الإيجاز في مظاهر الإعجاز ..1

نكتة نصب اسم “كان” المؤخَّر ورفع اسم “إن” المؤخَّر

الاعتراض :

أخطأ المسيح الموعود عليه السلام، في نَصْب اسم “كان” المؤخَّر رغم وجوب رفعه، ورَفْع اسم “إن” المؤخَّر رغم وجوب نصبه؛ وذلك في حوالي 25 فقرة من كتاباته. كالفقرات التالية:

1- كان في الهند ((نبياً)) أسود اللون اسمه كاهنا (ينبوع المعرفة).

2- فإن لكل زمان(( سلاح)) آخر وحرب آخر. (نور الحق).

ففي كل هذه الفقرات وَجَب اعتبار شبه الجملة -من الجار والمجرورو أو الظرف- الواقعة بعد كان وإنّ أو أخواتهن أخبارا مقدَّمة، ولا يمكن اعتبارها إلا كذلك.

فيكون الإعراب الصحيح كما يلي:

1- كان في الهند نبيٌ. (في الهند): شبه جملة في محل نصب خبر كان المقدم. نبيٌ: اسم كان مؤخر مرفوع.

2- إن لكل زمان سلاحا: (لكل) شبه جملة من الجار والمجرور في محل رفع خبر إن المقدم. زمانٍ: مضاف اليه مجرور. سلاحا: اسم إن مؤخر منصوب.

كل هذا لأن أشباه الجمل يجب أن تكون فقط أخبارا وليس أسماء لكان وإنّ.

بينما نرى أن المسيح الموعود عليه السلام نصب اسم كان المؤخر (نبيًا) بدلا من رفعه، ورفع اسم إن المؤخر (سلاحٌ) بدلا من نصبه؛ وهذا خطأ.

الرد:

الواقع أن حضرته عليه السلام قد اعتبر أشباه الجمل من الجار والمجرور أو الظرف- مثل: (في الهند) و (لكل زمان)- أنها أسماء لكان وإن وليس أخبارا، وما بعدها من الكلمات :(نبيا و سلاح) أنها أخبار على عكس ما ظنّ المعترضون. وذلك وفق لغة قديمة من لغات العرب وردت في لغة الإمام الشافعي، الذي يعتبر حجّة في اللغة ولا بدّ أن تؤخذ اللغة منه.

ومن هذه المواقع في رسالة الشافعي الفقرات التالي:

1- ورواه “عُبادة بن الصامِت” عن النبي، أنَّهُ قال: ” خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللهُ عَلَى خَلْقِهِ، فَمَنْ جَاءَ بِهِنَ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا، اْسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ: ((كَانَ لَهُ عِنْدَ اللهِ عَهْدًا)) أنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ “.

2- قال: وقد كانت ((لرسول الله في هذا سُنَنًا)) ليست نصًّا في القُرَآن.

فقال عهدًا وسننًا بالنصب، على نفس المبدأ الذي اتبعه المسيح الموعود عليه السلام.

وقد أكّد محقق الرسالة العلامة أحمد شاكر على أن هذه اللغة لا يمكن أن تكون لغة خاطئة، نظرا لوقوعها في العديد من فقرات الرسالة عند الإمام الشافعي وفي سياقات مختلفة، وأقرّ المحقق أحمد شاكر بأنه لا بدّ أن تكون هذه لغة قديمة عن العرب لم تنقلها إلينا الكتب حيث اعتُبرت فيها شبه الجملة اسما للنواسخ (كان وإن أخواتهن).

ليكون الإعراب الصحيح تماما كما جاء به المسيح الموعود عليه السلام:

1- كان في الهند نبيًا. في الهند: شبه جملة في محل رفع اسم كان. نبيًا: خبر كان منصوب.

2- إن لكل زمان سلاح: لكل: شبه جملة من الجارّ والمجرور في محل نصب اسم إنّ.زمان: مضاف اليه مجرور. سلاح: خبر إن مرفوع.

فالحقيقة أن ما ظنّه المعارضون اسمَ كان وإنّ، هو في الحقيقة خبر لها؛ وما ظنّوه خبرا هو في الحقيقة اسم لكان وإنّ، ولذا التبس الأمر عليهم.

وقد أكّد على صحة هذه اللغة، التي اتبعها المسيح الموعود عليه السلام، الدكتور عبد الحميد حمود الشمري في بحث خاص نشره حول “شبه الجملة”، وأثبت من خلاله إمكانية اعتبار شبه الجملة اسماء للنواسخ الفعلية والحرفية ( كان وإن وأخواتهن)، ومثّل على ذلك بالعديد من الأمثلة والاثباتات القرآنية والحديثية، وآراء العديد من كبار المفسرين واللغويين، أي أنه قد أثبت ورود هذه اللغة في القرآن الكريم نفسه. فهل يصمد الاعتراض أمام القرآن الكريم وبلاغته.

راجع المقال بعنوان: من أعظم المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود ع العربية .. (8)

وفيه مرفق بحث الدكتور عبد الحميد حمود الشمري حول شبه الجملة.