المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود ع العربية .. 57

نكتة رفع اسم إنّ..2

توجيهات إضافية لهذا الرفع..

الاعتراض :

قيل بأن المسيح الموعود عليه السلام قد أخطأ برفعه لاسم (إنّ) المذكور بين الأقواس المزدوجة في الفقرات التالية:

  1. وقد علمتم يا معشر الأعزة، أن ((مالِكٌ)) الذي كان أحد من الأئمّة الأجلّة (مكتوب أحمد، ص 9).
  2. فمن العجب أن علماء الإسلام اعترفوا بأن ((اليهودُ الموعودون)) في آخر الزمان ليسوا يهودا في الحقيقة (الخطبة الإلهامية، ص 4).
  3. وأن لكل إنسان ((لسانٌ)) وأذنين، و((أنف)) وعينين (حمامة البشرى، ص 87).
  4. مع أن فيه ((قطاعُ الطريق)) وسباعٌ وأفاعي وآفاتٌ أخرى (حمامة البشرى، ص 5).
  5. ألا تعلمون أن ((هذان)) نقيضان فكيف يجتمعان في وقت واحد أيها الغافلون؟ (التبليغ)
  6. وقد سخّر الشمس والقمر والنجوم للناس، وأشار إلى أن ((كلٌّ)) منها خُلق لمصالح العباد. (حمامة البشرى)
  7. أفأنت تشهد أن ((الدارقطني)) وجميعُ روايات هذا الحديث وناقِلوه في كتبهم وخالِطوه في الأحاديث من أوّل الزمان إلى هذا الأوان كانوا من المفسدين الفاسقين. (نور الحق)

الردّ:

لقد قمنا في المقال السابق بردّ هذا الاعتراض من منظار معين، ووفق توجيه واحد عام يشمل كل الفقرات المعترض عليها؛ ألا وهو إضمار وحذف ضمير الشأن بعد (إنّ) على اعتباره اسم إن، وعلى أن تكون الجمل بعدها في محل رفع خبر إن؛ وتبقى بذلك الألفاظ بين الأقواس المزدوجة مرفوعة على أساس أنها مبتدأ .

إلا أنه بالإضافة إلى هذا التوجيه العام والأساسي فإن هنالك توجيهات آخرى لبعض هذه الجمل وهي كالتالي:

1- إلزام المثنى الألف في حالات إعرابه الثلاث

وتندرج تحت هذا التوجيه الفقرة الخامسة : “ألا تعلمون أن ((هذان)) نقيضان”. وفي هذا التوجيه لغتان فصّل الأمر فيهما النحو الوافي بما يلي:

ب- إعراب المثنى وملحقاته بالحروف هو أشهر المذاهب وأقواها، كما أسلفنا. ويجب الاقتصار عليه فى عصرنا؛ منعًا للفوضى والاضطراب فى الاستعمال الكلامي والكتابي، وأما اللغات الأخرى فلا يسوغ استعمالها اليوم، وإنما تُذْكر للمتخصصين؛ ليسترشدوا بها في

فهم بعض النصوص اللغوية الواردة عن العرب بتلك اللغات واللهجات. ومن أشهرها:

1- إلزام المثنى وملحقاته “غير: كلا وكلتا” الألف فى جميع أحواله، مع إعرابه بحركات مقدرة عليها؛ تقول عندى كتابانِ نافعانِ، اشتريت كتابانِ نافعانِ، قرأت فى كتابانِ نافعانِ، فيكون المثنى مرفوعًا بضمة مقدرة على الألف، ومنصوبًا بفتحة مقدرة عليها، ومجرورًا بكسرة مقدرة كذلك؛ فهو يعرب إعراب المقصور، والنون للتثنية فى كل الحالات. مبنية على الكسر – بغير تنوين- وتحذف عند الإضافة.

2- إلزام المثنى الألف والنون فى جميع أحواله مع إعرابه بحركات ظاهرة على النون. كأنه اسم مفرد، تقول: عندي كتابانٌ نافعانٌ، واشتريت كتابانًا نافعانًا، وقرأت في كتابانٍ نافعانٍ، ويحذف التنوين إذا وجد ما يقتضي ذلك؛ كوجود “أل” في أول المثنى. أو إضافته. وكذلك لمنع الصرف إذا وجد مانع من الصرف … فيرفع معه بالضمة من غير تنوين، وينصب ويجر بالفتحة من غير تنوين أيضًا.” {النحو الوافي (1/124 – 123) }

ولنا أن نقتصر الحديث على اللغة الأولى من بينهما والتي تلزم المثنى الألف في جميع حالات الإعراب، وتعامله معاملة الاسم المقصور فتعربه بحركات مقدرة على الألف.

فوفق هذه اللغة تكون كلمة (هذان) اسم (أن) منصوب بالفتحة المقدرة على الألف، ولا خطأ واقع البتة في هذه الجملة.

2- اعتبار شبه الجملة اسما للنواسخ

وقد فصّلنا الحديث عن هذه اللغة في مقال سابق ( يُنظر المظاهر الإعجازية 8). وتندرج تحت هذه اللغة الفقرات الثالثة والرابعة:

  • وأن لكل إنسان ((لسانٌ)) وأذنين، و((أنف)) وعينين (حمامة البشرى، ص 87).
  • مع أن فيه ((قطاعُ الطريق)) وسباعٌ وأفاعي وآفاتٌ أخرى (حمامة البشرى، ص 5)

إذ وفق هذه اللغة تكون أشباه الجمل (لكل) و (فيه)، هي أسماء (إنّ) في محل نصب؛ وأما العبارات (لسانٌ) و (قطاعُ) فهي أخبار لـــ إن ويجب أن تُرفع.

هذه اللغة من اعتبار شبه الجملة اسما للنواسخ واردة في رسالة الإمام الشافعي وأكّد على صحتها محقق الرسالة أحمد شاكر.

3- كتابة تنوين النصب بدون الألف على لغة قبيلة ربيعة.

هذه اللغة التي يقر بها ابن مالك وخرّج عليها قول عائشة رضي اللله عنها حيث قالت عن المحصب” إنما كان منزل ينزله النبي (صلى الله عليه وسلم). (يُنظر مقال المظاهر الإعجازية 51 حيث الحديث عن نصب خبر كان وفق هذه اللغة).

وتندرج تحت هذه اللغة الفقرة الأولى من كلام المسيح الموعود عليه السلام أعلاه وهي:

  • وقد علمتم يا معشر الأعزة، أن ((مالِك)) الذي كان أحد.

فكلمة (مالك) قد تكون منصوبة بتنوين النصب دون كتابة الألف على لغة ربيعة، هكذا: (مالكً). وبذك تكون (مالكً) اسم (إن) منصوب. ولا خطأ ولا سهو واقع في كل هذا.

وبذلك تثبت صحة بعض هذه الفقرات وفق توجيهات إضافية، تشهد على صحتها وطرافتها ومُلحتها.