجب التصريح بهذا، والحكم على ما يخالفه بأنه سماعي؛ يحفظ ولا يقاس عليه، وإن كان دخول الواو صحيحًا وجب التصريح بهذا أيضًا من غير تأويل، وإن كان التأويل يبيح الممنوع وجب السماح بالواو لكل من شاء، ومن أراد بعد ذلك أن يحمل نفسه مشقة التأويل، فهو حر فيما يرتضيه لها.

ولا شك أن التأوّل على هذه الصورة لا خير فيه، وأن الخير في منع الواو في مثل هذا المواضع.” {النحو الوافي (2/399 – 398) }

ثم بعد ذلك يقر ويصرح برأي ابن مالك في هذه المسألة بأنه لا يمنع سوى حالة واحدة لدخول واو الحال للربط وهي: الجملة المضارعية المثبتة الواقعة حالًا وتحوي الضمير الرابط.

حيث يقول:

اقتصر ابن مالك على حالة واحدة من الحالات التي تمتنع فيها الواو، سجلها بقوله:

وذات بدء بمضارع ثبت … حوت ضميرًا، ومن الواو خلت

يريد: أن الجملة المضارعية المثبتة الواقعة حالًا تحوي الضمير الرابط، وتخلو من الواو المستعملة في الربط؛ لأن هذه الواو لا تصلح للربط هنا، ثم بيّن أن الجملة المضارعية الحالية المسبوقة بالواو يُنوى ويقدر لها بعد هذه الواو مبتدأ محذوف، خبره الجملة المضارعية؛ فتكون مسندة له، يقول:

وذات واو بعدها انوِ مبتدا … له المضارعِ اجعلنَّ مسندا

وما عدا هذه الحالة التي اقتصر عليها يجوز فيها الربط بالواو فقط، أو بالضمير فقط، أو بهما معًا؛ فيقول:

وجملة الحال سوى ما قدما … بواو، أو بمضمر، أو بهما” {النحو الوافي (2/399) }

إذن، فيقرّ النحو الوافي أنّ ابن مالك لا يمنعُ سوى حالة واحدة لدخول واو الحال فيها، ولكنه رغم منعه هذا في هذه الحالة فإنه يجوّز دخول هذه الواو في هذه الحالة أي على الجملة المضارعية المثبتة أو المصدرة بـ لا النافية؛ وذلك على تأويل مبتدأ لها وجعل الجملة المضارعية خبرا له.

ويؤكد كل هذا قاضي القضاة ابن عقيل في شرحه للألفية، حيث يقول:

وموضع الحال تجيء جمله … كـ “جاء زيد وهو ناو رحله

الأصل في الحال والخبر والصفة الإفراد وتقع الجملة موقع الحال كما تقع موقع الخبر والصفة ولا بد فيها من رابط وهو في الحالية إما ضمير نحو جاء زيد يده على رأسه أو واو وتسمى واو الحال وواو الابتداء وعلامتها صحة وقوع إذ موقعها نحو جاء زيد وعمرو قائم التقدير إذ عمرو قائم أو الضمير والواو معا نحو جاء زيد وهو ناو رحله.

وذات بدء بمضارع ثبت … حوت ضميرا ومن الواو خلت

وذات واو بعدها انوِ مبتدا … له المضارع اجعلن مسندا

الجملة الواقعة حالا: إن صدرت بمضارع مثبت لم يجز أن تقترن بالواو بل لا تربط إلا بالضمير نحو جاء زيد يضحك وجاء عمرو تقاد الجنائب بين يديه ولا يجوز دخول الواو فلا تقول جاء زيد ويضحك.

((فإن جاء من لسان العرب ما ظاهره ذلك أول على إضمار مبتدأ بعد الواو ويكون المضارع خبرا عن ذلك المبتدأ وذلك نحو قولهم قمت وأصك عينه وقوله:

فلما خشيت أظافيرهم … نجوت وأرهنهم مالكا

فـ”أصك، وأرهنهم” خبران لمبتدأ محذوف والتقدير وأنا أصك وأنا أرهنهم)).

وجملة الحال سوى ما قدما … بواو أو بمضمر أو بهما

الجملة الحالية: إما أن تكون اسمية أو فعلية والفعل إما مضارع أو ماض وكل واحدة من الاسمية والفعلية إما مثبتة أو منفية ((وقد تقدم أنه إذا صُدرت الجملة بمضارع مثبت لا تصحبها الواو بل لا تربط إلا بالضمير فقط وذكر في هذا البيت أن ما عدا ذلك يجوز فيه أن يربط بالواوة وحدها أو بالضمير وحده أو بهما فيدخل في ذلك الجملة الاسمية مثبتة أو منفية والمضارع المنفي والماضي المثبت والمنفي.))

فتقول جاء زيد وعمرو قائم وجاء زيد يده على رأسه وجاء زيد ويده على رأسه وكذلك المنفي وتقول جاء زيد لم يضحك أو ولم يضحك أو ولم يقم عمرو وجاء زيد وقد قام عمرو وجاء زيد قد قام أبوه وجاء زيد وقد قام أبوه وكذلك المنفي ونحو جاء زيد وما قام عمرو وجاء زيد ما قام أبوه أو وما قام أبوه.

