المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود ع العربية ..48

سلسلة مقالات الـ” ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت في ما ظُن أنه رفع خبر كان..

نكتة رفع خبر كان وأخواتها ..1

ما يُخَيَّل أنه “رفع خبر كان” في النصوص القديمة ..

الاعتراض:

زُعم أن المسيح الموعود عليه السلام قد أخطأ في العديد من المواضع برفع خبر كان وأخواتها، وحقه أن ينتصب؛ كما هو وارد في الفقرات والعبارات التالية بين الأقواس المزدوجة:

  1. وقد علمتم يا معشر الأعزة، أن مالِك الذي كان ((أحد )) من الأئمّة الأجلّة (مكتوب أحمد)
  2. فالآية تدل على أنه علم للساعة من وجه كان ((حاصل)) له بالفعل (حمامة البشرى).
  3. دقّت المباحث الدينية في هذا الزمان، وصارت معضلاتها ((شيء)) لا تفتح أبوابها من دون الرحمان (الهدى والتبصرة)
  4. وكان هذا ((وعد)) من الله في التوراة والإنجيل والقرآن (الخطبة الإلهامية).
  5. وكان هذا ((وعد )) من الله القهار (سر الخلافة).
  6. كان هذا ((يومٌ)) بعدَ يوم العيد (نجم الهدى).
  7. وكان ذلك ((وعدٌ)) من الله المنّان (لجة النور).
  8. وكان وقتي هذا ((وقت ))كانت العيون فيها مُدّتْ إلى السماوات مِن شدّة الكربة (نجم الهدى).
  9. فإن الله الذي هو قيّوم الأشياء، وبه بقاء الأرض والسماء، كيف يمكن أن يكون ((أحدٌ)) من الموجودات. (مكتوب أحمد).
  10. إن الصدّيق والفاروق كانا ((أميرا)) ركبٍ علوا لله قُننًا عُلى ودعوا إلى الحق أهل الحضارة والفلا (سر الخلافة)
  11. هذا ما أُشيرَ إليه في الفاتحة، وما كان ((حديث)) يُفترى (الخطبة الإلهامية)
  12. وكان الميّت حيّاً ما دام عيسى ((قائم)) عليه أو قاعداً (حمامة البشرى)
  13. وكانوا عند الحرب لمواضعهم ((ملازمون)). (نجم الهدى).

الردّ:

ورود هذه اللغة في النصوص القديمة

لا بدّ أن ننوه أولا وقبل أن نبدأ بالبحث عن التوجيهات النحوية لمثل هذه اللغة، التي قد يُخيل للقارئ فيها بأن خبر كان وأخواتها قد ارتفع رغم أن حقه النصب، أنها واردة في النصوص القديمة، ككتب الحديث الشريف، وواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم أفصح الفصحاء وأبلغ البلغاء الذي أوتي جوامع الكلم.

وهي ورادة عن صحابته رضوان الله عليهم أجمعين، لاسيما الخلفاء الراشدين كسيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه. كما أنها واردة عن عائشة رضي الله عنها التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، تعلموا نصف الدين منها، ولم يقل: (ولكن احذروا لغتها فهي تلحن القول فترفع خبر كان)!

وهذه اللغة واردة أيضا في الشعر القديم الذي يُحتج به على أنه من شواهد اللغة العربية. وكل هذا وفق توجيه وتخريج ابن مالك الذي يقرّ بصحة وفصاحة هذه اللغة، كما سنبينه لاحقا.

وكذلك فهي واردة عن الإمام الشافعي، الذي ذكرنا مرارا وتكرارا أنه حجة في اللغة، واللغة تؤخذ منه.

وإليكم بعض هذه النصوص:

1- قول عائشة رضي الله عنها في باب المحصب: “إنما كان ((منزل)) ينزله النبى– صلى الله عليه وسلم -) تعني المحصب. (نقلا عن صحيح البخاري) حيث جاء فيه :

2- في صحيح البخاري: {حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : إِنَّمَا (( كَانَ مَنْزِلٌ)) يَنْزِلُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَكُونَ أَسْمَحَ لِخُرُوجِهِ يَعْنِي بِالْأَبْطَحِ} (صحيح البخاري, كتاب الحج)

3- قول النبي – صلى الله عليه وسلم – في صحيح البخاري:”أليس ((ذو الحجة))” بعد قوله (أى شهر هذا)..

4- قول أبى بكر رضي الله عنه في صحيح البخاري:” بأبي، شبيهٌ بالنبى، ليس ((شبيهٌ ))بعليٍ .حيث ورد:

{حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَحَمَلَ الْحَسَنَ وَهُوَ يَقُولُ بِأَبِي شَبِيهٌ بِالنَّبِيِّ ((لَيْسَ شَبِيهٌ)) بِعَلِيٍّ وَعَلِيٌّ يَضْحَكُ} (صحيح البخاري, كتاب المناقب)

وفي الشعر العربي ورد ما يلي:

5- فأطعمنا من لحمها وسديفها شواءً, وخيرالخير ما كان ((عاجلُه)).

6- أخ مخلص وافٍ صبورٌ محافظ … على الود والعهد الذي كان ((مالكُ))

7- شهدت دلائل جمة لم أحصها … أن المفضل لن يزالَ ((عتيقُ))

8- عدو عينيك وشانيهما … أصبح ((مشغولٌ)) بمشغول

وما ورد في رسالة الشافعي ما يلي:

9- فكان ما سَمَّى حَلالاً ((حَلالٌ))، وما سمى حراماً حرامٌ، {الرسالة للشافعي (1/ 202)}

وبعد هذا كله، لا يمككنا إلا أن نقرّ بصحة هذه اللغة وفصاحتها، حتى قبل أن نعرف تخريجاتها وتوجيهاتها النحوية واللغوية.

فما دام ثبت الرفع في هذه الصيغة، لما قد يُظن أنه خبر لكان، يبطل اعتراض المعترضين على مثل هذه اللغة الواردة في لغة المسيح الموعود عليه السلام.

فالطاعن في هذه اللغة فهو أول ما يطعن، يطعن بالنبي صلى الله عليه وسلم وفصاحته وبلاغته، ويطعن بعائشة رضي الله عنها، ويطعن بأبي بكر رضي الله عنه، وبقريش التي تعتبر أفصح القبائل العربية، ويطعن بالحديث الشريف ورواته وناقليه وجامعيه؛ فيطعن في الإمام البخاري ولغته وفصاحته، ويطعن بابن مالك أحد كبار النحاة وأجلّهم والذي عمد على توجيه وتخريج هذه الأقوال من الناحية اللغوية والنحوية، وأقرّ بصحتها وفصاحتها ولم يطعن بها أو يخطّئها؛ وكذلك يطعن بالإمام الشافعي وفصاحته وبلاغته.

فالذي يطعن في كل هؤلاء لجهله باللغة العربية وجزالتها واتساعها، فهل يُستبعد أن يطعن بلغة المسيح الموعود عليه السلام، الذي علمه الله اللغة العربية بمعجزة ربانية جمع فيها أربعين ألفا من لغات العرب ظلًا لمعجزة رسول الله الله صلى الله عليه وسلم حيث أوتي جوامع الكلم.

وأقول لمن تذرع ويتذرع بوجود مثل هذه الأخطاء المزعومة في لغة المسيح الموعود عليه السلام ليتبرأ من إيمانه به: آن الأوان إذًا، أن تتبرأوا من إسلامكم ونبيكم الذي ظننتم أنه لا يتكلم بهذه اللغة، وآن الأوان أن تتبرأوا من الخلفاء الراشدين فكبيرهم وأوّلهم يأتي بما أذهب إيمانكم بالمسيح الموعود، وآن الأوان أن تتبرأوا من الحديث الشريف وقائله صلى الله عليه وسلم؛ ومن البخاري وصحيحه؛ ففيه ما نزع الإيمان من صدوركم بالمسيح الموعود عليه السلام، وآن أن تتبرأوا من الإمام الشافعي إذ أتى بما أزاغ قلوبكم إذ نبذت إيمانها بالمسيح الموعود عليه السلام؛ أو تعودوا إلى رشدكم بعد أن ثبت جهلكم، فرحمة الله وسعت كل شيء وكان الله غفورا رحيما.