((ويدخل تحت هذا أيضا المضارع المنفي بلا، فعلى هذا تقول جاء زيد ولا يضرب عمرا بالواو.

وقد ذكر المصنف في غير هذا الكتاب أنه لا يجوز اقترانه بالواو كالمضارع المثبت وأن ما ورد مما ظاهره ذلك يؤول على إضمار مبتدأ كقراءة

ابن ذكوان:

فاستقيما ولا تتبعان بتخفيف النون والتقدير وأنتما لا تتبعان ف لا تتبعان خبر لمبتدأ محذوف)).” {شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك (2/ 283- 278)}

ويتضح من كلام ابن عقيل والنحو الوافي ما يلي:

  • أن ابن مالك يقرّ بأن دخول واو الحال على الجملة المضارعية المثبتة أو المنفية بـ لا لهي لغات عربية سُمعت عن العرب.
  • أن عند ابن مالك لا يجوز دخول واو الحال على الجملة المضارعية المثبتة، وإن دخلت فلا بدّ عنده من تقدير مبتدأ تكون الجملة المضارعية له خبرا.
  • أن دخول الواو على الجملة الحالية المضارعية المنفية بـ لا تتأرجح بين الجواز والمنع عند ابن مالك . إلا أن المنع عنده يُردّ عند وروده بتقدير مبتدأ كما في حالة الإثبات.

إن ما يهمّنا من كل هذا هو أن دخول واو الحال على الجملة المضارعية المثبتة أو المنفية بـ لا النافية لهي لغة مسموعة عن العرب، ولها وجه من العربية بتقدير مبتدأ قبلها كما يقرّ بذلك ابن مالك.

ولا يهمنا الرأي الذي يقول بعدم القياس على مثل هذه اللغة، لأن هذا المعيار لا يسري على لغة المسيح الموعود عليه السلام، الذي صرح بأنه جاء متكلما بأربعين ألف لغة من اللغات العربية؛ فلم يقيد هذه اللغات بالمقيس منها. إذ ما يهمنا هو ان تكون لغة عربية مسموعة عن العرب الفصحاء ويأخذ ويقر بها أحد النحاة.

ومن هنا فيصح أن تكون الواو الواردة في فقرتي المسيح الموعود عليه السلام المذكورة في الاعتراض أعلاه واو الحال الداخلة على الجملة المضارعية المثبتة أو المنفية بـ لا النافية؛ مما يسوّغ كون الفعل بعدها مرفوعا على الرغم من انتصاب الفعل السابق لها بـ (أن)ْ الظاهرة أو المضمرة ليكون المعنى كما يلي:

  1. ليتمَّ حجّتي عند النحارير، إذ لا يَبقَ نَدْحةُ المعاذير (منن الرحمن، ص 103).
  2. أو: ليتمَّ حجّتي عند النحارير، إذ لا يُبقِ نَدْحةُ المعاذير (منن الرحمن، ص 103). بتأويل ليتمَّ حجّتي عند النحارير،وهي(حجتي) لا يُبقِ نَدْحةَ المعاذير (منن الرحمن، ص 103). بعود الضمير مذكرا حملا على المعنى كما سنفصله في مقالات آتية تتعلق بالتذكير والتأنيث.
  3. أن نصطاد هذه الجراد مع ذراريها، إذ نُنجِ الخلق من كيد الخائنين (إتمام الحجة، ص 59). بتأويل: أن نصطاد هذه الجراد مع ذراريها، ونحن نُنجِ الخلق من كيد الخائنين.

وبهذا يتضح أن الأفعال (يبق) و( ننج) قد تُحمل على الرفع باعتبار الواو الداخلة عليها واو الحال على رأي ابن مالك وغيره من النحاة في اللغة التي أقروها عن العرب وتأولّوا فيها، وذلك على الرغم من كون الأفعال قبلها منصوبة بأن المضمرة أو الظاهرة . ويكون حرف العلة قد حذف منها في حالة الرفع هذه تخفيفا ليكون أصلها كما يلي:

  1. ليتمَّ حجّتي عند النحارير، ولا يَبقَى نَدْحةُ المعاذير (منن الرحمن، ص 103).
  2. أو: ليتمَّ حجّتي عند النحارير، ولا يُبقِي نَدْحةُ المعاذير.( بعود الضمير في يبقى مذكرا على (حجتي) لأنها مؤنث مجازي أو حملا لها على معنى البرهان.)
  3. أن نصطادَ هذه الجراد مع ذراريها، ونُنجِي الخلق من كيد الخائنين .

ليكون بذلك حرف العلة المحذوف تخفيفا على اللغة القرآنية إما الياء في كل هذه الحالات، أو الياء تارة والألف تارة أخرى؛ على اللغة التي تجيز حذف حرف العلة من المضارع المعتل لغير الجازم تخفيفا.